المقدّمة
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وسلام على عباده الذين اصطفى, محمّد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم, فعليكم بالقرآن, فإنَّه شافع مشفع، وماحل مصدّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدلّ على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيلٌ وبيانٌ وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكم، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له تخوم، وعلى تخومه تخوم، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة، فليُجِلْ جال بصره، وليبلغ الصفة نظره, ينجُ من عطب، ويتخلّصُ من نشب, فإنّ التفكّر حياة قلب البصير, كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور، فعليكم بحسن التخلّص وقلّة التربّص"[1].
من الضرورة بمكان أن تركّز الأُمّة الإسلاميّة اليوم على هذا التعريف الذي قدّمه نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم للقرآن، ولا سيّما أنّ البيئة المعايشة للمسلمين لم تلوَّث إلى هذا الحدّ الذي تلوّثت به اليوم, من سحب سوداء متراكمة، وقطع الليل المظلم. فصحيح
[1] الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب: الكافي، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، ط4، طهران، دار الكتب الإسلامية, مطبعة حيدري، 1365هـ.ش، ج2، كتاب فضل القرآن، باب في تمثّل القرآن وشفاعته لأهله، ح2، ص599.
11
1
المقدّمة
أنّنا نجد القرآن ومنذ الخطوات الأولى التي تلت تحوّل الخلافة الإسلامية إلى السلطنة الطاغوتية, قد تحوّل في الواقع إلى زائدة كمالية، وخرج بشكل رسمي، وإن لم يكن ذلك بشكل اسمي عن المجال الحياتي للمسلمين, إلاّ أنّ ما حدث في جاهلية القرن العشرين من خلال عمل الأجهزة السياسية والإعلامية المعقّدة، يُعدُّ أخطر من ذلك بمراتب، وأكثر بعثاً على القلق بلا ريب.
ولكي يُعزَل الإسلام عن الحياة، فإنّ أكبر وسيلة وأكثرها أثراً, هي: إخراج القرآن عن المجال الذهني والقلبي والعملي للأُمة الإسلاميّة. وهذا بالتأكيد ما عمل عليه المتسلّطون الأجانب، والعملاء الداخليّون لهم, سالكين هذه السبيل عبر الاستعانة بشتّى الأنماط والوسائل.
إنّ القرآن هو الكتاب المقدّس، والنور، والهدى، والفرقان بين الحقّ والباطل، والحياة، والميزان والشفاء، والذِكْر، الذي لا تتمّ له هذه الخصال بشكلٍ عملي, إلاّ إذا تمّ قبل كلّ شيء استيعابه, فهماً، وتطبيقه, عملاً.
لقد كان القرآن في عصر الحكم الإسلامي في الصدر الأوّل، هو القول الفصل والكلمة الأخيرة، وحتى كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , فإنّه يجب أن يُعرَض عليه. وكان حَمَلَة القرآن، يتمتّعون بمكانة مرموقة في المجتمع، بعد أن كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد أعطى الأمّة التعليم القائل: "أشراف أُمّتي: حَمَلَة القرآن، وأصحاب الليل"[1], فكان استيعاب القرآن, علماً وعملاً، يشكّل قيمة واقعية. وللعثور على حلٍّ لكلّ مشكلة حياتية يجب الرجوع إلى القرآن، ولقد كان القرآن ملاك قبول أيّ حديث، أو أسلوب، أو مدّعى، ومعياره. وكان عليهم أن يعرفوا الحقّ والباطل من وجهة نظر القرآن, ليشخّصوا نماذجهما ومصاديقهما في ميدان الحياة.
ومنذ فقدت القوى الحاكمة على المجتمعات المسلمة القيم الإسلامية، واغتربت
[1] ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين(الصدوق): معاني الأخبار، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، لاط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المقدّسة، 1379هـ.ق/ 1338هـ.ش، باب معنى أشراف الأمّة، ح1، ص178.
12
2
المقدّمة
عنها، ورَأَت في القرآن, وهو الناطق بالحقّ وفرقان الحقّ والباطل عَقَبَة في سبيلها، بدأ السعي الحثيث لإبعاد كلام الله عن ميدان الحياة، ووُجِدَ عقيب ذلك الفصل بين الدين والحياة الاجتماعية، والتفريق بين الدنيا والاخرة، والتقابل بين المتديّنين الواقعيين وأهل الدنيا المقتدرين، وأُبعِدَ الإسلام عن مركز إدارة مجالات الحياة الاجتماعية للمجتمعات المسلمة، ليقتصر على المساجد والمعابد والبيوت وزوايا القلوب، وهكذا وُجِدَ الفصل بين الدين والحياة, بكلّ ما عاد به من خسارة وعلى المدى الطويل.
3
المقدّمة
أنّنا لا نستطيع أن نغضّ النظر عن نتائج ذلك السعي الواسع الأبعاد الذي تمّ مِن قِبَلِهم في هذا الصدد.
4
المقدّمة
إنّ العودة إلى القرآن، هي عودة إلى الحياة التي تليق بالإنسان، وهي المهمّة المُلقَاة على عاتق المؤمنين بالقرآن، وفي طليعتهم العارفون به، والعلماء، والمبلّغون الدينيُّون. وإنّ العودة إلى القرآن، شعار لو يُطرَح بشكل حقيقي وجدّي, لاستطاع أن يقدِّم الفارق بين الحقّ والباطل. ومن هنا، يجب أن لا تتحمّل الشعوب الإسلامية وجود تلك القوى التي لا تريد أن تقبل مسألة العودة إلى القرآن.
إخواني المسلمين! أخواتي المسلمات! إنّنا بعد أن ابتُلينا كذلك بالبعد عن القرآن، وأُصِبنا بآثار التآمر ضدّ القرآن من قِبَل الأعداء العالميين، قد ذقنا طعم العودة إلى القرآن. وإنّ انتصار الثورة الإسلاميّة العظيمة في إيران، وإقامة نظام الجمهورية الإسلاميّة, ليعدّان من الآثار المباركة الكبرى لهذه العودة.
إنّ هذا الشعب ليشاهد اليوم في أُفق حياته، وفي علاقاته الاجتماعية، وفي شكل حكومته ومحتواها، وفي مناقبيّة قادته، وفي سياسته الخارجية، وفي نظام التعليم والتربية لديه، يشاهد في كلّ ذلك لمعات من التعليم القرآني... إنّ الذي هبَّ علينا لحدّ الآن, إنّما هو نسيم في جنّة القرآن... إلاّ أنّ الطريق أمام السعي والحركة ما زال مفتوحاً للوصول إلى بحبوحة هذه الجنَّة الواقعية[1].
ومن هذا المنطلق سعى مركز نون للتأليف والترجمة إلى استنفار الجهود والطاقات لإصدار سلسلة دراسات تُعنى بدراسة القرآن الكريم وعلومه، واستكشاف معارفه ومقاصده، وإيصالها إلى أذهان طلاب العلوم الدينية والمثقّفين بأسلوب تعليمي هادف, فكان هذا الكتاب "دروس في علوم القرآن الكريم" أحد الجهود المبذولة على هذا الطريق.
[1] من كلام للإمام الخامنئي دام ظله، من كتاب الفكر الأصيل، القسم الأوّل"ضرورة العودة إلى القرآن".
15
5
المقدّمة
ويتوخّى هذا الكتاب تحقيق الأهداف التالية:
1- تعزيز الارتباط الروحي والوجداني والفكري بالقرآن الكريم.
2- معرفة علوم القرآن الكريم ودورها في فهم القرآن.
3- توظيف هذه المعرفة في الكشف عن معارف القرآن الكريم ومقاصده.
4- تسهيل عملية تناول مباحث علوم القرآن الكريم, بأسلوب تعليمي هادف.
ولتحقيق هذه الأهداف، جرى اعتماد تقسيم كلّ درس إلى سبعة أقسام، هي:
- أولاً: موضوعات الدرس: وهي تتضمّن ما سيتناوله الدرس بالبحث والدراسة.
- ثانياً: أهداف الدرس: وهي مستقاة من الأهداف العامّة للكتاب ومرتبطة بها ارتباطاً توظيفياً، وتتوخّى تحقيق كفايات الدرس.
- ثالثاً: محتوى الدرس: ويجري فيه دراسة العناوين المطروحة في أوّل الدرس، مع مراعاة تحقيق الأهداف المطلوبة منه.
- رابعاً: الأفكار الرئيسة: وتتضمّن خلاصة الأفكار المطروحة في الدرس.
- خامساً: فكّر وأَجِبْ: وتحوي نمطين من الأسئلة الاختبارية (أَجِبْ بصحّ أو خطأ/ أَجِبْ باختصار).
- سادساً: مطالعة: وتتضمّن فقرة أو عدّة فقرات متمِّمة للبحث المطروح في الدرس, تكميلاً للاستفادة.
- سابعاً: مصادر الدرس ومراجعه: وتتضمّن المصادر والمراجع المستخدمة في الدرس.
وقد حرص الكتاب - قدر الإمكان - على مراعاة مجموعة من السياسات العلمية والمنهجية والفنّيّة، هي:
- الاستفادة من فكر علماء الإماميّة، من المتقدّمين والمتأخّرين وتسييله داخل الدروس.
6
المقدّمة
- الحرص على دراسة أبرز الأقوال وأشهرها في مباحث علوم القرآن.
7
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
8
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
محتوى الدرس:
9
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
الثالث: اسم غير مهموز مشتقّ من القرائن، جمع قرينة, لأنّ آيات القرآن يصدّق بعضها بعضها الآخر, فهي بمثابة قرائن في فهمها وتفسيرها.
10
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
بعض، وقراءته عليك، فلا يفوتنا شيء منه حتى يحتاج إلى أن تسبقنا إلى قراءة ما لم نُوحِه بعد. وقيل: المعنى إنّ علينا أن نجمعه في صدرك, بحيث لا يذهب عليك شيء من معانيه، وأن نثبّت قراءته في لسانك, بحيث تقرأه متى شئت. وهذا لا يخلو من بعد. وقوله: ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾, أي: فإذا أتممنا قراءته عليك وحياً, فاتّبع قراءتنا له، واقرأ بعد تمامها[1].
11
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
في هذا الصدد، حيث حصر بعضهم أسماء القرآن في اسم "القرآن" فقط، وعدّ الأسماء الأخرى المتداولة مجرّد صفات للقرآن وليست أسماء له[1]، وذهب آخرون إلى أنّ للقرآن 55اسماً[2]، وآخرون إلى أنّ له 95 اسماً[3]...
12
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
الدفّتين)، كما في قوله تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾[1]. وقد تقدّم معنى القرآن لغة واصطلاحاً.
13
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
تعالى المُوحَى إليهم، كما في قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّة﴾ٍ[1]، وقوله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾[2]، وقوله تعالى - على لسان نبيّه عيسى عليه السلام -: ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ...﴾[3]. وتارة استعمل
14
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
ولعلّ اشتهار تداولها يعود إلى شدّة انشغال المسلمين واهتمامهم بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بكتابة القرآن وتدوينه وجمعه بين دفّتين. و"الصَّحِيفَةُ: المبسوط من الشيء, كصحيفة الوجه، والصَّحِيفَةُ: التي يكتب فيها، وجمعها: صَحَائِفُ وصُحُفٌ. قال تعالى: ﴿صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾[1]، ﴿يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾[2]، قيل: أريد بها القرآن، وجعله صحفاً فيها كتب من أجل تضمّنه لزيادة ما في كتب الله المتقدّمة. والْمُصْحَفُ: ما جعل جامعا لِلصُّحُفِ المكتوبة، وجمعه: مَصَاحِفُ"[3].
وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسماء الثلاثة: الكتاب، الذكر، الفرقان، هي أسماء مشتركة بين القرآن والكتب السماوية الأخرى. وأمّا اسم "القرآن" فهو الاسم الوحيد الذي اختصّ به كتاب رسالة الإسلام عن كتب باقي الرسالات السماوية. ويُعدّ من أشهر أسماء القرآن: القرآن، ثمّ الفرقان، ثمّ يأتي بعدهما في الشهرة ترتيباً: الكتاب، والذكر، والتنزيل[4].
3- حقيقة القرآن:
إنّ حقيقة القرآن أسمى من أن تدركها العقول، وأوسع من أن تحيطها قوالب الألفاظ, لأنّ الألفاظ موضوعة بإزاء معانٍ مجعولة ومُدرَكَة من قِبَل البشر، في حين أنّ حقيقة القرآن حقيقة إلهية تنطوي على أعمق المعارف المعنوية. وقد قضى الله تعالى أن يُلبِسَ هذه الحقيقة لباس الألفاظ, ليتسنّى للناس فهم القرآن.
وذكر العلامة الطباطبائي قدس سره في صدد تفسيره لقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾[5] أنّ:الضمير (مرجعه) للكتاب، و ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾, أي مقرؤاً باللغة العربية، و ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾,
[1] سورة الأعلى، الآية: 19.
[2] سورة البينة، الآيتان: 2-3.
[3] الراغب، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة"صحف"، ص476.
[4]انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص17.
[5] سورة الزخرف، الآيتان:3-4.
