المقدمة

 والمعارف الإسلامية المختلفة فريداً من نوعه...

 أسباب تخلّف المسلمين‏

 نلاحظ أن مجتمعنا الإسلامي يفتقد مظاهر الحياة ويتجه نحو الموت، ومن هنا كان لزاما علينا أن نشير إلى أسباب هذا التخلف في إطار المفاهيم الممسوخة والمشوهة، لأن كثيرا من المفاهيم الإسلامية الأصيلة أصبحت باهتة ميتة لا حراك فيها بسبب ما لحقها من التشويه، ومن هنا كان علينا كخطوة أولى على طريق الإحياء أن نعالج بعض المفاهيم ونقوم بتصحيحها في الأذهان.

 يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾¹.

 التي ركزت على ضرورة النظرة التفاؤلية لمسيرة العالم، وأنه لا يمكن تصور نظام أحسن من النظام الموجود.

 فالزبد الذي يمثل الباطل يذهب جفاء أمام الحق، وهذا هو قانون الخليقة، بينما تسري بيننا أحاديث مشككة في جدوى الكفاح من أجل إحقاق العدل والحق، دون أن ندخل في تجربة كفاحية عملية واحدة. 

 والملاحظ على هذه الفكرة أنها تعفي أفراد المجتمع ككل من التجديد، وتلقي بالمسؤولية على عاتق رجل واحد من بين أفراد معينين على رأس كل قرن، بينما نجد القرآن الكريم عندما يتحدث عن فكرة التغيير يلقي بالمسؤولية على عاتق الجميع.

 وراحت تفرق بين الإيمان والعمل مؤكدة على أهمية ما يضمره المرء في قلبه من إيمان مستهينة بكل ما يصدر منه من أعمال.

 2-وعنه عليه السلام: "المؤمن بعمله" ¹.

 - القربى والانتساب لأهل البيت عليهم السلام لا يكفي‏

 ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ * فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *  وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾¹.

 ﴿وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾¹

 ﴿...وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ ...﴾¹.

 ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ...﴾¹.

 الزاهد"، وهذه العبارة وأمثالها توحي أن الإنسان مخير أمام نوعين من اللذات دنيوية وأخروية، ولا يمكن له الجمع بينهما.

 المحرمات فيظن مرتكبها أنها لذة وما هي بلذة واقعية، والفائز هم المتقون الذين استفادوا من لذات الدنيا ووصلوا إلى نعيم الآخرة، وفي هذا الصدد يقول أمير المؤمنين عليه السلام:

 وقد ذكر لنا القرآن الكريم صوراً رائعة، وكذلك كتب التاريخ عن الرعيل الأول من المسلمين، تؤكد التفاني والإيثار الذي زرعه الإسلام في نفوسهم.. فسورة "هل أتى" تحدثنا عن إيثار أمير المؤمنين وأهل بيته الكرام‏ عليهم السلام بما يملكونه من طعام..

 الإسلام بالزهد تأبى على المتمكنين من أن يتركوا المحرومين دون أن يمدوا لهم يد العون، فتزول عندها ظاهرة الفقر والفاقة، ولا يبقى هناك تفاوت فاحش في مستوى المعيشة.

 أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون لهم أسوة في جشوبة العيش"¹.

 "... اغربي عني¹ فوالله لا أذلّ لك فتستذليني، ولا أسلس² لك فتقوديني، وأيم الله يمينا أستثني فيها بمشيئة الله لأروّضنّ نفسي رياضة تهش³ معها إلى القرص إذا قدرت عليه مطعوما، وتقنع بالملح مأدوما، ولأدعنّ مقلتي كعين ماء نضب⁴ معينها، مستفرغة دموعها، أتمتلى‏ء السائمة من ريعها فتبرك، وتشبع الربيضة⁵ من عشبها فتربض، ويأكل علي من زاده فيهجع؟!! قرّت⁶ إذن عينه إذا اقتدى بعد السنين المتطاولة بالبهيمة الهاملة⁷ والسائمة المرعية"⁸.

 4-تذوق اللذات المعنوية: لأن الانغماس في تلبية حاجات الجسد المادية، يحول دون تذوق اللذائذ المعنوية، فلا يمكن لمن يعيش بين المعلف والمضجع أن يعيش لذة الدعاء مثلا، أو لذة الاتصال بالله أو التضحية والإيثار أو طلب العلم والتفكير والعطاء و لكنه حينما يمارس الزهد والترفع عن الانغماس باللذائذ المادية والانشداد البهيمي إلى الأرض ومتاعها، ينفتح أمامه عالم جديد من اللذائذ المعنوية التي لا تقل عن اللذائذ المادية، إن لم تكن أعمق منها، والعابد الزاهد يرى حقائق الكون بمنظار يختلف عن ذلك المنغمس في حسّه المادي، فهو يتجاوز إطار الرؤية ليشمل التفكير والاستنتاج والتقييم والربط, يقول تعالى: ﴿إنّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك﴾¹.

 الخلاصة