المعالم
العامة لخط الإمام الخمينيّ قدس سره
سنتحدّث في عن خمسة أمورٍ هامّة يتميز بها الخط المبارك لإمامنا الخميني، وهي في
الحقيقة أعمدة راسخة ثابتة في وجدان أتباع هذا الخطّ المبارك:
1 - الارتباط بالله تعالى
من أركان هذا الخطّ وميّزاته وخصائصه "الربّانية" هو الارتباط بالله سبحانه وتعالى،
ارتباطاً وثيقاً قائماً على أساس العبوديّة الحقيقية لله تعالى، والإخلاص له،
والاتكال عليه تعالى، في كلّ الحالات، وهذا هو قوام الخط وأساسه الأوّل، ومن دونه
لا يبقى لهذا الخطّ شكلٌ ولا محتوى.
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"وإن الذي نهضتم أنتم أيّها الشعب النبيل المجاهد من أجله، هو أعلى وأسمى وأثمن هدفٍ
ومقصدٍ طرح ويطرح منذ بدء العالم في الأزل وحتى نهاية العالم إلى الأبد. إنّه
المدرسة الإلهيّة بمعناها الواسع، وعقيدة التوحيد بأبعادها السامية. إنّه أساس
الخلق وغايته في كلّ آفاق الوجود"
7.
2 - الامتداد لنهج الأنبياء عليهم السلام
إنّ الجذور الأولى لهذا الخطّ تمتدّ إلى رسالة الأنبياء والأئمّة عليهم السلام،
فليس هذا الخطّ خطّاً مبتوراً، وإنّما هو في أبعاده التاريخيّة خطّ الأنبياء
والمجاهدين والدعاة إلى الله تعالى والأئمّة عليهم السلام وهو بذلك خطّ عريق، أصيل،
ذو أصول ثابتة، والإحساس بهذه الحقيقة، يعمّق صلة الناس العاطفية والعقلية بهذا
الخطّ.
يقول الإمام الخميني قدس سره:
"وهذا الهدف متجلّ في المدرسة المحمديّة على صاحبها وآله أفضل الصلاة والسلام بكلّ
المعاني والدرجات والأبعاد. وإنّ كلّ مساعي الأنبياء العظام والأولياء الكرام -
سلام الله عليهم انصبّت على تحقيق هذا الهدف، وبدونه لا يتيسّر السبيل إلى الكمال
المطلق ولا إلى الجلال والجمال اللامتناهيين.
إنّه هو الذي يجعل "الأرضيّين" أشرف من "الملكوتيّين"، وما يناله الأرضيّون من
الاتجاه نحوه، لا تناله الموجودات الأخرى في كلّ أرجاء الخليقة ما خفي منها وما
ظهر"8.
3 - خط الجهاد العمليّ
إنّ هذا الخطّ ليس خطّاً سياسيّاً، وجهاديّاً نظريّاً، تبلور من خلال تنظيرات
علميّة ودراسات سياسيّة أكاديميّة فقط، وإنّما تبلورت أبعاد هذا الخطّ السياسيّة
والجهاديّة من خلال ركام من جهاد وجهود العاملين وأتباعهم، وتحرّكهم، وسهرهم،
ودمائهم ودموعهم، ومتاعبهم خلال طريق ذات الشوكة ومن خلال عذابهم، وسجونهم، وهجرتهم،
وفرارهم، وقرارهم، خلال هذه الفترة المباركة من عمر المسلمين.
وهذه الجهود والمجاهدات هي غطاء لخطّ الإمام، وليس مجرّد مجموعة نظريّات ودراسات
أكاديميّة، وهو غطاء مبارك يبعث على الاطمئنان والأمن.
فإن الإنسان العامل، عندما يضع خطاه على هذا الخطّ المبارك يعلم أنّه يضع خطاه على
طريق شقّته أمّة كبيرة من المجاهدين والعاملين في سبيل الله من خلال تجاربهم
وآلامهم وعذابهم، وعملهم، وتحرّكهم، وجهادهم، وما رزقهم الله من نور وبصيرة خلال
هذه الحركة المباركة.
4 - خط ولاية الفقيه
ومن ميّزات وخصائص هذا الخط "ولاية الفقيه"، والتأكيد على ارتباط الحاكميّة بالفقيه،
في عصر غيبة الإمام المهديّ عجل الله فرجه الشريف وبذلك تتكامل حلقات سلسلة
الحاكميّة والولاية في حياة الإنسان، فإنّ الله تعالى هو مصدر الحاكميّة والولاية
وقد أولى الله تعالى نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم هذا الحقّ في حياة الناس:
﴿النَّبِيُّ
أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾9.
ويتسلسل الحكم والولاية من أئمّة المسلمين عليهم السلام وفي عصر الغيبة تستقرّ هذه
الولاية بصورة شرعيّة في الفقيه الجامع للشرائط، الذي يلي أمور المسلمين ويتصدّى
لشؤونهم.
5 - الثبات على المبادئ
من المعالم المتميّزة في خطّ الإمام الثبات السياسي، الصامد على مواقفه المبدئيّة،
تجاه كلّ القضايا السياسيّة، فلم يحدث مثلاً تغيير في موقف الثورة بعد الحكم تجاه
القضيّة الفلسطينيّة، أو تجاه رفض الانتماء إلى الشرق أو الغرب. وهذه من خصائص خطّ
الإمام البارزة، وإذا وضعنا هذه الخصيصة السياسيّة، بإزاء المواقف الانتهازيّة
لكثير من الأحزاب والفئات والدول، نعرف عمق مبدئيّة خطّ الإمام، والسائرين على هديه.
|