المقدمة
الفصل الأول: السلام وآدابه
الفصل الثاني: الضيافة والوليمة
الفصل الثالث: لياقات المناسبات
الفصل الرابع: اللياقات العامة
وبعد،
إن
من النعم الإلهية الكبرى، والتوفيقات المهمة أن يتعرف الإنسان على حقائق الدين
العظيم، هذا الدين الذي مهما سبر الباحث في أغواره، واقترب من منبع معينه الذي لا
ينضب، لم يزدد إلا اشتياقا، ولم ينهل إلا أجاجاً من الصفاء الذي يذخر به هذا النبع
الأصيل الفياض.
وما
بين يديك عزيزي القارى ما هو إلا جهد مواضع للاقتراب من هذا المنبع، محاولة منا
لاغتراف المزيد من المعارف كماً ونوعاً، نسأل الله أن يوفقنا لخدمة هذا الدين.
وموضوع
هذا الكتيب هو اللياقات الاجتماعية التي وردت في الشريعة الإسلامية الغراء،
والمقصود من اللياقات هذه، هي الأمور التي يتبادلها المؤمنون فيما بينهم من
المجاملات الكلامية والخصال التي تساهم في توطيد أواصر القربى بين المؤمنين الأخوة
في الله تعالى، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للتقرب إليه بسنن الأنبياء،
والولاية للأولياء إنه سميع مجيب وهو من وراء القصد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
إن
حرص الدين الإسلامي على تماسك المجتمع الواحد ، يتجلى من خلال القيم التي أرساها
لتكون دعامة تمسك هذا المجتمع الذي ينبغي أن يكون الأنموذج الأمثل في الترابط
والتفاهم والحرص على الاخر ، من خلال السنن التي سنها الله تعالى لتكون دعامة
أساسية في التعاطي الإيجابي بين أفراد المجتمع الواحد.
ولأن
الإسلام يدرك خطر اللسان المتفلت من عقاله على المجتمعات الموحدة، ويدرك أيضاً أثر
اللسان الذي يتحلى بالصفات الإيجابية والدفء، فمن هذا المنطلق سن الكثير من
الاداب واللياقات التي تجعل أواصر الود تقوى بين الأخوة في الإيمان، وتجنب
المجتمعات من التفرق الناشئ من انفلات عقال الألسنة.
ولأن
العلاقات الاجتماعية ترتكز على أسس أخرى ودعامات قد تكون من خلال بعض الأفعال
والتفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت لها الإنسان في حياته العادية، وقد أشارت لها
الشريعة في الكتاب العزيز أو في السنن المأثورة عن الرسول الأكرم (ص)، وأهل بيته
(ع) ، فقد أحببنا الإشارة إليها في هذا الصفحات القادمة، سائلين الله تعالى أن
يوفقنا للخير في الفكر والعقيدة والعمل إنه سميع مجيب.
يقول
الله تعالى في محكم اياته: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ
بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (1).
لقد
أولى الدين الإسلامي مسألة السلام اهتماما قل نظيره من بين اللياقات الاجتماعية
حيث وصل إلى أيدينا الكثير والمثير من الروايات التي تتحدث عن أهميته وكيفيته.
فقد
وصف الله تعالى أهل الجنة بأنهم يحيون بعضهم بالسلام المتعارف بيننا يقول عز وجل:
(دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ
وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ) (2)،
ويقول في موضع اخر: (وَأُدْخِلَ الَّذِينَ امَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ) (3).
فكلمة
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، هذه الكلمة الصغيرة، تكاد تكون من أوثق العرى
التي تربط المجتمع، فكم بها اصطلح متخاصمان، وهي كلمة تقال وجواب يردُّ، ولأجل هذا
الهدف، كان لها هذا النصيب الكبير من الاهتمام في الدين الإسلامي الحنيف، فما هو
فضل السلام، وهل للسلام من ملحقات هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الأخرى سنجيب
عنها في الصفحات القادمة إنشاء الله تعالى.
فضل
إفشاء السلام
ورد
في الحديث عن الإمام الباقر قال رسول الله (ص): إذا لقي
أحدكم أخاه فليسلم عليه وليصافحه، فإن الله عز وجل أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع
الملائكة (4).
وفي
حديث اخر عن الإمام الصادق (ع) السلام تحية لملتنا،
وأمان لذمتنا (5).
وفي
الحديث إشارة إلى مدى الأمان الاجتماعي النابع من السلام بين المؤمنين، والمستحب
الأكيد في ذلك إفشاء السلام، حيث وردت الكثير من الروايات المؤكدة عليه ففي الحديث
عن الإمام الباقر (ع): إن الله يحب إطعام الطعام،
وإفشاء السلام (6).
واعتبرت
بعض الروايات إفشاء السلام من أفضل أخلاق أهل الدنيا ففي الحديث عن الرسول الأكرم
(ص): ألا أخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا والاخرة؟ قالوا
بلى يا رسول الله، فقال إفشاء السلام في العالم (7).
كما
أن كلمة(السلام)، اسم من أسماء الله تبارك، ولذلك ورد في الحديث عن الرسول الأكرم
(ص): إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، فأفشوه بينكم (8).
ولشدة
ما أكد الإسلام على إفشاء السلام، أوصى المؤمنين بعدم ترك السلام بينهم حتى ولو
كان الافتراق ما بينهم لفترة قليلة ففي الرواية عن الإمام الباقر (ع) قال: ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن
يتصافحا (9).
لكي
يجعل الله تعالى الحافز لدى المؤمنين لإفشاء السلام فيما بينهم، جعل الفضل الأكبر
للمبتدى بالسلام، ففي الرواية عن رسول الله (ص): إن
أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام (10).
كما
اعتبرت رواية أخرى أن أطوع الناس لله عز وجل هو المبتدى بالسلام، فعن الرسول
الأكرم (ص): أطوعكم لله الذي يبدأ صاحبه بالسلام
(11).
وأما
الأجر الذي وعد به الله تعالى المبتدى بالسلام فتخبرنا عنه رواية أمير المؤمنين
(ع) حيث روي عنه (ع): السلام سبعون حسنة، تسعة وستون
للمبتدي وواحدة للراد (12).
إن
للسلام أفضلية على سائر الكلام ولذا أكدت الكثير من الروايات عن أن يبتدى الإنسان
بالسلام قبل أي كلام اخر ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع): السلام قبل الكلام (13).
بل
إن بعض الروايات نهت عن إجابة من بدأ بالكلام قبل سلامه ففي الرواية عن رسول الله
الأكرم (ص): من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه (14).
استحباب
السلام أكيد جداً عند دخول البيت وهو من الاداب الاجتماعية التي يعاب تاركها، وقد
أكد عليها الله تعالى حيث يقول عز من قائل: (إِذَا
دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْاياتِ
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (15).
كما
أن البيوت هنا ليس المقصود منها بيت الإنسان فقط بل أي بيت يريد دخوله، والسلام
عند دخول البيت له أثر معنوي خاص ففي الرواية عن رسول الله الأكرم (ص): إذا دخل أحدكم بيته فليسلم، فإنه ينزله البركة، وتؤنسه
الملائكة (16).