27
15
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
غاية الجعل وغرضه. وجَعْل رجاء تعقّله غايةً للجعل المذكور يشهد بأنّ له مرحلة من الكينونة والوجود لا ينالها عقول الناس، ومن شأن العقل أن ينال كلّ أمر فكري وإن بلغ من اللطافة والدقّة ما بلغ. فمفاد الآية: أنّ الكتاب بحسب موطنه الذي له في نفسه أمر وراء الفكر، أجنبي عن العقول البشرية، وإنّما جعله الله قرآناً عربياً وألبسه هذا اللباس, رجاء أن يستأنس به عقول الناس فيعقلوه... وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ تأكيد وتبيين لما تدلّ عليه الآية السابقة من أنّ الكتاب في موطنه الأصلي وراء تعقّل العقول. والضمير للكتاب، والمراد بأمّ الكتاب: اللوح المحفوظ, كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾[1]، وتسميته بأمّ الكتاب لكونه أصل الكتب السماوية, يُستَنسَخ منه غيره، والتقييد بأمّ الكتاب و﴿لَدَيْنَا﴾ للتوضيح لا للاحتراز، والمعنى: أنّه حال كونه في أمّ الكتاب لدينا - حالاً لازمةً - لعلّي حكيم... والمراد بكونه عليّاً على ما يُعطِه مفاد الآية السابقة أنّه رفيع القدر والمنزلة من أن تناله العقول، وبكونه حكيماً أنّه هناك محكم غير مفصّل ولا مجزّأ إلى سور وآيات وجمل وكلمات, كما هو كذلك بعد جعله قرآناً عربياً, كما يستفاد - أيضاً - من قوله تعالى: ﴿...كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾[2]. وهذان النعتان -أعني كونه عليّاً حكيماً - هما الموجبان لكونه وراء العقول البشرية, فإنّ العقل في فكرته لا ينال إلا ما كان من قبيل المفاهيم والألفاظ أولاً، وكان مؤلّفاً من مقدّمات تصديقية يترتّب بعضها على بعضها الآخر, كما في الآيات والجمل القرآنية، وأمّا إذا كان الأمر وراء المفاهيم والألفاظ، وكان غير متجزّء إلى أجزاء وفصول, فلا طريق للعقل إلى نيله. فمحصل معنى الآيتين: أنّ الكتاب عندنا في اللوح المحفوظ ذو مقام رفيع وإحكام لا تناله العقول لذينك الوصفين، وإنّما أنزلناه بجعله مقروأً عربياً رجاء أن يعقله الناس[3].
16
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
4- أوصاف القرآن:
17
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
الأفكار الرئيسة
18
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
فكّر وأجب
1- أَجِبْ بـ (صحّ) أو (خطأ):
- معنى القرآن هو الكتاب المقروء والمتلوّ.
- من أسماء القرآن: الحكيم.
- من أوصاف القرآن: الذِكْر.
2- أَجِبْ باختصار:
- اذكر أبرز الأقوال في تحديد الأصل الاشتقاقي لمفردة (قرآن), مبيّناً القول الصحيح.
- عدّد أسماء القرآن وتحدّث عن واحد منها؟
- هل للقرآن حقيقة كامنة وراء الألفاظ؟
31
19
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
مطالعة
20
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
وأمّا عظمة المرسَل إليه ومتحمّله, فهو القلب التقي النقي الأحمدي الأحدي الجمعي المحمّدي الذي تجلّى له الحقّ تعالى بجميع الشؤون الذاتية والصفاتية والأسمائية والأفعالية, وهو صاحب النبوة الختمية، والولاية المطلقة, وهو أكرم البرية، وأعظم الخليقة وخلاصة الكون، وجوهرة الوجود، وعصارة دار التحقّق، واللبنة الأخيرة، وصاحب البرزخية الكبرى، والخلافة العظمى.
وأمّا حافظه وحارسه فهو ذات الحقّ جلّ جلاله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾[1].
وأمّا شارحه ومبيّنه, فالذوات المطهّرة المعصومون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجّة العصر عجل الله تعالى فرجه الشريف, والذين هم مفاتيح الوجود، ومخازن الكبرياء، ومعادن الحكمة والوحي، وأصول المعارف والعوارف، وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.
وأمّا وقت الوحي, فليلة القدر, أعظم الليالي، وخير من ألف شهر، وأنور الأزمنة، وهي في الحقيقة وقت وصول الوليّ المطلق والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
[1] سورة الحجر، الآية: 9.
33
21
الدرس الأول: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (1)
مصادر الدرس ومراجعه
22
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
23
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
1- لغة القرآن:
24
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
الإلهية في الإنذار والتبشير. وهذا لا يتنافى مع رسالة الإسلام العالمية، ودعوته العامّة على مدى العصور والأجيال، ولا مع ما جاء به القرآن من هداية عامّة لكافّة الناس، بقوله تعالى: ﴿هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾[1]. وأمّا إنذار الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لأهل مكة، الذي ورد في سورة الشورى، فلم يكن إلا لأنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان في المراحل الأولى من حركته العالمية، مكلّفاً بدعوة قومه وهداية أبناء بيئته. ومن غير المعقول أن يُؤمَر صلى الله عليه وآله وسلم بإرشاد الناس وهدايتهم، ثمّ يعرض عليهم كتاباً بلغة غريبة عنهم.
25
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
بمعناه، وكان اللفظ الحالي له هو لفظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم, كما في الأحاديث القدسية - مثلاً - أو تُرجِم إلى لغة أخرى, لخفي بعض أسرار آياته البيّنات عن عقول الناس ولم تنله عقولهم وأفهامهم[1].
26
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
حتى تفيد معنى مفيداً. ولعلّ هذه إحدى النكات الدقيقة في اختيار اللغة العربية لتكون لغة القرآن الكريم.
27
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
ما صنّف: كتاباً في المحكم والمتشابه[1].
ومن الصحابة: الذين لمع اسمهم في التفسير والقراءات: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأُبَي بن كعب، حيث كان لديهم مكانة رفيعة بين المسلمين في تعليم القرآن.
ومن الجهود المبذولة التي قام بها المسلمون بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, في مجال تدوين بعض علوم القرآن, كعلم إعراب القرآن وعلم القراءات: تدوين علم إعراب القرآن تحت إشراف الإمام علي عليه السلام, إذ أمر بذلك أبا الأسود الدؤلي (ت: 69هـ) وتلميذه يحيى بن يعمر العدواني (ت: 89هـ) رائدَي هذا العلم والواضعَين لأُسسه، فإنّ أبا الأسود هو أوّل من وضع نقط المصحف[2]. وكان يحيى بن يعمر أوّل من دوّن في القراءة، حيث صنّف كتابه فيها أواخر القرن الأوّل الهجري[3].
ومن هذا المنطلق، فإنّ الخوف على سلامة القرآن من الضياع أو التحريف، والتفكير في وضع الضمانات اللازمة لصيانته، بدأ في ذهن الواعين من المسلمين، عقيب رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأدّى إلى القيام بمختلف النشاطات في هذا الصدد. وكان من نتيجة ذلك بدء ظهور علوم القرآن.
3- تعريف علوم القرآن:
هي عبارة عن مجموع القضايا والمباحث التي تتعلّق بالقرآن الكريم بلحاظ نزوله، وترتيبه، وجمعه، وكتابته، وقراءته، وتفسيره، وإعجازه، وناسخه، ومنسوخه، ودفع الشبهة عنه، ونحو ذلك[4].
[1] انظر: الطهراني، آغا بزرك: الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ط2، بيروت، دار الأضواء، لات، ج20، ص155.
[2] انظر: الذهبي، محمد بن أحمد: سير أعلام النبلاء، إشراف وتخريج شعيب الأرنؤوط، تحقيق مأمون الصاغرجي، ط9، بيروت، مؤسّسة الرسالة، 1413هـ.ق/ 1993م، ج4، ص81-84.
[3] انظر: معرفة، محمد هادي: التمهيد في علوم القرآن، ط3، قم المقدّسة، مؤسّسة التمهيد, مطبعة ستاره، 1432هـ.ق/ 2011م، ج1، ص16.
[4] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص27.
41
28
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
وتختلف هذه العلوم في لحاظ تناولها للكتاب الكريم، فالقرآن له لحاظات متعدّدة، وهو بكلّ واحدة من تلك اللحاظات موضوع لبحث خاصّ تشكّل مسائله علماً خاصّاً من علوم القرآن الكريم. وأهمّ تلك اللحاظات: لحاظ القرآن بوصفه كلاماً دالاً على معنى. والقرآن بهذا الوصف هو موضوع لعلم التفسير. فعلم التفسير يشتمل على دراسة القرآن, باعتباره كلاماً ذا معنى، فيشرح معانيه، ويكشف عن مدلولاته ومقاصده. ولأجل ذلك كان علم التفسير من أهمّ علوم القرآن، وعلى رأسها، حتى بات منفصلاً عنها في دراسة الباحثين فيه, لأهمّيّته، فضلاً عن أنّ معطيات علوم القرآن الأخرى تدخل فيه, بوصفها مدخلات مساعدة في العملية التفسيرية التي يحتاجها المفسّر في الكشف عن معاني القرآن وفهم مدلولاته ومقاصده.
ومن هذا المنطلق، فإنَّ مراد الباحثين من "علوم القرآن" هو جميع المعلومات ذات السنخ الواحد، التي تدخل في فهم القرآن على نحو أفضل، أو لها صلة بالقرآن. وبما أنّ القرآن ذو جوانب متعدّدة، فقد أدّى السعي إلى فهم كلّ واحد منها، منذ البداية وإلى حدّ الآن، إلى نشوء علوم مختلفة، مثل: علم أسباب النزول، وعلم القراءات، وعلم التجويد، وعلم الناسخ والمنسوخ. وعلى صعيد آخر، بما أنّ كلّ هذه العلوم تهتمّ بموضوع واحد، وهو "القرآن"، فقد أطلق الباحثون على مجموع هذه العلوم اسم "علوم القرآن"[1].
4- موضوع علوم القرآن:
إذا ما نظرنا إلى علوم القرآن بالمعنى الإضافي, بصفتها علوماً لها لحاظات متعدّدة، فإنّ موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن الكريم بلحاظ تفسيره، أو رسمه، أو طريقة أدائه، أو إعجازه، وهكذا...
وإذا ما نظرنا إلى هذه العلوم بكلّ أصولها ومباحثها ومسائلها, بلحاظ كونها
[1] انظر: الحكيم، علوم القرآن، م.س، ص19-20.
29
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
مجتمعة في كتاب واحد وتحت عنوان واحد "علوم القرآن", بحيث صار هذا العنوان علماً ولقباً لهذه المباحث المدوّنة في موضع واحد، بعد أن كانت مبعثرة في عشرات الكتب، وصار علماً واحداً بعد أن كان جملة من العلوم, فإنّ موضوع علوم القرآن حينها يكون: القرآن الكريم بلحاظ تفسيره، ورسمه، وطريقة أدائه، وإعجازه، وهكذا...، بخلاف علوم القرآن بالمعنى الإضافي، فإنّ موضوع كلّ علم منها إنّما هو القرآن الكريم من هذه الناحية فحسب[1].
30
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
وإصلاحاً للنفوس والأكوان، وعنوان التقدّم والرقي، وباعثة للنهضات, ففي القمة - من كلّ ذلك - علوم القرآن. فالقرآن أحسن الحديث، وأصدقه، وعلومه أشرف العلوم وأوجبها على كلّ مسلم أيّاً كان تخصّصه، وأيّاً كانت حرفته[1].
6- تدوين علوم القرآن:
بدأ عهد تدوين تفسير القرآن منذ القرن الثاني الهجري. ومن بعد ذلك كثُرت المصنّفات التي تناولت القرآن الكريم, تفسيراً وبحثاً في موضوعات متعدّدة، من قبيل: المحكم والمتشابه، والقراءات، والناسخ والمنسوخ... فظهرت في القرن الأوّل الهجري مدوّنات من قبيل: كتاب "القراءة" ليحيى بن يعمر(ت: 89هـ) وهو أحد تلاميذ أبي الأسود الدؤلي...
وفي القرن الثاني دوّن أبان بن تغلب (ت: 141هـ) أحد أصحاب الإمام السجّاد عليه السلام كتاباً في القراءات، وكذلك ألّف حمزة بن حبيب (ت: 156هـ), وهو أحد القرّاء السبعة ومن أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه السلام, كتاباً في القراءة... وفي القرن الثالث ألّف أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري شيخ القميين ووجههم (ت: 250 هـ) كتاباً في الناسخ والمنسوخ... وفي القرن الرابع ألّف ابن دريد (ت: 321هـ), وهو نحوي ولغوي معروف، ومن كبار أدباء الشيعة، كتاباً في غريب القرآن... وفي القرن الخامس صنّف الشيخ المفيد (ت: 413هـ) كتاباً في إعجاز القرآن، وألّف الشريف المرتضى (ت: 436 هـ) كتاباً في المحكم والمتشابه... وفي القرن السادس ألّف الراغب الأصفهاني (ت: 502هـ) كتاباً في غريب القرآن، وصنّف الشيخ الطبرسي (ت: 548هـ) تفسيره القيّم "مجمع البيان"...[2].
وتجدر الإشارة إلى أنّ مصطلح علوم القرآن بصيغته المعروفة حالياً، يختلف عمّا كان مصطلحاً عليه في القرون الأولى.
فقد كان مصطلح علوم القرآن يُطلق في الماضي على البحوث التفسيرية أيضاً. والحقيقة هي: أنّ علم التفسير كان
[1] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان، م.س، ج1، ص28.
[2] انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص16-25.
44
31
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
يدخل في عداد علوم القرآن - كما تقدّم ذكره -، مثله في ذلك مثل: علم إعجاز القرآن، وعلم تاريخ القرآن، وعلم الناسخ والمنسوخ، وما شابه ذلك، بيد أنّ كثرة المباحث وتنوّعها أدّت إلى نشوء نوع من الحدود بين مباحث العلوم القرآنية وعلم التفسير.
32
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
القرآن" للزركشي. وفي أعقاب كتاب الإتقان انحسر ازدهار التأليف والتدوين في علوم القرآن إلى حين، وجاءت أكثر المؤلّفات في مواضيع معيّنة، وقلّ بعدها التوجّه نحو علوم القرآن.
33
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
34
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
فكّر وأجب
1- أَجِبْ بـ (صحّ) أو (خطأ):
- كانت علوم القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تُؤخَذ وتُنقَل عادّة بالتلقين والمشافهة.
- بدأت حركة تدوين علوم القرآن في القرن الثاني الهجري.
- يُعدّ كتاب (البرهان في علوم القرآن) للزركشي أوّل كتاب دوّن بنحو جامع في علوم القرآن.
2- أَجِبْ باختصار:
- لماذا نزل القرآن باللغة العربية؟
- عرّف علوم القرآن، وبيّن موضوعها؟
- ما هي فائدة دراسة علوم القرآن؟
48
35
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
مطالعة
36
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
حتى يكون منظوره جهات النحو والصرف، وليس المسعودي وابن خلكان, حتى يبحث حول تاريخ العالم.
