آداب المريض


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-08

النسخة: 4


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


مقدمة

 المقدمة


دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام

إذا مرض أو نزل به كربٌ أو بلية

أللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا لَمْ أَزَلْ أَتَصَرَّفُ فِيهِ مِنْ سَلاَمَةِ بَدَنِي، وَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَحْدَثْتَ بِيْ مِنْ عِلَّةٍ فِي جَسَـدِي. فَمَا أَدْرِي يَـا إلهِي، أَيُّ الْحَالَيْنِ أَحَقُّ بِالشُّكْرِ لَكَ، وَأَيُّ الْوَقْتَيْنِ أوْلَى بِالْحَمْدِ لَكَ؟!

أَوَقْتُ الصِّحَةِ الَّتِي هَنَّـأْتَنِي فِيهَا طَيِّبَاتِ رِزْقِكَ، وَنَشَّطْتَنِي بِهَا لابْتِغاءِ مَرْضَاتِكَ وَفَضْلِكَ، وَقَوَّيْتَنِي مَعَهَا عَلَى مَـا وَفَّقْتَنِي لَهُ مِنْ طَـاعَتِـكَ أَمْ وَقْتُ الْعِلَّةِ الَّتِي مَحَّصْتَنِي بِهَا، وَالنِّعَمِ الَّتِي أَتْحَفْتَنِي بِهَا تَخْفِيفاً لِمَا ثَقُلَ بِهِ عَلَى ظَهري مِنَ الْخَطِيئاتِ وَتَطْهيراً لِمَا انْغَمَسْتُ فيهِ مِنَ السَّيِّئاتِ ، وَتَنْبِيهاً لِتَنَاوُلِ التَّوْبَةِ، وَتَذْكِيراً لِمَحْوِ الْحَوْبَةِ بِقَدِيمِ النِّعْمَةِ، وَفِي خِلاَلِ ذَلِكَ مَا كَتَبَ لِيَ الْكَاتِبَانِ مِنْ زَكِيِّ الاعْمَالِ، مَا لا قَلْبٌ فَكَّرَ فِيهِ، وَلا لِسَانٌ نَطَقَ بِهِ وَلاَ جَارِحَةٌ تَكَلَّفَتْهُ بَلْ إفْضَالاً مِنْكَ عَلَيَّ، وَإحْسَاناً مِنْ صَنِيعِـكَ إلَيَّ.
 
 
 
 
 
 
 
 
5

1

مقدمة

 أللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّـدٍ وَآلِـهِ وَحَبِّبْ إلَيّ مَـا رَضِيتَ لِي ، وَيَسِّرْ لِي مَا أَحْلَلْتَ بِيْ، وَطَهِّرْنِي مِنْ دَنَسِ مَا أَسْلَفْتُ ، وَامْحُ عَنِّي شَرَّ مَا قَـدَّمْتُ، وَأَوْجِدْنِي حَلاَوَةَ الْعَافِيَةِ ، وَأَذِقْنِي بَرْدَ السَّلاَمَةِ وَاجْعَلْ مَخْرَجِي عَنْ عِلَّتِي إلَى عَفْوِكَ، وَمُتَحَوَّلِي عَنْ صَرْعَتِي إلَى تَجَاوُزِكَ، وَخَلاصِي مِنْ كَرْبِي إلَى رَوْحِكَ، وَسَلاَمَتِي مِنْ هَذِهِ الشِّدَّةِ إلَى فَرَجِكَ، إنَّكَ الْمُتَفَضِّلُ بِالاِحْسَانِ، الْمُتَطَوِّلُ بِالامْتِنَانِ، الْوَهَّابُ الْكَرِيمُ، ذُو الْجَلاَلِ وَالاكْرَامِ.

 

 

 

 

 

 

 

 

6


2

مقدمة

 بسم الله الرحمن الرحيم


 
﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا 1

الحمد لله رب العالمين، واشرف الصلاة التامة والتسليم، على خير المرسلين، والمبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ومولانا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الكرام البررة صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.

من الطرق اليسيرة في تحصيل الأجر الجزيل، وزيادة الأجر في الميزان عند الله تعالى، أن يلهج 
 
 
 

1- الأحزاب:35
 
 
 
 
 
 
7

3

مقدمة

 المؤمن بذكر الله تعالى في آناء ليله وأطراف نهاره. وذكر الله تعالى لا يكون بالتحميد والتهليل وسائر الأذكار فحسب، بل إن ما ورد من الذكر والدعاء الذي يُتقرب به مصاحباً للأعمال التي يقوم بها المؤمن في نهاره وليله، وفي تحركاته، وسائر شؤونه الكثير، وقد وردت الروايات الكثيرة التي لم تترك لنا عملاً بدون أن تشير إلى سنَّة تصاحبه.


لهذا كانت هذه السلسلة التي نتعرف من خلالها على أهمِّ ما ورد من تلك السنن الشريفة، عسى أن يوفقنا الله تعالى ويكتبنا مع الذاكرين. وهذا الكتاب مختصِّ بعرض الآداب المتعلقة بالمريض، سواء كانت تتوجه إليه أو إلى من حوله من المؤمنين، تتعرض للآداب العامة للمرض، من أعمال وأذكار، نسأل الله تعالى أن يثيب بها العاملين ويخفف عن المرضى ويزيد في أجرهم وثوابهم. والحمد لله أولاً وآخراً.
 

