والدين الإسلاميّ لم
ينزله الله تعالى كمرحلة
مؤقَّتة في تاريخ
البشريّة وإنّما هو الدين
الذي سيتحقّق به الانتصار
والبقاء، يقول تعالى:
﴿هُو
الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِاَلْهُدَى
ودِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدينِ
كُلِّهِ وَلَوْكَرِهَ
الْمُشْرِكُون﴾8.
ومن الواضح أنّ الإسلام
في زمن النبيّ لم يتحقّق
له هذا النصر الحاسم
والنهائيّ، ولم يتحقّق
هذا النصر حتّى الآن،
فمتى يتحقّق هذا الهدف
الإلهي9؟
تشير الروايات إلى
الزَّمن الذي سيتحقّق فيه
ذلك، حيث ورد في الرواية
عن الإمام جعفر بن محمَّد
الصادق عليه السلام في
قوله تعالى:
﴿هُو
الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِاَلْهُدَى
ودِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدينِ
كُلِّهِ وَلَوْكَرِهَ
الْمُشْرِكُون﴾,
قال عليه السلام: "والله
ما يجيء تأويلها حتَّى
يخرج القائم المهديّ
"10.
وأخيراً هناك آية تشير
إلى الإمام الحجّة عجل
الله فرجه الشريف وما
سيمُنُّ الله تعالى عليه
من النصر، وهي قوله تعالى
﴿وَنُرِيدُ
أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين
اسْتُضْعِفُوا فِي
الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ
أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوَارِثِينَ﴾11،
حيث ورد في الرواية عن
الإمامين محمَّد الباقر
وجعفر الصادق عليهما
السلام أنّهما قالا: "إنّ
هذه الآية مخصوصة بصاحب
الأمر الذي يظهر في آخر
الزمان، ويبيد الجبابرة
والفراعنة، ويملك الأرض
شرقاً وغرباً، فيملأها
عدلاً كما ملئت جورا"12.
طول الغيب
لا شكّ أنّ غيبة الإمام
عجل الله فرجه الشريف
طويلة، تخرج عن المألوف
وترقى إلى مستوى الكرامات
والمعجزات الخاصّة التي
تحصل عادة بعناية إلهيّة
خاصّة، ويؤمن بها من كان
مؤمناً بالله تعالى
وقدرته حقّاً ومؤمناً
بالإمامة ودورها، وما
يمكن أن يحصل من
الإمام المعصوم أو على
يديه، لذلك لا شكّ أن
ضعاف النفوس وهزيلي
الإيمان قد يصابون بداء
التشكيك، ووسوسة استبعاد
مثل هذا الأمر، من هنا
كان التوجّه الخاصّ في
النصوص الشرعيّة على طول
الغيبة، وعلى التسليم بها
أو انتظار يوم الفرج يوم
الظهور، يقول تعالى:
﴿فَهَلْ
يَنظُرُونَ إِلَّا
السَّاعَةَ أَن
تَأْتِيَهُم بَغْتَةً
فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا
فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا
جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُم﴾13،
وقد ورد في الرواية عن
الإمام الصادق عليه
السلام في تفسير هذه
الآية أنّه قال: "ساعة
قيام القائم"14.
حضور رغم الغيبة
غيبة الإمام الحجّة عجل
الله فرجه الشريف لا تعني
غيبته عن عقول وقلوب
ووجدان الناس، وورد في
تفسير بعض الآيات الكريمة
ضرورة ذكره والتذكير به
على الدوام، كما في تفسير
قوله تعالى:
﴿وذَكِّرْهُمْ
بِاَيَّامِ اَلله﴾15،
عن الإمام جعفر بن محمَّد
الصادق عن أبيه محمَّد
الباقر عليه السلام قال:
"أيّام الله (عزّ وجلّ)
ثلاثة: يوم يقوم القائم
ويوم الكرّة ويوم
القيامة"16.