هذا الكتاب ليس كعصي موسى عليه السلام ويده البيضاء، أو نفس عيسى عليه السلام الذي يحيي الموتى, فيكون للإعجاز فقط، وللدّلالة على صدق النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, بل هذه الصحيفة الإلهية كتاب إحياء القلوب بالحياة الأبدية العلمية والمعارف الإلهية. هذا كتاب الله يدعو إلى الشؤون الإلهية، فالمفسّر، لا بدّ وأن يعلم الشؤون الإلهية، ويُرجِع الناس إلى تفسيره, لتعلّم الشؤون الإلهية, حتى تتحصّل الاستفادة منه: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾[1]. فأيّ خسران أعظم من أن نقرأ الكتاب الإلهي منذ ثلاثين أو أربعين سنة، ونراجع التفاسير، ونحرم مقاصده: ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[2].
[1] سورة الإسراء، الآية: 82.
[2] سورة الأعراف، الآية: 23.
50
37
الدرس الثاني: مباحث تمهيدية في علوم القرآن (2)
مصادر الدرس ومراجعه
38
الدرس الثالث: الوحي (1)
الدرس الثالث: الوحي (1)
موضوعات الدرس:
1- معنى الوحي.
2- الوحي في القرآن.
3- أنحاء الوحي النبوي.
4- أقسام الوحي النبوي.
5- الوحي المحمّدي.
أهداف الدرس:
1- تعزيز الارتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.
2- معرفة معنى الوحي وأقسامه وأوصافه.
3- معرفة حقيقة الوحي المحمّدي.
39
الدرس الثالث: الوحي (1)
1- معنى الوحي:
40
الدرس الثالث: الوحي (1)
التحديدين السابقين أنّهما ناظران إلى أكثر أنحاء الوحي وروداً في القرآن الكريم, وهو طريق وحي القرآن الكريم نفسه, عبر إرسال مَلَك, وهو جبرائيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾[1].
41
الدرس الثالث: الوحي (1)
- تركيز غريزيّ فطريّ في الإنسان والحيوان(وحي الإلهام): وهو تكوين طبيعيّ مجعول في الإنسان والحيوان، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ...﴾[1] ، ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا...﴾[2].
42
الدرس الثالث: الوحي (1)
فِعْلَ الْخَيْرَاتِ...﴾[1] ، والوحي الوارد في هذه الآية هو من وحي الخبر (بحسب تعبير الرواية المتقدّمة), وهو هداية ربّانيّة
43
الدرس الثالث: الوحي (1)
ب- النحو الثاني: تكليم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وراء حجاب، ومنه قوله تعالى: ﴿...وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى﴾[1]، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾[2].
44
الدرس الثالث: الوحي (1)
- ما رواه زرارة عن الإمام الصادق عليه السلام, من أنّه سأله عليه السلام عن الغشية التي تصيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا نزل عليه الوحي؟ فقال عليه السلام: "ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد. ذلك إذا تجلى الله له"[1].
45
الدرس الثالث: الوحي (1)
جبرائيل: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ...﴾[1].
46
الدرس الثالث: الوحي (1)
شَاء اللَّهُ...﴾[1] ، فقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك عام الحديبيَّة[2]، وصَدَقَت عام الفتح[3].
47
الدرس الثالث: الوحي (1)
- نزوله متمثّلاً بصورة آدمي: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "وأحياناً يتمثّل لي المَلك رجلاً، فيكلّمني فأعي ما يقول"[1]. وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ جبرائيل كان إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل حتّى يستأذنه، وإذا دخل عليه قعدَ بين يديه قعدة العبد"[2].
48
الدرس الثالث: الوحي (1)
الأفكار الرئيسة
49
الدرس الثالث: الوحي (1)
مطالعة
50
الدرس الثالث: الوحي (1)
وإن كانت أحاديثه صلى الله عليه وآله وسلم - أيضاً- من الجوامع والضوابط بذلك المعنى، كما أنّ ذلك معلوم في علم الفقه، بل جامعيّته عبارة عن أنّ القرآن نزل لجميع طبقات الإنسان في جميع أدوار العمر البشري، وهو رافع لجميع حوائج هذا النوع. وحقيقة هذا النوع حيث إنّها حقيقة جامعة وواحدة لتمام المنازل، من المنزل الأسفل الملكي إلى أعلى مراتب الروحانية والملكوت والجبروت، ولهذه الجهة يختلف أفراد هذا النوع في هذا العالم الأسفل الملكي اختلافاً تامّاً،
51
الدرس الثالث: الوحي (1)
مصادر الدرس ومراجعه
52
الدرس الرابع: الوحي (2)
الدرس الرابع: الوحي (2)
53
الدرس الرابع: الوحي (2)
1- ضرورة الوحي:
54
الدرس الرابع: الوحي (2)
الإنساني. ولأنّ العقل البشري وحده قاصر عن إدراك هذه الحقائق والمعارف والكشف عنها, كان من الضروري أن يجعل الله تعالى طريقاً آخراً ينسجم مع العقل والفطرة ويكمّلهما: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ...﴾[1].
2- إمكانية الوحي ووقوعه:
يمتلك الإنسان وراء شخصيَّته المادّيّة الظاهرة شخصيَّة أخرى معنوية باطنة، من شأنها أن تتيح له الارتباط بعالم معنوي أعلى مجرّد عن المادّة ولوازمها، فالإنسان في عالم الدنيا موجود مركّب من روح وجسد، يرتبط بالعالم المادّي بجسده ويحمل خصائصه وقابليّاته: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا﴾، ويرتبط بالعالم المجرّد بروحه ويحمل خصائصه وقابليّاته -أيضاً -: ﴿ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[2]. وهذا الخلْق الآخر هو وجود الإنسان الروحي الذي أفاضه الله تعالى، فمنه مبدؤه: ﴿...وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا﴾[3]، وإليه منتهاه: ﴿يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾[4].
وعن الإمام الصادق عليه السلام في قوله عزّ وجلّ: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ﴾[5]، قال: "إنّ الله عزّ وجلّ خلق خلقاً وخلق روحاً، ثم أمر ملكاً فنفخ فيه"[6].
ومن هذا المنطلق، لا مانع للإنسان مِن أن يتَّصل في جانبه المعنوي والروحي
[1] سورة البقرة، الآية: 213.
[2] سورة المؤمنون، الآيات: 12-14.
[3] سورة مريم، الآية: 9.
[4] سورة الفجر، الآيتان: 27-28.
[5] سورة الحجر، الآية: 29.
[6] الشيخ الصدوق، التوحيد، م.س، باب معنى قوله عزّ وجلّ: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي...﴾، ح6، ص172.
72
55
الدرس الرابع: الوحي (2)
بالعالم المجرّد، طالما أنّ روحه تحمل خصائص هذا العالم وقابليّاته, فيكون هذا الاتّصال خفيّاً لا يحمل خصائص المادّة، ولا يخضع لقوانينها الطبيعية, وهو ما يشكّل ظاهرة الوحي.
56
الدرس الرابع: الوحي (2)
المجاز والكناية لا أكثر، فهو ممّا يُدرَك ولا يُوصَف. فالوحي ظاهرة روحية يدركها مَن يصلُح لها، ولا يستطيع غيره أن يصِفها وصفاً بالكُنه، ما عدا التعبير عنها بالآثار والعوارض هذا فحسب. وكذلك التعبير بنزول الوحي أو المَلَك هو تعبير مجازي، وليس سوى إشراقة وإفاضة قدسية ملَكوتية يجدها النبيّ عليه السلام حاضرة نفسه، مُلقاة عليه من خارج روحه[1].
4- عدم استمرارية الوحي النبوي:
الوحي النبوي مختصّ بالأنبياء عليهم السلام, وقد انقطع الوحي بعد رحيل خاتم النبيين محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, حيث اكتملت الرسالة الخاتمة: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ...﴾[2] ، وأُمِرَ الناس أن يتّبعوا رسالة الإسلام وترك باقي الرسالات السابقة: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[3]، وأن يسيروا على هديها مستضيئين بهدي الإمامة الحاملة لحقائق هذه الرسالة، والمبيّنة لها، والضامنة لتطبيقها الصحيح: ﴿...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا...﴾[4].
وعن الإمام علي عليه السلام: "بأبي أنت وأمّي، لقد انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت غيرك, من النبوّة، والأنباء، وأخبار السماء"[5]. وتجدر الإشارة إلى أنّ انقطاع الوحي النبوي برحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يستلزم انقطاع الاتّصال مع الله سبحانه وتعالى, حيث إنّ جبرائيل عليه السلام كان ينزل على فاطمة عليها السلام بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحدّثها. روي عن الإمام الصاق عليه السلام: "إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله
[1] انظر: السيد الطباطبائي، القرآن في الإسلام، م.س، ص112-113, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص90-91.
[2] سورة الأحزاب، الآية: 40.
[3] سورة آل عمران، الآية: 85.
[4] سورة المائدة، الآية: 3.
[5] العلوي، (الشريف الرضي): نهج البلاغة (الجامع لخطب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ورسائله وحكمه)، شرح محمد عبده، ط1، قم المقدّسة، دار الذخائر, مطبعة النهضة، 1412هـ.ق/ 1370هـ.ش، ج2، الخطبة235، ص228.
74
57
الدرس الرابع: الوحي (2)
صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها، فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيّب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريّتها، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام"[1].
58
الدرس الرابع: الوحي (2)
5- كتّاب الوحي:
59
الدرس الرابع: الوحي (2)
6- شبهات حول الوحي:
60
الدرس الرابع: الوحي (2)
الزَيغ والباطل، إلاّ ويفضحهم من فورهم. روي عن الإمام الصادق عليه السلام, أنّه سُئل عليه السلام: كيف عَلمت الرسُل أنَّها رسُل؟ قال: "كُشِفَ عنهم الغطاء"[1].
61
الدرس الرابع: الوحي (2)
ج- الشبهة الثالثة: هل يجوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخطأ في ما يُوحى إليه؟[1]
62
الدرس الرابع: الوحي (2)
وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾[1]، و﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾[2].
63
الدرس الرابع: الوحي (2)
الأفكار الرئيسة
64
الدرس الرابع: الوحي (2)
فكّر وأجب
65
الدرس الرابع: الوحي (2)
مطالعة
66
الدرس الرابع: الوحي (2)
بعدوَّين له في دينه، عدلَين عند أعدائه, ليعلم الكفّار والمشركون أنّ كلامه في ثاني الأمر كلّه في الأوّل غير مغيّر، ولا مزال عن جهته, فيكون أبلغ للحجّة عليهم، ولو استعان في ذلك بوليِّيَن، مثل: سلمان، وأبي ذر، وأشباههما, لكان الأمر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع، وكانت تتخيّل فيه التواطؤ والتطابق. فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح بيّن.
67
الدرس الرابع: الوحي (2)
مصادر الدرس ومراجعه
68
الدرس الرابع: الوحي (2)
15- العياشي، تفسير العياشي، ج2، تفسير سورة يوسف، ح106، ص201.
16- الصفّار، بصائر الدرجات، م. س، ج 5، باب 7، ح 1، ص 251, ج 8، باب 1، ح 1 – 2، ص 388.
86
69
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
70
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
1- معنى النزول:
71
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
صلى الله عليه وآله وسلم بمكة بعد البعثة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنّه قَالَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الَقَدْرِ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَكَانَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَكَانَ اللهُ يُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِ صلى الله عليه وآله وسلم بَعْضُهُ فِي إِثْرِ بَعْضٍ"[1].
72
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
في مجموع مدّة الدعوة, وهي ثلاث وعشرون سنة تقريباً، والمتواتر من التاريخ يدلّ على ذلك، ولذلك ربما استشكل عليه بالتنافي (مع آيات أخرى يستفاد من مجموعها نزول القرآن في ليلة القدر). والذي يعطيه التدبّر في آيات الكتاب...: أنّ الآيات الناطقة بنزول القرآن في شهر رمضان أو في ليلة منه إنّما عبّرت عن ذلك بلفظ الإنزال الدالّ على الدفعة دون التنزيل, كقوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ...﴾[1] ، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَة﴾[2]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾[3]... وبالجملة، فإنّ المتدبّر في الآيات القرآنية لا يجد مناصاً عن الاعتراف بدلالتها على كون هذا القرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تدريجاً متكئاً على حقيقة متعالية عن أن تدركها أبصار عقول العامّة أو تتناولها أيدي الأفكار المتلوّثة بألواث الهوسات وقذارات المادّة، وأنّ تلك الحقيقة أنزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنزالاً، فعلّمه الله بذلك حقيقة ما عناه بكتابه[4].
73
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
من باب أولى. قال تعالى: ﴿فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾[1].
74
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
الرُّوحِ﴾[1]، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾[2]، وسورة الكوثر.
75
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
ب- معرفة الآيات المكية، والآيات المدنية.
76
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
تشترك في خصوصيّاتها مع مورد نزول الآية. وهذه الخصوصية هي التي تسمّى في الروايات بـ "الجَرْي" و"الانطباق"[1].
سأل الفُضَيل بن يسار الإمام أبا جعفر الباقر عليه السلام عن الحديث المعروف: ما من آية إلاّ ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إلاّ وله حدّ يطلع (ومطلع)، ما يعني بقوله: لها ظهر وبطن؟ قال عليه السلام: "ظهر وبطن هو تأويلها, منه ما قد مضى، ومنه ما لم يجئ، يجري كما تجري الشمس والقمر، كلّما جاء فيه تأويل شيء منه, يكون على الأموات, كما يكون على الأحياء، كما قال الله تعالى: ﴿...يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ...﴾، ونحن نعلمه"[2].
وعنه عليه السلام - أيضا ً-: "ولو أنّ الآية نزلت في قوم، ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية ولَمَا بقي من القرآن شيء، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخِره ما دامت السماوات والأرض، ولكلّ قومٍ آية يتلونها، هُم منها من خير أو شرّ"[3].
وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المفسّرين ومَن كتبوا في أسباب النزول، قالوا بتعدّد أسباب النزول مع وحدة النزول أحياناً، وبوحدة السبب مع تتعدّد الآيات النازلة فيه أحياناً أخرى[4].
