المقدّمة
المقدّمة
الحمد للّه ربّ العالمين، وصلّى اللّه على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين، وعلى أنبياء اللّه أجمعين، أطبّاء البشر، الّذين أحكموا مراهمهم وأحمَوا مواسمهم، يضعون ذلك حيث الحاجة إليه.
الإسلام دين شامل في أحكامه، الفرديّة والاجتماعيّة والأسريّة والسياسيّة والاقتصاديّة والطبّيّة، إلى غير ذلك من مجالات الحياة.
وقد ارتأينا أن نضع بين أيديكم كتاباً في "فقه الطبيب" من "سلسلة الفقه الموضوعيّ"، عسى أن يُجيب عن الكثير من التساؤلات الطبّيّة الّتي يطرحها الأطبّاء والممرِّضون، حيث يواكبهم هذا الكتاب من مرحلة تعلّم الطبّ إلى مرحلة مباشرة العمل وطرق العلاج، وما يُلقى على الطبيب من مسؤوليّة نتيجة الأخطاء الّتي يمكن أن تحصل، مع الإشارة في الفصل الأوّل إلى بعض آداب الطبيب والممرِّض.
وقد زدنا في هذه الطبعة مسائل جديدة، وتمّ عرض الكتاب على مكتب الوكيل الشرعيّ للإمام الخامنئيّ دام ظله.
ونحن في مركز المعارف للتأليف والتحقيق نُجدّد لهم الشكر على ما يبذلونه من جهد تجاه إصداراتنا الفقهيّة.
نسأل اللّه لكلّ من شارك في هذا الكتاب الأجر والثواب، وللأطبّاء والممرّضين الفائدة المرجوّة.
مركز المعارف للتأليف والترجمة
9
1
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
تمهيد
إنّ مهنة الطبّ مهنة شريفة حثّ عليها الإسلام، وعدّها من العلوم الّتي ينبغي للإنسان أن يهتمّ بها، ففي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان"[1].
فعلم الطبّ علم يصبّ في خدمة البشريّة، ويصون أبدان بني البشر, لأنّ صحّة البدن تحمل الإنسان على أن يكون فعّالاً في مجتمعه، وساعياً في الأهداف الّتي خلقه اللّه تعالى لأجلها، وقد رُويَ عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "نعمتان مجهولتان: الأمن والعافية"[2].
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يَستَغني أهلُ كُلِّ بَلَدٍ عَن ثَلاثَةٍ يُفزَعُ إلَيهِم فِي أمرِ دُنياهُم وآخِرَتِهِم، فَإِن عَدِموا ذلِكَ كانوا هَمَجاً[3]: فَقيهٍ عالِمٍ وَرِعٍ، وأميرٍ خَيِّرٍ مُطاعٍ، وطَبيبٍ بَصيرٍ ثِقَةٍ"[4].
[1] المجلسيّ، العلّامة محمّد باقر بن محمّد تقي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، مؤسّسة الوفاء، لبنان - بيروت، 1403هـ - 1983م، ط2، ج1، ص220.
[2] النيسابوريّ، الشيخ محمّد بن الفتّال، روضة الواعظين، تقديم السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، إيران - قم، لا.ت، لا.ط، ص472.
[3] الهَمَجُ: رُذَالةُ الناس.
[4] الحرّانيّ، الشيخ ابن شعبة، تحف العقول عن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرَّفة، إيران - قم، 1404هـ - 1363ش، ط2، ص321.
13
2
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
آداب الطبيب
إنّ مهنة الطبّ ترتكز بشكل أساس على التعاطي بين طرفَين، الطرف الأوّل هو الطبيب والآخر هو المريض، ولأجل ذلك كان من المهمّ أن توضع ضوابط وأسس تحكم العلاقة بينهما.
ولأنّ مهنة الطبّ مهنة إنسانيّة بالدرجة الأولى، فإنّ من الضروريّ أن تكون هذه المهنة خاضعةً للآداب الّتي تحفظ كيانيّة الإنسان، ومن هنا وضع الإسلام آداباً للطبيب، فما هي هذه الآداب؟
1- الشعور بالمسؤوليّة
عن الإمام الصادق عليه السلام: "كَانَ الْمَسِيحُ عليه السلام يَقُولُ: إِنَّ التَّارِكَ شِفَاءَ الْمَجْرُوحِ مِنْ جُرْحِه شَرِيكٌ لِجَارِحِه لَا مَحَالَةَ؛ وذَلِكَ أَنَّ الْجَارِحَ أَرَادَ فَسَادَ الْمَجْرُوحِ، والتَّارِكَ لإِشْفَائِه لَمْ يَشَأْ صَلَاحَه، فَإِذَا لَمْ يَشَأْ صَلَاحَه فَقَدْ شَاءَ فَسَادَه اضْطِرَاراً"[1].
[1] الكلينيّ، الشيخ محمّد بن يعقوب بن إسحاق، الكافي، تحقيق وتصحيح علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلاميّة، إيران - طهران، 1363ش، ط5، ج8، ص345.
14
3
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
2- التعاطف مع المرضى
على الطبيب أن يتعاطى مع المرضى بحنان ورحمة وشفقة، فإنّ الحالة النفسيّة للمريض تحتاج إلى رعاية أيضاً.
وقد رُويَ عن الإمام الصادق عليه السلام: "كلّ ذي صناعة مضطرّ إلى ثلاث خلال يجتلب بها المكسب، وهو أن يكون حاذقاً بعمله، مؤدّياً للأمانة فيه، مستميلاً لمن استعمله"[1].
3- التقوى والنصح والاجتهاد
الطبيب صاحب رسالة سامية، ومهنة إنسانيّة كبيرة؛ لذا ينبغي عليه أن يكون تقيّاً في مهنته، بعيداً عن المتاجرة والاستغلال، وعليه أن لا يوفّر أيّاً من الفرص لتطوير قدراته العلاجيّة ومواكبة آخر الاكتشافات الطبّيّة والعلاجات المستحدثة، والاجتهاد في معرفة تفاصيل هذا العلم، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "من تطبّب فليتّقِ اللّه، ولينصح، وليجتهد"[2].
4- أخذ البراءة من المريض
لأنّ أخذ البراءة من المريض، ولا سيّما عند العلاجات الدقيقة والعمليّات الجراحيّة، الّتي لا مفرّ منها، والّتي يُحتمل فيها تعرُّض المريض لخطر الموت، أو خطر الإصابات البالغة، يحمي الطبيب من التفاعلات الّتي تحصل لو حدث فيما بعد أيّ أمر غير محمود، كتعرُّض المريض للموت أو للإعاقة لا سمح اللّه، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "مَن تَطَبَّب أو تَبَيطَرَ، فَليَأخُذِ البَراءَةَ مِن وَلِيِّهِ، وإلَّا فَهُوَ لَهُ ضامِنٌ"[3].
[1] الشيخ الحرّانيّ، تحف العقول، مصدر سابق، ص322.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج59، ص74.
[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج7، ص364.
15
4
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
5- بثّ الأمل في نفس المريض
ينبغي للطبيب أن يعمل على رفع معنويّات المريض، ويعطيَه الأمل دائماً في الشفاء، مهما عظُم داؤه، وساءت حالته، فعن أمير المؤمنين عليه السلام: "أعظَمُ البَلاءِ انقِطاعُ الرَّجاءِ"[1].
6- عدم التمييز بين الغنيّ والفقير
إنّ الإسلام في أصل معالجة المرضى، لا يُميّز بين مريض وآخر بلا فرق بين المسلمين وغيرهم؛ لذا على الطبيب أن ينظر إلى مرضاه نظرة واحدة ولا يُفضّل أحداً منهم على الآخر، سواء بالمعاملة أو بشدّة الاهتمام. رُويَ عن الإمام الرضا عليه السلام: "من لقيَ فقيراً مسلماً، فسلّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ لقي اللّه عزّ وجلّ يوم القيامة وهو عليه غضبان"[2].
[1] الليثيّ الواسطيّ، الشيخ كافي الدين أبو الحسن عليّ بن محمّد، عيون الحِكم والمواعظ، تحقيق الشيخ حسين الحسينيّ البيرجنديّ، دار الحديث، إيران - قمّ، 1418هـ، ط1، ص117.
[2] الصدوق، الشيخ محمّد بن علي بن بابويه، الأمالي، تحقيق قسم الدراسات الإسلاميّة - مؤسّسة البعثة، مركز الطباعة والنشر في مؤسّسة البعثة، إيران - قم، 1417هـ، ط1، ص527.
16
5
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
آداب الممرِّض
إنّ وظيفة الممرِّض لا تختلف عن وظيفة الطبيب كثيراً، إلّا أنّ وظيفة الطبيب العلاج، ووظيفة الممرِّض مواكبة هذا العلاج، فهي وظيفة إنسانيّة بامتياز، وبناءً على كونها كذلك لا بدّ للممرِّض من أن يُراعي أمرَين مهمّين:
1- الاهتمام الدائم والمراقبة
لِما في ذلك من الحفظ لهذا المريض، ولِما فيه من الأجر الكبير عند اللّه عزّ وجلّ، فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن قام على مريض يوماً وليلة، بعثه اللّه مع إبراهيم الخليل الرحمن، فجاز على الصراط كالبرق اللامع"[1].
2. قضاء حاجة المريض
أكّدت الشريعة كثيراً على استحباب السعي في قضاء حوائج المؤمنين بشكلٍ عامّ، والمريض بشكل خاصّ، فعن النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "من سعى لمريضٍ في حاجة، قضاها أو لم يقضِها، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه"[2].
[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج78، ص225.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، مصدر سابق، ص517.
17
6
الفصل الأوّل: آداب الطبيب والتطبيب
وليعلم الممرِّض أنّ الأجرَ الّذي وعد اللّه تعالى به من خدم مؤمناً في قضاء حاجته، كبيرٌ جدّاً، ويكفيه ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "قال اللّه عزّ وجلّ: الخلق عيالي، فأحبّهم إليّ ألطفهم بهم، وأسعاهم في حوائجهم"[1].
وفي رواية أخرى عن الإمام الكاظم عليه السلام: "إنّ للّه عباداً في الأرض يسعَون في حوائج الناس، هم الآمنون يوم القيامة"[2].
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص199.
[2] المصدر نفسه، ص197.
18
7
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
الحثُّ على تعلُّم الطبّ
ورد عن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "العلم علمان: علم الأديان وعلم الأبدان"[1].
يقول الإمام الخامنئيّ دام ظله: "إنّ للطالب الحرّيّة في اختيار الفرع الدراسيّ، ولكن ثمّة مسألة ينبغي الالتفات إليها، وهي أنّ دراسة العلوم الدينيّة إذا كانت ذات أهمّيّة من أجل ما يتوقّع منها من القدرة على تقديم الخدمة للمجتمع الإسلاميّ، فدراسة الطبّ بهدف التأهيل لتقديم الخدمات الصحّيّة للأمّة الإسلاميّة وعلاج المرضى وإنقاذ أرواحهم لها أهمّيّة كبرى أيضاً"[2].
فتعلُّم العلوم الطبّيّة بمختلف اختصاصاتها من نفسيّة وبدنيّة وداخليّة وجراحيّة وتخصُّصيّة واجب كفائيّ.
