مدخلٌ إلى المنظومة الفكرية للإمام الخامنئي دام ظله

الشيخ علي الشيرازي


الناشر:

تاريخ الإصدار: 2021-01

النسخة:


الكاتب

مركز المعارف للترجمة

مركز متخصص بنقل المعارف والمتون الإسلامية؛ الثقافية والتعليمية؛ باللغة العربية ومنها باللغات الأخرى؛ وفق معايير وحاجات منسجمة مع الرؤية الإسلامية الأصيلة.


إشارة

إشارة

ما أحوج ساحتنا الإسلاميّة إلى البحث في فكر الإمام الخامنئي دام ظله، والاستلهام من شخصيّته العلميّة والقياديّة والحضاريّة. فقيه ومرجع صاحب فكر نيّر وإرادة قويّة وبصيرة ثاقبة يقذف بمنهج الحق ومدرسة المعنويات والقيم على باطل حضارة الغرب المادية فيدمغه، على رأس أمّة تتعرّض لشتّى أنواع المكائد والحصار وبمختلف الإعلامية والسياسية والثقافيّة. إنها لخسارة أن لا تتعرّف الأجيال وأصحاب الشأن والقادة والعلماء والباحثون إلى خريطة فكره وأركان نهجه. فإذا قمنا بإحصاءٍ مختصر لخطاباته والأبحاث التي كتبها أو كُتِبت حول فكره وقيادته، نرى أنّها تستوعب كل شؤون حياة المجتمع والدولة وقضايا المجتمع والتيارات وشرائح الشعب والمستويات العلمية والفكرية والإدارية والحكومية والسياسية والجامعية والفنية والعسكرية. .

نادراً ما نجد قضية في هذه المجالات لم يتحدّث عنها أو لم يوجّه فيها ويبيّن. . رجلٌ؛ متوسطُ خطاباته وبياناته منذ انتصار الثورة حتى الآن يفوق الستين سنويًّا، ناهيك عن نشاطاته العلميّة ودروسه الحوزويّة ومحاضراته في التفسير والفقه وتحليل السيرة وكتاباته قبل الثورة وبعدها. فصّل كثيرًا في بيان نهج الإمام الخميني{ وشرح مباني الثورة؛ ولا نبالغ إذا قلنا إنّه المنصّة القوية، الأمينة والوفية، التي فسّرت نهج الإمام دام ظله ومقاصد الثورة والنظام الإسلامي وآفاقهما؛ وما زالت ترسم مباني الحضارة الإسلاميّة النظريّة الجديدة.

يلتقي سنويًّا مختلف شرائح الشعب والمسؤولين، ويتحدّث في مناسبات عديدة رئيسة ومستجدة وقد تجاوزت خطاباته وبياناته 2500 خطاب.

 

14

 

 


1

إشارة

يتحدّث الإمام الخامنئي في الفكر والعلم والأخلاق والتربية وإدارة الدولة وبناء المجتمع الإسلامي والأمة والحضارة الإسلامية، وقد فصّل الكلام في آفاق الثورة الاسلامية في رسالته بمناسبة أربعينيتها تحت عنوان: “الخطوة الثانية”. ولا ننسى حديثه التفصيلي في السياسة الخارجيّة والاقتصاد المقاوم والرياضة والعلوم الإنسانيّة والأدب والشعر والرواية والفن والأبحاث التخصصيّة في العدالة والمرأة والشباب والأسرة والجامعة والحوزة و”النموذج الاسلامي الإيراني للتقدم”. .

إنّ تنظيم المسائل والقضايا التي بحثها وتبويبها، يشكّل خطوة أولى مهمّة للتعرّف إلى المنظومة الفكريّة التي يؤسّس لها لتكون مرتكزًا لبناء الحضارة الاسلامية الجديدة. . فقد دُوّنت أبحاث عديدة حول فكره وقيادته وشخصيّته وإن كان جلّها بالفارسيّة وقد تُرجم عدد منها بالعربية ولغات أخرى، لا يتّسع المجال لذكرها هنا[1].

نشكر سماحة الشيخ علي شيرازي الذي أعدّ هذا البحث مضيفاً حلقة جديدة في إطار التعرف إلى عناصر المنظومة الفكريّة والحضاريّة ومبانيها التي ينادي بها الإمام الخامنئي.

نشكر فريق الترجمة والإعداد ونخصّ بالشكر الحاجة فاطمة شوربا التي ترجمت نصوص الكتاب ودقّقت الفقرات المترجمة مسبقًا، ونشكر المدقق اللغوي الأستاذ محمد عقيل والمخرج الفنّي الأستاذ علي علّيق، ولا ننسى دار المعارف الإسلامية ناشر النسخة العربية، ودار “خط مقدم” ناشر النسخة الفارسية.

 

مركز المعارف للترجمة

25 محرم الحرام 1442هـ


 


[1] من الأبحاث التي نشرت بالعربية على سبيل المثال لا الحصر: الولي المجدد، العدالة محور التقدم، العلم في مشروع الإمام الخامنئي، روح المجتمع، الخامنئي القائد، القيادة القيمية. .

 

 

15


2

المقدّمة

المقدّمة

المنظومة الفكرية لسماحة آية الله العظمى الإمام الخامنئي هي مجموعة منسجمة مؤلّفة من أجزاء منتظمة وعناصر مترابطة وهادفة من خلال محوريّة النواة المركزيّة التوحيديّة في ميدان النظام الفكري، القيمي والاجتماعي.

إنّ بيان المنظومة الفكرية لقائد الثورة الإسلاميّة المفدّى، يظهر للمخاطب أنّ مؤلّفات سماحته وخطاباته تمتاز بنظام منسجم وترسم هدفًا واضحًا. وإنّ معرفة المواضيع الموجودة في كتب الإمام الخامنئي وخطاباته ونظامه الفكري تعطي المخاطب نظرة جامعة ليحدّد على أساسها خريطة الطريق، ويسير على أساس هذه الخريطة ويدفع إيران الإسلاميّة نحو التقدم.

من هنا، نجد من الضرورة أن نتعرّف إلى المنظومة الفكرية للإمام الخامنئي، وأن نبحث فيها بعمق ودقّة، فنشكّل رؤيتنا الكونيّة وسلوكنا وأهدافنا الاجتماعية على أساسها، وذلك حتّى لا نبتعد عن الخطّ الفكري للولاية، ونطبّق نظرة القائد المعظّم وحكيم الثورة الإسلاميّة ونعمّمها في المجتمع.

 

16

 

 


3

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

يجري الحديث في هذا النظام عن مقولات وتعاليم ترتبط بالرؤية الكونية والإيمان. ويعد الفهم الذي يكوّنه الإنسان لعالم الوجود وأسلوب تفكيره فيهما ورؤيته لهما البنية التحتية ونقطة الارتكاز الفكري لهذا الإنسان. ويطلق على هذه البنية التحتية ونقطة الارتكاز الرؤية الكونية. وتتسم هذه الرؤية الكونية ذات المستوى العالي بالأمور الآتية:

1. أن تكون قابلة للإثبات والاستدلال.

2. أن تهب الحياة معنى.

3. أن تؤسّس للمُثُل وتثير نوازع الشوق للوصول إليها.

4. أن تعطي قداسة للأهداف الإنسانية والاجتماعية.

5. أن يكون لها بعد إلزامي تعهدي منوط بالمسؤوليات.

وتجتمع سائر هذه المزايا في الرؤية الكونية التوحيدية التي تعني إدراك أنّ هذا العالم قد أوجد بمشيئة ربانية وأن نظام الوجود يرتكز على الخير والجود والرحمة وإيصال الموجودات إلى الكمالات اللائقة بها. ولهذه الرؤية الكونية فصول متعددة تحدث الإمام الخامنئي بتاريخ 2/12/2000 عن خمس نقاط مؤثرة ومهمة منها:

 

20


4

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

1. التوحيد

2. تكريم الإنسان

3. استمرار الحياة بعد الموت

4. قابلية الإنسان غير المتناهية لامتلاك جميع الأشياء اللازمة لرقيّه.

5. حركة العالم نحو الصلاح وحاكمية الحق.

وقد تشكّل النظام الفكري للإمام الخامنئي بمحورية هذه الرؤية الكونية التي كانت العماد الرئيس لأفكاره ورؤاه.
ورد في الصفحة 186 من كتاب “الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم” وهو عبارة عن محاضرات للإمام الخامنئي كان قد ألقاها في مدينة مشهد في شهر رمضان عام 1353 هـ. ش (1974): “التوحيد في الرؤية الكونيّة الإسلاميّة يعني أنّ للعالم خالقًا وصانعًا، بعبارة أخرى، له روح نقيّة ولطيفة. للعالم مبدع، وكلّ أجزاء هذا العالم، العباد والعبيد والموجودات، هم تحت تصرّف ذلك الخالق والمبدع. هذا هو التوحيد في الرؤية الكونيّة الإسلاميّة؛ أي عندما ينظر المسلم من منظار الإسلام إلى هذا العالم، لا يرى هذا العالم موجودًا مستقلًّا؛ بل يراه موجودًا مرتبطًا ومتعلّقًا بقدرة أعلى”.

وورد في الصفحة 209 من الكتاب نفسه: “التوحيد الإسلامي، ملهم على صعيد الحكومة؛ على صعيد العلاقات الاجتماعيّة؛ على صعيد حركة المجتمع؛ على صعيد أهداف المجتمع؛ على صعيد تكليف الناس ووظيفتهم؛ على صعيد مسؤوليّات البشر

 

21


5

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

1. التوحيد

2. تكريم الإنسان

3. استمرار الحياة بعد الموت

4. قابلية الإنسان غير المتناهية لامتلاك جميع الأشياء اللازمة لرقيّه.

5. حركة العالم نحو الصلاح وحاكمية الحق.

وقد تشكّل النظام الفكري للإمام الخامنئي بمحورية هذه الرؤية الكونية التي كانت العماد الرئيس لأفكاره ورؤاه.
ورد في الصفحة 186 من كتاب “الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم” وهو عبارة عن محاضرات للإمام الخامنئي كان قد ألقاها في مدينة مشهد في شهر رمضان عام 1353 هـ. ش (1974): “التوحيد في الرؤية الكونيّة الإسلاميّة يعني أنّ للعالم خالقًا وصانعًا، بعبارة أخرى، له روح نقيّة ولطيفة. للعالم مبدع، وكلّ أجزاء هذا العالم، العباد والعبيد والموجودات، هم تحت تصرّف ذلك الخالق والمبدع. هذا هو التوحيد في الرؤية الكونيّة الإسلاميّة؛ أي عندما ينظر المسلم من منظار الإسلام إلى هذا العالم، لا يرى هذا العالم موجودًا مستقلًّا؛ بل يراه موجودًا مرتبطًا ومتعلّقًا بقدرة أعلى”.

وورد في الصفحة 209 من الكتاب نفسه: “التوحيد الإسلامي، ملهم على صعيد الحكومة؛ على صعيد العلاقات الاجتماعيّة؛ على صعيد حركة المجتمع؛ على صعيد أهداف المجتمع؛ على صعيد تكليف الناس ووظيفتهم؛ على صعيد مسؤوليّات البشر

 

21


6

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

إزاء الله، وبعضهم إزاء بعض، وإزاء المجتمع، وإزاء ظواهر العالم الأخرى. هذا هو التوحيد”.

ولو أردنا الاطلاع على رؤية الإمام الخامنئي الكونية بتعمق ودقة أكبر لزم البحث في عناوين من قبيل نظرية المعرفة ومعرفة الله ومعرفة الإنسان ومعالم الولاية والإسلام وفهم العالم وعلم الاجتماع[1] ليتّضح لنا أكثر أنّ التوحيد هو جوهر الرؤية المنهجيّة في النظام الفكري لقائد الثورة الإسلامية، وعلى أساسه تُنظّم ولاية العالم والإنسان في ظلّ القرب من الله عز وجل.

أ-نظرية المعرفة

نظرية المعرفة فرع من الفلسفة تبحث في ماهية المعرفة ومجالها، والفرضيات المسبقة للحصول على المعرفة واعتبارية أقسام المعرفة المتنوعة.

المعرفة هي الإدراك أو العلم الحضوري ويعد العلم الحصولي تابعًا لها. المعرفة الدينية هي مجموع المعارف المتعلقة بالدين. معرفة الحقائق الدينية والله والوحي والمعاد وتماهي النفس واتحادها مع مرتبة معرفية من مراتب تلك الحقائق.

كما يقوم فهم الدين على الاجتهاد إذ يقول الإمام الخامنئي: “الاجتهاد في الدين، يعني التدبر فيه؛ بمعنى أنّ الدين الدقيق والمنظور فيه بنظرة متفحّصة والممنهج. . . هو متعلَّق المعرفة الدينيّة”. (10/10/1998)

 

 


[1] أو معرفة المجتمع.

 

22


7

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

والمعرفة إما أن تكون فردية وإما منهجيّة[1]. فالمعرفة الفردية هي معرفة الإنسان المتدين لمعارف الدين وأحكامه في حين أن المعرفة المنهجيّة هي امتداد للمعرفة الفردية وهي معرفة المنهج والخطّة التي حددها الله عزّ وجلّ لحياة الإنسان وأوصل الإنسان بها إلى هدفه وقصده. هذه الخطّة تتأتّى من خلال السلوك والطاعة الجماعيّين.

وقد قال الإمام الخامنئي في هذا السياق: “النظام الإسلاميّ هو النظام المبنيّ على الهندسة الإلهية للمجتمع وعلى الخطّة التي رسمها الخالق للمجتمع. إذا تحقّقت هذه الخطّة أمكن غضّ الطرف عن كثير من المخالفات وحالات الزيغ والزلل الفردية والشخصية والجزئية”. (25/2/2010)

والمعرفة الخطية هي الوجه الغالب لمنطق الفهم الديني من وجهة نظر الإمام الخامنئي ولها في رؤيته أربعة أجزاء:

1. المعرفة بأهداف الدين ومبادئه وقيمه.

2. معرفة مسار تحقق هذه الأهداف.

3. معرفة المسؤوليات المنوطة بالمسلمين ليتمكنوا من الوصول إلى تلك الأهداف.

4. معرفة الأسس النظرية للأهداف الإسلامية.

وتمتلك النفس البشرية أدوات عدة للوصول إلى المعرفة واكتسابها: الحواس الظاهرية، الحواس الباطنية، الخيال والعقل.

 

 


[1]  أي المعرفة وفق خطة.

 

23


8

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

كما أن المصادر الرئيسة لفهم الحقيقة الدينية والمعرفة الإسلامية وإدراكها هي القرآن والسنة والعقل.

وقد قال سماحته: “عندما يريد الفقيه الاستنباط من أجل تدوين فقه الإسلام. . . الشيء الأوّل الذي سيكون أمامه هو القرآن، الذي يُعبّر عنه بـ”الكتاب”، ويأتي بعد الكتاب، وإلى جانبه، “السنّة”. . والسنّة هي قول المعصوم وفعله وتقريره”. (1972)

كما قال: “عندما تنعدم معرفتنا للنصّ القرآني والأحاديث، لا يمكننا الغوص في أعماق المعارف الإسلاميّة”. (19/9/2001)

ويأتي العقل بعد القرآن والسنّة بوصفه ثالث المصادر الرئيسة للمعرفة الدينية. فالعقل هو الوجه المميز للإنسان عن باقي الكائنات وله مكانة متميّزة وأسمى من باقي الأدوات المعرفية [الحواس الظاهرية والباطنية]. ويقول الإمام الخامنئي في هذا الصدد:

“العقلانية هي الأداة الأهمّ في فهم الفكر الإسلامي”. (15/8/2004)

لو طبّق الإنسان الدين في حياته الدنيوية لوجد نفسه متحدًا مع الحقائق الدينية ونال السعادة الدنيوية والأخروية. ومفتاح هذا الطريق هو استخدام الإنسان لقواه الإدراكية بقيادة العقل، طبعًا إنّ العقل السليم والكامل تابع محض للدين.

جاء في الصفحة 317 من كتاب “الخطوط العامة للفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم”: جاء الدين لهداية العقل وإرشاده. . . جاء الدين ليزيل الأهواء والشهوات والمطامع

 

 

24

 


9

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

والمخاوف والغرضيّة من العقل. وليقوّي العقل السليم الكامل؛ يسدّده كي يفهم جيّدًا.

وجاء في الكتاب نفسه في الصفحة 315: إنّ عقول البشريّة الكبيرة، تفهم اليوم التوحيد، النبوّة، الصلاة، الصوم، الزكاة، وتفهم الأحكام الفرعيّة للدين.

ومن خلال هذه الرؤية نعتقد بأن تأثير العقل وحجيّته في فهم المعارف الدينية وتفسيرها يشكّل القسم الرئيس لعقلانية المعرفة الدينية.

ب-معرفة الله

أحد أهم المواضيع التي تواجه البشر هو الله ومعرفة الله. تترافق معرفة الله بعلم التوحيد ولا تتحقق تلك المعرفة من دون التوحيد. ومعرفة الله التوحيدية هي الركن الأساس والمحور الرئيس في النظام الفكري للإمام الخامنئي.

يقول الإمام الخامنئي: “التوحيد يعني الاعتقاد بأن هذا التركيب المعقد والعجيب جدًّا والباهر، وهذا النظم الحاكم على عالم الخليقة وبين الكائنات، من المجرات والثقوب السوداء وملايين المجموعات الشمسية والكواكب، إلى الخلايا الصغيرة المكونة للأجسام وأنواع المركبات الكيماوية الدقيقة- هذا الكون على عظمته وتنوعه هو منظم بنحو يمكن استنباط آلاف القوانين منه، لأنه عندما يكون هناك نظام ثابت لا يتخلف، عندها يمكن الحصول على قوانين تكوينية ثابتة لا تتخلف- يحتاج في إيجاده

 

 

25

 

 


10

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

إلى فكر وتدبير وقدرة، ولا يمكن أن يكون وليد الصدفة. هذه العقيدة يقبلها كل إنسان ذي عقل سليم وصاحب فكر، لا يتسرع في الحكم ولا في اتخاذ القرار، ولا يحكم بنحو مُسبّق على القضايا. النقطة التالية هي أن نعرف أن هذا الفكر والتدبير وهذه القدرة العظيمة التي ليس لها حدود ولا يمكن وصفها، هي ليست هذا الصنم الذي صنعه البشر، ولا ذاك الإنسان المحدود المدّعي الألوهيّة، أو ذلك الرمز الأسطوري، وإنما هي ذات الواحد المقتدر الأزلي الذي تسميه الأديان “الله” ويعرف بآثاره. بناء على ذلك، هناك قدرة وإرادة ومهندس خلف هذه الهندسة العظيمة والمعقدة للكون، وهذا المهندس ليس كمثله شيء، وغير قابل للوصف، وإن هذا التركيب والنظم ليس بالشيء البسيط الذي يمكن للإنسان أن يصنعه، أو لأي مخلوق محدود مثله، بل }هو الله الّذي لا إله إلّا هو الملك القدّوس السّلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبر سبحان الله عمّا يشركون{[1]. (2/12/2000)

ويقول سماحته: “التوحيد ليس منحصرًا بالاعتقاد بالله، بل هو الاعتقاد بالله والكفر بالطاغوت، والعبودية لله وعدم عبودية غيره”. (13/11/2012)

ويقول: “إنّ التوحيد، لا يعني الاعتقاد بوجود الله وحسب، بل لا بد من نفي الألوهية والعظمة عن غيره، كالأصنام والحجارة والأخشاب المصنوعة، والناس الذين يدّعون الألوهية، والناس الذين لا يدّعونها، لكنهم يريدون القيام بأعمال الإله”. (2/12/2000)

 

 


[1] سورة الحشر، آية 23.

 

26


11

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ويقول: “كلّما سرنا قدمًا على طريق التوحيد وعلى طريق عبودية الله، انجلى عنا شر الطواغيت ومَن اتخذوا أنفسهم أندادًا لله تعالى، أكثر فأكثر. . كل المصائب والويلات التي حلّت بالمسلمين ناجمة عن عدم تمسكهم بحبل التوحيد”. (12/7/1998)

وفي كلام له يقول: “يختلف العصر الإسلامي عن العصر الجاهلي بالدرجة الأولى في التوحيد الخالص، أي نفي العبوديّة لغير الله. فالتوحيد ليس نبذ الأصنام فحسب، فلا وجود لأصنام مكّة والأصنام الخشبيّة والحجريّة دائمًا، إنّما التوحيد هو معنىً شامل وعام طوال التاريخ.

إنّ روح التوحيد ومعناه عبارة عن نفي عبودية الإنسان لغير الله وعدم سجوده إلا له. فلو ألقيتم نظرة متبصّرة وواعية، مستندة إلى العلوم المرتبطة بحياة البشر كالعلوم الاجتماعيّة والتربويّة وأمثالها، لرأيتم مدى اتساع دائرة العبوديّة، فهذه القيود والأغلال الّتي تقيّد البشر يوجد كلّ منها نوعًا من أنواع العبوديّة، كعبوديّة الأنظمة الاجتماعيّة الخاطئة، وعبوديّة العادات والتقاليد الخاطئة، وعبوديّة الخرافات، وعبوديّة الأفراد والقوى المستبدّة، وعبوديّة الأهواء النفسيّة الرائجة أكثر من غيرها، وعبوديّة المال والقدرة، فهذه كلّها عناوين للعبوديّة. وعندما نقول: “لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له” فمعنى التوحيد الخالص هذا نبذ كلّ أنواع العبوديّات وتحقّق الفلاح، والفلاح في قول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): “قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا”، ليس فلاحًا سياسيًّا أو اجتماعيًّا أو معنويًّا أو فلاح يوم القيامة فحسب،

 

 

 

27

 

 


12

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

بل هو فلاح حقيقي فلاح الدّنيا والآخرة. إذن هذه نقطة من النقاط التي يتميز بها الإسلام وإحدى النكات البارزة في الدعوة الإسلامية، والّتي يمكن أن نُعبّر عنها بأنّها الإسلام والتسليم لوجه الله، وهذا بُعْد آخر للتوحيد”. (31/12/1993)

ويقول سماحته: “التوحيد يعني عبوديّة الله تعالى وحده؛ بمعنى أن لا تسيطر الأهواء والشهوات والغضب على حياة الإنسان؛ بمعنى أن لا تكون الديكتاتوريات ولا الاستبداد، ولا الأنانيّات هي التي تدير حياة الإنسان؛ أن يكون العلم الإلهي والقدرة الإلهيّة والرحمة والفيض والهداية الإلهيّة، الأساس والمصدر لإدارة حياة الإنسان. هذا هو معنى التوحيد. . . إنّنا إن كنّا نعتقد بالتوحيد، فلا يمكننا أن نخضع للظلم والاستبداد، ولا يمكننا البقاء ساكتين أمام الظلم. هذه هي ماهيّة التوحيد”. (16/3/2019)

ويقول أيضًا: “التوحيد يعني حاكميّة القيم الإلهيّة على المجتمع، ورفض الحكومات الطاغوتيّة، الاستبداديّة، الفاسدة والطاغية على القيم الإنسانيّة الأصيلة”. (14/10/2003)

ويقول ذلك الحكيم المتألّه والعالم العارف: “التوحيد ليس نظريّة فلسفيّة وفكريّة وحسب؛ بل هو منهج حياة للبشر”. (24/9/2003)

وتتسع رقعة التوحيد في النظام الفكري والعملي للإمام الخامنئي وتتخذ مراتب عديدة نشير إليها:

1. التوحيد النظري

2. التوحيد العملي

 

 

28

 


13

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

3. التوحيد الأفعالي

4. التوحيد في الذات

5. التوحيد في المالكية

6. التوحيد في الربوبية

7. التوحيد في العبادة

8. التوحيد في الحاكمية

9. التوحيد في المحبة

10. التوحيد في الاستعانة

ويجري الحديث في النظام الفكري للإمام الخامنئي عن روح التوحيد وشرط التوحيد أيضًا. فيقول سماحته: “إنّ روح التوحيد تعني نفي عبودية الإنسان لغير الله وعدم سجوده لغيره”. (31/12/1994)

ويقول: “الشرط الأساسي في التوحيد، هو مخالفة النفس وعدم اتباع أهوائها”. (2/12/2000)

عندما يتحقق شرط التوحيد وتتجلى روح التوحيد على أرواح البشر يكتمل الإيمان بالله عزّ وجلّ وتوفر سعادة الإنسان المادية والمعنوية.

يقول الإمام الخامنئي: “الإيمان بالله تعالى إذن، لا يضمن السعادة المعنوية فحسب، بل السعادة المادية أيضًا. إن الإيمان بالله تعالى يمكّن الناس من الحصول على كل الأشياء التي يحتاجون إليها في حياتهم المادية”. (21/3/2010)

 

29


14

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ويقول: “إذا كان ثمة إيمان وتقوى جرت على الإنسان بركات السماء والأرض. بركات السماء هي الفتوحات المعنوية والرحمة الإلهية والقرب إلى الله، واستغفار ملائكة السماء وحملة العرش لعباد الله على الأرض. وبركات الأرض هي كل ما يرتبط بحياة الإنسان على الأرض؛ أي الحرية، والرفاه، والاستقلال، والأمن، وسعة الرزق، وسلامة البدن وما إلى ذلك”. (3/5/2008)

ويقول أيضًا مستلهمًا النظرة ذاتها: “فإنّ أولى المسائل التي ينبغي أن يفكّر فيها الإنسان تتعلّق بعلاقته مع الله. فلنحدّد علاقة جديدة مع الله المتعال؛ سواءٌ فيما يتعلّق بالجوانب الإيجابية أو السلبية. والجانب السلبي هو المعصية”. (12/4/2011)

وقد أشار أيضًا إلى أنّ: “عندما يكون قلب الشعب، وقلوب المسؤولين، وقلوب الشفوقين والمخلصين مع الله، فإنّ الله ييسّر الطريق ويسهّله ويفتحه ويوفّق”. (29/2/2012)

يقول عارف الثورة الإسلامية: “الطريق الأمثل لإيجاد العلاقة بالله في الدرجة الأولى هي هذه الصلاة التي تؤدونها. فحاولوا من هذه اللحظة ومن هذه المرحلة التي دخلتم فيها سنّ التكليف أن تؤدوا الصلاة بحضور قلب، ولكن ما معنى حضور القلب؟ يعني أن تشعروا، وأنتم في أثناء الصلاة، بأنكم تخاطبون ربكم العظيم وتتحدثون مع الله، فاسعوا لتحصيل هذا الشعور في نفوسكم. فإن المرء حين يتحدث مع الله سبحانه وتعالى، يعني أنه يستند إليه ويتوكل عليه، ويسأله ويطلب منه”. (13/12/2016)

ويقول أيضًا: “ارتباط القلوب بالله يمنعها من خيانة سبيل

 

30


15

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

الله ونهجه. لذلك جدير بنا أن نخضع لله ونطأطئ رؤوسنا خشوعًا وبخوعًا له ونغدو عبيدًا حقيقيين له. وقد استحكمت عُرى الوجود وخلقته على هذا الأساس وينبغي للجميع أن يكونوا عبيدًا لله الأحد”. (29/6/2014)

وقد جاء في الصفحة 191 من كتاب “الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم”:

“في عالم الوجود كلّه، توجد قوّة تسمّى الله؛ مركز قوّة وقدرة، مركز علم وحياة وقوّة تُعرف بالله. وفي المقابل، هناك ظواهر الوجود كافّة، متوجّهة إلى تلك القدرة العظيمة والجليلة، بمسكنة وعبوديّة. لا فرق بين ظواهر العالم من حيث العبوديّة لمركز القوّة ذاك. فسواء الذرّة الصغيرة أم المجرّة العظيمة، الإنسان المؤمن أم الإنسان الكافر، الموجود المهمل أم الموجود المهمّ والقيّم، جميعهم مقيّدون في مقابل ذلك الموجود، مسلّمون وعباد له”.

ج. معرفة الإنسان

يعدُّ الإنسان أحد الموجودات العجيبة في عالم الوجود إذ يتمتع بجوانب متعددة، وبالنظر إلى الجوانب المتعددة التي يحظى بها فإنّه يغدو موضوعًا لعلم من العلوم. ويُبحث في هذا العلم عن الإنسان من حيث الحقائق والخصائص الوجودية المتعلقة به ويُطرح في هذه الأبحاث عن إنسانيّة الإنسان وأصالته والهدف من وجوده ومنشأه ومآله.

 

 

31

 


16

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

1. له حُرمة في نفسه.

2. محلّ التكريم الإلهي.

3. يحتاج إلى بعثة الأنبياء وإرشادهم.

4. كماله منوط بالتخلّق بالأخلاق الإلهية.

5. الإيمان بالله يهبه القوة.

6. يحتاج إلى التعليم والتزكية والتربية الإلهية.

7. السنّة الإلهيّة في تدبير عالم الوجود تجري في مسار إسعاد الإنسان.

8. الإنسان موجود قيّم.

9. يحظى نطاق حياته ووجوده بالوحدة والانسجام من جهات مختلفة.

10. يتماهى وينسجم مع العالم الذي حوله.

والإنسان في النظام الفكري للإمام الخامنئي المتعلق بمعرفة الإنسان هو خليفة الله على الأرض ينبغي أن يتحرك في مسار يُرضي الله ويوصله إلى مقام القرب الإلهي. هذا الإنسان له كرامة ويحظى بمكانة وقيمة كبيرتين.

يقول سماحته: “لو نظرنا في القرآن ونهج البلاغة وغيرها من الآثار الدينية، لوجدنا بوضوح، أنّ الإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه المحور الذي يدور حوله الوجود وعالم الخلق بأسره”. (2/12/2000)

 

33


17

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

د. معرفة الولاية

الولاية أيضًا أحد المفاهيم المفتاحيّة في النظام الفكري لسماحة قائد الثورة الإسلامية. الولاية تعني الارتباط والتواصل القوي والاتحاد الجبهوي لمجموعة من الناس لديهم الفكر نفسه والهدف نفسه؛ يمضون قُدُمًا في طريق واحد ويسعون ويتحركون للوصول إلى هدف واحد، ويؤمنون بالفكر نفسه والعقيدة نفسها.

يقول سماحة الإمام الخامنئي: “الترابط الولائي الذي يعد ظاهرة سياسية واجتماعية وموقفًا مصيريًا في الحياة، يتحقق بالجهد والحركة والهجرة والعمل المشترك والموقف الموحّد. ولهذا لا يكون الولي في النظام الإسلامي بمعزل عن الأمة. فالولاية تعني التلاحم والانسجام والترابط، كما تعني في أحد أبعادها المحبة، وتعني في موضع آخر التآزر والتعاون. وهذه المعاني كلها تمثّل في الواقع مصاديق للارتباط والتضامن والاتحاد والوحدة؛ أمّا المعنى الحقيقي فهو الاتحاد والتلاحم.

إذا نظرنا إلى المجتمع الإسلامي بهذا المنظار، تتخذ الوحدة الاجتماعية والوحدة السياسية والوحدة المعنوية والروحية والعملية أبعادًا عميقة تبلور أمامنا معاني الكثير من المعارف الإسلامية كالسير باتّجاه مركز عالم الوجود، وباتجاه ولاية الله؛ فذرات الوجود كلها، شاءت أم أبت، تدور في إطار ولاية الله. والإنسان الواعي الذي يحسن الاختيار، يختار الولاية الإلهية ويسير في مسارها، وينال محبة الله ويمتلئ بها قلبه.

 

 

34

 


18

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

نقاء عالم الإسلام والبيئة الإسلامية والأجواء المعنوية الإسلامية ناجم عن هذه الولاية الإلهية التي لا تختلف اختلافًا جوهريًا عن ولاية الله في بعدها السياسي؛ فالحقيقة واحدة. ولهذا فالحكومة في الإسلام حكومة محبة وإيمان واتحاد، وتعني أيضًا تكاتف الشعب والحكومة، وتعني تلاحم شُعَب الحكومة بعضها مع بعض، وانسجام طبقات الشعب بعضها مع بعض. وهذه هي السمات التي تميّز المصداق الحقيقي للولاية في هذا العالم المتفرّق المشتت، وتبيّن الهوية الإسلامية لهذا النظام”. (16/4/1998)

هدف الرسالة

في كلام لقائد الثورة الإسلامية يقول فيه: “كان أنبياء الله قادة البشر، لأنّهم يعلمون أمر الله ونهيه، ولأنّهم يعرفون طريق إرشاد البشر وتربيتهم وتكاملهم. والرسالة التي هي المنصب الأوّل للرسل، توضّح لهم البرامج والمشاريع الإلهيّة. والإمامة والولاية التي هي المنصب الثاني للرسل، تعدّهم لإدارة المجتمع؛ أي منصب قيادة المجتمع؛ غاية الأمر على نحو الإمامة؛ والولاية؛ أي العلاقة العميقة والمتلاحمة بين الشعب والقائد”. (28/9/1982)

وكان قد تحدث سماحته في شباط عام 1973: “يأتي النبيّ فيحدث ثورة؛ فيزلزل أسس المجتمع ويخرّبها، ويغيّر هيئته، ويضع أسسًا أخرى مكان الأسس القديمة الرجعيّة والخاطئة، وهذه هي الأسس الثوريّة للإسلام؛ والأسس الثوريّة للدين.

 

35


19

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

يضع هذه الأسس، ويشكّل مجتمعًا جديدًا”.

فمسؤولية الأنبياء العظام بالاستلهام من كلام سماحته تتمثّل في أمرين:

1. عرض المبادئ الثورية والتأسيس للثورة على أساس تلك المبادئ.

2. بناء مجتمع جديد وإحكام أسسه.

يقول سماحته في المحاضرة نفسها: “إذا ما أتى نبيّ كبير لقوم ما، وجاء بأصول وأسس جديدة، إلّا أنّه لم يشكّل مجتمعًا على أساس هذه الأسس والأصول، ولم يبنِ مجتمعًا بالنحو المطلوب، فإنّ رسالته تبقى ناقصة”.

ويشير في خطبة له: “يقول الأنبياء إن أردنا إصلاح البشر فردًا فردًا، فإنّ العمر ينقضي بذلك. المجتمع ضروريّ ولازم؛ والنظام ضروري؛ ينبغي في ظلّ النظام بناء البشر بالنحو الذي نريد”. (9/10/1974)

ويقول قائد الثورة الإسلامية: “الإمامة تعني حكومة المجتمع الإسلامي”. (12/4/1985)

ويتابع حديثه قائلًا: أحد الأمور التي كان الأئمّة (عليهم السلام) جميعًا، يشرعون بها بمجرّد انتقال الإمامة إليهم، كانت النضال السياسي؛ العمل السياسي من أجل تسلّم الحكومة. هذا العمل السياسي هو كسائر النشاطات والأعمال التي كان يقوم بها أولئك الذين يريدون تشكيل نظام ما، وهذا ما كان يقوم به الأئمّة (عليهم السلام).

 

36


20

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ويقول سماحته: “إنّ تشكيل مجتمع ما قائم على أساس العدالة والقسط هو عمل سياسي. . وهذا هو هدف الأنبياء. ليس نبيّنا فحسب، بل عيسى وموسى وإبراهيم والأنبياء جميعًا، جاءوا لتشكيل النظام الإسلامي”. (22/8/2006)

وقد أسّس نبي الإسلام(صلى الله عليه وآله) نظامًا يحظى بالمميّزات الآتية:

الميزة الأولى: الإيمان والمعنويّة

الميزة الثانية: القسط والعدل

الميزة الثالثة: العلم والمعرفة

الميزة الرابعة: الإخلاص والأخوّة

الميزة الخامسة: الصلاح السلوكي والأخلاقي

الميزة السادسة: القوة والعزة

الميزة السابعة: العمل والحركة والتطور الدائم

الإمامة:

وتبعًا لهذه الرؤية يرى سماحة الإمام الخامنئي أنّ الرسالة هي منصب الأنبياء الأول، والإمامة والولاية هي منصبهم الثاني، فقال في هذا الشأن: “مسألة الولاية تابعة لبحث النبوّة؛ وهي ليست أمرًا منفصلًا عن بحث النبوّة. الولاية في الحقيقة هي استمرار لمبحث النبوّة، ولو لم تكن الإمامة موجودة لبقيت النبوّة ناقصة”. (11/10/1974)

وقال أيضًا: “بحسب تصوّري، إنّ استمرار النبوّة على هيئة

 

37


21

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

الإمامة، وولادة نهج وخطّ باسم الإمامة من خطّ ونهج آخر هو النبوّة، إنّما هو لهدفين:

1. تدوين الدين وتبيينه

2. استمرار خطّ النبوّة، وتحقيق أهداف النبيّ ومقاصده.

ويتابع سماحته في المحاضرة نفسها حول فلسفة الإمامة:

1. ليقرأ ويفهم الكتاب وسنّة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ومنهجه وأقواله، وينضجها في عقله؛

2. أن يطبّقها على احتياجاته؛

3. أن يبيّن الأفكار الأصيلة ويشرحها؛

4. أن يكون على رأس المجتمع الإسلامي، ويتابع تلك الحركة والمسار والسعي الذي كان يقوم به الرسول (صلى الله عليه وآله) من أجل التقدّم بهذا المجتمع وإيصاله إلى السمّو والتكامل”. (شباط عام 1973)

ويوضح أيضًا في سياق البحث عينه: “الإمساك بزمام المجتمع، والتقدّم به وقيادته في ذلك الخطّ والنهج والسيرة نفسها التي رسمها مؤسّس الثورة ـ أي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ـ وحدّدها وعيّنها من قبل. . . هي وظيفة الإمام.

إذا لم يجر تطبيق هذه المسؤوليات عمليًّا فستبقى النبوة ناقصة. فلو بقي الجناح السياسي ناقصًا ولم يتسلّم الإمام زمام المجتمع الإسلامي ولم يتحرك نحو الهدف فسيشوب النبوة نقص. والإمامة بدورها تقوم بترسيخ هذه الحقيقة”.

 

38


22

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ويمكن تفسير إمامة الأئمة في هذا السياق. يقول سماحته: “الإمامة هي المعنى الأعلى لقيادة المجتمع المنشود في مقابل أنواع القيادات النابعة من النقائص والشهوات والتكبّر والطمع الإنساني”. (3/3/2002)

ونجد في كتاب “الإمام الصادق” وهو كتاب جمع دروسًا لسماحته حول سيرة الإمام الصادق (عليه السلام) في عام 1979 وأعيد كتابتها: “مئات الروايات الواردة في الأبواب المتنوّعة للكتب المختلفة، رأت بصراحة أنّ مفهوم الإمام والإمامة في الثقافة الشيعيّة هو الإمساك بزمام القيادة، وقيادة شؤون الأمّة الإسلاميّة، وعرّفت أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بأنّهم الأصحاب الحقيقيّون للحكومة؛ بحيث لا يبقى لدى الباحث المنصف أي شكّ بأنّ ادّعاء أئمّة أهل البيت للإمامة، إضافة إلى المنزلة الفكريّة والمعنويّة، هو بالدقّة ادّعاء لحقّ الحكومة أيضًا، ودعوتهم الشاملة إنّما كانت في الحقيقة دعوة للنضال السياسي ـ العسكري من أجل الإمساك بالحكم”.

ونقرأ في الصفحة 78 من كتاب “أصحاب الحسين (عليه السلام)” وهو كتاب يضم بين دفّتيه محاضرات الإمام الخامنئي في عام 1972 في طهران حول النضال السياسي للأئمة عليهم السلام ما يأتي: “نحن نعتقد بأنّ ذلك الشخص الذي اختير ونُصّب من قبل الرسول (صلى الله عليه وآله) للحكومة، والذي رأى فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) المواصفات اللازمة للحكم فاختاره لهذا المنصب وسلّمه زمام المجتمع الإسلامي وعرّفه للناس وأوصى بالخلافة إليه وأمر الناس بطاعته، وإن أُبعد يومًا

 

40


23

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

عن حقّه، ينبغي له أن يسعى للوصول إليه؛ ذلك أنّ هذا الحقّ لم يكن بالحقّ الذي يمكنهم أن يهبوه إيّاه”.

وبعد وفاة النبي الأكرم صلوات الله عليه أنيطت هذه الإمامة باثني عشر إمامًا. يقول سماحته: “قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأئمّة اثنا عشر إمامًا. وقد وردت في بعض الروايات -وروايات كثيرة عن طريق الشيعة- أسماؤهم وصفاتهم وخصائصهم وعلاماتهم. . . وهم بعد أمير المؤمنين (عليه السلام) الإمام الحسن المجتبى، وبعده الإمام الحسين بن علي، وبعده علي بن الحسين، وبعده محمّد بن علي، وبعده جعفر بن محمّد، وبعده موسى بن جعفر، وبعده عليّ بن موسى، وبعده محمّد بن علي، وبعده عليّ بن محمّد، وبعده الحسن بن عليّ، وبعده محمّد بن الحسن صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. هؤلاء أئمّتنا. وإمام الزمان مازال في غيبته الكبرى ونحن بانتظار الفرج وظهوره”. (2/1973)

الحكومة المهدوية

يقول سماحته: “نحن اليوم في حالة انتظار الفرج، أي إننا ننتظر مجيء يد قوية تنشر العدل وتقضي على غلبة الظلم والجور التي سحقت البشرية كلها تقريبًا، وتغيّر أجواء الظلم والجور وتطلق أنسام العدل على الحياة الإنسانية حتى يشعر البشر بالعدالة”.

ويقول متابعًا: “تأسيس نظام الجمهورية الإسلامية إحدى مقدمات هذه الحركة التاريخية العظيمة”. (17/8/2008)

 

40


24

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

وتقوم الحكومة المهدويّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي على عدّة أمور:

1. اقتلاع جذور الظلم والطغيان وإزالتها.

2. تنامي الفكر العلمي والإسلامي للبشر.

3. استخراج جميع الطاقات والثروات الطبيعية وسائر القوى الكامنة لدى البشر.

4. التمحور حول الفضيلة والأخلاق.

5. بذل المساعي والطاقات في إعمار العالم.

6. تشكّل نظام إسلامي سليم أخلاقيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

7. القضاء على كل ما يساهم في قتل الإنسان ووأد الفضائل.

8. المساواة في الشؤون المالية والاقتصادية.

يقول سماحته: “علينا نحن أيضًا أن نهيّئ المقدّمات بذلك النحو. علينا أن لا نهادن الظلم ونتحرّك ضدّه بنحو حاسم، مهما كانت طبيعته ومصدره، علينا أن نوجّه اتّجاهنا في اتّجاه إقامة الحدود الإسلاميّة. . ينبغي لكلّ قوانيننا وضوابطنا الحكوميّة والدوائر الرسميّة والمؤسّسات التنفيذيّة وسائر أمورنا أن تصبح إسلاميّة من حيث الظاهر والمحتوى، وأن تقترب من الأسلمة يومًا بعد يوم”. (27/6/1980)

ويرى سماحته أن هذه المسؤولية وقيادة المجتمع تقعان على الولي الفقيه في عصر الغيبة الكبرى.