رد
السلام من الواجبات الشرعية التي يعاقب الله تعالى تاركها يقول الله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا
أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (17)،
وفي الرواية عن الرسول الأكرم (ص): السلام تطوع والرد
فريضة (18).
وقد
أدبنا الرسول الأكرم (ص) وأهل البيت (ع) وعلى رد التحية والسلام بلسان طيب وأفضل
الردود قول الإنسان: «وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته».
وينقل
لنا سلمان المحمدي (رض) ، قصة لطيفة حدثت على عهد الرسول الأكرم (ص)
فيقول:جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال (ص): وعليك
ورحمة الله، ثم أتى اخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال (ص):
وعليك ورحمة الله وبركاته، ثم جاء اخر فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته،
فقال(ص) له: وعليك، فقال له الرجل يا نبي الله بأبي أنت وأمي أتاك فلان وفلان
فسلما عليك فرددت عليهما أكثر مما رددت علي؟! فقال(ص): إنك لم تدع لنا شيئاً، قال
الله(وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا
بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) فرددناها عليك (19).
لقد
ذكرت الأحاديث الشريفة لنا مواضع يحسن فيها البدء بالسلام من قوم دون اخرين،
وفي حالة دون حالة وهي:
1 أن يسلم الصغير على الكبير
إجلالاً له واحتراما وتوقيراً لكبره.
2 أن يسلم الواحد على الاثنين.
3 أن يسلم القليل على الكثير.
4 أن يسلم الراكب على الماشي.
5 أن يسلم المار على الشخص الواقف.
6 أن يسلم الشخص الواقف على الشخص
الجالس.
ويجمع
هذه الاداب جميعاً حديث مروي عن الرسول الأكرم (ص):
يسلم الصغير على الكبير، ويسلم الواحد على الاثنين، ويسلم القليل على الكثير،
ويسلم الراكب على الماشي، ويسلم المار على القائم، ويسلم القائم على القاعد
(20).
كما
أن للقاء أدباً وهو السلام فإن للوداع أدبا خاصا وهو عبارةٌ عن دعاءٍ ورد في
الرواية تقول: أن الرسول الأكرم(ص) كان إذا ودّع المؤمنين قال: زودكم الله التقوى، ووجهكم إلى كل خير، وقضى لكم كل حاجة،
وسلم لكم دينكم ودنياكم، وردكم إلي سالمين (21).
كما
اهتم الإسلام بمسألة السلام، فإنه اهتم أيضا بالتصافح الذي يكون مع السلام، ففي
الحديث عن رسول الله الأكرم (ص): إذا التقيتم فتلاقوا
بالتسليم والتصافح وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار (22).
وقد
جاء في فضل المصافحةِ الكثيرُ من الروايات، منها:
ما
روي عن الإمام الباقر(ع) قال: إذا صافح الرجل
صاحبه فالذي يلزم التصافح أعظم أجرا من الذي يدع، ألا وإن الذنوب ليتحات فيما
بينهم حتى لا يبقى ذنب (23).
وقد
اهتمَّ الأئمة (ع) بمسألة المصافحة وينقل لنا التاريخ قصَّة تبين مدى اهتمامهم
بهذه السنَّة العظيمة فعن عن إسحاق بن عمار قال دخلت على الإمام الصادق (ع) ، فنظر
إلي بوجه قاطب فقلت: ما الذي غيرك لي؟
قال
(ع): الذي غيرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق أنك أقعدت ببابك بوابا، يردُّ عنك فقراء
الشيعة.
فقلت:
جعلت فداك إني خفت الشهرة، فقال (ع): أفلا خِفتَ البليَّة، أوما علمت أن المؤمنين
إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عزَّ وجلَّ الرحمة عليهما فكانت تسعة وتسعين
لأشدهما حباً لصاحبه. فإذا توافقا غمرتهما الرحمة فإذا قعدا يتحدثان قال الحفظة
بعضها لبعض اعتزلوا بنا فلعل لهما سرا وقد ستر الله عليهما، فقلت أليس الله عز وجل
يقول: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (24)؟
فقال (ع): يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإن عالم
السر يسمع ويرى (25).
وإن
للمصافحة أثراً كبيرا على النفوس، فإنها تذهب الشحناء والحقد بين المختلفين فعن
الإمام الصادق (ع) قال: تصافحوا فإنها تذهب بالسخيمة
(26).
وردت
في الروايات الشريفة كيفية خاصة للمصافحة حيث أكدت بعض الروايات على أن لا ينزع
المؤمن يده من يد أخيه حتى ينزعها الاخر، وهكذا كان بفعل الرسول الأكرم (ص)، فعن
الإمام الصادق (ع) قال: ما صافح رسول الله (ص) رجلاً قط
فنزع يده حتى يكون هو الذي ينزع يده منه (27).
إن
المعانقة تعبير من التعابير العملية التي تدلل على الود والحب بين المؤمنين، وقد
ورد في الحث على المعانقة وما تحويه من الأجر والثواب العديد من الروايات منها:
ما
روي عن الإمام الباقر والإمام الصادق(ع) قالا: أيما
مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحيت عنه
سيئة ورفعت له درجة وإذ طرق الباب فتحت له أبواب السماء فإذا التقيا وتصافحا
وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثم باهى بهما الملائكة، فيقول انظروا إلى عبدي
تزاورا وتحابا في، حق علي ألا أعذبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيعه
الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الاخرة إلى مثل
تلك الليلة من قابل فإن مات فيما بينهما اعفي من الحساب (28).
وللمعانقة
أثر على النفس الإنسانية، فهي تزرع الرحمة في القلوب وتحرك العواطف النبيلة ففي
الرواية عن الإمام الصادق (ع) قال: إن المؤمنين إذا
اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلا وجه الله ولا يريدان غرضا
من أغراض الدنيا قيل لهما مغفورا لكما فاستأنفا (29).
من
اللياقات الاجتماعية التي نشد إليها الإسلام بشكل أكيد حسن البشر، ومعنى حسن البشر
أن يلاقي المسلم أخوانه بوجه مبتسم، لا بوجه مكفهر مقطب الحواجب بحيث ينفر الاخرون
من ملاقاته فإن من بيلاقي أخوانه بهذه الطريقة السيئة يضع نفسه في موضع السخط من
الله تعالى ففي الرواية عن الإمام علي (ع): كان رسول الله (ص) يقول: إن الله يبغض المعبس في وجه إخوانه (30).
ولقد
كان حسن البشر من صفات الرسول الأكرم (ص) وال البيت (ع) ومن الروايات التي حثت على
هذه الصفة الحميدة ما روي عن الرسول الأكرم (ص): إنكم
لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر (31).
فإن
مال الأرض لو أنفقته على كل الناس لما أحرزت الرضا عليك منهم، فإنك لن تسعهم به،
ولكن الابتسامة الصادقة تستطيع أن تدخلك إلى كل القلوب، لأنها التعبير الإنساني عن
حسن النية، وسلامة الطوية.