8- مدى اعتبار أحاديث أسباب النزول؟
أ- المشكلة: إنّ روايات أسباب النزول بلغت حدّاً ناهزت فيه عدّة آلاف رواية، معظمها ضعيف السند أو مُرسَل، وفيه مشاكل لناحية أنّ بعض الرواة لم يعرِفوا ارتباط نزول الآيات بموارد الحوادث والوقائع, مشافهة وتحمّلاً وحِفظاً، بل يحكون القصّة، ثمّ يربطون بها الآيات المناسبة لها من ناحية المعنى. وفي
[1] انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص41-42, السيد السيد الطباطبائي، القرآن في الإسلام، م.س، ص59-60.
[2] الصفّار، بصائر الدرجات، م. س، ج4، باب10، ح2، ص223.
[3] العياشي، تفسير العياشي، م.س، ج1، باب في ما أُنزِلَ القرآن، ح7، ص10.
[4] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص97-103.
95
77
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
النتيجة، يكون سبب النزول في الحديث المذكور سبباً نظرياً واجتهادياً، لا سبباً مستفاداً عن طريق المشاهدة والضبط. هذا فضلاً عن وجود تناقض واضح في بعض الروايات التي تنقل حوادث وأسباباً يناقض بعضها البعض الآخر، ولا طريق للجمع بينها، أو أنّ بعض الروايات تروي عن شخص واحد عدّة أسباب للنزول نازلة في آية واحدة.
78
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
الأفكار الرئيسة
79
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
فكّر وأجب
80
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
مطالعة
من روايات أسباب النزول[1]
ما رواه محمد بن إسحاق بإسناده عن سعيد بن جبير، وعكرمة، عن ابن عباس: أنّ النضر بن الحرث بن كلدة، وعقبة بن أبي معيط، أنفذهما قريش إلى أحبار اليهود بالمدينة، وقالوا لهما: سلاهم عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وصفا لهم صفته، وخبراهم بقوله، فإنّهم أهل الكتاب الأوّل، وعندهم من علم الأنبياء عليهم السلام ما ليس عندنا. فخرجا حتى قدما المدينة، فسألا أحبار اليهود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وقالا لهم ما قالت قريش، فقال لهما أحبار اليهود: إسألوه عن ثلاث، فإن أخبركم بهنّ, فهو نبيّ مرسَل، وإن لم يفعل, فهو رجل متقوِّل، فرأوا فيه رأيكم: سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأوّل, ما كان أمرهم؟ فإنّه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طوّاف, قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها, ما كان نبؤه.
وسلوه عن الروح ما هو. - وفي رواية أخرى، فإن أخبركم عن الثنتين، ولم يخبركم بالروح, فهو نبي. فانصرفا إلى مكة، فقالا: يا معاشر قريش! قد جئناكم بفصل ما بينكم، وبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقصّا عليهم القصّة. فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فسألوه، فقال: أخبركم بما سألتم عنه غداً، ولم يستثنِ، فانصرفوا عنه، فمكث صلى الله عليه وآله وسلم, خمس عشرة ليلة، لا يحدث الله إليه في ذلك وحياً، ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام,
حتى أرجف أهل مكّة، وتكلّموا في ذلك، فشقّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ما يتكلّم به أهل مكّة عليه،
ثمّ جاءه جبرائيل عليه السلام, عن الله سبحانه، بسورة الكهف، وفيها ما سألوه عنه, عن أمر الفتية، والرجل الطوّاف،
وأنزل عليه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾[2].
[1] انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج6، ص313-314.
[2] سورة الإسراء، الآية: 85.
99
81
الدرس الخامس: نزول القرآن (1)
مصادر الدرس ومراجعه
82
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
83
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
1- أوّل ما نزل من القرآن:
84
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وشمالي... فنظرت فوقي، فإذا هو (أي جبرائيل عليه السلام) قاعد على عرش بين السماء والأرض، فجئت منه، فأتيت منزل خديجة، فقلت: دثّروني، فأنزل الله: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ﴾"[1]. وعن جابر بن عبدالله الأنصاري - أيضاً - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحدّث عن فترة الوحي، قال: "فبينما أنا أمشي إذ سمعت هاتفاً من السماء، فرفعت رأسي فإذا المَلَك الذي جاءني بِحراء جالساً على كرسيٍّ بين السماء والأرض، فجُئثت منه فرِقاً ـ أي فزعتُ ـ فرجعت، فقلت: زمِّلوني زمِّلوني، فدثَّروني، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ﴾ وهي الأوثان. قال صلى الله عليه وآله وسلم: ثمَّ تتابع الوحي"[2].
85
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
الصحيح في المسألة: يمكن الجمع بين الروايات الواردة في الأقوال الثلاثة، والخلوص إلى التالي:
86
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾[1]، نزل بها جبرائيل عليه السلام, وقال: ضعْها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة[2]. وروي أنّها نزلت بمِنى يوم النحْر في حجَّة الوداع[3].
87
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
3- الآية في القرآن:
88
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
ب- نَظْمُ كلمات القرآن وآياته: يُعدّ الوحي الإلهي العامل الأوحد في نظْم كلمات القرآن الكريم وتركيبها وصياغتها ضمن جمل وآيات، ومن القرائن والأدلّة على ذلك[1]:
89
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
أُخرى، فيُعرَف أنَّ السورة قد انتهت وابتدأت سورة أُخرى[1]. وإلى ذلك تشير الروايات المأثورة، منها: ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "وإنّما كان يُعرَف انقضاء سورة بنزول بسم الله الرحمن الرحيم ابتداءً لأخرى"[2].
90
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
جبرائيل أن توضع بين آيتَي الرِبا والدَين من سورة البقرة[1]. وروي أنّها آخِر آية نزل بها جبرائيل عليه السلام, وقال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ضعْها في رأس المائتين والثمانين من سورة البقرة[2]. وروي عن ابن عبّاس: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السوَر ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض مَن كان يكتب فيقول: "ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا"[3].
91
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
ومجاز، ولفظ ورسم، واعتبار كلّ منها جائز، وكلّ من العلماء اعتبر أحد ما هو جائز[1].
92
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
الأفكار الرئيسة
1- أول ما نزل من القرآن: الآيات الأولى من سورة العلَق.
2- آخر ما نزل من القرآن: آية الإكمال.
3- الآية في اللغة: العلامة الظاهرة. وفي الاصطلاح القرآني: مقطع من السورة, سواء أكان كلمة أم أكثر.
4- الوحي الإلهي هو العامل الأوحد في نظْم كلمات القرآن وتركيبها وصياغتها ضمن جمل وآيات.
5- المعيار في ترتيب الآيات ضمن كلِّ سورة هو وفْق ترتيب نزولها. وهناك معيار استثنائي في نظْم عدد معيّن من الآيات على خلاف ترتيب نزولها, وذلك بنصٍّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبتعيين منه صلى الله عليه وآله وسلم.
6- يوجد اختلاف في تحديد عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه, ترجع إلى عوامل عدّة، منها: عدم وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم – أحياناً - أثناء القراءة على رؤوس الآيات، فيحسب السامع أنّها ليست فاصلة، ومنها: أنّ للكلمة حقيقة ومجاز ولفظ ورسم...
112
93
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
فكّر وأجب
1- أَجِبْ بـ "صحّ" أو "خطأ":
- أوّل ما نزل من القرآن: الآيات الأولى من سورة المدّثّر.
- آخر ما نزل من القرآن: آية الإكمال.
- نظْم كلمات القرآن الكريم ضمن جمل وآيات هو نظم توقيفي يرجع إلى الوحي الإلهي.
2- أَجِبْ باختصار:
- تكلّم عن معنى الآية في القرآن وأنحاء استخدامها فيه؟
- اذكر الأقوال في تحديد آخر ما نزل من القرآن, مبيّناً كيفية الجمع بينها؟
- هل نظم الآيات ضمن السور توقيفي أم باجتهاد من الصحابة؟
94
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
مطالعة
95
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
و- آية الإفك: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ...﴾[1].
96
الدرس السادس: نزول القرآن (2)
مصادر الدرس ومراجعه
97
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
موضوعات الدرس:
1- السورة في القرآن.
2- المكّي والمدني.
3- ترتيب نزول السور المكية.
4- ترتيب نزول السور المدنية.
أهداف الدرس:
1- تعزيز الارتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.
2- معرفة معنى السورة في القرآن.
3- معرفة معنى المكّي والمدني وخصائصهما.
117
98
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
1- السورة في القرآن:
99
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
- انسجام الوزن في اللفظ, كآخر "تبت" وأوّل الإخلاص.
100
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
- السهولة في تعلم القرآن وحفظه وقرائته.
101
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
أوّل سورة فيه، على اثني عشر رأياً، أهمّها اثنان: الأوّل: أنّها "سورة الحجرات"[1]، والثاني: أنّها "سورة ق", وهو الأصحّ عند أهل الأثر[2].
102
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
- نماذج من أسماء السور[1]:
103
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
تاريخية, كحادثة غدير خم...
104
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
السور والآيات المكية والمدنية، هي:
105
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
- كثرة استخدام الأدلّة والبراهين على الحقائق الدينية.
106
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
ترتيب نزول السور المدنية (26 سورة):
108
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
الأفكار الرئيسة
109
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
فكّر وأجب
1- أَجِبْ بـ "صحّ" أو "خطأ":
- ترتيب السور داخل المصحف توقيفياً.
- تسمية السور أمر اجتهادي وليس توقيفياً.
- يُعتمد في تحديد المكي والمدني من الآيات على التدبّر في سياقها وما تحوي من مضامين.
2- أَجِبْ باختصار:
- اذكر فوائد التقسيم إلى مكي ومدني؟
- تكلّم عن أبرز الضوابط المطروحة في معرفة المكي والمدني، مبيّناً أشهرها وأوفقها؟
- اذكر خصائص السور والآيات المكية، وكذلك المدنية؟
110
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
مطالعة
111
الدرس السابع: نزول القرآن (3)
مصادر الدرس ومراجعه
1- القرآن الكريم.
2- ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ج3، ص115.
3- الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص434.
4- الزركشي، البرهان في علوم القرآن, ج1، ص187-191، 193-194، 244-248، 260، 263-264، 269-272.
5- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص159-163، 166-168، 285-287.
6- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج11، ص285, ج12، ص126-127, ج13، ص235.
7- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج10، ص212.
8- ابن حنبل، مسند أحمد، ج4، ص107.
9- الطباطبائي، القرآن في الإسلام، ص168-169.
10- الصالح، مباحث في علوم القرآن، ص233.
11- الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، ص146.
12- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص162-163، 167-170.
112
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
113
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
مقدمة:
وقع الاختلاف بين الباحثين في علوم القرآن في مسألة ترتيب السوَر وجمعها بين دفّتين، ويمكن حصر أقوالهم في هذه المسألة ضمن اتّجاهين رئيسين، هما: الأوّل: أنّ القرآن لم يجمع بين دفّتين إلا بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والثاني: أنّ القرآن كان مجموعاً بين دفّتين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وقد استدلّ أصحاب كلّ رأي بأدلّة
وقرائن عدّة:
1- أدلّة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
يذهب أصحاب هذا الاتّجاه إلى أنَّ المصحف الذي بين أيدينا بنظمه وترتيب سوره مطابق للمصحف المجموع في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم[1]، ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي[2]:
أ- الدليل الأوّل: إنَّ القرآن كان يُدَرَّس ويُحفظ جميعه من قِبَل مجموعة من الصحابة
[1] انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص259-260, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص171-172, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص92.
[2] ذكر السيد الخوئي قدس سره هذه الأدلّة في كتابه "البيان في تفسير القرآن"، وعلّق عليها الشيخ محمد هادي معرفة قدس سره في كتابه "التمهيد في علوم القرآن". انظر: السيد السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص240-258, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج1، ص287-292.
135
114
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأنّهم كانوا يعرضونه ويتلونه عليه صلى الله عليه وآله وسلم, ومن هؤلاء الصحابة: عبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وغيرهما. وكلّ ذلك يدلّ بأدّنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث[1].
115
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
القرآن على عهده ستَّة: أُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد. وفي حديث أنَس أنَّهم أربعة: أُبَي، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، وأمثال ذلك[1].
116
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
يَعتبرون النصَّ القرآني متواتراً عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، في حين أنَّ بعض هذه الروايات تشير إلى اكتفاء الجامِعين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة رجُلين أو رجُل واحد!
117
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
غير أنَّ جمعها بين دفَّتين لم يكن حاصلاً بعد, نظراً لترقّب نزول قرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولهذا، لم يُقدِم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جمع القرآن ضمن دفّتين[1]، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه"[2]. ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي:
118
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
السنن": كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنّه كان مفرّقاً في الرقاع والأكتاف والعسب. وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فأمر أبو بكر بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعاً، فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء[1].
119
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
والأئمّة من بعده عليهم السلام"[1].
120
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
الأفكار الرئيسة
121
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
فكّر وأجب
122
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
مطالعة
123
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
يرجى للقرآن نزول تتمّة, رأى المسلمون أن يسجّلوه في مصحف جامع، فجمعوا مادّته على حين إشراف الألوف من حفّاظه، ورقابة مكتوباته الموجودة عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكتّاب الوحي وسائر المسلمين, جملة، وأبعاضا
124
الدرس الثامن: جمع القرآن (1)
مصادر الدرس ومراجعه
1- القرآن الكريم.
2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص237-239، 241-243، 259-260.
3- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص160، 170-17
4- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص92، 240-258.
5- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص287-292.
6- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج1، ص43.
7- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص103.
8- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص202-204.
9- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص120.
10- القمي، تفسير القمي، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
11- الدينوري، غريب الحديث، ج2، حديث الزهري...، ح1، ص304.
12- الكليني، الكافي، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة عليهم السلام...، ح1، ص228.
13- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج1، ص12.
146
125
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
126
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
1- جمعُ الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام:
127
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
وروى محمَّد بن سيرين عن عكرمة، قال: لمّا كان بدْء خلافة أبي بكر، قعَد عليّ بن أبي طالب في بيته يجمع القرآن، قال: قلت لعكرمة: هل كان تأليف غيره كما أُنزل الأوَّل فالأوَّل؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يؤلِّفوه هذا التأليف ما استطاعوا. قال ابن سيرين: تطلَّبت ذلك الكتاب وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه[1].