 

41


25

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

حكومة الولي الفقيه:

يقول سماحته: “إن أردنا لكلّ الطاقات في المجتمع أن تعمل، وأن يعمل الجميع في اتّجاه وهدف واحد، وأن لا تُهدر أيّ من الطاقات، وأن يُستفاد منها جميعًا على هيئة قوّة تراكميّة تصبّ في المصلحة العامّة للبشريّة. . . فإنّ ذلك يتطلّب سلطة مركزيّة. . . لها شرائطها حتمًا:

1. أن تتحلّى بالكثير من الوعي؛

2. أن تتحلّى بالعزم والإرادة؛

3. أن ينظر للأمور بخلفيّاتها وبعين البصيرة؛

4. أن لا يهاب شيئًا في طريق الله؛

5. أن يضحّي بنفسه وقت الحاجة.

إنّنا نسمّي مثل هذا الموجود. . . بالإمام؛ الإمام هو ذلك الحاكم والوليّ المنصوب في المجتمع من قبل الله. . . قد يكون هذا الإمام معيّنًا بالاسم من قبل الله تعالى. . . وقد لا يسمّيه بالاسم، [بل] يحدّد مواصفاته. . . ذلك الفقيه الذي هو نائب الإمام المنصوص والمنصوب من قبل الله، هو نفسه إمام. . . لم يسمّ بالاسم؛ بل بالمواصفات والعلامات. وكلّ من تحلّى بهذه المواصفات فهو إمام”. (12/10/1974)

ويقول سماحته في السياق ذاته: “تلك الولاية نفسها التي هي لله وقد انتقلت للرسول الأكرم، تنتقل في هذا العصر للإنسان الذي يتحلّى بالطهارة والتقوى الموجبة للعدالة، والذي لا يعصي

 

 

42

 

 


26

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ولا يظلم، ولا يميل إلى أعداء الله، والمطيع لأمر الله، والمخالف لأهواء النفس والمراقب لنفسه”. (6/2/1988)

وهذه الولاية بهذا الشكل الذي تُعرض فيه هي امتداد لولاية الله والنبي وأئمة الدين.

يقول سماحته: “ولاية الله وولاية الأئمّة ليستا اثنتين؛ وولاية الأئمّة وولاية الرسول ليستا شيئين. هما ولاية واحدة. وهذه الولاية، تعني ذلك الارتباط؛ أي ارتباط شيئين بنحو لا يمكن الفصل بينهما بسهولة. . . هذا الارتباط والاتّصال هو ارتباط فكريّ وروحي وعملي. في هذه الفروع الثلاثة، إذا ما حصل ارتباط بيننا وبين الله، بيننا وبين النبيّ، بيننا وبين الأئمّة، فإنّ الولاية تنعقد وتحصل.

وإذا جرى الارتباط بيننا وبين الولي الفقيه ستُرسى دعائم الولاية. ولاية الفقيه هي استمرار لولاية الأولياء الإلهيين ولا يلزم لإثباتها وجود دليل نقلي ويكفي فيها الدليل العقلي”. (27/4/1982)

يقول قائد الثورة الإسلامية وحكيمها: “إثبات ولاية الفقيه، بمعنى أنّ ولاية الفقيه ضرورة في المجتمع الإسلامي، لا يحتاج إلى دليل نقلي، مع أنّ الأدلّة النقليّة، أي القرآن والحديث تؤيّد وتصادق وتدلّ أيضًا على ولاية الفقهاء والعلماء الربّانيّون؛ لكن، لو لم يكن لدينا أيضًا أيّ دليل نقلي على ولاية علماء الدين في المجتمع الإسلامي، فإنّ العقل والاعتبار العقلي يكفي ويدلّ عليها؛ ذلك أنّه إذا كان مخاطبونا أشخاصًا لا يقبلون بالحكومة الدينيّة، ولا يأخذون تطبيق الأحكام الإسلاميّة على محمل الجدّ، فإنّ تقديم

 

43


27

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

الدليل النقلي ليس كافيًا؛ بل لا بدّ من تقديم دليل آخر. كما أنّنا لسنا بحاجة، في مقابل الأشخاص الذين يؤمنون بوجوب تطبيق الأحكام الإلهيّة والقوانين الإسلاميّة في المجتمع، ويرون بأنّ هذا من مستلزمات الإيمان بالله والإسلام، إلى الاستدلال بالقرآن أو الروايات من أجل إثبات ولاية الفقيه؛ لأنّ المجتمع الذي يجب أن يُحكم بالقوانين الإسلاميّة، لا بدّ لحاكمه من أن يكون عارفًا بهذه القوانين. إشراف الولي الفقيه على جميع المراكز الأساسيّة والحسّاسة في المجتمع الإسلامي، ضرورة يؤكّدها القانون الأساسي، وهذا لا يحتاج إلى دليل. وإنّي لأعجب من الأشخاص الذين يستدلّون من أجل الردّ على موضوع ولاية الفقيه. المجتمع غير الملتزم بالقيم الإلهيّة يقبل أن يتولّى زمامه إنسان عديم الأخلاق والإيمان أو ممثّل وفنّان؛ أمّا المجتمع الملتزم بالقيم الإلهيّة، والمؤمن بالتوحيد، والنبوّة والشريعة الإلهيّة، ليس أمامه سوى أن يكون على رأسه شخص عارف بالشريعة الإسلاميّة، لا يرتكب المعاصي، ولا يتعمّد الخطأ، ولا يظلم، ولا يطلب شيئًا لنفسه، شفوق على بني البشر؛ يتحلّى بالأخلاق الإلهيّة الفاضلة، ويرجّح القيم الالهيّة على المصالح الشخصيّة والجماعيّة.

في هذا المجتمع، ينفّذ رأي الشعب في رئيس الجمهوريّة بواسطة [إمضاء] الوليّ الفقيه، ومن دون إنفاذه لا يكون ذلك الشخص رئيسًا. الفقيه العادل هو في أعلى المناصب التنفيذيّة في البلاد ويتولّى زمام الأمور. ومن خلال تعيين الممثّلين في مجلس صيانة الدستور، الجيش وغيره، يكون للوليّ الفقيه حضور تامّ [في هذه

 

 

44

 


28

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

المؤسّسات]. وفي السلطة القضائيّة أيضًا، الوليّ الفقيه يمثّل كلّ شيء من خلال تعيين رئيس المحكمة العليا والمدّعي العامّ في البلاد. وعليه، ففي المجتمع الإسلامي، يكون للوليّ الفقيه الذي هو الحاكم من قبل الله تعالى على أساس المعايير الإسلاميّة، حضوره الكامل في السلطة التنفيذيّة، والتشريعيّة والقضائيّة. وحتمًا، صلاحيّات الوليّ الفقيه غير منحصرة في هذه الأمور، بل هي أعمّ وأعلى منها”. (20/5/1983)

ويقول سماحته: “ولاية الفقيه تعني حكومة العارف بالدين؛ حكومة علماء الدين العادلين. . . ينبغي للوليّ الفقيه أن يكون ملمًّا إلمامًا شديدًا بالقرآن وبالأحكام الإسلامية؛ أي أن تكون لديه ملكة الفقاهة ويمكنه أن يفهم الإسلام، ويعرف الدين، ويكتشف الأحكام الإسلاميّة، يأنس بالقرآن والسنّة، ولديه القدرة على استنباط الأحكام الشرعيّة. مضافًا إلى الفقاهة والعدالة تلزم أيضًا الدراية والكفاءة. وهذا أيضًا شرط إلزامي وعقلي. فالشخص الذي لا يمكنه إدارة عمل ما، لا يمكن تنصيبه وليًّا. لذا، هذه الشروط الثلاثة الأساسيّة، أي الفقاهة، العدالة والكفاءة -والكفاءة هنا تشمل الكفاية الفكريّة والعمليّة- تجعل الإنسان لائقًا وجديرًا بأن يتسلّم زمام الولاية المرتبطة بالله والرسول”. (6/2/1988)

إذا أرادت الأمة الإسلامية أن تبقى حية وناجحة ومستقرة دائمًا فعليها أن تُحكم ارتباطها بالولاية وتقوّيه. عليها أن تقوي علاقتها بالولي الفقيه.

 

45

 

 


29

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

وللولي الفقيه أيضًا الولاية على الناس كالإمام. هو إمام لم يعيّنه الله ولم يشر إليه بشخصه. يقول سماحته: “ذاك الفقيه الذي هو نائب للإمام المنصوص، هو نفسه إمام؛ غاية الأمر أنّه إمام لم يعيّن بالاسم؛ بل الصفات والعلامات. وكلّ من انطبقت عليه هذه العلامات يصبح إمامًا”. (12/10/1974)

وللإمام الذي يحظى بتلك المزايا والخصائص ثلاث مسؤوليات:

1. ينبغي أن يكون مجسّدًا واقعيًّا للدين، بشقه المعنوي والفكري والعملي، وفي ساحة السعي والمجاهدة، وفي ساحة الأخلاق والتعامل مع البشر.

2. عليه أن يحافظ على عقيدة التوحيد والفكر الإسلامي عبر الزمان، وأن يكون ركنًا وملاذًا فكريًا للناس ممن يرغبون في التعرف على الإسلام بهيئته الصحيحة والقوية والدقيقة.

3. ينبغي أن يسعى ويجدّ لتأسيس النظام والمجتمع الإسلاميّين ويحافظ عليهما.

هـ. معرفة الإسلام

تطرّق الإمام الخامنئي بشكل ممنهج إلى أبحاث “معرفة الإسلام” وعرّف الإسلام المحمدي الأصيل للبشرية بالشكل التالي:

 

46


30

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

1. المعنوية والعدالة والعقلانية هي ثلاثة معالم ومكونات رئيسة للإسلام المحمّدي الأصيل.

2. المعْلَم الآخر للإسلام المحمدي الأصيل هو ارتباطه الوثيق بمصالح الشعب ومصيره.

3. الإسلام الحقيقي هو التسليم لله عز وجل وترك جميع أنواع العبودية لغيره وإخلاص العبودية له.

4. يلبّي الإسلام المحمدي الأصيل سائر احتياجات الإنسان الفردية والاجتماعية للحصول على السعادة الدنيوية والأخروية.

5. إن بعثة النبي الأكرم صلوات الله عليه هي بداية لحركة ثورية استقرت في المدينة المنورة على هيئة نظام إسلامي واستمرت إلى عهد الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) في إطار نهضة لنشر الإسلام الأصيل.

6. إقامة النظام العادل في المجتمع هو أحد أهم ثمار تطبيق الإسلام الأصيل عمليًا ونتاجًا له.

7. إن الإيمان بالعقائد الإسلامية يبث الأمل بالله والثقة بعونه في قلوب البشر، والإنسان بدوره وبامتلاكه لهذه النفسية والروح السامية يقاوم سائر التهديدات والصعوبات التي يواجهها من قبل المتسلطين والمستكبرين.

8. الإسلام الأصيل هو عامل للوحدة والانسجام بين أطياف المجتمع ليغدو جسدًا واحدًا متحدًا.

9. الطريق للوصول إلى الازدهار والتطور والسعادة هو

 

47


31

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

الجهاد والشهادة مكان إسلام القعود والخضوع والذلّة؛ وإسلام التعبّد والتعقّل مكان إسلام الالتقاط والجهل؛ وإسلام الدنيا والآخرة مكان إسلام حبّ الدنيا أو إسلام الرهبانيّة؛ وإسلام العلم والمعرفة مكان إسلام التحجّر والغفلة؛ وإسلام السياسة والدين مكان إسلام التحلّل من القيود واللامبالاة؛ وإسلام القيام والعمل مكان إسلام الخمول والبرود؛ وإسلام الفرد والمجتمع مكان إسلام المظاهر وعدم الاكتراث وعدم التأثير؛ والإسلام المنقذ للمحرومين مكان الإسلام الذي هو ألعوبة بأيدي القوى الكبرى والسلطات؛ والخلاصة الإسلام المحمّدي (صلى الله عليه وآله) الأصيل مكان الإسلام الأميركي”. (31/5/1990)

يقول سماحة الإمام الخامنئي: “لقد كان الهدف الأعلى للدين الإسلامي تحقّق كلمة التوحيد في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة. وتشكيل الأمّة الواحدة التي تؤدّي حقّ العبوديّة لله تعالى هو الهدف الذي تهيّئ كلّ واحدة من العبادات والفرائض الإسلاميّة الأرضيّة لتحقّقه”. (16/6/1991)

هذا الإسلام يُغضب بشدة من عقدوا آمالهم على زوال الإسلام في إيران وفي سائر البلدان الإسلامية، ولهذا السبب يخشى الطواغيت والقوى العظمى من الإسلام المحمدي الأصيل، ولم يفوّتوا منذ اليوم الأول لانتصار الثورة الإسلامية حتى اليوم، فرصة للهجوم على الإسلام المحمدي الأصيل ونظام الجمهورية الإسلامية في إيران وتوجيه الضربات له والإضرار به.

يقول الإمام الخامنئي: “الإسلام الأصيل هو الذي يخيف أمثال

 

 

49

 

 


32

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

“أبي جهل”. لو كان الإسلام بحيث لا يخافه أمثال أبي جهل وأبي سفيان ولا يعادونه، لوجب علينا أن نشك في كونه إسلامًا. فالإسلام الذي لا تعقد الطبقات المحرومة والمستضعفة الآمال عليه ولا تحبه، ليس إسلامًا. والإسلام الذي لا يستطيع إحياء الآمال المسروقة والخامدة للشرائح المظلومة في أرجاء العالم -لا على مستوى بلدنا وحسب- فلتشكّوا بأنّه دين الإسلام”. (1/3/1990)

 

ذلك الدين هو الإسلام العلماني

يقول الإمام الخامنئي: “الإسلام العلماني شبيه المسيحية العلمانية التي تتجه نحو زاوية في الكنيسة لتكون حبيسة فيها، فلا يكون لها أي حضور في واقع الحياة؛ كذلك هو الإسلام العلماني. هناك من يدعو اليوم إلى إسلام منزوٍ، إسلام ليس له أي اهتمام في حياة الناس، إسلام يدعو الناس إلى عبادة أو أمر أو زاوية مسجد أو بيت ليس إلا”. (12/3/2015)

ذلك الدين هو الإسلام الأمريكي

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الإسلام الأمريكي يعني الإسلام الذي يقتصر على الشكليات فيبتعد عن التطبيق، وهو إسلام عدم الاكتراث مقابل الظلم، ومقابل الجشع، واللامبالاة حيال التطاول على حقوق المظلومين، إنّه إسلام مساعدة العتاة والمتعسفين والأقوياء”. (4/6/2010)

“الإسلام الأمريكي إسلام ينسجم مع الطاغوت، مع الصهيونيّة؛

 

 

50


33

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

وقد ظهر لخدمة أهداف أمريكا”. (29/6/2014)

“الإسلام الأمريكي ليس ذاك الذي ترضاه أمريكا فحسب. كلّ شيءٍ خارج نطاق هذا الإسلام الأصيل: الإسلام الملكيّ أيضًا [إسلام أمريكي]، والإسلام الالتقاطي أيضًا [إسلام أمريكي]، الإسلام الرأسمالي كذلك [إسلام أمريكي]؛ كذلك الإسلام الاشتراكي أيضًا؛ أنواع الإسلام التي تظهر بأشكال وألوان مختلفة ولا تتوفّر فيها تلك العناصر الرئيسة، كلّها تقع في مقابل الإسلام الأصيل، وهي في الحقيقة إسلام أمريكي”. (24/9/2009)

ويتحدث سماحته قائلًا: “الإسلام يعني بناء نظام اجتماعيّ وحياة عامّة لأمّة ما، قائمة على أسس متينة يمكنها تأمين سعادة الدنيا والآخرة لها”. (12/5/2000)

أمثال أبي جهل وأبي سفيان يخشون هذا الإسلام؛ الإسلام الذي يحيي الآمال الخامدة للطبقات المظلومة في العالم، الإسلام الذي يرى أن السياسة جزء لا ينفصل عن الدين، ويوصل البشرية إلى أهدافها الراقية، الإسلام الذي يجعل من الإنسان المؤمن محلّلًا سياسيًا ويدعوه للنضال ضد الاستكبار العالمي والظالمين.

الدين والسياسة

وبهذه الرؤية نفسها يقول سماحته: “يرى الإسلام المحمّدي (صلى الله عليه وآله) الأصيل بأنّ السياسة جزء من الدين غير قابلة للانفكاك عنه، ويدعو المسلمين كافّة إلى الفهم والعمل السياسي”. (30/1/2001)

 

 

51


34

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

والإسلام في النظام الفكري للإمام الخامنئي هو مجموعة من الشؤون الحياتية التي ينبثق عنها السياسة والحكم وهما جزء منها، وقد سعى المسلمون وناضلوا نضالًا دؤوبًا منذ اليوم الأول لتشكيل الحكومة الإسلامية والنظام السياسي. ويقول ذلك العارف الكبير والمفكر الحكيم: “يَرى الإسلام أنّ الدنيا قَنطرةَ الإنسان لبُلوغ الكمال، وأنّها مزرعة الآخِرة؛ ومن هذه الزاوية وهذه الرؤية تكون الدنيا عبارة عن الإنسان والعالم. وأنّ حياة البشر عقلهم وعلمهم، حقوقهم، واجباتهم وتكاليفهم، ميادينهم السياسية، واقتصاد المجتمعات والميادين التربوية، ومَيادين العدالة، تُشكّل مجتمعة ميادين الحياة. وعليه تكون الدنيا المضمار الأساسي للتكليف والمسؤولية والرسالة الدينية. لقد جاء الدين كي يُنظّم الجهود الإنسانية ويعمل على هِدايتها في هذا الميدان الواسع والمتنوّع. وعلى هذا التفسير وهذا الفهم للدنيا لا يمكن الفصل بين الدين والدنيا؛ ولا يمكن للدين العثور على مضمار لأداء رسالته غير الدنيا”. (4/6/2005)

“من أكبر مظاهر الشرك في العصر الراهن، فصل الدنيا عن الآخرة، والحياة الماديّة عن العبادة، والدين عن السياسة”. (5/7/1989)

ويقول أيضًا: “عندما تنفصل السياسة عن الدين، فإنّها ستنفصل عن الأخلاق؛ وعن المعنويّة. . . وعندما ينفصل الدين عن السياسة، تصبح السياسة غير أخلاقيّة؛ قائمة على الحسابات الماديّة والنفعيّة كافّة”. (11/9/2009)

 

 

52

 

 


35

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

“عندما تقولون بعدم فصل الدين عن السياسة، فعلى أهل الدين أن يكونوا عارفين بالسياسة، وفاهمين لها، ويكونوا فعّالين في الأماكن التي يكون ميدان العمل فيها سياسيًّا، [أمّا] في الأماكن التي يكون فيها ميدان العمل هو بيان الأحكام الدينيّة المحضة، فعليهم أن يبيّنوها انطلاقًا من وعيهم للأمور والأوضاع السياسيّة”. (3/5/1997)

ويتحدث سماحته أيضًا: “بطرح إمامنا العظيم للإسلام السياسي، أبطل كلّ المساعي الثقافيّة والسياسيّة لأعداء الإسلام طوال القرن ونصف القرن الماضيين، الذين سعوا إلى إخراج الإسلام كلّيًّا من ساحة حياة الاجتماعيّة، وبطرحهم لنظريّة فصل الدين عن السياسة، حصروا التديّن في القيام بالعبادات والأعمال الفرديّة، وبإخراجهم الإسلام من ميدان السياسة العالمي، جعلوا البلدان الإسلاميّة ميدانًا للنهب وهجوماتهم السياسيّة والعسكريّة”. (10/2/1999)

 

و. معرفة العالم

تشتمل معرفة العالم على معرفة عوالم الوجود ومن بينها عالم الجبروت وعالم الملكوت وعالم الأفلاك وعالم الآخرة.

ويقوم تدوين القوانين والعلاقات الاجتماعية وكيفية ارتباط الإنسان بذاته، وبالله والمجتمع والطبيعة على معرفة العالم.

وفي النظام الفكري للإمام الخامنئي، تتعلق سائر الظواهر في العالم بالقدرة العليا وهي مخلوقة ومربوبة لها. هذه القدرة

 

 

53


36

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

العليا هي الله. فمن أعماق الذرة المتناهية في الصغر إلى قمم الأفلاك والمجرات والعوالم غير المعروفة جميعها صنيعته وتحت تصرفه. فموجودات العالم كلها مقهورة لأمره ومسيرة له، والله عز وجل يمسك بزمامها جميعًا خلقًا واستمرارًا لحياتها.

وقد جاء في الصفحة 185 من كتاب “الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم”:

“العالم حقيقة غير مستقلّ بنفسه، فهو لم يوجد نفسه بنفسه. ولم ينتج من تلقاء نفسه؛ بل إنّ يدًا قديرة هي التي خلقت هذه الظواهر المختلفة، يدًا قديرة هي التي أوجدت تلك الحركة المفرطة في قلب الذرّة، وخلقت في أعلى العوالم غير المكتشفة، المجرّات وما يحيط بها من أشياء، والتي يمكن اكتشاف مليارات الأضعاف ممّا اكتشفناه إلى الآن منها”.

كل عالم الوجود قد خُلق لهدف خاص، فلم يخلق الله عز وجل العالم عبثًا وهباء.

ونقرأ في الكتاب نفسه في الصفحة 91: “المؤمن بالله يقول ربّنا! ما خلقت السماوات والأرض ولا كلّ هذه الموجودات باطلًا وعبثًا. فأنت منزّه عن العبث. وعليه، فعليّ مسؤوليّة؛ وعليّ أن أطوي الطريق؛ وإنّني مقابل هذا النظام العجيب المذهل نقطة، ولديّ في هذا النظام العجيب أيضًا مكان للعمل؛ فإذا لم أؤدِّ العمل هناك بالنحو الصحيح وبالنحو الذي تريده، أخرب هذا النظام. سبحانك فقنا عذاب النار؛ فنار القيامة مع أنّها حقيقيّة، هي رمز لنار غضب الله سخطه وانتقامه ولتكوين العالم أيضًا”.

 

54


37

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ز. علم الاجتماع

علم الاجتماع هو فرع من العلوم الاجتماعية وهو العلم الذي يدرس المجتمع ويحلله. ويشكل المجتمع مجموعة من أفراد البشر ممن يرتبطون بأنظمة وقوانين وعادات وتقاليد ولغة مشتركة ويعيشون معًا حياة اجتماعية.

ويُستفاد من آيات الذكر الحكيم أنّ الإنسان مخلوق اجتماعي وأن هذه السمة قد جُبل عليها. وعلى هذا الأساس يصل الدور بعد معرفة الله ومعرفة الإنسان ومعرفة الولاية، ومعرفة الإسلام ومعرفة العالم إلى تبيان صورة المجتمع الإسلامي المناسب في النظام الفكري للإمام الخامنئي.

يرى الإمام الخامنئي أن صناعة الإنسان والمجتمع أحد الأهداف الإسلامية العليا ويؤمن بأن إحدى الرسالات العامة للأنبياء هي الاهتمام بسلامة المجتمع.

يقول سماحته: “بحسب العقيدة الإسلاميّة، جميع الأنبياء جاءوا ليؤسّسوا مجتمعًا على أساس القيم الإلهيّة؛ أي ليؤثّروا في واقع حياة الناس. . . هذا البعد هو بعد أصلي وأساسي في حياة رسول الإسلام، الذي هو مظهر قدرة الله في الأرض وبين الناس، ومظهر الحاكميّة والولاية الإلهيّة بينهم”. (20/6/1992)

وعندما يؤسّس المجتمع على أساس رؤية النبي والإمام والولي، يغدو توجهها نحو المبادئ والمعارف الدينية. ويصبح البشر مؤمنين بالآخرة وراغبين في تحقيق الأهداف الإلهية.

 

55


38

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

ويمسي المجتمع مجتمعًا إسلاميًا.

ونجد في الصفحة 11 من بحث “الولاية” وهي قسم من كتاب “الفكر الإسلامي على ضوء القرآن الكريم” ما يأتي: “المجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع الذي يحكمه الله، قوانين ذلك المجتمع هي قوانين إلهيّة؛ والحدود الإلهيّة مقامة في ذلك المجتمع، الله هو الذي يعزل وينصّب فيه. في الهرم الاجتماعي، إذا افترضنا المجتمع بنحو هرمي، كما هو سائد ومعمول به لدى عدد من علماء الاجتماع، يكون الله في رأس الهرم، ومن ثمّ يأتي في الأسفل كلّ الناس؛ دين الله هو الذي يوجد التشكيلات؛ والقوانين الضوابط الإلهيّة هي التي تؤسّس للحرب والسلم؛ ودين الله هو الذي يحدّد الروابط والعلاقات الاجتماعيّة، الاقتصاد، الحكومة، الحقوق، وكلّ شي، ويجريها. ودين الله يتابع هذا القانون. هذا هو المجتمع الإسلامي”.

ويتصف المجتمع الإسلامي في النظام الفكري لقائد الثورة الإسلامية والمفكر الثوري الإسلامي بالأمور الآتية:

1. قائم على الرؤية التوحيدية.

2. يتمحور حول الإمامة.

3. يتمحور حول الهداية.

4. يتمحور حول العدالة.

5. يتمحور حول الثقافة.

6. ينزع نحو المعنويات.

 

56


39

الفصل الأول: النظام الفكري – المعرفي

أنّ المسلمين في مكّة كانوا يقومون بأعمالهم وواجباتهم الفرديّة؛ إلّا أنّ المجتمع الإسلامي في مكّة مختلف عن المجتمع الإسلامي في المدينة التي تشكّلت فيها الحكومة الإسلاميّة. لقد وُجد شيء جديد، وتحرّك أعلى من الحركات الفرديّة وأرقى منها وهو أمر لازم. وإذا ما تحقّق، فعندها. . . تصبح الحياة حياة جيّدة؛ وسعيدة وطيّبة، وستترتّب عليها الآثار والبركات والنتائج المرجوّة من طاعة الله تعالى”. (26/4/2009)

 

58

 

 


40

الفصل الثاني: النظام القيمي

النظام القيمي في الإسلام هو مجموعة منظمة من القيم الإسلامية في مجالات متنوعة. وفي هذا النظام يجري البحث في التعاليم الأخلاقية والتربوية والمعنوية والعبادية. وتعدّ هذه التعاليم جزءًا مهمًا من المنظومة الفكرية للإمام الخامنئي المستندة إلى النُّظم الفكرية المعرفية المؤثرة في النظام الاجتماعي.

ألف. الأخلاق

يقول الإمام الخامنئي: “ماذا نعني بالأخلاق؟ نعني الحلم والتحمّل، الصبر والمقاومة، الصدق والصفاء، الشجاعة والتضحية، الطهارة والعفّة”. (27/11/2014)

ويقول أيضًا: “الأخلاق الإنسانية لكل إنسان هي روح تديّنه. إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وهذه هي مكارم الأخلاق، أن يكون الإنسان صبورًا، متينًا، منصفًا، ذا نفسيّة قويمة، خيّرًا للناس، خدومًا، من أهل العمل، مبدعًا، طليعيًّا، دؤوبًا. جميع هذه الأمور من الأخلاق الإسلامية”. (7/1/2014)

“الأخلاق هي الهواء اللّطيف الذي إن توفّر في المجتمع البشري استطاع الناس أن يحيوا باستنشاقه حياةً سليمة. إذا لم تكن

 

 

62

 

 


41

الفصل الثاني: النظام القيمي

هنالك أخلاق وإذا ساد انعدام الخلق، وساد الحرص، وأهواء النفس، والجهل، وحب الدنيا، والضغائن الشخصيّة، والحسد، والبخل، وسوء الظن؛ حين تتفشّى هذه الرذائل الأخلاقيّة، تصبح الحياة صعبة وتضيق الأجواء، وتسلب الإنسان القدرة على التنفس السليم. من هنا يقول القرآن الكريم في مواطن عدّة}وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ{[1]  والتزكية هي التربية الأخلاقيّة وهي مقدّمة على التعليم”. (20/7/2009)

“إنَّ المجتمع الذي لا يتحلّى أفراده بالأخلاق الحسنة، لا يمكن له بلوغ الأهداف السامية لبعثة الرسول (صلى الله عليه وآله)؛ لأنَّ الأخلاق الحسنة هي التي توصل الإنسان إلى المقامات الإنسانية العالية، ولا يقتصر معنى هذه الأخلاق على إظهارها عند التعامل مع الناس وحسب، بل يتعدى إلى تنمية الصفات الحسنة والأخلاق الفاضلة في قلوبنا وأرواحنا وترجمتها على مستوى أعمالنا”. (26/3/2006)

وقال قائد الثورة الإسلامية: “فنحن حتى إذا بَلَغنا ذروة الرفاه الاقتصادي، وكسبنا أضعاف ما نحن عليه من اقتدار ومجد سياسي، لكن أخلاق الناس لم تكن أخلاقًا إسلامية، ولم نكن نتحلى بالصبر والحلم والتفاؤل وحسن الظن، فعندئذ سينهار العمل من أساسه. فأساس الأمور الأخلاق. وهذا كلهُ مقدمة للأخلاق الحسنة “بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق”. وغاية الحكومة الإسلامية أن يتربى الناس في هذه الأجواء؛ لتتسامى

 

 


 [1] سورة آل عمران، الآية 164، سورة الجمعة، الآية 2.

 

63


42

الفصل الثاني: النظام القيمي

أخلاقهم وليكونوا أكثر قربًا من الله، ولتبنى نياتهم على القربة لله تعالى”. (22/4/1998)

فالأخلاق هي الجزء القيمي والسلوكي الأهم في كل نظام معرفي واجتماعي. وقد ركز الإمام الخامنئي أيضًا في نظامه الفكري على عنصر الأخلاق، وهو يرى أن المجتمع والفرد يصلان إلى الكمال من خلال الأخلاق وتنمية الصفات والخصال الفاضلة في القلب والنفس وانعكاسها في العمل. فسماحته يؤمن بالأخلاق في أبعادها الفردية والعامة والاجتماعية والحياتية وقد قال: “الأخلاق تفوق العمل أهمية”. (20/9/2009)

واستنادًا إلى الرؤية عينها يقول سماحته: “إن الجمهورية الإسلامية اليوم بحاجة ماسة إلى أن نسعى نحن المسؤولين بالدرجة الأولى، ثم أفراد الشعب بشكل دقيق ومنتظم ومرتب، لإحداث تحول في وجودنا وقلوبنا باتجاه الأهداف الأخلاقية للإسلام”. (18/10/1998)

“كان رسول الإسلام (صلى الله عليه وآله) يغمر الأجواء بالقيم الإسلامية، وذلك حتى تشيع هذه القيم والأخلاق الإسلامية تمامًا في المجتمع وتصبح مختلطة وممزوجة بأرواح الناس وأفكارهم وحياتهم”. (20/10/1998)

وتوصيته للجامعيين الداعية للارتباط بعلماء الدين ومعلمي الأخلاق تصب في هذا السياق. (19/10/1998)

ولهذا السبب يطلب من حجة الإسلام والمسلمين محمدي عراقي تنمية الأخلاق الإسلامية لدى الحرس الثوري بالتناسب

 

65

 

 


43

الفصل الثاني: النظام القيمي

أن يجعل من قلبه مسرحًا للفضائل وذكر الله وحبّ أوليائه وعباده، وأن يراعي التقوى في الفكر والعقل؛ بأن يصون العقل من الانحراف والوقوع في الأخطاء والمزالق، وإنقاذه من الجمود، وتوظيف الذكاء في شؤون الحياة، وعليه فإن المراقبة المستمرة للجوارح والقلب والفكر والعقل، من التقوى”. (19/8/2005)

“التقوى تعني مراقبة النفس من أجل السير على الصراط الإلهيّ المستقيم، وتحصيل العلم والمعرفة والبصيرة، والتحرّك على أساس العلم والمعرفة والبصيرة”. (31/8/2011)

“التقوى هي أن نراقب كلامنا وأعمالنا، أن نراقب توجهاتنا وسلوكنا”. (30/6/2011)

“التقوى تعني حال المراقبة المستمرة التي تؤدي بالإنسان إلى عدم سلوك السبل الملتوية وعدم الوقوع في الأراضي الشائكة. والتقوى في الحقيقة هي جوشن، وهي درع تقي الإنسان من ضرر السهام المسمومة، وتصونه من الضربات المعنوية المهلكة، ولا يتلخص هذا بالطبع في المسائل المعنوية. . بل تترك آثارًا بالغة الأهمية في الشؤون الدنيوية أيضًا، وهذه هي التقوى الشخصية”. (23/6/2011)

وقال سماحته: “الطريق الوحيد للنجاة هو التزوّد بالتقوى، ومراقبة الإنسان لنفسه. قد يفلت الزمام أحيانًا من يده فيرتكب بعض الذنوب، فالمهم أن تراقبوا أنفسكم وتقرّروا أن لا ترتكبوا معصيةً بعد الآن، هذه هي روح التقوى”. (18/2/1994)

ويقول القائد المفدى والعارف: “التقوى هي مفتاح السعادة

 

66

 

 


44

الفصل الثاني: النظام القيمي

الدنيويّة والأخرويّة. البشريّة التي تئن من صعوبات الضلالة وآلامها على الصعيد الفردي والاجتماعي، تعاقب جرّاء ابتعادها عن التقوى، وعدم التفاتها إلى ذلك، ونتيجة غرقها في وحل شهواتها. . . فألزموا أنفسكم التقوى الإلهية. ولا سيّما من كانت مسؤوليتّه جسيمة وحمله أثقل، فهو بحاجة أكثر إلى التقوى. . . إذا جعلنا من التقوى منهجًا لنا، والله فلن تستطيع أعتى القوى الماديّة أن تحرفنا عن الصراط المستقيم الذي نطويه قيد أنملة”. (22/12/1990)

 

وفي النظام الفكري للإمام الخامنئي ثمة فروع للتقوى نشير إليها هنا:

أ- التقوى الفردية: وهي أن يبقى الإنسان مراقبًا لنفسه دائمًا.

ب- التقوى الجماعية: ينبغي للجماعات أن تراقب نفسها والمجموعات التي تنتمي إليها.

ج- التقوى الاجتماعية: أن يكون التعامل مع الشعب مترافقًا مع الإنصاف والخشية من الله والأمانة والصدق.

د- التقوى الوطنية: أن يقوي الشعب نفسه من الداخل، وأن يحافظ على إيمانه وثقافته.

هـ- التقوى السياسية: أن يسعى كل من يعمل في الحقل السياسي للتعاطي مع القضايا السياسية بصدق وإخلاص.

 

67

 

 


45

الفصل الثاني: النظام القيمي

و- التقوى الاقتصادية: أن يختار كل فرد الطريق الأمثل لتمضية حياته وإعمار بيئته، وأن يمتنع عن غصب ما ليس له، وعن أكل المال الحرام والتطاول على أموال الآخرين.

يقول سماحته: “ولتعدّوا التقوى في الأمور الماليّة، وفي الأمور المتعلّقة بالشرف، وفي المسائل الشخصيّة، وفي الشؤون السياسيّة، وخصوصًا في شؤون العمل، أمرًا مهمًّا”. (23/5/1990)

ونشير هنا إلى الآثار والفوائد المترتبة على التقوى في النظام الفكري للإمام الخامنئي:

الآثار والفوائد الدنيوية للتقوى:

1. لو كان فرد ما أو شعب ما على قدر من التقوى فستأتيه جميع خيرات الدنيا والآخرة. . المجتمع الذي يختار الصراط الإلهي مسارًا له ويمضي فيه بدقة أيضًا فسيحظى بالنعم الإلهية في الدنيا. ويكسب العزة في الدنيا أيضًا وسيهبه الله العلم والمعرفة في الأمور الدنيوية. وستغدو الحياة في ذلك المجتمع حياة سليمة ومليئة بالمحبة ويعمّ التعاون أطيافها. (30/3/1990)

2. أحد الآثار المترتبة على التقوى مباركة الله لأعمالنا. (7/7/2014)

3. إذا قامت أمة بعمل صالح وترافق هذا العمل مع الإيمان والتقوى تحديدًا فستتأمّن حياتها ودنياها وعزتها واستقلالها. (17/9/1997)

 

68

 

 


46

الفصل الثاني: النظام القيمي

4. التقوى تُدير الحياة في هذا العالم . . . وانعدام التقوى يؤدي إلى غفلة الإنسان التي تُسقطه في المهلكة. (17/9/1997)

5. إذا توافرت التقوى، فلن يُحرم الفرد أو الجماعة أو الشعب من الهداية الإلهية والفرج الإلهي بتاتًا (14/1/2004)

6. إن وُفّق الناس للعيش على هذه الشاكلة (بالتقوى) فستغدو حياتهم أفضل وأحسن ممّا ترونه من ازدهار الحياة لدى الشعوب في الزمن المعاصر والتاريخ المنصرم. (30/8/1999)

7. كلما زادت نسبة التقوى في أمّتنا كمًّا وكيفًا كان نصرنا ونجاحنا أسرع وأكبر. (8/2/1991)

8. التقوى تجعل نداءكم وخطابكم سائغًا وعذبًا لدى الشعوب المظلومة. (8/2/1991)

9. إن الحركة التقوائية لهذا الشعب وفي هذا البلد ستوفر له الكثير من الرقي والازدهار ما يذهل العالم. (23/5/1990)

10. الإيمان والتقوى تفتح الطرق الطبيعية، وتحل المشاكل الطبيعية والمشاكل العالمية وتزيل الأخطار وتوجد الكثير من الانفراجات. (24/8/1999)

11. تقدّم التقوى سُبل النجاة في جميع الطرق الموصدة ولا سيما ما يتعلق منها بالمشاكل الاجتماعية. (25/12/1999)

 

69


47

الفصل الثاني: النظام القيمي

12. إذا التزمنا بالتقوى، فإن أعمالنا ستؤدّى بالنحو الصحيح والصائب وستمضي قُدُمًا بعيدًا عن الشوائب والاختلالات الناجمة عن الفساد الطارئ على أي عمل، وستحقق النتائج المطلوبة. والتقوى تؤدي إلى أن نفهم جيدًا، ونتحدث ونعمل بالنحو الصحيح. (2/11/2011)

13. إذا كانت الأمة الإسلامية على قَدَر من التقوى فسيمكنها المضي في أصعب المسارات. وستُذلّل أمامها المشاكل ولن تستسلم الأمة في مواجهتها. (19/8/2005)

14. سيمد الله عز وجل الأمة التي تراعي جانب التقوى بالعون في جميع المراحل. (4/2/2011)

 

الآثار والفوائد الأخروية للتقوى

1. إن استطاع الإنسان أن يتحلّى بروح التقوى في باطنه، فستكون النتيجة ذلك أنه سيبقى سالمًا غانمًا في الامتحانات الإلهية. (18/2/1994)

2. تؤدي التقوى أن يجعل الله لقلوبكم وحياتكم وطريقكم نورًا تستطيعون المضي به وعلى ضوئه (30/3/1990)

3. التقوى والمراقبة تهديان قلب الإنسان وترسّخ إيمانه أكثر فأكثر. (26/7/1999)

4. إن اتّقيتم . . . فإن الله سيهبكم الهداية والنور والفرج والرزق والسعادة الدنيوية والأخروية (26/3/2002)

 

70


48

الفصل الثاني: النظام القيمي

5. التقوى هي زاد الإنسان لعالم الآخرة. (8/1/1999)

6. التقوى هي أم الفضائل بأنواعها . . . والدنيا والآخرة تحت ظلال التقوى (19/8/2005)

7. التقوى مركب يوصلنا إلى المنازل العليا. . . فالعلم والهداية والرحمة الإلهية تعطى للإنسان من قبل الله عزّ وجل إثر التقوى. والأسمى من جميع ذلك هو الفلاح. فالفلاح يتأتى نتيجة للتقوى(14/11/2004).

 

ترك المعاصي

الابتعاد عن المعاصي وتركها هو الأساس في القرب من الله عز وجل. والقيام بالمستحبات والنوافل والتوسل والدعاء هو الفرع. أصل القضية أن يمتنع الإنسان عن صدور الذنب منه والأمر المخالف للشرع.

يقول الإمام الخامنئي: “إنّ الذنب يمنع الإنسان من بلوغ ساحل بحر المغفرة الإلهية العظيم والاستفادة منه. الذنب يمنعنا من التوجّه حال الدعاء، ويمنعنا من بناء ذواتنا وإصلاحها. لذا علينا أن نبذل الجهد للابتعاد عن الذنب”. (7/4/1990)

ويقول في الخطاب نفسه: “إذا ابتعدنا عن الذنوب، فعندئذ يصبح العروج والتحليق في ملكوت السماوات أمرًا ممكنًا، وسيتمكن الإنسان من تحقيق السير المعنوي والإلهي وذلك التحليق المنشود”.

لكننا إن لم نترك المعاصي فسنسقط من مراتب الإنسانية

 

71


49

الفصل الثاني: النظام القيمي

العالية، ونقترب من الحيوانات والجمادات، ونفشل في الكثير من ساحات العمل والنشاط البشري.

يقول الإمام الخامنئي: “انظروا إلى هذه الذنوب التي يقترفها الإنسان، وهذه المخالفات، والأعمال الناجمة عن الانسياق وراء الشهوات وحب الدنيا والطمع والحرص على مال الدنيا والتعلق بالمناصب الدنيوية، وبخل المرء بما في يده من الأموال، إضافة إلى صفات الحسد والغضب، تلاحظون أنها تترك في الإنسان أثرين حتمًا؛ أحدهما: تأثير معنوي يسقط من الروح صفائها ونقائها، ويطفئ فيها وهج النور، فيخبو في الإنسان ذلك البعد المعنوي، ويُغلق بوجهه سبيل الرحمة الإلهية.

التأثير الآخر يبرز في ميدان النشاط الاجتماعي، حيث تتطلب حركة الحياة الجد والحزم وصلابة الإرادة؛ وهنا تكون الذنوب عائقًا أمام المرء، فإذا افتقد العناصر الأخرى التي تعوّض عن هذا الضعف، يكتب له الفشل”. (17/1/1997)

يقول سماحته أيضًا: “واحد من الآثار أن الإنسان إذا ما ابتُلي بذنبٍ، قد يزلّ ويقصّر في لحظة مفصلية حساسة. يقول تعالی في كتابه: }إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا{[1]، ففي معركة أُحد، أولئك الذين لم يتمكّنوا من الصبر والثبات، وهفت قلوبهم لاكتساب الغنائم إلى درجة تغافلوا فيها عن المهمة الخطيرة الملقاة علی عاتقهم، وحوّلوا الانتصار في الحرب إلى هزيمة، }اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا{، وأوقعتهم في هذه الورطة خطايا كانوا قد اقترفوها من

 

 


[1] سورة آل عمران الآية 155.

 

72


50

الفصل الثاني: النظام القيمي

قبل، وها هي تظهر الآن. هذه مرحلة؛ أي إن ذنوبنا تؤدي إلی عدم تمكّننا من الصبر والمقاومة في لحظة مفصلية حساسة.

المرحلة الأعلی والأسوأ من الأولى، هي أن الخطيئة التي قد نقترفها، تؤدي إلی أن نُصاب بالنفاق، وأن تختلف قلوبنا عن ألستنا. يقول تعالی: }فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ{[1]، فأولئك الذين لم يفوا بما عاهدوا الله، ولم يلتزموا بما وعدوه، سيكون مصيرهم: }فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ{.