إن
لحسن البشر اثاراً اجتماعية مهمة يعرفها من ديدنه حسن البشر وقد ذكرها أهل البيت
عليهم السلام فمن اثار هذا الصفة الحسنة:
لأن
حسن البشر يحمل في خلفياته نفسا طيبة ودودة، تحب التقرب والاخر ين بخلاف التجهم
الذي يوحي بالعدوانية، وقد ورد في الرواية عن الإمام علي (ع): البشاشة حبالة المودة (32).
فكم
من مختلفين قد أنهت خلافها البسمة الصادقة وأزالت الرين والحقد من قلبيهما وهذا ما
نراه كثيراً في حياتنا العملية، وفي الحديث عن الرسول الأكرم (ص): حسن البشر يذهب بالسخيمة (33).
فقد
جعل الله تعالى ثواب هذا الخلق الكريم، أن يغفر ذنوب المؤمنين لأجله وفي الرواية
عن الإمام علي (ع): إذا لقيتم إخوانكم فتصافحوا،
وأظهروا لهم البشاشة والبشر، تتفرقوا وما عليكم من الأوزار قد ذهب (34).
الفصل الثاني: الضيافة والوليمة
التزاور
بين المؤمنين من أهم المظاهر الاجتماعية التي دعا الإسلام إليها، وقد طفحت كتب
الأحاديث الشريفة بالأحاديث التي تتحدث عن فضل التزاور واثاره المهمة، وسنستعرض
فيما يلي بعضا من هذه الروايات.
فعن
الإمام الصادق (ع): تزاوروا فإن في زيارتكم إحياءً
لقلوبكم، وذكراً لأحاديثنا، وأحاديثنا تعطف بعضكم على بعض، فإن أخذتم بها رشدتم
ونجوتم، وإن تركتموها ضللتم وهلكتم، فخذوا بها وأنا بنجاتكم زعيم (35).
وعن
الإمام الباقر (ع): تزاوروا في بيوتكم فإنَّ ذلك حياة
لأمرنا، رحم الله عبدا أحيا أمرنا (36).
وعن
رسول الله الأكرم (ص): «أكرم أخلاق النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين، التزاور في الله، وحق على المزور أن يقرب إلى أخيه ما تيسر
عنده، ولو لم يكن إلا جرعة من ماء، فمن احتشم أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده، لم
يزل في مقت الله يومه وليلته» (37).
وفي
رواية عن الإمام علي (ع): أنتم في تزاوركم مثل أجر
الحاجين (38).
وعن
الإمام السجاد علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: من
زار أخاه في الله طلبا لإنجاز موعود الله شيعه سبعون ألف ملك، وهتف به هاتف من
خلف: ألا طبت وطابت لك الجنة، فإذا صافحه غمرته الرحمة (39).
إلا
أن الأجر الذي وضعه الله تعالى للزيارة إنما وضعه في الزيارة التي يكون الله تعالى
هو المراد منها فتكون قربة إليه، ولا يكون فيها غاية من الغايات أو المصالح بل
تكون امتثالا لما يحيبه الله تعالى و ومحبة من الزائر للأخ المزار ولهذا المعنى
أشار الحديث المروي عن النبي الأكرم (ص): إن ملكاً لقي
رجلاً قائماً على باب دار، فقال له: يا عبد الله، ما حاجتك في هذه الدار؟ فقال: أخ
لي فيها أردت أن اسلم عليه، فقال: بينك وبينه رحم ماسة، أو نزعتك إليه حاجة، فقال:
ما لي إليه حاجة غير أني أتعهده في الله رب العالمين، ولا بيني وبينه رحم ماسة
أقرب من الإسلام، فقال له الملك: إني رسول الله إليك، وهو يقرؤك السلام ويقول لك:
إياي زرت فقد أوجبت لك الجنة، وقد عافيتك من غضبي ومن النار لحبك إياه في (40).
وفي
رواية أخرى عن الإمام الباقر (ع) قال: إن لله جنة
لا يدخلها إلا ثلاثة: رجل حكم في نفسه بالحق، ورجل زار أخاه المؤمن في الله عز
وجل، ورجل اثر أخاه المؤمن في الله (41).
وفي
المقابل حذرت الروايات من الهجران بين الأخوان المؤمنين ومن وصية رسول الله (ص)
لأبي ذر: يا أبا ذر، إياك وهجران أخيك، فإن العمل لا
يتقبل مع الهجران، يا أبا ذر، إياك عن الهجران وإن كنت لا بد فاعلاً، فلا تهجره
ثلاثة أيام كملا، فمن مات فيها مهاجرا لأخيه كانت النار أولى به (42).
تعتبر
الضيافة من أجلى مظاهر الكرم، وهي من الصفات التي تغنت بها الشعراء وخلدت أناسا في
كتب التاريخ، وفوق هذا كله فالضيافة مما ندبت إليها الشريعة الإسلامية وحثت عليها
الديانات الإلهية، وهي وسيلة من والوسائل إلى رضا الله تعالى، وفي الرواية أن
الإمام علي (ع) سأل العلاء بن زياد لما رأى سعة داره: ما
كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الاخرة كنت أحوج؟ وبلى إن شئت
بلغت بها الاخرة: تقري بها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذا
أنت قد بلغت بها الاخرة (43).
وسنتحدث
في الصفحات المقبلة عن اداب الضيافة وما يتبعها من اداب الضيف والمضيف والمائدة
سائلين من الله العون على أداء طاعته.
كثرت
الروايات التي تتحدث عن لزوم إكرام الضيف الداخل إلى دار الإنسان، منها ما روي عن
الرسول الأكرم (ص): من كان يؤمن بالله واليوم الاخر
فليكرم ضيفه (44).
بل
إن من أفضل موارد الإنفاق لمن اتاه الله المال والسعة هي إكرام الضيوف بما يدخل
فيه السرور إلى قلوبهم فعن أمير المؤمنين (ع): من اتاه
الله مالاً فليصل به القرابة وليحسن منه الضيافة (45).
ومن
فضل الله تعالى على المؤمنين أنه جعل الرزق في دخول الضيف إلى المنزل فمن كان يخاف
العسر من كثرة الضيوف فعليه أن يثق بما وعد به الله تعالى على لسان رسوله المصطفى
(ص) حيث روي عنه أنه قال: الرزق أسرع إلى من يطعم
الطعام من السكين في السنام (46).
بل
إن من فضل الله تعالى على المؤمنين المضيفين أن يغفر الله لهم ذنوبهم ببركة الضيف
وبركة الضيافة ففي الحديث عن رسول الله (ص): الضيف ينزل
برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت (47).
إن
بيت الإنسان المؤمن المحافظ على القيم والمبادى الإسلامية، معمور بالملائكة التي
تستغفر له ولأهل بيته المؤمنين، ومن الأمور التي تجعل هذا البيت خالياً من
الملائكة الكرام المسبحين، عدم دخول الضيوف إلى هذا المنزل فقد ورد في الحديث عن
الإمام علي (ع): كل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخل فيه
الملائكة (48).