ويجب - وجوباً كفائيّاً - على النساء اللواتي لديهنَّ الاستعداد والإمكانات لتعلُّم العلوم الطبّيّة المتعلّقة بالنساء أن يتعلّمنها في حدود رفع الحاجة الضروريّة.
[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج1، ص220.
[2] الإمام الخامنئيّ، السيّد عليّ الحسينيّ، أجوبة الاستفتاءات، دار النبأ للنشر والتوزيع، الكويت، 1415هـ - 1995م، ط1، ج2، ص86.
21
8
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
لكن قد يعرض لطالب الطبّ أثناء دراسته بعض الأسئلة الشرعيّة الّتي لها علاقة بالاختلاط والنظر واللمس وغير ذلك ممّا قد يتعرّض له أثناء التعلُّم، فما هو الموقف الشرعيّ من هذه الأمور كلّها؟
فمجرّد كون المعاينة الطبّيّة من برامج التعليم أو كونها من فروض طالب الطبّ ليس مجوّزاً شرعيّاً لارتكاب أيّ مخالفة للشرع الحنيف، بل الملاك في هذا المجال الحاجة إلى التعلُّم للعمل على إنقاذ أرواح الناس، أو أن تقتضي الضرورة ذلك.
ولو قال الأستاذ المختصّ في الطبّ: أفضل المعاينات ما كان تامّاً شاملاً، ورأى الطالب بعد التأمُّل في حالة المريض أن لا ضرورة لبعض أنواع المعاينات، فإنّ تكليفه أن يعمل طبقاً لوظيفته الشرعيّة. وأمّا إلزام الأستاذ له واعتراضه عليه فليس مجوّزاً شرعيّاً لقيامه بتلك المعاينات غير الضروريّة.
22
9
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
النظر واللمس أثناء التعلُّم
- مجرّد التعلّم والتعليم لعلم الطبّ لا يُجوِّز شرعاً النظر أو اللمس المحرَّمَين. نعم، إذا توقّفت ضرورة العلاج من المرض على ذلك ولو في المستقبل، بحيث يكون طريق العلاج للمرض متوقّفاً على تحصيل العلوم الطبّيّة الّتي لا يُمكن الحصول عليها إلّا باللمس والنظر المحرَّمَين، فحينئذٍ لا مانع منه بمقدار الضرورة فيما إذا اطمأنّ أنّه سيُبتلى بمثل هذه الحالات في المستقبل.
- تجوز المعاينة الجسديّة للمريض من قِبل غير المماثل، والّتي تحصل في المستشفيات ويشترك فيها طلّاب في اختصاص الطبّ، إذا دعت إليها الضرورة لتحصيل الخبرة والمعرفة في علاج المرضى وإنقاذ أرواحهم، وإلّا فإنّ النظر إلى ما لا يحلّ النظر إليه من بدن الشخص غير جائز.
- تشخيص الضرورة في معاينة المرض من قِبَل غير المماثل بالنسبة للطلّاب في التخصُّص الطبّيّ موكول إلى تشخيص الطلّاب أنفسهم وبملاحظة الظروف الخاصّة بهم.
1- النظر واللمس للبالغ أثناء التعلّم
- تعلُّم الطبّ يستلزم إجراء فحوصات وتدريبات على المرضى، ممّا يستدعي في بعض الأحيان النظر واللمس. وهذه الفحوصات تُعتبر جزءاً من البرنامج الدراسيّ ولا يُمكن الاستغناء عنها لتشخيص الأمراض
23
10
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
في المستقبل، ففي هذه الحالة يجوز النظر واللمس ولكن بالمقدار الّذي تقتضيه الضرورة لتحصيل هذه الخبرة والمعرفة من أجل إنقاذ حياة الناس وعلاج أمراضهم، ومجرّد كون هذه الفحوصات من البرامج التعليميّة من دون حاجتها لإنقاذ حياة الناس وعلاجهم لا يجوّز ذلك.
2- الأعضاء التناسليّة (العورة)
- لا فرق في جواز النظر واللّمس أثناء التعلّم لإنقاذ حياة الناس أو للضرورة بين أن يكون النظر واللمس إلى الجسد أو للأعضاء التناسليّة، كحالات الولادة أو معالجة النزيف الناتج عنها.
3- الأفلام والصور
- النظر إلى الصور والأفلام ليس حكمه كحكم النظر المباشر إلى البدن؛ لذا يجوز النظر إلى صورة الشخص أو الفيلم الذي يعرضه إذا لم يكن مثيراً للشهوة ولم يكن بقصد التلذّذ والريبة، بل كان النظر إليه من أجل التعلّم فقط. وأمّا النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه سواء كان العورة أو غيرها من مواضع البدن فلا يجوز، حتّى وإن كان من خلال الصور والأفلام، إلّا إذا اطمأنّ الطالب أنّ إنقاذ حياة الإنسان في المستقبل متوقّفٌ على تحصيل المعلومات من هذا الطريق من أجل معالجة المرضى، وأنّه سيُبتلى بمثل هذه الحالة.
4- المجسّمات الصناعيّة
- النظر واللمس للأجساد والأشكال الاصطناعيّة حتّى العورة المجسّمة جائز، إن لم يكن بقصد الريبة ولم يُحرِّك الشهوة.
24
11
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
الاختلاط أثناء التعلّم
إنّ من الواجبات الضروريّة على المسلمين نساءً ورجالاً المحافظة على مظاهر الاحتشام، بل والمساهمة في بناء المجتمع الإسلاميّ بعيداً عن مظاهر الفتنة والفساد وما يُساهم في انحلال وإضعاف هذا المجتمع، فلذلك أوجب الإسلام ارتداء الحجاب على النساء ووضع حدوداً في التعاطي مع الرجال في البيت والسوق والمدرسة والعيادة والمستشفى والجامعة، وأمر كلّ جنس أن يلتزم الحدود الّتي رسمها له.
1- الاختلاط والنظر
- قد يضطرّ الطالب أو الطالبة للدخول إلى الجامعات أو الكليّات المختلطة، وهو ما يُسبّب اختلاط الشباب مع نساء متبرّجات يحضرن هناك للدراسة، ففي هذه الحالة يجوز الدخول إلى هذه المراكز التعليميّة من أجل التعلّم والتعليم بلا إشكال، ولكن يجب على النساء المحافظة على حجابهنّ، وكذلك يجب على الرجال الامتناع عن النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه والاجتناب عن الاختلاط المؤدّي إلى الخوف من الوقوع في الفتنة والفساد.
- في مراكز التعليم الطبّيّ والاستشفاء، حيث يُمكن الفصل بين الشباب والشابّات، ولكنّ المسؤولين المختصّين يُغفِلون ذلك، يجب على الطلّاب
25
12
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
مراعاة واجباتهم الشرعيّة من ارتداء الحجاب والاجتناب عن النظر واللمس المحرَّمَين وعدم المفسدة وغير ذلك.
2- الاختلاط والتكلّم
- يلتقي الطلّاب والطالبات في الجامعات والمدارس دائماً، وبحكم الزمالة في الدراسة يتبادلون الأحاديث المتنوّعة المتعلّقة بالدراسة وغيرها، ففي هذه الحالة إذا لم يصدق عنوان الخلوة على المكان المتواجدين فيه فلا يوجد إشكال في هذه الأحاديث إذا كانت ضمن الحدود الشرعيّة ومع المحافظة على الحجاب من قِبَل النساء، وكذلك إذا كان التعاطي خالياً من قصد الفتنة ومأموناً عن المفاسد.
3- تجميد الأجنّة
- يجب دفن الجنين الميّت، وأمّا حفظه في أوعية زجاجيّة بهدف الاستفادة منه في التعليم الطبّيّ، فلا يجوز. نعم، إذا توقّفت ضرورة العلاج من المرض ولو في المستقبل على تحصيل المعلومات والخبرة من هذا الطريق ولا يوجد طريق آخر غيره، فحينئذٍ يجوز بمقدار الضرورة فقط، ويجب بعد ذلك دفنه فوراً.
فائدة 1: معنى الضرورة
كثيراً ما نقرأ في الكتب الفقهيّة عبارة "الضرورة" كقوله: يجوز النظر واللمس إذا اقتضت الضرورة، ولا إشكال في النظر واللمس إذا كان من موارد الضرورة، ولا فرق في الحكم في موارد الضرورة.
ونرى أنّ هذه العبارة موجودة في كثير من الأبواب الفقهيّة، ولكنّها لا تأتي بمعنى واحد في الأبواب كلّها، بل الضرورات تُقدَّر بقدرها كمّاً وكيفاً. فالضرورة في باب النظر واللمس والتعلّم بمعنى دفع الضرر المعتنى به أو الهلاك والتلف أو الحرج والمشقّة الشديدة الّتي لا تتحمّل عادة، ويجب
26
13
الفصل الثاني: تعلُّم الطبّ
الاقتصار على مواطن الحاجة ولا يُتعدّى إلى غيرها، مثلاً إذا أراد أن يفحص الطبيب اليد من الزند للمرأة فلا يجوز أن يتعدّى في نظره إلى أزيد من ذلك أي الذراع والكتف ولمسه كذلك، بل يقتصر على ما ترتفع به الحاجة. وإذا اقتضت الضرورة في التعلّم حول أمراض المعدة وكيفيّة فحصها، فلا يجوز التعدّي إلى النظر ولمس الصدر أو النظر إلى العورة وغير ذلك.
فائدة 2: تشخيص الضرورة
بعد أن عرفنا معنى الضرورة، علينا أن نعرف من يُعيِّن أو يُشخِّص هذه الضرورة, أي كيف يثبت عندنا أنّ هذه المسألة ضرورة أم لا؟
هنا، بما أنّ الظروف تختلف من طالب إلى آخر ومن حالة مريض إلى آخر، فإنّ الضرورة ستختلف باختلاف الظروف الطارئة، وعلى هذا لا يُمكن تحديد ضابطة ثابتة؛ لهذا أرجع الشرع المقدّس مسألة تشخيص الضرورة إلى الطالب مع ملاحظة ظروفه.
27
14
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام الولادة
1- أحكام النظر
- لا يجوز حضور الرجال في الأماكن الّتي تلد فيها النساء، ولا سيّما إذا استلزم ذلك النظر واللمس المحرَّمَين، بل ولا يجوز حضور أحد من محارم المرأة غير الزوج إذا استلزم حضوره النظر إلى العورة، وأمّا الزوج فلا إشكال في حضوره.
- نظر الطبيبة والداية والممرِّضة إلى عورة المرأة عند وضع حملها عمداً وبدون اضطرار غير جائز.
- لو راجعت الحامل طبيباً (رجلاً)، واستلزمت المعاينة النظر واللمس المحرَّمَين، فلا يجوز له النظر واللمس بدون ضرورة. ومع إمكان رجوعها إلى الطبيبة (المرأة) التي فيها الكفاية، فلا يجوز الرجوع إلى الطبيب (الرجل)، إلّا مع الضرورة والاضطرار.
2- ما يجب على النساء حال الولادة
- يجب على النساء حال الولادة، ومع القدرة والالتفات، تغطية ما لا يجوز للغير النظر إليه من أبدانهنّ عن الناظر غير المماثل، أو أن يطلبن من أحد مساعدتهنّ على فعل ذلك.