والمرحلة الأعلى والأخطر من ذلك، هي أن تؤدي ذنوبنا وخطايانا وانحرافاتنا أحيانًا - لا سمح الله - إلی تكذيبنا بما أنزل الله. }ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ{. (14/6/2016)

ويقول أيضًا: “تؤدّي المعصية إلى عدم قدرتنا على مقاومة أعدائنا الأشدّاء -من الجن والأنس-: إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا{[2]،، أو في آية كريمة أخرى: }ثمّ كان عاقبة الذين أساؤوا السوأى أن كذّبوا بآيات الله{[3]. فالعمل الطالح يؤدّي بصاحبه إلى عدم الاستقامة في الساحة ويؤدّي إلى تغيير المعتقدات أيضًا”. (13/6/2011)

 

 


[1] سورة التوبة الآية 77.

[2] سورة آل عمران الآية 155.

[3] سورة الروم الآية 10.

 

73


51

الفصل الثاني: النظام القيمي

التوبة:

وللانعتاق من المعاصي والنفاق، ولترسيخ العقائد والمقاومة في ساحة النضال ضد الأعداء الداخليّين والخارجيّين، وللتكامل والسمو الإنساني، فقد فتح الله عز وجل باب التوبة لنا.

يقول الإمام الخامتئي: “لقد أُمرنا بالتوبة وترك معاصينا. ولا يوجد أحد ليس لديه ذنب. بالطبع تختلف ذنوبنا نحن الناس العاديّين عن ذنوب الأولياء والمقربين. أمير المؤمنين كان يستغفر الله أيضًا، لكن استغفاره لم يكن لأشياء شبيهة بما نقوم به، فقد كان يستغفر لأشياء أخرى. فنحن الذين لدينا أخطاء في حياتنا الشخصيّة وفي حياتنا الاجتماعيّة، لدينا مخالفاتنا، لدينا معاصينا وتجرّؤنا على الله، علينا أن نستغفر”.

ويقول سماحته متابعًا: “الاستغفار يؤدي إلى تمكن الإنسان من التوبة، ذلك أنّ التوبة ليست طلب المغفرة والاستغفار وحسب، بل هي رجوع عن طريق الخطأ”. (13/5/1988)

كما يقول العارف والحكيم: “فالتوبة هي الرجوع عن طريق الخطأ، وعن ارتكاب الخطأ، وعن التفكير الخاطئ. الإنابة تعني الرجوع إلى الله. فهذه التوبة والإنابة تتضمن بشكل طبيعي معنىً في ذاتها. فعندما نقول إننا تراجعنا عن طريق الخطأ فهذا يعني أننا حدّدنا نقطة الخطأ والطريق الخاطئ، فهذا مهمٌّ جدًا. فنحن الذين نتحرك غالبًا ما نغفل عن أفعالنا وأخطائنا وتقصيرنا، ولا نلتفت إلى المشكلات الموجودة في عملنا. والتعبير بـ”نحن” أعم

 

74


52

الفصل الثاني: النظام القيمي

من الذات الشخصية والذات الجَماعية، شعبنا، حزبنا، تيارنا، جناحنا. فكل ما يرتبط بذات الإنسان غالبًا يغفل هذا الإنسان عن عيوبه، لهذا نحتاج إلى الآخرين ليذكروا لنا عيوبنا. وإن فهمنا ذلك بأنفسنا وأصلحنا فلن يصل الأمر إلى الآخرين، ولن نحتاج إليهم ليقولوه لنا. فما ذُكر حول التوبة والإنابة يحتاج إلى خطوة أولى وهي أن نلتفت إلى عيوب العمل وندرك أين يوجد الإشكال فيه، أين يكمن خطأنا وذنبنا وتقصيرنا. فليبدأ كل واحد من نفسه ليصل فيما بعد إلى الدائرة الجماعية الأوسع.

بداية على كلّ منّا أن يحاسب نفسه ليرى أين أخطأ، وهذه وظيفة الجميع، ابتداءً منا نحن الأشخاص العاديين المبتلين كثيرًا بالتقصير والخطأ والمعصية في العمل، مرورًا بالأشخاص البارزين، ووصولًا إلى عباد الله الصالحين، حتى إلى أولياء الله، فهم أيضًا كذلك يحتاجون إلى الاستغفار وإلى التوبة”. (18/8/2010)

يقول الإمام الخامنئي: “وتكون هذه الإنابة على صعيد الإيمان، وكذلك في مرحلة العمل والسلوك”. (30/10/2005)

يقول سماحته في المحاضرة نفسها: “يجب علينا الاستغفار من ثلاثة أنواع من الذنوب:

النوع الأول: ظلم النفس ـ وهو الذنب الذي يرتكبه الشخص ولا يضر به إلا نفسه، من قبيل الذنوب الفردية العادية المعروفة.

النوع الثاني: الذنوب التي يرتكبها الشخص، ويُلْحِق من

 

75

 

 


53

الفصل الثاني: النظام القيمي

خلالها الضرر المباشر بالآخرين، وهذا الذنب يعتبر أشد من ظلم النفس؛ من قبيل الظلم، والغصب، وهضم حقوق الآخرين.

النوع الثالث: الذنوب الجماعية التي ترتكبها الشعوب، بسكوتها عن الظلم”.

ويتابع في المحاضرة نفسها قائلًا: إنّ على المسؤولين التوبة من ذنوب خمسة:

1 - التوبة من الاختلافات.

2 - التوبة من الأنانيات، وحبّ الأنا الذي هو في مقابل حب الله.

3 - التوبة من الغفلة عن الناس وعن خدمتهم.

4 - التوبة من الغفلة عن أسس الاقتدار الوطني، وعن موجبات الأركان الأساسية له.

5 - التوبة من الغفلة عن مؤامرات العدو، والاستغفار لذلك.

ويقول سماحة الإمام الخامنئي: “إنّ اللّه تعالى فتح باب التوبة لعباده ليتسنّى لهم طيّ مدارج الكمال، ولكي لا يكون الذنب سببًا في انشدادهم إلى الأرض؛ لأن الذنب يسقط الإنسان من ذروة التسامي الإنساني”. (17/1/1997)

الزهد:

ليس الزهد أن يترك الإنسان الدنيا بكل ما فيها. الزهد يعني ألا يصبح الإنسان عاشقًا للدنيا ومتعلقًا بها.

يقول الإمام الخامنئي: “الزهد هو عدم الرغبة، عدم الحرص، عدم التعلق بالدنيا وزخارفها، ألّا نتعلق بالدنيا، هو

 

76


54

الفصل الثاني: النظام القيمي

أفضل مكسب للإنسان في الحياة، ألّا يجعل الإنسان نفسه ملتصقًا بالدنيا، متعلّقًا فيها وبزخارفها. عندها سيكون الإنسان أكثر راحة وسكينة”. (24/10/2010)

يقول سماحته في المحاضرة نفسها: “في الزهد يجري التركيز في تجنّب العمل من أجل الدنيا والدراسة من أجل الدنيا والسعي من أجل الدنيا وعدم الرغبة فيه”.

يقول سماحته: “الزهد من أبرز المعالم في نهج البلاغة؛ والزهد الذي طرحه أمير المؤمنين آنذاك، إنما طرحه كعلاج لمرضٍ كان يعانيه المجتمع الإسلامي. لقد قلت مرارًا، أن علينا اليوم أن نقرأ آيات الزهد تلك”. (25/11/1996)

يقول أيضًا: “وعلى من تصل أيديهم إلى الرغد والنعيم والملذات والرفاه المتزايد للحياة، أن يضعوا كلمات أمير المؤمنين في الزهد نصب أعينهم، ولا شكّ في أنّ هذا الخطاب أشد وأبلغ بالنسبة إلى أصحاب المسؤوليات”.

يقول سماحة الإمام الخامنئي: “إنني لا أدعو أحدًا للزهد العلوي؛ لأنه أعظم بكثير من عقولنا وأفهامنا، لكنني أدعو للقناعة، وأن لا تسمحوا للمطامع والمطامح أن تباغتكم وأن تحذروها؛ فحبّ الدعة والراحة والرفاه أمور تترك أثرًا سيئًا في الإنسان الذي لا يدركها للوهلة الأولى، إذ إنها تترك أثرها بالتدرج، وعندما يحاول الإنسان الحركة والعروج يجد نفسه غير قادر”. (15/9/2002)

 

 

77

 


55

الفصل الثاني: النظام القيمي

ب- التربية:

النظام التربوي هو فصل آخر من النظام السلوكي المستند إلى النظام الفكري الذي يؤثر مباشرة في النظم الاجتماعية. والنظام التربوي هو مجموعة من المفاهيم والأفكار المنظمة في مجال التربية التي تحظى بنوع من الارتباط الداخلي وتبيّن كيفية التربية بشكل أساسي وثابت.

التربية هي من سياسات الإسلام الأصيلة ومن الأهداف البنيوية للبعثة النبوية. وهي عامل للازدهار في الطاقات البشرية الذاتية لنيل الكمال والرقي الحقيقي.

والبعثة تدعو الناس إلى التربية العقلانية والأخلاقية والقانونية:

1. التربية العقلانية في فكر الإمام الخامنئي تعني استخراج القوة الإنسانية الذاتية من مكامنها وجعلها الحاكمة والمسيطرة على أفكار الإنسان وأعماله، ووضع مشعل العقل الإنساني بيد الإنسان لينير ويبيّن له الطريق وليصبح قادرًا على طيّه.

2. التربية الثانية هي التربية الأخلاقية التي تستكمل من خلالها المكارم الأخلاقية والفضائل الأخلاقية بين الناس. يقول الإمام الخامنئي: “الأخلاق هي الهواء اللّطيف الذي إن توفّر في المجتمع البشري استطاع الناس أن يحيوا باستنشاقه حياةً سليمة”. (20/7/2009)

 

78


56

الفصل الثاني: النظام القيمي

3. يجري الحديث بعد التربية الأخلاقية عن التربية القانونية والانضباط القانوني. النبي الأكرم كان أول العاملين بجميع الأحكام الإسلامية. فكانت أخلاقه وسلوكه وحياته كلّها تجسيدًا للقرآن الكريم. أي لم يكن ثمة شيء يأمر به ثم يغفل عنه. كان يعمل به ليربي المجتمع بعمله ويحقق هدف البعثة. يقول الإمام الخامنئي: “تلاحظون ما ورد في القرآن الكريم من أنّ التزكية والتعليم هي مهمة الأنبياء، وقد استشفّ بعض المفسّرين من تقديم كلمة “يزكيهم” على “يعلمهم” في عدة آيات من القرآن الكريم أن التزكية أعلى مرتبةً من التعليم. . لذا، فالتزكية على قدر كبير من الأهمية وتعني التربية”. (17/7/2002)

التربية تشمل الروح والجسم. والإنسان تركيب من الجسم والروح وينبغي تربية الجسم والروح معًا.

ويرى الإمام الخامنئي أن تربية الجسم مقدمة لتربية الروح ويقول: “هذا التقدّم ليس بمعنى التقدّم الزماني، بل إنّ التربية البدنيّة والتربية المعنوية ينبغي أن تسيرا معًا بشكل متوازن”. (12/8/1987)

وينبغي تصميم البرامج التربوية لتشمل جميع نواحي الوجود الإنساني. بالتأكيد ينبغي للخطط والسياسات والمضامين التربوية أن تلقّن المتعلمين أصالة الجانب الروحي والمعنوي في حياتهم، وأن ينظروا إلى الحاجات المادية دائمًا كوسيلة وأداة.

فضلًا عن ذلك، ينبغي في موضوع التربية الإقرار بأن البشر

 

79


57

الفصل الثاني: النظام القيمي

بحاجة دائمًا إلى التربية، على الرغم من أن مرحلة المراهقة والشباب هي المرحلة الأفضل لها.

ويقول الإمام الخامنئي استنادًا إلى هذه الرؤية: “الشباب محتاجون دائمًا إلى التغذية المعنوية والفكرية”. (12/5/2001)

ويقول سماحته أيضًا: “ينبغي لجميع المؤسّسات، وسائر الأفراد خصوصًا العلماء الأعلام ورجال الدين أن يسعوا إلى تربية نفوس البشر وتحقيق تغيير وتحوّل قلبيّ وأخلاقيّ لديهم ولا سيّما الشباب منهم”. (20/2/1991)

ج. المعنويات[1]

إن النظام المعنوي الإسلامي هو أحد فصول النظام السلوكي المستند إلى النظام الفكري الذي يعرّف الساحة المعنوية والملكوتية للإنسان ويتحدث عنها.

المعنويات تعني إيلاء الأصالة لعالم الغيب في مقابل ما يخصص من أصالة لعالم الشهادة. تتشكّل المعنويات بالاعتقاد بالعالم الغيبي، وما وراء الحسي والاعتقادات الباطنية ويستجيب للحاجات الداخلية والنوازع الفطرية بنحو إيجابي.

المعنويات في النظام الفكري للإمام الخامنئي تمتد على مساحة واسعة وتشتمل مجالات الحياة كافة وتنتج منها بنية وتوجهات أخرى للحياة.

 

 


[1] “معنويت” بعضهم يترجمونها بـ”الروحانية”.

 

80


58

الفصل الثاني: النظام القيمي

يقول الإمام الخامنئي: “المعنويّات هي النجوى مع الله، ارتباط القلوب بالله تعالى، أن يضع الإنسان الله هدفًا له، وألّا يغترّ بالمظاهر، وألّا يتعلّق قلبيًّا بزخارف الدنيا وزينتها ومالها”. (18/9/1991)

يرى الإمام الخامنئي أن المعرفة والإيمان هما الأساسان الرئيسان للمعنويات وقد قال في هذا الشأن: وثمة فارق بين المعرفة والإيمان، فبعض الناس يتوفرون على المعرفة لكنهم يفتقرون إلى الإيمان الصحيح المتين، والإيمان من دون معرفة غير كاف. . عليكم أن تتعرفوا إلى القرآن وإلهاماته وإشاراته؛ وأن تتعلّموا المعارف الإسلامية الصعبة. . وهذه بطبيعة الحال معارف. [لكن] الإيمان والإخلاص ليسا وليدين لها بل هما متمخضان عن أمور أخرى. لا تنسوا الذكر والدعاء؛ وحافظوا على صلوات الليل التي كنتم تواظبون عليها في الجبهة، والتزموا بالنوافل، وعليكم المحافظة على تلك الصلاة التي كنتم تقيمونها ليالي العمليات بتوجّه متصورين أنها آخر ليلة في حياتكم، وعليكم تعزيز هذه الأمور”. (20/9/1990)

تنبت حقيقة المعنويات في قلب الإنسان وباطنه، كما أن منبتها ومحياها هو عمق وجود الإنسان. ليس المقصود بالمعنويات المعنويات المتحجرة، والخانعة للظلم، والمستلبة للدنيا والقومية والميّالة إليهما. المعنويات الأصيلة التي نتحدث عنها هي المبنية على الإسلام. مثل هذه المعنويات تحدد أولًا التكليف بنحو صحيح، وتؤدي من ثم إلى القيام به بالنحو الصحيح. النزوع نحو المعنويات

 

81


59

الفصل الثاني: النظام القيمي

هو من الاحتياجات الفطرية والداخلية للإنسان التي ينبغي التطرق إليها بدقة وتلبية هذه الحاجة الصادقة، ورسم الأسلوب الصحيح لعلاقة الإنسان بالله وبنفسه وبالمجتمع وبالعالم.

د. العبادة

العبادة هي قشرة تحافظ على المعنويات الباطنية لدى الإنسان. ومن هذا الجانب فإن سائر العبادات هي تجلٍّ للمعنويات في قلب العابد وتتمظهر في إطار المناسك والأعمال العبادية.

العبادة هي أعلى شكل لارتباط الإنسان بربه، الارتباط الذي يصل شؤون العبد كلها ببارئها.

العبادة لدى الإنسان هي من جنس العبادة التشريعية التي لا مجال فيها للعصيان والمخالفة. روح العبادة هي عبودية الله. والعبودية هي التسليم في مقابل الله.

يقول الإمام الخامنئي: “لو لم تتضّح وتتجلّ روح الأعمال والعبادات ـ وهي عبارة عن التوجه لله والعبودية له ـ أمام الإنسان، ولم يسعَ للتقرب إلى الله من خلال أيٍّ من هذه الفرائض، كان عمله سطحيًا، والإيمان والعمل السطحي عرضة للمخاطر على الدوام”. (26/4/1990)

إن إحدى النتائج المترتبة على هذا النوع من العبادة هو التحجر. بعض الخوارج كان يعبد الله ويرتل آيات القرآن ببالغ التأثر بحيث تأثر به أحد أصحاب الإمام علي (عليه السلام)! لكن عبادتهم

 

82

 


60

الفصل الثاني: النظام القيمي

كانت خالية من الروح، ومن التوجه إلى الله عز وجل لذا، لم تؤتِ أكلها وكانت نتيجتها أن رفعوا سيوفهم بوجه علي (عليه السلام).

يهتم قائد الثورة الإمام الخامنئي بصفته معلّم الأخلاق والفقيه والعالم الإسلامي في نظامه الفكري بموضوع العبادة أيّما اهتمام، ويعرضها ضمن إطار الإسلام المحمدي الأصيل ويشدّد على العبادة الخالصة والمليئة بالحب.

ففي رؤيته إن أفضل العباد من امتزجت العبادة لديه بروح العبادة التي لا يملّ منها.

ولهذه العبادة مراتب:

1. عبادة النبي والأئمة المعصومين

2. عبادة الأولياء الصالحين

3. عبادة عباد الله المخلصين

وحتمًا، إن بعض الناس متوسطون في العبادة. بعضهم ضعفاء فيها. قدوتنا في العبادة هو النبي والأئمة (عليهم السلام). ومع أننا لا نستطيع أن نكون في العبادة كالنبي والإمام علي، لكن ينبغي أن يكونوا هم الوجهة في ذلك.

يقول الإمام الخامنئي: “فقد تحدثوا مع الإمام السجاد (عليه السلام) حول عبادة أمير المؤمنين (عليه السلام) فبكى الإمام وقال: أين نحن من أمير المؤمنين. المهم أن تكون الوجهة، وجهة أمير المؤمنين (عليه السلام)”.

(1995/4/19)

 

83


61

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

يُطلق النظام الاجتماعي على مجموعة من الأدوار الاجتماعية التي يرتبط بعضها ببعض من أجل تحقيق هدف محدد.

ويجري الحديث في هذا النظام عن نظام الثقافة الإسلامية والنظام العلمي للإسلام ونظام الإدارة الإسلامي ونظام السياسة الإسلامية ونظام الاقتصاد الإسلامي ونظام الحقوق في الإسلام والنظام القضائي في الإسلام والنظام الدفاعي والأمني في الإسلام.

أ – نظام الثقافة الإسلامية

إن أحد أكثر النظم الاجتماعية أهمية في النظام الفكري لسماحة الإمام الخامنئي نظام الثقافة الإسلامية.

الثقافة تعني الأخلاق والعادات الخاصة في بنية لمجتمع ما ولأمة ما، أفكارها، إيمانها، أهدافها. هذا ما يُشكّل أسس الثقافة وعمادها في بلد ما.

العلم هو جزء من الثقافة أيضًا، لكن الأخلاق والبُعد الأخلاقي للثقافة ومكانة الأخلاق في الثقافة هو الضامن للمستقبل والأكثر تأثيرًا فيه.

 

86

 

 


62

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

يقول سماحة الإمام الخامنئي: “ثقافة المجتمع أساس هويته. والثقافة التي نتحدّث عنها أعم من المظاهر الثقافيّة كاللغة والخط وما شابه ذلك أو ما يعدّ باطنًا لها والأساس المشكِّل لجسد الثقافة الإسلاميّة، كالعقائد والعادات الاجتماعيّة والميراث الوطني والخصال المحليّة والقوميّة . . . هذه هي الأركان الرئيسة والدعائم المؤسّسة لثقافة شعب ما”. (28/12/2004)

ويقول أيضًا: “الثقافة هي العمود الفقري لحياة شعب ما وهويته. الثقافة هي العماد الرئيس لهوية الشعوب. ثقافة شعب ما يمكنها أن تدفع به نحو التقدم والعزّة والقدرة والإبداع واكتساب الحيثية[1] في العالم. إذا أصيبت ثقافة بلد ما بالانحطاط وفقد هذا البلد هويته الثقافيّة، حتّى لو وصل إليه التطور من البلاد الأخرى، فلن يستطيع أن يحظى بمكانة سامقة بين مجموع البشريّة وأن يحافظ على مصالح ذلك الشعب”. (11/5/2004)

وفي كلام آخر للإمام الخامنئي يقول: “ثقافة كل بلد، هي الميدان الرئيس للحركة العامّة في ذلك البلد. فالحركة السياسيّة والعلميّة لذلك البلد تتحرك في الميدان الثقافي. هذا ما يجعل من شعب ما شجاعًا وغيورًا وجسورًا ومستقلًّا أو خانعًا ذليلًا مطأطئًا وضعيفًا”. (6/1/2005)

وقال: “إذا ما سمح شعب بأن تُداس ثقافته الوطنيّة تحت أقدام الهجومات الثقافية الأجنبية فإنّ ذلك الشعب سينتهي. الشعب الغالب هو الشعب الذي تكون ثقافته هي الغالبة. الغلبة

 

 


[1] أي المقام والمكانة التي تستدعي الاحترام.

 

87


63

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الثقافيّة هي التي يمكن أن تستتبع الغلبة الاقتصاديّة والسياسيّة والأمنيّة والعسكريّة وكل شيء”. (13/8/1993)

وتحدث سماحته: “قوام بلد ما هو ثقافته. والهوية الوطنية لشعب ما هي بثقافته. . . إن كنا نسعى إلى الاستقلال فعلينا أن نعود إلى الثقافة وأن نعمل عليها. وإن كنّا نسعى إلى الاكتفاء الذاتي والرفاه العام للناس، إلى تديّن الناس وإلى بناء الحضارة الإسلاميّة الكبرى. . . علينا أن نتوقّف عند الثقافة ونسعى جاهدين للاهتمام بها والاستثمار فيها بنحو خاص”. (12/12/1996)

وينبغي الإفادة من المنابر، ومجالس العزاء، والفن والأدب والإذاعة والتلفاز والصحف ومؤسسة التربية والتعليم والجامعات والحوزات العلمية في مسار الدعوة للثقافة الإسلامية والثورية ونشرها.

هذه هي أدوات الثقافة وأركانها. والحديث عن كل منها يطول كثيرًا، وينبغي الإشارة إليها تحت عنوان نظام الثقافة الإسلامية:

الحوزات العلمية

الحوزات العلمية وعلماء الدين هم أركان الثقافة الأهم.

يقول الإمام الخامنئي: “وعلى الفضلاء والمدرّسين والأساتذة والعلماء الكبار أن يوجّهوا الحوزات باتجاه صناعة الإنسان والعلماء المطابقين للمعايير الإسلامية، وأن يقوموا بتربية عناصر فولاذية وواعية ومؤمنة لا تعرف التعب، وأن يقوموا

 

88


64

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

بإيجاد نسخ متكاملة عن إمامنا المعظّم في الحوزات العلمية، فإنّ الإسلام يحتاج لهذه العناصر والقوى”. (21/2/1990)

ويقول سماحته: “الطُهر والعبادة والعفّة والوعي ووضوح الرؤية والفكر المستنير والمعرفة بشؤون المجتمع والعالم هي أركان رئيسة”. (10/6/2004)

ينبغي للحوزات العلمية أن تعدّ هذا النوع من العلماء والطلاب، ممّن يخطط لدراسته جديًّا ويصل إلى المراحل العليا فيها ويكون على قَدَر من تهذيب النفس ويمتلك البصيرة السياسية، وممّن هو من أهل البحث والتحقيق ويعدّ نفسه لتبليغ الدين وهداية المجتمع.

مسؤولية علماء الدين:

يرى الإمام الخامنئي ثلاث مسؤوليات رئيسة لعالم الدين:

1. الهداية الدينية

ألف- الهداية، وتبيان الفكر الديني.

ب- هداية الناس عمليًا إلى ظواهر الدين

ج- تعميق الاعتقادات الدينية الموروثة

2. الهداية السياسية

3. تقديم الخدمات الاجتماعية والحضور الميداني والمشاركة في خدمة الناس (14/5/2016)

الدعوة إلى الدين

يرى سماحته أن الدعوة إلى الدين هي إحدى مسؤوليات

 

 

89

 


65

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

العلماء، التي تتمتع ببعدين: إلهي وإنساني، ومن خلال هذه الرؤية يخصّ الدعاة إلى الدين بعدة ميزات:

1. التزكية والتهذيب ومطابقة القول للعمل

2. الإخلاص

3. امتلاك العلم المتناسب مع مستوى التبليغ

4. امتلاك الوعي السياسي

5. بساطة العيش والقرب من الناس

6. الأدب والمودة والتعامل الحسن

7. العقلانية والتدبير

8. الجدّ والمثابرة

9. امتلاك أدوات الخطاب المعاصر

10. الاطلاع على الفلسفة وعلوم العصر

11. العمل الدؤوب الذي لا يعرف التعب

12. عدم الاهتمام بزخارف الدنيا

 

 

أسلوب التبليغ

فضلًا عن هذه الميزات والخصائص فقد اهتم سماحة الإمام الخامنئي بأساليب التبليغ في نظامه الفكري أيضًا. ذلك أنّ تبليغ الدين أمر حسّاس وجدّي. وينبغي للمبلّغ أن لا يتساهل في عمله وأن يأخذه على محمل الجد. وينبغي الاهتمام بهذه النقاط في العمل التبليغي:

 

 

90


66

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

1. إتقان العبارة وقوّتها

2. الإقناع الطويل الأمد وبقاء ماهية العمل

3. انطباق الخطاب على احتياجات الزمن

4. تعميق المحتوى والارتقاء بالمستوى العلمي للمخاطب

5. تجنّب عرض الدين بشكل أحادي الجانب، وتوضيحه وعرضه وشرحه بصورته الشاملة

6. انطباق الخطاب على الحاجات الملحّة والأوليّة للمجتمع ومراعاة أولوية الأهم فالمهم

7. التحرّك في مسار عقلاني والتعامل المنطقي والاستدلالي

8. الإفادة من الأساليب الفنية في التبليغ

9. الحوار وجهًا لوجه

10. تعميق الفكر الإسلامي في أذهان الناس

11. إزالة الشبهات من الأفكار العامة للمجتمع

مزايا المرحلة الراهنة

ويشير سماحته إلى المرحلة الراهنة وما تقدمه لعلماء الدين الذي يتمثّل بـ:

1. تأسيس النظام الإسلامي

2. الإحساس بحاجة العالم للخطاب الإسلامي

3. توفّر وسائل إبلاغ الرسالة ومن بينها الفضاء الافتراضي

 

91


67

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

4. إبداع تساؤلات متنوعة

5. توافر أسئلة كثيرة ومتنوعة

الجامعة

الطالب الجامعي والجامعة ركن آخر من أركان نظام الثقافة الإسلامية. يقول الإمام الخامنئي: “توازي أهميّة الجامعة أهميّة مستقبل البلاد. إن أردنا أن يكون لدينا في المستقبل بلد كبير عامر متطوّر راقٍ ومتحضّر يحلّق بجناحي الماديّات والمعنويّات، علينا أن نهتم بالجامعة. ليس لدينا طريق آخر، ينبغي أن تكون جميع أمورنا مبنية على العلم. اليوم لا يمكن للعالم أن يخطو خطوة واحدة وأن ينجح من دون أدوات العلم ومن دون امتلاك رؤية علميّة”. (25/2/1998)

في المنظومة الفكرية لسماحة الإمام الخامنئي ينبغي للجامعة في النظام الديني أن تكون إسلامية، وأن تنتج العلم وتطوّره وأن يكون لها دور في المجتمع.

ونشير هنا إلى بعض خصائص الجامعات في النظام الإسلامي:

أ- إسلاميّتها

يقول سماحة الإمام: “يحتاج البلد حاليًّا إلى جامعة تكون حقًّا إسلاميّة. في الجامعة الإسلاميّة يترافق العلم والدين، والسعي والعمل مع الأخلاق، وتنوّع الأفكار مع سعة الصدر وتنوّع الاختصاصات مع الوحدة، والعمل السياسي مع سلامة النفس

 

92


68

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

والتعمّق مع سرعة العمل والخلاصة الدنيا والآخرة. مثل هذه الجامعة تعمّر البلد وتوفّر الحيثيّة والسمعة للنظام الإسلامي، وتساعد على التطوّر العلمي والأخلاقي معًا في العالم. وإن نظرتم بهذه الرؤية إلى أسلمة الجامعات فستجدون أن سعي الأساتذة والطلاب الجامعيين والمديرين، وكذا المواد والبرامج والكتب الدراسيّة كلّها ضروريّة ومؤثرة في هذا الأمر”. (24/9/1996)

ب- إنتاج العلم

يقول سماحته: “عندما نطرح قضيّة إنتاج العلم في الجامعات ونكرّرها مرارًا . . . فهذا لا يعني أننا نطلب من المخاطبين فردًا فردًا أن يقوموا بإنتاج العلم؛ هذا يعني أن يصبح الأمر قيمة وهدفًا. . . أنا أقول حتّى العلم الذي هو أمر شريف، الترجمة البحتة له ليست بالأمر الجيّد، إلّا إذا كانت وسيلة ليست إلّا. فعلينا ألّا نصاب بالاستلاب الترجميّ. العلم مترجم والثقافة مترجمة والأنظمة مترجمة والمناهج مترجمة، هذا عمل غير صائب. . علينا كشعب يمتلك المواهب والاستعدادات أن ننتج العلم، علينا أن نبتكر العلم”.

ج- تطوير التقنيات

يقول الإمام الخامنئي: “ينبغي في الجامعة إعداد العالِم وإعداد العلم على السواء، وأن يجد العالِم والعلم الاتجاه الصحيح[1]. هذه ثلاث نقاط أساسيّة ينبغي أن تتوفّر في الجامعة. . ينبغي أن نتمكّن

 

 


[1] أي أن يسيرا في الاتجاه الصحيح.

 

93


69

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

من التقدّم في المجال العلمي؛ عندما يتقدّم العلم، تتقدّم التقنيّة أيضًا؛ وعندما تتقدّم التقنيّة يؤثّر ذلك في الحياة الإنسانيّة. وعندما تتقدّم التقنيّة، تتوجّه أنظار العالم إليكم، وحينئذ سيشعر الآخرون بالحاجة إليكم؛ وستؤثّرون في حياة البشر؛ هذه أمور في غاية الأهمّيّة. وهذا هو السبب في تركيزي على العلم والتقانة وأمثالها ممّا أتكلّم عنه دومًا”. (7/6/2017)

د- تسريع عملية التطور العلمي

يقول سماحته: فقد تحوّلت النهضة العلمية اليوم في البلد إلى تيار؛ هذا التيار الذي جرى ترسيخه في بلدنا، وهذا مما لا شك فيه. فقد بذل أساتذتنا وعلماؤنا وشبابنا جهودًا مضنية في هذا المجال، ورفعوا مستوى البلد إلى المرتبة السادسة عشرة في العالم، وهذا غاية في الأهمية. . إن بلوغ هذه المرتبة العلمية الرفيعة كان ناجمًا عن تسارع فائق للعادة في وتيرة العمل. حيث أقرت الإحصائيات العالمية أن سرعة التقدم العلمي في البلد تفوق متوسط السرعة العالمي بثلاثة عشر ضعفًا؛ هذا ما أعلنته مراكز الإحصاء العلمية في العالم، وأعلنّاه مرارًا. . فافعلوا ما من شأنه أن لا يحدّ من سرعة التقدم العلمي. . فلا ينبغي لذلك التسارع المطلوب والملائم في التطور العلمي أن يقلّ”. (4/7/2015)

هـ- محورية البحث العلمي:

يقول سماحته: “تقع قضية البحث العلمي على جانب كبير من الأهمية. لدينا حتمًا معاهد جيدة وذات مستوى عال، غير

 

95


70

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الاستفادة من هذه الجامعة -بما لها من سابقة، وماضٍ، وتاريخ عريق- لبناء الحضارة الإسلامية الحديثة؟ نحن نريد لبلدنا أن يبلغ تلك الأهداف الكبرى والخطوط المثالية التي رسمها الإسلام. . المجتمع الذي يتحلى بالعلم، والتقدم، والعزة، والعدالة، والقدرة على مواجهة المد العالمي، والثروة. . هذا ما نسميه الحضارة الإسلامية الجديدة. . فلتفكر جامعتنا في هذه المسألة. وعليكم بصفتكم رؤساء الجامعات ومسؤولي مؤسسة التعليم العالي في البلد أن تفكروا في هذا الأمر، وأن تخططوا لكل أعمال الجامعة وبرامجها على هذا الأساس، أن تحملوا المسؤولية على هذا الأساس. . هذا ما يجب عليكم أن تفكروا فيه وأن تضعوا كل مهامكم على أساسه”.

ح- تشكيل النوى النخبوية

يقول سماحته: “كنت قد أوصيت بهذا سابقًا، بأن يجمع أستاذ في الجامعة أو أستاذان مجموعة من الشباب ويؤسّسون معًا “نواة النخبة”؛ وهذا يمكن تكراره وتوسيعه وهو أمر مبارك جدًّا. . ينبغي لهذا الأمر أن يتحقق. وهو ليس من أعمال أجهزة الحكومة وإداراتها وما شابه؛ إنّه عمل المجموعات الجامعيّة نفسها”. (19/10/2016)

ط- حراسة قيم الثورة والإسلام

يقول سماحته: “على أساتذتنا أن يؤدّوا دورًا في تحقيق حال التسامي والتكامل في الجامعات من ناحية، وفي حراسة قيم

 

96

 

 


71

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الثورة الإسلامية فيها من ناحية أخرى. أي عليهم أن يؤدوّا دورًا [في هذا المجال]”. (21/6/2017)

ويقول الإمام الخامنئي: “ينبغي أن يكون في رئاسة الجامعات أشخاص لديهم مستوى علمي حتى يرتضيه من هم في تلك الجامعة رئيسًا عليهم، على أن يكون العلم مقرونًا بالعمل والإيمان. لا أن يكون ممن يريدون فصل رأس هذا النظام عن جسده، أو لا يعتقد أساسًا بالإسلام، أو يسخر منه، ومن أتباع حزب الله، أو من الطالب المؤمن الملتزم، ثم يأتي ويتصدى لمنصب الرئيس، خذوه من يده ونحّوه جانبًا. . وإذا ما نظر أحد ما إلى الفتاة التي ترتدي العباءة أو المحجبة نظرة تحقير، فعليكم تحقيره دون أي مراعاة!”. (23/10/1990)

يقول سماحته: “ينبغي لجامعاتنا أن تُقدَّم كمكان؛ يضاف فيه إلى علم الطلاب؛ علمٌ يتعزّز فيه أيضًا تفكيرهم الصحيح واستقامتهم وهدايتهم المعنوية”. (1/9/1990)

ويقول قائد الثورة الإسلامية: “ما لم تصبح الجامعات مراكز لتربية المتخصصين المسلمين الملتزمين فإنها لن تكون الجامعة التي تطلبها الثورة، وهذا لا يتحقق إلا إن كان الأساس والمنهج والنظام في الجامعات إسلاميًا. فعلى المدير والطلاب والأساتذة أن يراعوا الأحكام الإسلامية وأن تكون الأصالة عندهم للإسلام. ينبغي أن تكون القيم الإسلامية في الجامعة محلًّا للتنافس وأن ينتشر العمل والالتزام الديني فيها يومًا بعد يوم”. (19/12/1990)

 

97


72

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

ويقول في المحاضرة نفسها: “لا ينبغي أن يكون الإسلام غريبًا في الجامعة، كما لا ينبغي أن يكون العمل وفق الالتزام الإسلاميّ منبوذًا غريبًا في الأوساط الجامعيّة. . الصّلاة، الأمانة، صدق الحديث، الإخلاص، الأخوّة، العمل الجهاديّ، الدراسة بكلّ رغبة ومحبّة، التعاون في التعلّم، وبذل الجهد للتعمّق في المعارف والعلوم المختلفة، كل هذه الأمور لا بدّ أن تكون رائجةً في الجامعة”.

ي- ميزات الجامعيين

يُشار هنا إلى بعض ميزات الطالب الجامعي في النظام الفكري للإمام الخامنئي:

1. الطالب الجامعي الناجح هو من يدرس جيدًا، ويهذب نفسه جيدًا، ويمارس الرياضة جيدًا.

2. إن إحدى الميزات الأخرى للطالب الجامعي هي أن ينظر للمحيط والبيئة من حوله بعينين مفتوحتين، سواء في ذلك البيئة الجامعية، وبيئة البلاد، وبيئة المنطقة والعالم. . . وكنت قد تحدثت سابقًا عن هذا الأمر وعنونته بالبصيرة . . . فالبصيرة تعني النظر بعينين مفتوحتين وبوعي. (2/7/2016)

3. ينبغي أن يتمتع الطلاب الجامعيون بالرؤية السياسية . . . النشاط السياسي في الجامعة لا يقتصر على الحديث السيّئ والسباب والشتم والإهانة لهذا وذاك. لا، فالنشاط السياسي مطلوب ليحظى الطالب بالقدرة على التحليل. لو افتقد الطالب الجامعي القدرة على التحليل السياسي فسوف يُخدع . . . . وإن

 

98


73

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أراد الطلاب الجامعيون امتلاك القدرة على التحليل السياسي فعليهم أن ينشطوا سياسيًا، أن يطالعوا السياسة ويكتبوا ويتحدثوا بها ويتباحثوا فيها، وإن لم يجر الأمر على هذا النحو فليمتلكوا المقدرة على ذلك.

4. إن الحفاظ على الدين والتقوى هي من مسؤوليات الطالب الجامعي (2/7/2016)

5. فليقدم الشباب الجامعيون الأهداف العامة على متطلباتهم الشخصية (3/11/2015)

6. على الطلاب الجامعيين ألا يقبلوا كلام أيّ متكلّم. فمبدأ الحركة والثورة هو الإمام العظيم، فلتعدّوا كلامه حجة، فانظروا، واعرفوا ما قال الإمام (3/11/2015)

7. القيمة الأخرى ذات الأهمية الكبيرة التي نرى أن ثمة مساعي حثيثة للقضاء عليها في البيئة الجامعية هي الأمل والثقة بالمستقبل (3/11/2015)

8. البناء الذاتي الفكري والأخلاقي والتحوّل الداخلي لدى الطلاب الجامعيين هو فريضة وواجب. (27/2/2001)

9. أكثر ما يشدّ انتباه الطالب الجامعي المطالبة بالعدل فاسعوا لترسيخ هذا الأمر عنده وتقويته. 6/1/2005

التربية والتعليم

يقول الإمام الخامنئي: “حيثما تشاهدوا في العالم أن آثار جهود الناس ونتائجها قد ظهرت وتألقت في فترة من الزمن،

 

99

 

 


74

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

لكنها عادت وبهتت وضعفت أو زالت من الوجود، أو أنها وُجّهت نحو أهداف تناقض أهدافها أو تناقض الاتجاهات، فإنّ سبب ذلك هو ضعف الوعي والفكر والإرادة وضعف البصيرة والرؤية والروحية؛ أي الملامح والصفات الأساسية لإنسان متربّ! يجب علينا نحن أن نربي هذا الإنسان وأن نضخّ فيه هذه الصفات؛ وهذا الأمر هو رهن أيديكم؛ أنتم من يضع الأساس الأول؛ وخاصة في عمر الصبا وبداية مرحلة الشباب حيث يكون الأبناء تحت رعاية قطاع التربية والتعليم”. (15/1/1992)

للتربية والتعليم واجبات نستعرضها في ما يلي:

1 - أعتقد أن ما يجب أن يجري الاهتمام به اليوم في التربية والتعليم وأكثر من أي أمر آخر، إحياء الاعتقاد الإسلامي والعمل الإسلامي لدى التلاميذ (14/2/1992).

2 - فلنربِّ شبابنا على أن يتّبعوا سياسة مستقلة، واقتصادًا مستقلًّا، وثقافة مستقلة، وأن لا تنمو لديهم روحية التبعية والركون إلى الآخرين والاعتماد عليهم والرجوع لهم. (2/5/2016)

3 - التقدم في مراتب العلم هو جزء من عملكم ومهامكم ويجب الاهتمام به. تقسيم العلوم والبحث لتحديد الأولويات وما نحتاج إليه مثلًا في هذه المرحلة، في هذه السنوات الخمس، في هذه السنوات العشر، إلى أي علوم سيتوجه عموم الطلاب بشكل أكبر؟ هذه مسائلكم العملية والتقنية والتي تدركونها أنتم أكثر. (14/2/1992).

 

100


75

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

المجلس الأعلى للثورة الثقافية:

يقول سماحته: “ما أريد أن أؤكّده، في هذا القسم المتعلّق بالمجلس، هو أنّ على أعضاء المجلس أن يؤمنوا بهذا المجلس، ويعتقدوا (بقدراته)، آمِنوا وصدّقوا بأنّ ها هنا المقرّ المركزي لثقافة البلد، آمنوا وصدّقوا بأنّ ها هنا مركز قيادة المسائل الثقافية الأساسية للبلد، ومركز تخطيط سياساته. ينبغي لأعضاء المجلس أن يلتفتوا إلى هذا”. (10/12/2013)

في النظام الفكري يحدد سماحته وظائف المجلس الأعلى للثورة الثقافية؛ واجبات هي على عاتق هذا المجلس سنشير إليها على النحو الآتي:

أ. تصميم خطّة الهندسة الثقافيّة

قال سماحته: “يجب [وضع] خطّة الهندسة الثقافيّة. لنتصوّر الوضع الثقافي المطلوب في البلد، ونرسّم أجزاءه المكوّنة له أمامنا؛ لنرَ من ثمّ أيّ من هذه لها الأولويّة؛ وأيّ منها تحتاج إلى دقّة وعناية أكبر؛ ولنصل إلى ما كان مهملًا في هذه المدّة، ونتابعه. هناك مجالات يجب الاستثمار فيها بنحو أكبر؛ علينا الالتفات لها”. (13/6/2011)

ب. إعادة تنظيم الجبهة الثقافيّة

قال قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “الفلسفة الوجوديّة للمجلس الأعلى للثورة الثقافيّة، هي فهم الطبيعة الثقافيّة للثورة

 

101


76

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الإسلاميّة وشرحها وتثبيتها وإجراؤها، وإعادة التنظيم الدائم للجبهة الثقافيّة للثورة الإسلاميّة، ومراقبة التطوّرات الثقافيّة في البلاد بما يتناسب مع القابليّات والمؤهلّات العظيمة لإيران الإسلاميّة والثوريّة”. (18/10/2014)

ج. ترميم النقص الثقافي

وقال سماحته: “نحن متأخّرون كثيرًا [على الصعيد الثقافي]؛ لدينا نقص كبير، وضعف كبير ينبغي أن تقوم مؤسّسة ما بالتفكير والسعي والعمل الدائم من أجل ترميم هذا الضعف وإصلاحه ومعالجة ما هو بحاجة إلى العلاج، وهذه المؤسّسة في التركيبة العامّة لنظامنا هي هذا المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة”. (13/6/2011)

د. جعل الشعب مقاومًا

يقول سماحته: “من المسؤول عن الناس، إذا ما تزلزلوا، حوّلهم إلى أناس مقاومين؟ إذا ما ابتلوا بالشكّ والتردّد، أن أزال شكّهم؟ إذا ما وُجد خلل في عقائدهم، قدّم لهم العقائد الصحيحة والمتينة؟ إذا ما ابتلوا بالشكّ والتردّد إزاء أهداف العدوّ ومخطّطاته، قضى على هذا الشكّ فيهم وجعلهم عازمين ثابتين. . . ؟ من غير المسؤولين؟ خصوصًا المسؤولين الثقافيّين في البلاد، ومن جملتهم هذا المجلس الأعلى للثورة الثقافية الذي وُجد وأَسِّس لهذا الغرض؟!”. (14/12/1999)

 

102


77

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

هـ. التوجيه الثقافي

قال الإمام الخامنئي: “ما هي الثقافة التي ينبغي أن تُلحظ في الإنتاج، الخدمات، العمران، الزراعة، الصناعة، السياسة الخارجية، والتدابير الأمنيّة، فتحدّد الحدود والاتّجاهات؟ ينبغي لهذه الأمور أن تحدّد هنا [في المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة].

