المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الرحمة، أبي الأئمة محمد المصطفى وعلى آله الطاهرين

في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"إني تارك فيكم الثقلين إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي..." وعنه صلى الله عليه
وآله وسلم:"أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق"

ما أحوجنا في هذا الزمن التى ارتفعت فيه وساوس شياطين الإنس والجن، إلى السفينة التي ترتفع عزيزة لا ينالها شيء من خزي الدنيا أو ذل الآخرة،هذه السفينة التي يجب علينا بعد معرفتنا أن نلتزم مضمونها ونسير في بركتها.

وهذا الكتيب الماثل بين يديك هو مجموعة كلمات للإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف، حاولنا أن نستفيد منها لمواجهة مخاطر ومتطلبات هذا الزمن،على
النهج الذي أراده لنا عجل الله تعالى فرجه الشريف بالإضافة إلى بعض المعارف والمفاهيم الإساسية التي أشار إليها في كلماته عجل الله تعالى فرجه الشريف.

نسأل الله تعالى أن تقع موقع القبول عنده وأن تحظى برضى وعناية صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية

الفصل الأول: العلاقة بين الإمام والأمة

لقد غاب الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف عن عيون شيعته إلى أن يقضي الله أمر ظهوره ونصرة دينه ليظهره على الدين كلِّه، ولكنَّه لم يغب يوماً عن قلوبهم ومسيرتهم، بل هو حاضر على الدوام، يشرق بنوره على قلوبهم، ويلهم عقولهم ويشحذ هممهم، ينتظرون لقاءه ويطمعون بنظرة منه إليهم، نظرة رضا تبعث الدفء في ليالي غيابه الباردة، وتكسر عتمتها بفجر أمل لقائه الصادق، هو حاضر عجل الله تعالى فرجه الشريف رغم غيابه، وشيعته أيضاً حاضرون غير غائبين عنه، يتابع أخبارهم، تبرق عيناه عند رؤيتهم في حال الطاعة، وتحزن إن وقعوا ـ والعياذ بالله في حبائل المعصية.

"نحن وإن كنّا ثاوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين ـ حسب الذي أراناه الله تعالى من الصلاح لنا ولشيعتنا المؤمنين في ذلك، مادامت دولة الدنيا للفاسقين فإنّا نحيط علماً بأنبائكم. ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم" 1.


9


هكذا هو عجل الله تعالى فرجه الشريف مع شيعته بعقله وقلبه وعنايته وبركاته.

وهكذا شيعته أيضاً، قلوبهم تذوب بحبِّه، هم أهل الطاعة والاعتصام والصبر، كما تصفهم رواية ينقل فيها الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف كلاماً قاله له أبوه الإمام الحسن العسكري عليه السلام:

"واعلم: أنَّ قلوب أهل الطاعة والإخلاص نُزّع 2 إليك مثل الطير إذا أمّت 3 أوكارها. وهم معشر يطلعون بمخائل 4 الذلة والاستكانة، وهم عند الله بررة أعزاء،يبرزون بأنفس مختلة محتاجة وهم أهل القناعة والاعتصام، استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداد، خصّهم الله باحتمال الضيم في الدنيا ليشملهم باتساع العز في دار القرار، وجبلهم على خلائق الصبر لتكون لهم العاقبة الحسنى وكرامة حسن العقبى" 5.


10


هوامش

1- الميرزا النوري ـ حسين ـ خاتمة المستدرك ـ مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث ـ قم ـ ايرانـ، ج 3، ص 225، من رسالة للشيخ المفيد
2- نزّع: مشتاقون
3- أمّت: قصدت
4- مخائل: علامات
5- الصدوق ـ كمال الدين وتمام النعمةـ الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة ـ إيرانـ الطبعة سنة 1405 هـ. ـ ج2 ص121.