تشرف السيّد المرعشيّ بلقاء
الإمام عجل الله فرجه الشريف12
ينقل السيّد عادل العلوي عن
أستاذه آية الله السيّد المرعشي النجفي قدس سره قوله:
اشتقت كثيراً إلى رؤية جمال مولانا بقيّة الله الأعظم عجل الله فرجه الشريف،
وتعاهدت مع نفسي أن أذهب ماشياً كلّ ليلة أربعاء إلى مسجد السهلة لمدّة أربعين ليلة،
لأفوز بذلك الفوز العظيم.
وفي ليلة باردة وموحشة، ولعلّها الليلة الخامسة والثلاثين سمعت صوت قدمٍ خلفي،
فنظرت وإذا بي أرى سيّداً عربيّاً بزيّ أهل البادية، اقترب منّي وقال بلسان فصيح:
يا سيّد السلام عليكم.فشعرت بزوال الوحشة من نفسي، والعجيب كيف التفت إليّ أنّي
سيّد في مثل هذه الليلة الموحشة؟
مشينا معاً، وبعد خطواتٍ وصلنا إلى مسجد زيد بن صوحان، وهو مسجد صغير بالقرب من
مسجد السهلة، فقال السيّد العربيّ:حبّذا لو دخلنا هذا المسجد وصلينا وأدّينا تحيّة
المسجد فيه.
فدخلنا وصلّى السيّد العربيّ وأخذ بالدعاء، وكأنّ جدران المسجد تبتهل معه! فأحسستُ
بثورةٍ عجيبةٍ في نفسي أعجز عن وصفها!
ثمّ التفتَ إليّ وقال: قم لنذهب إلى مسجد السهلة، فدخلنا المسجد وكان السيّد العربيّ
يأتي بالأعمال الواردة في المقامات وأنا أتابعه، وصلّى المغرب والعشاء واقتديت به
من دون اختيار، ولم ألتفت بعدُ من هو هذا السيّد.
ولمّا أنهينا، قلت له: هل تشتهي الشاي أو القهوة أو السيجار حتى أعدّه لكم؟
فأجاب بكلمةٍ جامعةٍ وما زالت الرعشة تعتريني عندما أتذكرها:"هذه الأمور من فضول
المعاش، ونحن نتجنّب فضول المعاش".
ثمّ تحدّثنا حول مطالب متعدّدة أذكر منها:
1-الاستخارة حيث سألني السيّد العربيّ: يا سيّد كيف عملك للاستخارة بالسبحة، فقلت:
ثلاث مرّات صلوات وثلاث مرّات (أستخير الله برحمته خيرةً في عافية) ثمّ آخذُ قبضةً
من السبحة، وأعدّها، فإن بقي زوجٌ فليست جيّدة، وإن بقي فردٌ فجيّدة.
فقال السيّد: لهذه الاستخارة تتمّة لم تصل إليكم، وهي عندما يبقى فردٌ، يؤخذ من
السبحة مرّةً أخرى على ترك العمل، فإن بقي زوجٌ، فالاستخارة جيّدة، وإن بقي فردٌ
فهي وسط.
قلت في نفسي عليّ أن أطالبه بالدليل، فأجاب: "وصلنا من مكانٍ رفيع". فوجدت بمجرّد
هذا القول الانقياد والتسليم، ومع هذا لم ألتفتُ من هو هذا السيّد؟
2-تأكيده على تلاوة سورة يس بعد صلاة الصبح، وسورة عمّ بعد الظهر، وسورة نوح بعد
العصر، وسورة الواقعة بعد المغرب، وسورة الملك بعد العشاء.
3-تأكيده على قراءة دعاء "اللهمّ سرّحني من الهموم والغموم ووحشة الصدر ووسوسة
الشيطان برحمتك يا أرحم الراحمين".
4-تأكيده على زيارة سيّد الشهداء عليه السلام.
وبعد هذا أردتُ الخروج لحاجةٍ، وعندما وصلت إلى الحوض وهو في وسط المسجد تبادر
لذهني: أيّ ليلة هي هذه؟ ومن هذا السيّد العربيّ صاحب الفضائل؟ ربما
هو مقصودي،
فرجعت مضطرباً، فلم أجد أثراً لذلك السيّد، فبكيتُ ناحباً كالمجنون، وكلّما ذكرتُ
تلك الليلة ذُهلتُ عن نفسي.
|