وفي
رواية أخرى أن الإمام علي (ع) شوهد حزينا فسئل عن علته فقال (ع): لسبع أتت لم يضف علينا ضيف (49).
كما
أن الضيافة مستحبة فإن تلبية الدعوة لها مستحبة بل إنها من حق المسلم على أخيه
المسلم كما عدها الإمام الصادق (ع) حيث روي عنه (ع): من
الحقوق الواجبات للمؤمن على المؤمن أن يجيب دعوته (50).
كما
إنها وصية الرسول الأكرم (ص) ففي الرواية عنه (ص): أوصي
الشاهد من أمتي والغائب أن يجيب دعوة المسلم، ولو على خمسة أميال فإن ذلك من الدين (51).
إن
اداب الضيافة لا تشمل الضيف بل إن للضيف وللمضيف اداباً خاصة بهما وردت في روايات
أهل البيت (ع) فمن اداب صاحب البيت:
أول
الاداب الخاصة بصاحب البيت أن يأكل مع ضيفه فلا يتركه يأكل لوحده ففي الرواية عن
رسول الله (ص): من أحب أن يحبه الله ورسوله فليأكل مع
ضيفه (52).
وفي
رواية أخرى عنه (ص): من أكل طعامه مع ضيفه فليس له حجاب
دون الرب (53).
وإن
من الأعراف واللياقات أن لا يدع الإنسان ضيفه يأكل لوحده، ثم يدخل إلى غرفة أخرى
ليأكل بمفرده فإن مثل هذا العمل يعد في العرف إهانة كبيرة للضيف، أو يتركه
ليأكل وهو ينظر إليه وهذا مما يخجل الضيف.
من
اداب صاحب البيت أن لا يستخدم ضيفه كأن يسأله أن يناوله الإبريق مثلاً أو أي أمر
اخر، بل عليه هو أن يخدم الضيف فقد روى أبو يعفور أنه رأى عند الإمام الصادق (ع)
ضيفا فقام يوماً في بعض الحوائج، فنهاه عن ذلك، وقام بنفسه إلى تلك الحاجة وقال: نهى رسول الله (ص) أن يستخدم الضيف (54).
فقد
ورد عن رسول الله (ص): لا يتكلفن أحد لضيفه ما لا يقدر
(55).
وفي
الرواية عن الإمام الرضا (ع): دعا رجل أمير المؤمنين (ع) فقال له (ع): قد
أجبتك على أن تضمن لي ثلاث خصال، قال الرجل: وما هي يا أمير المؤمنين؟
قال
(ع): لا تدخل علي شيئاً من خارج، ولا تدخر عني شيئاً في
البيت، ولا تجحف بالعيال، قال ذاك لك يا أمير المؤمنين (56).
فإن
الله تعالى لا يحب أن يضيق الإنسان على نفسه كما أن شر
الأخوان من تكلف له (57).
وما
ذلك إلا لأنَّ الأخ الذي يشعرك بلزوم التكلُّف له ليس أخاً حقيقة لأن الأخ
الحقيقي لا يسبب إحراجا لأخيه، بل ثقلٌ موجبٌ للحرج وللمشقة.
ولا
بد من الإشارة هنا إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أنه هناك فرقاً بين أن يكون
الإنسان جالساً في بيته، ويأتيه أخ من دون دعوة، وبين أن يقيم الإنسان وليمة ويدعو
إليها إخوانه وأهله، ففي الحالة الأولى لا ينبغي أن يتكلف الإنسان لأخيه فيها،
والروايات التي مرت إنما تتحدث عن هذه الحالة وأشباهها، أما لو أقام الإنسان وليمة
ودعا الناس إليها، فينبغي له التكلف بأن يحسن المأكل والمشرب ويهيئ لهم من الكرامة
ما يليق بشأنه وشأنهم، ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع): إذا أتاك أخوك فأتِهِ بما عندك، وإذا دعوتَه فتكلَّف له (58).
1
من اداب الضيف أن يجلس في المكان الذي يأمره صاحب البيت بالجلوس فيه لأن صاحب
البيت أدرى ببيته من الضيف وكذلك هو أعرف منه بعوراته، وعورات البيت هي الأماكن
التي لو جلس فيها الضيف، لكان بإمكانه النظر إلى غرف البيت الأخرى وبالتالي يكون
عرضة للنظر إلى ما لا يحل النظر إليه ففي الرواية عن الإمام الباقر (ع): إذا دخل أحدكم على أخيه في رحله، فليجلس حيث يأمر صاحب الرحل؛
فإن صاحب الرحل أعرف بعورة بيته من الداخل عليه (59).
2
ومن الاداب أيضاً أن يدعو لصاحب البيت بعد الانتهاء من تناول الطعام وقد وردت في
الروايات العديد من الأدعية التي يمكن للضيف أن يدعو بها ففي الرواية أن رسول الله
(ص) إذا طعم عند أهل بيت قال (ص): طعم عندكم الأخيار
(60).
وفي
رواية أخرى أن أحدهم حمل لأبي عبد الله(ع) لطفاً فأكل معه فلما فرغ قال: الحمد لله
وقال له: أكل طعامك الأبرار، وصلت عليك الملائكة الأخيار (61).
الوليمة
هي أن يدعو الإنسان طائفة من الناس لتناول الطعام لمناسبة تسره، أو لنذر نذره أو
عن روح ميت عزيز عليه وغيرها من الدواعي كما أن الوليمة هي فرصة لإطعام المساكين
من الناس الذين لا يملكون قوت يومهم.
وقد
ندب الشارع إلى الوليمة بشكل عام، ففي الرواية عن الإمام علي (ع): قوت الأجساد
الطعام، وقوت الأرواح الإطعام، وفي رواية أخرى عنه (ع): الإمام علي (ع): لذة الكرام في الإطعام، ولذة اللئام في الطعام (62).
إلا
أن الشارع لم يدعو لإقامة الولائم بشكل عشوائي بل حدد لها مناسبات خاصة.
ورد
في الرواية عن الرسول الأكرم (ص) في وصيته لعلي (ع): يا علي! لا وليمة إلا
في خمس: في عرس، أو خرس، أو عذار، أو وكار، أو ركاز.
ثم
شرح الرسول الأكرم (ص) هذه المناسبات فقال (ص): فالعرس
التزويج، والخرس النفاس بالولد، والعذار الختان، والوكار في بناء الدار وشرائها،
والركاز الرجل يقدم من مكة (63).
قد
وضع الشرع المقدس ادابا كثيرة للطعام وكما تقدم معنا من أن الأحكام الإلهية تصب في
صالح الإنسان وتقربه إلى السعادة، فإن الاداب التي وضعها الله سبحانه وتعالى
للمائدة وكيفية الأكل والشرب منافع كثيرة منها ما كشفها العلم والطب الحديث ومنه
ما لم يعلم لحد الان إلا أن اعتقادنا بأن كل الأمور التي أمر الله بها لا بد
وأنها تصب في مصلحة العباد إيمان تعبدي يستحق الإنسان عليه الأجر من الله تعالى .