و. وضع السياسات الكبرى للتعليم

وقال سماحته في ذلك الخطاب نفسه: “على قطاع التربية والتعليم، ومؤسّسة التعليم العالي والقطاع الصحّي والاستشفائي. . . أن يأخذوا سياساتهم التعليميّة والعلميّة الكبرى من مكان ما، وهذا المكان هو هذا المجلس [الأعلى للثورة الثقافيّة]”. (17/12/2002)

ز. تحديد النظرة الصحيحة للنظام البائد

قال الإمام الخامنئي: “برأيي، إحدى النقاط الثقافيّة التي يجب أن نهتم بها، النظرة الصحيحة للنظام البائد[1]؛ وهذا مكانه في هذا المجلس”. (8/12/2007)

ح. معرفة الأمراض الثقافيّة وعلاجها

في كلام لسماحة القائد يقول: “أحد الأعمال المهمّة للمجلس

 


[1] أي أن نعرّف الناس ما كان عليه النظام البهلوي البائد، من آفات وأخطاء وتبعية وفساد. (المدقق)

 

103


78

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الأعلى للثورة الثقافيّة، النظر إلى الثقافة العامّة، وتقصّي الأمراض الثقافيّة الموجودة في بلدنا اليوم ومعرفتها، والتوصّل إلى علاج لهذه الأمراض بنظرة متخصّصة، منطلقة من الوجع حتمًا، وثوريّة، وتقديم توصياتهم إلى الأجهزة المختلفة”. (12/12/1989)

ط. التخطيط ووضع البرامج في مقابل الهجوم الثقافي

وقال: “علينا عدّ مقولة الهجوم الثقافي هذه مقولة حقيقيّة وجدّيّة، وأن لا نحسبها بالشيء القليل، ووضع البرامج على مستوى [المؤسّسات] كافّة بناءً على أنّ هناك حربًا ثقافيّة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة على مختلف الصعد، وإحدى هذه المؤسّسات [التي ينبغي لها وضع البرامج] هو هذا المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة”. (10/12/1992)

ي. مطابقة النظام التعليمي للاحتياجات

وقال الامام الخامنئي: “ينبغي للنظام التعليمي في البلاد أن يُطابق مع الاحتياجات الواقعيّة للحكومة. . . وينبغي لهذا النظام أن يُطابق مرّة كلّ مدّة مع الوقائع والحاجات وأن توضع البرامج بناءً على ذلك. . وينبغي لاتّجاهه العامّ أن يعدّل في مؤسّسة أعلى من الوزارة، ألا وهي المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة”. (9/12/2000)

الإذاعة والتلفزيون

قال قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “مؤسّسة الإذاعة والتلفزيون من خلال مهمّتها الخطيرة في هداية الناس وإدارة

 

 

104


79

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الثقافة والأفكار العامّة للمجتمع، هي كجامعة عامّة، تتحمّل من خلال الاعتماد على الأنشطة والبرامج الإعلاميّة الحرفيّة المتطوّرة والعميقة، مسؤوليّة نشر الدين والأخلاق والأمل والوعي، والترويج لنمط الحياة الإسلاميّة الإيرانيّة بين أفراد الشعب عمومًا”. (8/11/2014)

وقال سماحته: “ما يُدرّس في هذه الجامعة هو رسائل الإسلام الأصيل، الإسلام الثوري، والإسلام الحقيقي، وأسسه ومفاهيمه ودروسه. وهذا غاية المطلوب في مؤسّسة الإذاعة والتلفزيون”. (1990/7/29)

وقال سماحته: “مؤسسة الإذاعة والتلفزيون هي المقرّ الأمامي الفعّال للحرب الناعمة”. وقال ذلك الحكيم والبصير الواعي في ذلك الخطاب نفسه: “أنتم حرّاس المتاريس في هذه الحرب الناعمة. وعليكم الحفاظ على مواقعكم؛ عليكم الدفاع عنها. وإن لم تدافعوا فذلك هو الخسران. الدفاع عمّا ذكرناه هو دفاع عن الهويّة الوطنيّة لهذا البلد، دفاع عن مستقبل هذا البلد، دفاع عن مصير هذا البلد وهذا الشعب. . . عندما تكونون حاضرين في مواقعكم وتعملون بنحو جيّد. . . فإنّكم [بهذا] تدافعون عن هذه الأمور”. (2015/10/12)

وقال سماحته: “الإذاعة والتلفزيون. . . مدرسة عموميّة للشرائح كافّة في أنحاء البلاد، والبرامج التي تبثّها سواءٌ كانت إيجابيّة أو سلبيّة، تترك آثارًا عميقة في روحيّة مخاطبيها وأفكارهم وتصرّفاتهم وثقافتهم ورؤاهم. . . إنّ عرض البرامج

 

 

105

 


80

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الفنّيّة والأفلام والتقارير التي توجّه الشباب والأطفال إلى السلوكيّات السليمة والأفكار الصحيحة، وتعلّمهم التديّن والالتزام والانضباط والمحبّة والتعاون والحضور في الميادين الثوريّة والسياسيّة، وتزرع فيهم حبّ الثقافة والوطن، وحبّ شعبهم، لهو عمل متألّق وحسنة باقية، وهو يجعل البلد في مأمن مقابل مدّ الهجوم الفكري والثقافي والإعلامي”. (1999/5/26)

أهداف الإذاعة والتلفزيون

للإذاعة والتلفزيون في النظام الفكري للإمام الخامنئي أهداف عظمى نشير هنا إلى بعضها:

1. ارتقاء المعرفة الدينيّة المتبصّرة والواعية.

2. السلوك الديني المخلص.

3. تجذير المعرفة والإيمان بالقيم والأسس الفكريّة للثورة والنظام الإسلامي.

4. صون أفكار المجتمع من التأثّر الهدّام بالهجوم الثقافي والقيمي للعدوّ.

5. الإيمان بكفاءة النظام.

6. إيجاد الانسجام العام وجوّ التعاون والمحبّة والوحدة داخل البلد وبين الناس.

7. التوعية إزاء المواضيع الحسّاسة كالعلم، الأمن، تربية النخبة، الاقتدار الوطني، العمل والابتكار القادر على حلّ العقد والتقدّم بالمجتمع إلى الأمام.

 

 

106

 

 


81

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

8. وضع برامج في مجال التربية ونشر الفضائل الأخلاقيّة وتفهيمها وتبيانها (2004/11/1).

9. بناء الناس بالنحو الذي يريده الإسلام والثورة (1992/1/27).

10. ترسيخ فكر الإسلام الأصيل بكلّ ملحقاته؛ الأخلاقية والعملية في حياة المخاطبين (1991/3/5).

11. التعليم العمومي، وإيجاد التطوّر الثقافي والسياسي، وشرح مباني الإسلام، ومواجهة المؤامرات الدعائيّة للعدوّ بالاستفادة من الفنّ الأصيل والسليم (1989/9/12).

وظائف الإذاعة والتلفزيون

للإذاعة والتلفزيون من وجهة نظر قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى، وظائف نشير هنا إليها:

1. إيجاد التوجّهات الأساسيّة للنظام وتسليط الضوء عليها (1990/7/29).

2. اعملوا على أن يصبح مستمعكم، ونتيجة لكلامكم، متديّنًا بنحو عميق (1990/7/29).

3. يجب أن تكون معاداة أعداء نظام الجمهوريّة الإسلاميّة ومواجهة تدخّلات هذه السلطات القائمة، ملموسة في برامج الإذاعة والتلفزيون كافّة (2017/7/29).

4. من الطبيعي أن تكون إحدى وظائف الإذاعة والتلفزيون ارتقاء المعرفة الدينيّة والإيمان الديني (2004/12/1).

 

107

 


82

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

5. ينبغي للإذاعة والتلفزيون في الجمهوريّة الإسلاميّة أن تكون وسيلة لجذب الناس نحو الثقافة الإسلاميّة، وأداة لتعرّفهم على التألّقات الإسلاميّة والإنسانيّة(1989/11/26).

6. اعملوا بحيث تصبح القيم الإسلاميّة في المجتمع قيمًا مطلقة، تضعف في مقابلها كلّ القيم الأخرى. وعلى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون في هذا المجال أن تعمل وتسعى وتخطّط لذلك (1990/8/23).

7. فتّشوا عن أكثر المواضيع صحّة في مسألة التوحيد، واطرحوها. واختاروا أصحّ المواضيع وأقواها التي لا تقبل الخدش في [تفسير] القرآن وحياة الأئمّة الأطهار، واطرحوها (1992/3/3).

8. على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أن تكون في جميع برامجها؛ الفنّيّة أو الخبريّة أو التقارير في خدمة الثقافة العامّة (1995/7/10).

9. الأخلاق السلوكيّة لأفراد المجتمع كالانضباط الاجتماعي، التحلّي بالضمير [المصداقية]، النظم والتخطيط، الأدب الاجتماعي، الاهتمام بالعائلة، مراعاة حقوق الآخرين، الكرامة الإنسانيّة، الإحساس بالمسؤوليّة، الثقة الوطنيّة بالنفس، الشجاعة الشخصيّة والشجاعة الوطنيّة، القناعة، الأمانة، الاستقامة، المطالبة بالحق، حبّ الجمال، رفض الإسراف، العفّة، الاحترام والأدب مع الوالدين والمعلّم، هذه آدابنا وفضائلنا الأخلاقيّة. على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أن تعدّ

 

 

108


83

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

نفسها مسؤولة عن نشر هذه الآداب (2002/12/2).

10. على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أن تعدّ نفسها مسؤولة عن دعوة الناس إلى القناعة، الاكتفاء والاستهلاك على قدر الحاجة، وتجنّب التبذير والإسراف (2002/12/6).

11. الإذاعة والتلفزيون ووسائل الاتصال العامّة ووسائل الإعلام العامّة مكلّفة بتوعية الناس إزاء القضايا المهمّة للبلاد والثورة، وإزاء ما يحدث للثورة وما يعترض مسيرها، والعداوات التي تمارس عليها، وعملاء الداخل. على الناس أن يكونوا على علم بكلّ قضايا الثورة المهمّة (1989/12/13).

12. اجهدوا لتنتجوا أناسًا لديهم القدرة على التحليل. وإذا ما حصل هذا، فإنّ الكثير من الأمور ستُحلّ من تلقاء نفسها (11/3/2001).

13. الحاجات الثقافيّة لجيلي الشباب والناشئة اللذين هما الأمل لمستقبل بلادنا، هي في الأساس ترسيخ الأسس العقائديّة والدينيّة؛ التعرّف إلى الأسس المعرفيّة للإسلام والقرآن؛ التعرّف على تاريخ بلدنا وأمجاد شعبنا خاصّة في العهود الأخيرة؛ المعرفة الصحيحة بالإمام الخميني؛ قمّة التاريخ المعاصر الشامخة، وأفكاره السياسيّة الساطعة وأسس حركته الثوريّة العظيمة، الإحساس بالعزّة والافتخار بسبب الدرس الذي لقّنه الإيرانيّون للعالم في مرحلة انتصار الثورة والدفاع المقدّس؛ تعليم الخصال التي من شأنها أن توصل الجيل الحالي للسموّ والعظمة؛ كالتديّن والبحث العلمي، التحلّي بالضمير والانضباط، الشجاعة والعفّة

 

 

109

 


84

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

والمروءة، الوعي السياسي والإخلاص الثوري، الأمانة والمحبّة والأخوّة والاستقلال والحريّة. . . المهمّة الأساسيّة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون هي أن تأخذ في كلّ برامجها هدفَ تلبية هذه الحاجات الأساسيّة والحيويّة بالحسبان، وأن لا تحيد عنه (1999/5/26).

14. مسؤوليّة الإذاعة والتلفزيون تفهيم [الناس] تألّقات الثقافة الإسلاميّة في مختلف المجالات، وخاصّة في مجال علاقة المرأة والرجل ومكانة المرأة في المجتمع (1989/12/6).

15. في المواضيع الأدبية والفنّيّة، أحد الأمور التي تأخذها [مؤسّسة] الإذاعة والتلفزيون على عاتقها، إبراز الشخصيّات الإسلاميّة المعاصرة ذات الكفاءة. . . يوجد بين شخصيّات الدرجة الثانية والثالثة، أولئك الخارجون عن الإطار الأساسي، أناس فهماء، يتمتّعون بالاستعدادات واللياقات العالية، والذكاء في الأدب والفن والعلم والقضايا الاجتماعيّة؛ فلتسلّطوا الضوء عليهم (27/1/1992).

16. اعملوا على التعريف بالكتب، فهذا سيكون مفيدًا ومؤثّرًا (24/2/1992).

17. يمكنكم متابعة مسار إنتاج العلم والفكر والنظريّات التي خُطّط لها، ووضعت لها البرامج. خوضوا في الأبحاث المنطقيّة والمفيدة. واجعلوا منابر [دروس] منصّات الإبداع تلفزيونيّة، وقدّموا الشخصيّات العلميّة المبدعة والجيّدة (2004/12/1).

18. لماذا علينا أن نقيّم ونقدّر أحد النخب العلميّة بأقلّ ممّا

 

110


85

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

نقيّم به ونقدّر أحد النخب الرياضيّة؟ كم من النخب العلميّة لدينا ممّن هم في القمّة! كم من النخب العلميّة لدينا الذين إن وصلت البلدان الأخرى إليهم تمسّكوا بهم وأخذوهم [واستفادوا من علمهم]؛ علينا أن نكرّم هؤلاء (26/8/2008).

19. على وسائلنا الإعلاميّة أن تهدف إلى إحباط أعمال العدوّ في الداخل، كما عليها أن تهدف إلى توجيه الضربات للعدوّ في الأجواء العامّة (2004/12/1).

20. على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أن تتصدّى لدعايات الأعداء ضدّ الثورة. وعلى وسائل إعلامنا أن تواجه بقوّة كبيرة الدعايات الكاذبة التي يطلقها هؤلاء الآن، وأن يظهروا للناس نقاط تألّق النظام (1990/7/29).

21. على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أن تروّج للاستقلال الفكري والعملي للشعب الإيراني، ولنظام الجمهوريّة الإسلاميّة ومبدأ “لا شرقيّة ولا غربية” وتقوّيه، من خلال عرض ثقافتنا وفكرنا وفنّنا الأصيل والغني، وأن تكون في حالة هجوميّة على الثقافة والأدب والفكر المفروض والأجنبي، وعليها أن تزيل، باختيار أفضل الأساليب وأبلغ البيانات، غبار الغربة والانزواء عن وجه مفاهيم الإسلام العميقة وحقائق القرآن الساطعة، وأن تضع هديّة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة التي تنتظرها الشعوب الإسلاميّة في أنحاء العالم كافّة، في أيديهم (24/8/1989).

22. نحن نرى مهمّة أساسيّة لوسائل الإعلام الوطنيّة، لها مستلزمات، وهذه المهمّة الوطنيّة تتضمّن أهدافًا كبرى. برأينا

 

 

111

 


86

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

تلك المهمّة المحوريّة تعني إدارة الفكر، الثقافة، الروحيّة، والأخلاق السلوكيّة للمجتمع وتوجيهها، التوجيه نحو الفكر والثقافة العامّة، إزالة الأمراض والآفات من فكر المجتمع وثقافته وأخلاقه، التشجيع على التطوّر، وإزالة الإحساس بالتأخّر (2004/12/1).

23. أحد الأمور التي يتوقّعها المرء من وسائل الإعلام، الاستفادة من الأحداث الماضية لتوضيح التهديدات المستقبليّة والأحداث المشرفة على الوقوع، وجعل الناس حسّاسين إزاءها (4/2/2003).

أئمّة الجمعة

من كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “وأئمة الجمعة هم المسؤولون عن الثورة في أنحاء البلاد، وهم مراكز هداية الشعب وقيادته على امتداد الوطن، وخنادق الدفاع المعنوي بوجه الأعداء في وسط المجتمع”. (1990/5/28)

وقال سماحته في الخطاب نفسه: “فمن عُيّنَ لإمامة الجمعة في أية مدينة فعليه أن يعرف أيّ منصبٍ يتبوأ، فهو قد عُيّنَ لإدارة مركزٍ يجب أن يغدو مجمعًا لأفئدة الناس وعقولهم وعواطفهم وأرواحهم، ويتعين عليه القيام بهذه المهمة والخروج منها ظافرًا”. وقال قائد الثورة المعظّم: “مخطئ من يتصوّر أنّ إقامة صلاة الجمعة هي عبادة صِرف. صلاة الجمعة هي المحور المعنوي لحركة الناس، وهي اليوم مركز لتعبئة عامّة الناس، ومحلّ لبيان

 

 

112

 

 


87

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أهمّ القضايا السياسيّة في البلاد وبيان المعارف الإسلاميّة لهم. محراب صلاة الجمعة هو محراب بالمعنى الحقيقي للكلمة. ففي صلوات الجمعة هذه يجري الإعلان والكشف عن أهمّ الأخبار، وتعطى أقوى الدروس وأوضح التحليلات السياسيّة. لا يُوجد بلد في العالم [سوى هذا البلد]، تُعطى فيه دروس السياسة، التعبئة، الحرب والحركة الاجتماعيّة العظيمة والمساعي المختلفة الماديّة منها والمعنويّة، على يد من هم محطّ ثقة الناس، وهذا بفضل الإسلام والثورة”. (1985/12/28)

مسؤوليّات أئمّة الجمعة

عدّد الإمام الخامنئي مسؤوليّات لأئمّة الجمعة نشير إليها:

1. ينبغي بنحو دائم الارتقاء بمضمون الخطب وما يُلقى إلى الناس وإعلاء مستواه يومًا فيومًا.

2. يجب على إمام الجمعة أن يكون مع الناس وأن يعيش حياة بسيطة.

3. فيما يتعلّق بتأمين إمكانات إمام الجمعة واحتياجاته، اعتقادي الشخصي أنّ على إمام الجمعة الاعتماد على الناس، وأن نحافظ على علاقتنا الآخونديّة [العلمائيّة] التقليديّة بالناس.

4. ينبغي في اختيار الأفراد لمنصب إمامة الجمعة أن تُلاحظ هذه المسألة، وهي أن لا يوجِّه العدوّ ـ لا سمح الله ـ عن طريقه ضربة؛ ضربة معنويّة أشدّ بكثير من الضربات المادّيّة.

5. مسؤوليّة جمع الناس بعهدة إمام الجمعة؛ جمعهم بالجذب

 

 

113

 

 


88

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

والانجذاب، بالمواضيع الجيّدة والأعمال الجيّدة، وبالنفس الحارّ النابع من [الحال] المعنويّة والتقوى.

6. ينبغي لأئمّة الجمعة أن ينصرفوا في محلّ إقامة جمعهم، للاشتغال بعملهم ذاك نفسه؛ لأنّ هذا العمل في غاية الأهمّيّة. عليهم أن يعدّوا أنفسهم للصلاة وللخطب، وأن يساهموا بقدرٍ ما في تعليم الناس، ويكون لهم حضورهم علماء في المدينة، فيشاركوا في الاجتماعات الدينيّة للناس، ويهدونهم، والخلاصة، أن يتابعوا شؤون صلاة الجمعة ومقتضياتها.

7. المتوقّع أن تكونوا كالطبيب الذي يفتّش عن المرض ويشخّصه ويعدّ دواءه بكلّ جهد وعناية، ومن ثمّ يضع هذا الدواء على الجرح أو يعطيه للمريض، عليكم أن تعطوه له! علينا أن نوصل الكلام إلى القلوب.

8. يجب توعية الناس سياسيًّا؛ لأنّ أحد مطالبهم هو الوعي السياسي. إضافةً إلى ذلك ينبغي أن تقدّموا لهم التحليلات السياسيّة، إذ لا تكفي المعرفة السياسية؛ بل إنّ التحليل السياسي القوي لازم. إن لم يمتلك الناس التحليل السياسي، فإنّ العدوّ سينفذ عمله بكلّ سهولة.

9. على إمام الجمعة وخطيبها أن يهدّئ القلوب ويسكّنها بكلامه الموزون وخطابه الحكيم ومعرفته الصحيحة.

10. مهما أمكننا تقصير الخطبتين وبالمقدار اللازم فهذا يكون أفضل. وأظنّ أنّه من الجيّد والكافي أن تستغرق نحو أربعين دقيقة. فخلال أربعين دقيقة يمكن التطرّق إلى مواضيع كثيرة.

 

114


89

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

11. التواصل مع الناس أمر في غاية الأهمّية وضروري؛ لأنّ الناس يأنسون كثيرًا بإمام الجمعة وصلاة الجمعة. وهذا التواصل يحصل من خلال دروس تفسير القرآن والدروس العقائديّة والأخلاقيّة، أو زيارة القرى والتواصل مع المدارس والثانويّات. مداراة الناس ينبغي أن تكون في الدرجة الأولى مع العلماء والشخصيّات الفكريّة البارزة، ومع الشباب، والفقراء والأشخاص الذين هم بحاجة إلينا.

12. ينبغي لإمام الجمعة مراقبة حديث النفس ومراقبة المقرّبين وجعل هذين الأمرين جزءًا من برامجه المؤكّدة.

13. المهارة الكبرى لإمام الجمعة أن يعرف المواضيع التي تهمّ الناس، والأسئلة التي تدور في رؤوسهم، فيطرحها. عليكم أن تفسحوا المجال للناس ليوجّهوا أسئلتهم، ويرسلوا الرسائل إلى هيئة إقامة صلاة الجمعة ويبدوا آراءهم. وعليكم من خلال هذه الأسئلة أن تفهموا ما يريد الناس، فنعدّ الخطبة طبقًا لأسئلتهم ونجيب عن شبهاتهم.

14. لتؤدّوا الصلاة بحال معنويّة وتوجّه وحضور قلب.

الوسائل الثقافيّة

إلحاقًا بعنوان نظام الثقافة الإسلامية، مضافًا إلى الأركان والعوامل، يجدر طرح الوسائل الثقافيّة أيضًا.
الكتاب، الصحف، الشعر، الفنّ، الأدب، الأناشيد ومنابر الوعظ هي وسائل ثقافيّة.

 

115


90

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أ. الكتاب

قال الإمام الخامنئي: “ينبغي لشعبنا أن يأنس بالكتاب بأكثر ممّا هو عليه الآن. القراءة هي أمر واجب على الشعب، واجب ولازم. . . الأنس بالكتاب أمر في غاية الأهمّيّة. إنّني أرجو الشباب خاصّة، وطلبة العلم والطلبة الجامعيّين والمعلِّمين، أن يأنسوا بالكتاب. حتمًا إنّنا إذ نذكر هؤلاء من باب التشديد عليهم، وإلّا على كلّ الأجيال، بمن فيهم التجّار، العمّال، الكتّاب، النساء في بيوتهن وخارج بيوتهن، موظّفو الدوائر الرسميّة، أعضاء القوّات المسلّحة، جميعهم أن يأنسوا بالكتاب”. (7/5/1992)

وقال سماحته: “ينبغي لنا أن ننشر ظاهرة المطالعة في المجتمع”. (20/7/2011)

وقال: “المطالعة ليست تكليفًا ووظيفة، بل هي عمل عذب، وحاجة ملحّة لا تقبل التأخير والأعذار، وستُفهم على أنّها وسيلة لإعداد شخصيّتنا”. (25/12/1993)

وقال قائد الثورة الإسلاميّة: “الكتاب بوّابة إلى عالم العلم والمعرفة الواسع، والكتاب الجيّد من أفضل وسائل الكمال البشري”. (3/5/1995)

وقال: “لا شيء يملأ مكان الكتاب، وينبغي الترويج للكتاب”. (11/5/1992)

وقال سماحته: “يجب أن تدخل المطالعة في حياة الناس كما الأكل والنوم وسائر الأعمال اليوميّة”. (9/5/1990)

 

116


91

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال ذلك الحكيم المتألّة والعالم الكبير: “شراء الكتب يجب أن يُعدّ من المصاريف الأساسيّة للعائلة. وينبغي للناس قبل شراء بعض الوسائل الكمالية والديكور مثل هذه الثريّات، والطاولات المتنوّعة، والأرائك المختلفة والستائر و. . . أن يولوا الكتاب أهمّيّة”. (16/5/1995)

وقال سماحته: “ينبغي أن يصبح الأمر بنحو يكون فيه للكتاب سهم مقبول في سلّة البضائع الاستهلاكيّة للعائلات، وأن يشتروا الكتاب للقراءة”. (20/7/2011)

وقال: “عندما يصبح الكتاب جزءًا من لوازم الحياة، لن يعود مرتفع الثمن”. (8/5/1995)

وقال سماحته: “إذا أراد الإنسان أن يبقى متجدّدًا على الصعيد المعنوي والثقافي فليس أمامه سوى الارتباط بالكتاب”. (1993/12/27)

أيّ كتاب؟

عندما نتكلّم عن الكتاب علينا أن نسأل أيّ كتاب؟ أيّ كتاب سيُكتب؟ أيّ كتاب سيقرأ؟

في النظام الفكري للإمام الخامنئي يوصى بكتابة الكتب التالية وقراءتها:

1. القصّة والرواية

2. الشعر

 

 

117


92

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

3. أدب الصمود: ذكريات الحرب، حياة الشهداء، ذكريات عوائل الشهداء، ذكريات الجرحى، وذكريات الأسرى المحرّرين

4. الكتب الدينيّة: الكتب الدينيّة والإسلاميّة، تفسير القرآن، نهج البلاغة، الصحيفة السجّاديّة، الكتب التي تتحدث عن أهل البيت (عليهم السلام) وعلم المعرفة

5. الكتب التاريخيّة: تاريخ المشروطة، تاريخ آل بهلوي، تاريخ الثورة الإسلاميّة، وتاريخ حرب السنوات الثماني

6. الكتب السياسيّة

7. الأسس الفكريّة للثورة الإسلاميّة

8. سيرة حياة الشخصيّات والعظماء

9. كتب الأطفال والناشئة

10. العلوم الإنسانيّة

11. نمط الحياة الإسلاميّة

12. الكتب الدراسيّة والجامعيّة

مسؤوليّة المؤسّسات في إنتاج الكتب

في النظام الفكري للإمام الخامنئي تبلورت أيضًا مسؤوليّة المؤسّسات الثقافيّة في إنتاج الكتب:

1. افترضوا اليوم أنّه إذا ما حُدّد على الصعيد العالمي، أيّ قضيّة من قضايا الثورة التي إذا ما طرحناها أمام العالم، فإنّه

 

 

118


93

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

سوف يجري الالتفات أكثر إلى حقّانيّة الثورة، وستؤدّي إلى انجذاب أكبر لها. إنّ إيجاد مثل هكذا قضايا لهو الفنّ بعينه.

ليجلسوا ويجدوا من خلال السفر، الدراسات، قراءة الكتب والمجلّات وقراءة الدعايات المضادّة لنا، القضايا الأساسيّة وقضايا الدرجة الأولى في العالم. ومن ثم بعد أن تُحدّد هذه القضايا، ليحدّد ويهيّئوا العلماء، وبمساعدة علماء آخرين، المطالب والمواضيع اللازمة لسدّ هذا الفراغ. ولتوضع بعد ذلك هذه المطالب اللازمة بيد الفنّان، الرسّام، صانعي الأفلام، الشعراء، مؤلّفي الكتب، المؤلّفين المسرحيّين، مؤلّفي القصص، وليطلبوا منهم أن يصنعوا شيئًا منها (خطابه لدى لقائه جمعًا من منظّمة الإعلام الإسلامي)(22/6/1988)

2. من أهمّ أعمال مجلس الثقافة العامّة، الاهتمام بقضيّة الكتاب والمطالعة وإنتاج الكتب ونقدها وأشياء من هذا القبيل (22/10/1996).

3. تعالوا مع جمع قليل. . . ممّن يهتّمون بالقصص، ويعرفون واقعًا، تصنيف الروايات الجيّدة من غيرها، تحرّكوا في هذا المجال وقرأوا الروايات. . . أولئك حقًّا لديهم همّة عالية في قراءة القصص والأعمال المنتشرة في العالم. فلتعقدوا اجتماعًا أكنتم إثنين أو ثلاثة أو أكثر، ولتعدّوا بمساعدة الأشخاص المستعدّين لكتابة القصص، والذين يريدون كتابة القصص المتضمّنة للمعارف الإسلاميّة، فهرسًا ولتتابعوا هذه المواضيع. . . شجّعوا هؤلاء على الكتابة. . . وغذّوهم بمعارف الثورة؛ فالإناء ينضح

 

119


94

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

بما فيه (خطابه لدى لقاء المسؤولين في مركز التربية الفكريّة للأطفال والناشئة)(9/8/1997).

4. ينبغي الاستفادة من العلماء الأفاضل، الشخصيّات البارزة، الكتب الجيّدة والأساليب العلميّة، من أجل إيصال المفاهيم الدينيّة للجيل الشابّ بالنحو الصحيح والجذّاب. . . وعلى علماء الدين أن يعدّوا المؤلّفات المرتبطة بالمعارف الإسلاميّة على صورة كتب وكتيّبات أو في صورة مجلّات ونشريّات مختلفة، ليصنع الفنّانون على أساسها، فيلمًا على سبيل المثال؛ أو يعدّوا البرامج التلفزيونيّة المختلفة (5/9/1995).

5. إنّنا بحاجة إلى كتب رديفة لكتب الشهيد مطهّري تبيّن مفاهيم الإسلام الأساسيّة بنظرة صائبة بعيدة عن الانحراف والإفراط والتفريط، وبلغة قابلة للفهم لدى الشرائح المتوسّطة في المجتمع. . . ؛ عليّ هنا، مع الاعتراف والإذعان بالمكانة الرفيعة للحوزات العلميّة وخصوصًا حوزة قم العلميّة في نشر الأفكار والمعارف الإسلاميّة، أن أوجّه الخطاب إلى تلك الحوزة وأقول: عليكم أنتم هنا أن تلبّوا هذه الحاجة (8/2/1988).

6. إحدى وسائل تبليغ الثورات والنهضات التحرّريّة الكبرى في العالم، هي هذه الروايات والقصص. . . لديهم قصص جيّدة جدًّا. . . لقد بيّنوا الجماليّات بأفضل وجه. . . وبأشكال راقية جدًّا. إنّني عندما أقرأ هذه الكتب. . . وأقارنها بثورتنا، أرى أنّ في ثورتنا مشاهد أرقى وأسمى، أكثر حماسةً وأجمل، يمكن تبيانها. إنّ فنّانينا مسؤولون حقيقةً، وعليهم أن يلبّوا [هذه الحاجة].

 

 

120

 


95

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

عليهم أن يبيّنوا هذه الجماليّات التي يمكنهم رؤيتها، والبحث عنها وإيجادها أكثر من الناس العاديّين (خطابه لدى لقائه جمعًا من مسؤولي منظّمة الإعلام الإسلامي. (1988/6/22).

7. على صعيد الكتاب، تقع على عاتقنا بعض المسؤوليّات. إحداها، أن ننتج الكتاب الجيّد ونوجد الكتاب في الساحات والميادين الفكريّة المختلفة. . . أي إنّ على كلّ البلد ولا سيّما المثقّفين في البلاد، مثل هذه المسؤوليّة (30/4/1994).

8. إنّنا الآن في المجالات المختلفة نعاني نقصًا في وجود الكتاب. حتمًا، لقد ارتفع منسوب نشر الكتب؛ إلّا أنّنا لا نزال نفتقد للكتاب النوعي. لا أقصد هنا الكتاب العلمي التخصّصي؛ لا؛ [بل] الكتب التي يحتاج عامّة الناس إلى معرفتها؛ سواءٌ الكتب الدينيّة المختلفة، من العقائد والتاريخ الديني وأمثالها، أو الكتب السياسيّة والاجتماعيّة والتاريخيّة. إنّنا فيما يتعلّق بهذه العناوين، ينقصنا الكتاب الوازن والمتقن بحيث يطمئنّ المرء إلى أنّ هذا الكتاب موجود بين أيدي الناس ويرفع مستواهم الفكري. . . لنفترض مثلًا أنّك دخلت مكتبة لبيع الكتب، وقلت أريد كتابًا في المجال الفلاني ـ تاريخ نهضة المشروطة على سبيل المثال ـ. سوف يرشدونك إلى كتابين أو ثلاثة. وترى أنّ واحدًا من هذه الكتب طويل، والثاني رديء الأسلوب غير مشوّق؛ والثالث فيه مشكلة أخرى. فلا يعجبك الأمر وتنصرف. يجب أن يكون لدينا الكثير من الكتب في هذه المجالات الخاصّة، بحيث يجد كلّ مراجع غايته ومطلوبه هناك. يجب أن يكون لدينا الكتب

 

121


96

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

القصيرة، الطويلة، السهلة والعميقة. ينبغي أن يكون لدينا تنوّع في المواضيع، وتنوّع في الكتب ذات الموضوع الواحد؛ على أن تكون جميعًا متقنة وصحيحة؛ ولكن للأسف، نفتقد إلى هذا الأمر. (1997/11/10)

نهضة ترجمة الكتب

وفي كلام للإمام الخامنئي يقول: “يجب أن تنطلق نهضة ترجمة الكتابات الجيدة؛ نهضة ترجمة الأعمال الجيدة، ولحسن الحظ فإنَّ الأعمال المكتوبة والجيدة ليست بالقليلة. أنا العبد، كلما تسنى لي وقت ومجال، أرغب في القراءة وأقوم بالمطالعة. هناك أعمالٌ جيدة جدًا أُلِّفت، وللإنصاف فإنها تستحق أن تُترجَم؛ تلك الأعمال التي صدرت حتى الآن، فلنطلق نهضةً للترجمة؛ لا ترجمة من الخارج وإنما ترجمة إلى الخارج لعرض ما هو موجود لدينا؛ عرّفوهم ما حدث في آبادان، وما حدث في خرمشهر، وما حدث في ساحات القتال، وما حدث في القرى والأرياف. .

ذكرتُ مرارًا أنّ هذه اللوحة هي لوحة جميلة، لكننا شاهدنا عن بعد، كلما اقترب المرء منها وشاهد دقائقها وتفاصيلها، ازداد دهشة وإعجابًا. لقد دُوّنت هذه الأحداث، فليطّلع أهل العالم عليها، ولتُترجم إلى العربية والإنجليزية والفرنسية والأردية وإلى اللغات الحية في العالم. دعوا مئات الملايين من الناس يفهموا ويعرفوا ما جرى في هذه المنطقة، وما نقوله نحن، ومن هو الشعب الإيراني، فإن هذه الأعمال تعرّف العالم بالشعب

 

 

122

 

 


97

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الإيراني. يجب إطلاق نهضةٍ لترجمة الكتب ونهضةٍ لتصدير الأفلام الجيدة، وزارة الإرشاد تتحمل مسؤولية ومنظمة الثقافة والإعلام كذلك، ومثلها الإذاعة والتلفزيون ووزارة الخارجية ومختلف الأجهزة والمؤسسات الأخرى”. (26/9/2018)

ب. الصحف

جاء في كلام للإمام الخامنئي: “ليس خافيًا على أحد دور وسائل الإعلام العامّة وخصوصًا الصحف في عالم اليوم، لكن إضافةً إلى ذلك، حازت الصحف في النظام الإسلامي الثوري أهمّيّة ومكانة خاصّة، انطلاقًا من المسؤوليّات الثوريّة الخطيرة. لطالما كانت صفحات الصحف المسؤولة والعارفة بوظائفها، في هذه السنوات الأخيرة، ساحة مواجهة واعية من قبل أصحاب الأقلام الملتزمة والواعية للمشكلة ضدّ الهجوم الثقافي الذي يشنّه الاستكبار والعناصر الممسوخة والمسلوبة الهويّة. . . الوظيفة الأهمّ للصحف في النظام الإسلامي هو الدور الثقافي في التعريف والدفاع عن القيم والمبادئ التي هي موضع رضا هذه الأمّة الثوريّة، ورفع مستوى وعيها ومعرفتها”. (1991/9/24)

وقال سماحته: “لست مخالفًا لحريّة الصحف ولا لتنوّعها. إذا ما صدر بدل العشرين صحيفة، مئتا صحيفة فسأكون أكثر سرورًا، فأنا لا أشعر بالسوء لزيادة أعداد الصحف. وإذا ما كانت الصحف مصدرًا للتنوّر والوعي، وكانت تكتب لمصلحة الناس والدين، كما جاء في الدستور، فكلّما زاد عدد هذه

 

 

123

 


98

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الصحف كان أفضل”. (2000/4/20)

وجاء في كلام له: “في اليوم الذي تمتلكون فيه القدرة والجاهزيّة لمواجهة الهجوم الدعائي والإعلامي للعدوّ، فإنّ الذي سيكون الواسطة، أكثر من الآخرين، لزيادة الصحف والمجلّات والكتب والأفلام وغيرها، هو أنا”. (2000/7/12) وكتب قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى في رسالة إلى رئيس الدورة السادسة لمجلس الشورى الإسلامي: “صحف البلاد هي البانية للأفكار العامّة للناس والموجّهة لعزيمتهم وإرادتهم. إذا ما سيطر أعداء الإسلام والثورة والنظام الإسلامي على الصحف أو نفذوا فيها واخترقوها، فإنّ خطرًا كبيرًا سيهدّد أمن الناس ووحدتهم وإيمانهم، وأنا لا أجيز لنفسي وسائر المشتغلين في هذا المجال السكوت عن هذا الأمر الحيوي المهمّ (2000/8/5)”.

وقال سماحته: “اللامبالاة إزاء الحاجات الفكريّة للشعب الإيراني وعدم الاهتمام بمبادئه الإسلاميّة والثورية الذي نشهده في بعض الصحف الراهنة، هو سيّئة لا يمكن التجاوز والصفح عنها في الحكم العامّ للناس حاضرًا ومستقبلًا، وفي النهاية، في المحكمة الإلهيّة في الآخرة”(1993/12/22). وقال: “أن تكون الصحف ركنًا من أركان الحريّة وحقوق الناس وحسب فهذا، لا يحتّم القبول بكلّ ما يمرّ في الصحف وميدان العمل الصحفي، وتجاهل الأخطار الثقافيّة الواضحة التي تعمل ضدّ عقل الناس ودينهم وإيمانهم وهي دائمًا في حال استحكام وتقوية”(1999/1/6).

وجاء في كلام له: “أقول، يجب أن تُطرح الأفكار والآراء والأذواق

 

 

124

 

 


99

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

المختلفة في البلاد، بصورة صحيحة وصائبة؛ لكن طرح المعارف المختلفة شيء، والكذب على الناس وكتابة الكذب وتحريف الحقائق والصيرورة بوقًا للعدوّ شيء آخر. . . إن كان البناء أن تكتب الصحيفة المنتشرة، وهي التي تستفيد من إمكانات هذا الشعب، ومن بيت مال هذا الشعب، ومن مساعدات هذا الشعب ضدّ مصالح هذا الشعب، وعلى نحو الكذب والافتراء، لا عن عقيدة واقتناع أيضًاـ والبناء أن تصبح بوقًا لراديو إسرائيل أو راديو أميركا في هذا البلد، فهذا ليس مقبولًا أبدًا”. (1999/9/2)

تصنيف الصحف

في النظام الفكري للإمام الخامنئي تصنّف الصحف في ثلاث مجموعات:

1. الصحف المدافعة النظام

2. الصحف غير المبالية

3. الصحف المعاندة (المعارضة)

وجاء في كلام له: “إن سمّيت صحف الصنف الثالث معاندة، فليس معنى ذلك أنّنا سنحمل السيف بيدنا وننهال عليها؛ لا! فهذا لن يغيّر وضعها في الغد عن وضع الأمس”. ويضيف سماحته: “صبرنا كبير جدًّا. حقيقةً، ففي النظام الإسلامي، تحمّلنا لسماع الكلام المخالف كبير جدًّا. . . ؛ لكن للغرضيّة والإجحاف حدود! هؤلاء مغرضون ومجحفون. وكلّما ساق أعداؤنا خارج البلاد، تهمة ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة، فإنّها تكرّر في هذه

 

125


100

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الصحف نفسها بالأسلوب نفسه أو بأساليب أخرى. . . لِم يتعاون إنسان مع العدوّ إلى هذا الحدّ؟! لِمَ يشمئزّ إنسان ويُعرِض إلى هذه الدرجة عن وطنه وعن الأشخاص الذين يعملون بإخلاص من أجل هذا الوطن؟! حقًّا لِمَ؟! بأيّ مرض مبتلون هؤلاء؟! أنا أعجب!”. (2/5/1996)

مواصفات الصحف المعاندة

للصحف المعاندة مواصفات بنظر الإمام الخامنئي نشير هنا إلى بعضها:

1. الاستفادة من الأفراد غير اللائقين وغير الموثوقين

2. عدم الصدق في بيان المواضيع

3. توجيه التهم إلى النظام

4. التشكيك بمسؤولي النظام

5. الغرضيّة إزاء الجمهوريّة الإسلامية

6. مخالفة القيم الإسلاميّة والإيرانيّة وانتهاكها

ج. الشعر

يقول الإمام الخامنئي: “إن الشعر عنصر مؤثر، وله بين مجموعة الأنواع البيانية والكلامية تأثير مضاعف؛ فليس لأي قول، مهما بلغ من الفصاحة والجمال وجودة المضمون، ما للشعر من أثر الشعر وسيلة كهذه”(1/7/2015).
بنظر القائد المفدّى، للشعر:

 

 

126


101

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أ. دور تحميسي

ب. دور إرشادي

ج. دور الهداية

د. دور توجيهي

ويقول سماحته: “بالإمكان هداية المخاطب عبر الشعر إلى الطريق الصحيح والصراط المستقيم. وبالإمكان أيضًا سوقه إلى الانحراف وإلى التسافل والسقوط”. شعر الثورة اليوم يمتاز بالأسلوب الجيّد، المعنى الجيّد، اللحن والموسيقى الجيّدين، اختيار المفردات الجيّدة والمخيّلة القويّة؛ وفيه مضامين عالية، سواءٌ المضامين الثوريّة والاجتماعيّة، أم المضامين الدينيّة والإسلاميّة والعرفانيّة. وهذا يدلّ على نموّ غرسة الشعر وتعاليها في إيران الإسلاميّة. الشعر اليوم شعر هادٍ ومتقدّم؛ كما قال قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “عندما أقارن شعر الشباب اليوم بشعرهم قبل عشر سنوات أو خمس عشرة سنة، تنتابني حالة من الشوق والشكر لرؤية هذا التقدم”. (2016/6/20)

وقال سماحته: “إنني أعبّر هنا عن رضاي وارتياحي المتزايد لتقدم الشعر في البلد في مرحلة ما بعد الثورة الإسلامية. فالحقيقة أنّ الشعر بلغ من الجودة مرتبة رفيعة”(1/7/2015). وقال في التاريخ نفسه: “أقول طبعًا إنّ المستوى العام للشعر المعاصر لم يبلغ المستوى العام للشعر الذي يناسب إيران”.

