أهداف الدرس
1- تقسيم الأدلة إلى
عقلية ونقليّة.
2- التعرّف إلى ضرورة
الحكومة الإسلامية.
3- إثبات ولاية الفقيه من
خلال التوحيد في الربوبية
التشريعية.
4- إثبات ولاية الفقيه من
خلال ضرورة النظام.
أدلة الولاية
ُ
يستدل على ولاية الفقيه
في عصر الغيبة بعدّة أدلة
بعضها يحكم به العقل
مجرداً، وبعضها مستقى من
الروايات والنصوص الشرعية.
دليل العقل
إنَّ مقتضى التوحيد في
الربوبية التشريعية هو
طاعة الله تعالى في جميع
الأحكام الإسلامية، وهذه
الطاعة تعني تطبيق جميع
هذه الأحكام ووضعها موضع
التنفيذ العملي، وهذا
الأمر لا يمكن أن يتمّ
دون وجود حكومة إسلامية
تتبنى الإسلام فكراً
وعملاً، ويقف على رأسها
شخص عالِمٌ بالإسلام،
ومطبق له على نفسه، وقادر
على تطبيقه في المجتمع.
هذا بنحو الإجمال، وأمّا
تفصيل الدليل فيحتاج
لبيان مقدمات:
المقدمة الأولى:
إنَّ من القواعد
العقلائية الثابتة التي
لا تتغير بتغير الاتجاهات
والمذاهب والأديان، هي
الحاجة الضرورية لوجود
القانون للمجتمع البشري.
ذلك أنَّ الإنسان اجتماعي،
وهو بحاجة لتنظيم علاقاته
الاجتماعية ومختلف شؤون
حياته لئلا يقع بين أفراد
المجتمع اختلاف ونزاع
وتعارض وظلم، وليحفظ
مصالح الفرد والمجتمع..
المقدمة الثانية:
أيّ قانون لا يمتلك ضمانة
التنفيذ بنفسه، فمجرد
وجود القانون لا يحل
المشكلة ولا يحقق الغرض
من وجوده، فهو بحاجة إلى
قيِّم، يضمن التنفيذ
والتطبيق الكامل له،
ويقيم العدل على أساسه،
ويؤيد ذلك قول أمير
المؤمنين عليه السلام في
جواب الخوارج عندما سمع
قولهم: "لا حكم إلا لله"،
حيث قال: عليه السلام
"كلمة حق يراد بها باطل"1،
نعم، إنَّه لا حكم إلا
لله ولكن هؤلاء يقولون: "لا
إمرة إلا لله، وإنه لا بد
للناس من أمير.. الخ"2.
وعن الفضل بن شاذان عن
الإمام علي بن موسى الرضا
عليه السلام، أنه قال في
علة تعيين أولي الأمر
والأمر بطاعتهم.
".... فإن قال: فَلِمَ
جعل أولي الأمر وأَمَرَ
بطاعتهم؟ قيل: لعِلَلٍ
كثيرة:
ومنها: أنَّ الخلق لمّا
وقَفوا على حدٍّ محدود
وأُمِروا أن لا يتعدوا
ذلك الحدّ لما فيه من
فسادهم، لم يكن يثبت ذلك
ولا يقوم، إلا بأن يجعل
عليهم فيه أميناً يمنعهم
من التعدي والدخول فيما
حظر عليهم، لأنّه لو لم
يكن ذلك كذلك، لكان أحد
لا يترك لذّته ومنفعته
لفساد غيره، فجعل عليهم
قيماً يمنعهم من الفساد
ويقيم فيهم الحدود
والأحكام.
ومنها: أنّا لا نجد فرقة
من الفرق ولا ملة من
الملل بقوا وعاشوا إلا
بقيّم ورئيس، لما لا بد
منه في أمر الدين والدنيا،
فلم يجزْ في حكمةِ الحكيم
أن يترك الخلق مما يعلم
أنَّه لا بد لهم منه، ولا
قوام لهم إلا به،
فيقاتلون به عدوهم
ويقسّمون به فيئهم،
ويُقيم لهم جُمعتهم
وجماعتهم، ويمنع ظالمهم
من مظلومهم"3.