128
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
فبلَغ ذلك عليّاً عليه السلام فقال: "ويلٌ لهم، إنّي لأعرِفُ ناسِخه من منسوخه، ومحكَمه من متشابهه، وفصْله من فِصاله، وحروفه من معانيه، والله ما من حرفٍ نزل على محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ أنّي أعرف في مَنْ أُنزل، وفي أيِّ يوم وفي أيِّ موضع، ويلٌ لهم أما يقرأون: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾[1]؟ والله عندي، ورثتهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وقد أنهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من إبراهيم وموسى عليهما السلام. ويلٌ لهم، والله أنا الذي أنزلَ الله فيَّ: ﴿وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾[2]، فإنَّما كنّا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فيُخبرنا بالوحي، فأعيَه أنا ومَن يعيَه، فإذا خرجنا قالوا: ماذا قال آنفاً؟"[3].
129
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
فلم يخرج من بيته حتّى جمَعَه، وكان في الصحُف، والشظاظ[1]، والأسيار[2]، والرقاع وبعثَ القوم إليه ليبايع، فاعتذر باشتغاله بجمْع القرآن، فسكتوا عنه أيّاماً حتّى جمعه في ثوب واحد وختَمه، ثمَّ خرج إلى الناس - وروى بعضهم أنّه أتى به يحمله على جمل[3] - وهم مجتمعون حول في المسجد، وخاطبهم قائلاً: "إنّي لم أزل منذ قُبِضَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مشغولاً بغُسله وتجهيزه، ثمَّ بالقرآن حتّى جمَعته كلَّه في هذا الثوب الواحد، ولم يُنزِل الله على نبيِّه آية من القرآن إلاّ وقد جمعتها، وليس منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلَّمني تأويلها, لئلاّ تقولوا غداً: ﴿إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾!" فقام إليه رجُل من كِبار القوم، فقال: يا عليّ، اردُده فلا حاجة لنا فيه، ما أغنانا بما معَنا من القرآن عمّا تدعونا إليه، فدخل عليّ عليه السلام بيته[4].
130
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
2- جمْعُ زيد بن ثابت:
131
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
بن العاص, لأنّه رجل فصيح[1].
132
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
الأفكار الرئيسة
133
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
فكّر وأجب
134
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
مطالعة
مصحف الإمام علي عليه السلام مع الإمام القائم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف[1]
روى سليم بن قيس أنّه يوم اختلف الناس في المصاحف في عهد عثمان، سأل طلحة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام, لو يُخرج للناس مصحفَه الذي جمعَه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأتى به إلى القوم فرفضوه، فقال طلحة: وما يمنعك يرحمك الله أن تُخرج كتاب الله إلى الناس؟! فكفَّ عليه السلام عن الجواب أوّلاً، فكرَّر طلحة السؤال فقال: لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عمّا سألتك من أمْر القرآن أن لا تظهره للناس؟ قال عليه السلام: يا طلحة، عمداً كففتُ عن جوابك. قال طلحة: فأخبِرني عمّا كتَبه القوم أقرآن كلّه أمْ فيه ما ليس بقرآن؟ قال عليه السلام: بل هو قرآن كلّه، إن أخذتم بما فيه نجَوتم من النار ودخلتم الجنَّة، فإنّ فيه حجّتنا، وبيان أمرنا وحقّنا وفرض طاعتنا، قال طلحة: حَسبي، أمّا إذا كان قرآناً فحَسبي، ثم قال طلحة: فأخبرني عما في يديك من القرآن وتأويله وعلم الحلال والحرام، إلى من تدفعه ومن صاحبه بعدك؟ قال عليه السلام: إلى الذي أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أدفعه إليه.
قال: من هو؟ قال عليه السلام: وصيي وأولى الناس بالناس بعدي, ابني هذا الحسن، ثمّ يدفعه ابني الحسن عند موته إلى ابني هذا الحسين، ثمّ يصير إلى واحد بعد واحد من ولد الحسين، حتى يرد آخرهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حوضه. وهم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه ولا يفارقهم".
[1] انظر: الهلالي، كتاب سُليم بن قيس، م.س، ص210-212.
157
135
الدرس التاسع: جمع القرآن (2)
مصادر الدرس ومراجعه
136
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
137
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
1- جمع أُبَي بن كعب:
138
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
نسعى ونحفد * نخشى عذابك ونرجورحمتك * إنّ عذابك بالكفّار ملحَق)، حيث كان أبي بن كعب يدعو بهما في قنوته[1].
139
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
على أقلّ تقدير إلى القرن الثاني, لأنَّ يحيى بن عيسى الكوفي الفاخوري توفّي عام 201هـ[1].
140
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
قِبَل المسلمين في صلواتهم اليومية[1].
141
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
3- مصاحف أُخرى:
142
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
الأفكار الرئيسة
1- أُبَي بن كعب من جملة الصحابة الذين جمعوا القرآن ضمن مصحف خاصّ بهم، واشتهرت قراءته بين أهل الشام. وبقي مصحفه على أقلّ تقدير إلى القرن الثاني الهجري. ومن خصائص جمعه: موافقته تقريباً لترتيب المصحف الموجود، عدد سوره 115 أو116 سورة، افتتاحه بسورة الحمد واختتامه بالمعوَّذتين، زيادة سورَتي الخلْع والحفْد، إسقاط البسملة بين سورتَي الفيل وقريش، افتتاح الحواميم بسورة الزمَر، اشتماله على بعض القراءات الشاذّة.
3- عبدالله بن مسعود من جملة الصحابة الذين جمعوا القرآن ضمن مصحف خاصّ بهم، واشتهرت قراءته بين أهل الكوفة. وبقي مصحفه على أقلّ تقدير إلى القرن الثالث الهجري. ومن خصائص جمعه: الجمع وفْق ترتيب (السبع الطوال، المِئين، المثاني، الحواميم، المُمتحنات، المفصَّلات)، إسقاط سورة الفاتحة، إسقاط سورَتي المعوَّذتين، عدد السور: 112 سورة، إثبات البسملة لسورة براءة، التوسعة في قراءة ألفاظ القرآن، اشتماله على زيادات تفسيرية.
6- من المصاحف الأخرى: مصحف أبو موسى الأشعري "لُباب القلوب"، الذي اشتهرت قراءته بين أهل البصرة، ومصحف المقداد بن الأسود، الذي اشتهرت قراءته بين أهل حمص ودمشق. والطابع العامّ لهذه المصاحف ترتيبها سورها وفق ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم , بتقديم السبع الطوال على المئين، ثمَّ المثاني، ثمَّ الحواميم، ثمَّ الممتحنات، ثمّ المفصَّلات، مع وجود بعض الاختلافات. وقد تُلِفَت هذه المصاحف على عهد عثمان بعد قيامه بتوحيد المصاحف.
166
143
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
فكّر وأجب
144
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
مطالعة
ترتيب مصحَف أُبَي بن كعب[1]
الحمد، ثمّ البقرة، ثمّ النساء، ثمّ آل عمران، ثمّ الأنعام، ثمّ الأعراف، ثمّ المائدة، ثمّ يونس، ثمّ الأنفال، ثمّ براءة، ثمّ هود، ثمّ مريم، ثمّ الشعراء، ثمّ الحجّ، ثمّ يوسف، ثمّ الكهف، ثمّ النحل، ثمّ الأحزاب، ثمّ بني إسرائيل، ثمّ الزمر, أولها حم، ثمّ طه، ثمّ الأنبياء، ثمّ النور، ثمّ المؤمنون، ثمّ سبأ، ثمّ العنكبوت، ثمّ المؤمن، ثمّ الرعد، ثمّ القصص، ثمّ النمل، ثمّ الصافات، ثمّ ص، ثمّ يس، ثمّ الحجر، ثمّ حمعسق، ثمّ الروم، ثمّ الحديد، ثمّ الفتح، ثمّ القتال، ثمّ الظهار، ثمّ ﴿تَبَارَكَ﴾ الملك، ثمّ السجدة، ثمّ ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا﴾، ثمّ الأحقاف، ثمّ ق، ثمّ ﴿الرَّحْمنِ﴾، ثمّ الواقعة، ثمّ الجنّ، ثمّ النجم، ثمّ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ﴾، ثمّ المزمّل، ثمّ المدّثّر، ثمّ ﴿اقْتَرَبَتِ﴾، ثمّ حم الدخان، ثمّ لقمان، ثمّ حم الجاثية، ثمّ الطور، ثمّ الذاريات، ثمّ ن، ثمّ الحاقة، ثمّ الحشر، ثمّ الممتحنة، ثمّ المرسلات، ثمّ ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ﴾، ثمّ ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾، ثمّ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، ثمّ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء﴾، ثمّ النازعات، ثمّ التغابن، ثمّ عبس، ثمّ المطفّفين, ثمّ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾، ثمّ ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾، ثمّ ﴿اقْرَأْ﴾، ثمّ الحجرات، ثمّ المنافقون، ثمّ الجمعة، ثمّ ﴿لِمَ تُحَرِّمُ﴾، ثمّ الفجر، ثمّ ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾، ثم ﴿وَاللَّيْلِ﴾، ثمّ ﴿إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ﴾، ثم ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾، ثمّ ﴿وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ﴾، ثمّ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾، ثمّ الغاشية، ثمّ الصفّ، ثمّ سورة أهل الكتاب, وهي: ﴿لَّمْ يَكُن﴾، ثمّ الضحى، ثمّ ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾، ثمّ القارعة، ثمّ التكاثر، ثمّ العصر، ثمّ سورة الخلع، ثمّ سورة الحفد، ثمّ ﴿وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ﴾، ثمّ ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ﴾، ثمّ العاديات، ثمّ الفيل، ثمّ ﴿لِإِيلَافِ﴾، ثمّ ﴿أَرَأَيْتَ﴾، ثم ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ﴾، ثمّ القدر، ثمّ الكافرون، ثمّ ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ﴾، ثمّ ﴿تَبَّتْ﴾، ثمّ الصمد، ثمّ الفلق، ثمّ الناس.
[1] انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص175-176.
168
145
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
ترتيب مصحَف عبدالله بن مسعود[1]
146
الدرس العاشر: جمع القرآن (3)
مصادر الدرس ومراجعه
1- القرآن الكريم.
2- ابن النديم، الفهرست، ص29-30.
3- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص236، 239, ج4، ص340.
4- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص133، 172-179، 214، 497.
5- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج8، ص280.
6- المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، ج2، ص585.
7- الطبري: جامع البيان عن تأويل أي القرآن، ج5، ص18.
8- العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج11، ص230-231.
9- الطوسي، رجال الطوسي، ص289.
10- تاريخ اليعقوبي، ج2، ص170-171.
11- ابن حنبل، مسند أحمد، ج1، ص414, ج5، ص129-130.
12- العسقلاني، فتح الباري، ج9، ص39.
13- ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, ج1، ص301-302.
14- ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج3، ص11
15- ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج39، ص241-242.
16- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص99.
147
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
موضوعات الدرس:
1- اختلافُ المصاحف.
2- واقع توحيد المصاحف.
3- خصائص المصاحف العثمانية.
4- مصير المصاحف العثمانية.
5- الصحيح في مسألة جمع القرآن.
أهداف الدرس:
1- تعزيز الارتباط الوجداني والفكري والمعرفي بالقرآن الكريم.
2- معرفة تاريخ توحيد المصاحف بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
3- معرفة خصائص المصاحف العثمانية ومصيرها.
4- الاستدلال على الرأي الصحيح في مسألة جمع القرآن.
148
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
1- اختلافُ المصاحف:
149
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
وحذَّرهم ما يخاف، فوافقه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكثير من التابعين. وقال له أصحاب ابن مسعود: ما تُنكر، ألسنا نقرأه على قراءة ابن مسعود؟! فغضب حذيفة ومَن وافَقه، وقالوا: إنَّما أنتم أعراب فاسكتوا، فإنَّكم على خطأ، وقال حذيفة: والله لئن عشتُ لآتيَنّ أمير المؤمنين ـ يعني عثمان ـ ولأُشيرنَّ عليه أن يحُول بين الناس
وبين ذلك. فأغلظ له ابن مسعود، فغضب سعيد وقام، وتفرّق الناس، وغضب حذيفة وسار إلى عثمان، فأخبره بالذي
رأى، وقال أنا النذير العريان فأدركوا الأمّة. فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم الخبر، فأعظموه ورأوا جميعاً ما رأى حذيفة....[1]. وقد ذكر أصحاب السير والتاريخ حوادث أخرى مشابهة لهذه الحادثة[2], استدعت التفكير مليّاً بالقيام بتوحيد المصاحف.
2- واقع توحيد المصاحف:
أمام هذا الواقع من الاختلاف بين الناس في أمر القرآن، عزم عثمان عام 25 للهجرة[3] على تنفيذ مهمّة توحيد المصاحف، فأرسل إلى كلِّ أُفُق مَنْ يجمع المصاحف أو الصحف التي فيها قرآن، حتّى جُمِعَت، ثمَّ سلَقها بالماء الحار والخلّ، وقيل: أحرَقها، فلم يبقَ مصحف إلاّ فعل به ذلك، خَلا مصحف ابن مسعود، فامتنع أن يدفع مصحفَه إلى عبد الله بن عامر، فكتب إليه عثمان أن أشخِصه[4].
وتجدر الإشارة إلى أنّ إجراء حرق المصاحف من قِبَل عثمان أدّى إلى ضياع كثير من الإشارات والتوضيحات المتعلّقة بنزول الآيات، ومكان نزولها، ومن نزلت فيهم،
[1] انظر، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج3، ص111-112, ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص241-242.
[2] لمزيد من التفصيل، انظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص240, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص15-16.
[3] روى مصعب بن سعد بن أبي وقاص: سمع عثمان قراءة أُبَي، وعبد الله، ومعاذ، فخطب الناس، ثمّ قال: إنّما قبض نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم منذ خمس عشرة سنة، وقد اختلفتم في القرآن، عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, لمّا أتاني به. انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ح4870، ص585, ابن حجر، فتح الباري، م.س، ج9، ص15.