دائمًا يدلي الإمام الخامنئي بتوصيات مهمّة للشعراء أثناء لقاءاته إيّاهم، نشير هنا إلى بعضها:

 

127


102

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

1. الاهتمام بالمضامين الغنيّة والمهمّة جدًّا للمعارف الإسلاميّة

2. الاستفادة من المعارف والمعاني العميقة الموجودة في القرآن ونهج البلاغة والصحيفة السجّاديّة

3. ضرورة الحفاظ على القيم وحراستها

4. وضع الشعر في خدمة أهداف الثورة وخطابها

5. الاهتمام بحراسة منجزات الثورة الإسلاميّة

6. الاهتمام بنقل ثقافة الدفاع المقدّس وطلب الشهادة إلى الجيل الآتي

7. الاهتمام بالجوانب الفنّيّة والأدبيّة للشعر

8. الحفاظ والمراعاة الدقيقان لمعايير اللغة والأدب الفارسي

9. الاستفادة من الشعر وسيلةً لهداية الناس نحو الخير

10. وقوف الشعراء في وجه الباطل والأجهزة الإعلاميّة للاستكبار

11. رفع مستوى المخاطبين من خلال الأشعار الجيّدة والمضامين العالية

12. الاهتمام بتطوّر نمط الحياة الإسلاميّة، العيش بنقاء وطهارة، والعاقبة الحسنة

13. الاهتمام بالأناشيد الجيّدة وترويجها بالوسائل الفنّيّة

14. ضرورة بذل الهمّة لإنشاد الأشعار المتضمنة القضايا الراهنة للبلد والعالم الإسلامي والترويج لها.

 

128


103

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

15. الاهتمام بإنشاد الأشعار الدينيّة

16. الاهتمام بترجمة أشعار الثورة

والعالم الإسلامي إلى لغات العالم الحيّة

وقال ذلك الحكيم المتألّه: “إذا ما دار الأمر بين أن نختار من بين عدّة فنون، كالفنون المسرحيّة، والفنّ التجسيدي ـ فنًّا لنصرف عليه هذه الميزانيّة المحدودة، برأيي يجب أن نختار الشعر؛ لأنّه إذا ما توّفر الشعر في المجتمع، فإنّ ذلك سيمهّد الأرضيّة للفنون الأخرى. لا يمكن مقارنة الشعر ببعض الفنون الأخرى؛ هكذا هو الأمر، في بلدنا ومجتمعنا وتجاربنا التاريخيّة بالحدّ الأدنى. نحن تاريخ، بحيث أصبحنا أساتذة في الشعر؛ أي لدينا تاريخ قديم مهمّ جدًّا من الميراث الشعري. . . إنّنا من حيث تطوّر الشعر، ومن حيث تجذّر هذا الفنّ في مجتمعنا، في عداد البلدان المتقدمة في هذا المجال حسن، هذا الفنّ بارز، لذا مهما فعلنا من أجل الشعر، وأجرينا الدراسات والأبحاث، ومهما أنجزنا من الأعمال الإداريّة من قبيل التنظيم، الجمع، والتقسيم، فليس بالكثير. أنا هنا أرجو من قدامى الشعراء والمتمرّسين في الشعر. . . ، ومن المسؤولين الرسميّين والمرتبطين بالأجهزة الحكوميّة أن يجتمعوا ويناقشوا مسألة إدارة الشعر في البلد، ويعملوا، ويفكّروا، ويضعوا التصاميم والخطط. فهناك الكثير من الاستعدادات والقابليّات الموجودة”. (25/8/2010)

 

129


104

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

د. الفنّ

جاء في كلام للقائد الخامنئي قال فيه: “للأسف، في النظام السابق، كان الفنّ في يد أصحاب السلطة، وقد ابتلي حقًّا بالانحطاط ولم يكن له حضور في الساحة، لكن منذ اللحظة الأولى لانتصار الثورة دخل الفنّ الساحة. . . وترون الآن أنّ كثيرين من فنّانينا المعروفين، هم من شباب مرحلة ما بعد الثورة. هؤلاء أشخاص من خلال تحليّهم بالإيمان، آمنوا بأنفسهم إمّا في جبهات الحرب، وإمّا في ميادين الثورة، واتّجهوا نحو فنّ من الفنون؛ على سبيل المثال، حملوا آلة التصوير وذهبوا إلى الجبهات لالتقاط الصور. هذه الأعمال هي التي ساقت هؤلاء نحو الفنّ. . . منذ انتصار الثورة إلى الآن، كان للفنّ دور كبير، فدخلت الميدان أنواع كثيرة من الفنون، وفي الحقول المختلفة، وأُنجزت أعمال مهمّة وعظيمة، ونشأ وتربّى الفنّانون الشباب”. (2/2/1999)

قال سماحته: “للفنّ لغة بليغة، لا تبلغ بلاغتها أيّ لغة أو لسان؛ فلا لغة العلم، ولا اللغة العاديّة ولا لغة الموعظة، تبلغ بلاغة الفنّ. أحد أسرار نجاح القرآن كونه فنّيًّا”(27/4/1998). وقال: “لا شكّ في أنّ الوسائل الفنيّة هي أبلغ وسائل تبليغ الرسالة وأجداها وأكثرها تأثيرًا”(1 تير 1366). وقال ذلك الحكيم الكبير والعالم الشهير: “لقد قلت مرارًا إنّ كلّ رسالة، وكلّ دعوة، وكلّ ثورة، وكلّ حضارة وكلّ ثقافة لن يكون لها حظّ الانتشار والرواج ولن يُكتب لها الدوام ما لم تُصبّ في قالب الفنّ”. (1986/12/18)

 

130


105

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال: “إنّني من محبّي الفنّ ومؤمن برسالة الفنّ؛ أي إنّني في الصميم مؤمن بالفنّ. . . وأرى للفنّ دورًا حقيقيًّا، جدّيًّا وأساسيًّا”. (2002/12/17)

وفي كلام له يقول فيه: “مهما تكلّم أمثالي عن الثورة، فلن نستطيع شرح تلك الحقيقة العظمى؛ إلّا أن تدخل لغة الفنّ هذه الميدان. لغة الفنّ هي التي تستطيع أن تبيّن وتفسّر الحوادث العظيمة وتنير العقول” (1999/2/2). وقال الإمام الخامنئي: “إن استفيد من الوسائل الفنيّة في الأعمال والدروس العلميّة والفكريّة التي تُبثّ في الإذاعة والتلفزيون، فستخلّد هذه الأعمال وسيتضاعف تأثيرها”(2004/5/17). حتمًا، في النظام الفكري للإمام الخامنئي، للفنّ آفات أيضًا:

أ. الانحطاط

ب. التحلّل من القيود

ج. تضييع الجهة [البوصلة]

قال سماحته: “يجب في استخدام الفنّ وكما كلّ الوسائل الأخرى الحاملة لفكر ما، أن يكون اتّجاهه في غاية الدقّة والوضوح والاستقامة وأن لا يقع الخطأ في الاتّجاه”(1989/11/12). وقال سماحته: “الفنّان ملتزم إزاء شكل فنّه وقالبه، وإزاء المضمون أيضًا”(2001/7/23). “ينبغي، تقديم العمل بإبداع فنّي كامل، وملؤه تمامًا بالمضمون العالي والمرتقي [بالإنسان] والمتقدّم به إلى الأمام والصانع للفضيلة”.

 

 

131


106

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

هذا الفنّ هو فنّ ديني وثوري. إذا ما تضمّنت القصّة والمسرحيّة والسينما والفيلم والرسم والشعر واللحن والموسيقى والإنشاد في نفسها الخصائص اللازمة، فإنّها ستحتلّ مكانًا ضمن أنواع الفنّ الثوري. على الفنّانين والمسؤولين والناس واجبات إزاء الفنّ نشير إليها:

1. ضرورة ارتقاء الفنّ يومًا بعد يوم

2. المعرفة التامّة بحدود الفنّ

3. استخدام الفنّ في الاتّجاه الإسلامي

4. عدم جرّ الفنّ والفنّانين نحو الألاعيب الحزبيّة والسياسيّة

5. تجنّب التذبذب في العمل الفنّي

6. التوجّه والالتفات إلى المكانة الحقيقيّة للفنّ

7. الاهتمام بالوضع الاقتصادي للفنّانين

8. الالتفات إلى المردود المالي للمستثمرين في أنواع الفنون

9. الحؤول دون فساد الشباب بواسطة الوسائل الفنّيّة

10. التوجّه إلى الرسائل التي توصلها الآثار الفنيّة

11. اختيار النماذج الفنيّة المليئة بالمضامين والمعاني

12. تنظيم شؤون الفنّ والفنّانين

13. وضع الإمكانات بين أيدي المجموعات الفنيّة في الأعمال الجيّدة

 

 

132

 

 


107

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

14. الاستفادة الفضلى من الفنّ والأدوات والوسائل الفنيّة.

هـ. الأدب

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الأدب، في الحقيقة، هو ناقل الميراث الثقافي لبلد ما من جيل إلى جيل. . . الأدب، كالجينات الناقلة للخصائص التي تحفظ الوراثة والنسل”(1992/2/24). وقال سماحته: “المطلعون على الأدب الأوروبي، الشعر الأوروبي، الرواية والقصّة والمسرحيّات الأوروبيّة، يعرفون أنّ المرأة كانت بنظر الثقافة الأوروبيّة، منذ القرون الوسطى إلى أواسط القرن الحالي [القرن العشرين]، موجودًا من الدرجة الثانية!”(1997/10/22)

وفي كلام لقائد الثورة المفدّى يقول: “انظروا إلى الأدب الفرنسي؛ من المؤكد أن قسمًا من هذا الأدب يحكي عن بطولات مرحلة الحرب. فقد امتدّت الحرب أربع سنوات، تعرّض الفرنسيّون فيها مدة سنتين أو ثلاث لضغوط وهُزموا؛ لكنّهم بيّنوا مختلف أنواع البطولات سواءٌ في ميدان الحرب، أو في النضالات الشعبيّة داخل باريس، أو في العلاقات الإنسانيّة وأمثالها. انظروا كم تتكرّر هذه الأمور في الروايات الفرنسيّة. . . خط أثار تلك الأيّام وعلاقتها تبقى في أفضل الروايات وفي أهمّ الأعمال الأدبية”. (1991/3/5)

يقول سماحته: “كانت الحرب حقلًا خصبًا لبروز مثل هذه الطاقات. وأنتم تعلمون ان الأحداث الكبرى والعصيبة التي تمر بكل بلد ومن ضمنها الحرب تؤدّي عادة إلى ازدهار الآداب

 

 

133


108

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

والفنون فيه. ومن المعروف أن أجمل الروايات وأفضل الأفلام، وربّما أطول الأشعار هي تلك التي أُلّفت وأعدت وأُنتجت وأُنشدت للحروب وفي أيام الحروب. وهكذا كانت الحال في حربنا أيضًا”. (1998/5/12)

على صعيد أدب الصمود والحرب، أُلّفت كتب يمكنها نقل ثقافتنا إلى العالم.

وقال الإمام الخامنئي: “تقريبًا، قرأت كلّ هذه الكتب التي نشرتموها في مكتب الأدب والفنّ المقاوم، ووجدت بعضها فائقًا للعادة. . . عندما كنت أقرأ هذه الكتب، كانت تخطر في بالي هذه الفكرة وهي، لو كنا ننشر هذه الكرّاسات والكتب بغية تصدير مفاهيم الثورة، لما كان هذا بالشيء القليل؛ بل لأنجزنا بذلك عملًا كبيرًا”. (1991/7/16)

و. قراءة المراثي والمدائح

في كلام للإمام الخامنئي: “إنّ مهنة المدح مهنة شريفة جدًا. . . سخرتم ألسنتكم وأنفاسكم وحناجركم وقدراتكم الفنيّة لمدح الفضائل. إنّ أهل بيت الرسول هم أهل الفضيلة؛ وجودهم ينضح بالفضيلة. . أنتم تحملون كتاب مدح الفضائل في أيديكم؛ هذا شرف كبير”. (9/4/2015م)

وقال سماحته: “هذه الظاهرة بما تشمل من إنشاد الأشعار في المدح والرثاء وذكر مصائب أهل البيت (عليهم السلام) وما إلى ذلك، من المميزات الخاصة التي لا نجد لها نظيرًا عند

 

134


109

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الآخرين في أي مكان. . إنها ظاهرةٌ جديرة ومناسبة للعمل العلمي، الحقيقة أنه يجدر بطلاب جامعاتنا وأساتذتنا وباحثينا أن يتناولوا هذه الظاهرة بالتدبر والتفكر والبحث والتفسير والتحليل، كما عليهم أن يحددوا لنا الطرائق العلمية لنشرها وترويجها، ويعلمونا تلك الأساليب”(30/3/2016م). وقال: “وأنتم وسيلة إعلام مهمة جدًا. إن مسؤولية جماعة المدّاحين[1] مسؤولية خطيرة. أنتم تذهبون إلى كل مكان وتلتقون مختلف أصناف الناس وفئاتهم ولديكم ميادينكم وساحاتكم للتكلم والحديث؛ هناك آذان مستعدة لسماع أصواتكم، وهذا ما يضاعف جسامة مسؤوليتكم”. (8/3/2018م)

مسؤوليّة قرّاء المراثي والمدائح

يذكر القائد الخامنئي وظائف ومسؤوليّات للمدّاحين:

1. الاستفادة من فرصة قراءة العزاء والمدائح لنشر معارف الدين وتقوية إيمان الناس

2. بيان النماذج العمليّة من صفات الأئمّة والسيّدة الزهراء (عليهم السلام).

3. الاهتمام بأحداث إيران والعالم الراهنة، وإطلاع الناس عليها

4. الارتقاء بمعرفة المخاطبين وإيمانهم من خلال ارتقاء الشعر والحديث والأخلاق

 

 


[1] قراء العزاء والمراثي، ومنشدو الشعر في المناسبات المختلفة وخاصة مناسبات الفرح بولادات الأئمة(عليهم السلام) والحزن على شهادتهم.

 

 

135


110

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

5. ضرورة التوجّه إلى حاجات العصر الفكريّة

6. الاستفادة من قراءة المراثي والمدائح بما ينفع الإسلام والمسلمين

7. نشر أفكار أهل البيت (عليهم السلام)، خطّهم ونهجهم في المجتمع

8. صناعة الخطاب ونشر الأفكار العمليّة

9. جلب الرضا الإلهي

10. معرفة آفات قراءة المراثي والمدائح

11. الاستفادة من الأشعار الجيّدة والمتينة أسلوبًا ومضمونًا

12. أن يكونوا من أهل المحبّة والمعرفة

13. السعي لرفع الثغرات المعرفيّة لدى الشباب

14. الالتفات إلى اتّساع جبهة التبليغ وتعقيدها

يقول قائد الثورة المفدّى: “أنتم القادرون على مخاطبة النّاس، بالفنّ والشعر، بالصوت واللّحن، تستطيعون التواصل مع النّاس، هذا يستدعي المسؤوليّة. إنّ امتلاك كلّ هذه الفرَص والإمكانات، بحدّ ذاته مسؤوليّة؛ وهي مسؤوليّة عليكم تأديتها على أكمل وجه. إذا استطاع مدّاحو البلاد اللّائقون لهذه المرتبة وهذا المقام، القيام بمسؤوليّتهم، فسينتج من ذلك تحوّل في البلاد”. (20/4/2014م)

ز. الوعظ

من كلام للإمام الخامنئي يقول: “إن هناك فرقًا بين ما

 

 

136


111

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

تحدثون به الناس في جلسة عن المنبر، وما سوف تحدثهم به الإذاعة، حتى لو صدر هذا الكلام عنكم أنتم. ولقد قلت مرات عديدة إن هناك أثرًا للجلوس معًا ومشاهدة كلّ منّا الآخر والاستماع إلى نَفَسِه وصوته والإحساس بحضوره وحرارة وجوده، وهذا الأثر تخلو منه الرسالة القادمة من بعيد. فلنعرف نحن المعممين قيمة ذلك. لقد كررت هذا الموضوع مرات عديدة في لقاءاتي أهل العلم والوعاظ، وقلت إن هذه الميزة المتوافرة في لقاءات الناس، ونحن نتحدث معهم مباشرة وجهًا لوجه، لا عبر الأمواج الصوتية وحسب، بل إنهم يلمسون وجودنا، هي ميزة تخصنا نحن. وهذا أمر عظيم الفائدة وذو تأثير مضاعف”. (1989/8/2)

وقال سماحته: “تبليغ الدين بالنحو التقليدي، أي حضور عالم الدين في جموع الناس المختلفة والاستفادة من المنبر الديني والتبليغ، هو من أهمّ الوسائل والنعم التي منحكم الله إيّاها”. (1998/4/22)

وقال ذلك الحكيم المتألّه: “ينبغي أن تؤدّى الموعظة بالنحو التقليديّ والصحيح، التقليديّ الذي نتكلّم عنه لا يعني أن تكون الموعظة مشابهة للمواعظ القديمة في كلّ خصائصها؛ لا، ينبغي للمواضيع أن تتغّيّر. . . ؛ لكن ينبغي أن تكون موعظة؛ كذلك الشيء الذي جرّبناه وخبرناه منذ ألف عام أو بالحدّ الأدنى في القرون الثلاثة أو الأربعة الأخيرة”. (1995/1/25)

 

137


112

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

* ضوابط عمل الوعّاظ

في النظام الفكري للإمام الخامنئي ثمّة ضوابط وقواعد للوعّاظ نشير إليها فيما يلي:

1. الالتفات إلى حاجة الناس للأخلاق وعمق التفكير الثوري.

2. مراعاة الاعتدال في توضيح المسائل السياسيّة

3. مراعاة مقتضى الحال، وبيان المطالب المسندة[1].

4. نشر أجواء المحبّة والوحدة بين المسؤولين والناس

5. توعية الناس إزاء خطر العدوّ

6. بثّ الأمل في نفوس الناس، وجعلهم متفائلين بالمستقبل

7. جعل الناس آملين خيرًا في النظام الإسلامي

8. مزج المواضيع الدقيقة، المتقنة والخالصة بأنواع الشروح الفنّيّة

9. السعي لزيادة محبّة الناس لأهل البيت(عليهم السلام)، وتأجيج محبّتهم لأولياء الله

10. العمل على ازدياد إيمان الناس ومعرفتهم الدينيّة

الهجوم الثقافي

لتغلّب العدوّ على بلد ما، يهجم على ثقافة ذلك البلد. والهجوم الثقافي للعدوّ من جملة المسائل المهمّة جدًّا والمقلقة التي يجب الانتباه لها.

 


[1] ذات الأدلة والمبرهن عليها.

 

138


113

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

قال الإمام الخامنئي: “على القوى الثقافيّة في المجتمع. . . أن تعلم أنّ العدوّ اليوم قد صبّ جلّ جهده على الهجوم الثقافي”. (1990/5/2)

وقال: “الهجوم الثقافي هو أن يلجأ العدوّ -بعد عجزه عن بلوغ غاياته من خلال الوسائل العسكريّة والسياسيّة والاقتصاديّة، وبعد أن أخفق سماسرة أمريكا بجعل العالم يقطع علاقاته الاقتصاديّة بإيران الإسلاميّة، وبعد فشل مساعي أعدائنا لمنع بلدنا من التقدّم والإبداع- إلى الوسائل الثقافيّة، أي الإعلام، الفنّ، الكتاب، المقال، الرواية، الأفلام الأجنبيّة وإنتاج المواد الثقافيّة الأخرى بواسطة أشخاص يعيشون في إيران الإسلاميّة، لكنّ قلوبهم لا تخفق لإيران ولا للشعب الإيراني، ولا لعقائد هذا الشعب ومصالحه، بل يمكن لمصالح أميركا ولمنابع الفساد الملوّثة والعفنة في البلدان الغربيّة”(1994/9/12). وقال سماحته: “العمل الذي يقوم به العدوّ من الناحية الثقافيّة هو هجوم ثقافي، بل يجب القول إنّه مجزرة ثقافيّة، غارة ثقافيّة، إبادة ثقافيّة”(1992/7/13).
تريد جماعة ثقافيّة في العالم، من خلال اعتمادها على النفط، حقّ الفيتو، السلاح الميكروبي والكيميائي، القنبلة الذريّة والقوة السياسيّة، أن تفرض جميع اعتقاداتها ومبادئها ورؤاها التي تعجبها على الشعب الايراني.

وفي ميدان هذه الحرب الثقافيّة، اعتمد العدوّ ثلاثة طرق:

1. الفرض الثقافي

 

139


114

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

2. التهديم الثقافي

3. الاستسلام الثقافي

هذا الهجوم هو هجوم ثقافي يشنّه الغرب علينا. وأهداف العدوّ في هذا الميدان، هي توجيه ضربة إلى الخلفيّة الثقافيّة والاعتقاديّة والأسس الثقافيّة لإيران الإسلاميّة، تغيير السلوكيّات والصفات الثوريّة للشعب والمسؤولين، إفقاد الجمهوريّة الإسلاميّة تأثيرها، وصرف الشعب عن متابعة الطريق. وللعدوّ في هذا الهجوم وسائل متعدّدة؛ نشير هنا إلى بعضها:

1. تشويه صورة الإسلام المحمّدي الأصيل والفكر الشيعي، والهجوم على المباني النظريّة لجمهوريّة إيران الإسلاميّة

2. الترويج الثقافي للفساد والفحشاء بهدف إحلالهما مكان الثقافة والمعتقدات الوطنيّة، الإسلاميّة

3. صرف الشباب عن الالتزام الغيور بالإيمان والقيم وأسس الثورة الإسلاميّة

4. إلهاء الشباب بالأعمال غير المفيدة من قبيل الإدمان والتحلّل الأخلاقي

5. بثّ الشائعات وكيل التهم للنظام والمسؤولين بهدف إيجاد شرخ بين الشعب والنظام

6. تسميم البيئة الثقافيّة وتلويثها

7. إلقاء الشبهات ونشرها بهدف التشكيك بالحكومة الدينيّة وولاية الفقيه

 

140


115

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

8. التنظير للمباني الفكريّة المضادّة للدين والثورة

9. التقليل من قيمة حركة الأدب الثوري والفنّ والثقافة الثوريّين، وعزلها

10. الترويج للثقافة الغربيّة

11. إهانة المقدّسات الوطنيّة والدينيّة

12. التغيير [التبديل] الثقافي، وإيجاد اللامبالاة إزاء ثقافتنا ونشرها بين الناس والمسؤولين

وفي كلام له قال سماحته: “الأهمّ من معرفة العدوّ، معرفة العداوة وكيفيّة ممارسته للعداوة. فإذا ما عرف الإنسان من أيّ طريق ينفذ العدوّ، فإنّه سيتنبّه جيّدًا”. (2002/11/22)

وقال: “العدوّ اليوم يستفيد من كلّ الوسائل والأساليب. . . توجد اليوم مئات المواقع الأساسيّة، وآلاف المواقع الفرعيّة على شبكات الانترنت والتي هدفها الأساس الهجوم على الفكر الإسلامي وخاصة الفكر الشيعي. والهجوم ليس هجومًا استدلاليًّا؛ بل يستخدمون الأساليب الهدّامة والأساليب النفسيّة وغيرها”. (2001/2/15)

وقال ذلك الفقيه البصير:

“أحد الأمور التي يعمل العدوّ على الترويج لها في البلد بنحو جدّيّ مسألة الإباحيّة. الإباحيّة الاعتقاديّة والعمليّة، أي سلب الإنسان الالتزامات والتعهّدات والمرتكزات التي تبثّ فيه العزم والإرادة في حركته نحو الهدف المحدّد، وتركه حائرًا مشلولًا عن الحركة.

 

141


116

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

علينا أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجدّ. إحدى سياسات أعداء الإسلام سلب الناس إيمانهم بالله والثورة”(2001/8/2). ولمواجهة هذه المشاريع وبرامج الهجوم الثقافي للعدوّ يجب أن:

1. نعرف العدوّ وأساليب عداوته

2. نكون حسّاسين إزاء مواقف العدوّ ونبادر إلى مواجهتها

3. نقوّي الأسس الإسلاميّة ومباني الثورة الإسلاميّة في حياتنا

4. نقوّي أصولنا العقائديّة والاخلاقيّة

5. نزيد من بصيرتنا

6. ننمّي الروح الجهاديّة وثقافة حبّ الشهادة

7. نقوّي الأمل في أنفسنا وبين الناس وفي المجتمع

8. نبيّن الحقائق الدينيّة والثوريّة للشباب

9. نبقي الأجواء السياسيّة في البلاد هادئة

وفي خطاب له قال سماحة الإمام الخامنئي: “إقلاق الناس وتشويش أفكارهم من ناحية الأوضاع السياسيّة، إلهاؤهم بصغريات الأمور، تأجيج النزاعات بين الأحزاب والتيّارات، وتضخيم المسائل الصغرى، هذه جزء من البرامج. إنّهم يسعون إلى جعل جوّ البلاد مضطربًا. ومواجهة هذا المشروع بأنّ نحافظ على الأجواء العامّة والأجواء السياسيّة في البلاد هادئة”(2001/2/15). وقال سماحته: “أيّ شيء ترون العدوّ يُبدي حساسية تجاهه، فعليكم أن تكونوا حسّاسين تجاهه،

 

 

142


117

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

واعلموا أنّ العدو يريد أن ينفذ من هذه الجهة. حينما ترون العدو الخبيث يقوم بالدّعاية ضد الشعب والثورة وضدّ ثبات الشعب على الثورة، فاعلموا أنّ العدو خائفٌ من هذا الثبات ومن حضور الناس في ساحات الثورة، وإنّ حضوركم في ميادين الثورة ويقظتكم واستعدادكم سوف يجعلُ العدوّ يائسًا”. (1990/11/28)

الالتفات إلى استراتيجيّات مواجهة الهجوم الثقافي والسير على أساس خريطة الطريق هذه يمكنه تحقيق الأهداف الثقافيّة العالية، وإحباط آثار الهجوم والإبادة الثقافيّة العامّة.

ب. النظام العلمي في الإسلام

النظام العلمي في الإسلام هو إحدى ساحات النظام الاجتماعي في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي.
لفظة علمي بمعنى المعرفة، العلم والإدراك. والنظام العلمي هو مجموعة كبيرة، ذات أجزاء متعدّدة متشكّلة من عوامل وأقسام متنوّعة، وتدخل فيها المؤسسات المختلفة.

في النظام الفكري للإمام الخامنئي، تشكّل كلّ هذه المؤسّسات، بناءً واحدًا منسجمًا يعمل على تحقيق الأهداف المشتركة والمحدّدة. هذه الأهداف العظمى نفسها تابعة للأهداف الأساسيّة لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة. ويؤمن القائد المفدّى بأنّ الإسلام كانت له دومًا الحركة الأهمّ فيما يتعلّق بالعلم وكان المشجع الأكبر عليه. والحضارة الإسلاميّة

 

 

143

 


118

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

قد وُجدت بفضل الحركة العلميّة التي بدأت منذ اليوم الأوّل لظهور الإسلام. ويرى الإمام الخامنئي أنّه كلّما تقدّم العلم، فإنّ أسس الإيمان الديني ستصبح أقوى واشدّ. من كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “كلّما تقدّم العلم أكثر، جرى التعرّف إلى المجرّات أكثر فأكثر، وكلّما وقعت البحار والصحارى والذرّات تحت الدقّة العلمية أكثر وكلّما جرى التعرّف إلى القِوى المتمركزة في وجود الإنسان أكثر؛ فإنّ الإيمان بالإله الخالق والمُوجِد لهذه المنظومة العظيمة والمعقّدة سيحظى بأسس أشدّ استحكامًا”(2000/7/26). لهذا السبب تمامًا، كان الدين إلى جانب العلم والحاثّ عليه. وللروحيّة الإسلاميّة تأثير مباشر في تعلّم العلم. ولهذا، كانت هذه الروحيّة هي التي جعلت العالم الإسلامي يومًا يتربّع على قمّة العلم العالمي.

وقال قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “في القرنين الثالث والرابع بعد ظهور الإسلام، بدأت الحركة العلميّة بالتدريج في العالم الإسلامي. واستقرّ العالم الإسلامي على قمّة العلم. يومذاك، لم يكن في أوروبا وسائر مناطق العالم، في آسيا، وشرق آسيا، والصين وغيرها من المناطق المتاخمة للعالم الإسلامي، خبر عن العلم. وتربّع العالم الإسلامي على قمة العلم، وهذا بسبب تلك الروحيّة التي بثّها الإسلام في الناس”(2002/8/10).
وقال: “لقد ظهر الإسلام في أكثر بقاع العالم فقرًا وتخلّفًا؛ لكن لم تكد خمسون سنة تمضي على ظهوره حتّى صار أكثر من خمسين في المئة من العالم المتحضّر يومذاك تحت لواء

 

 

144


119

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الإسلام، ولم يكد قرنان يمضيان على عمر هذه الحضارة، حتّى أصبح العالم الإسلامي الكبير يومها في قمّة الحضارة البشريّة من حيث العلم وأنواع العلوم والتطوّر المدني والاقتصادي؛ ولم يكن هذا ليحدث إلّا بفضل تعاليم الإسلام”(2004/9/15).
وقال سماحته: “في رؤيتنا الكونيّة، العلم ينبع من الدين، وإنّ أفضل حاثّ ومشجّع على العلم هو الدين”(2005/12/17). واليوم أيضًا، علينا بتلك النظرة والتشديد على أمسنا [تاريخنا]، أن نرفع راية العلم ليرى العالم بوضوح البركات العلميّة والثقافيّة للجمهوريّة الإسلاميّة، وليُعدّ عهدنا وعصرنا عصر تألّق العلم وصحوته وصعوده.

وقال الإمام الخامنئي: “نحن المسلمين، لدينا الاستعداد العلمي. وهذا ما يدلّ عليه ماضينا. نحن نقول إنّه يجب أن تظهر حركة علميّة متفائلة آملة في العالم الإسلامي. يجب أن تظهر حركة علميّة داخل الدول الإسلاميّة”(1993/4/20).
ينبغي للحركة العلميّة أن ترسّم معالم العالم اللائق بالإنسان؛ العالم الذي ينطوي على العمران والرفاه والتقدّم العلمي والصناعي، وكذا الاقتدار السياسي والسموّ المعنوي.

وللوصول تمامًا إلى هذا الهدف، قال قائد الثورة المفدّى: “ادرسوا، فكّروا، اعملوا. ولتفكّروا في طرائق وسبل جديدة. فكّروا بفتح المجالات التي لم تُفتح إلى الآن، في العلم، المعرفة، التطوّر، الصناعة وفي كلّ شيء. أزيلوا فقر البلاد العلمي بجهودكم. وأزيلوا فقر الدراسات والأبحاث. واطووا كلّ هذه الطرق 

 

145


120

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

بالاعتماد على] بالقرآن”(2000/5/2). وآملًا بالمستقبل، رأى سماحته أنّ تقدّم إيران العلمي حتميّ فقال: “بفضل الله تعالى، سيصبح بلدنا خلال الأربعين عامًا أو الخمسين عامًا القادمة، واحدًا من البلدان المتطوّرة الممتازة من حيث العلم والتقانة. هذا واضح بالنسبة إلي، ولا شكّ فيه أبدًا”. (2003/10/22)

وقال سماحته: إنّ مستقبل الشعب الإيراني سيكون أفضل بدرجات من ماضيه”. (2007/6/4)

إنّ الشعب الايراني اليوم، سواء في مجال التطوّر العلمي وفي أنواع الإدارة الاجتماعيّة والسياسيّة، أم من ناحية تحقيق العزّة بين دول العالم، يُعرف اليوم كالنموذج للشعوب المسلمة، وهو قادر من خلال ثورة علميّة على ترسيم معالم العالم اللائق بالإنسان. هذا النموذج المطلوب قد تشكّل من تركيبة العلم والإيمان والإرادة والإيمان تحديدًا والأمل والحركة الجهاديّة، وسيكون قادرًا بهذا المنهج أن يتقدّم بالبلدان الإسلاميّة نحو ميادين التطوّر العلمي، ويوجد خطرًا كبيرًا يتهدّد مستكبري العالم. استمرارًا لهذه الحركة الكبرى، تحتاج إيران الإسلاميّة إلى حركة إنتاج للعلم، كي تستطيع تسريع الحركة نحو قمم العلم، وتقتحم حدوده وتتقدّم.

العوامل المؤثّرة في إنتاج العلم هذا، هي الجامعات، الحوزات العلميّة ومؤسّسة التربية والتعليم. على هؤلاء أن يوجدوا حركة عظيمة في مجال إنتاج العلم، وأن ينتجوا العلم مضافًا إلى تحصيله والتبحّر فيه.

 

 

146

 


121

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال سماحته: “المقصود بإنتاج العلم، الوصول إلى المكان الذي تبتدئ منه الإبداعات العمليّة في عالم الوجود البشري”. (2003/10/30)

إنتاج العلم يعني أن نكتشف الاستعدادات اللامتناهية الموجودة في عالم المادّة واحدةً واحدة، ونضعها أمام الناس الآخرين ليستفيدوا منها؛ أي أن نكون أساتذة عوضًا عن أن نكون متعلّمين، لنزرع بأنفسنا، ونسقي، ونجني المحاصيل، وليستهلك الآخرون محاصيلنا.

ج: نظام الإدارة الإسلاميّة

من أهمّ الأنظمة الاجتماعيّة في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي، نظام الإدارة الإسلاميّة.

الإدارة عمليّة استخدام مؤثّر ومجدٍ للمصادر الماديّة والإنسانيّة على أساس نظام قيم مقبول، وتحصل عن طريق التخطيط، اتّخاذ القرار، التنظيم، تعبئة المصادر والإمكانيّات، وكذلك توجيه العمليّات والتحكّم بها من أجل الوصول إلى الأهداف المحدّدة.

الدور الأهمّ الذي يؤدّيه الإسلام في النظريّات وكذا في المناهج العلميّة للإدارة، هو من خلال تأثير القيم الإسلاميّة على الادارة. للإسلام نظام قيميّ عميق وواسع ومنسجم، يؤثّر في إدارة المديرين المسلمين، وفي مناهجهم العلميّة ويوجّه حركتهم. هذا هو الدور الأهمّ الذي يؤديه الإسلام في الإدارة، وهذا هو معنى

 

 

147

 


122

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الإدارة الإسلاميّة.

من كلام للإمام الخامنئي: “لينظر شعبنا وشبابنا وعلماؤنا وطلبتنا الجامعيّون وصنّاع مستقبلنا إلى عجز أساليب الإدارة في البلدان الغربيّة؛ ولينظروا أيضًا إلى عجزهم في إدارة الجزء الأهم منها -أي الاقتصاد-؛ ولكلام الثقافة مكانه، وللكلام عن الآداب الإنسانيّة مكانه؛ لقد خرجت الحضارة الغربيّة في كلّ واحدة من هذه الشؤون منكّسة الرأس؛ فليجعل شعبنا ومسؤولونا، وشبابنا خصوصًا، هذا الشيء محور بحثهم وفكرهم، وليتأمّلوا ويتدبّروا، على هذا الأساس، في الوصفات الذاتية[1]والمحلّية لإدارة البلد والأساليب المتنوّعة لإدارة هذا الشعب الكبير. وهذا يستدعي أن تنظروا في الإسلام بدقّة أكبر”. (2009/5/16)

كان أنبياء الله مأمورين بأن يوصلوا للناس، عن طريق الوحي، القواعد والقيم الحاكمة على التدبير، التخطيط وإدارة أمور المجتمع، وأن يذيقوا أممهم طعم الإدارة الإسلاميّة عبر تشكيل النظام الديني.

يرى الإمام الخامنئي، بناءً على أسس الإدارة الإسلاميّة، بأنّ إصلاح البشر وهدايتهم وتربيتهم من التكاليف الإلهيّة لمسؤولي المجتمع الديني، ويذكر هذه الصفات والخصائص للمسؤولين والمديرين:

 

 


[1] المقصود بـ”الوصفة” هنا: الطريقة أو المنهجية المعتمدة في إدارة البلاد وتنظيم شؤونه المختلفة؛ الرؤية التي تستند إلى معايير وشروط وقواعد منبثقة من رؤية الإسلام وابتكار أبناء الشعب. -المحرّر-

 

 

148


123

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

1. محوريّة الله

2. محوريّة الإسلام

3. محوريّة الشعب

4. محوريّة العدالة

5. محوريّة القانون

6. خدمة الشعب

7. بساطة العيش

8. الشجاعة

9. الإيثار

10. الأمانة

11. تقبّل الانتقاد

12. عدم المهادنة

13. معرفة العدوّ

14. محاربة العدوّ

15. محاربة الفساد

16. الأمل بالمستقبل

وقال سماحته للمسؤولين الرسميّين: “أولوا ما استطعتم الصلاة الأهمّيّة وكذلك التوجّه والذكر في الصلاة والنوافل. . . المسؤوليّة الكبيرة تحتاج إلى الاستعداد الروحي؛ وهذا الاستعداد الروحي لا يتيسّر كيفما كان. . . تصفية القلب تتأتّى عن طريق

 

 

149


124

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الصلاة والتوسّل والتوجّه والذكر فقط. . . قلب الإنسان يصفو عن طريق البكاء في منتصف الليل، عن طريق قراءة القرآن بتدبّر ودقّة، عن طريق قراءة أدعية الصحيفة السجّاديّة”. (2005/8/30)

وفي كلام له يقول للمسؤولين: “أخرجوا أنفسكم من الأعمال والانشغالات المختلفة وأْنسوا بالله وأولياء الله وإمام العصر|؛ وأْنسوا بالقرآن وتدبّروا فيه”(1991/10/15). وقال: “لو كان النظام الإداري في المجتمع صالحًا ونزيهًا لأمكن التغاضي عن أخطاء عامة الناس، ولن تعترض أي مشكلة مسيرة المجتمع، أما إذا خلت إدارة المجتمع ورأسه وقيادته من الصلاح والنزاهة والعدل والتقوى والورع والاستقامة، فحتى لو ساد الصلاح أوساط الأمة فإنه لن يقوى على أن يرسو بالمجتمع عند شاطئ النجاة، أي إنّ التأثير الذي تتمتع به القمة ورأس الهرم والمنظومة الإدارية والنظام المدبر للمجتمع استثنائي إلى هذه الدرجة”(11/7/1990). وقال سماحته: “قوّوا علاقتكم بالمعنويّات وبالله تعالى يومًا فيومًا. وحذارِ أن تمنعكم انشغالات العمل عن الذكر والتوجّه والاهتمام بالأمور المعنويّة”. (26/8/1989)

الإدارة الجهاديّة

في النظام الفكري للإمام الخامنئي، إضافةً إلى الإدارة الإسلاميّة، يجب الكلام أيضًا عن الإدارة الجهاديّة.

 

 

150


125

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وللإدارة الجهاديّة معنى أخصّ من الإدارة الإسلاميّة. إنّ السعي الحثيث للتوظيف المؤثّر والفاعل لأنشطة الأفراد والإشراف عليها، القائم على النضال في جميع الميادين، العلميّة، الثقافيّة، السياسيّة، الاقتصاديّة، و. . بنيّة إلهيّة، من أجل تحقيق الأهداف العالية للمجتمع ورفع الموانع الموجودة، يُسمّى الإدارة الجهاديّة.

من كلام لقائد الثورة الإسلاميّة المفدّى يقول فيه:

“إنّ إحدى خطط العدو المهمّة إيقاف الحركة العلميّة في البلاد. عندما نعرف ذلك، نعود إلى الجامعة ويتّضح هناك معنى ما طرحناه من الإدارة الجهاديّة، لأنّ الجهاد هو ذلك السعي والجهد الذي يبذل في مواجهة عدو ما، فليس كلّ سعي جهادًا. الجهاد هو ذلك الجهد الذي يكون في مواجهة تحدّ معاد من جانب الخصم المقابل، هذا هو الجهاد. عندها يتّضح معنى الإدارة الجهاديّة هنا، لتعلموا أنّ الحركة العلميّة للبلاد ونهضتها العلميّة، وتقدّمها العلمي هي في مواجهة تحدّ عدائي، ومن يجب أن يقف في مواجهة هذا التحدّي العدائي هو أنتم: المديرون والأساتذة والطلّاب. هكذا تصبح حركة جهاديّة، وإدارة أي جهاز، سواء كانت إدارة جامعة، أو إدارة وزارة، أو إدارة أي قسم أو فرع من الأقسام المختلفة لهذه الساحة العظيمة، ستكون إدارة جهاديّة”(2/7/2014).


ولقد ذكر سماحته هذه العلامات المهمّة للإدارة الجهاديّة والتي تتمثّل بـ:

 

 

151

 

 


126

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

1. الإيمان بالله

2. التوكّل على الله

3. العمل من أجل الله

4. احترام الذات والإيمان بها

5. الاعتماد على العون الإلهي

6. الإحساس بالمسؤوليّة

7. الغيرة الدينيّة والثوريّة

8. سرعة العمل

9. الشوق للخدمة

10. علوّ الهمّة

11. عدم التعب والكلل

12. محوريّة الوحدة

13. المهارة والخبرة

14. إعمال الإدارة عن علم

15. الاستفادة من الإمكانيات والمواهب من أجل تطوير المجتمع وارتقائه

وفي خطاب له قال: “إذا ما استطعنا الاستفادة من جميع الإمكانيّات في البلاد من خلال التخطيط الصحيح، فسيكون تقدّم البلد وتطوّره أكثر بكثير ممّا هو عليه اليوم. والإمكانيّات الموجودة هي:

 

 

152


127

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أ. الخريجون الشباب

ب. أعداد السكّان الكثيرة

ج. اتّساع مساحة البلاد

د. محاذاة المياه الدوليّة الحرّة

هـ. الجيران المتعدّدون

و. موقعيّة البلاد في منطقة جغرافيّة حسّاسة

ز. الثروات الطبيعيّة المهمّة، احتياطيّ النفط والغاز، الفلز والمعادن الوفيرة والثمينة، المراتع؛ الغابات؛ والإمكانيّات الكثيرة الأخرى.