3- رجوع الحامل إلى الطبيب الرجل للولادة
- تدخُّل الطبيب الرجل - غير الزوج - في أمور الولادة في غير الموارد الضروريّة، إذا كان مستلزماً للنظر أو اللمس المحرَّمَين غير جائز.
31
15
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- لو لم تتوفّر امرأة لمساعدة الحامل على وضع حملها، وكان عدم تدخُّل الرجل موجباً لتهديد حياة الأم أو الجنين، فلا مانع من تدخُّل الرجل في هذه الصورة، بل قد يجب ذلك فيما إذا توقّفت ضرورة العلاج أو رفع الخطر على ذلك حتّى وإن استلزم ذلك النظر أو اللمس المحرَّمَين.
- لو كان زوج الحامل طبيباً لديه مهارة التوليد وأمكنه ذلك، أو توفّرت لذلك طبيبة امرأة، فلا يجوز رجوع الحامل إلى الطبيب الرجل مع استلزامه النظر واللمس المحرَّمَين.
- لو كان رجوع الحامل إلى الطبيب مستلزماً للنظر واللمس المحرَّمَين فلا يجوز، إلّا أن يكون الرجوع إلى المماثل الحاذق (الطبيبة) غير ممكن أو موجباً للعسر والحرج الشديدَين، أو كان تأخير المراجعة يُعرِّض الأم أو الجنين للخطر.
- حالة الحمل في نفسها ليست حالة مرضيَّة تُجوِّز مراجعة الطبيب من غير المحارِم، ولا سيّما إذا استلزمت المراجعة اللمس والنظر المحرَّمَين. نعم، إذا كان هناك احتمال عقلائيّ بأنّ وضع الحامل يُشكّل حالة مرضيَّة معيّنة، ولم تتوفّر الطبيبة للمعالجة، فلا إشكال في الرجوع إلى الطبيب للمعاينة والمعالجة.
- النظر إلى الأعضاء الداخليّة للمريض حكمه كحكم النظر إلى البدن نفسه، فلا يجوز إذا كان من غير المماثل، بل الأحوط وجوباً الاجتناب عن النظر إلى الأعضاء الداخليّة من بدن المرأة حتّى بصورة غير مباشرة. نعم، إذا اقتضت ضرورة العلاج ذلك فيجوز في كلا الموردَين.
4- حكم العمل الجراحيّ للحامل
- إجراء العمل الجراحيّ للمرأة الحامل الّتي بإمكانها الولادة بشكل طبيعيّ توخّياً لألم أقلّ، لا مانع منه إذا لم يُشكّل ضرراً على الأم أو الجنين، ومع مراعاة الضوابط الشرعيّة المتقدّمة.
32
16
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام تحديد النسل
قال اللّه تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾[1].
1- منع الحمل المؤقّت
- لا يجوز للزوجة استخدام وسائل منع الحمل بدون إذن الزوج على الأحوط وجوباً.
- المرأة المريضة الّتي حذَّرها الأطبّاء من الحمل لكونه خطراً على حياتها، لا يجوز لها الحمل.
- لا يجوز للزوج إكراه الزوجة أو إلزامها باستخدام إحدى طرق منع الحمل.
- يجوز تركيب اللولب لمنع الحمل مع إذن الزوج إذا لم يستلزم النظر واللمس المحرَّمَين، وإلّا فلا يجوز إلّا مع الاضطرار.
- يجوز استخدام الأدوية والحبوب لمنع الحمل إذا لم يؤدِّ إلى ضرر معتدّ به في الزوجة وكان بإذن الزوج أيضاً.
[1] سورة المؤمنون، الآيات 14-12.
33
17
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
2- منع الحمل الدائم
- يجوز للمرأة المريضة الّتي يُحذِّرها الأطبّاء من الحمل لكونه خطراً على حياتها الامتناع عن الحمل، بل يجب عليها ذلك، ولا يُشترط إذن الزوج حينئذٍ. ويجوز لها إجراء عمليّة لمنع الحمل الدائم أيضاً لو توقّف الأمر على ذلك، ولا يجوز لها الحمل اختياراً فيما لو كان فيه خطر على حياتها.
- يجوز للنساء اللّاتي يلدن أولاداً مشوَّهين ومرضى أن يجرين منعاً دائماً للحمل إذا كان بإذن أزواجهنّ، وكان مأموناً من الضرر المعتدّ به عليهنّ، وكان لغرض عقلائيّ محلّل شرعاً بشرط الاجتناب عن النظر واللمس المحرَّمَين إلّا مع الضرورة، فيقتصر على ما يرفع الضرورة.
3- شروط منع الحمل
- يجوز منع الحمل الدائم لعامَّة النساء ضمن الشروط الآتية:
الأوّل: إذا كان ثمّة غرض عقلائي محلّل شرعاً لمنع الحمل.
الثاني: إذا كانت المرأة مأمونة من ضرر جسديّ ونفسيّ.
الثالث: إذا أذِن الزوج بذلك.
الرابع: إذا اجتنبت عن ارتكاب المقدّمات المحرَّمة، كاللمس والنظر المحرَّمَين.
سؤال: سدّ الأنابيب يُؤدّي إلى العقم الدائم، ويتوقّف احتمال الحمل مجدّداً على إجراء عمليّة جراحيّة تكون فيها فرصة النجاح 50%. فهل يجوز الإقدام على سدّ الأنابيب، بملاحظة النتيجة المذكورة، وبهدف الحدّ من النسل، أو تنظيم النسل؟
34
18
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الجواب: لا إشكال في ما ذُكر في نفسه، ولكن يجب الاجتناب عن النظر واللمس المحرَّمَين، وعلى المرأة تحصيل إذن الزوج.
4- منع تكاثر النسل عند الرجل
- لا يتوقّف منع التكاثر عند الرجل، سواء كان مؤقّتاً كالعزل أو دائماً كإغلاق القناة المنويّة بالطرق المحلّلة شرعاً على رضا الزوجة وعدمه، بل يجوز له ذلك حتّى لو كانت الزوجة غير راضية.
- يجوز منع التكاثر الدائم بإغلاق القناة المنويّة بشرطَين:
الأوّل: إذا كان لغرض عقلائيّ محلّل شرعاً, أي لسبب وجيه يُقرّه العقلاء.
الثاني: إذا كان مأموناً من الضرر المعتنى به.
- من أجرى عمليّة جراحيّة أدّت إلى العقم عنده، لا يجب عليه أن يُعالج نفسه ليعود كما كان.
35
19
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام إسقاط الجنين
قال اللّه تعالى: ﴿قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾[1].
إنّ مسألة الإجهاض قد تفشَّت في المجتمعات إمّا لأسباب أو بدونها. وقد حرَّم الإسلام بشدّة قتل النفس حتّى لو كان جنيناً ولو من الزنا، أو كان بسبب وجود مشكلات وصعوبات اقتصاديّة عند الزوجين، فكلّ ذلك لا يُبرّر إسقاطه، حتّى لو كان الجنين في الأشهر الأولى من الحمل وقبل ولوج الروح فيه. وهنا نُبيِّن تكليف الطبيب من هذه المسألة وما يترتّب عليه.
1- الإسقاط قبل ولوج الروح
إمّا أن يكون بسبب نقص في الخلقة أو للخوف على حياة الأمّ أو للمشكلات وصعوبة الحياة الاقتصادية، وإمّا لوجود مرض فيه يصعب معه المحافظة على حياته. فالصور في المسألة أربع:
[1] سورة الأنعام، الآية 151.
37
20
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الأولى: إسقاطه قبل ولوج الروح لو كان ناقص الخلقة:
- لا يجوز إسقاطه في هذه الحالة حتّى قبل ولوج الروح فيه لمجرّد كونه ناقص الخلقة، وأنّه سيُعاني بعض الصعوبات بعد تولّده.
الثانية: إسقاطه قبل ولوج الروح مع الخوف على حياة الأمّ:
- إذا شخَّص الطبيب وجود خطر حقيقيّ على الأمّ جاز إسقاط الجنين قبل ولوج الروح فيه.
الثالثة: إسقاطه بسبب الضائقة الاجتماعيّة:
- لا يجوز إسقاط الجنين لمجرّد الضائقة الاجتماعيّة ووجود مشكلات وصعوبات اقتصادية بحيث لا يستطيع الأب أن يُلبّي احتياجات الأولاد.
الرابعة: إذا كان مصاباً بمرض تكون فيه المحافظة على حياته صعبة:
- إذا كان تشخيص مرض الجنين قطعياً، وكانت المحافظة على هذا الولد بعد ولادته حرجيّة بالنسبة إليه أو لمن يرعاه، فيجوز إسقاطه قبل ولوج الروح، ولكن الأحوط وجوباً دفع الدية.
2- إسقاط النطفة المنعقدة قبل صيرورتها علقة
- لا يجوز إسقاط النطفة بعد استقرارها في الرحم، سواء كانت نطفة أو علقة أو مضغة أو كانت في أيّ مرحلة من مراحل الجنين.
3- إسقاط الجنين بعد ولوج الروح فيه
- لا يجوز إسقاط الجنين بعد ولوج الروح فيه إلّا في حالتين:
الأولى: إذا كان في بقاء الحمل القضاء على حياة الجنين وحياة الأم معاً ولم يُمكن إنقاذ الجنين بحال، بل يُمكن إنقاذ الأمّ فقط، ففي هذه الحالة يجوز إسقاط الجنين ولو بعد ولوج الروح فيه.
38
21
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الثانية: لو كان في بقاء الجنين خطر على حياة الأم بحيث يدور الأمر بين حياته أو حياتها، فحينئذٍ يجوز للأم، من باب الدفاع عن نفسها، إسقاطه بنفسها.
4- موت الجنين في بطن أمّه
- لو مات الجنين في بطن أمّه وخيف عليها من بقائه، وجب إخراجه بالأرفق فالأرفق بأمّه، ولو اقتضى ذلك إلى تقطيعه قطعة قطعة مع ملاحظة الشروط السابقة في اللمس والنظر.
5- موت الأمّ والجنين حيّ
- لو ماتت الأمّ وكان الجنين حيّاً وجب إخراجه ولو بشقّ بطن الأمّ من الموضع الّذي يكون الخروج منه أسلم، ومع التساوي بين المواضع فالأحوط استحباباً شقّ جنبها الأيسر.
- لو مات الجنين بموت أمّه، أو ماتت أمّه قبل ولوج الروح فيه فلا يجب إخراجه من بطن أمّه، بل لا يجوز إخراجه.
- لو ماتت الحامل وأمكن إخراج جنينها حيّاً بعد ولوج الروح فيه وجب إخراجه سريعاً، ولا يجوز دفن الأمّ ما لم يُحرز موت الجنين.
- لو دُفنت الأمّ الحامل ودُفن معها جنينها حيّاً بعد ولوج الروح فيه، فإن احتمل كونه حيّاً بعد الدفن وجب نبش القبر لإخراجه.
- لو توقّف حفظ حياة الجنين بعد ولوج الروح فيه في أحشاء أمه الميتة على تأخير دفنها، فالظاهر وجوب التأخير بهدف الحفاظ على حياة الجنين.