[4] انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص170.
174
150
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها..., كما كان يبيّنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم للصحابة، والتي كانوا يكتبونها على هامش مصاحفهم.
151
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
هُذَيل، والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا![1].
هذا مع وجود بعض الاختلافات بين النسخ المُرسلة إلى الآفاق الإسلامية, من قبيل: قرأ ابن عامر, وهو مقرىء الشام: ﴿جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ﴾[2] بالباء (بالزبر), لأنّ مصحف الشام فقط كانت فيه زيادة الباء، وقرأ الباقون بغير باء, لخلو
مصاحفهم عن زيادة الباء[3]. وقرأ ابن عامر ونافع: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ?[4] بدون واو(وسارعوا), لعدم اشتمال مصحفي الشام والمدينة عليها، بينما قرأ الباقون من القرّاء بالواو, لاشتمال مصاحفهم عليها[5].
واختلف المؤرِّخون في عدد المصاحف الموحّدة التي أُرسلت إلى الآفاق، فذهب البعض إلى أنّها كانت ستَّة حسب الأمصار المهمَّة: المكي، والشامي، والبصري، والكوفي، والمدني العامّ، والمدني الخاصّ الذي حبسه عثمان لنفسه وكان النسخة الأمّ أو الإمام التي يرجع إليها عند الاختلاف في مصاحف الأمصار، وقيل ثمانية: الكوفي، والبصري، والشامي، والمدني العام، والمدني الخاصّ، وثلاثة مختلف فيها هي: المكي، ومصحف البحرين، ومصحف اليمن. وقيل: إنّ عثمان أنفذ إلى مصر مصحفاً[6]. وأوفد عثمان قارئاً مع كلّ نسخة كان يرسلها إلى كلّ إقليم, يوافق قراءتهم، واختار زيد بن ثابت مُقرءاً للمدينة[7].
وقد أبدى الصحابة رضاهم بفكرة توحيد المصاحف، إلا ابن مسعود لم يكن راضياً عن هذا الإجراء[8]. ولعلّ عدم رضاه راجع إلى استبعاده من لجنة توحيد
[1] انظر: المتّقي الهندي، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، م.س، ج2، ح4784، ص586, ح4787، ص587.
[2] سورة آل عمران، الآية: 184.
[3] انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص462.
[4] سورة آل عمران، الآية: 133.
[5] انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص389.
[6] انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، م.س، ج2، ص160, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص216, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص329-330.
[7] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص330.
[8] انظر، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، م.س، ج3، ص111-112, ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، م.س، ج39، ص241-242.
176
152
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
المصاحف, وهو الذي كان يتلقّى القرآن من فم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأجدر بهذا الأمر من زيد بن ثابت[1].
153
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
ب- الإعجام (النقط) والشكل (التشكيل): خلو المصاحف العثمانية عن العلامات التي تمتاز بها الحروف المعجمة عن الحروف المهملة22, بسبب طبيعة الخطّ العربي آنذاك، فلا تمييز بين الباء والتاء، ولا بين الجيم والحاء والخاء...، مثال: ﴿تَبْلُو﴾ و(تتلو) في قوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ...﴾[1] [2]، و﴿نُنَجِّيكَ﴾ و(ننحّيك) في قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾...[3] [4].
وكذلك تجرّد المصحف عن الحركة والإعراب[5], ما استدعى أن يقوم القارئ بنفسه بالتمييز بينهما عند القراءة, حسب ما يبدو له من قرائن, كما كان عليه أن يعرِف بنفسه وزن الكلمة وكيفية إعرابها أيضاً، مثال: في قوله تعالى: ﴿...وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[6] ، قرأ حمزة وحده: (إن تضل) بكسر الهمزة. والباقون بفتحها. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة: (فتذكر) بالتخفيف والنصب. وقرأ حمزة: (فتذكر) بالتشديد والرفع. وقرأ. الباقون: (فتذكر) بالتشديد والنصب. وقرأ عاصم وحده: (تجارة حاضرة) بالنصب. وقرأ الباقون بالرفع. وقرأ أبو جعفر: (ولا يضار) بتشديد الراء وتسكينها. والباقون: (لا يضار) بالنصب والتشديد[7].
ومن هنا، فإنّ خلو المصاحف الأوَّليَّة عن علائم فارقة شكّل سبباً بارزاً في حدوث الاختلاف في القراءات في ما بعد, إذ كان الاعتماد على الحفْظ والسماع،
[1] سورة يونس، الآية: 30.
[2] انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص180.
[3] سورة يونس، الآية: 92.
[4] انظر: م. ن، ص221.
[5] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج1، ص332-333.
[6] سورة البقرة، الآية: 282.
[7] انظر: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج2، ص216.
154
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
وبطول الزمان ربَّما كان يحصل اشتباه في النقل أو خلْط في السماع. أضف إلى ذلك دخول ألسنة غير عربية إلى الإسلام بعد توسّع الفتوحات الإسلامية, فكان يتعذّر عليهم قراءة مصحف خالٍ من العلائم الإيضاحية المائزة، حتى لو تعلّموا
155
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
5- الصحيح في مسألة جمع القرآن:
إذا أردنا أن نقوِّم عملية جمع القرآن بحسب ما ورد من روايات ووثائق تاريخية في هذا الصدد، فيمكن القول: إنّ الجمع مرّ بمراحل ثلاث هي:
أ- المرحلة الأولى: جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: وهو عبارة عن تأليف السور وترتيب الآيات داخلها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وذلك ضمن صُحُف غير مرتّبة السور ولا مجموعة بين دفّتين.
ب- المرحلة الثانية: جمع الإمام علي عليه السلام: وهو عبارة عن جمع القرآن بين دفّتين ضمن مصحف جامع, وفق ترتيب النزول, بإيصاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل رحيله صلى الله عليه وآله وسلم, وتقسم هذه المرحلة إلى مرحلتين: الأولى: جمع القرآن بين دفتين ممّا تركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلف فراشه وعهد به إلى الإمام علي عليه السلام ليباشر بجمعه بعد رحيله صلى الله عليه وآله وسلم. الثانية: نسخ القرآن المجموع على نسخة من القرطاس، بعد أن كانت النسخة الأولى مكتوبة على العسب واللخاف والقرطاس والخشب...
وتجدر الإشارة إلى أنّ جمع زيد بن ثابت، والذي حصل بعد جمع الإمام علي عليه السلام لم يكن جمعاً لمصحف، بل لصحائف غير مرتّبة السور، فلم يأتِ بشيء جديد، فضلاً عن أنّ هذه الصحائف كانت نسخة خاصّة بالخليفة الأوّل، ثمّ أصبحت عند الخليفة الثاني، ثمّ ورثتها ابنته حفصة، ولم تكن هذه الصحائف متداولة بين المسلمين.
كما أنّ ما جمعه الصحابة ضمن مصاحف, كأُبَي بن كعب، وعبدالله بن مسعود، وغيرهما، جاء بعد جمع الإمام علي عليه السلام, ولم يقدّم شيئاً جديداً على ما جمعه الإمام علي عليه السلام, بل كان بعض هذه المصاحف يشتمل على اجتهادات من قِبَل الصحابة أدّت في ما بعد إلى وقوع الاختلاف بين الناس في قراءة القرآن.
ج- المرحلة الثالثة: محاولة توحيد القراءات المختلفة والرسم في عهد عثمان بن عفان: والواقع أنّ هذه المحاولة لم يُكتَب لها تحقيق هدفها, لأنّها وقعت في المشكلة نفسها من الاختلاف، حيث كانت المصاحف العثمانية المُرسَلة إلى
180
156
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
الأمصار في ما بينها, قراءة ورسماً، ولم تفلح في توحيد القراءة والرسم. وعلى رغم ذلك فقد أمضى الإمام علي عليه السلام محاولة توحيد المصاحف تلك وأيّدها، ومنع في ما بعد أيّ محاولة لتصحيح المصحف, حتى ولو كانت تصحيحاً لأخطاء إملائية واضحة.
157
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
الأفكار الرئيسة
1- وقع الاختلاف بين الناس في قراءة القرآن بفعل اختلاف مصاحف الصحابة في ما بينها, ما أدّى إلى القيام بمشروع توحيد المصاحف عام 25 للهجرة.
2- وردت في المصحف العثماني أخطاء ومناقضات إملائية لا يستهان بها، مع وجود بعض الاختلاف بين النسخ المُرسلة إلى الآفاق الإسلامية التي كانت 6 أو 8 مصاحف على اختلاف بين المؤرّخين في عددها.
3- كان الإمام علي عليه السلام حريصاً على الالتزام بما نتج عن لجنة توحيد المصاحف, حِفاظاً على كتاب الله من أن تمسَّه يد التحريف في ما بعد تحت ذريعة الإصلاح.
4- من خصائص المصاحف العثمانية، موافقتها لترتيب المصحف الموجود الذي بين أيدينا، خلوها من النقط والتشكيل، والحركات والإعراب, بما أدّى إلى حدوث الاختلاف في القراءة بين الناس من جديد.
5- ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن، فضلاً عن تعيين أمكنتها.
6- جمع القرآن مرّ بمراحل ثلاث:.جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تأليف السور وترتيب الآيات داخلها بأمر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وضمن صُحُف غير مرتّبة السور ولا مجموعة بين دفّتين. ب.جمع الإمام علي عليه السلام: جمع القرآن بين دفّتين ضمن مصحف جامع, وفق ترتيب النزول, بإيصاء من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ج. محاولة توحيد القراءات المختلفة والرسم في عهد عثمان.
182
158
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
فكّر وأجب
159
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
مطالعة
160
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
قواعدها، وأبدعوا في فنونها وأطوارها في أمانة وإخلاص، حيث كان أربعة ـ إن لم نقل ستَّة ـ من القرّاء السبعة شيعة، فضلاً عن غيرهم من أئمةٍ قرّاءٍ كِبار: كابن مسعود، وأُبي بن كعب، وأبي الدرداء، والمقداد، وابن عبّاس، وأبي الأسود، وعلقمة، وابن السائب، والسلمي، وزرِّ بن حبيش، وسعيد بن جبير، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وعاصم بن أبي النجود، وحمران بن أعين، وأبان بن تغلب، والأعمش، وأبي عمرو بن العلاء، وحمزة، والكسائي، وابن عيّاش، وحفص بن سليمان، ونظرائهم من أئمَّة كبار، هم رؤوس في القراءة والإقراء في الأمصار والأعصار. أمّا القراءة الحاضرة ـ قراءة حفْص ـ فهي قراءة شيعيَّة خالصة، رواها حفْص, وهو من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام, عن شيخه عاصم, وهو من أعيان شيعة الكوفة الأعلام، عن شيخه السلمي ـ كان من خواصّ أصحاب الإمام علي عليه السلام, عن أمير المؤمنين عليه السلام, عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الله عزَّ وجلّ.
161
الدرس الحادي عشر: جمع القرآن (4)
مصادر الدرس ومراجعه
162
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
163
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
المحتوى التفصيلي:
164
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
ومصحف المقداد بن الأسود[1]...
165
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
ابن كثير(ت: 120هـ)، وعاصم بن أبي النجود (ت128هـ)، ونافع المدني (ت: 159هـ)، ...[1].
166
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
الاختلاف في القراءات وانتشاره بين الناس تدريجياً. مثال: إنّ اختلاف اللهجة يؤدّي أحياناً إلى حصول تقديم وتأخير في تلفظ حروف الكلمة الواحدة, فبني تميم وبعض ربيعة كانوا يقولون بدلاً من صاعقة وصواعق، صاقعة وصواقع[1].
167
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
ب- الثاني الاختلاف في إعراب الكلمة, بما يغيّر معناها، ولا يزيلها عن صورتها في الخط, من قبيل: ﴿رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ و(ربنا باعَدَ بين أسفارنا).
168
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
عشرة، وقد ساروا على طريقة ابن مجاهد, بالاكتفاء براويين لكلّ قارىء. ولحقَ هؤلاء أربعة، قرأوا بالشواذّ، وقد اعتُبِرَت قراءاتهم، وقَبِلَها أهل العامّة.
169
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
- جميع القرّاء السبعة عاشوا في القرن الثاني[1].
170
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
القرّاء وآرائهم, لأنّها لو كانت متواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحتج في إثبات صحّتها إلى الاستدلال والاحتجاج.
171
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
بآخر. وفي هذه الحالة يفقد هذا المقياس أثره، ويصبح عملياً غير صالح لتمييز القراءات الصحيحة من الخاطئة.
172
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
- العامل الأوّل: الخلط بين القرآن والقراءات، فرغم وضوح عدم تواتر القراءات، إلا أنّ البعض توهّم تواترها تبعاً لتواتر القرآن.
173
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
الأفكار الرئيسة
174
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
فكّر وأجب
175
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
مطالعة
176
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
السلسلة في سند القراءة سلسلة ذهبية لا نظير لها في القراءات الأخرى.
177
الدرس الثاني عشر: قراءات القرآن (1)
مصادر الدرس ومراجعه
178
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
179
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
1- تطوّر اللغة العربيّة ورسمها:
180
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
والمشهور أنّ العرب أخذوا لغتهم من الحيرة، التي أخذت من الأنبار، وأخذت الأنبار من الأنباط، وأخذ الأنباط لغتهم من الكتابة الساميّة الشماليّة المأخوذة من الكتابة الفينيقيّة، التي بدورها أخذت كتابتها من الكتابة السينائيّة الأمّ في سيناء.
181
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
"أنا علي بن أبي طالب". أمّا ما كُتب على الرقّ، وهو محتمل النسبة، فهو رسائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي أرسلها إلى الملوك بعد عودته من الحديبية, ومنها رسائله إلى النجاشي، وهرقل، وكسرى، وغيرهم. وتُبرز هذه الخرابيش الحجرية والرقوق رسماً فيه ملامح الكتابة النبطية في ثوبها المتأخّر، فتغيب فيها الألفات الداخلية، والشكل، والإعجام، والشدّات، والهمزات، والمدّات، وقد كتبت بخطّ مستدير فيه تشبه ملامحه ملامح الخطّ النسخي الذي تطورّ في ما بعد[1].