16. المعرفة بالعدوّ

17. معرفة مشاريع العدوّ ومؤامراته

18. محاربة الاستكبار

19. الالتزام بالقيم الإسلاميّة الأصيلة

20. الاعتقاد بأصول النظام الإسلامي

21. الصلابة والقاطعيّة(21/3/2018)

وقال ذلك الحكيم المتألّه والعالم الكبير وقائد الثورة الإسلاميّة العظيم: “العامل الأساس في الإدارة الجهاديّة هو الإيمان والثقة بالنفس والاعتماد على العون الإلهي”. (30/4/2014)

 

 

153


128

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

د. نظام السياسة الإسلاميّة

أحد الأنظمة الاجتماعيّة في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي نظام السياسة الإسلاميّة الذي يؤثّر في جميع النظم الاجتماعيّة. السياسة، تعني طريقة إدارة المجتمع أو تنظيم المجتمع بالنحو الذي يحقّق مصالح المجتمع ومتطلّباته. النظام السياسي هو مجموعة ملموسة وعينيّة [واقعية] من المؤسّسات والمحرّكات التي تجعل إجراء عمل السلطة الصعب ممكنًا. وقد عرّفوا النظام السياسي بأنّه أعمّ من الدولة، والدولة أعمّ من النَّظم السياسي والحكومة والحكم. لذا، النظام السياسي يعود إلى أصل السياسة ونظام السياسة المتشكّل من عناصر وأجزاء متعدّدة، ويشمل العلاقة بين الدين والأخلاق والسياسة، الفرد والمجتمع، والعلاقات بين الشعوب والدول.

ويرى الإمام الخامنئي أنّ النظام السياسي كلّ قائم على أساس الفكر الإسلامي. ويرى فرقًا بين الدولة بمعنى البلد والحكومة بمعنى مجموعة الهيئة الحاكمة وبين النظام السياسي. فيقول: “كذلك إن ثمة مسؤولية تقع على عاتق القيادة، وهي الحفاظ على النظام والثورة. وأما إدارة شؤون البلاد فتقع على كاهلكم أنتم أيها السادة المسؤولون؛ فكل منكم يدير البلاد من موقعه، والواجب الأساس للقيادة هو مراقبة كل هذه المواقع حتى تظل متناغمة مع النظام والإسلام والثورة. فإذا حدث نشاز جاء دور القائد”. (9/7/2000)

 

 

154


129

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

من مفهوم النظام الإسلامي يتبيّن أنّ الحكومة أحد عناصر النظام الإسلامي [جزء منه]. الحكومة [الدولة] جزء من الحكومة الإسلاميّة؛ الحكومة التي تضع [تولي وتنصّب] في زمن حضور المعصوم (عليه السلام) وبقيادته، أفرادًا آخرين غير معصومين، في سلسلة مراتب السلطة وتشرف على أعمالهم وتصرّفاتهم. في عصر الغيبة الكبرى أيضًا، يتولّى قيادةَ المجتمع أفرادٌ منزَلون منزلة المعصومين(عليهم السلام) وبصلاحيّات المعصومين نفسها.

في هذا النوع من الحكومة [حكومة المعصوم]، تكون كلّ القوانين والمقرّرات الاجرائيّة مستقاة من الأحكام الإسلاميّة والإلهيّة، ويكون قادة الحكومة منصوبين مباشرة من الله. في عصر الغيبة أيضًا، يوكل أمر الحكومة، وبإذن المعصوم (عليه السلام) الخاصّ أو العامّ، إلى أشخاص هم أكثر شبهًا بالإمام المعصوم (عليه السلام)، وتكون لديهم القدرة أيضًا على إدارة شؤون المجتمع. في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الحكومة الإسلاميّة ليست بمعنى حكومة المسلمين؛ [بل] بمعنى حكومة الإسلام. . . الشيء الذي يصون المجتمع الإسلامي هو الحكومة الإسلاميّة؛ أي حاكميّة الإسلام”. (24/1/2000)

وقال سماحته: “أساس النظام الإسلامي إطاعة الله”. (25/2/2010)

وقال: “المجتمع الإسلامي هو ذلك المجتمع، وتلك الحضارة التي يحكمها الله. قوانين ذلك المجتمع قوانين إلهيّة. والحدود الالهيّة جارية في ذلك المجتمع. والعزل والنصب فيه من الله”.

 

 

155

 


130

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

يقول الإمام الخامنئي في رسالته العمليّة: “إنّنا لا نرى اختلافًا بين الالتزام بولاية الفقيه والالتزام بالإسلام وولاية الأئمة المعصومين(عليهم السلام)”.

(11/10/74 19)

بهذه النظرة، يؤمن سماحته بأنّ سائر السبل الأساسيّة للنظام تنتهي بمركز الولاية أو الموقعيّة المتألّقة للنظام الإسلامي.

السيادة الشعبيّة الدينيّة

من كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “العمل الأساسي الأهم الذي قامت به الثورة هو استبدال نظام السيادة الشعبية بنظام سيادة الطاغوت؛ وذلك انطلاقًا من التعاليم الإسلامية. . . إنه النظام الإلهي في مقابل النظام الطاغوتي، والجمهورية الإسلامية والثورة الإسلامية فسّرت النظام الإلهي بأنه خط السيادة الشعبية الدينية. هذا هو ما تعنيه الجمهورية الإسلامية؛ لقد بدّلت النظام الطاغوتي إلى نظام السيادة الشعبية. هذا هو أهم عمل قامت به الثورة: السيادة الشعبية تعني أنَّ الشعب هو الأصل؛ الأصل هو الشعب، ليس في تعيين الحاكم وحسب. . . الأمر المهم هو أنَّ السيادة الشعبية تعني جعل الشعب صاحب الرأي والتدبير واتخاذ القرار في كل شؤون الحياة”. (18/2/2018)

يقدّم الإمام الخامنئي بحث السيادة الشعبيّة الدينيّة في إطار النظام السياسي للإسلام، ويرى أنّ السيادة الشعبيّة الدينيّة ليس مفهومًا مركّبًا من جزأين، السيادة الشعبيّة والدينيّة؛ بل هو حقيقة واحدة من صلب الدين، ولا يمكن تعريفها إلّا في إطار

 

156


131

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

المسائل الدينيّة. قال سماحته: “السيادة الشعبيّة الدينيّة ليست بمعنى التركيب بين الدين والسيادة الشعبيّة؛ بل هي حقيقة واحدة قائمة في جوهر النظام الإسلامي؛ ذلك أنّه لو أراد نظام ما أن يعمل على أساس الدين، فلا يمكن ذلك من دون الشعب، كما أنّ تحقّق السيادة الشعبيّة الحقيقيّة أيضًا، غير ممكنة من دون الدين”. (2001/8/13)

وقال: “النزعة الشعبيّة في النظام الإسلامي لها جذور إسلاميّة. عندما نقول إنّ النظام الإسلامي غير ممكن إذا ما جرى التغاضي فيه عن الشعب، فإنّ أساس وركن حقّ الشعب في هذا الانتخاب هو الإسلام نفسه. لذا، فلسيادتنا الشعبيّة والتي هي سيادة شعبيّة دينيّة، فلسفة وأساس. لماذا ينبغي للناس أن يدلوا بآرائهم؟ لِمَ يجب أن يكون هناك اعتبار لرأي الشعب؟ هذا ليس قائمًا على الأحاسيس الجوفاء والخاوية والقائمة على الاعتبارات؛ لكنه قائم ومستند إلى أساس إسلامي متين جدًّا”(2004/6/3). وفي كلام له قال قائد الثورة المفدّى: “في النظام الإسلامي ـ أي السيادة الشعبيّة الدينيّة ـ الشعب ينتخب، يتّخذ القرارات، ويكون مصير إدارة البلاد في يده عبر منتخبيه؛ لكنّ إرادة الشعب ومشيئته هذه تكون في ظلّ الهداية الإلهيّة، فلا تخرج أبدًا عن جادّة الصلاح والفلاح، ولن تتنكّب عن الصراط المستقيم. هذه هي المسألة الأساس في السيادة الشعبيّة الدينيّة”(2001/8/2). والسيادة الشعبيّة الدينيّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي تقوم على أسس نشير إليها:

 

 

157

 


132

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

1. محوريّة الدين

2. محوريّة الفضيلة

3. رضا الشعب

4. محوريّة الهداية

5. محوريّة الحقّ

6. محوريّة القانون

7. الإيمان الديني

8. انتخاب الشعب

9. النزعة القيميّة والنزوع نحو المثل العليا

10. محوريّة التكليف

11. سيادة اللائقين

12. محوريّة العدالة

العدالة

من المفاهيم المفتاحيّة في فلسفة السياسة مفهوم العدالة. الاستناد إلى العدالة هو من أهمّ الأسس وأكثرها محوريّة لحركة إلهيّة ما. ولطالما كانت ولا تزال العدالة هي الشعار الأساسي والهدف العظيم للثورة الإسلاميّة ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة. العدالة هي النزوع إلى الحقّ؛ والتوجّه إلى حقوق عموم أفراد الشعب؛ والحؤول دون إعطاء الامتيازات الخاصّة؛ الحؤول دون التعدّي على حقوق المظلومين.

 

 

158


133

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

من وجهة نظر الإمام الخامنئي، أصل العدالة من أهمّ الأصول التي لها حضور في أقسام وأطياف المجتمع الإسلامي كافّة وهي جزء من ذات الإسلام.

العدالة، بصفتها قيمة أو منهجًا، هي أصل عقلائي لتعايش البشر وعيشهم الكريم.

في كلام له يقول قائد الثورة الإسلاميّة: “العدل سنّة الخلق، وكلّ نظام اجتماعي يسعى وراء هذه السنّة الطبيعيّة والقانون الالهي للخلق، يُكتب له الدوام والاستمراريّة؛ والموفّقيّة والنجاح”. (2001/6/28)

أنواع العدالة

للعدالة في النظام الفكري للإمام الخامنئي أنواع متعدّدة، نشير هنا إلى بعضها:

1. العدالة التكوينيّة

2. العدالة التشريعيّة

3. العدالة المنشودة والمطلوبة

4. العدالة الوسائليّة الأداتيّة

5. العدالة الدينيّة

6. العدالة الحقوقيّة

7. العدالة الفرديّة

8. العدالة الاجتماعيّة

 

 

159

 


134

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

9. العدالة السياسيّة

10. العدالة الاقتصاديّة

11. العدالة الخدماتيّة

12. عدالة التحرير والإنقاذ

13. العدالة الثقافيّة

14. العدالة الماليّة

15. العدالة الأخلاقيّة

16. العدالة الدوليّة

17. العدالة القضائيّة

موانع العدالة

في المجتمع الإنساني، تواجه العدالة كما كلّ ظاهرة اجتماعيّة أخرى بأضرار وآفات، ولهذا يترافق إجراء العدالة دومًا بموانع نشير فيما يلي إلى بعضها:

1. خطر نفوذ حاكميّة رأس المال

2. صيرورة المجتمع خاويًا بسبب الركون إلى الدنيا

3. ظهور طبقة جديدة من المرفّهين

4. ترف المسؤولين ونزوعهم نحو الأمور الكماليّة

5. صيرورة عدم عدالة المسؤولين أمرًا عاديًّا

6. الندم [الانكفاء] والتراجع عن إجراء العدالة لصعوبتها

 

 

160


135

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

7. الفهم الخاطئ لأهداف الحكومة الإسلاميّة

8. إيداع العدالة طيّ النسيان

9. التعاطي الجاهل مع مسألة العدالة

10. المنفعة الشخصيّة والحزبيّة

11. فقدان المعنويّة

12. غفلة الرؤساء والمسؤولين الإجرائيّين

إذا لم تُطبّق العدالة في المجتمع أو كانت ناقصة، فإنّ ذلك سيتسبّب للناس بالمشاكل وسيخلّف آثارًا هدّامة في المجتمع. نشير هنا إلى بعض آثار عدم تطبيق العدالة:

1. توجيه ضربة للإسلام

2. توجيه ضربة للنظام الإسلامي

3. التأثير السلبي على قيم المجتمع

4. الابتعاد عن الرحمة الإلهيّة

5. الابتلاء بالعذاب الإلهي

6. انتشار الفساد

7. سخط الناس

8. إيجاد نطاق آمن للمسؤولين

9. تلف مصادر الثروة

10. انتشار الفقر والحرمان

يقول الإمام الخامنئي: “إن قِوام المجتمع الإسلامي هو

 

 

161


136

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

بالقسط والعدل، ولا يمكنه أن يصبح الأمة الشاهدة، والمبشرة، والهادية، والقدوة، والنموذج إلا بإقامة العدل. لو أن مجتمعًا حقق كل أشكال الرفاه الظاهري، والمادي والدنيوي، لكن لم تتوفر فيه العدالة، فكأنه لم يحقق شيئًا”. (1992/6/20)

هـ: النظام الاقتصادي الإسلامي

النظام الاقتصادي الإسلامي هو من أهمّ أقسام النظام الاجتماعي في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي. الاقتصاد هو دراسة طبيعة الثروة عن طريق قوانين الإنتاج والتوزيع والاستهلاك. النظام الاقتصادي أيضًا مجموعة معقّدة ومنظّمة من الأجزاء المترابطة، التي تنظّم سلوك الإنسان من أجل الإنتاج وتوزيع البضاعة والخدمات، بالاستفادة من الثروات النادرة بهدف الاستهلاك. من وجهة نظر الامام الخامنئي، النظام الاقتصادي في الإسلام يشمل أمورًا ترتبط بمعيشة الناس وتأمين الحاجات الماديّة والرفاهية وطريقة إدارة الأمور المرتبطة بها، ويبيّن أنّ للإسلام نظامًا اقتصاديًّا واضحًا.

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “في زمن الرسول، شُكّلت الحكومة الإسلاميّة والمجتمع الإسلامي، وطُبّق الاقتصاد الإسلامي”. (1995/6/9)

ويرى سماحته أنّ: “التصدّي لأمور الناس الاقتصاديّة في الإسلام، هو من أوجب واجبات الحكومة الإسلاميّة”.

وقال: “إذا أرادت القطاعات الاقتصاديّة للناس أن يصبحوا

 

 

162

 

 


137

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

متديّنين، فعليهم تأمين معاشهم”. (27/8/2001)

ويرى الإمام الخامنئي بأنّ للاقتصاد الإسلامي ركنين أساسيّين: الأوّل، زيادة الثروة الوطنية؛ والثاني، التوزيع العادل للثروة ورفع الحرمان.

وطرحه للاقتصاد المقاوم إنّما كان يسعى إلى تحقيق هذا الهدف. في الاقتصاد المقاوم علينا أن نسعى وراء الاقتصاد النموذجي، الذي يكون إسلاميًّا، ويوصلنا أيضًا إلى المكانة الأولى اقتصاديًّا في المنطقة؛ الاقتصاد الذي يكون ملهمًا للعالم الإسلامي ومؤثّرًا فيه، ويهيّىء الأرضيّة لتشكيل الحضارة الإسلاميّة الكبرى.
الاقتصاد المقاوم، يعني جعل أركان الاقتصاد ثابتة متينة. الاقتصاد المقاوم يعني ذلك الاقتصاد الراسخ، الذي لا يتأثّر وينقلب بالتحريكات والهزّات العالميّة، ولا بسياسات أميركا وغيرها؛ الاقتصاد المعتمد على الشعب.

يقول الإمام الخامنئي: “نحن عندما نطرح الاقتصاد المقاوم، فإنّ لهذا الاقتصاد شروطًا وأركانًا، وأحدها الاعتماد على الناس. . فاعملوا على أن يصبح هذا القطاع الخاص والشعبيّ فعّالًا. . فاستفيدوا من أفكار أصحاب الرأي وآرائهم وأساليبهم، واستفيدوا من الرساميل. يجب أن يُفتح المجال أمام الناس في الواقع”. (23/8/2012م)

 

 

163


138

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أحد الأركان المهمّة للنظام الاقتصادي الإسلامي، الاستهلاك الصحيح وغير المسرف. في ذيل النظام الاقتصادي الإسلامي، يرى الإمام الخامنئي أنّ الاستهلاك الصحيح معادل للقناعة، والاستهلاك الخاطئ معادل للإسراف.

وفي كلام لسماحته يقول فيه: “يجب إعمال مسألة ترشيد الاستهلاك في الخطوط الأساسيّة لتخطيطنا على المستويات المختلفة؛ ويجب عدّ ذلك سياسة [والعمل بها].

وعلى شعبنا العزيز أن يعلم أنّ ترشيد الاستهلاك لا يعني عدم الاستهلاك والصرف، بل ترشيد الاستهلاك يعني الاستهلاك الصحيح، الاستهلاك المناسب، عدم هدر المال، وجعل الاستهلاك مجديًا ومفيدًا. الإسراف في المال والاقتصاد يعني أن يصرف الإنسان المال من دون أن يكون لهذا الصرف أثر وجدوى. الاستهلاك غير النافع والعبثي هو في الحقيقة هدر للمال”. (21/3/2009)

وقال: “الإسراف في الماء، الإسراف في الخبز، في المواد الغذائيّة، في وسائل الحياة، التبذير، الإكثار من الشراء، كثرة الاستهلاك، رمي أشياء يمكن الاستفادة منها، هذا كلّه تضييع لنعمة الله”. (21/3/1997)

وقال: “ينبغي أن يكون الاستهلاك بالمقدار اللازم، لا أن يكون بحدّ الإسراف والتبذير”(21/3/1992). وقال: “نزوع المجتمع نحو الاستهلاك هو بلاء كبير. الاستهلاك يقضي على المجتمع. والمجتمع الذي يستهلك أكثر ممّا ينتج سينهزم في

 

 

165

 

 


139

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الميادين المختلفة. علينا أن نعتاد تنظيم استهلاكنا والتقليل منه وأن نتخلّى عن الكماليّات”. (2002/12/6)

وقال سماحته: “علينا أن نصلح نموذج الاستهلاك”. (21/3/2011)

وقال: “ما لم نصلح نموذج الاستهلاك، ما لم نعرف كيف ينبغي لنا أن نصرف الماء، كيف ينبغي لنا أن نصرف الكهرباء، كيف ينبغي لنا أن نصرف الخبز، كيف ينبغي لنا أن نصرف المال، ما لم نصرف هذه الأمور بالنحو الصحيح، وما لم نعرف أساليب الصرف، فسوف تبقى مشاكلنا على حالها”. (21/3/2010)

توصيات وملاحظات

“أدلى الإمام الخامنئي بتوصيات لحلّ المشاكل الاقتصاديّة في البلاد، نشير هنا إلى بعضها:

1. الدعم الجدّي للإنتاج الوطني

2. خلق فرص العمل

3. إنشاء الصناعات القرويّة

4. منع استيراد البضائع التي لها مثيل وطني

5. مواجهة التهريب

6. إشراك القطاع الخاص في تحمّل المسؤوليات الاقتصادية

7. الاستثمار

8. إعداد خريطة طريق لاقتصاد البلد”. (2017/6/12)

 

 

166


140

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

عدّد قائد الثورة الحكيم والمتألّه نتائج ازدهار الإنتاج الوطني وفوائده:

1. توفير العمل للأفراد

2. تنمية الاستعدادات [الطاقات/ القدرات]

3. عدم صرف العملة الأجنبيّة على البضاعة الاستهلاكيّة

4. تشغيل المدّخرات المجمّدة

5. الطفرة في الصادرات

6. إضعاف تجربة التفاخر والانبهار بالماركات الأجنبيّة

7. التقليل من التنافر الاجتماعي

8. إيجاد النشاط الوطني

9. الاستفادة من الثروة المعدنيّة في البلاد”. (21/3/2017)

يقول سماحته: “وبأي طريقة يمكن تأمين العزة الوطنية، والأمن القومي، والاقتدار الوطني، والتقدم الشامل؟ لا يمكن التوصّل إلى هذه الأهداف ما لم يتمتّع البلد باقتصادٍ قويٍّ. نحن بحاجة إلى اقتصاد قوي وإنتاج قوي يسير في ظل إدارة قوية. نحن نحتاج إلى اقتصاد مقتدر، يبعث الثقة، ويعتمد على النفس، فلا نضطر إلى مدّ أيدينا إلى الآخرين، ونملك القدرة على الاختيار، والحركة، والمبادرة، والتأثير في سعر النفط، وتقوية العملة الوطنية، ورفع مستوى القدرة الشرائية لدى الناس. من دون اقتصاد قوي كهذا، لن نصل إلى عزة مستدامة ولا إلى أمن مستمر، ولذا لا بد من العمل على تحقيق هذه الأهداف، هذه هي أهمية الاقتصاد”. (21/3/2017)

 

167


141

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

و: نظام الحقوق الإسلامي

أحد الأنظمة الاجتماعيّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي هو نظام الحقوق الإسلامي. كلمة حقوق جمع حقّ، وفي المصطلح الحقوقي، هي مجموعة القوانين، القواعد والرسوم اللازمة الإجراء التي وُضعت أو عُرفت بهدف إيجاد النظم وتثبيت العدالة في المجتمعات الإنسانيّة، وتضمن الحكومة إجراءها وتطبيقها.
والنظام الحقوقي هو أيضًا مجموعة الأحكام والقواعد الحقوقيّة المختلفة والآداب التي وُضعت على هيئة منظومة متّسقة ومنسجمة، بناءً على أسس خاصّة ومن أجل بلوغ أهداف خاصّة، وذات ضمانة إجرائيّة حقوقيّة أو عقابيّة.

يرى الإمام الخامنئي أنّ أساس القواعد الحقوقيّة هو إرادة الله الحكيمة، ويؤمن بأنّ الله تعالى وحده القادر على وضع القانون للبشر. ففي كلام له يقول فيه: “كما أنّ الحاكميّة المطلقة للقوانين التكوينيّة هي بيد الله تعالى، كذلك ينبغي أن تكون الحاكميّة التشريعيّة والقانونيّة أيضًا بيد الله”(9/11/1984).
وقال: “بالتأكيد، يمكن لله تعالى أن يحدّد لهذه الولاية مسارًا ونهجًا ميسّرًا [ممكن الاتّباع]، وفي هذه الصورة، يمكن لهذا المسار أن يكون هو المسار الإلهي نفسه ويكون محطّ رضا وقبول، وقابلًا للاتّباع، لأنّ الله حدّده”. (2009/6/24)

وقال قائد الثورة المفدّى: “معنى التوحيد هو أن تكون حاكميّة الله تعالى قائمة في المجتمع. حاكميّة الله تتمثّل بأن تكون أوّلًا، القوانين الإلهيّة جارية في المجتمع؛ أن يُنفّذ ذلك الشيء الذي هو

 

168


142

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

القانون الإلهي في المجتمع. . . وتكون القوانين متطابقة مع كتاب الله”(29/4/1986). ويرى الإمام الخامنئي بأنّ أيّ مجتمع لا يمكنه الاستمرار من دون القواعد والقوانين. يقول سماحته: “لربّما تحصّلت هذه النتيجة منذ المراحل الأولى لحياة البشر، وهي أنّه يجب العيش في ظلّ القانون”. (9/11/1984)

وقال سماحته: “علينا العمل بالقانون سواءً كان ذلك لمنفعتنا أو ضرّنا. قد لا تكون الكثير من القوانين محطّ رضا وقبول من جهتي وجهتكم؛ لكن علينا العمل أيضًا بالشيء الذي لا نقبله، ولهذا منطقه”(2004/1/12). وقد قال الإمام الخامنئي: “القانون في الإسلام، ينظر إلى جميع الجوانب السلبيّة والإيجابيّة في الحياة الفرديّة والاجتماعيّة؛ ويبيّن حدود الحياة الفرديّة مع الآخرين”. (23/1/1987)

هذا القانون، يجد مشروعيّته في النظام الديني من خلال إمضاء الوليّ الفقيه. والوليّ الفقيه أيضًا يأخذ شرعيّته من الله.

يقول قائد الثورة المعظّم: “الشخص الذي له الحقّ في أن يضع القانون الأساسي للمجتمع هو الوليّ الفقيه. فهو ذلك الإمام الإسلامي والجهاز الذي له الحاكميّة الإلهيّة عن طريق وراثة النبيّ والأئمّة المعصومين. ولأنّه هو الذي أمر مجلس الخبراء بالاجتماع وتدوين القانون الأساسي، ولأنّه قد وافق على القانون الأساسي، أصبح هذا القانون الأساسي قانونًا. حتّى أصل نظام الجمهوريّة الإسلاميّة، يأخذ مشروعيّته كحكم من قبل الوليّ الفقيه. . . ولاية الوليّ الفقيه وحاكميّته. . . هي

 

169


143

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

ولاية الله وحاكميّته الدينيّة. . . والوليّ الفقيه نفسه كشخص، مكلّف بالطاعة والتبعيّة لحكم الوليّ الفقيه، هذه الأحكام واجبة الطاعة على الجميع. . . حتمًا، إذا ما أعطى الوليّ الفقيه بعض هذه الصلاحيات لشخص أو جهاز، فإنّ هذا الشخص أو الجهاز سيكون له تلك الصلاحيّات التي أعطاها إيّاه الوليّ الفقيه، تمامًا كما أنّه طبقًا للقانون الأساسي، هناك صلاحيّات للأجهزة والمؤسّسات تضطلع بها”. (22/4/1987)

المؤسّسات الواضعة للقانون

من أهمّ المؤسّسات الواضعة للقانون في جمهوريّة إيران الإسلاميّة، مجلس الشورى الإسلامي، مجلس صيانة الدستور، ومجمع تشخيص مصلحة النظام.

1. يرى الإمام الخامنئي أنّ مجلس الشورى الإسلامي، من أكثر المؤسّسات القانونيّة في البلاد أهمّيّة وتأثيرًا، ومركز أمن النظام، ومظهر اقتدار الشعب وإرادته، الذي إذا ما أدّى دوره الحقيقي في إدارة البلاد وتوجيهها، فإنّه سيترك أثرًا عميقًا وحاسمًا في مصير البلد ومسيره واتّجاهاته الأساسيّة.

2. يرى سماحته بأنّ مجلس صيانة الدستور هو وسيلة لضمان حقّانيّة النظام وأمنه.

3. برأيه، مجمع تشخيص مصلحة النظام أيضًا يرد ميدان العمل لحلّ الاختلافات بين مجلس الشورى الإسلامي ومجلس

 

170

 

 


144

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

صيانة الدستور، ليضع القوانين طبقًا لمصلحة الشعب والنظام. حتمًا، لا ينبغي لهذا القانون أن يكون مغايرًا للشرع. ويصادق مجلس صيانة الدستور على القانون، على أساس الأحكام الأوّليّة؛ أمّا في مجلس تشخيص مصلحة النظام، فيُصادق على القوانين بالالتفات إلى الأحكام الثانويّة التي هي نفسها جزء من أحكام الإسلام.

ز: النظام القضائي في الإسلام

أحد الأنظمة الاجتماعيّة أيضًا في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي هو النظام القضائي في الإسلام. القضاء بمعنى المقاضاة والحكم. النظام القضائي نظام مكوّن من أجزاء أو عناصر متعدّدة، هدفها متابعة الاختلافات، والبتّ بها والحكم عليها بناءً على قوانين محدّدة. ولأنّ النظام القضائي في الإسلام داعٍ لإقامة العدالة والقسط، فإنّه يُعدّ من أكثر الأنظمة القضائيّة مطلوبيّة. العدالة من القيم التي لا ينفكّ المجتمع يومًا عن طلبها والمطالبة بها؛ ذلك أنّ فطرة الإنسان والسنّة الإلهيّة قائمان على العدالة. في كلام للإمام الخامنئي قال فيه: “في القضاوات والتحكيمات. . . علينا جميعًا أن ننظر إلى مؤشّر العدالة”. (9/9/2009)

وقال سماحته: “في الحياة العامّة والحكوميّة لأمير المؤمنين، هناك نقطة أبرز من كلّ شيء ألا وهي العدالة. . . هذه بالنسبة إلينا نحن الذين ندّعي اتّباع أمير المؤمنين، نقطة فائقة الأهمّيّة”(25/10/2003). وقال: “فلو كان النظام القضائي

 

 

171

 

 


145

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

سليمًا ودقيقًا وعاملًا على إقامة العدل والإنصاف والقوانين الإسلامية فإنه سيكون أساسًا لإصلاح الأجهزة الإدارية كافة، بل وإصلاح المجتمع أيضًا. ومن غير الممكن أن يتمتع مجتمع ما بالسلامة الاجتماعية الكاملة إلاّ إذا كانت الأنظمة القضائية فيه سليمة غير معيبة. فإذا فسد القضاء تسرّب الفساد بالتدريج إلى الأجهزة الأخرى أيضًا. ومن هنا يولي الإسلام القضاء والقاضي والمحكمة ومقدمات العمل القضائي ووسائله أهمية فائقة، حتى يمكن القول إنّه لم يرد التشديد على شيء في التعاليم الإسلامية كما شدّد على العدالة في القضاء”. (1989/6/28)

وقال: “إذا أردنا أن نتابع الحركة المرسّمة التي تتّجه نحو الأهداف الإلهيّة والإسلاميّة ورعاية حقوق الناس، فإنّ ذلك غير ممكن من دون ضمانة الإجراء، وضمانة الإجراء هذه هي بالأساس في يد السلطة القضائيّة. هذه هي السلطة القضائيّة التي تتعامل مع مخالفة القوانين والفساد والانحراف، وتحول دون تكراره. في الحقيقة، السلطة القضائيّة هي الضامنة لصحّة عمل مسؤولي النظام وأفراد الشعب وتأمين حقوقهم في النظام الإسلامي. إن كّنا متعطّشين للعدالة، فإنّ ضمان تحقّق العدالة، يتأتّى من خلال نزاهة السلطة القضائيّة وكفاءتها. وإذا ما كنّا نرى أنّ الأهمّيّة الأولى والرئيسة للشعب وحقوقه، فإنّ ضمان هذه الحقوق رهن بأن تستطيع السلطة القضائيّة القيام بعملها بقوّة وشجاعة وبصيرة”. (2002/6/26)

 

 

172

 

 


146

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال سماحته: “عندما تريدون مواجهة الشخص الذي يسرق بيت المال والأموال العامّة بكلّ وقاحة ومن دون رحمة، فهذا العمل يتطلّب شجاعة وقدرة وحيثيّة قضائيّة بين الناس”. (2001/6/28)

وفي كلام له يقول الإمام الخامنئي: “إذا كنتم أنتم السلطة القضائيّة عادلين، وعددتم العدالة الهدف الأصلي الذي لا يمكن التغاضي عنه وتجاهله في كلّ الظروف وعلى مستوى جميع الأفراد -بدءًا من شخصي إلى عموم أفراد الشعب مرورًا بالمسؤولين الحكوميّين جميعًا- فسوف لن يحيد الناس عن العدالة أبدًا”(11/9/1989). وقال: “السلطة القضائيّة يمكنها من خلال الصلابة، الاقتدار، اتّخاذ المواقف الصحيحة وفي أوانها، أن تحول دون ظهور الجريمة وازديادها، وازدياد المخالفات في الأجهزة المختلفة؛ أن تحول دون ظلم المظلومين والمستضعفين، أن تحول دون استعراض القوّة من قبل أشخاص يتسلّحون بالقوّة والتعسف”. (2000/6/27)

وقال سماحته: “ينبغي للسلطة القضائيّة أن تكون بكلّ ما للكلمة من معنى، الملجأ والملاذ للأشخاص الذين يُظلمون في المجتمع؛ واجهوا ظلمّ كلّ شخص في أيّ مسؤوليّة وأيّ رتبة كان. ينبغي مواجهة الظالم، أيًّا كان، وفي أيّ مسؤوليّة أو رتبة كان. ويجب مواجهة الظلم. . . وإذا ما حصل هذا، فإنّ ذلك الجهاز القضائي سيبعث نور الأمل في القلوب. وعندما يرون [أبناء الشعب] بأنّ هذا الجهاز القضائي، لا يراعي الرفيق والصديق

 

 

173


147

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

والنسيب، ولا يفرّق بين القريب والبعيد، ويعرف الحقّ والباطل، ويحقّ الحقّ ويبطل الباطل، سينبعث الأمل في قلب كلّ شخص. وهذا، هو الكمال المطلوب للسلطة القضائيّة”. (1993/1/13)

خصائص القاضي

بناءً على هذا، وبالالتفات إلى مكانة النظام القضائي، وشروط القاضي في الإسلام وفي الحكومة الدينيّة، يرى الإمام الخامنئي أنّ على القاضي أن يتحلّى بمواصفات خاصّة:

1. أن يكون مجتهدًا على المستوى العلمي

2. يجب أن يكون عادلًا وأن يكون العدل ملكة فيه

3. أن يكون مخلصًا

4. أن يتحلّى بالشجاعة الكافية

5. أن يعمل بحسم [حزم]

6. أن يعود في مقام إصدار الحكم إلى البيّنة والطرق الشرعيّة، وأن يقلّل اعتماده على “علم القاضي”

7. أن يدافع عن المظلوم

8. أن لا يراعي الحبّ والبغض أو الاعتبارات السياسيّة

9. أن لا ينتظر أوامر أحد في إجراء العدالة، ويتّخذ الحكم القضائي المناسب من دون تدخّل الآخرين

10. أن يقول الحقّ وينطق به

 

 

174


148

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وظائف السلطة القضائيّة

في النظام الفكري للإمام الخامنئي حُدّدت وظائف ومسؤوليّات للسلطة القضائيّة نشير هنا إلى بعضها:

1. إقامة العدل والقسط

2. محاربة الظلم ومخالفة القوانين

3. محاربة الفساد

4. اجتناب التمييز

5. الالتزام بالقانون

6. اجتناب الشجار والنزاع في إجراء العدالة

7. اتّخاذ الموقف الصحيح وفي أوانه

8. تحويل السلطة القضائيّة إلى ملجأ وملاذ للناس

9. استخدام العناصر العالمة والصالحة والسليمة والقادرة والمؤمنة والأمينة

10. ازدياد محبوبيّة السلطة القضائيّة في المجتمع وبين الناس.

ح: النظام الأمني ـ الدفاعي

أحد أهمّ الأنظمة الاجتماعيّة في المنظومة الفكريّة للإمام الخامنئي النظام الأمني الدفاعي.

الأمن بمعنى الهدوء وراحة البال وزوال الخوف. والدفاع أيضًا بمعنى الإبعاد بقوّة، والمنع والردع، والإرجاع، ودفع شيء

 

 

175

 

 


149

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

إلى ناحية ما وردّه.

الدفاع اصطلاحًا يعني ردّ الهجوم العسكري للأعداء، ويكون الفرد أو الجماعة مدافعين عندما يقفون بوجه هجوم أعدائهم ويصمدون ليردّوا هذا الهجوم. والنظام الأمني ـ الدفاعي هو أيضًا مجموعة من الأجزاء المتعدّدة، المترابطة والمنسجمة بعضها مع بعض بهدف تحقيق الأمن.

الأمن

الأمن من الحاجات الأساسيّة والطبيعيّة ومن متطلّبات الإنسان المهمّة، والإنسان منذ بدء الخليقة، كان بحاجة إلى هذا الأمر المهمّ والاستراتيجي.

ودور الأمن الأساسي في المجتمع يصل إلى حدّ ترتبط به جميع جوانب الحياة. فالشرط الضروري للعدالة الاجتماعيّة هو الأمن، والعامل الأساسي للرفاه والراحة هو الأمن. وعامل تطوّر جميع جوانب الحياة الاجتماعيّة هو الأمن. يمكن أن يتحقق الأمن من خلال الارتباط الوثيق بمفاهيم من قبيل الإيمان، العبوديّة، التقوى، التوكّل، احترام حقوق الآخرين، إجراء القسط والعدل، الحفاظ على الحريّات المشروعة للناس وحاكميّة المعايير الإنسانيّة والإلهيّة. والجمهوريّة الإسلاميّة بالالتفات إلى طبيعة وجودها ووجود الأعداء المغرضين اللدودين، من الطبيعي أن تضع مقولة الأمن على رأس لائحة أولويّاتها.

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الأمن كالهواء ضروريّ

 

 

176

 


150

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

للإنسان بنحو دائم. إن لم يكن للمجتمع أمن، فستظهر حالة من الاختناق والضيق، تمامًا كما الجماعة المحرومة من الهواء”. (1997/7/16)

وقال: “إن لم يكن هناك أمن فلن يكون هناك تقدّم علمي ولا تقدّم صناعي ولا تقدّم اقتصادي. وإذا لم يكن هناك أمن فلن يكون هناك استقرار وطمأنينة وسكينة روحية لدى الناس. في أجواء انعدام الأمن تُنسى الآمالُ الكبيرة والطموحات المتألقة، والجميع يفكرون بالحفاظ على أرواحهم. وعندما يتوافر الأمن في البلاد، فسيُمَثل ذلك أرضيةً ومجالًا لنموّ كل عوامل وعناصر نموّ البلد وأسباب تقدّمه”. (25/10/2017)

وقال: “إن ما يُمكّن بلدًا من إعداد عالِمٍ وتطويره في المجالات المختلفة هو وجود الأمن والأمان. إن توفر الأمن في بلد ما فهو الأمر الأهم والأوجب”. (10/5/2017)

وقال سماحته: “من دون الأمن، لا يطيب طعام، ولن تعرف عائلة معنى الأنس، ولن يعود عمل ومدخول بفائدة ونفع، إذا فُقد الأمن فلن يكون هناك شيء”. (1995/7/16)

أنواع الأمن

للأمن في النظام الفكري للإمام الخامنئي أنواع وأقسام مختلفة:

1. أمن البرمجيّات

2. أمن المعدّات الكمبيوترية

 

 

177

 


151

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

3. الأمن الفردي

4. الأمن الاجتماعي

5. الأمن الوطني

6. الأمن الدولي والعالمي

7. الأمن الداخلي

8. الأمن الخارجي

9. الأمن المادّي

10. الأمن المعنوي

11. الأمن الفكري

12. الأمن الثقافي

13. الأمن العقائدي

14. الأمن الاقتصادي

وفي كلام له يقول فيه: “الأمن الاقتصادي، يعني أن يعلم الناس وعموم أفراد الشعب في هذا البلد، لأيّ شريحة انتموا، أنّهم إذا أرادوا القيام بعمل اقتصادي ـ سواء كان صناعة، أو زراعة، أو استثمارًا أو تجارة ـ فلن يمنعهم أحد”. (1/9/1999)

15. الأمن القضائي

16. الأمن العسكري والانتظامي [قوّات الشرطة]

17. الأمن الشغلي

18. الأمن الحيثي والشأني

 

 

178


152

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

19. الأمن السياسي

وقال سماحته: “الأمن السياسي يعني أن تكون الأفكار والمعارف السياسيّة في المجتمع واضحة بعيدة عن النفاق والازدواجيّة في الكلام والتفكير. معناها أن يمارس الأشخاص المتصدّون لبيان المسائل السياسيّة للناس، الأمانة معهم. معناها أن لا يكذب المتصدّون لكتابة المعارف الفكريّة ونشرها في المجتمع، ولا يخادعوا ولا يزوّروا الحقائق، ولا يضعوا السمّ في العسل. هذا هو الأمن السياسي”. (1/9/1999)

المؤسّسات الأمنيّة

في الجمهوريّة الإسلاميّة، تتولّى بعض المؤسّسات مسؤوليّة الأمن. نشير في هذا المجال إلى المؤسّسات الأمنيّة:

1. قوّات الشرطة

قال الإمام الخامنئي: “معنى الأمن الاجتماعي أن لا يشعر الناس في محيط عملهم وحياتهم بالخوف والتهديد وانعدام الأمن”. (1994/7/20)

وقال: “المؤسّسة والمجموعة الأهمّ التي تأخذ على عاتقها هذه المسؤوليّة، هي قوّات الشرطة، وهو عمل مهمّ جدًّا. لذا، تكتسب مؤسّسة ناجا [قوّات الشرطة في الجمهوريّة الإسلاميّة] أهميّتها بالنظر إلى هذه المهمّة”(26/4/2017). عندما يتوفّر الأمن الاجتماعي، يتحقّق أيضًا الأمن الاقتصادي، الأمن الثقافي، السياسي، الشغلي، القضائي، الوطني والدولي. كلّ أنواع الأمن

 

 

179


153

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

هذه تنضوي تحت منظومة الأمن الاجتماعي.

 

2. السلطة القضائيّة

السلطة القضائيّة رمز أمن البلد. قال قائد الثورة الإسلاميّة: “إذا ما تحقّق الأمن القضائي، فسيتحقّق أيضًا الأمن السياسي، الأمن الاجتماعي، الأمن الاقتصادي، الأمن الأخلاقي والأمن الثقافي”(2003/6/28). وقال: ينبغي للسلطة القضائيّة أن تحقّق مكانتها اللائقة في المجتمع الإسلامي، في عمل الشعب، في واقع الحياة، في أذهان الناس، وليشعر الناس إلى جانب السلطة القضائيّة بالأمن”. (2008/6/25)

3. وزارة الأمن

إنّ التعرّف إلى العناصر التي تعمل خفيةً، على تهديد أمن البلد، والتعامل معها والتصدّي لها، موكول إلى وزارة الأمن.
قال الإمام الخامنئي: “أحد الأعمال الأمنيّة لمسؤولي وزارة الأمن هو التعرّف إلى العملاء الذين يدخلون البلد وينقلون القنابل والمواد المتفجّرة وأمثالها إلى الداخل”. (13/2/2001)

الدفاع

يقول حكيم الثورة الإسلاميّة وعظيمها: “عندما نرى لأنفسنا هدفًا وخطًّا مستقيمًا نسير باتجاهه، ونشعر بوجود مسؤولية إلهية على عاتقنا، عندما نصمم على التحرّك في طريق هذه المسؤولية، بالرغم من إرادة جميع شياطين العالم

 

180

 

 


154

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

ورغباتهم؛ عندما تصمّم هذه الأمة على أن لا تسمع لكل إملاءات قوى الاستكبار والتسلّط في العالم وتهديداتهم، إذًا عليها أن تستعد للدفاع. . عندما ترون الاستقلال والاعتماد على النفس الحقيقيّين -الناشئين من الثورة والإسلام- لهذه الأمة وهذه الدولة وهذه الحكومة، وكيف تحظى بمنزلة مشرفة في هذا العالم، وتعرفون قيمة هذا الاستقلال، وتريدون الحفاظ عليه؛ عندما تعدّون تجربة العيش بحرية في ظل النظام الإلهي والإسلامي تجربة حلوة جميلة وتريدون الارتقاء بها أكثر يومًا بعد يوم، إذًا عليكم أن تعدّوا أنفسكم للدفاع”. (8/2/1991)

وقال حكيم الثورة الإسلاميّة المتألّه في الخطاب نفسه: “الدفاع واجب عقلي وإنساني وإسلامي”. قال سماحته: ينبغي لقدرتنا الدفاعيّة أن تكون بنحو لا يتشجّع فيه العدوّ على الإقدام على أي عمل، وارتكاب أيّ خطأ”. (2017/10/18 )

المؤسّسات الدفاعيّة

المؤسّسات التي تتولّى أمر الدفاع عن البلاد في جمهوريّة إيران الإسلاميّة هي:

1. التعبئة

في كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “التعبئة هي حامي المجتمع، الذي يحمل السلاح إلى جانب التعليم، وعند حاجة البلد، يتحمل إلى جانب القوّات المسلّحة، أكبر المسؤوليّات وأثقلها”. (1989/9/27)

 

182


155

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الشهوات، أو حبّ المال، أو إنّها عميلة للأعداء، فإنّنا ندع هؤلاء جانبًا؛ هؤلاء معدودون، ليسوا كثرًا. الأكثريّة الحاسمة من الشعب الإيراني هم تعبويّون بالقوّة”. (25/11/2015)

وقال في الخطاب نفسه: “إن للتعبئة تعريفها الواضح: فالمراد بها أبناء الشعب الذين يوجدون في وسط الساحة بأهداف إلهية سامية وبروح مثابرة لا تعرف الكلل والملل وفي كل مكان يتطلب الأمر، وينزلون بكل قدراتهم وطاقاتهم إلى الميدان، ولا يهابون المخاطر التي تعترض الطريق؛ أي إنهم حملوا أرواحهم على أكفهم. . والتعبوي هو ذلك الشخص الذي أعدّ نفسه لهذه المهمة الشاقة؛ ألا وهي بذل النفس، حتى بذل تلك الأمور التي قد تكون أعز من النفس؛ هذا هو معنى التعبئة”.