بل على الأُمّة أن تعيش
مترقبة ليوم الظهور، هذا
اليوم الذي قد يكون قريباً
أكثر ممّا يتصوّر
الكثيرون، وفي رواية عن
الإمام جعفر بن محمَّد
الصادق عليه السلام في
قوله تعالى:
﴿وما
يُدْرِيكَ لَعَلَّ
الْسَّاعَةَ قَرِيْبٌ﴾17، قال: "السّاعة قيام
القائم قريب"18.
يا لثارات الحسين
هناك ارتباط وثيق بين
عاشوراء الدم وكربلاء
العطاء، بما تتضمَّن من
مواقف
واستشهاد، وبين حركة
الإمام الحجّة عجل الله
فرجه الشريف. فهذا الدم
الذي سال سنة 61 للهجرة
على أرض الطفّ بقي الشعلة
التي تلهب القلوب وتفجّر
العزائم في قلوب المؤمنين،
وهذه الشعلة المتوقّدة
على مرّ السنين هي التي
ستحقّق النصر الكبير
والحاسم على يد الإمام
صاحب الزمان عجل الله
فرجه الشريف، هذا
الارتباط الوثيق الذي
تؤكّد عليه الرواية عن
الإمام عليّ بن موسى
الرضا عليه السلام في
تفسير قوله تعالى:
﴿ومَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ
سُلْطناً فَلا يُسْرِفْ
فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ
كانَ مَنْصُورا﴾19،
حيث قال: "نزل في الحسين
والمهديّ"20.
هناك
العديد من الآيات
القرآنيّة التي تشير إلى
موضوع الإمام المهديّ
المنتظر عجل الله فرجه
الشريف وتشرح العديد من
المفاهيم الأساسيَّة
المتعلّقة به وبزمانه
ومرحلته، وممّا تشير إليه
هذه الآيات:
بقيّة الله: إنّ الإمام
الحجّة هو بقيّة الله في
أرضه، بمعنى أنّه يمثّل
الخطّ الإلهيّ على هذه
البسيطة.
وعد الله: إن انتصار الحقّ
على الباطل وقهر الظالمين
والفاسدين، هو وعد إلهيّ
سيتحقّق على يد صاحب
الزمان عجل الله تعالى
فرجه.
طول الغيبة: إنّ غيبة
الإمام عجل الله فرجه
الشريف طويلة، تخرج عن
المألوف ومثل هذه الأمور
تحصل عادة بعناية إلهيّة
خاصّة، ويؤمن بها من كان
مؤمناً بالله تعالى
وقدرته حقّاً ومؤمناً
بالإمامة ودورها.
حضور رغم الغيبة: غيبة
الإمام الحجّة عجل الله
فرجه الشريف لا تعني
غيبته عن عقول وقلوب
ووجدان الناس، بل على
الأُمّة أن تعيش مترقبة
ليوم الظهور، هذا اليوم
الذي قد يكون قريباً أكثر
ممّا يتصوّر الكثيرون.
دماء كربلاء: هناك ارتباط
وثيق بين عاشوراء الدم
وكربلاء العطاء، وبين
حركة الإمام الحجّة عجل
الله فرجه الشريف.
فالشعلة المتوقّدة على مرّ
السنين هي التي ستحقّق
النصر الكبير والحاسم على
يد الإمام صاحب الزمان
عجل الله فرجه الشريف.
﴿يَسْئَلُوْنَكَ
عَنِ اَلْسَّاعَةِ
أَيَّانَ مُرْسَاها قُلْ
إِنَّما عِلْمُهَا عِنْدَ
رَبِّي لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِهآ إِلا
هُوثَقُلَتْ فِى
اَلْسَّموَاتِ واَلأَرْضِ
لاَ تَأْتِيكُمْ إِلا
بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ
كَاَنَّكَ حَفِّيٌّ
عَنْهَا قُلْ إِنَّما
عِلْمُها عِنْدَ اَللهِ
ولَكِنَّ اَكثَرَ
اَلْنَّاسِ لاَ
يَعْلَمُونَ﴾21.