182
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
4- مخالفات ومناقضات في رسم المصحف:
183
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
- ﴿بِالْغَدَاةِ﴾[1]، والصحيح: بالغداة.
184
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
حيث تعرَّف الناس على نُقَط الحروف المعجمة وامتيازها عن الحروف المهملة, وذلك على يد يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم، تلميذَي أبي الأسود الدؤلي، بعد أن اتّسعت الدولة الإسلامية، واختلط العرب بالعجم، فبدأ اللبس والإشكال في قراءة المصاحف بين الناس، حتى ليشقّ على كثير منهم أن يهتدي لقراءة القرآن قراءة صحيحة من دون وجود إعجام[1].
185
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
الأفكار الرئيسة
186
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
فكّر وأجب
187
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
مطالعة
188
الدرس الثالث عشر: رسم المصحف
مصادر الدرس ومراجعه
189
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
190
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
1- معنى الإعجاز:
191
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
2- فلسفة تنوّع المعجزات:
192
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
وجوهه الإعجازية[1]، من قبيل: شخصية مَنْ نزل عليه القرآن، حقائق القرآن ومعارفه، عدم الاختلاف في القرآن...
193
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
- تدلّ آيات التحدّي جميعها على أنّ القرآن آية معجزة خارقة من عند الله تعالى[1].
194
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
الإنسان ولا يظهر عليها غيره تعالى وقد أطلق القول فيها إطلاقاً. بينما في الآية الثالثة وبملاحظة تعقيبها بقوله تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ...﴾, فإنّ نوع العناية بالتحدّي، إنّما هو بكون القرآن متضمّناً لما يختصّ علمه بالله تعالى ولا سبيل لغيره إليه. وهذا أمر لا يقبل الافتراء بذاته, فكأنّه قيل: إنّ هذا القرآن لا يقبل بذاته افتراء, فإنّه متضمّن لأمور من العلم الإلهي الذي لا سبيل لغيره تعالى إليه، وإن ارتبتم في ذلك فأتوا بعشر سور مثله مفتريات تدعون أنّها افتراء، واستعينوا بمن استطعتم من دون الله، فإن لم تقدروا عليه, فاعلموا أنّه من العلم المخصوص به تعالى[1].
195
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
أنس ولا جانّ على طول التاريخ. وقد أشار القرآن الكريم نفسه إلى هذا الوجه الإعجازي[1]، مفنّداً افتراءات نسبة القرآن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم تارة، وتلقيه إياه من بشر غيره تارة أخرى:
196
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
والتكامل الحاكم فيها، أن يتطرّأ إليه بعض الاختلاف, تبعاً لتعرّض الإنسان لظروف مختلفة, من شدّة ورخاء، وحرب وسلم، وأمن وخوف...
197
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
الأفكار الرئيسة
198
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
مطالعة
199
الدرس الرابع عشر: إعجاز القرآن (1)
مصادر الدرس ومراجعه
200
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
201
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
1- الإخبار عن الغيب:
202
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
ب- الإخبار عن بعض الحوادث المستقبلية الخافي أمرها وحقيقتها عن الناس، منها:
203
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
أ- دور الرياح في تلقيح النبات والأشجار: قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ...﴾[1] ، حيث أثبت العلم الحديث أنّ النباتات والأشجار تحتاج إلى اللقاح لكي تثمر، وعملية التلقيح هذه تحصل بواسطة الرياح التي تحمل اللقاح من مكان إلى آخر.
204
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
3- الفصاحة والبلاغة (البيان):
205
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
تَشْكُرُونَ﴾[1], لأنّ السمع أرقى وأعقد وأدقّ وأرهف من جهاز البصر.
206
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى * أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى
207
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
التعبير، ورحائق التحبير، من قبيل قوله تعالى: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾[1], حيث إنّه شبّه انتشار الشيب باشتعال النار في سرعة التهابه، وتعذّر تلافيه، وفي عظم الألم في القلب به، وأنّه لم يبقَ بعده إلاّ الخمود! فهذه أوصاف أربعة جامعة بين المشبَّه والمشبَّه به.
208
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
4- التصوير الفنّي:
209
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
ب- حبط أعمال الكافرين: قال تعالى: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾[1], تصوير حبط أعمال الكافرين بمشهد حركة الريح في يوم عاصف, تذرو الرماد، فتذهب به بدداً، إلى حيث لا يجتمع أبداً[2].
210
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
الأفكار الرئيسة
211
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
مطالعة
212
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
هـ- لا مباهاة مع مسلوب القدرة حتى لو بلغ المتحدّى به مقداراً كثيراً.
213
الدرس الخامس عشر: إعجاز القرآن (2)
مصادر الدرس ومراجعه
214
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
215
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
1- معنى التحريف:
216
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
تبديلاً وترتيباً, ونقصاً وزيادةً[1].
217
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
- النحو الأوّل: التغيير في الحركات والحروف. وهذا القسم واقع في القرآن حتماً، ومثاله: تعدّد القراءات، حيث قرأ حمزة (عليهِمْ): عليهُمْ. وقرأ أبو جعفر ونافع (يُغْفَر لكم)، والباقون (نَغْفِر لكم).
218
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
ولا بالنقيصة، وأنّ الموجود ما بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل على الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, وقد صرّح بذلك كثير من كبار أعلام الشيعة الإماميّة، منهم:
219
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
وأما النقصان منه: فقد روى جماعة من أصحابنا، وقوم من حشوية العامّة أنّ في القرآن تغييراً أو نقصاناً، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه"[1].
220
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
- السيد محسن الأمين العاملي (ت: 1371هـ): "لا يقول أحد من الإمامية, لا قديماً ولا حديثاً: إنّ القرآن مزيد فيه قليل أو كثير، فضلاً عن كلّهم، بل كلّهم متّفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محقّقيهم متّفقون على أنّه لم ينقص منه"[1].
221
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
بأن يُفقَد كلّه، ثمّ يوضع كتاب آخر يشابهه في نظمه أو لا يشابهه، وينسب إليه، ويشتهر بين الناس بأنّه القرآن النازل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم . فهذه أمور لا يَرتاب في شيء منها إلا مصاب في فهمه، ولا احتمل بعض ذلك أحد من الباحثين في مسألة التحريف من المخالفين والمؤالفين"[1].
222
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
أ- إمكانية الاستفادة من القرآن, لأنّه مع ثبوت التحريف لا يمكن الاستدلال بالقرآن أو الاستنباط منه.
223
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
الأفكار الرئيسة
224
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
فكّر وأجب
225
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
مطالعة
226
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
للتصريح باسم علي عليه السلام؟! فهل رأى أنّ لكلامه أثراً فوق أثر الوحي الإلهي؟!
227
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
مصادر الدرس ومراجعه
228
الدرس السادس عشر: صيانة القرآن عن التحريف (1)
17- الخميني، أنوار الهداية، ج1، ص243-247.
229
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
230
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
المحتوى التفصيلي: أبرز أدلّة صيانة القرآن عن التحريف:
231
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
ب- قوله تعالى: ﴿...وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ...﴾[1]. العزيز: عديم النظير أو المنيع الممتنع من أن يُغلَب، والمعنى الثاني أنسب, لما يتعقّبه من قوله تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ...﴾. والمدلول هو: أنّه لا تناقض في بياناته، ولا كذب في أخباره، ولا بطلان يتطرّق إلى معارفه وحكمه وشرائعه، ولا يُعارَض ولا يُغيَّر, بإدخال ما ليس منه فيه، أو بتحريف آية من وجه إلى وجه. وكيف لا يكون كذلك؟! وهو منزَّل من حكيم متقِن في فعله، لا يشوب فعله وهن، محمود على الإطلاق. فهذه الآية تنفي أيّ احتمال للتحريف بالزيادة أو التحريف بالنقصان، وتشير إلى أنّ خاصّيّة الحفظ جاءت من داخل القرآن, بفعل تماسك بنيانه[2].
232
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
- ظهور هذه الآيات ينفي الادّعاء الإجمالي بوقوع التحريف في القرآن.
233
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه"، "كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف"، "ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف"، "اعرضوها (أي الروايات) على كتاب الله، فما وافى كتاب الله عزّ وجلّ, فخذوه، وما خالف كتاب الله, فردّوه".
234
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية..."[1].
235
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
نبي آخر ورسالة أخرى.
236
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
تقريباً، وادّعى النبوة، وانتهض للدعوة، وآمن به أمّة من العرب وغيرهم، وأنّه جاء بكتاب يسمّيه القرآن، وينسبه إلى ربّه، متضمّن لجمل المعارف، وكلّيّات الشريعة التي كان يدعو إليها، وكان يتحدّى به، ويعدّه آية لنبوته، وأنّ القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الذي جاء به وقرأه على الناس المعاصرين له.
237
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
الأفكار الرئيسة
238
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
فكّر وأجب
239
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
مطالعة
240
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
وعد الله نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم فيه.
241
الدرس السابع عشر: صيانة القرآن عن التحريف (2)
مصادر الدرس ومراجعه
242
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
243
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
شبهات في وقوع التحريف:
244
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
الجواب عنها: الإجماع عند الشيعة والسنّة على أنّ الزائد فيه إنّما هو التأويل والتنزيل, شرحاً للمراد[1].
245
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
- ما رواه غالب بن الهذيل: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: ﴿وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾ على الخفض هي أم على النصب؟ قال عليه السلام: "بل هي على الخفض"[1].
246
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
يقرأ الناس, حتى يقوم القائم، فإذا قام القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف قرأ كتاب الله عزّ وجلّ على حدّه، وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام"[1].
247
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
- الروايات واردة فيهم على نحو التفسير للمراد، فتكون على نحو الجري والتطبيق ومعرفة المصداق الحقيقي للآيات.
و- الطائفة السادسة: روايات التحريف بالنقيصة، منها:
- ما روي عن الإمام علي عليه السلام: أنّه قرأ قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ (بظلمه وسوء سريرته) وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾[1].
- ما رواه عمّار الساباطي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّ الله تعالى قال بشأن الإمام علي عليه السلام: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ (أنّ محمداً رسول الله) وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (أنّ محمداً رسول الله وأنّه ساحر كذّاب) إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾، ثمّ قال عليه السلام:
هذا تأويله يا عمّار[2].
- روي أنّه قرأ رجل عند الإمام الصادق عليه السلام: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾، فقال عليه السلام: "ليس هكذا هي، إنّما هي والمأمونون، فنحن المأمونون"[3].
- ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ القرآن الذي جاء به جبرائيل إلى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشر ألف آية"[4].
الجواب عنها بالترتيب[5]:
- الأولى: فيها دلالة واضحة على كونه شرحاً وتفسيراً للمراد من الآية.
- الثانية: إنّ ورود ألفاظ التنزيل والتأويل، يُحمَل على الشرح للمراد، وبيان معانيه ومصاديقه.
[1] الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج8، كتاب الروضة، ح435، ص289.
[2] م. ن، ح246، ص204-205.
[3] م. ن، ج1، كتاب الحجّة، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية، ح62، ص424.
[4] الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب فضل العلم، باب النوادر، ح28، ص634.
[5] لمزيد من التفصيل، انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج12، ص108-118, المحمّدي، سلامة القرآن من التحريف، م.س، ص84-91.
248
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
- الثالثة: هي بصدد بيان أبرز المصاديق وأكملها.
249
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
الكريم، وتفسيره بالرأي.
250
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
4- الشبهة الرابعة: وجود مصاحف لدى الصحابة تختلف عن المصحف الموجود, لجهة اشتمالها على الزيادة.
251
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
الأفكار الرئيسة
252
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
فكّر وأجب
253
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
مطالعة
254
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
أولها لمّا سقط، سقط معه البسملة، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها[1].
255
الدرس الثامن عشر: صيانة القرآن عن التحريف (3)
مصادر الدرس ومراجعه
256
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
257
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
1- معنى النسْخ:
258
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
إلى الله تعالى بما أنّه شارع، بحيث لا يمكن اجتماع التشريعين معاً، إمّا ذاتاً, إذا كان التنافي بينهما بيّناً، وإمّا بدليل خاصّ, من إجماعٍ، أو نصٍّ صريح[1].
259
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
بهذا المعنى ممكن قطعاً, لبداهة دخالة خصوصيّات الزمان في مناطات الأحكام بما لا يشكّ فيه أيّ عاقل. فالنسخ في الحقيقة تقييد لإطلاق الحكم من حيث الزمان، ولا تلزم منه مخالفة الحكمة، ولا البداء بالمعنى المستحيل في حقّه تعالى.
260
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
3- ضرورة معرفة الناسخ والمنسوخ:
261
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
نوع اختصاص له ببعض الأفراد.
262
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
ب- أن يكون التنافي كلّيّاً على الإطلاق، لا جزئيّاً وفي بعض الجوانب, فإنّ الثاني تخصيص في الحكم العامّ، وليس من النسخ في شيء, فآية القواعد من النساء: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[1] لا تصلح ناسخة لآية غضّ البصر:﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[2]، بعد أن كانت الأولى أخصّ من الثانية، والخاصّ لا ينسخ العامّ، بل يخصِّصه بما عداه من أفراد الموضوع.
263
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
د- تعلّق النسخ بالتشريعيّات[1]، فلا نسخ في ما يتعلّق بالأخبار. فقوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾[2] لا يصلح ناسخاً لقوله: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ﴾[3].
264
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
الأفكار الرئيسة
265
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
مطالعة
266
الدرس التاسع عشر: الناسخ والمنسوخ (1)
مصادر الدرس ومراجعه
267
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
268
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
1- أقسام النسخ:
269
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
وعملوا بحكمها، ثمّ نُسِيَت وزالت من القرآن، مع بقاء حكمها معمولاً به. ومن الأمثلة التي أوردوها على هذا القسم من النسخ: ما رواه زر بن حبيش، قال: قال لي أُبَي بن كعب: كم آية تعدّ سورة الأحزاب؟ قلت: اثنتين وسبعين آية، أو ثلاثة وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإنّا كنّا لنقرأ فيها آية الرجم. قلت: وما آية الرجم. قال: (إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)[1].