وقال: “التعبئة كالثورة نفسها، من الآيات الإلهيّة. جنس التعبئة من جنس الثورة”(2007/11/26). ويتابع سماحته قائلًا:

1. كما كانت الثورة ظاهرة لا سابقة لها، كذلك التعبئة هي ظاهرة لا سابقة لها

2. التعبئة كما الثورة كانت ولا تزال شعبيّة

3. التعبئة كما الثورة، باقية وخالدة

4. التعبئة كما الثورة مؤثّرة، فعّالة وتترك أثرها في محيط حضورها

5. التعبئة كما الثورة، ريّانة[1] من المعارف الإسلاميّة والسلوك الديني

 

 


[1] بمعنى ترتوي.

 

183


156

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

6. التعبئة كما الثورة، لا تساوم الأعداء وقد عدّد الإمام الخامنئي خصائص أخرى للتعبوي:

1. كان التعبويّ السبّاق والرائد والمبادر في جميع الميادين الثقافيّة، العلميّة، البنائيّة، وفي كل الحوادث ولا يزال كذلك

2. معيار التعبويّ هو البصيرة، والبصيرة تفهمه كيف يتحرّك وكيف يطوي الطريق؛

3. التعبويّ في عين مظلوميّته مقتدر، نافذ ومؤثّر” (2009/11/25).

وقال:

4. التعبوي يعدّ مصالح الشعب والبلد وعزّة الشعب وتقدّم الثورة وحيثيّة النظام أكبر أهدافه.

5. التعبويّ يعمل انطلاقًا من التكليف ومعرفة التكليف. (6/5/2001)

وقال سماحته: 1. علامات التعبويّ عبارة عن ثلاثة عناصر، هي البصيرة، الإخلاص والعمل في أوانه وبجدارة. (24/10/2010)

وقال:

6. التعبويّ مخلص ومن أهل النورانيّة

7. أن نبقى تعبويّين، أمرٌ متوقّف على مراقبة أنفسنا دومًا، وعلى أن ننتبه ولا نحيد عن الخطّ (2010/11/25). وقال سماحته: “البصيرة ضروريّة، الجهاد ضروريّ؛ الثبات

 

 

184


157

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

ضروريّ. أعزّائي، الثبات على هذا النهج، والاستقامة على هذا النهج، أحد أهمّ أسباب التقدّم وأوجبها. . . اسعوا . . . إلى أن تبقوا أنفسكم وقلوبكم وفيّة وثابتة على هذه المبادئ، وعلى هذا النهج، وعلى هذه الأهداف السامية”. (2017/11/22)

2. حرس الثورة الإسلاميّة

قال قائد الثورة الإسلاميّة الحكيم والعظيم: “لقد أُسّس حرس الثورة الإسلاميّة من أجل الدفاع عن الثورة، كلّ الثورة وأهداف الثورة، ومن أجل مواجهة أعداء الثورة”. (15/9/1999)

وقال سماحته: “القوّة الوحيدة القادرة على الدفاع عن الثورة ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة الثوري، هي الحرس”. (1989/7/10)

وقال ذلك الحكيم المتألّه العالم الكبير: “الحرس، حقيقةً، هو الحامي للثورة والمحافظ على البلد”(9/9/1990). وقال: “في أيّ مكان فيه عنصر حرس، وفي أيّ مكان فيه مؤسّسة من مؤسّسات الحرس، وفي أيّ مكان توجد فيه جماعة أو مؤسّسة مرتبطة بالحرس، عندما يُنظر إليه، تشاهد فيه ملامح الثورة؛ تنبعث منه روح الثورة، وعطر الثورة، وطعم الثورة”. (9/9/2007)

ما هي الثورة؟

يقول قائد الثورة المعظّم: “الثورة ليست أمرًا ذهنيًّا وفكريًّا وخياليًّا، هي أمر واقعي حقيقي. الثورة، هي حركة عامّة؛ الطريق الذي يسلكه هذا الشعب من أجل أن يصل إلى الفلاح

 

185


158

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الحقيقي والسعادة، ومن أجل أن يخلّص نفسه من المشاكل التي تشترك فيها البلدان الواقعة تحت نير الظلم في عالم اليوم. الثورة تريد لهذا الشعب وهذا البلد أن يكون عزيزًا، شامخًا، مرفّهًا، لديه امتيازات مادّيّة ومعنويّة، وأن يستفيد من التطوّر المادّي والتكامل المعنوي. الثورة تريد أن تزيل هيمنة الأجانب، وترفع الذلّة والمهانة اللتين سعوا مدّة لفرضهما على هذا البلد والشعب، وأن تقضي على التعاسة التي سبّبتها هيمنة الأجانب والأعداء”. (14/9/2008)

وقال سماحته: “الثورة ليست كلمة وحركة آنيّة؛ [بل] هي حركة مستمرّة، وتختلف مستلزماتها ومقتضياتها بتفاوت الأزمنة. . للثورة استمرار وحضور”. (15/9/2002)

وقال: “الثورة حقيقة حيّة؛ موجود حيّ له ولادته، ونموّه، وثباته، وعمر طويل. . . ولأنّ الثورة موجود حيّ، فإنّ لهذا الموجود نموًّا، وتطوّرًا، واشتدادَ عودٍ وتكاملاً”. (8/2/2018)

وفي كلام له: “حين تقولون إن مهمة هذه المنظمة حراسة الثورة، فهذا يعني أن إرادة الثورة لا تزال قوية متينة، وأن الثورة لها حضورها الفعّال والمؤثر في الساحة. . يعني أن الثورة حية حاضرة موجودة. . ثم إن قولكم نحن حرس الثورة، يدلّ في أحد معاني الحراسة وأحد أبعادها المفهومية، على أن الثورة تتعرض للتهديد، نعم، لو لم يكن هناك تهديد، لما وجبت الحاجة إلى الحراسة. . وعلى حرس الثورة معرفة هذه التهديدات. . ولو لم تطّلع قوات الحرس الثوري بمختلف رتبها على التهديدات المحدقة بالشيء

 

 

186

 


159

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الذي تحرسه، فليس من المعلوم أن تتمكن من العمل بواجباتها وأداء مهامها. . إذا أدرك الإنسان ما هو التهديد ومن أين يصدر، سيكون لديه الدافع والحافز على مواجهته”(16/9/2015). وفي ذلك الخطاب نفسه يقول سماحته: “إحدى خصائص حراسة الثورة. . . أن نعرف الثورة، ونعرف العدوّ على السواء”.

 

* معرفة العدوّ

في كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “العدوّ يعني ذلك الاستكبار العالمي، خصوصًا أميركا والصهيونيّة”. (10/2/1999)

وقال سماحته: “جهاز الاستكبار لا يقتصر على الولايات المتحّدة الأمريكيّة فحسب، جهاز الاستكبار شبكة أكبر تشمل جميع هؤلاء؛ هناك الشبكة الصهيونيّة، وشبكة التجّار الدوليّين الكبار، ومراكز المال الكبيرة في العالم؛ هناك حكومة الولايات المتّحدة، والحكومات الأوروبيّة، وكثير من أرباب النفط الأثرياء في منطقتنا”. (26/8/2009)

وقال أيضًا: “الشعب الإيراني لن يخطئ في معرفة العدوّ الأصلي. وليعلم الجميع أنّ العدوّ الأصلي لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة والشعب الإيراني، هو أوّلًا الصهاينة. . . وأكثر العداوات هي من قبلهم. . . العدوّ الآخر هو النظام الأميركي أيضًا، الذي هو الوجه الآخر لهذه العملة”. (20/11/1996)

وقال قائد الثورة المفدّى: “فلتعرفوا العدوّ، ولتدركوا ما يقوم به اليوم من أعمال”. (21/11/1993)

 

 

187

 

 


160

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال سماحته: “إحدى مشاكل عملنا هي عدم معرفتنا بأمور عصرنا وزماننا. بعضهم لديه علم وتقوى؛ لكنّه مع ذلك لا يمكنه معرفة الموضع والمتراس الذي عليه أن يقف فيه ويعمل؛ كالشخص الذي يضيّع موضعه ومتراسه بين جبهة العدوّ وجبهتنا، ويخطئ في تحديد جهة العدوّ. وقد يرمي بنيرانه، إلّا إنّه قد يرمي نيرانه أحيانًا على رفاقه”(1/5/2005). وفي كلام للإمام الخامنئي يقول: “أن نكون واعين ونعرف العدوّ في أيّ شخصيّة ولباس كان، هو واجبنا وتكليفنا الأهمّ” (1989/6/25). وقال سماحته: “فلتكونوا بصيرين في معرفة العدوّ، ولتكونوا بصيرين في معرفة حيله وألاعيبه”. (18/11/1992)

 

وقال: “فلتعرفوا العدوّ؛ ولتعرفوا امتداد صفوف العدوّ في الداخل؛ لتعرفوا أساليب العدوّ؛ ولتعرفوا أيضًا تطبيق هذه الأساليب وترجمتها في داخل البلد”. (30/10/1996)

 

وقال: “الأهمّ من معرفة العدوّ معرفة عداوته وأسلوب ممارسته لهذه العداوة. وإذا ما علم الإنسان من أيّ طريق يدخل العدوّ، سوف يتنبّه لذلك”. (2002/11/22)

وقال سماحته: “علينا أن نعرف أبعاد العدوّ وأبعاد عداوته لكي نستطيع التغلّب عليه. إذا عرفنا العدوّ، وعرفنا التهديدات، وأساليب عداوته وأبعادها، فسنقف في مقابل مؤامراته وندافع، ونفشل التهديدات ونتغلّب عليه”. (2009/9/24)

 

 

188

 

 


161

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

قمت بهذا العمل بهذا النحو، فسيكون هذا لمصلحة العدوّ، يأتي هو ويسعى لتقوم بالعمل بهذا النحو؛ أي [يتدخّل في] صنع القرار واتّخاذه.

2. الاختراق الشبكي: أي إيجاد الشبكات داخل الشعب وبواسطة المال. أحدها أيضًا الجاذبيّات الجنسيّة. أن يجذبوا الأفراد ويقودوهم بالاتّجاه الذي يريدونه. والاتّجاه الذي يريدون يعني تغيير المعتقدات؛ تغيير المبادئ؛ تغيير النظرات؛ تغيير نمط الحياة. يعملون على أن يفكّر الشخص المخترق من قبلهم كما يفكّر ذلك الأميركي. . . وإذا ما جرى اختراق أشخاص بمثل هذا الاختراق، فإنّ المبادئ ستتغير؛ والقيم ستتغيّر؛ والمعتقدات ستتغيّر.

3. الاختراق الثقافي: اختراق معتقدات الناس والمسؤولين. . . أن يبدّل تلك المعتقدات التي مكّنت هذا المجتمع من البقاء واقفًا على رجليه؛ أن يوجد فيهم خدشًا؛ أن يوجد فيهم خللًا وثغرة.

4. الاختراق السياسي: اختراق مراكز القرار وصناعة القرار. . . والأفضل بالنسبة إليهم، أن يكون من هذا الشعب نفسه أشخاص على رأس البلد، يفكّرون مثلهم؛ يريدون كما يريدون هم، ويتّخذون القرارات مثلهم وطبقًا لمصالحهم.

5. الاختراق الاقتصادي: أي اختراق اقتصاد البلدان من أجل خلخلة الأسس القويّة لاقتصاد تلك البلدان.

6. الاختراق الأمني: أي استهداف أمن البلد وإيجاد الفوضى وفقدان الأمن.

 

 

190

 

 


162

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

في كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “الاختراق الأمني ليس بالأمر القليل؛ لكنّه أقلّ أهمّيّة في مقابل الاختراق الفكري والثقافي والسياسي”. (1/5/2019)

2. الترويج للثقافة الغربيّة

الثقافة الغربيّة قائمة على سلسلة من العناصر، والعنصر الأوّل الأصلي والأساسي الذي يمكن عدّه العمود الفقري لهذه الثقافة، هو اتّجاه يُعرف بمحوريّة الإنسان أو المذهب الإنساني ـ الإنسانويّة. وقد نشأ هذا الاتّجاه من الرجوع إلى الإنسان بدلًا من الرجوع إلى الله، ومن الرجوع إلى الحياة الدنيا بدلًا من الآخرة، ويقول إنّ علينا جعل الإنسان مكان الله.

أ: يقول قائد الثورة الإسلاميّة: “من جملة الأمور التي راجت مؤخّرًا ويقرأها الإنسان ويسمعها في المقالات والمقولات، الإسلام الرحماني. عبارة جميلة؛ بإسلامها، ورحمانيّتها. لكن ماذا يعني هذا؟! فالله تعالى رحمن رحيم، وكذلك هو أشدّ المعاقبين. لديه الجنّة ولديه النار. . . إطلاق كلمة، هكذا ومن دون تعمّق، هو أمر خاطئ ومضلّ أحيانًا. عندما يستخدم بعضهم في كلامهم وكتاباتهم وتصريحاتهم، عبارة الإسلام الرحماني هذه، يرى المرء ويحسّ جيّدًا بأنّ هذا الإسلام الرحماني كلمة مفتاحيّة للمعارف الناشئة من الليبراليّة؛ أي ما يُسمّونه في الغرب الليبراليّة. . . الفكر الليبرالي، ينبثق من الفكر الأوروبي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ـ أي من البنية التحتيّة الفكريّة للمذهب الإنساني الذي ينكر المعنويّات والله وما شابه”. (2015/12/11)

 

191


163

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

ب: وقال سماحته: “إنّ وثيقة الأمم المتّحدة 2030 ومنظّمة اليونيسكو وما شابهها[1]، ليست بالشيء الذي يمكن جعل الجمهوريّة الإسلاميّة ترضخ له وتسلّم به. بأيّ مناسبة يكون لمجموعة تُسمّي نفسها دوليّة- وهي يقينًا خاضعة لنفوذ القوى العالميّة الكبرى- الحقّ في أن تحدّد للبلدان المختلفة، والشعوب المختلفة، وذات الحضارات المختلفة، والتجارب التاريخيّة والثقافيّة المتنوّعة، تكليفها وواجباتها!؟ وتقول عليكم أن تعملوا هكذا وهكذا؟ المسألة خاطئة من أساسها. وإن كنتم لا تستطيعون مخالفة أساس عملهم، فعليكم أن تقفوا بالحدّ الأدنى وتقولوا إنّ للجمهوريّة الإسلاميّة نفسها نهجًا خاصًّا ورؤيةً خاصّة، لدينا وثائق عالية حاكمة. . لا حاجة لنا إلى هذه الوثيقة. ومن غير المسموح على الإطلاق أن نذهب ونمضي على هذه الوثيقة، ومن ثمّ نأتي ونبدأ بتطبيقها

 

[1] وثيقة 2030، أو أهداف التنمية المستدامة، والمعروفة أيضًا باسم خطة التنمية المستدامة، وهي خطة استراتيجية صادرة عن إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة اليونيسكو، بعد اجتماع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومناقشتها للتنمية المستدامة. وتحتوي مجموعة من الأهداف العامة البالغ عددها 17 هدفًا اساسيًا، مع 169 غاية وهي مؤشرات أو أهداف فرعيّة تنبثق عن الأهداف الأساسية. وادّعت هذه الوثيقة أنّها خطة عامة للبشريّة جمعاء، تهدف لمواصلة حياة الإنسان للألفية الثالثة، وإلى إنقاذ العالم، أو تحويل عالمنا “نحو الأفضل”، وقد انبثقت هذه الوثيقة عن مجموعة من الوثائق السالفة الصادرة عن الأمم المتحدة. توجد ثغرات قوية واساسية شابت هذه الوثيقة. . وقد عارض السيد الخامنئي تطبيقها في إيران طالبًا من المسؤولين إعادة النظر في العمل بها ودعاهم الى اعداد وثيقة تراعي مباني وأصول النظام الإسلامي وان الامة الإيرانية الإسلامية ليست قاصرة عن اعداد مثل هذه الوثيقة. . ( براجع مقالة د عباس كنعان؛ موقع التعبئة التربوية، حيث فنّد مجموعة من الأبعاد الخطيرة لها على المستوى التربوي والاجتماعي (https://tarbaweya.org/essaydetails.php?eid=13432&cid=552) -المحرر.

 

192


164

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

بهدوء؛ لقد أبلغنا هذا الأمر أيضًا إلى الأجهزة الرسميّة. وأنا عاتب على المجلس الأعلى للثورة الثقافيّة؛ كان عليهم الانتباه، وأن لا يدعوا الأمور تصل إلى هذه المرحلة. . هنا الجمهوريّة الإسلاميّة، والأساس فيها هو الإسلام، والقرآن؛ وهي ليست مكانًا يمكن فيه لنمط الحياة الغربيّة المعيوب والمدمِّر والفاسد أن يعمل نفوذه فيه بهذا الشكل”. (7/5/2017)

وقال الإمام الخامنئي في جمع من المعلّمين: “لبّ الكلام ومفاده في الوثيقة 2030 هذه، التي تتضمّن فصلًا مهمًّا مرتبطًا بالتربية والتعليم، هو أنّ على النظام التعليمي أن يعلّم الأولاد أسلوب الحياة وفلسفة الحياة على أساس المباني الغربيّة؛ هذا هو لبّ الكلام في الوثيقة 2030”. (1/5/2019)

ج. وقال سماحته: “أشير هنا إلى قضايا الاتّفاقيّات وهذه المعاهدات. . . لا ضرورة أبدًا إلى أن نذهب. . . ونقبل بهذه الاتّفاقيّات”. (2018/5/24)

وقال: “سمعت بأنّهم يعدّون لائحة تتعلّق بقضايا الأسرة وممارسة العنف ضدّ المرأة. على المسؤولين الحكوميّين وكذا على ممثّلي المجلس أن ينتبهوا لئلّا يريد هؤلاء إعادة تطبيق الثقافة الغربيّة هنا [في بلادنا]، لنفترض مثلًا، إذا تدخّل الأب في أمر زواج ابنته، فإنّهم سيعدّون هذا عنفًا، وسيفسّرون العنف بهذا النحو؛ لا، فلا ينبغي أن نتعلّم من الغرب ما هو عنفٌ وما ليس بعنف. . . نحن اليوم نواجه أعداء خبيثين مثل هؤلاء. وعلينا أن نكون حذرين”. (8/3/2015)

 

193


165

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال الإمام الخامنئي في الخطاب نفسه: “أولئك الذين يدّعون بأنّ العدالة بين الجنسين تتمثّل بوجوب دخول المرأة في جميع الميادين التي يدخل فيها الرجال، أولئك يخونون ثقة المرأة، وحرمتها وشخصيّتها وهويّتها. . . عنوان العدالة بين الجنسين هذا وما شابه ليس سوى كلام؛ هذا هو الكلام الذي يقوله الآخرون؛ ويقوله الغربيّون. ويأتي بعضهم ويأخذون ما يقوله هؤلاء ويكتبونه؛ ويصبحون أبواقهم. عن أيّ عدالة يتكلّمون؟ وهل هذه عدالة؟ تمارس اليوم في الغرب؛ في أميركا وأوروبا، أكبر الاعتداءات بحقّ المرأة عبر استعمال القوّة،. . وتمارس هناك أشدّ أنواع العنف من قبل الرجال ضدّ النساء في البيوت. . . لديهم مشاكل حياتيّة؛ مشاكل ثقافيّة؛ مشاكل في إدارة المجتمع. أيّ عدالة؟ هذه ليست عدالة! يطرحون مسألة العدالة بين الجنسين من أجل تحقيق أهدافهم”.

هـ. وقد خاطب سماحته الشعب في بيان الخطوة الثانية للثورة قائلًا: “ينبغي من أجل قطع خطوات راسخة في المستقبل معرفة الماضي بشكل صحيح واستلهام الدروس والعبر من التجارب. وإذا حصلت غفلة عن هذه الاستراتيجية فستحلّ الأكاذيب محل الحقيقة، وسيتعرّض المستقبل لتهديدات مجهولة. يعمل أعداء الثورة بدوافع قوية على تحريف الماضي حتّى الحاضر ونشر الأكاذيب، ويستخدمون لأجل ذلك الأموال وكل الأدوات والوسائل. وقُطّاع طريق الفكر والعقيدة والوعي كثر ولا يمكن سماع الحقيقة من العدوّ وجنوده”. (11/2/2019)

 

 

195

 

 


166

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

3. الاضطراب والفتنة

في كلام له يقول قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: الهدف القصير الأمد للعدوّ، هو زعزعة الأمن في البلاد؛ إيجاد الاضطراب والفتنة في البلاد”(10/5/2017). وقال: “إنني قد عاصرت الكثير من الأحداث والقضايا في الميادين المختلفة لهذا النظام منذ بداية الثورة حتى الآن، وأعرف طبيعة الأشخاص وفحوى الكلام، وعلى دراية باتجاهات الإعلام العالمي، قد توصلت إلى استنتاج عام هو: أن ثمة مشروعًا أمريكيًا شاملًا لإسقاط نظام الجمهورية الإسلامية، وهو مشروع مدروس من كل الجهات، وقد أُعدّ على غرار ذلك المشروع الذي استخدم لإسقاط الاتحاد السوفييتي، ويصبو العدو إلى تنفيذه ثانية في إيران. وإنني إذا أردت استعراض قرائن وشواهد هذا المضمون، فكلها ماثلة في ذهني، ولا يحتاج الأمر إلى تقصي دلائله، لأن هناك العديد من الشواهد الواضحة في تصريحاتهم. وإن صحة هذا الادعاء تبدو واضحة تمامًا من خلال تصريحاتهم المنطوية على الغرور والاستعلاء طوال الأعوام الأخيرة -التي يصفون، هم أنفسهم، بعضها بأنها كانت متسرّعة- وهذه التصريحات التي تبدو مدروسة أحيانًا تشير إلى أنهم قد أعدّوا مشروعًا كالذي نفّذوه لإسقاط الاتحاد السوفييتي السابق ولكن بالشكل الذي يتناسب مع طبيعة الأوضاع في إيران، لإسقاط هذا النظام بزعمهم، ولكنهم قد ارتكبوا العديد من الأخطاء، وهذا من الألطاف الإلهية”. (2000/7/9)

 

195


167

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال سماحته فيما يتعلّق بفتنة عام 2009م: “وقد تحرّك عملاء هؤلاء الأجانب في الداخل وبدأ خط التسقيط في الشوارع، خط التخريب والإحراق وإشعال الممتلكات العامة وزعزعة الأمن في حرم مشاغل الناس وتكسير زجاج دكاكينهم ونهب ممتلكات بعض المحلّات، وسلب الناس أمنهم في أرواحهم وممتلكاتهم؛ تعرّض أمن الناس لتطاول هؤلاء. . إنّما هو من فعل المسيئين والمرتزقة وعملاء أجهزة التجسّس الغربيّة والصهيونيّة. هذا الفعل الساذج الذي صدر عن بعضهم في الداخل أطمعهم فتصوّروا أنّ إيران أيضًا جورجيا(!) ثمّة رأسمالي صهيوني أمريكي ادّعى قبل سنوات ونقلت وسائل الإعلام ادّعاءه وقوله: إنّني أنفقت عشرة ملايين دولار وأطلقت في جورجيا ثورة مخمليّة فأسقطتُ حكومة وجئتُ بحكومة. توهّم هؤلاء الحمقى أنّ حال الجمهوريّة الإسلاميّة، وإيران، وهذا الشعب العظيم كالحال هناك”. (2009/6/19)

وقال: “لقد خُطّط لهذا الأمر، وهو أمر لا يكون دفعة واحدة وفي الحال، حتّى نستطيع القول: إنّه حدث شيء ما. . . ويُدار من مكان ما”. (2009/9/24)

وقال قائد الثورة المفدّى: لقد كان مخطّطًا [لهذا الأمر] منذ عشر سنوات، وإلى أن جاء عام 88 ـ 2009، فبدت لهم الفرصة سانحة. كانوا يتصوّرون أنّهم قد هيّأوا الفرص. وكان للناس مطالب أيضًا. . . ظنّوا أنّهم يستطيعون الاستفادة من هذه المطالب. لذا حدثت فتنة عام 88".  (2011/6/4)

 

 

196

 


168

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وقال السيد الخامنئي معقبًا على أحداث فتنة2009: “لقد كان هناك مثلّث فعّال في هذه الأحداث. والمسألة ليست وليدة اليوم والأمس؛ بل هي منظّمة ومدروسة. ما أقوله مستند كلّه الى معطيات ومعلومات أمنيّة. . لقد كانوا مثلّثًا فعّالاً: الخطّة خطّة الأمريكان والصهاينة؛ إذ عملوا هم على إعدادها، وهم كانوا يخطّطون أيضًا منذ أشهر. ومقتضى خطّتهم أن “نبدأ من المدن الصغيرة، ومن ثمّ ننتقل إلى العاصمة، ونحرّك الناس فيما يتعلّق بهذه المطالب ونؤجّجهم”. . المال مال إحدى دول الخليج الفارسي الغنيّة التي لا تعرف كيف تنفق هذا المال. . والضلع الثالث هو أزلامهم ومرتزقتهم؛ من منظّمة منافقي خلق، تلك المنظّمة الإرهابيّة؛ ولقد شكلّوا غرفتي عمليات في دولة مجاورة، واعترفوا هم أنفسهم بذلك. . . قالوا إنّهم شكّلوا مقرّي قيادة عمليات من أجل [قيادة] الفضاء الافتراضي، وادارة الاضطرابات والفوضى”. (9/1/2018)

كان العدو بمختلف أنواع الحيل والمكائد والفتن ينوي القضاء على النظام. واحدة من هذه المكائد والفتن كان سوق مسؤولي النظام إلى طاولة المفاوضات والاستسلام.

قال القائد: “العيب الحقيقي أن يتصور الشباب في البلاد أنه لا يوجد حلٌّ سوى الركون للعدوّ، هذا هو العيب. بعضهم يحاولون إيحاء هذا الأمر لشبابنا، وهذا ما يريده العدو. . وإنّي بحول الله وقوته وبمواكبتكم، ما دام فيَّ روح وقوة، لن أسمح بوقوع هذا في البلاد”. (2018/10/12)

 

197

 

 


169

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

4. تغيير السلوك والنهج

في كلام له يقول قائد الثورة الإسلاميّة الحكيم: “الهدف الطويل المدى (للعدو) هو [ضرب] أصل النظام الإسلامي؛ في الماضي كانوا يقولون بشكل صريح إنّ النظام الإسلامي يجب أن يزول. ثم أدركوا فيما بعد إنّ هذا الكلام يضرّهم ولا يفيدهم! لهذا قاموا بتعديل هذا الشعار وقالوا بـ”تغيير سلوك الجمهورية الإسلامية”. وأنا العبد قلت في ذلك الوقت لمسؤولينا الأعزاء: أيها السادة! انتبهوا فإن تغيير السلوك لا يختلف أبدًا عن تغيير النظام. . تغيير السلوك يعني أننا كنا نسير في طريق الإسلام وخط الثورة ونهج الإمام، والآن علينا أن نغيّر الزاوية. في البداية تكون الزاوية 20 درجة ثم 45 ثم 90 إلى أن تصل إلى 180 درجة، فنسير في الاتجاه المعاكس والجهة المخالفة. هذا هو معنى تغيير السلوك. وهو نفسه إزالة النظام الإسلامي”. (10/5/2017م)

5. إطلاق الأكاذيب

من كلام للإمام الخامنئي: “المهم أن ندرك في كل فترة من الفترات طبيعة عداء الأعداء وكيف يمارسون عداءهم وما يفعلونه ضدّنا، يجب أن نفهم خطة العدو. . هكذا هي الحال في الحرب العسكرية، وكذا الحال في الحرب الإعلامية والتبليغية وفي الحرب الاقتصادية وفي الحرب الثقافية وفي الحرب الأمنية وفي حرب النفوذ والتسلل. . وهذه كلها حروب ـ في كل هذه الحروب عليكم أن تخمنوا وتفترضوا ما يريد العدو فعله. ولا حاجة اليوم

 

 

198


170

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

إلى الحدس والتخمين فالأمر واضحٌ لكل إنسان واع. هناك آلاف المدافع ـ مدافع اختلاق الأكاذيب ومدافع تضخيم المشكلات ـ

تطلق قذائفها نحو هذا الشعب بالطرائق والأساليب الموجودة اليوم التي لم تكن موجودة سابقًا. وهذا ما نقوله في خصوص الفضاء الافتراضي؛ نقول احذروا قصف مدافع العدو في هذا الفضاء. احذروا أن يستخدم العدو هذا الفضاء ضد هويتكم وضد وجودكم وضد نظامكم وضد ثورتكم. يطلقون وينشرون إحصائيات لا أساس لها من الصحة ويكذبون وينسبون الأقوال كذبًا ويشوّهون الوجوه والشخصيات التي يحترمها الناس والتي ينبغي أن يؤمن بها الشعب، ويكتمون نجاحات الثورة، ويبثون الأوهام والأكاذيب، وينشرون الإخفاقات ونقاط الضعف والنواقص ويضاعفونها ألف ضعف وإن كانت واحدة”. (27/12/2017)

الحرس مظهر هذه المعارف، ورمز المقاومة الثوريّة والدفاع الشجاع؛ كما قال حكيم الثورة الإسلاميّة المتألّه: “حرس الثورة الإسلاميّة هو الركن الركين وأساس الدفاع القويّ عن الثورة في البلد”.

وقال سماحته: “عقيدتي هي أنّ القوّة الوحيدة القادرة على الدفاع الثوري عن الثورة ونظام الجمهوريّة الإسلاميّة هي الحرس. لو لم يكن لدينا الحرس، أو كان لدينا حرس ضعيف، لما كنا قادرين على الدفاع عن الثورة”. (1990/1/9)

 

 

199

 


171

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

* مميّزات حرس الثورة

لعنصر حرس الثورة الإسلاميّة القويّ في النظام الفكري للإمام الخامنئي، مميّزات نشير هنا إلى بعضها:

أ: المعنويّة

في كلام لقائد الثورة الإسلاميّة المفدّى يقول: “تقوية بنية الحرس، تكون بالتعليم والتدريب والتجهيزات والتنظيم والانضباط وهذه الأمور التي نوصي بها دائمًا؛ لكن الأهمّ من هذا كلّه هو المعنويّة. المعنويّة، التضرّع إلى الله تعالى، ارتباط القلوب به، جعل الله هو الهدف، عدم الانخداع بالمظاهر، وعدم التعلّق ببهارج الدنيا وزخارفها. . . هذه هي”. (11/5/1991 )

ب: التديّن والتقوى

قال الإمام الخامنئي: “هناك عدّة أصول في الحرس، تُعدّ أصولًا لا يمكن التخلّف عنها. الأوّل، التديّن والتقوى. والشخص الفاقد للإيمان والتقوى ليس بحرس”. (11/5/1991)

وقال سماحته: “ينبغي للحرس أن يحافظ على الارتباط المعنوي بمركز القيادة والولاية، وأن يُنفخ درس الإيمان والتقوى دائمًا في أنحاء هذا الهيكل العظيم والفعّال كافّة”. (20/11/1989)

وقال: “التقوى تعني مراقبة صحّة العمل؛ خاصّة عندما يرتبط الأمر بالقضايا المهمّة. . . التقوى تعني مراقبة أفعالكم

 

 

200

 

 


172

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وأقوالكم؛ بروحيّة الإبداع والابتكار والفاعليّة ونشاط الشباب. عندما تترافق التقوى وروحيّة الشباب والاستفادة من المواهب والاستعدادات الموجودة فيكم، ستُجترح المعجزات”. (19/5/1999)

ج: الإخلاص

في كلام لقائد الثورة الإسلاميّة وحكيمها يقول: “شرط أن يكون المرء مجاهدًا في سبيل الله، هو أن يكون سعيه وعمله في سبيل الله، ولله، أي أن يكون مخلصًا”. (24/10/2010)

د: أن يكون من أهل الدعاء والنوافل

جاء في كلام للإمام الخامنئي: “إنكم في موقع حساس، عليكم بالقرآن وإلهاماته وهداه؛ تعلّموا المعارف الإسلامية الصعبة. . على مستوى عارف واع عالم. وهذه بطبيعة الحال معارف، والإيمان والإخلاص ليسا وليدين لها بل هما متمخّضان عن أمور أخرى. لا تنسوا الذكر والدعاء؛ وحافظوا على صلوات الليل التي كنتم تواظبون عليها في الجبهة، والتزموا بالنوافل، وعليكم بالمحافظة على تلك الصلاة التي كنتم تقيمونها ليالي العمليات بتوجه متصورين أنها آخر ليلة في حياتكم. عليكم تعزيز هذه الأمور”. (21/10/1990)

وقال: “أوصيكم أيّها الأعزّاء فردًا فردًا، بأن تأنسوا بالصحيفة السجّاديّة ما أمكنكم؛ فهي كتاب عظيم جدًّا. وهو

 

 

202

 

 


173

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

كما قيل عنه حقًا “زبور آل محمّد”. هو مليء بالنغمات المعنويّة؛ هو دعاء ودرس؛ دروس في علم النفس ودروس في علم الاجتماع أيضًا”. (1997/12/4)

وقال سماحته: “افترضوا أنّنا نظرنا في وقت ما ووجدنا أنّنا لم نقرأ القرآن والأدعية، ولم نصلِّ النافلة منذ مدّة، ولم نتوسّل ونتضرّع إلى الله منذ مدّة. هذه علامة الخطر. هذه الأمور هي الحدّ [الفاصل]. . . هذه هي مصابيح الإنذار. هذه هي مصابيح الخطر. لا ينبغي أن نتجاوزها. هذه هي الحدود الدنيا. قد يكون تجاوز هذه الحدود مقبولًا بالنسبة إلى إنسان عاديّ، لكنّه غير مقبول لجماعات محدّدة. إحداها، حرس الثورة الإسلاميّة. يجب الحفاظ على هذه الأهليّة واللياقة”(2006/11/25). وقال: “فتح الفتوح بالنسبة إلى بلد ما، أن يكون شبابه عاقلين، مدبّرين، أتقياء، من أهل التضرّع والبكاء والعبادة، ثابتين صامدين في مواجهة الأعداء، من أهل البصيرة”. (10/3/1991)

وقال قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “إنني أعتقد بأن إمامنا العظيم الذي لا نظير له، لو لم يكن مهتمًا بالمناجاة والدعاء، ولو لم يكن من أهل التضرع والاستغفار والاستغاثة والبكاء والتوسل، لكان من البعيد جدًا أن يهبه الله تعالى كل هذا التوفيق والنجاح. لقد كانت توفيقات هذا العظيم مرهونة، إلى حدّ كبير، بارتباطه بالله، وانفتاح قلبه على المحضر الإلهي والاستغاثة والمناجاة والدعاء”. (1/3/1990)

 

 

202

 

 


174

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

هـ: التعبّد

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “إنّ ما يميزكم عن أي جيش مسلّح حديث وكفء من النواحي كافة، لكنه يفتقر للإيمان، هو الإيمان والتعبد، أي الاعتقاد بالغيب وبتأثير الفعل والانفعالات الغيبية التي لا تصل أيدينا أنا وأنتم، والسبيل والسر والمفتاح للوصول إليها هو التقوى، أي العمل بالتكليف الشرعي”. (20/9/1990)

عندما قيل لنا، جاهدوا وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، وكونوا صادقين في القول والعمل، واجتنبوا رذائل الأخلاق، ولتتحلّوا بالإخلاص والعفو وما شابه من هذه الأحكام الإلهيّة التي يتحلّى بها المؤمن الكامل، فمعناه أنّه يجب أن نتعبّد بهذه الأوامر.

و: الشجاعة:

يرى قائد الثورة المفدّى ضرورة وجود ثلاثة عناصر في حرس الثورة الإسلاميّة والقوّات العسكريّة، وقال: “الشجاعة تعني ذلك العنصر الفعّال الذي نقل الشعب الإيراني من عهد الخمود والذلّ والضعة العالميّة، إلى العهد الذي أصبح يمثّل فيه القدوة والنموذج للشعوب”. (22/4/1999)

ز: البصيرة

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “إن أردت أن أوجّه لكم

 

 

203

 


175

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

توصية ما، فتلك ستكون بأن ترفعوا من مستوى بصيرتكم؛ فمعظم المصائب التي تنزل فوق رأس الشعوب، ناجم عن انعدام البصيرة”. (2009/8/9)

وقال سماحته: “عليكم أن تكونوا واعين. عليكم أن تمتلكوا عين البصيرة. عليكم إذا ما تعلموا إن كانت قواكم في تصرّف الله أم لا. هذا يتطلّب البصيرة. لا تستقلّوا هذا الأمر”. (11/5/1991)

وقال: “لا ينبغي للقوّات المسلّحة أن تتدخّل في الأحزاب السياسيّة. ولا يعني هذا أن حرس الثورة الإسلامي لا يفهم السياسة. . . اللازم هو القدرة على التحليل السياسي. . . جميعكم محتاجون إلى الفهم العسكري والسياسي الصحيح، وفهم السياسات العالميّة الرائجة”. (20/11/1989)

وقال قائد الثورة الإسلاميّة: “من شأن حرس الثورة الإسلاميّة، إضافةً إلى التدريب العسكري والانضباط، وبعبارة أخرى الروح العسكريّة، أن يتحلّى بالوعي؛ أن يكون بصيرًا؛ ذا فهم سياسي، واعيًا للزمان والمكان. . . التحليل السياسي بالنحو الصحيح والمنمّي للذهن، أمر مهمّ جدًّا”. ( 17/9/1991)

وقال سماحته: “إذا فقد الشعب قدرته على التحليل، فسينخدع ويُهزم. لم يكن لدى أصحاب الإمام الحسن (عليه السلام) القدرة على التحليل؛ لم يستطيعوا فهم القضيّة ولا ما يحدث. أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، أولئك الذين أدموا قلبه، لم يكونوا

 

 

204

 


176

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

كلّهم مغرضين؛ لكنّ معظمهم لم يمتلكوا القدرة على التحليل. . . الأمر الأوّل، البصيرة، الوعي، المعرفة، القدرة على الفهم والتحليل؛ ومن ثمّ الصبر والمقاومة والصمود”. (15/4/1991)

مقدّمات التحليل السياسي

للتحليل السياسي مقدّمات من وجهة نظر الإمام الخامنئي، نشير فيما يلي إليها:

1. الرؤية الكونيّة التوحيديّة: باختيار الإنسان للرؤية الكونيّة، والفهم الأساسي للمفاهيم التوحيديّة، تتحصّل لديه بصيرة من خلال النظرة التوحيديّة لعالم الطبيعة(26/10/2010).

2. فهم الزمان: “ينبغي للثوري أن يكون بصيرًا؛ واعيًا؛ مدركًا لتعقيدات ظروف الزمان(2010/12/20).

3. تعميق المعرفة الدينيّة: للأنس بالقرآن، والتدبّر فيه، كذلك التدبّر في الأدعية المأثورة المعتبرة كالصحيفة السجّاديّة وكثير من الأدعية الأخرى أثر كبير. تعميق المعرفة الدينيّة مهمّ جدًّا (2/2/2010).