جمعية المعارف الاسلامية الثقافية
 
 
 
 
 
 
 
8

4

مقدمة

 تمهيد 


﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾1.

إنَّ الدنيا دار البلاء ودار الإمتحان, وهي المحطة التي نتزود منها لذلك العالم الآخر، ولذا حُفَّت بالمكاره والبلاءآت, والمرض الذي يصيب الإنسان والضعف الذي ينال هذا الجسد الضعيف هو أحد تلك الإبتلاءات التي وعد الله تعالى الصابر عليها الأجر, وقد جاءت الآيات والروايات في آداب المرض, وما ينبغي أن نقوم به تجاه المريض, وهذا ما سنتعرض إليه إن شاء الله تعالى سائلين الله تعالى دوام العافية والشفاء للمرضى بحق نبيه الكريم وآل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين)
 
 
 

1-البقرة:155-157
 
 
 
 
 
 
9

5

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

 1- احتساب المرض والصبر عليه


بأن يلقم المريض نفسه ما أعده الله تعالى من الأجر والثواب في الصبر على الألم، وأنَّ في مرضه هذا إما تكفيراً عن ذنوب اقترفها، أو رفعاً لمقامه ودرجته في الآخرة، وأنَّ في الصبر أجراً عظيماً وثواباً كبيراً عند الله، وليتأمل المريض فيما ورد من الأخبار عن الآل الأطهار، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع رأسه إلى السماء فتبسم فسئل عن ذلك؟، قال: نعم عجبت لملكين هبطا من السماء إلى الأرض يلتمسان عبداً صالحاً مؤمناً في مصلى كان يصلي فيه ليكتبا له عمله في يومه وليلته فلم يجداه في مصلاه، فعرجا إلى السماء فقالا: ربَّنا! عبدك فلان المؤمن التمسناه في مصلاه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم نصبه فوجدناه في حبالك، فقال الله عزَّ وجل
 
 
 
 
 
 
 
 
13

6

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

  اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمل في صحته من الخير في يومه وليلته ما دام في حبالي، فإنَّ عليَّ أن أكتب له أجر ما كان يعمل، إذ حبسته عنه"1.

 
و عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "حمَّى ليلة تعدل عبادة سنة، وحمَّى ليلتين تعدل عبادة سنتين، وحمَّى ثلاث ليال تعدل عبادة سبعين سنة، قال الراوي: قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة؟ قال: فلأبيه ولامه، قلت: فإن لم يبلغا؟ فلقرابته، قال: قلت: فإن لم يبلغ قرابته؟ قال: فجيرانه"2.
 
وعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليه السلام في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام قال: 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 397
2- م.ن.- ج 2- ص 400
 
 
 
 
 
 
 
14

7

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

 جهاد في سبيل الله، فإن عوفي مشى في الناس وما عليه من ذنب"1.

 
وليعلم السقيم من المؤمنين، أنَّه لو أدرك ما عند الله من ثواب في الصبر على ما ابتلاه به، لتمنى أن يقضي عمره سقيماً محتسباً، فقد روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبسم، فقيل له: مالك يا رسول الله تبسمت؟ فقال: "عجبت من المؤمن وجزعه من السقم، ولو يعلم ما له في السقم من الثواب لأحبَّ أن لا يزال سقيماً حتى يلقى ربَّه عزّ وجل"2.
 
2- كتم المرض وترك الشكوى منه 
 
والمراد أن يكتم مرضه ثلاث أيام عن إخوانه وترك الشكاية لهم، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال الله عز وجل: أيُّما عبد ابتليته ببليَّة فكتم ذلك
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 400
2- م.ن.- ج 2- ص 402- 403
 
 
 
 
 
 
15

8

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

 عوَّاده ثلاثاً أبدلته لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وبشراً خيراً من بشره، فإن أبقيته أبقيته ولا ذنب له، وإن مات مات إلى رحمتي"1.

 
وعنه عليه السلام قال: "من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها، وأدَّى إلى الله شكرها، كانت كعبادة ستين سنة، فقيل له: ما قبولها؟ قال: يصبر عليها ولا يخبر بما كان فيها، فإذا أصبح حمد الله على ما كان"2.
 
وأمَّا ترك الشكوى من المرض فالمراد به أن لا يخبر ما نزل به مستعظماً لذلك، كأن يقول: ما ذاق أحد مثل الألم الذي ذقته، أو لم يبتل امرئ بمثل ما ابتليت به، وما شاكل هذه الأقاويل، وأمَّا مجرد الإخبار بما أصابه فلا يعدُّ من الشكاية، ففي
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 405
2- م. ن.- ج 2- ص 405- 406
 
 
 
 
 
 
 
16

9

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

  الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام حينما سئل عن حدِّ الشكاية للمريض، فقال عليه السلام : "إن الرجل يقول: حممت اليوم وسهرت البارحة وقد صدق، وليس هذا شكاة، وإنَّما الشكوى أنَّ يقول: لقد ابتليت بما لم يبتلَ به أحد، ويقول لقد أصابني ما لم يصب أحداً، وليس الشكوى أن يقول: سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا"1.