وسنتحدث
فيما يلي عن بعض الاداب التي وردت في الروايات الشريفة وقد ذكرها التاريخ عن النبي
(ص) وأهل البيت (ع) علَّ الله تعالى يوفقنا للعمل بهداهم إنه الموفق لكل خير.
إن
قلة كمية الطعام التي يتناولها الإنسان لها الدور الأكبر في الحفاظ على صحته
الجسدية، كما أن لها من الفوائد الجمة الكثيرة للنفس الإنسانية ويكفي في مجال
أهميتها أن نلتفت إلى كثرة الروايات التي وردت عن الرسول (ص) وأهل بيته(ع)، والتي
تحبذ على قلة الأكل وتذكر فائدته فقد ورد عن الإمام علي (ع): قلة الغذاء أكرم
للنفس وأدوم للصحة .
الإمام
علي (ع): من قل طعامه قلت الامه (64).
ولعل ذلك لأن كثرة الأكل والتكثير من الأصناف المأكولة تربك المعدة التي تعتبر في
العلم القديم وكذا الحديث من أكثر الأعضاء حساسية وتسبيباً للأمراض في الجسم وكذا
الحفاظ عليها مما يجلب الراحة للإنسان، ويكفي في أهمية قلة الطعام ما نراه من
السلبيات الناتجة عن الإكثار من تناول الأطعمة وأهمها مرض السمنة الذي أسماه البعض
بمرض العصر إذ أن الكثير من الناس تعاني من مشاكل السمنة وأمراض الكولسترول وغيرها
وقد ورد في الرواية عن الإمام الكاظم (ع): قال: لو أن
الناس قصدوا في الطعم لاعتدلت أبدانهم (65).
تقدم
أن السمنة من الأمور المضرة بالجسم إلا أن لكثرة الطعام مردوداً سلبياً على
الإنسان غير ذلك فكثرة الأكل تسبب الأمور التالية:
الشره:
والشره من الصفات الرديئة التي يوصف بها الإنسان الذي يتناول الطعام بكثرة تفوق عن
حاجة جسمه العادية، وهي صفة قبيحة بالمعايير العرفية العامة فقد ورد في الرواية عن
الإمام علي (ع): كثرة الأكل من الشره، والشره شر العيوب
(66).
الأمراض المعوية: مما يحدو بالإنسان إلى الامتناع عن الكثير من الأصناف التي
كان يتناولها بحالته الصحية السليمة وما ذلك إلا لأجل ما تسببت به كثرة الأكل من
حساسية مفرطة في معدة الإنسان حتى ينطبق عليه حينئذ الحديث المشهور عن أمير
المؤمنين (ع): كم من أكلة تمنع أكلات (67).
ولأجل
هذه السلبيات وغيرها كانت دعوة الأئمة (ع) لنا بأن لا نأكل إلا حينما نشعر بالجوع.
ففي
الحديث عن رسول الله (ص): كل وأنت تشتهي، وأمسك وأنت
تشتهي (68).
فلا
نجعل كل الهم في التفتيش عن لقمة هنا وهناك لكي نضعها في هذا الوعاء الذي خلقه
الله تعالى لكي يكون واسطة للحفاظ على حياتنا واستمرارها، لكي نحقق الهدف الأسمى
من الخلقة.
إن
الشريعة الإسلامية أعطت الأهمية العظيمة للنظافة، ومن الأمور التي أمرتنا بالتأدب
بها الوضوء وغسل اليدين قبل الطعام وبعده، فعن الرسول الأكرم (ص) قال: الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر...(69).
وفي
رواية أخرى عنه (ص) قال: إذا توضأت بعد الطعام فامسح
عينيك بفضل ما في يديك فإنه أمان من الرمد (70).
ومن
اداب الوضوء الذي يسبق الطعام أن لا يستعمل الإنسان منديلا «منشفة» ليجفف به يديه
قبل الطعام فقد ورد في الرواية عن صفوان الجمال قال: كنا
عند أبي عبد الله (ع) فحضرت المائدة فأتى الخادم بالوضوء فناوله المنديل فعافه، ثم
قال: منه غسلنا (71).
وأما
في الوضوء الذي بعد الطعام فلا بأس بأن يجفف الإنسان يديه من بعده، ففي الرواية عن
نزار قال: رأيت أبا الحسن (ع) إذا توضأ قبل الطعام لم
يمسّ المنديل وإذا توضأ بعد الطعام مسَّ المنديل (72).
وهي
من الاداب المشهورة والمستحبات الأكيدة، وقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب (ع) أنه قال: اذكروا الله عز وجل عند
الطعام ولا تلغوا فيه: فإنه نعمة من نعم الله يجب عليكم فيها شكره وحمده، أحسنوا
صحبة النعم قبل فراقها، فإنها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها (73).
وفي
رواية أخرى عن الصادق (ع) قال: إن رسول الله (ص) قال: إذا
وضعت المائدة حفها أربعة أملاك، فإذا قال العبد: «بسم الله» قالت الملائكة
للشيطان: اخرج يا فاسق فلا سلطان لك عليهم. وإذا فرغوا فقالوا: «الحمد لله» قالت
الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فأدوا الشكر لربهم. وإذا لم يقل: «بسم الله» قالت
الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق فكل معهم. فإذا رفعت المائدة ولم يحمدوا الله قالت
الملائكة: قوم أنعم الله عليهم فنسوا ربهم (74).
وتستحب
التسمية على كل صنف من أصناف الطعام الموجود على المائدة، وإذا كان الشخص ممن ينسى
ذلك عليه أن يعمل بما أوصى به الإمام الصادق (ع) فقد روي عنه (ع): أن من نسي أن
يسمي على كل لون فليقل: «بسم الله على أوله واخره»
(75).
ومن
الاداب المهمة أن يطيل الإنسان مكوثه أثناء تناوله للطعام وأن لا يستعجل في
الانتهاء، لأن الوقت الذي يتناول الإنسان فيه قوته لا يسأله الله تعالى عنه،
فقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال: أطيلوا
الجلوس على الموائد، فإنها ساعة لا تحسب من أعماركم (76).
من
المستحبات الشرعية أن يتناول الإنسان الفتات المتساقط من الطعام، حيث ورد في
الرواية عن رسول الله (ص): من وجد كسرة أو تمرة
فأكلها لم تفارق جوفه حتى يغفر الله له (77).
ومن
الثواب الذي أعده الله تعالى على هذا العمل الذي يتصوره الإنسان عملا قليلا ما ورد
في الرواية عن الإمام الرضا (ع)، عن أبيه (ع)، عن ابائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): ما سقط من المائدة مهور الحور العين (78).
فمن
أحب أن يدفع مهر الحور العين قبل أن يدخل الجنة فما عليه إلا أن يستن بسنة الرسول
الأكرم (ص) وأهل بيته (ع) ويقوم بهذا العمل القليل ذو الأجر العظيم.