- لو قال أحد بجواز دفن المرأة الحامل الميتة مع كون جنينها حيّاً بعد ولوج الروح فيه، فدُفنت المرأة بناءً على قوله، ما أفضى إلى موت الجنين،
39
22
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
فعلى المباشر بالدفن الدية، إلّا أن يكون موت الجنين مستنداً إلى قول القائل بجواز الدفن فتجب الدية عليه.
6- وجوب حفظ الجنين
- لو وصف الطبيب دواءً للحامل وبه يبقى الجنين سالماً؛ فإذا كان يحتمل احتمالاً عقلائيّاً معتدّاً به أنّ ترك تناول الدواء سيؤدّي إلى سقوط الجنين فلا يجوز لها ترك تناوله، ولا فرق في ذلك بين كون الجنين قبل ولوج الروح فيه أو بعد ذلك.
أ- الشكّ في وجود الحمل
- يجوز للمرأة تناول الدواء الذي يسقط الجنين على فرض الشكّ في وجوده. نعم، إذا كان هناك احتمال عقلائيّ معتدٌّ به بوجود الحمل فلا يجوز لها تناول الدواء المذكور.
ب- تناول الدواء للعلاج من المرض
- يجوز للمرأة الحامل تناول الدواء لعلاج نفسها من المرض المصابة به مع توقّف العلاج الضروريّ على تناوله وإلّا تقع في الضرر، حتّى وإن أدّى هذا الأمر إلى موت جنينها أو إسقاطه.
ج- إعلام الوالدين بحالة الجنين
- لو علم الطبيب استناداً إلى العلوم الطبّيّة المتطوّرة أنّ الجنين ناقص الخلقة لا يجب عليه إعلام الوالدين بما يعرف، إلّا أن يقتضي القانون إعلامهم أو تكون مراجعتهم إلى الطبيب ودفع المال بهدف الاطّلاع نفسه.
7- إخراج الجنين من الرحم قبل أوان ولادته
- لو شخّص الطبيب المختصّ لزوم إخراج الجنين من الرحم وحفظه في الجهاز الخاصّ به حفاظاً على حياته، جاز ذلك، بل وجب لو كان في بقائه
40
23
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
في الرحم خطرٌ على حياته ولم يُمكن إنقاذه إلّا بهذه الطريقة، ولم يكن هناك ضرر معتنى به على الأمّ أيضاً. ولا فرق في ذلك بين أن يكون ذلك قبل ولوج الروح أو بعده.
8- دية الجنين
- من أسقطت جنينها عمداً وجبت عليها الدية دون القصاص.
- في الموارد الّتي يحرم فيها إجهاض الجنين تجب الدية، وحتّى في بعض الموارد الّتي يجوز فيها الإجهاض طبقاً لما ذكرنا تجب الدية احتياطاً وجوبيّاً.
أ- وجوب الدية على من باشر الإجهاض
- تجب الدية على من باشر الإجهاض، فإذا باشر الطبيب الإجهاض كانت عليه الدية، وإذا باشرت الممرّضة ذلك بزرق الإبرة كانت الدية عليها، وإذا تناولت الأمّ الدواء وجبت عليها الدية.
- لو باشر الطبيب إسقاط الجنين بناءً على طلب الوالد أو الوالدة فالدية عليه.
- يحرم على المرأة الّتي حملت من الزنا إسقاط الجنين، وطَلبُ والديها لا يُبرّر لها ذلك، وعليها الدية لو كانت هي المباشرة أو المساعِدة في الإسقاط، بحيث يُسنَد الإسقاط إليها.
- يمرُّ الجنين قبل ولوج الروح فيه في مراحل مختلفة وتختلف الدية فيه باختلاف المراحل، وهي:
1- النطفة: والدية فيها عشرون ديناراً.
2- العَلَقة: والدية فيها أربعون ديناراً.
3- المضغة: (وهي قطعة لحم) والدية فيها ستون ديناراً.
41
24
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
4- العظام: والدية فيها ثمانون ديناراً.
5- نبات اللحم على العظام: والدية فيه مئة دينار.
- الدية في الجنين المكتمل - أي بعد ولوج الروح فيه - دية إنسان كامل, أي ألف دينار.
- الدينار يساوي 6‚3 غراماً من الذهب.
مراحل الجنين
مقدار الدية
ما يعادل
(الدينار = 3،6 غرام ذهباً)
النطفة
20 ديناراً
72 غرام ذهباً
العلقة
40 ديناراً
144 غرام ذهباً
المضغة
60 ديناراً
216 غرام ذهباً
العظام
80 ديناراً
288 غرام ذهباً
نبات اللحم على العظام
100 دينار
360 غرام ذهباً
الجنين المكتمل
1000 دينار
(دية إنسان كامل)
3600 غرام ذهباً
ب- دية الجنين إذا لم يُعلم كونه ذكراً أم أنثى
- لا فرق في دية السقط بين كونه ذكراً أوأنثى قبل ولوج الروح، وأمّا بعد ولوج الروح فيه فتكون دية الأنثى نصف دية الذكر.
- لو لم يُعلم جنس الجنين بعد ولوج الروح، فلا تفاوت في الدية.
ج- دية السقط التوأم أو أكثر
- لو أسقط توأماً أو أكثر وجبت الدية بعددهم وطبقاً لما ذكرنا من مراحل الجنين.
د- دية الحامل المقتولة مع جنينها
- لو قُتلت المرأة الحامل مع جنينها وجب دفع الدية لها ولجنينها.
42
25
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- لو تهاون أو قصّر الطبيب أو الداية في العلاج والطبابة فماتت الأمّ وجنينها، فعليهما الدية حسبما هو مقرّر في الشرع.
ه. ورثة دية الجنين السقط
- تُدفع الدية إلى الوارث الشرعيّ، فإذا كان هو المباشر في الإجهاض فلا سهم له منها.
- الجنين المتولّد من زنا لا وارث له، فتُدفع ديته إلى الحاكم الشرعيّ.
و- أحكام أخرى للسقط والأجنَّة
- السقط من الأجنّة إذا تمّ له أربعة أشهر فالواجب على كلّ مسلم أن يُعامله معاملة كافّة المكلّفين لناحية الغسل والكفن والدفن، ولكن لا صلاة عليه.
- السقط قبل إتمام أربعة أشهر لا يجب تغسيله، بل يُلفّ في خرقة ويدفن.
- لمس الجنين السقط بعد برد تمام بدنه يوجب غسل مسّ الميّت إذا أتمّ أربعة أشهر.
43
26
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- لو تهاون أو قصّر الطبيب أو الداية في العلاج والطبابة فماتت الأمّ وجنينها، فعليهما الدية حسبما هو مقرّر في الشرع.
ه. ورثة دية الجنين السقط
- تُدفع الدية إلى الوارث الشرعيّ، فإذا كان هو المباشر في الإجهاض فلا سهم له منها.
- الجنين المتولّد من زنا لا وارث له، فتُدفع ديته إلى الحاكم الشرعيّ.
و- أحكام أخرى للسقط والأجنَّة
- السقط من الأجنّة إذا تمّ له أربعة أشهر فالواجب على كلّ مسلم أن يُعامله معاملة كافّة المكلّفين لناحية الغسل والكفن والدفن، ولكن لا صلاة عليه.
- السقط قبل إتمام أربعة أشهر لا يجب تغسيله، بل يُلفّ في خرقة ويدفن.
- لمس الجنين السقط بعد برد تمام بدنه يوجب غسل مسّ الميّت إذا أتمّ أربعة أشهر.
43
26
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام التلقيح الصناعيّ
مع تقدّم وتطوّر العلوم الطبيعية والطبّيّة وابتكار وسائل جديدة للحمل، خصوصاً مع عقم أحد الزوجين وحاجتهما إلى الإنجاب لما يُسبّب عدمه الحرج الشديد والخلاف بين الزوجين، وقد يؤدّي في كثير من الحالات إلى هدم الحياة الأسريّة والعائلية، فقد طُرحت تساؤلات وإشكالات عدّة حول جواز التلقيح الصناعيّ وما يستلزمه من العناوين المحرَّمة. ونحن هنا نُبيِّن وظيفة الطبيب والحكم الشرعيّ المتعلّق به.
يجوز إجراء عمليّة التلقيح الصناعيّ. ولكن يجب الاجتناب عن المقدّمات المحرّمة شرعاً كاللمس والنظر المحرَّمَين. فإذا كان الزوج هو الطبيب الملقِّح فلا يوجد أيّ إشكال في المسألة. وإن كان طبيباً أجنبيّاً لا يجوز إذا استلزم ذلك النظر أو اللمس المحرَّمَين إلى البدن أو العورة. وإذا كانت الملقِّحة امرأة طبيبة فلا يجوز إذا استلزم ذلك النظر أو اللمس المحرَّمَين إلى العورة.
1- تلقيح المرأة بماء زوجها
- التلقيح الصناعيّ بماء الزوج لا إشكال فيه في نفسه، ولكن يجب اجتناب المقدّمات المحرّمة كاللمس والنظر المحرَّمَين.
- الطفل المتولّد من اللقاح الصناعيّ يلحق بالزوجة صاحبة البويضة والزوج صاحب الماء.
44
27
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- لو نتج عن التلقيح طفل، أُلحق بصاحب الماء وصاحبة البويضة. وإلحاقه بصاحبة الرحم فيه إشكال، فيجب عليهما الاحتياط في ترتيب آثار النسب بالنسبة لصاحبة الرحم.
- يجوز للطبيب أن يُلقّح المرأة بماء زوجها حتّى بعد وفاته إذا لم يستلزم مقدّمات محرّمة أيضاً. وأما أخذ المنيّ منه بعد وفاته فلا يجوز إلّا مع الوصيّة بذلك منه أو بإجازة وليّه.
- على المرأة المتزوّجة الحصول على إذن زوجها إذا أرادت التلقيح بماء رجل آخر حتّى وإن كان الماء من زوجها الأوّل المتوفّى.
- لو أُخِذ ماءُ الرجل وبويضةُ المرأة، فلُقِّحَت به وزُرعت في رحم زوجة أخرى لنفس الرجل، فلا مانع من ذلك شرعاً، كما لا فرق بين كون الزوجة دائمة أو منقطعة، ولا بين كون إحدى الزوجتين دائمة والأخرى منقطعة.
2- تلقيح المرأة بماء الأجنبيّ
- يجوز تلقيح المرأة بنطفة رجل أجنبيّ إذا كان بإذن زوجها ومع الاجتناب عن المقدّمات المحرَّمة من قبيل النظر واللمس المحرَّمَين.
- لو تولّد طفل من التلقيح المذكور في المسألة السابقة فلا يُلحق بزوج المرأة، بل يُلحق بصاحب النطفة وصاحبة البويضة، وبالنسبة للزوج يكون الطفلُ ابنَ زوجته أو ابنتَها.
- زرع جنين متشكّل من زوجين في رحم امرأة أخرى لا مانع منه شرعاً. ولكن يجب الاجتناب عن المقدِّمات المحرّمة من قبيل اللمس والنظر المحرَّمَين.
- المتولّد من التلقيح المذكور يلحق بالرجل صاحب النطفة والمرأة صاحبة البويضة، ويصبح محرماً بالنسبة لمحارمهما، ويجب الاحتياط في ذلك بالنسبة إلى صاحبة الرحم.
