المقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين وأشرف الصلاة وأتمّ التسليم على سيّد الرسل والأنبياء أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيبين الطاهرين. أمّا بعد...

فإنّ من أحقّ الأمور علينا وأوجبها عقلاً ونقلاً معرفة إمام زماننا. لأنّ في معرفته كمال الدين، وفي طاعته تمام الإيمان واليقين، وفي انتظار فرجه ارتقاء الأعمال، وفي لقائه حياة القلوب ومنتهى الآمال.

ويكفي لإثبات ذلك الحديث الصادر من الدوحة المحمّديّة المباركة والمتّفق عليه عند الفريقين: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة
1". فهذا الحديث الذي ورد بصيغ متعدّدة صريح في الدلالة على وجوب معرفة الإمام والإعتقاد بولايته.

والمراد من معرفة الإمام التي يجب تحصيلها معرفة شخصه باسمه ونسبه، ومعرفة صفاته وشمائله التي تميزه عن غيره، ولذلك ورد عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: "إنّ أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الربّ والإقرار له بالعبودية، وحدّ المعرفة أن يعرف أنّه لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير، وأنّ يعرف أنّه قديم مثبت موجود غير فقيد. موصوف من غير شبيه ولا مبطل، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول والشهادة بالنبّوة، وأدنى معرفة الرسول الإقرار بنبوّته، وأنّ ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من الله عز ّوجلّ، وبعده معرفة الإمام الذي به تأتّم بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الإمام أنّه عدل النبيّ إلا درجة النبوّة، ووارثه، وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله"2.

وطريق معرفة إمام زماننا محصورة بالعترة الطاهرة، فكلماتهم هي سبيلنا إلى هذه المعرفة، وكلّ سبيل آخر مقرون بالتيه والضلال. فالإمام- كما ورد عن مولانا الرضا عليه السلام:
"واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد له مثل ولا نظير، فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام، أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلّت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وخسئت العيون وتصاغرت العظماء، وتحيّرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الألبّاء، وكلّت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله"3.

بناءً على ما تقدم، نضع بين يديّ القارئ الكريم مجموعة من صفات وشمائل المهديّّ المنتظر|مستمدّة من كلمات الرسول الأكرم والأئمّة المعصومين صلى الله عليه وآله وسلم، سائلين المولى جلّ وعلا أن يوفّقنا لمعرفة وطاعة حجته في أرضه لنكون مصداقاً لقوله الكريم:
﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا4.

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية

الفصل الأول: من هو؟

1- الحجّة بن الحسن

في رواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، سأله جابر بن عبد الله فقال: "يا رسول الله ومن الأئمّة من ولد علي بن أبي طالب؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: الحسن والحسين ثمّ عليّ بن الحسين ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ جعفر بن محمّد ثمّ موسى بن جعفر ثمّ عليّ بن موسى ثمّ محمّد بن عليّ ثمّ علي بن محمّد ثمّ الحسن بن عليّ ثمّ الحجّة بن الحسن بن عليّ"
5.

2- وجهه نور

عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "سأل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن المهديّ ما اسمه؟. فقال: أمّا اسمه فإنّ حبيبي شهد إليَّ أن لا أحدّث باسمه حتى يبعثه الله. قال: فأخبرني عن صفته؟. قال: هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن


11


الشعر، يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خِيَرة لإماء"6.

3- الموتور بوالده

عن عبد الأعلى بن حصين الثعلبيّ، عن أبيه قال: " لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ في حجّ أو عمرة فقلت له: كبرت سنّي ودقّ عظمي فلست أدري يقضى لي لقاؤك أم لا؟ فاعهد إليّ عهداً وأخبرني متى الفرج ؟ فقال: إنّ الشريد الطريد الفريد الوحيد، الفرد من أهله الموتور بوالده
7المكنّى بعمّه هو صاحب الرايات واسمه اسم نبيّ"8.

4- الوصي ابن الوصي

عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: " لا يكون القائم إلا


12


 إمام ابن إمام ووصيّ ابن وصيّ"9.

5- الخلف الصالح

عن الرضا عليه السلام قال: "الخلف الصالح من ولد أبي محمّد الحسن بن عليّ وهو صاحب الزمان وهو المهديّ"10.

6- الحجّة من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم

عن أبي هاشم الجعفريّ قال: " سمعت أبا الحسن صاحب العسكر عليه السلام يقول: الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف ؟ فقلت: ولمَ جعلني الله فداك ؟ فقال: لأنّكم لا ترون شخصه ولا يحلُّ لكم ذكره باسمه، قلت: فكيف نذكره ؟ قال: قولوا الحجّة من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم "
11.

7- سميّ رسول الّله صلى الله عليه وآله وسلم وشبيهه

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المهديّ من ولدي، اسمه


13


اسمي وكنيته كنيتي، أشبه النَّاس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيه الأمم"12.

8- المهديّ

عن أمّ هانئ الثقفيّة قالت: غدوت على سيّدي محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام فقلت له: "يا سيّديّ آية في كتاب الله عزَّ وجلَّ عرضت بقلبي أقلقتني وأسهرتني، قال: فاسألي يا أمّ هانئ. قالت قلتُ: قول الله عزَّ وجلَّ
﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ قال: نعم المسألة سألتني يا أمّ هانئ، هذا مولود في آخر الزمان هو المهديّ من هذه العترة تكون له حَيرة وغيبة يضلُّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام فيا طوبى لك إن أدركته. ويا طوبى من أدركه"13.


14


9- خاتم الأئمّة عليهم السلام

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "معاشر النَّاس إنّي نبيّ وعليٌّ وصيّي، ألا إنّ خاتم الأئمّة منّا القائم المهديّ"
14.


15


هوامش

1- الحر العاملي- وسائل الشيعة – ج 16 – حديث 23 – ص 246
2- العلامة المجلسي- بحار الأنوار - ج 4- ص 55
3- الشيخ الكليني- الكافي – ج 1 – ص 201
4- المائدة، آية 3
5- الحر العاملي- الجواهر السنية- ص 283
6- الشيخ الطوسي- الغيبة- ص 470
7- الموتور بوالده أي قتل والده ولم يطلب بدمه.
8- العلامة المجلسي- بحار الأنوار- ج 51- ص 37
9-العلامة المجلسي- بحار الأنوار- ج 51- ص 34
10-العلامة المجلسي- بحار الأنوار- ج 51- ص 43
11- العلامة المجلسي- بحار الأنوار- ج 51- ص 158- 159
12-الشيخ الصدوق- كمال الدين وتمام النعمة- ص 286
13- الشيخ الصدوق – كمال الدين وتمام النعمة- ص 330
14- العلامة المجلسي- بحار الأنوار- ج 37- ص 213