الخامس: الافتتاح بالملح والاختتام به
ومن
الاداب المشهورة والسنن المأثورة أيضاً أن يفتتح الإنسان الطعام بتناول حبات قليلة
من الملح وأن يختتم طعامه بالملح أيضا حيث ورد في الرواية أن الرسول الأكرم (ص)
قال للإمام علي (ع): يا علي افتح بالملح واختتم به، فإنه
شفاء من سبعين داء، منها الجنون والجذام والبرص ووجع الحلق ووجع الأضراس ووجع
البطن (79).
وقد
أثبت العلم الحديث هذه الفائدة الذي ذكرها الرسول الأكرم (ص) حيث تقول الدراسات
العلمية الحديثة أن تناول الملح قبل الطعام يفيد في الحفاظ على صحة الأسنان
وحمايتها من الأمراض التي تعرض عليها من الالتهاب والتسوس وغيرها...
قد
جرت العادات على أن يأكل كل إنسان من أمامه أي من الطعام الذي في جهته، وكذا يعتبر
العرف أن الأكل من أمام الاخرين من العادات السيئة، والشرع أدبنا على أن نكون كذلك
ففي الرواية عن الرسول الأكرم (ص): إذا وضعت المائدة
بين يدي الرجل فليأكل مما يليه. ولا يتناول مما بين يدي جليسه...(80).
من
الاداب العظيمة التي جاء بها الإسلام أن يتعلم الإنسان المواساة في أمور دنياه
فيواسي المسكين في طعامه إذا وقف ينظر إليه أثناء تناوله له، ففي الرواية عن رسول
الله (ص): من أكل وذو عينين ينظر إليه ولم يواسه ابتلي
بداء لا دواء له (81).
بل
أكثر من ذلك فإن أئمة أهل البيت (ع) علمونا أن نواسي حتى الحيوان إذا وقف أمامنا
أثناء الطعام ، ففي الرواية: رأيت الحسن بن علي (ع) يأكل وبين يديه كلب، كلما أكل
لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا بن رسول الله (ص)
ألا أَرْجُمُ هذا الكلب عن طعامك؟ قال: دعه، إني لأستحيي من الله تعالى أن يكون ذو
روح ينظر في وجهي وأنا اكل ثم لا أطعمه (82).
وهنا
تتجلى عظمة الدين الإسلامي الذي أعطى الاهتمام حتى بمشاعر الحيوان، وهو حيوان، فما
بالك بما أوصى به الإسلام من حسن الجوار والعطف على الفقراء وغيرها من الأحكام
التي تتضمن البعد الاجتماعي الراقي.
الثامن: عدم الأكل باليد اليسرى
ومن
الاداب التي حثت عليها الروايات أيضاً أن لا يأكل الإنسان أو يشرب بيده
اليسرى، بل يباشر الطعام بيده اليمنى، ففي الرواية عن الإمام الصادق (ع) أنه كره أن يأكل بشماله أو يشرب بها أو يتناول بها (83).
التاسع: عدم الأكل أثناء المشي
والأكل
أثناء المشي من الأمور التي لا يحبذها العرف، وخصوصا للإنسان المؤمن أو العالم، بل
إن هذا العمل مما يسقط هيبة الإنسان واعتباره من أعين الناس وقد ورد النهي عن ذلك
في الروايات، ففي الحديث عن أبي عبد الله (ع) أنه قال: لا
تأكل وأنت تمشي إلا أن تضطر إلى ذلك (84).
العاشر: عدم أكل الطعام حاراً
ففي
الرواية عن أمير المؤمنين علي(ع): أقروا الحار حتى يبرد، فإن رسول الله (ص) قرب
إليه طعام حار فقال: أقروه حتى يبرد، ما كان الله عز وجل ليطعمنا النار، والبركة
في البارد، وأكل الطعام حارا مما يسبب الأمراض المعوية كما يقول الأطباء.
ومن
الاداب الشرعية أيضاً أن لا ينفخ الإنسان على الطعام الحار حتى يبرد فقد ورد في
الحديث عن الإمام الصادق (ع) عن ابائه (ع) في حديث مناهي النبي (ص): ونهى أن
ينفخ في طعام أو شراب، ولعل في ذلك تدريباً للإنسان على خصلة الصبر وعدم الإسراع
في الانجرار وراء رغبات النفس وشهواتها.
الفصل الثالث: لياقات المناسبات
التعزية
هي تفعله من العزاء أي الصبر، يقال: عزيته أي صبرته والمراد بها طلب التسلي عن
المصائب والتصبر عن الحزن والانكسار بإسناد الأمر إلى الله ونسبته إلى عدله وحكمته
وذكر ما وعد الله على الصبر مع الدعاء للميت والمصاب لتسليته عن المصيبة وهي
مستحبة إجماعا ولا كراهة فيها بعد الدفن عندنا (85).
بل
إنها تكون بعد الدفن فعن الإمام الصادق (ع): التعزية
الواجبة بعد الدفن (86).
والتعزية
هي نوع من التضامن الاجتماعي بين المؤمنين وهي من الواجبات الاجتماعية لدى أغلب
المجتمعات البشرية، أما في الإسلام فلها أسلوب خاص أراده الله تعالى وعلمنا إياه
الرسول الأكرم (ص)، فما هو فضل التعزية وكيف نعزي الاخرين؟
ورد
عن رسول الله الأكرم (ص): من عزى مصابا كان له مثل أجره
من غير أن ينتقص من أجر المصاب شيئاً (87).
وفي
رواية أخرى عن الإمام الصادق (ع)، عن ابائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): من عزى حزينا كسي في الموقف حلة يحبر بها (88).
وكلنا
يعلم ما في الصبر على المصيبة من أجر كبير وعظيم عند الله عز وجل فبمجرد ذهاب
الإنسان المؤمن لتعزية بفقيد، فإن أجر الصبر على المصيبة الذي كتب لصاحب العزاء
فإنه يكتب للمعزي أيضاً من دون أينقص من أجر صاحب المصيبة.
هناك
طرق كثيرة يمكن للإنسان أن يعزي بها لكننا بما أننا أتباع الشريعة، فإننا سننظر
كيف كان الرسول الأكرم (ص)، وأهل البيت (ع) يعزون، لنستن بسنتهم، ونكون لهم من
المتبعين.
ففي
الرواية أنه لما قبض رسول الله (ص) أحدق به أصحابه فبكوا حوله، واجتمعوا، فدخل رجل
أشهب اللحية، جسيم صبيح، فتخطى رقابهم فبكى، ثم التفت إلى أصحاب رسول الله (ص)
فقال: إن في الله عزاء من كل مصيبة، وعوضاً من كل فائت، وخلفا من كل هالك، فإلى
الله فأنيبوا، وإليه فارغبوا، ونظره إليكم في البلاء فانظروا، فإن المصاب من لم
يؤجر.
فقال
بعضهم لبعض: تعرفون الرجل؟ فقال علي (ع): نعم، هذا أخو
رسول الله (ص) الخضر (ع) (89).