4. الاطّلاع على تاريخ إيران: على الجيل المعاصر أن يكون مطّلعًا على تاريخ بلده؛ وعليه أن يطّلع على تحديدًا على التاريخ منذ عهد المشروطة إلى يومنا هذا. . . عليكم أن تعرفوا في أيّ موقعيّة كان وموقعه الآن. عليكم أن تتعرّفوا إلى تاريخ النظام البائد خصوصًا. وأن ترفعوا من مستوى معرفتكم بالقضايا العالميّة (12/3/2001)

 

 

205

 


177

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

5. مطالعة تاريخ الاستعمار: “أوصيكم بقراءة التاريخ، طالعوا التاريخ في عصر الاستعمار لتروا أيّ جرائم ارتكبها الغربيون في هذا المجال، بالرغم من ظاهرهم الأنيق المعطّر والمنظّم والمرتّب وادّعاءاتهم حول حقوق الإنسان. لم يكتفوا بقتل البشر، بل سعوا كثيرًا لإبعاد الشعوب المستعمَرة عن مجال التقدّم وسلبها إمكانية التطوّر في جميع المجالات”. (10/8/2011)

6. البحث في الكتب الجيّدة وقراءتها: عدم البصيرة هذا . . . . يزول من خلال قراءة الكتب الجيّدة، ومن خلال التأمّل، ومن خلال محاورة الأشخاص الموثوقين ومن ذوي التجربة. . . . (2009/7/27)

7. محاربة هوى النفس: “وحينما تعمي أهواء النفس أعيننا. وحينما يعمي أعيننا حب الجاه والحسد وحب الدنيا وعبادة الأهواء واتباع الشهوات فلن نستطيع مشاهدة الواقع. . إنه فيل الهوى والنزوات الثمل الذي أعطى الشرعُ المقدس الإنسان المؤمن مطرقة التقوى والورع ليقرع به رأس هذا الفيل الثمل ويروّضه. إذا استطعنا ترويض هذا الفيل في دواخلنا فسيصبح العالم نيّرًا وسنرى كل شيء، وسوف تنفتح أعيننا. أمّا حينما يكون هوى النفس موجودًا فسوف تعمى العيون”. (25/12/2010م)

8. الشجاعة: “هذا الوعي الصحيح لمباني الدين وللموضوعات الدينيّة وللموضوعات الخارجيّة المطابقة للمفاهيم الكليّة والعامة -أي الكبريات والصغريات- يحتاج إلى أن نكون شجعانًا لا نخاف؛ وإلّا فالخوف على أموالنا، وعلى أرواحنا،

 

 

206


178

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

وعلى سمعتنا. والخوف من الأجواء ومن المحيط. . هذه المخاوف توجد خللًا في فهم الإنسان. أحيانًا لا يفهم الإنسان شكل القضيّة بصورةٍ صحيحة ويعجز عن معالجتها بسبب هذه المخاوف والملاحظات، وبذلك يقع في الخطأ”. (24/9/2009)

ح: النظم والانضباط

في كلام له يقول قائد الثورة الإسلاميّة: “أساس عمل النظام والقوّات النظاميّة، هو النظم والانضباط. . . إنّ ميزة مجموعة نظاميّة ما، هي النظم. زيدوا ما أمكنكم، وبالنحو الصحيح، من نظمكم وانضباطكم”. (1989/9/27)

وقال: “النظم أمر جيّد وهو موجود في جميع جيوش العالم، وأيّ جيش من دون النظم والانضباط الدقيقين والمقاربين حدّ الوسواس، لن يحصّل الفائدة المرجوّة والكفاء ة المطلوبة”. (20/11/1989)

وقال سماحته: “إن حياة أي مجموعة عسكرية وروحها يتوقف على النظام. لا أقصد بالنظم والانضباط الظاهر الجاف وحسب، الذي لا روح فيه، بل المهم روح تقبل النظم. النظم يعني وضع المشاعر والرغبات المتنوعة إلى جانب الإرادة الفولاذية للفرد العسكري، في إطار المقررات، والقوانين التي يمكنها أن تجعل سلوكه فعالًا”. (19/5/1999)

ط: الهروب من الدنيا

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “من العار على الناس

 

 

الذين لديهم مبادئ سامية، وتطلعات إلهيّة وإسلاميّة كبرى، والذين يفتخرون بالجهاد في سبيل الله، ويفتخرون بأنّهم كانوا حاضرين في طريق أهمّ الثورات في هذا العصر وحاملين لواء الإسلام ولا يزالون، أن يسلكوا بعد مرور السنين، ذلك الطريق المتعرّج نفسه الذي سلكه من قبل طلاب الدنيا ومن همّهم بطونهم، وأتباع الشهوات في العالم.
الذي يبعث على الفخر أنّه في الوقت الذي يُرى فيه بعضهم يتقاتلون على حطام الدنيا وجيفها، وهم حاضرون لإنكار كلّ الحقائق من أجلها، تنظرون أنتم بأنفة وبنظرة محقّرة لتلك الجيفة ولا تلوّثون أنفسكم بها. هذا باعث على الفخر”. (18/9/2004)

ي: الإبقاء على الجاهزيّة

يقول قائد الثورة المعظّم: “ينبغي للحرس دومًا أن يكون على هيئة العنصر الحاضر، المستعدّ، القويّ، الثوري، الواعي في تصرّف هذا الشعب العظيم وهذه الثورة”. (20/9/1990)

مسؤوليات الحرس وواجباته

ذُكرت في النظام الفكري للإمام الخامنئي مسؤوليّات وواجبات لحرس الثورة الإسلاميّة نشير هنا إليها:

1. الإيمان بوجود التهديد، والبقاء على الجاهزيّة اللازمة

2. الإحساس دومًا بكونه في الخندق

3. الإيمان بدور الحرس بصفته العنصر الوحيد المدافع عن الثورة الإسلاميّة

 

 

208


179

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

4. منع دخول اليأس والشكّ في الحرس

5. الاهتمام بالوحدة والتفاهم بين الحرس والجيش

6. مراعاة الصدق والإخلاص

7. الاهتمام بالتعاليم العسكريّة والعقائديّة

8. ضرورة مراعاة النظام والانضباط وتعزيزهما

9. وجوب التطبيق التام للمقرّرات والقواعد الانضباطيّة

10. تجنّب الدخول في الأحزاب والتيارات السياسيّة

11. الاستفادة من العلماء والفضلاء البارزين

12. الاهتمام بالتضحية الناشئة من التديّن الثوري

13. الازدياد المستمرّ للتديّن في الحرس

14. تقوية البنية المعنويّة لحرس الثورة

15. إعداد العناصر المفعمين بالنشاط والبهجة

16. الحؤول دون حدوث الاهتراء والتآكل داخل المؤسّسة

17. مراقبة الذات، وتصفية النفس، وتهذيب النفس في الحياة الشخصيّة والمؤسّسة

3. الجيش

في كلام للإمام الخامنئي يقول فيه: “لقد أثبت الجيش في مرحلة حرب السنوات الثماني المفروضة، أنّه الركن الوثيق للدفاع عن الحدود واستقلال البلاد”. (16/4/1997)

وقال سماحته: “الجيش والحرس والتعبئة في الجمهوريّة

 

 

209


180

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الإسلامية، هم العنصر الحاسم في الدفاع عن القيم الإسلاميّة والثوريّة”. (6/2/1997)

وقال: “الجيش والحرس والتعبئة وقوّات الشرطة، الذين يشكّلون توليفة القوّات المسلّحة البديعة والفريدة في البلاد، هم أقسام القوّة الدفاعيّة عن الخطّ الأوّل للشعب الإيراني، وخلف هذا الخطّ الأوّل يقف الشعب الإيرانيّ كافّة”. (2003/12/17)

مسؤوليّات الجيش وواجباته

في النظام الفكري والعملي للإمام الخامنئي ذُكرت مسؤوليّات وواجبات لجيش حمهوريّة إيران الإسلاميّة:

يقول سماحته: “القوّات المسلّحة، هي من أهمّ الأقسام التي يجب أن تعرف مسؤوليّاتها جيّدًا وتعمل بها. عليكم أن تقوّوا في أنفسكم كلّ هذه الخصائص الإيجابيّة: الروح العسكريّة، العلم، التقانة، الشجاعة، الأخلاق والإيمان”. (2002/12/25)

“عليكم أن تعزّزوا الإيمان في أنفسكم وفي الأقسام التي تقع تحت مسؤوليّاتكم. فمن [اتباع] هذه التوصيات يفشل العدوّ ويخاف”. (1995/9/27)

وقال أيضًا: “إذا ما وُضع عامل الإيمان موضع الاعتبار، وكان الجيش والقوّات المسلّحة، عمومًا، متسلّحين بالإيمان، وعملوا معتمدين على الله، وجهادًا في سبيله وأداءً للتكليف، فلن تستطيع أيّ قوّة في العالم مهما بلغ تسلّحها وقدرتها، الوقوف

 

 

210

 


181

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أمامهم. ينبغي لهذا الإيمان أن يكون موجودًا بين القوّات المسلّحة. . . ويجب تقويته”. (1989/10/11)

“عناصر الجيش والحرس، والقوّات المسلّحة، إسعوا لأن تكونوا معلّمين للدين والأخلاق أيضًا. ولتعلّموا أنفسكم، ولتعملوا أنفسكم، ولتعلّموا الآخرين أيضًا”. (1995/10/18)

وقال سماحته: “لتعيدوا البناء ولتسعوا في هذه الجوانب الثلاثة (الدين والأخلاق، الاستقلال، الكفاءة). ولتلاحظوا هذه الأركان الأساسيّة الثلاثة في عملكم”. (16/4/1997)

وقال قائد الثورة الإسلاميّة: “أعزّائي، فلتجهّزوا أنفسكم؛ ولتعدّوا أنفسكم، من حيث الاستعداد العلمي والفنّي، أو من حيث الاستعداد المؤسّساتي والانضباطي، أو من حيث الاستعداد الإيماني والعقائدي والروحي؛ وهذه الأخيرة هي الرصيد والضمان لكلّ ما تقدّم”. (2016/9/28)

وقال: “ارفعوا من جاهزيّتكم ما استطعتم”. (1989/6/8)

وقال سماحته: “أظهروا ما استطعتم الابتكار والإبداع، واختاروا الطرق الأقصر. أنتم تستطيعون، ويجب أن تؤمنوا بأنّكم تستطيعون؛ كما استطعتم من قبل”. (1995/9/27)

وقال الإمام الخامنئي: “إذا كنتم أكثر قدرة وقوّة، فاقتدار الجيش نفسه، يوجد الأمن”. (19/4/2017)

 

211


182

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

الجهاد

يجب في موضوع النظام الأمني الدفاعي في النظام الفكري للإمام الخامنئي، أن نبحث بعد موضوع الأمن والدفاع في مسألة الجهاد. الجهاد بمعنى السعي واستخدام قدرتنا وقوانا من أجل تحقيق هدف ما. والجهاد ليس بمعنى الحضور في ساحة الحرب وحسب؛ لأنّ كلّ أنواع السعي في مواجهة العدوّ يمكن عدّه جهادًا.

يقول الإمام الخامنئي: “لا يظّنّن أحد أنّ الجهاد الذي نتحدّث عنه هو ذلك الجهاد القتالي؛ لا، الجهاد العلمي والمالي والاقتصادي، والجهاد في خندق البناء، هي جميعًا لها مكانتها وفضيلتها”. (20/9/1994)

وقال سماحته: “عندما بدأ كفاح الإمام، اكتسب الجهاد أهمية خاصة إلى أن اختتم بمرحلة الانتصار، أي انتصار الثورة الإسلامية، وقد استمرّ الجهاد في هذا البلد من بعدها إلى يومنا هذا، إذ لدينا عدو، وأعداؤنا من الناحية المادية أقوياء، وقد أحاطوا بنا من جميع الأطراف وعلى جميع الصعد. هؤلاء جدّيون في معاداتهم لإيران الإسلام لا يمزحون أبدًا؛ يريدون إلحاق الأذى كيفما أمكنهم ذلك. فكل من يواجه بنحوٍ من الأنحاء العدوَّ الذي صوّب سهامه السامة نحو جسد الثورة والبلد الإسلامي، ويبذل جهدًا ما، يكون مجاهدًا في سبيل الله”. (9/6/1996)

 

 

212


183

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

أنواع الجهاد

للجهاد في النظام الفكري للإمام الخامنئي، أقسام متنوّعة نشير هنا إليها:

1. الجهاد القتالي الحربي

2. الجهاد العلمي

3. الجهاد الثقافي

4. جهاد بناء

5. الجهاد السياسي

6. الجهاد الاقتصادي

7. الجهاد الفكري

8. الجهاد المالي

قال قائد الثورة الإسلاميّة: للجهاد المالي أساس في التعاليم الإسلاميّة. كان في صدر الإسلام أشخاص يجاهدون بأنفسهم، وكان هناك أشخاص يتكفّلون نفقات مجاهد أو أكثر؛ لأنّهم لم يكونوا يستطيعون المشاركة في القتال. فكانوا يهيّئون أموره الماليّة ويرسلونه إلى الجبهة”. (16/11/1987)

 

213


184

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

الأهداف الاجتماعيّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي هي الاستقلال، الحريّة، العدالة الاجتماعيّة، التقدّم والحضارة.

أ. الاستقلال

الاستقلال يعني أن يكون بمقدور شعب ما التحكّم بمصيره؛ أن لا تمتدّ يد الأجانب إليه ويحدّدون مصيره بنحو خيانيّ ومغرض. يقول الإمام الخامنئي: “إذا ما سُلب شعب ما استقلاله، أي أذا تحكّم الأجانب، الذين هم قطعًا غير مشفقين عليه، بمصيره، فإنّه سيفقد أمرين: الأوّل، عزّته وأمجاده وإحساسه بهويّته؛ والثاني، مصالحه ومنافعه”(5/10/2000). وللاستقلال من وجهة نظر قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى أنواع وأقسام نشير ههنا إلى بعضها:

1. الاستقلال الفردي: ما لم يصل الفرد إلى الاستقلال الشخصي الفردي، فلن يمكنه توقّع سائر أنواع الاستقلال.

2. الاستقلال الوطني: أي رفض الهيمنة وتحرّر المجتمع من التدخّلات الخارجيّة، وتحصيل القدرة على تقرير المصير وجعل مقدّرات بلد ما بيد الشعب.

 

216


185

الفصل الثالث: النظام الاجتماعي

3. الاستقلال العابر للقوميات[1]: الاستقلال العابر لحدود القومية هو الاستفادة الدلاليّة/ المعنوية من الحركة الاستقلاليّة للشعوب المستقلّة في الظاهر في مواجهة الظلم الذي لا نهاية له لنظام التسلط والهيمنة وثقافته.

4. الاستقلال السياسي: يعني أن يكون الأشخاص الذين هم اليوم مسؤولون في البلد، سواءً الحكومة، أو مجلس الشورى، أو السلطة القضائيّة، جميعهم، خدمًا للشعب، وأن يعملوا بالتكليف الإلهي فحسب.

5. الاستقلال الاقتصادي: بمعنى أن يقف الشعب والبلد، في نشاطه الاقتصادي على قدميه، ولا يحتاج إلى أحد، أن يكون في الحسابات الاقتصاديّة العالميّة ذا وزن؛ لا يستطيعون عزله أو محاصرته بسهولة.

6. الاستقلال الثقافي: أي ثقافة الاستقلال؛ الاعتقاد والإيمان بالاستقلال. الاستقلال الثقافي يعني أن لا نكون من الناحية الثقافيّة، مع الثقافة العميقة والغنيّة التي نمتلكها، تابعين بنحو أعمى وأذنابًا للثقافة الأجنبيّة.

7. الاستقلال العلمي: المعرفة والاستجابة لكلّ الأبعاد الوجوديّة لشعب مرتبط بالتاريخ ويتمّتع بالثقة الوطنيّة بالنفس، يمكن أن يهيّىء مقدّمات التطوّر والتعويض عن كلّ التأخّر والتخلّف العلمي الماضي.

 

 


[1] استقلال فراملي؛ أي العابر للوطن. .

 

 

217


186

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

8. الاستقلال الأمني: يقول الإمام الخامنئي: “كان الشعار الأساسي للشعب الإيراني هو: “الاستقلال” و “الحرية”، الذي انتهى بشعار “الجمهورية الإسلامية”، ومع توالي الزمن وتقدّم الثورة أضحى هذا الشعار أكثر وضوحًا وجلاءً، أي تولدت من تلك الشعارات، شعارات جديدة ترسم معالم الطريق”. (30/10/1996)

وقال: “هدف الشعب الإيراني هو كسب الاستقلال والحرية في ظل الإسلام. وشعار “‌استقلال،‌ حرية، جمهورية إسلامية” الذي شاع زمن الثورة كان تعبيرًا عن مكنون قلوب الناس. وكان الناس يريدون ذلك”. (30/4/2008)

وقال: “الاستقلال هو الحرية، لكن ليست الحرية الفردية لشخص واحد، وإنما هي حرية الشعب وتحرره من حالات الفرض والإملاء والإذلال وفرض التخلف والنهب والاستعباد. فإن تحرر شعبٌ من هذه الأمور، فسيكون مستقلًا”. (16/9/2015)

ب. الحريّة

الحريّة بمعنى التحرّر من قيد الطاغوت وأسره، وإمكانيّة السير والتحليق نحو مرحلة الإنسانيّة. الحريّة من المفاهيم القيميّة الاعتباريّة التي لها عدّة أصول من وجهة نظر الإمام الخامنئي:

1. للحريّة أساس في الإرادة الإلهيّة

 

 

218


187

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

2. هي من الحقوق الأساسيّة لكلّ البشر ولا يمكن أن تسلب

3. حقّ ضروري وعقلي

4. هذا الحقّ الفطري، واجب على بني الإنسان بصورة تشريعيّة

5. لهذه العطيّة الإلهيّة بالنسبة إلى بني البشر دور أداتي ومقدّماتي

6. ضمان هذه الحرّيّة وتحقّقها ممكن في ظلّ الدين فقط

7. الإسلام من دون الحرّيّة ليس إسلامًا حقيقيًّا، والحرّيّة غير الإسلاميّة هي وهم

8. من دون الحرّيّة، لن يبقى الاختيار للإنسان

9. الركن الأهمّ للحرّيّة هو تحرّر الإنسان من أسر الهوى والشهوات

أنواع الحريّة

للحريّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي أقسام:

1. الحريّة المطلقة: يقول قائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “لا أظنّ أنّ أحدًا في العالم يدعو إلى الحرّيّة المطلقة”. (3/9/1998)

2. الحرّيّة الاجتماعيّة: الحرّيّة بصفتها حقًّا إنسانيًا في التفكير، القول، الاختيار وما شابه؛

3. حرّيّة العمل والأنشطة الاجتماعيّة

4. الحرّيّة المعنويّة: انعتاق الإنسان وتساميه الأخلاقي

 

 

219


188

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

وعروجه المعنوي، تحرّر الإنسان من قيد الهوى والشهوات

5. الحريّة الحقيقيّة

6. الحريّة العقلائيّة

7. الحرّيّة من قيد الظلم والجور

8. الحرّيّة من أسر العقائد الباطلة

9. الحريّة الداخليّة

10. الحريّة الخارجيّة

11. الحريّة الفرديّة

12. الحريّة العامّة

13. الحرّيّة الإسلاميّة

14. الحريّة الغربيّة: مغايرة للإسلام

15. الحرّيّة الظاهريّة

16. الحرّيّة الجنسيّة: مغايرة للإسلام

17. حرّيّة المعتقد

18. حرّية الفكر والتعبير

19. حرّيّة المطبوعات

20. حرّيّة المرأة

21. حريّة الملبس

22. الحريّة الاقتصاديّة

23. حرّيّة الرأي

 

 

220


189

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

24. الحريّة السياسيّة

25. الحريّة المدنيّة: كالحريّة في اختيار الزوج والعمل

26. حرّيّة الانتقاد

27. حريّة المقاومة

28. حريّة الفن

29. حريّة الخيانة

30. حريّة التآمر

31. حريّة التخيّل

في كلام للإمام الخامنئي: “الحرّية الصحيحة والحريّة المعقولة هي هديّة الدين الأهمّ لملّة ما ومجتمع ما. بفضل الحريّة تتطوّر الأفكار وتتفتّح الاستعدادات. مفهوم الحريّة هو مفهوم إسلامي”. (3/9/1998)

ويقول ذلك الإمام الهمام: “لقد طُرح مفهوم حريّة الإنسان في الإسلام قبل قرون من طرحه في أوروبا. وقبل أن يفكّر المفكّرون والمتنوّرون والثوريّون والقادة الأوروبيّون بعدّ حريّة الإنسان من الحقوق الأساسيّة للبشر بقرون، طُرح هذا المفهوم في الإسلام”. (5/12/1986)

عندما عُرّفت الحرّية من منطلق الإسلام، وكان معيارها إلهيًّا، فإنّ حدود الحريّة أيضًا تُحدّد على أساس الإسلام المحمّدي(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأصيل، وهذه هي نقطة تمايز الحريّة الإسلاميّة عن الحرّيّة الغربيّة. ففيما يشدّد الغرب

 

 

222


190

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

وقال: “أحد النماذج المهمّة للعدالة الاجتماعيّة التقسيم والتوزيع [الإتاحة] المتوازن للفرص في البلاد”. (4/2/2011)

قال سماحته: “العدالة الاجتماعيّة تعني توزيع الإمكانيّات الموجودة في البلاد بنحو عادل وعقلائي. . . ولنسعَ إلى أن نزيد من هذه الإمكانات لتصل إلى الجميع بنحو أكبر”. (30/8/2005)

وقال سماحته: “العدالة الاجتماعية تعني أن يستفيد سائر الشرائح من كلّ خيرات المجتمع الإسلامي، وأن يستفيد المحرومون والحفاة الذين كانوا طوال التاريخ خلف الأنبياء، بصفتهم الأساس في النهضة الإسلاميّة، من القسط والعدالة الاجتماعيّة، ويحصلوا على حقوقهم المحقّة. ينبغي لهذه المسألة أن تكون في القوانين، وفي تحديد القيم والخطابات والمؤلّفات، في الصدارة، لكي يزول التمييز والظلم والحرمان”. (23/7/1988)

وفي كلام له يقول: “في النظام الماضي إذا كانت كلّ الثروات والأموال والأشغال والإنجازات العلميّة والعمران، والخلاصة، كلّ الخيرات، تستخدم في خدمة المرفّهين، وكانت الطبقات الفقيرة ـ أي الأكثريّة ـ توضع موضع النسيان، وجب على النظام الإسلامي، خلافًا لذلك، أن يبذل كلّ جهده لسدّ الفجوات الاقتصاديّة والاجتماعيّة العميقة بين الفقراء والأغنياء، وأن يشغّل الثروات الماديّة والمعنويّة في البلاد في خدمة الحفاة الذين لهم حقّ الحياة في عنق هذا البلد. وكلّ لحظة من عمر المسؤولين تُقضى في العمل والتفكير لخدمة الشعب، فإنّما تُقضى في العبادة، وعلى مسؤولي البلاد الذين [تُعدّ] خدمة الناس فخرهم

 

224

 

 


191

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

الأكبر، أن لا يفرغوا لحظة من هذه العبادة”. (4/11/1990 )

وفي كلام آخر له يقول: “يمكن لسائر أهداف هذا الشعب والثورة، ومن جملتها العدالة الاجتماعيّة، أن تتحقّق بدعم هذا الشعب المؤمن الغيور الذي وقف كالجبل”. (10/11/2006)

وقال: “إذا لم يعمل المسؤولون في البلاد من أجل العدالة الاجتماعيّة، من أجل رفع الفقر من المجتمع، ومن أجل تقليل الفجوة بين الطبقات الفقيرة والغنيّة، فسوف يسقطون من أعين الناس، ويقينًا لن يتقبّلهم الشعب ولن يرضى بهم كمسؤولين محبوبين”. (20/4/2000)

وقال سماحته: “إنّ تعيين المناصب والمسؤوليّات وشعارات الحاكميّة ينبغي أن تكون على أساس النصّ القرآني وأحكام الإسلام حتّى تتحقّق العدالة الاجتماعيّة”. (9/12/1996)

وقال: “إذا أردنا أن نتقدّم، فإنّ أحد الأدلة المهمّة التي تأتي في الدرجة الأولى هو العدالة. . فإذا ما تقدَّم بلد في العلم والتكنولوجيا والمظاهر المادّيّة الأخرى، وبقي مفتقرًا للعدالة الاجتماعيّة، فهذا، برأينا وبحسب منطق الإسلام، ليس بتقدّم. في الوقت الراهن، ثمّة تقدّم علميّ في الكثير من البلدان، الصناعة متطوّرة، وأساليب الحياة المختلفة متطوّرة، لكنّ الهوّة الطبقيّة ازدادت عمقًا واتّساعًا، فهذا ليس تقدُّمًا، إنّه تطوّر سطحيٌّ وظاهريٌّ عابر”. (13/10/2012)

 

 

225

 

 


192

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

د. التقدم

التقدم هو أحد الأهداف المهمّة للأنظمة الاجتماعيّة. والتقدم هو السير والحركة نحو الأهداف وسدّ نقاط الفراغ.
وقد حُدّدت أهداف التقدم في النظام الفكري للإمام الخامنئي بما يلي:

1. إيجاد حضارة نموذج

2. اكتساب القدرة

3. أداء الرسالة العالميّة

4. نشر الإسلام الحقيقي

5. الحصول على الحياة الطيّبة

الحياة الطيّبة

مفهوم الحياة الطيّبة مفهوم أساسي ينبغي الالتفات إليه من أجل تبيين الأبعاد المتنوّعة للتقدم. لهذا المفهوم، مكانة أساسيّة ومحوريّة سواءٌ في تبيان معنى التقدم، أو في تحديد العناصر والمعالم، أو في ترسيم الأهداف النهائيّة له.

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الحياة الطيّبة، تعني الحياة التي يطيب فيها عيش الإنسان، والتي يشعر فيها الإنسان بالهدوء والراحة”. (9/1/1990)

وقال سماحته: “الحياة الطيّبة تعني ذلك الشعب الذي يسعى ويعمل؛ يبني؛ ويبلغ بالصناعة والتجارة القمّة؛ يحقّق الاقتدار

 

226

 

 


193

إشارة

العلمي والتقني؛ يحقّق أنواع التطوّر في جميع الاتّجاهات؛ لكنّه في كلّ هذه الحالات، يكون قلبه مع الله، ويصبح يومًا فيومًا أكثر معرفة بالله”. (18/4/1991)

وقال: “يريد الإسلام للمجتمع أن تتوفّر فيه الأمور الماديّة والأمور المعنويّة، المال والرفاه والإيمان والروحانيّة، والتطوّر الاقتصادي والتكامل الأخلاقي والمعنوي؛ هذه هي الحياة الطيّبة التي يريدها الإسلام”. (14/10/1995)

وقال سماحته: “ما هي الحياة الطيبة؟ إنها تلك الأمور التي يحتاج إليها البشر لحياتهم وسعادتهم. فإن العزة الوطنية على سبيل المثال جزء من الحياة الطيبة. . كما أن الاستقلال وعدم التبعية للأجانب وللآخرين أيضًا من موارد الحياة الطيبة. . حقيقة الحياة هي هذه الأمور. إن الحياة الطيبة لشعب ما هي أن يعيش عزيزًا مرفوع الرأس مستقلًا غير تابع للآخرين”. (16/9/2015)

ميادين التقدم

هناك ميادين التقدم من وجهة نظر الإمام الخامنئي نشير فيما يلي إليها:

1. في الميدان الفكري

2. في ميدان العلم

3. في ميدان الحياة

4. في ميدان المعنويّات

 

228


194

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

يقول ذلك الحكيم العاقل: “مرادنا من التقدم هو التقدم الشامل: التقدم في إنتاج الثروة الوطنية؛ التقدم في الاقتدار الوطني والعزّة العالميّة؛ التقدم في الأخلاق وفي الأمور المعنويّة؛ التقدم في أمن البلاد. . . ؛ التقدم في ارتقاء الانتفاع [من الأشياء]. . . ؛ التقدم في مراعاة القانون والانضباط الاجتماعي. . . ؛ التقدم في الوحدة والانسجام الوطني. . . ؛ التقدم في الوعي السياسي. . . ؛ تقبّل المسؤوليّة، العزم والإرادة الوطنيّة. ينبغي التقدم في جميع هذه المجالات”. (21/3/2009)

وقال سماحته: “التقدم هو أن يتمكن بلد وشعب بقدراته وإرادته وقراره وعلمه وطاقاته أن يصل بنفسه إلى الخطوط الأمامية. هذا هو التقدم، وهو ما تحقق في بلدنا والحمد لله. إننا اليوم قطب في مجال الطب والاستشفاء، ونسجل مرتبة علمية عالية في العالم، ولنا رأينا وموقفنا الأساسي في قضايا المنطقة، وحققنا مستوىً علميًا رفيعًا في المجال النووي، ومستوىً عاليًا في مجال علوم “النانو”، وكسبنا علمًا رفيعًا في مضمار “تقنيات الأحياء”، وسجّلنا مرتبة عالية في ميدان العلوم المتعلقة بالفضاء الافتراضي. هذا هو التقدم. الكثير من شبابنا ونظرًا لنبوغهم وعظمة طاقاتهم، لا ينتظرون إلا إشارة للتحليق إلى القمم. نحن المسؤولين والمديرين لدينا تقصير في هذا المجال، وإلّا فإننا لو واكبنا الشباب أكثر، لحلّق الشباب حقًّا ونبغوا في المجالات العلمية والتقنية والخدماتية والأعمال المتنوعة، كما يحلّقون عاليًا في المجالات المعنوية. لقد تقدمنا كثيرًا في مجال الأمن وفي

 

 

228


195

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

مجال الدفاع وفي مجال الزراعة وفي مجال الصحة وفي المجال العلمي وفي مجال الطرق والمواصلات، تقدُّمنا جيد والحمد لله”. (16/2/2018)

وفي كلام له يقول الإمام الخامنئي: “البلد في حال تقدم، ونحن نسجل تقدمًا في المجالات المختلفة: لدينا تقدم في المجال العلمي، وهناك تقدم في المجال الصناعي، ولدينا تقدم على صعيد العزة السياسية، وعندنا تطور في مضمار النمو الفكري، ولدينا تقدم في المجالات المعنوية. . هناك كلُّ هذا العدد من الشباب الصالحين في البلاد، لاحظوا الذي يجري الآن في الفضاء الافتراضي! كم يوجد من “مُضِلّاتِ الفِتَن” (16) في هذا الفضاء الافتراضي وفي القنوات الفضائية وفي هذه المؤسسات وما شابه! والشاب معرَّض لكل هذه العوامل ومع ذلك لاحظوا كيف هي مسيرات الأربعين، وكيف هو الاعتكاف، وكيف هي صلوات الجمعة في الجامعات. هذا شيء على جانب كبير من الأهمية. لماذا يجب أن لا نرى هذه الأشياء؟ هذا دليل على أنه حتى المعنوية التي هي الجزء الأصعب ـ المعنوية أصعب أجزاء الثقافة ـ في حال تقدم وتطور”. (6/9/2018م)

وقال القائد الحكيم: “إنّه لشيء مهم جدًّا في العالم أن ترى الشعوب أن بإمكان شعب أن يرشد ويتكامل ويتحرك من دون أن يكون في ظل القوى (الاستكبارية). بل ويستطيع أن يرشد ويتحرك ويقف على قدميه ويتقدم إلى الأمام على الرغم من خصومة هذه القوى وعداوتها. هذا ما دللنا عليه وأثبتناه عمليًا، وهو ما يغضبهم ويغيظهم”. (18/10/2017)

 

 

229

 


196

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

مجالات التقدم

إنّ مجالات التقدم الواسع متاحة اليوم في بلدنا؛ نشير هنا إلى بعضها:

1. الثروات الطبيعيّة الوافرة

2. التنوّع المناخي المناطقي

3. أعداد الشباب المتعلّم

4. الاعتبار السياسي والاقتدار بين الدول

5. الإيمان بالذات والثقة الوطنيّة بالنفس

6. روحيّة الشعب الإيراني وإيمانه

7. الوضع الثقافي الجيّد

8. اكتساب التجارب المهمّة

9. المواهب الإيرانيّة الكثير

10. تطوّر البنى التحتيّة في البلاد

11. تنوّع القوميّات

12. ارتقاء الشأن الاجتماعي للعلم والعالِم

13. ارتفاع نسبة ثقافة العمل الجهادي

14. مشاركة عامّة الشعب

15. الأمن الاجتماعي والسياسي

16. الترابط والوحدة الوطنيّة

 

 

230


197

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

17. القدرة الوطنيّة

18. الاستقلال الوطني

19. الثقة بالنظام وبالمسؤولين

20. الثقة بالله وبالأحكام الإلهيّة

هذه الميّزات، حوّلت جمهوريّة إيران الإسلاميّة إلى بلد متطوّر وقويّ.

وقال سماحته: “إنّنا اليوم وبرغم أنف العدوّ وإرادته، أقوياء؛ أقوياء من الناحية السياسيّة؛ أقوياء من الناحية العسكريّة؛ أقوياء من الناحية الأمنيّة. وفي الاقتصاد أيضًا يمكننا أن نتقدّم ونكتسب رتبة عالية على الصعيد العالمي”. (3/8/2017)

وقال الإمام الخامنئي: “الهدف الإعلامي للإسلام هو بناء إنسان متكامل موافق للمعيار الإسلامي[1]؛ لكن من دون شكّ، التطوّر والتقدّم الاقتصادي هما من الأهداف الإسلاميّة. لذا، تلاحظون في الحضارة الإسلاميّة، أنّ الإسلام قد ظهر في أكثر بقاع العالم فقرًا وتخلّفًا؛ لكن لم تكد خمسون سنة تمضي على ظهوره حتّى صار أكثر من خمسين في المئة من العالم المتحضّر يومذاك تحت لواء الإسلام، ولم يكد قرنان من عمر هذه الحضارة يمضيان، حتّى أصبح العالم الإسلامي الكبير يومها في قمّة الحضارة البشريّة من حيث العلم وأنواع العلوم والتطوّر المدني والاقتصادي؛ ولم يكن هذا ليحدث إلّا بفضل تعاليم الإسلام”. (15/9/2004)

 

 


[1] أي على النحو والنموذج الذي يطرحه الاسلام (المحرر)

 

 

231


198

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

هـ. الحضارة الإسلاميّة

في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الحضارة الإسلاميّة تعني ذلك الجوّ الذي يستطيع فيه الإنسان التطوّر من الناحية المعنويّة ومن الناحية الماديّة، والوصول إلى الغايات المنشودة التي خلقه الله تعالى من أجل الوصول إليها، أن يحيا حياةً طيّبة، حياةً عزيزة، أن يكون إنسانا عزيزًا؛ إنسانا قويًّا، صاحب إرادة، مبتكرًا، بانيًا لعالم الطبيعة، هذا ما تعنيه الحضارة الإسلاميّة”(5/9/2013م). الحضارة الإسلاميّة من وجهة نظر الإمام الخامنئي، هي الهدف المهمّ بالنسبة إلى النظام الاجتماعي الإسلامي، وهي مشتملة على التقدم المادّي والمعنوي. يقول سماحته: “نحن نتقدم ونعيد إعمار بلدنا ونعمل على بناء حضارة. ما أود أن اقوله لكم: ليست مشكلتنا مقتصرة على أن ننقذ حياتنا و”نقتلع الشوك من أيدينا بأنفسنا” بل إن المشكلة هي أن الأمة الإيرانية -كما هو شأنها- تعمل على صناعة حضارة. القاعدة الأساسية للحضارة، لا تقوم على الصناعة والتكنولوجيا والعلم، بل على الثقافة والرؤية والمعرفة والكمال الفكري البشري”. (21/3/1994)

وقال: “لو أخذنا التقدّم من جميع الأبعاد بمعنى بناء الحضارة الإسلاميّة الجديدة ـ ففي النهاية يوجد مصداقٌ عينيّ وخارجيّ للتقدّم وفق المفهوم الإسلاميّ ـ هنا سنقول إنّ هدف الشعب الإيراني، وهدف الثّورة الإسلاميّة، هو إيجاد حضارة إسلاميّة جديدة. فهذه حسابات صحيحة، فلهذه الحضارة الجديدة قسمان: القسم الأوّل ما يتعلّق بالأداة، والقسم الآخر ما يرتبط

 

 

232

 

 


199

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

بالمضمون والأساس والأصل. ويجب تناول كلا القسمين.

القسم المتعلّق بالأداة والوسيلة، أي تلك القيم التي نطرحها اليوم تحت عنوان تطوّر البلد: العلم، والاختراع، والصّناعة، والسياسة، والاقتصاد، والاقتدار السياسيّ والعسكريّ، والشأنيّة الدولية، والإعلام وأدواته، فكلّ ذلك هو من القسم المتعلق بأداة الحضارة ووسيلتها. وحتمًا لقد تطوّرنا جيّدًا في هذا القسم على صعيد البلد. لقد أُنجزت أعمالٌ كثيرة وجيّدة، سواءٌ في المجال السياسيّ أو العلميّ أو القضايا الاجتماعيّة، وكذلك في مجال الاختراعات وما شابه إلى ما شاء الله على مستوى البلد كلّه. ففي هذا القسم المتعلّق بالأداة والوسيلة، حصل تطوّرٌ جيّدٌ في البلاد بالرغم من كلّ الضغوط والحظر وأمثاله.

أمّا القسم الحقيقيّ فهو تلك الأمور التي تشكّل مضمون حياتنا، وهو نمط الحياة الّتي تحدّثنا عنه. فهذا هو القسم الحقيقيّ والأساسيّ للحضارة، كقضيّة الأسرة، ونمط الزواج، ونوع المسكن واللباس ونمط الاستهلاك، ونوعيّة الغذاء والطبخ والترفيه، ومسألة الخطّ، واللغة، وقضيّة التكسّب والعمل، وسلوكنا في مكان العمل والجامعة وفي المدرسة، وفي النشاط السياسيّ وفي الرياضة، وفي الإعلام، وفي سلوكنا مع الأب والأم، ومع الزوج والأبناء ومع الرئيس والمرؤوس والشرطة والعامل الحكوميّ، وفي أسفارنا ونظافتنا وطهارتنا وسلوكنا مع الصديق والعدوّ والأجنبيّ، فكلّ هذه ترتبط بالقسم الأساسيّ للحضارة التي تمثّل صلب حياة الإنسان”. (14/10/2012)

 

 

233

 


200

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

متطلّبات الحضارة الإسلاميّة:

بناء الحضارة الإسلاميّة في النظام الفكري للإمام الخامنئي يستلزم أمورًا نشير ههنا إليها:

1. الإيمان بالإسلام

2. التوكّل على الله والمعنويّة

3. الإخلاص والعمل الصادق

4. التقوى العمليّة

5. اجتناب تقليد الحضارة الغربيّة

6. مواجهة الحضارة الغربيّة

7. التطوّر العلمي

8. وحدة الشعب والمسؤولين

9. الصمود والمقاومة

10. إنتاج الفكر

11. تربية الإنسان

في كلام لقائد الثورة الإسلاميّة المفدّى: “يجب إعداد جيل شجاع متعلّم، متديّن مبدع، متفوق ومبادر، واثق بنفسه. . يتحلّى بالإيمان والعلم والثقافة والغيرة والشجاعة والثقة بالنفس والدافع الكافي للحركة والنشاط، أن يتحلّى بالطاقة والقدرة الجسديّة والفكريّة، أن يركّز الهدف وينظر إلى الأهداف البعيدة”. (19/10/2016م)

يمكن لهذا الجيل بامتلاك الفكر والأيديولوجيا والدين، أن يبني حضارة، حضارة عظيمة وعميقة وقويّة.

 

 

234


201

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

خصائص الحضارة الإسلامية

إرادتنا هي إيجاد حضارة، بهذه الخصائص ستكون:

1. معتمدة على المعنويّات

2. معتمدة على الله

3. مستندة إلى الوحي الإلهي

4. مستندة إلى التعاليم الإلهيّة

5. معتمدة على الهداية الإلهيّة

هذه الحضارة، هي الحضارة الإسلاميّة، وحضارة كهذه يمكنها إنقاذ البشريّة، وتسهيل نشر الفكر الإسلامي للشعب الإيراني وثورة إيران الإسلاميّة في العالم. في كلام للإمام الخامنئي يقول: “الحضارة الإسلامية بمقوماتها الإيمانية والعلمية والأخلاقية، ومن خلال الجهاد الدائم، قادرة علی أن تقدم للأمة الإسلامية وللبشرية المشاريع الفكرية المتقدمة والأخلاق السامية، وأن تكون منطلق الخلاص من مظالم الرؤية الكونية المادية الظالمة ومن الأخلاق الغارقة في مستنقع الرّذيلة التي تشكل أركان الحضارة الغربية القائمة”. (29/4/2013م)

وقال ذلك الحكيم المتألّه: “يستطيع الإسلام أن يوصل هذه الأجيال إلى آفاق جديدة ويدخل الفرحة والسرور على قلوبهم ويمنحهم الكرامة اللائقة بالإنسان؛ هذه هي الحضارة الإسلاميّة الجديدة”. (21/5/2014م)

وقال: “الحضارة الإسلاميّة ليست فتحًا للبلدان؛ بل تعني تقبّل الشعوب الفكري للإسلام”. (25/4/2016)

 

 

235

 


202

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

وقال سماحته: “الحضارة الإسلاميّة الجديدة. . . ، ليست بمعنى احتلال البلدان؛ وليست بمعنى الاعتداء على حقوق الشعوب؛ وليست بمعنى فرض أخلاقنا وثقافتنا على الشعوب الأخرى؛ [بل] بمعنى تقديم الهديّة الإلهيّة للشعوب”. (29/12/2015)

وقال دامت بركاته: “الحضارة الإسلاميّة تعني ذلك الجوّ الذي يستطيع فيه الإنسان التطوّر من الناحية المعنويّة ومن الناحية الماديّة، والوصول إلى الغايات المنشودة التي خلقه الله تعالى من أجل الوصول إليها، أن يحيا حياةً طيّبة، حياةً عزيزة، أن يكون إنسانا عزيزًا؛ إنسانا قويًّا، صاحب إرادة، مبتكرًا، بانيًا لعالم الطبيعة، هذا ما تعنيه الحضارة الإسلاميّة”. (5/9/2013)

وقد رسّم ذلك الحكيم المتألّه والمدبّر العظيم سلسلة منطقيّة مترابطة: “الحلقة الأولى (في السلسلة): الثورة الإسلامية

الحلقة الثانية: تشكيل النظام الإسلامي

الحلقة الثالثة: تشكيل الحكومة الإسلامية

الحلقة الرابعة: تشكيل المجتمع الإسلامي

الحلقة الخامسة: تشكيل الأمة الإسلامية

وقال سماحته في هذا الخطاب نفسه: المقصود بالثورة الإسلامية هو الحركة الثورية. . تلك الحركة الثورية نفسها. . التي تسقط النظام الرجعي والقديم والفاسد والتابع وتهيّئ الأرضية المناسبة لقيام النظام الجديد.

النظام الإسلامي، وأعني به هنا، الهوية الكلية ذات التعريف

 

236


203

الفصل الرابع: الأهداف الاجتماعيّة

المحدد، التي يختارها البلد والشعب وأصحاب الثورة، الذين هم الناس بالنسبة إلينا، النظام الذي تنبثق حاكمية الشعب فيه من الإسلام ويتوافق مع القيم الإسلامية.

المقصود بالحكومة الإسلامية أنّ هناك دستورًا وقوانين أصلية ومؤسسات وبُنى إدارية للبلاد قد تحددت على أساس ما وُجد في مرحلة تعيين النظام الإسلامي. هذه المجموعة من المؤسسات الإدارية هي الحكومة الإسلامية. . يعني مجموع الأجهزة الإدارية في البلاد التي تلقى على عاتقها مهمة إدارة البلاد والنُّظم الإدارية المختلفة في البلد.

الحلقة التي تليها هي المجتمع الإسلامي. . هو المجتمع الذي تتحقق فيه المثل العليا الإسلامية والأهداف الإسلامية والآمال الكبرى التي يرسمها الإسلام للبشرية. هو مجتمع عادل، مفعم بالعدالة، مجتمع حر، يكون للناس فيه دور وتأثير أساسي في إدارة البلاد وبناء مستقبلهم وتقدمهم. مجتمع ذو عزة وطنية واكتفاء وطني، مجتمع يتمتع بالرفاهية وخالٍ من الفقر والجوع، مجتمع متقدم في جميع الأبعاد تقدمًا علميًا، تقدمًا اقتصاديًا، تقدمًا سياسيًا وأخيرًا، هو مجتمع لا يعرف السكون، ولا الركود، ولا التوقف بل يكون في حال مسير دائم للأمام”. (16/10/2011)

لقد طوى الشعب الإيراني أشواطًا في هذا المسير. ولو لم تتعرّض الثورات الشعبيّة في العالم للمؤامرات ولم تتغيّر وتتبدّل، فستصبح كيفيّة عملية بناء النظام، وتدوين القانون وإدارة البلدان والثورات القضيّة الأساسيّة للشعوب. وهذه نفسها قضيّة بناء الحضارة الإسلاميّة المهمّة وتشكيل الأمّة الإسلاميّة.

 

237


204
مدخلٌ إلى المنظومة الفكرية للإمام الخامنئي دام ظله