المقدمة الثالثة:
لا بد للقيّم الذي يتولى
مهمة ومسؤولية تنفيذ
وتطبيق القانون أن يتصف
بالصفات التالية:
1- العلم التام بالقانون،
لأنّ العلم بالقانون
مقدمة ضرورية لتطبيقه.
2- الحصانة الأخلاقية،
لأنَّ القيمومة على الأمر
أمانة عظمى، لا نضمن
أداءها ما لم يكن القيّم
في أعلى مستويات العدالة
والورع والتقوى.
3- الكفاءة الإدارية، لأنّ
القيام بهذه المسؤولية
على أكمل وجه، يتطلب من
المهارات والخبرات
الإدارية والاجتماعية
والسياسية وغير ذلك مما
له مدخلية في الوصول إلى
الهدف على أكمل وجه.
النتيجة
عندما نتحدث عن الحكم
الذي يحقق العدل فقد أكد
القرآن الكريم أنّه لا
يتحقق العدل إلا من خلال
النظام الإسلامي
﴿وَمَنْ
لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
أَنْزَلَ اللهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ﴾4.
وإذا كان الكلام عن الحكم
الإسلامي فهذا يعني أنَّ
القيّم يجب أن يكون -
كتطبيق للصفات السابقة
التي حكم العقل بها -
حائزاً على الصفات
التالية:
- عالماً بحكم الإسلام،
قادراً على معرفة الحكم
الشرعي لكل واقعة،
وبالتالي فيجب أن يكون
فقيهاً مجتهداً.
- صاحب حصانة أخلاقية،
بمعنى الالتزام بالحكم
الشرعي بشكل كامل، وهو
تعبير عن مستوى عالٍ من
العدالة والتقوى والورع،
يجب توفرها في الولي، هذا
بالإضافة إلى الكفاءة
الإدارية.
وإذا عيّن الله تعالى من
يقوم بالأمر، ونصبه لحمل
هذه المسؤولية،
فهو المتعين ويجب على
الناس طاعته والرجوع إليه،
فليس هناك أفضل ولا أولى
من القيّم، ومن الجهاز
الحاكم الذي يعيّنه الله
تعالى، لأنَّه المطلع على
سرائر خلقه والخبير
بنفوسهم، ولا يختار لهذه
المسؤولية العظمى
والأمانة الكبرى، إلا من
طهرت نفسه وصفت سريرته،
وخلصت نيته، وكمل عقله،
فيحمله الأمانة ويسدده
بالوحي، كما هو الحال
بالنسبة للرسل وأنبياء
الله الكرام عليهم وعلى
نبينا محمد وآله آلاف
التحية والسلام، ولقد كان
آخرهم وخاتمهم الرسول
الأعظم محمد بن عبد الله
صلى الله عليه وآله وسلم،
وكما هو الحال بالنسبة
للأئمة الأوصياء
المعصومين الذين نصّ
عليهم رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم، وأمر
الناس بطاعتهم والتمسك
بهم والولاية لهم، وهذا
لا بحث فيه.
إنَّما البحث فيما لو غاب
الإمام المعصوم المعين،
فإن ثبت أنّهم عليهم
السلام نصّوا على أحد
بعينه فتلزم طاعته
والرجوع إليه، وإن ثبت
بوصفه وعلامته فكذلك، أما
إذا فرضنا انتفاء النص،
فهنا يوجد ثلاثة فروض:
1- الإهمال:وهي ترك الحبل
على الغارب،وهذا ينكره
العقل ضرورة لأنه يؤدي
إلى النقص.
2- إفساح المجال أمام أيّ
شخص لتولي الأمر دون
مراعاة الصفات والشروط،
وهذا أيضاً لا يمكن
الإلتزام به؛لأنه يؤدي
إلى تعطيل الأحكام لأن
المتولّي غير جامع للشروط،
لأن غير العالم مثلاً لا
يستطيع تطبيق الأحكام
لعدم معرفته بها.
3- تولّي الفقيه الجامع
للشرائط - المتقدّمة -
وهذا هو المتعيّن بعد
ملاحظة جميع المقدمات
المذكورة وبعد بطلان
الفرضين السابقين.
|