وقد
عزى الإمام الصادق (ع) قوماً فقال لهم: جبر الله وهنكم،
وأحسن عزاكم، ورحم متوفاكم (90).
الإمام
الرضا (ع) في تعزيته للحسن بن سهل : التهنئة باجل
الثواب أولى من التعزية على عاجل المصيبة (91).
وفي
الرواية أنه كتب الإمام الجواد (ع) إلى رجل: ذكرت
مصيبتك بعلي ابنك وذكرت انه كان أحب ولدك إليك وكذلك الله عز وجل إنما يأخذ من
الوالد وغيره أزكى ما عند أهله ليعظم به أجر المصاب بالمصيبة فأعظم الله أجرك
وأحسن عزاك وربط على قلبك إنه قدير وعجل الله عليك بالخلف وأرجو أن يكون الله قد
فعل إن شاء الله تعالى (92).
وفي
رواية أخرى: عزى الإمام الصادق (ع) رجلاً بابن له فقال (ع): الله خير لابنك
منك وثواب الله خير لك من ابنك، فلما بلغه جزعه بعد عاد إليه فقال (ع): له قد مات
رسول الله (ص) فما لك به أسوة فقال: إنه كان مرهقا فقال (ع): إن أمامه ثلاث خصال: شهادة أن لا إله إلا الله، ورحمة الله، وشفاعة رسول
الله (ص)، فلن تفوته واحدة منهن إن شاء الله (93).
من
المناسبات التي يتحقق من خلالها التواصل بين أفراد المجتمع الإسلامي الواحد، تهنئة
العائدين من الحج والعمرة، ولهذا العمل فضل كبير عند الله وأثر كبير على النفوس،
وقد ورد في الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال: كان علي
بن الحسين (ع) يقول: يا معشر، من لم يحج، استبشروا بالحاج وصافحوهم وعظموهم، فإن
ذلك يجب عليكم تشاركوهم في الأجر (94).
وفي
رواية أخرى عنه (ع): من عانق حاجا بغباره كان كأنما
استلم الحجر الأسود (95).
كما
أنه يستحب المبادرة لتهنئة الحجاج العائدين في وقت قريب من عودتهم لأن الحاج يعود
من مكة والمدينة مطهرا من الذنوب وصفحته بيضا كما ولدته أمه، وقد ورد في الرواية
كان علي بن الحسين زين العابدين (ع) يقول: بادروا
بالسلام على الحاج والمعتمر ومصافحتهم من قبل أن تخالطهم الذنوب (96).
وجرت
العادة أن يهنأ الحاج بعبارات تليق مع هذه المناسبة من قبل حجا مبروراً وسعياً
مشكوراً إلا أنه ورد في الروايات الشريفة بعض من الأقوال التي أوصى بها أهل البيت
(ع) ومنها ما ورد عن الإمام الصادق (ع) في حديث الأربعمائة ... وإذا هنأتموه فقولوا له: قبل الله نسكك، ورحم سعيك، وأخلف
عليك نفقتك، ولا جعله اخر عهده ببيته الحرام (97).
وفي
رواية أخرى أنه لقي «مسلم» مولى الإمام الصادق (ع) صدقة الأحدب وقد قدم من مكة
فقال له مسلم: الحمد لله الذي يسر سبيلك، وهدى دليلك،
وأقدمك بحال عافية، وقد قضى الحج وأعان على السعة، فقبل الله منك، وأخلف عليك
نفقتك، وجعلها حجة مبرورة، ولذنوبك طهورا، فبلغ ذلك أبا عبد الله (ع) فقال
له: كيف قلت لصدقة؟ فأعاد عليه؟ فقال (ع): من علمك هذا؟ فقال: جعلت فداك، مولاي
أبو الحسن (ع) ، فقال له: نعم ما تعلمت إذا لقيت أخا من إخوانك فقل له هكذا، فإن الهدى
بنا هدى، وإذا لقيت هؤلاء فقل لهم ما يقولون (98).
وفي
رواية أن رسول الله (ص) كان يقول للقادم من مكة: قبل
الله منك وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك (99).
هناك
بعض من اللياقات التي لم تندرج ضمن الفصول السابقة وهي لياقات ليس لها علاقة بالمناسبة،
بل هي من لياقات متفرقة أشارت لها الروايات الشريفة، وسنتعرض لها في هذا الفصل
الأخير من هذا الكتاب، ومن هذه اللياقات:
العطسة
حالة تصيب الإنسان، وقد جعلها الله صحة للبدن، وقد أثبت لها العلم الحديث فوائد
كثيرة، منها أنها تطرد بعض الجراثيم الموجودة في البدن وتنشط الجسم بكل خلاياه،
وعن رسول الله الأكرم (ص): العطاس للمريض دليل العافية
وراحة للبدن (100).
وقد
ورد في الحديث عن الإمام الباقر (ع): نعم الشيء العطسة
تنفع في الجسد وتذكر بالله عز وجل (101).
وفي
رواية عن الإمام الصادق (ع) قال: العطاس ينفع في البدن
كله ما لم يزد على الثلاث فإذا زاد على الثلاث فهو داء وسقم (102).
كما
أن العطسة التي تقطع كلام الإنسان، هي شاهد صدق وحق على كلامه ففي الرواية عن رسول
الله الأكرم (ص): تصديق الحديث عند العطاس (103).
وعنه
(ص): إذا كان الرجل يتحدث بحديث فعطس عاطس فهو شاهد حق
(104).
وقد
أدبتنا الشريعة باداب معينة فيما لو عطسنا، أو عطس أحدهم أمامنا، فما هي هذه
الاداب:
يستحب
لمن سمع العطسة من الاخرين أن يسمتهم ففي الرواية: كنا
عند أبي عبد الله «الصادق» (ع) فأحصيت في البيت أربعة عشر رجلا فعطس أبو عبد الله
(ع) فما تكلم أحد من القوم فقال: أبو عبد الله (ع): ألا تسمتون، ألا تسمتون،
من حق المؤمن على المؤمن إذا مرض أن يعوده وإذا مات أن يشهد جنازته وإذا عطس أن
يسمته، وإذا دعاه أن يجيبه (105).
وأما
كيفية التسميت، فتجيبنا عنه الرواية الأخرى: كان الإمام الباقر (ع) إذا عطس فقيل له:
يرحمك الله قال: يغفر الله لكم ويرحمكم، وإذا عطس عنده
إنسان قال: يرحمك الله عز وجل (106).
وفي
رواية أنه: عطس غلام لم يبلغ الحلم عند النبي (ص) فقال: الحمد
لله، فقال له النبي (ص): بارك الله فيك (107).
وينبغي
لفت النظر هنا إلى حسن التسميت حتى لمن لم يكن مسلما ففي الرواية عن الإمام الصادق
(ع) قال: عطس رجل نصراني عند أبي عبد الله (ع) فقال له القوم: هداك الله، فقال أبو
عبد الله (ع): فقولوا: يرحمك الله، فقالوا له: إنه نصراني؟! فقال(ع): لا يهديه الله حتى يرحمه(108).