1- ما المقصود من أنّ
الإمام هو بقيّة الله ؟
2- ما الدليل على أنّ
الوعد الإلهيّ سيتحقّق
على يديّ صاحب الزمان عجل
الله فرجه الشريف؟
3- هل هناك إشارة في
القرآن الكريم بحسب ما
ورد في بعض التفاسير إلى
طول غيبة الإمام عجل الله
فرجه الشريف؟ في أيّ
آية ؟
4- هل غيبة الإمام عجل
الله تعالى فرجه الشريف
تعني أن يبتعد الناس عنه
بشكل كامل؟ لماذا؟
5- كيف تبيِّن الارتباط
بين كربلاء وظهور القائم
عجل الله فرجه الشريف؟
قصة ابن قولويه
ذكر الراوندي في الخرائج
والجرائح أنّه روي عن أبي
القاسم جعفر بن محمَّد بن
قولويه قال: "لمّا وصلت
بغداد في سنة تسع وثلاثين
وثلاثمائة للحجّ، وهي
السنة التي ردّ القرامطة
فيها الحجر إلى مكانه من
البيت، كان أكبر همّي
الظفر بمن ينصب الحجر،
لأنّه يمضي في أثناء
الكتب قصة أخذه وأنّه
ينصبه في مكانه الحجّة في
الزمان، كما في زمان
الحجاج وضعه زين العابدين
عليه السلام في مكانه
فاستقرّ.
فاعتللت علّة صعبة خفت
منها على نفسي، ولم
يتهيّأ لي ما قصدت له،
فاستنبت المعروف بابن
هشام وأعطيته رقعة مختومة،
أسأل فيها عن مدة عمري
وهل تكون المنيّة في هذه
العلّة أم لا، وقلت: همّي
إيصال هذه الرقعة إلى
واضع الحجر في مكانه وأخذ
جوابه، وإنّما أندبك لهذا.
قال: فقال المعروف بابن
هشام: لما حصلت بمكّة
وعَزم على إعادة الحجر،
بذلت لسدنة البيت جملة
تمكّنت معها من الكون
بحيث أرى واضع الحجر في
مكانه، وأقمت معي منهم من
يمنع عنّي ازدحام الناس،
فكلّما عمد إنسان لوضعه
اضطرب ولم يستقم، فأقبل
غلام أسمر اللون حسن
الوجه، فتناوله ووضعه في
مكانه فاستقام، كأنّه لم
يزل عنه، وعلت لذلك
الأصوات، وانصرف خارجاً
من الباب، فنهضت من مكاني
أتبعه، وأدفع الناس عنّي
يميناً وشمالاً، حتى ظنّ
بي الاختلاط في العقل،
والناس يفرحون لي، وعيني
لا تفارقه، حتى انقطع عن
الناس، فكنت أسرع السير
خلفه وهو يمشي على تؤدة
ولا أدركه.
فلما حصل بحيث لا أحد
يراه غيري، وقف والتفت
إليّ فقال: هات ما معك،
فناولته الرقعة، فقال من
غير أن ينظر فيها: قل له:
لا خوف عليك في هذه
العلّة، ويكون ما لا بدّ
منه بعد ثلاثين سنة.
قال: فوقع عليّ
الزمع(الدهشة، الخوف) حتى
لم أطق حراكاً، وتركني
وانصرف.
قال أبو القاسم: فأعلمني
بهذه الجملة، فلما كان
سنة تسع وستين، اعتلّ أبو
القاسم فأخذ ينظر في أمره
وتحصيل جهازه إلى قبره
وكتب وصيّته واستعمل الجدّ
في ذلك، فقيل له: ما هذا
الخوف ونرجو أن يتفضل
الله تعالى بالسلامة، فما
عليك مخوفة، فقال: هذه
السنة التي خوّفت فيها،
فمات من علّته. |