45
28
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
3- إجارة الرحم
- إجارة الرحم واستئجارها بقصد التلقيح بنطفة رجل أجنبيّ لا مانع منها شرعاً في نفسها ما لم يترتّب عليها أمر آخر محرّم. ولكن يجب الاجتناب عن المقدّمات المحرّمة شرعاً كاللمس والنظر المحرَّمَين. ولو كانت المرأة متزوّجة فيجب الاستئذان من زوجها أيضاً.
4- زرع البويضة عند المرأة
سؤال: البويضة ضروريّة لعمل اللقاح. وقد يُصادف بعض الزوجات أنّها لا تمتلك هذه البويضة ما يجعلها عاجزة عن الإنجاب، ما يؤدّي إلى هدم الأسرة والانفصال، وعليه فهل يجوز إجراء عمليّة زرع بويضة امرأة أخرى في رحم الزوجة بعد تلقيحها بماء الزوج؟
الجواب: يجوز إجراء هذه العمليّة (زرع البويضة في رحم الزوجة) مع الاجتناب عن المقدّمات المحرّمة حتّى لو كانت يائسة غير قادرة على الإنجاب أو كانت البويضة عند الزوجة ضعيفة.
46
29
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام عمليّات التجميل
- عمليّات التجميل مثل شدّ الوجه أو تصغير الأنف وغير ذلك، لا مانع منها في نفسها بشرط الاجتناب عن النظر واللمس المحرَّمَين.
- إذا باشرت العمليّة طبيبة لا إشكال في ذلك بالنسبة إلى النساء، أمّا لو باشر الطبيب ذلك فإنّه يجب عليه مراعاة الأحكام الشرعيّة المرتبطة بذلك كاللمس والنظر المحرَّمَين، وإلّا لو لم يُراعَ ذلك حَرُم.
- جراحة الأنف أو الأذن لجهة تجميلها إذا لم تكن موجبة لضرر معتدّ به فلا مانع منها في نفسها مع الاجتناب عن اللمس والنظر المحرَّمَين.
- ليس العمل الجراحيّ لجهة التجميل من جملة أعمال العلاج والاستشفاء، فيحرم فيه النظر واللمس المحرَّمَين، إلّا أن يكون ذلك من أجل مداواة الحروق وما شابه ذلك مما يُعدّ في الحقيقة من أعمال العلاج والاستشفاء، فيجوز بالشروط المتقدّمة من الضرورة وعدم توفّر المماثل وما شابه.
- من أُجريت لها عمليّة جراحيّة لتجميل أنفها ونحوه لا يجب عليها ستره عن غير المحارم إلّا أن يُعدّ زينةً عرفاً أو يكون ملفتاً للنظر، فحينئذٍ يجب ستره عن الرجل الأجنبيّ.
49
30
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام عمليّات التجميل
- عمليّات التجميل مثل شدّ الوجه أو تصغير الأنف وغير ذلك، لا مانع منها في نفسها بشرط الاجتناب عن النظر واللمس المحرَّمَين.
- إذا باشرت العمليّة طبيبة لا إشكال في ذلك بالنسبة إلى النساء، أمّا لو باشر الطبيب ذلك فإنّه يجب عليه مراعاة الأحكام الشرعيّة المرتبطة بذلك كاللمس والنظر المحرَّمَين، وإلّا لو لم يُراعَ ذلك حَرُم.
- جراحة الأنف أو الأذن لجهة تجميلها إذا لم تكن موجبة لضرر معتدّ به فلا مانع منها في نفسها مع الاجتناب عن اللمس والنظر المحرَّمَين.
- ليس العمل الجراحيّ لجهة التجميل من جملة أعمال العلاج والاستشفاء، فيحرم فيه النظر واللمس المحرَّمَين، إلّا أن يكون ذلك من أجل مداواة الحروق وما شابه ذلك مما يُعدّ في الحقيقة من أعمال العلاج والاستشفاء، فيجوز بالشروط المتقدّمة من الضرورة وعدم توفّر المماثل وما شابه.
- من أُجريت لها عمليّة جراحيّة لتجميل أنفها ونحوه لا يجب عليها ستره عن غير المحارم إلّا أن يُعدّ زينةً عرفاً أو يكون ملفتاً للنظر، فحينئذٍ يجب ستره عن الرجل الأجنبيّ.
47
31
الفصل الرابع: أحكام العلاج
ترميم غشاء البكارة
- لا يجوز ترميم غشاء البكارة إذا استلزم فعلاً محرّماً من قبيل اللمس أو النظر المحرَّمَين، ولا يكفي في جواز ذلك ما يُقال من بذل ماء الوجه والحيثية وما شابه.
48
32
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام تغيير الجنس
- تختلف مسألة تغيير الجنس عن مسألة إظهار الجنسيّة الواقعيّة للشخص. فلو كان ثمّة شخص ظاهره أنثويّ ولكن باطنه النفسيّ وسلوكه وميوله الجنسيّ ذكوريّ أو العكس، فلا شبهة ولا إشكال في إجراء العمليّة له للكشف عن جنسيّته الواقعيّة الحقيقيّة، حتّى لو استلزمت اللمس والنظر المحرَّمَين مع الضرورة لذلك.
جواز تغيير الجنس
مع التقدّم الّذي أحرزه العلم في مجال الطبّ أصبح بالإمكان إجراء عمليّات جراحيّة وتحويل الجنس إلى آخر أي تحويل جنس الرجل إلى امرأة وتحويل المرأة إلى رجل، فهل هذا العمل جائز بالنسبة للطبيب؟ وما هي قيود هذا العمل على فرض الجواز؟
- يجوز للطبيب إجراء العمليّة الجراحيّة لتغيير الجنس بالشرائط الآتية:
الأوّل: إذا كانت الغاية من التغيير كشف الجنسيّة الواقعيّة، بأن يُصبح الرجل امرأة واقعاً وحقيقة، أو تُصبح المرأة رجلاً كذلك.
الثاني: أن لا تستلزم فعلاً محرَّماً كالنظر واللَّمس إلّا مع الضرورة والحرج الشديدَين.
الثالث: أن لا يتسبّب التغيير بترتّب مفسدة.
49
33
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الترقيع (زراعة الأعضاء)
مصطلح الترقيع المقصود به زرع الأعضاء بعد استئصالها من الغير.
1- من الحيوان
- يجوز زرع عضو الحيوان، بعد انتزاعه، في بدن الإنسان ويصير طاهراً إذا دخلت إليه الحياة وصار جزءاً من الإنسان.
2- من الإنسان الحيّ المسلم
- يجوز التبرّع بالأعضاء (كالكلية وغيرها) أو بيعها إذا لم يؤدِّ إلى ضرر أو حرج على المتبرّع. وقد يجب ذلك إذا توقّف عليه إنقاذ النفس المحترمة.
- يجوز زرع الخصية في بدن الإنسان ليُصبح قادراً على الإنجاب. وبعد الترقيع والالتئام في البدن كجزء حيّ منه يحكم بطهارتها أيضاً ويحكم بإلحاق الولد به شرعاً إذا انعقدت نطفته منها.
- يجوز زرع الشعر في بدن الإنسان إذا كان من إنسان أو حيوان يحلّ أكله.
3- من الإنسان الميّت
- يجوز الاستفادة من بعض أعضاء جسد الميّت المسلم لترقيعها ببدن شخص آخر لإنقاذ حياته أو علاج مرضه إذا لم يوجب ذلك هتك حرمته.
50
34
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- يجوز أن يوصي الإنسان بالتبرّع أو بيع بعض أعضائه بعد الموت ما لم يكن في نزعها منه هتك لحرمة الميّت، وإلّا فلا يجوز.
- يجوز الاستفادة من شرايين الميّت المسلم إذا أذن في حياته أو أولياؤه بعد موته أو توقّف إنقاذ نفس محترمة عليه.
- لا يجوز قلع العين من جسد الميّت. نعم، يجوز أخذ القرنية من الميّت المسلم إذا أذِن قبل موته، وإلّا فلا يجوز أخذها منه، ولو أُخذت في هذه الحالة يجب الدية بأخذها.
4- من الجنين
- لا يجوز أخذ عضو من الجنين الحيّ إذا أدّى ذلك إلى موته أو إلى ضرر معتدّ به.
5- بيع الدم
- يجوز بيع الدم والمصالحة على ثمنه، ونقله من مريض إلى آخر.
51
35
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام التشريح والطبّ الشرعيّ
1- التشريح
قد يضطرّ الطبيب في بعض الحالات، وبطلب من القوّة الجنائية، إلى تشريح الميِّت لمعرفة سبب وفاته، أو أثناء تدريس الطبّ ليطّلع على أعضاء الجسم ووظائفه. فهل يجوز تشريح بدن الميّت أم لا؟
أ- تشريح الميّت المسلم
- لا يجوز تشريح الميّت المسلم إلّا إذا توقّف على تشريحه إنقاذ إنسان أو اكتشاف علميّ جديد يحتاجه المجتمع إليه، كمرضٍ يُهدّد حياة الناس.
- يجوز تشريح الميّت المسلم لاستخراج قطعة البلاتين من جسده لقيمتها وندرتها وذلك إذا لم يُسبّب إخراجها هتك حرمة الميّت المسلم وإلّا فلا يجوز.
- لو أدّى التشريح إلى قطع رأس المسلم أو أحد أعضائه وجب دفع الدية.
- لا يجوز تشريح الميّت المسلم لنقله من بلدٍ إلى آخر حتّى لو توقّف النقل على التشريح.
52
36
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
ب- تشريح بدن مجهول الهويّة
- أجساد مجهولي الهويّة والّتي تُشترى للتشريح بأسعار متهاودة وتوضع في اختيار المستشفيات، إذا كانت في البلاد الإسلاميّة فحكمها حكم المسلمين، لا يجوز تشريحها.
- لو وُجد جسد مجهول الهويّة في البلاد الإسلاميّة، ولا يُعرف دينه ولا مذهبه ولا تابعيّته، فحكمه حكم جسد المسلم، لا يجوز تشريحه.
ج- تشريح جسد من لا وارث له
- لا تجوز الاستفادة من جسد الميّت الّذي لا أهل له ولا وارث أو من لا يُمكن الوصول إلى أهله أو ورَّاثه بتشريحه في الجامعات الطبّيّة أو المستشفيات أو ما شابه من المراكز، ومنه حفظ قلبه أو كبده أو كليته في أوان زجاجيّة، فإنّ عدم وجود الأهل أو الورَّاث لا يُجوِّز هذه الاستفادة.
د- تأمين الأجساد والعظام بهدف التشريح
- لا يجوز نبش قبور أموات المسلمين للحصول على أجسادهم أو عظامهم بقصد الاستفادة منها في المسائل التعليمية في الجامعات أو المستشفيات، إلّا أن تدعو الحاجة الطبّيّة الفورية إلى ذلك.
هـ- المراجع القانونيّة وإجراء التشريح
- المراجع القانونية المختصّة، كالطبيب الشرعيّ، مجازة بأعمال تشخيص الموت المشكوك -الجرائم وما شابه- وذلك من أجل إحقاق الحقّ أو إنقاذ النفس المحترمة.
و- نبش القبر بهدف تشريح الميّت
- لا مانع من نبش القبر بقصد تشريح بدن الميّت لأجل نجاة المتّهم بالقتل أو لمعرفة القاتل.