من
الأدب للعاطس أن يذكر الله تعالى ويحمده، ففي الرواية عن الإمام الباقر (ع) قال:
إذا عطس الرجل فليقل: الحمد لله (رب العالمين) لا شريك له وإذا سمت الرجل فليقل:
يرحمك الله وإذا رد فليقل: يغفر الله لك ولنا: فإن رسول الله (ص) سئل عن اية أو
شيء فيه ذكر الله فقال: كلما ذكر الله فيه فهو حسن (109).
وفي
رواية أخرى عن الإمام الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): إذا عطس المرء المسلم ثم سكت لعلة تكون به قالت الملائكة عنه: الحمد لله رب
العالمين، فإن قال: الحمد لله رب العالمين قالت الملائكة يغفر الله لك (110).
لقد
دعانا الإسلام لاحترام ذوي الشيبة من المؤمنين وكبار السن عامة، بل عد من يجهل
حقهم منافقا ففي الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال: ثلاثة لا يجهل حقهم إلا منافق
معروف بالنفاق: ذو الشيبة في الإسلام، وحامل القران،
والإمام العادل (111).
ولهذه
الدعوة فائدتان أساسيتان
الأولى: أن
في احترام كبار السن إشعارا لهم بمكانتهم وأنهم مهما كبروا فن مكانتهم بين أفراد
المجتمع محفوظة لأنهم أصحاب التجارب الطويلة والخبرة العميقة بتفاصيل الحياة.
والثانية:
أن احترام الكبار فضلا عن كونه من الأخلاق النبيلة، فإنه مما وعد عليه الله تعالى
الثواب الكبير وهذا ما تدل عليه الروايات الكثيرة منها:
ما
روي عن رسول الله الأكرم (ص): من وقر ذا شيبة في
الإسلام امنه الله عز وجل من فزع يوم القيامة (112).
وقد
عدت بعض الروايات إجلال كبار السن إجلالاً لله تعالى ففي الحديث عن الإمام الصادق
(ع): إن من إجلال الله عز وجل إجلال الشيخ الكبير (113).
وكما
حثت الروايات الشريفة على احترام الكبار فإنها نهت عن الاستخفاف فيهم ففي الرواية:
قال لي أبو عبد الله (ع): من إجلال الله عز وجل إجلال
المؤمن ذي الشيبة ومن أكرم مؤمنا فبكرامة الله بدأ ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل
الله إليه من يستخف به قبل موته (114).
هذا
بعض ما أشارت له الشريعة الإسلامية الغراء التي أرسل الله تعالى بها نبيه الأكرم
(ص) بها، وكذا دعانا أهل البيت (ع) على الاستنان بهذه السنن، فإنها تصبُّ أولاً
وأخيراً في صلاحنا وسعادتنا سواء في الدنيا أم الاخرة وفقنا الله تعالى لمراضيه
وجنبنا معاصيه إنه سميع مجيب واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(1) سورة
النساء، الاية: 86.
(2) سورة
يونس، الاية: 10.
(3) سورة
إبراهيم، الاية: 23.
(4) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص181.
(5) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1348.
(6) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1348.
(7) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(8) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(9) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص181.
(10) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(11) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(12) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(13) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1348.
(14) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1348.
(15) سورة
النور، من الاية: 61.
(16) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(17) سورة
النساء، الاية: 86.
(18) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1349.
(19) ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1350.
(20) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1350.
(21) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1351.
(22) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص181.
(23) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص181.
(24) سورة
ق، الاية: 18.
(25) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص181.
(26) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص183.
(27) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص182.
(28) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص183.
(29) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص184.
(31) ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص262.
(32) ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص262.
(33) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص262.
(34) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص262.
(35) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1192.
(36) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1193.
(37) مستدرك
الوسائل، الميرزا، النوري، ج61، ص239.
(38) مشكاة
الأنوار، علي الطبرسي، ص363.
(39) مشكاة
الأنوار، علي الطبرسي، ص363.
(40) مشكاة
الأنوار، علي الطبرسي، ص363.
(41) مشكاة الأنوار، علي الطبرسي، ص364.
(42) مشكاة
الأنوار، علي الطبرسي، ص365.
(43) ميزان
الحكمة، الحديث 11101.
(44) ميزان
الحكمة، الحديث 11098.
(45) ميزان
الحكمة، الحديث 11102.
(46) ميزان
الحكمة، الحديث 11103.
(47) ميزان
الحكمة، الحديث 11100.
(48) ميزان
الحكمة، الحديث 11105.
(49) ميزان
الحكمة، الحديث 11106.
(50) بحار
الأنوار، ج72، ص447.
(51) المحاسن،
ج2، ص180.
(52) تنبيه
الخواطر، ج2، ص116.
(53) المصدر
السابق.
(54) الكافي،
ج6، ص283.
(55) كنز
العمال، الحديث 25876.
(56) عيون
أخبار الرضا (ع) ، ج2، ص42.
(57) نهج
البلاغة، أمير المؤمنين (ع) ، ج4، ص110.
(58) المحاسن،
ج2، ص179.
(59) بحار
الأنوار، ج75، ص451.
(60) المحاسن،
ج2، ص439.
(61) المصدر
السابق.
(62) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1721.
(63) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج2، ص1721.
(64) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص88.
(65) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص88.
(66) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص89.
(67) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص88.
(68) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص89.
(69) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص91.
(70) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص140.
(71) مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص140.
(72) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص140.
(73) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص140.
(74) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص140.
(75) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص142.
(76) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص143.
(77) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص141.
(78) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص141.
(79) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص141.
(80) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص142.
(81) مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص149.
(82) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص92.
(83) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج1، ص92.
(84) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص142.
(85) مكارم
الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص145.
(86) الكافي،
الشيخ الكليني، ج3، ص203.
(87) الكافي،
الشيخ الكليني، ج3، ص204.
(88) الكافي،
الشيخ الكليني، ج3، ص205.
(89) الكافي،
الشيخ الكليني، ج3، ص205.
(90) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج3، ص1972.
(91) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج3، ص1972.
(92) ميزان
الحكمة، محمدي الريشهري، ج3، ص1972.
(93) الكافي،
الشيخ الكليني، ج3، ص205.
(94) الكافي، الشيخ الكليني، ج3، ص204.
(95) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص445.
(96) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص446.
(97) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص445.
(98) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص447.
(99) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص447.
(100) وسائل
الشيعة (ال البيت) الحر العاملي، ج11، ص446.
(101) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص656.
(102) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص654.
(103) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص656.
(104) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص657.
(105) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص657.
(106) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص654.
(107) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص655.
(108) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص655.
(109) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص656.
(110) الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص655.
(111) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص656.
(112) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص658.
(113) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص658.
(114) الكافي،
الشيخ الكليني، ج2، ص658.