270
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
2- أنحاء النسخ:
271
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
ب- نسخ القرآن بالسنّة: وقد اختُلِفَ في إمكانية وقوع هذا النحو من النسخ[1], فذهب البعض إلى عدم إمكانية وقوعه, نظراً لكونه مخالفاً للأخبار المتواترة بعرض الأخبار على الكتاب وطرح ما خالفه والرجوع إليه[2]. وذهب آخرون إلى إمكانية وقوعه, لأنّ السنّة وحي من الله, كما أنّ القرآن كذلك، ولا مانع من نسخ وحي بوحي, لقوله تعالى: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾[3], فلا لا مانع عقلي ولا شرعي من نسخ الكتاب بالسنّة[4].
وقد اختلف القائلون بإمكانية وقوع هذا النحو من النسخ، في فعليّة وقوعه, فذهب بعضهم إلى عدم وقوعه فعلاً[5]، وذهب آخرون إلى وقوعه فعلاً، من قبيل: آية الإمتاع إلى الحَول بشأن المتوفّى عنها زوجها, فإنّها ـ بظاهرها ـ لا تتنافى وآية العِدَد والمواريث، غير أنّ السُنّة القطعية وإجماع المسلمين أثبتا نسخها بآية العِدَد والمواريث[6]. نعم إنّ نسخ مفاد آية بآخبار آحاد غير ممكن في نفسه, لأنّ من شروط الدليل الناسخ أن يكون بمستوى الدليل المنسوخ[7].
3- شُبهات في النسخ:
أ- الشبهة الأولى: إنّ وجود آية منسوخة في القرآن ربّما يسبّب اشتباه المكلّفين، فيظنّونها آية محكَمة يعملون بها أو يلتزمون بمفادها، الأمر الذي يكون إغراءً بالجهْل, وهو قبيح.
الجواب عنها: إنّ مضاعفات جهل كلّ إنسان تعود إلى نفسه، ولم يكن الجهل
[1] انظر: الزركشي، البرهان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص32, السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص56, الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص184-189.
[2] انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج5، ص275-276.
[3] سورة النجم، الآيتان: 3-4.
[4] انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص56, السيد الخوئي، البيان في تفسير القرآن، م.س، ص286.
[5] انظر: الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص188-190.
[6] انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، م.س، ج2، ص60, معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج2، ص283.
[7] انظر: معرفة، التمهيد في علوم القرآن، م.س، ج2، ص283.
272
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
يوماً ما عُذراً مقبولاً لدى العقلاء, فإذا كانت المصلحة تستدعي نسْخ تشريع سابق بتشريع لاحِق، فعلى المكلّفين أن يتنبّهوا هم إلى هذا الاحتمال في التشريع، ولا سيّما إذا كان التشريع في بدْء حركة إصلاحيّة آخذة في التدرّج نحو الكمال. وهكذا كان في القرآن: ناسخ ومنسوخ، وعامّ وخاصّ، ومطلق ومقيّد، ومحكَم ومتشابه، وليس لأحد الأخذ بآية حتّى يتحقّق من أمرها[1].
273
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
4- عدد الآيات الناسخة والمنسوخة:
274
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
الأفكار الرئيسة
275
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
مطالعة
276
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾[1] حيث إنّ عرب الجاهلية كانت نسائهم يقعدن بعد موت أزواجهن حولاً كاملاً، فالآية الأولى توصي بأن يوصي الأزواج لهن بمال يتمتعن به إلى تمام الحول من غير إخراجهن من بيوتهن، غير أنّ هذا لمّا كان حقاً لهنّ والحق يجوز تركه، كان لهن أن يطالبن به، وأن يتركه، فإن خرجن فلا جناح للورثة ومن يجري مجراهم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف، وقد جاءت الآية الثانية لتنسخ حكم الاعتداد بعد وفاة الزوج بأربعة أشهر وعشرة أيّام بدلاً من الحول وجاءت الآية الثانية لتنسخ حكم الوصية بالإنفاق على المعتدّة إلى الحول بفرض الإرث لها[2].
277
الدرس العشرون: الناسخ والمنسوخ (2)
مصادر الدرس ومراجعه
278
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
الدرس الواحد و العشرون: المحكم والمتشابه
279
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
1- معنى المحكم:
280
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
2- معنى المتشابه:
281
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
أ- عدم وجود المتشابهات في القرآن: إنّ القرآن كتاب هداية عامّة لكلّ الناس:
282
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
وادّعى البعض أنّ جميع آي القرآن متشابهات، مستدلاً بقوله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا﴾[1].
283
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
ولم يعرفوا موارده ومصادره, إذ لم يأخذوه عن أهله, فضلوا وأضلوا. واعلموا رحمكم الله: أنّه من لم يعرف من كتاب الله عزّ وجلّ الناسخ من المنسوخ، والخاصّ من العامّ، والمحكم من المتشابه... فليس بعالم بالقرآن، ولا هو من أهله..."[1].
284
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
المجرّدة من عوارض الأجسام أحد محذورين، فإنّ الأفهام في تلقّيها المعارف إن جمدت في مرحلة الحسّ انقلبت الأمثال بالنسبة إليها حقائق ممثّلة، وفيه بطلان الحقائق وفوت المقاصد.
285
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
ب- آيات الأفعال الإلهيّة:
286
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
يُرَى﴾[1]، ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ...﴾[2] ، ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...﴾[3] ، ﴿...إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾[4]، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا...﴾[5]...
287
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
الأفكار الرئيسة
288
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
فكّر وأجب
289
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
مطالعة
290
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
المفاهيم الإسلامية في الأمر بين الأمرين (لا جبْر ولا تفويض)، ومن ثمّ خفيَ على غالبية الناس إدراك حقيقته الأصلية، من عدا أولئك الراسخين في العِلم، الَّذين استسهلوا الصعاب بفضْل جهودهم في سبيل اكتساب المعالي. وأمّا عوامل الإبهام المحوجة إلى التفسير، فتعود إلى جهات أُخَر، منها: غرابة الكلمة عن المألوف العامّ, نظراً لاختصاص استعمالها ببعض القبائل دون بعض، فجاء القرآن ليوحِّد اللغة باستعمال جميع لغات العرب، من ذلك: (صَلداً), بمعنى (نقيّاً) في لُغة هذَيل... ومنها: إشارات عابرة جاءت في عَرْض الكلام، بحيث يحتاج فهْمها إلى درس عادات ومراجعة تاريخ, كالنسيء في سورة التوبة[1]، ومنها: تعابير عامّة صالحة لمعانٍ لا يُعرَف المقصود منها إلاّ بمراجعة ذوي الاختصاص, كالدابَّة من سورة النمل: ﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ﴾[2]، ومنها: استعارات بعيدة الأغوار، يحتاج البلوغ إليها إلى سبْرٍ وتعمّق كثير, كقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾[3].
291
الدرس الواحد والعشرون: المحكم والمتشابه
مصادر الدرس ومراجعه
292
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
293
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
1- معنى التأويل:
294
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
- التأويل هو التفسير نفسه[1], وهو المراد من الكلام.
295
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
إِلاَّ اللّهُ...﴾ إلى الكتاب, أنّ كلّ أمر خارجي مرتبط بمضمون الكلام حتى مصاديق الأخبار الحاكية عن الحوادث الماضية والمستقبلة يُعدّ تأويلاً للكلام، والحال أنّ مثل هذه الأخبار لا ينحصر علمها بالله تعالى وبالراسخين في العلم.
296
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ...﴾[1] ، ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ...﴾[2] ، ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي...﴾[3] ، ﴿وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ﴾[4]، ﴿...يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا...﴾[5] ، ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ...﴾[6] ، وقدّ عبر القرآن الكريم في ثلاثة مواضع من سورة يوسف عن تعبير الرؤيا بكلمة التأويل. والظاهر أنّ تعبير الرؤيا ليس معنى خلاف الظاهر للرؤيا، بل هو حقيقة خارجية تُرَى في النوم بشكل مخصوص, كأن رأى يوسف عليه السلام تعظيم أبيه وأمّه وأخوته بشكل سجدة الشمس والقمر والنجوم له، ورأى ملك مصر سنوات القحط في صورة سبع بقرات عجاف يأكلن سبعاً سماناً، ورأى صاحبا يوسف عليه السلام في السجن الصلب وخِدمَة الملك في صورة عصر الخمر وحمل الخبز على الرأس تأكل الطير منه.
297
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾[1]، حيث إنّ المراد بالتأويل في الكيل والوزن هو خصوص وجود وضع اقتصادي في السوق بواسطة البيع والشراء والنقل والانتقال. والتأويل بهذا المعنى ليس معنى خلاف الظاهر من الكيل والوزن، بل هو حقيقة خارجية، وروح أُوجِدَت في الكيل والوزن تقوى وتضعف بواسطة استقامة المعاملة وعدم استقامتها.
298
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
المكشوفة، وهذا ما يدلّ عليه قوله تعالى: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾[1]، حيث إنّ وراء ما نقرأه ونعقله من القرآن أمراً هو من القرآن بمنزلة الروح من الجسد، والمتمثّل من المثال, وهو الذي يسمّيه تعالى بالكتاب الحكيم, وهو الذي تعتمد وتتكىء عليه معارف القرآن المنزَّل ومضامينه، وليس من سنخ الألفاظ المفرَّقة المقطّعة، ولا المعاني المدلول عليها بها. وهذا بعينه هو التأويل المذكور في الآيات المشتملة عليه, لانطباق أوصافه ونعوته عليه[2].
299
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
مائل إلى اتّباع المتشابه لزيغ في قلبه، وثابت على اتّباع المحكم والإيمان بالمتشابه لرسوخ في علمه، فإنّما القصد الأوّل في ذِكر الراسخين في العلم بيان حالهم وطريقتهم في الأخذ بالقرآن ومدحهم فيه قبال ما ذُكِرَ من حال الزائغين وطريقتهم
300
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
القرآن وتأويله. وهذا الإثبات لا ينافي النفي الوارد في قوله تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ﴾, لأنّ ضمّ إحداهما إلى الأخرى ينتج الاستقلال والتبعية, أي يُعرَف منها استقلال علمه تعالى بهذه الحقائق، ولا يعرفها أحد إلا بإذنه عزّ شأنه وبتعليم منه.
301
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
الأفكار الرئيسة
302
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
مطالعة
303
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
الْمُؤْمِنِينَ﴾ وأوّل المقرِّين بأنّك تَرى ولا تُرَى، وأنت بالمنظر الأعلى. ثمّ قال عليه السلام: إنّ أفضل الفرائض وأوجبها على الإنسان معرفة الربّ، والإقرار له بالعبودية، وحدّ المعرفة: أنّ يعرف أنّه لا إله غيره، ولا شبيه له ولا نظير، وأن يعرف أنّه قديم مثبت موجود غير فقيد، موصوف من غير شبيه ولا مبطل، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والشهادة بالنبوّة. وأدنى معرفة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: الإقرار بنبوّته، وأنّ ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي, فذلك من الله عزّ وجلّ، وبعده معرفة الإمام عليه السلام الذي به تأتمّ بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر، وأدنى معرفة الإمام عليه السلام أنّه عدل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, إلا درجة النبوّة، ووارثه، وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, والتسليم له في كلّ أمر، والردّ إليه، والأخذ بقوله، ويعلم أنّ الامام عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علي ابن أبي طالب، وبعده الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ علي بن الحسين، ثمّ محمد بن علي، ثمّ أنا، ثم بعدي موسى ابني، وبعده علي ابنه، وبعد علي محمد ابنه، وبعد محمد علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجّة من ولد الحسن. ثمّ قال: يا معاوية جعلت لك أصلاً في هذا, فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه, لكان حالك أسوأ الأحوال, فلا يغرّنك قول مَنْ زعم أنّ الله تعالى يُرَى بالبصر! وقد قالوا أعجب من هذا، أَوَلَم ينسبوا آدم عليه السلام إلى المكروه؟ أَوَلَم ينسبوا إبراهيم عليه السلام إلى ما نسبوه؟ أَوَلَم ينسبوا داود عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟ أَوَلَم ينسبوا يوسف الصديق عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث زليخا؟ أَوَلَم ينسبوا موسى عليه السلام إلى ما نسبوه من القتل؟ أَوَلَم ينسبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ما نسبوه من حديث زيد؟ أَوَلَم ينسبوا علي بن أبي طالب عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث القطيفة؟ إنّهم أرادوا بذلك توبيخ الإسلام, ليرجعوا على أعقابهم، أعمى الله أبصارهم كما أعمى قلوبهم، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
304
الدرس الثاني و العشرون: التأويل
مصادر الدرس ومراجعه
305
مصادر الكتاب ومراجعه
مصادر الكتاب ومراجعه
306
مصادر الكتاب ومراجعه
لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1405هـ.ق/ 1363هـ.ش.
307
مصادر الكتاب ومراجعه
- البرقي، أحمد بن محمد بن خالد: المحاسن، تحقيق جلال الدين الحسيني(المحدِّث)، ط1، طهران، دار الكتب الإسلامية, مطبعة رنكين، 1370هـ.ق/ 1330هـ.ش.
308
مصادر الكتاب ومراجعه
- الزرقاني، عبد العظيم: مناهل العرفان في علوم القرآن، تحقيق فوّاز أحمد زمَرلي، ط1، بيروت، دار الكتاب العربي، 1415هـ.ق/1995م.
309
مصادر الكتاب ومراجعه
- الصفّار، محمد بن الحسن: بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق وتقديم حسن كوچه باغي، لاط، طهران، منشورات الأعلمي, مطبعة الأحمدي، 1404هـ.ق/ 1362هـ.ش.
310
مصادر الكتاب ومراجعه
- الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: رجال الطوسي، تحقيق جواد القيومي الإصفهاني، ط1، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1415هـ.ق.
311
مصادر الكتاب ومراجعه
الجزائري، لاط، لام، مطبعة النجف، 1387هـ.ق.
312
مصادر الكتاب ومراجعه
- تفسير الإمام العسكري عليه السلام, تحقيق مدرسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، ط1، قم المقدّسة، نشر مدرسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف, مطبعة مهر، 1409هـ.ق.