53
37
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
ز- حكم النظر إلى الجسد وحكم لمسه
- في الموارد الّتي يجوز فيها التشريح، إذا كانت نجاة أرواح الناس أو شفاء بعض الأمراض متوقّفة على نوع من التعليم يستلزم النظر إلى عورة الميّت أو لمسها، جاز ذلك في حدّ الضرورة، ولا إشكال فيه.
ح- أحكام مسّ الميّت حال تشريحه
- الطلّاب الّذين يعملون في الفروع الطبّيّة فيلمسون جسد الميّت عند تشريحه إذا علموا أنّه قد غُسِّل فلا يجب عليهم الغسل بمسّه، وأمّا إذا لم يُحرزوا أنّه قد غُسّل فيجب بمسِّه الغسل.
- لو شُكّ في تغسيل الميّت ولم يُحرز بوجه أكيد فيجب الغسل بمسّه.
- لو أُحرز أصل تغسيل الميّت وشُكّ في صحة الغسل فلا يجب الغسل بمسّه.
2- الطبّ الشرعيّ
الطبّ الشرعيّ اختصاص طبّيّ ينظر في مسائل الطبّ من وجهة النظر الحقوقيّة والجزائيّة والجنائيّة. وتُعدّ شهادة الطبيب في هذه الموارد شهادة معتبرة تترتّب عليها سائر النتائج المتعلّقة بها.
ويُعدّ الطبّ الشرعيّ اليوم وسيلة قانونيّة لإثبات الجرائم في المحاكم القضائيّة. وهكذا يُعَدُّ شاهداً مقبولاً على إثبات الاعتداء من ضرب وما شابه. وهنا بعض الأحكام الخاصّة بالطبّ الشرعيّ.
- معاينة جسد المرأة العاري من قِبَل الطبيب الشرعيّ بهدف إصدار شهادة وفاة إذا لم يكن من امرأة تقوم بذلك ولم يتوقّف عليه إحقاق الحقّ أو إنقاذ النفس المحترمة فلا يجوز، وأمّا إذا توقّف عليه ذلك فيجوز بمقدار ذلك فقط.
54
38
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- حكم النظر إلى بدن الميّت ولمسه كحكم النظر إلى بدن الحيّ ولمسه. وعليه، فإذا أصدر "القاضي الصالح"[1] أمراً لتشخيص بعض الموضوعات للأحكام الشرعيّة فلا إشكال في النظر إلى جسد غير المماثل في حدود الضرورة (أي إحقاق الحقّ أو إنقاذ النفس المحترمة).
صدور شهادة من قِبَل طبيب الطبّ الشرعيّ
- يجوز إصدار شهادة من قِبَل الطبيب الشرعيّ بهدف إظهار علّة المرض للحصول على فترة راحة بشرطَين:
الأوّل: أن يكون الطبيب مطمئنّاً إلى وجود المرض.
الثاني: أن لا يكون صدور مثل هذه الشهادة مخالفاً للقانون والمقرّرات المرعيّة الإجراء.
- إصدار شهادة خلافاً للواقع من قِبل الطبيب الشرعيّ عمداً غير جائز، وأمّا سهواً فيجب تدارك ذلك قدر الإمكان.
- لو أدّت الشهادة الكاذبة إلى أعباء مالية وجب الضمان على المسبّب لذلك.
- يجوز الدفن بناءً على قول الطبيب المختصّ مستنداً إلى وثائق ومستندات خاصّة إذا ولَّد قوله اليقين بالموت، أو بناء على شهادة عدلَين بالموت، وإلّا فيجب الصبر حتّى يحصل اليقين بالوفاة.
- شهادة الطبيب المتوفّرة فيه الشرائط كافّة - في تخصّص الطبّ الشرعيّ - لجهة الجناية والجراحات، معتبرة إذا استندت إلى الحِسّ، فإذا استندت إلى حدس الطبيب وظنّه لجهة إثبات الدية أو القصاص والضمان فلا اعتبار لها.
[1] أي الصالح للنظر في الدعوى.
55
39
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- لا يكفي تشخيص الطبيب في إقامة الحدود أو إثبات الاعتداءات الجنسيّة كالزنا أو اللواط. فلا تثبت هذه الجرائم إلّا بشهادة الشهود أو إقرار المتّهم وضمن الحدود والشروط الشرعيّة المعتبرة في مظانّها أو بعلم القاضي وقطعه.
- رأي الطبيب الشرعيّ لجهة إثبات سبب المرض مستنداً إلى الوثائق والمستندات، إذا أوجب اطمئنان القاضي كان حجّة.
56
40
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام طبّ الأسنان
لطالما أكّد الإسلام على وجوب الحفاظ على الصحّة الفرديّة والاجتماعيّة. وقد كان للحفاظ على صحّة الأسنان والفم أهمّيّة خاصّة في هذا المجال. ولقد أكّد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الطاهرون عليهم السلام على استعمال السواك والتخليل والمضمضة، وكانت سيرتهم العمليّة زاخرة بهذا العمل. وقد اشتهر عن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك مع كلّ صلاة"[1].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "وما زال جبرائيل يوصيني بالسواك حتّى ظننت أنّه سيجعله فريضة"[2].
وأحاديث أخرى بهذا المضمون[3].
وقد أثبت العلم الحديث دور الفم والأسنان في سلامة أعضاء البدن عامّة، وأنّها السبب المباشر أو غير المباشر في كثير من الأمراض.
[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج3، ص22.
[2] الصدوق، الشيخ محمّد بن عليّ بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرَّفة، إيران - قم، 1414هـ، ط2، ج4، ص13.
[3] الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السلام، إيران - قم، 1414هـ، ط2، ج2، ص5-15.
57
41
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
1- النظر واللمس
- نظر الطبيب الرجل إلى باطن فم المرأة - بمقدار ما يظهر عند المحادثة - إذا لم يكن بشهوة وتلذّذ وريبة فلا مانع منه في نفسه. وأمّا نظر الطبيبة المرأة إلى فم الرجل فإن كان ذلك ممّا تعارف كشفه لدى الرجل فلا إشكال فيه، وأمّا اللمس في كلتا الحالَتين فيجب الاجتناب عنه، ولو بوضع القفّاز ونحوه.
- لا يجوز لكلّ من الرجال والنساء المعاينة لدى طبيب الأسنان غير المماثل إذا استلزم اللمس أو النظر المحرَّمَين مع إمكان مراجعة الطبيب المماثل.
- تجب مراعاة أحكام الشرع في مهنة طبّ الأسنان وفي جميع المراحل من المعاينة إلى غيرها من العمل الجراحيّ وما شابه. وأمّا في موارد الاضطرار وعدم إمكان الرجوع إلى المماثل فلا إشكال في جواز الرجوع بمقدار الضرورة. ولا بدّ من الاستفادة من القفّاز كذلك منعاً لتحقّق اللمس المحرَّم.
2- أحكام الطهارة
- ما يرشح من السوائل ونحوها خلال عمليّة إصلاح الأسنان من فم المريض طاهر ما لم يُعلم اشتماله على عين النجاسة كالدم مثلاً.
- لو لامَست السنّ الاصطناعيّة الدم داخل الفم أمكن تطهيرها بدون انتزاعها من مكانها، وتَطهُر بالماء القليل، وكذلك تطهر بمجرّد زوال عين النجاسة عنها فيما إذا عُدّت جزءاً من الأسنان.
- لو انفصل شيء من اللّثّة مع السنّ المُقْتَلعة كان نجساً، ولكن لمسه لا يوجب غسل مسّ الميّت.
58
42
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
- إذا لامَس ماء الكرّ النجاسة داخل الفم لغسل اللّثّة، ثمّ انقطع عن الداخل كان طاهراً، وإن كان مقتضى الاحتياط الاجتناب عنه.
- لا يجوز بلع الدم الخارج من اللّثّة ومن بين الأسنان اختياراً، إلّا إذا استُهلك في ريق الفم فيجوز بلعه حينئذٍ.
- لا يجب على من (حشا) أسنانه أن يغسل فضاء فمه بالماء، لأنّ باطن الفم طاهر.
3- استعمال الذهب والفضّة
- لا إشكال في طلي الأسنان بالذهب الأصفر والذهب الأبيض كذلك، ولكن إذا كان طلي الأسنان الأماميّة بالذهب بقصد الزينة فلا يخلو من إشكال.
- لا إشكال في جواز استعمال الذهب للرجال في العمليّات الجراحيّة للعظام والأسنان.
4- طبّ الأسنان والصوم
- قلع الأسنان حال الصيام لا مانع منه في نفسه.
- حقن المخدّر عند طبيب الأسنان لا يُبطل الصوم.
- لو خرج الدم من فم المريض الصائم لا يبطل صومه، ولكن يجب اجتناب إيصال الدم إلى الجوف.
- إدماء الأسنان أو الفم لا يُبطل الصوم في نفسه.
- لو علم الصائم أنّه سيبتلع الدم الخارج من أسنانه فيما لو أقدم على معالجتها لا يجوز له أن يُقدم على ما يُبطل صومه.
59
43
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
5- أجرة طبيب الأسنان
- إذا عيّنت الأجرة قبل الشروع في العمل فيجب على المريض دفعها فقط دون الزائد عنها.
- إذا لم تُحدّد الأجرة قبل الشروع في العمل كان للطبيب أجرة المثل.
- لو أنجز الطبيب عمله بمهارة وطبقاً للاتّفاق استحقّ الأجرة، وأمّا لو كان غير متخصّص أو قصّر في تهيئة الموادّ اللازمة فورد بذلك ضرر على المريض كان عليه جبران الضرر.
6- الضمان
- إذا اقتلع الطبيب سنّ المريض بدون إذنه كان عليه الضمان، وعليه الدية.
- لو أصاب الطبيب إحدى أسنان المريض السليمة كان ضامناً، وعليه الدية بحسب المقرّر في مورده.
- لو اقتلع الطبيب اشتباهاً سنّاً سالمةً كان ضامناً، وعليه الدية.
- لا يجوز الاستفادة من آلات ناقلة للفيروس كالإيدز وما شابه، فإذا عُلم كونها سبباً في سراية المرض وأدّى إلى سرايته، كان الطبيب ضامناً.
- لو كان المريض عاجزاً عن تكاليف إصلاح أسنانه فرضي بقلعها، جاز للطبيب ذلك بلا إشكال فيه في نفسه، وإن كان يعلم أنّها قابلة للعلاج.
60
44
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الطبّ النفسيّ
يرعى الطبّ النفسيّ حالات السلوك والاختلالات النفسيّة المؤدّية إلى هياج الإنسان أو سكونه غير المعتاد -خروجه عن الوضع الطبيعيّ -. ويشتمل هذا الاختصاص: المعاينة وتشخيص الوضع النفسيّ والمعاينة الفيزيائيّة والأعمال المخبريّة وتصوير الأشعة - للدماغ مثلاً - لدراسة الحالة والبحث عن أسبابها. ويعتمد كذلك الدواء والاستشفاء والسلوك العلاجيّ وغيره. وقد ذكر ابن سينا منذ سنين بعيدة في كتابه القانون أنّ بعض الأمراض الجسديّة ناشئ عن بعض الاختلالات النفسيّة.
ويُخضِع الطبٌّ النفسيّ المريضَ لدراسة دقيقة تستدعيها الحالة بحثاً عن كوامن النفس البشريّة المؤدّية إلى أمراض عديدة.
ويُعدّ التنويم المغناطيسيّ وما شابه من جملة أدوات الطبّ النفسيّ.
وقد وردت في الشرع أحكام خاصّة تناولت هذه الحالات، منها:
1- التنويم المغناطيسيّ
- يجوز التنويم المغناطيسيّ بشروط:
الأوّل: إذا كان لغرض عقلائيّ، كالعلاج من الأمراض.
الثاني: إذا كان برضا المريض.
الثالث: إذا لم يكن بطرق محرَّمة شرعاً.
61
45
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
الرابع: إذا لم يُسبّب ضرراً معتنى به.
- التنويم المغناطيسيّ بهدف إظهار القدرة الروحيّة لدى الإنسان لا بقصد العلاج جائز بالشروط الآتية:
الأوّل: أن يكون ذلك لغرض عقلائيّ محلّل شرعاً.
الثاني: أن يكون بموافقة الطرف الآخر.
الثالث: أن لا يعود على الطرف الآخر بضرر معتدٍّ به.
2- إجابات المرضى النفسيّين للأطباء
- لا إشكال في إجابات المرضى النفسيّين بين أيدي الأطباء بهدف الوصول إلى علّة المرض وطرق علاجه ما لم يكن في ذلك هتك وإهانة لنفسه أو مفسدة أو غيبة أو إهانة للآخرين أو إفشاء أسرارهم.
3- العلاج بالموسيقى
- لا يجوز الاستماع إلى الموسيقى المحرّمة ولا استخدامها في المعالجات الطبّيّة أو غيرها. نعم، لا إشكال في استعمال الموسيقى لمعالجة بعض الأمراض النفسيّة من قبيل الاضطراب والكبت والحسرة وبعض المشاكل الجنسيّة لدى النساء وما شاكل، فيما إذا كان ذلك بتشخيص الطبيب الحاذق الأمين، وكان العلاج من المرض متوقّفاً عليها، فيجوز عندئذٍ بمقدار الضرورة فقط.
4- ترك معالجة المريض النفسيّ
- لو مرض المريض النفسيّ بمرض آخر وكان يُخاف منه أصلاً أن يقدم على القتل لمن يُعالجه أو لغيره، فلا يصحّ الإعراض عن معالجة مرضه خوف إقدامه على القتل، بل تجب معالجته مع الإمكان.
62
46
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
أحكام القتل الرحيم
يُعدّ القتل الرحيم اليوم من مشاكل المجتمع البشريّ، وقد يُعبّر عنه بتعابير مختلفة من قبيل "الموت السهل أو الموت الأبيض أو الموت الرحيم"... وجميعها تشمل الأفعال الصادرة عن شخص مسؤول عن حالة مريض ميؤوس من شفائه.
وقد صرّح الإسلام بحرمة هذا الفعل، وأنّه قتل عمد.
وقد أجاز بعض أطبّاء الغرب القتل الرحيم تحت ستار مظاهر إنسانيّة، ولم يُجرّموا فاعله، وإن كان أكثر الأطبّاء في العالم ينظرون إلى القتل الرحيم على أنّه عمل إجراميّ. وقد عملت بعض دول العالم أخيراً على وضع قوانين تمنع القيام به.
1- أنواع القتل الرحيم
القتل الرحيم ثلاثة أنواع:
أ. فعَّال: يصف الطبيب فيه دواء قاتلاً يضع حدّاً لحياة المريض.
ب. انفعاليّ: أن يقطع الطبيب دواءً عن المريض، أو يُنهي عمليّة استشفائه، فينتهي به الأمر إلى الموت.
ج. غير مباشر: أن يضع الطبيب أدوية قاتلة في متناول المريض فيستعملها فيقتل نفسه ليضع حدّاً لآلامه.
63
47
الفصل الثالث: أحكام الطبابة
2- حكم القتل الرحيم
- لا يجوز القتل الرحيم بهدف تخليص المريض من آلامه، حتّى لو كان وضعه صعب العلاج أو ميؤوساً منه. ومن فعل فعليه الدية ولأهل المقتول القصاص.
- لا يحقّ لأولياء المريض إعطاء إجازة إلى الطبيب بقتله قتلاً رحيماً، فإذا فعلوا كان مصداقاً لقتل النفس.
- لا يجوز حقن المريض بما يُعجّل راحته (موته)، ومن فعل ذلك وجبت عليه الدية والقصاص.
3- ترك معالجة المريض إذا ساءت حالته
- لو شخَّص الأطبّاء الحاذقون أنّ ترك إجراء العمل الجراحيّ لمريض ما سيؤدّي إلى موته وأنّ إجراءه يُبقيه حيّاً ولكنّه يبقى متألمّاً مريضاً إلى آخر عمره وجب القيام بالعمل الجراحيّ.
64
48
الفصل الرابع: أحكام العلاج
أحكام النظر واللمس عند العلاج
مرّت معنا أحكام النظر واللمس بالنسبة إلى الطلّاب الّذين يتعلّمون الطبّ في المعاهد والجامعات، وذكرنا حكم الصغير والصغيرة هناك، فلا نُكرّر الحكم هنا، وسنُشير فقط إلى أحكام النظر واللمس أثناء العلاج بالنسبة إلى الطبيب حينما يُعالج الكبير غير المماثل له في الجنس.
الحكم العامّ هو حرمة النظر إلى غير الوجه والكفّين من المرأة الأجنبيّة، هذا إذا لم يكن بتلذّذ وريبة. أمّا مع التلذُّذ والريبة فيحرم النظر حتّى إلى الوجه والكفّين، وكذلك يحرم اللمس مطلقاً لجسد المرأة الأجنبيّة سواء أكان هناك تلذّذ وريبة أم لا.
فائدة 1: معنى التلذّذ والريبة
النظر المؤدّي إلى التلذّذ والريبة هو ما كان سبباً في إثارة الشهوة وخوف الوقوع في الحرام.
فائدة 2: المراد من الأجنبيّ والأجنبيّة
الأجنبيّ والأجنبيّة هما اللذان يكونان من غير المحارم على الذكر والأنثى، والمحْرَم هو الّذي يحرم التزويج منه بذاته ونفسه، وبقطع النظر عن العناوين الطارئة عليه؛ لذا فأخت الزوجة وإن كان يحرم الزواج منها
67
49
الفصل الرابع: أحكام العلاج
ولكنّها ليست من المحارم لأنّه يجوز الزواج منها بذاتها لولا كون أختها زوجة فعلاً له.
والحرمة تكون من جهة النسب كالأب والأمّ والإخوة والأخوات وأبنائهم والأعمام والعمّات والأخوال والخالات وإن علوا، لأب أو لأمّ، والأجداد والجدّات، هؤلاء محارم بالنسب، وقد تكون بالسبب كالمصاهرة بين أزواج البنات والأمّهات وزوجات الأبناء والمحارم بالرضاع كالأخ والأخت والأم والأب والابن والبنت بالرضاعة. هؤلاء جميعاً يحرم الزواج من بعضهم بعضاً، ولكن يحلّ النظر واللمس إلى بعضهم بعضاً ما عدا العورة وبدون تلذّذ وريبة.
1- النظر واللمس في العلاج
تقدّم أنّ الحكم الأوّليّ والعامّ هو حرمة النظر واللمس بالنسبة إلى الأجنبيّ والأجنبيّة. ولكن هناك استثناء في المسألة وهو إذا كانا في مقام العلاج. ولنوضح هذا الاستثناء من خلال مسائل عدّة:
- إذا وُجِد الطبيب المماثل في الجنس فلا يجوز مراجعة غير المماثل فيما إذا استلزمت المعالجة اللمس أو النظر المحرَّمَين، إلّا إذا كانت المسألة ضروريّة وتوقّف العلاج على غير المماثل، ولم يُمكن مراجعة المماثل أو لم يتيسّر العلاج عنده لعدم كفاءته وخبرته مثلاً، فحينئذٍ تجوز مراجعة غير المماثل. ولكن يجب الاقتصار على موارد الضرورة فقط لا أكثر.
- لو تعذَّرت مراجعة الطبيبة بالنسبة للمرأة أو لم يكن للطبيبة الخبرة الكافية جاز عندها الرجوع إلى الطبيب ولو أدّى ذلك إلى الفحص والعلاج والنظر واللمس لوجود الضرورة إلى الطبيب حينئذٍ.
- إذا أمكن العلاج من وراء الثياب أو مع لبس القفّازات لا يجوز اللمس, لانتفاء الضرورة.
68
50
الفصل الرابع: أحكام العلاج
- إذا أمكن العلاج والفحص من دون النظر إلى الجسد أو أمكن الفحص من خلال النظر في المرآة فلا يجوز عندها النظر مباشرة, لانتفاء الضرورة.
2- علاج المماثل
- يجوز أن يُعالج كلّ من المتماثلين الآخر بالنظر واللمس إلى بدن الآخر (ما عدا العورة) ولكن من دون تلذّذ وريبة. وأمّا العورة فلا يجوز النظر إليها ولا لمسها سواء كان بتلذّذ وريبة أم لا، إلّا مع الضرورة.
3- علاج المحارم
- يجوز للطبيب أو الطبيبة اللمس والنظر إلى محارمهما وعلاجهما بدون تلذّذ وريبة. أمّا مع التلذّذ والريبة فلا يجوز. هذا في غير العورة، أمّا لمس العورة والنظر إليها فلا يجوز سواء كان هناك تلذّذ وريبة أم لا إلّا مع الضرورة.
4- الطبيب والولادة
- يجوز لمن يُباشر عمليّة توليد المرأة[1] النظر واللمس، ولكن يُقتصر على مقدار الضرورة، فلا يجوز التعدّي إلى سائر البدن إذا كان المطلوب يحصل بالنظر إلى موضع خاصّ.
5- الممرّضات أثناء الولادة
- من الطبيعيّ أنّ كلّ طبيب يحتاج إلى ممرّضات ومساعدات أثناء إجراء أيّ عمليّة حتّى الولادة. وهنا لا يجوز للممرّضات تعمّد النظر إلى عورة المرأة لغير ضرورة حتّى أثناء الوضع.
6- قياس الضغط
- قياس ضغط الدم ممكن من وراء الثوب أو مع لبس القفّازات بالنسبة إلى غير المماثل، فلا يجوز اللمس لانتفاء الضرورة.
[1] أي الطبيبة، أو الطبيب عند عدم وجود الطبيبة.
69
51
الفصل الرابع: أحكام العلاج
العلاج بالمحرَّمات
مع اتّساع الأدوات الطبّيّة والمخبريّة وصناعة الأدوية والّتي يدخل في تركيبها موادّ متنوّعة، وقد يدخل فيها بعض المحرّمات كالكحول والميتة ودهن الخنزير وغير ذلك، ما حكم المريض الّذي يضطرّ إلى تناول بعض هذه الأدوية؟ والجواب عن ذلك يتّضح من خلال هذين الأمرَين:
1- الأطعمة والأشربة
- يحرم على الإنسان تناول الخبائث والأعيان النجسة كالخمر والدم ولحم الخنزير والسموم القاتلة وكلّ ما يضرّ ببدنه أو ببعض أعضائه وحواسّه حتّى ما يحتمل معه الضرر أو يضرّ بالجنين.
2- حكم الضرورة
- لا يجوز للأطباء وصف الدواء المشتمل على الحرام إلّا مع انحصار العلاج به، بحيث يؤدّي تركه إلى الهلاك. ولكن يجب الاقتصار فيه على مقدار الضرورة؛ أي إذا عُلم أنّه يحصل الشفاء بجرعة أو جرعتين لا يجوز وصف أزيد من ذلك.
- يجوز العلاج بالموادّ المخدِّرة إذا توقّف العلاج عليها (أي كان العلاج منحصراً بها) ولكن يقتصر أيضاً على مقدار الضرورة.
70
52
الفصل الرابع: أحكام العلاج
الأجرة على العلاج
علاج الناس في بعض موارده واجب شرعاً على الطبيب، خصوصاً إذا كان ترك العلاج يؤدّي إلى هلاك المريض. وعلى الرغم من كونه تكليفاً وواجباً، يستطيع الطبيب أن يأخذ الأجرة عليه. ولكن ما هو مقدار ما يأخذه الطبيب من المريض؟ تحديد المقدار يكون من خلال أحد أمرين:
الأوّل: الاعتماد على ما هو متعارف عند الناس
فالعرف هو الّذي يُحدّد قيمة المعاينة قليلة أو كثيرة، مع ملاحظة الفرق بين الاختصاصيّ وغيره.
الثاني: التوافق مع المريض
فإذا توافق الطبيب مع المريض على مبلغ معيَّن وتراضيا عليه؛ أي رضي المريض أن يدفع المبلغ الكذائيّ للطبيب ورضي الطبيب أيضاً بأخذه مقابل علاج المريض، فهنا يجوز في هذه الحالة ولا إشكال فيه.
71
53
الفصل الخامس: الأخطاء الطبّيّة
الضمان
على الرغم من النجاح الباهر الّذي حقّقه علم الطبّ، إلّا أنّنا نُلاحظ وقوع أخطاء طبّيّة كثيرة حتّى في الدول المتحضّرة، وقد تؤدّي إلى فقد بعض الأعضاء أو الوفاة عند بعض المرضى.
وهنا يُطرح السؤال الآتي: من يتحمَّل هذا الخطأ، خصوصاً عند التقصير في التشخيص أو قلّة الخبرة أو التعدّي على التخصّصات الأخرى؟
1. الموارد الّتي لا يضمن فيها الطبيب
- إذا كان الطبيب في موقع الاستشارة عن دواء معيَّن، كأن استشاره المريض في دواء وقال له الطبيب إنّه نافع للمرض الفلانيّ مثلاً، من دون أن يأمره بشربه، فلا يضمن إذا تضرّر منه أو مات.
- إذا أبرأ المريضُ الطبيبَ قبل العلاج وكان المريض بالغاً عاقلاً أو أبرأ وليّ المريض إن كان المريض قاصراً فإنّ الطبيب لا يضمن لو تضرّر المريض أو أدّى ذلك إلى موته، كأن يُبرئه قبل إجراء العمليّة ومات أثناءها فإنّ الطبيب لا يضمن في هذه الحالة.
- إذا توافق الطبيب مع المريض على دفع الدية لمن يريد أن يتبرّع له بعضو من أعضائه كالكلية أو القرنية أو غير ذلك من الحيّ أو الميّت، فتجب الدية هنا على المريض وليس على الطبيب.
73
54
الفصل الخامس: الأخطاء الطبّيّة
2- الموارد الّتي يضمن فيها الطبيب
- يضمن الطبيب ما يَتْلَف بعلاجه:
أ- إذا باشر بنفسه العلاج ووصف له الدواء وأمره بشربه.
ب- إذا عالج المريض وطبَّبه على النحو المتعارف، وإن لم يُباشر.
ج- إذا كان قاصراً في العلم؛ أي كان قليل الخبرة أو مقصِّراً في العمل، حتّى ولو كان العلاج بإذن المريض.
د- إذا عالج قاصراً بدون إذن وليّه أو بالغاً بلا إذنه، وإن كان حاذقاً متقناً لعلمه.
- إذا أجاز المريض أو وليّه طبيباً مختصّاً وعالماً بالمعالجة فمات المريض، فهنا صور عدّة:
الأولى: إذا لم يُعلم كون الموت بسبب الطبابة فليس على الطبيب ضمان.
الثانية: إذا وقع الموت أو الضرر نتيجة خطأ الطبيب فهو ضامن.
الثالثة: إذا رفع الطبيب المسؤوليّة عنه أمام المريض ففي هذه الصورة إذا قام الطبيب بما عليه من الدقّة والاحتياط ثمّ مات المريض أو تضرّر فليس على الطبيب ضمان.
- إذا عمل الطبيب خارج مجال تخصّصه ما أنتج شدّة المرض أو بروز أمور مستجدّة في الحالة المرضيّة أو انجرّ إلى موت المريض، فالطبيب ضامن.
- إذا لم يقم الطبيب بما يجب عليه من إسعاف المريض، كالعمل الجراحيّ وما شابه، فمات المريض، أو أخَّر الجراحة أيّاماً فلم تعد مفيدة كما كانت لو أُجريت من قبل، فليس على الطبيب ضمان وإن كان مذنباً
74
55
الفصل الخامس: الأخطاء الطبّيّة
بالنسبة لتقصيره في القيام بدوره في حفظ النفس أو المعالجة الواجبة عليه.
3- الضرر الوارد على المريض حال الاستشفاء
- قد يُضطرّ الطبيب أثناء المعالجة إلى إيراد بعض الضرر الّذي لا بدّ منه على المريض، كأن يعمل على تنشيط قلبه بضربه على خدّه ما ينجرّ إلى كسر سنّه مثلاً أو جرح أذنه أو خدّه وما شابه. فإذا استلزمت نجاة المريض ما ذُكر فليس على الطبيب ضمان.
4- الضرر الوارد على المريض دون تقصير الطبيب
- لو ورد الضرر على المريض أثناء الاستشفاء بسبب انقطاع الكهرباء أو خراب بعض الآلات، ولم يكن الطبيب مقصّراً في ذلك، فليس عليه ضمان
5- ضمان الطبيب حال عوارض الحمل
- إذا لم يسأل الطبيب المرأة عن كونها حاملاً ولم تُخبره هي بحملها فورد عليها ضرر نتيجة وصف الطبيب دواءً لها أضرّ بها أو بحملها فهو ضامن.
- لو كان الطبيب أو الداية مسبّباً في موت المرأة الحامل نتيجة التساهل ومات الجنين كذلك، فإذا كان الطبيب أو الداية سبباً مباشراً في الموت فعليهما دية المرأة والجنين كاملة وبحسب المقدار الّذي يُحدّده الشرع الحنيف وتُدفع الدية إلى الورثة.
6- ضمان الضرر من قِبل مساعدي الأطبّاء
- في مراكز التخصّص الطبّيّ حيث يعملون على تدريب المساعدين للأطبّاء بهدف الحصول على المهارة ودفع النقص في المجالات الطبّيّة، لو ورد ضرر على المريض فمات أو خسر أحد أعضائه أو تضرّر بأيّ صورة من الصور فإنّ الضمان على من أورد عليه الضرر كائناً من كان وحتّى لو كان مساعد طبيب.
75
56
الفصل الخامس: الأخطاء الطبّيّة
- لو أقدم المساعد على إجراء العمل الجراحيّ بإجازة الطبيب المختصّ فإذا ورد ضرر على المريض فالضمان على المساعد المباشر للعمل ولا ضمان على أستاذه الطبيب.
7- الإبراء الطبّيّ
- في الموارد الّتي يكون فيها الضمان شرعاً على عهدة الطبيب، لا يسقط هذا الضمان بمجرّد قبول المريض إجراء العمليّة الجراحيّة، بل لا بدّ من إسقاطه بالخصوص.
- للطبيب أن يحصل قبل شروعه في المعالجة أو العمل الجراحيّ على موافقة المريض لجهة رفع المسؤوليّة عنه فيما لو حصل الضرر وبذلك تبرأ ذمته، وعليه فلا ضمان عليه.
وعلى الطبيب أن يتّقي اللّه تعالى ويُتقن عمله ولا يُقصّر فيه، فإنّ إبراء ذمّته لا يعني التساهل في العمل. ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾[1].
أ- إجراء عمل جراحيّ بدون رضا المريض
- إذا كان انتظار رضا المريض أو وليّه وتأخير العمل الجراحيّ يؤدّي إلى موت المريض أو إلى ضرر على بعض أعضائه أو شلله مثلاً، فلا يجوز التأخير والانتظار، بل يجب على الطبيب أن يقوم بعمله لأجل نجاة المريض.
- المريض العاقل البالغ المحتاج إلى عمل جراحيّ ولكنّه يخاف منه ولا يقبل بالخضوع للجراحة، فإذا علم الطبيب أنّ عدم إجراء العمل الجراحيّ سوف يؤدّي إلى موت المريض وكانت نجاة المريض تستلزم
[1] سورة البقرة، الآية 235.
76
57
الفصل الخامس: الأخطاء الطبّيّة
العمل الجراحيّ، فلا إشكال في قيام الطبيب بذلك بدون الحصول على إذن المريض، بل يجب عليه ذلك.
ب- إجراء العمل الجراحيّ بإصرار الأهل أو مرافقي المريض
- لو اطمأنّ الطبيب إلى أنّ العمل الجراحيّ لا ينفع المريض وأنّه سيموت، سواء أجرى العمليّة الجراحيّة أم لم يُجرها، ولكنّ الأهل أو مسؤولي المستشفى أصرّوا على إجراء العمل الجراحيّ، فعلى الطبيب أن يُبيّن لهم عدم تأثير الجراحة إيجاباً على المريض، ولكن لا مانع من الإقدام على العمل الجراحيّ في هذه الصورة.
8- الصيدليّة والضمان
- لمّا كان تجويز تناول الدواء بعهدة الطبيب المختصّ المعالج وكانت وظيفة الصيدلانيّ إعطاء الدواء وفقاً لوصفة الطبيب، فإنّ الضرر الناشئ عن ذلك الدواء لا يضمنه الصيدلانيّ لا سيّما إذا عمل الصيدلانيّ بالوصفة كما وردت إليه ولم يُخطئ في تشخيص الدواء طبقاً للوصفة. وعليه فلو كان الدواء مطابقاً لوصفة الطبيب ولم يحصل خطأ من قِبل الصيدلانيّ في نوعيّة الدواء أو معياره ثمّ ورد الضرر على المريض، فإنّه لا ضمان على الصيدلانيّ.
- لو راجع المريض الصيدليّة مضطّراً إلى دواء فلم يُعطه الصيدلانيّ الدواء فأورد ذلك الضرر على المريض في عضو من أعضائه أو أدّى إلى موته فلو كان تصرّف الصيدلانيّ موافقاً للموازين الشرعيّة والقوانين المرعية الإجراء فلا ضمان عليه.
9- تصدّي غير الطبيب
- تدخّل الناس العاديّين من غير الأطبّاء في وصف أنواع الدواء للآخرين إذا لم يكن مندرجاً تحت عنوان الطبابة وكان مجرّد وصف وللمريض الاختيار في تناوله وعدمه، إذا انجرّ إلى موت المريض أو ورد الضرر عليه، فلا ضمان في البين.
77