 
كما أنَّ بعض الأخبار أشارت إلى أنَّ الشكاية للمؤمن شكاية إلى الله تعالى، بمعنى إخباره بما ابتلاه به الله تعالى، لا بمعنى الشكاية المذمومة التي سبق ذكرها، وأما الشكاية للكافر فهي شكاية الله تعالى، ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام : "أيما مؤمن شكا حاجته وضره إلى كافرٍ أو إلى من يخالفه على دينه فإنَّما شكا الله عزَّ وجلّ إلى
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 410
 
 
 
 
 
 
 
17

10

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

  عدوٍ من أعداء الله، ثم قال: وأيّما رجلٍ مؤمنٍ شكا حاجته وضره إلى مؤمنٍ مثله كانت شكواه إلى الله عزَّ وجلّ"1.

 
3- إيذان المريض إخوانه بمرضه
 
وذلك لكي يأتوا لزيارته وعيادته، فيكتسب بهم الأجر وصالح الدعوات، ويأنس بإهتمامهم بأمره، وينالوا هم أجر العيادة والتقرب إلى الله تعالى بمواساتهم له، ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: "ينبغي للمريض منكم أن يؤذن إخوانه بمرضه فيعودونه فيوجر فيهم ويؤجرون فيه، فقيل له: نعم فهم يؤجرون فيه بممشاهم إليه، فكيف يؤجر هو فيهم؟ فقال عليه السلام : باكتسابه لهم الحسنات فيؤجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات، ويرفع له عشر
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 411
 
 
 
 
 
 
 
 
18

11

الفصل الأول: آداب المريض نفسه

 درجات. ويمحى بها عنه عشر سيئات"1.

 
4- أن يأذن المريض في الدخول عليه
 
عيادة المريض شرف يتسارع إليه المؤمنون، فيجلسون عنده ويدعون له بالشفاء، وهذا من النشاطات الاجتماعية التكافلية التي أكد عليها الإسلام وحببها، ولهذا ينبغي للمريض أن لا يحجب من سعى إليه مطمئناً سائلاً عن سلامته ففي الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام قال: "إذا مرض أحدكم فليأذن للناس يدخلون عليه، فإنّه ليس من أحدٍ إلا وله دعوة مستجابة..." 2.
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 413
2- م. ن.- ج 2- ص414 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
19

12

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 فضل عيادة المريض 

 
كثرت الأحاديث في تعداد فضل هذا العمل القليل ذي الثواب الجزيل، وسنورد هنا حديثين في فضلها:
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "من عاد مريضاً من المسلمين وكل الله به أبداً سبعين ألفاً من الملائكة، يغشون رحله، ويسبحون فيه، ويقدسون ويهللون ويكبرون إلى يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض"1 .
 
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 414-415
 
 
 
 
 
 
 
23

13

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 وعنه عليه السلام قال: "من عاد مريضاً شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يرجع إلى منزله"1 

 
1-التماس العائد دعاء المريض 
 
فيطلب منه الدعاء له، لأنَّ قلبَ المريض يكون متعلقاً وقريباً من الله تعالى، وهذا شعور العبد حين لا يجد إلاَّ مولاه شافياً له، ففي الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام : "إذا دخل أحدكم على أخيه عائداً له فليسأله يدعو له فإنَّ دعاءه مثل دعاء الملائكة"2.
 
ولأنَّ دعاء المريض مستجابٌ كما أشار لذلك الإمام الصادق عليه السلام فعنه عليه السلام : "ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاجُّ والغازي والمريض، فلا تغيظوهولا تضجروه"3 .
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 415
2-م. ن.-ج 2-ص 420
3-م. ن.-ج 2-ص 420
 
 
 
 
 
 
 
 
24

14

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 2-الجلوس عند المريض من غير إطالة 

 
فالمريض سريع التململ، لما يشعر به من الضيق والألم، ويضجر من الضوضاء التي حوله، ويحتاج للسكينة والمكث في الفراش والاسترخاء، لذا استُحب عدم الإطالة في العيادة، ولكن لو طلب المريض من أخيه أن يطيل مكوثه فليطل المكث لديه فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "إنَّ من أعظم العوائد أجراً عند الله، لمن إذا عاد أخاه خفف الجلوس، إلا أن يكون المريض يحب ذلك ويريده ويسأله ذلك"1.
 
3-وضع العائد يده على المريض
 
وفي ذلك إشعار له بالرأفة لحاله، والاهتمام بأمره، وعدم الخوف من مرضه وما شابهها من 
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 426
 
 
 
 
 
 
 
25

15

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 المشاعر الإنسانية الطيبة، فعن أمير المؤمنين عليه السلام : "من تمام العيادة أن يضع العائد إحدى يديه على الأخرى، أو على جبهته"1.

 
وعن الإمام الصادق عليه السلام : "تمام العيادة أن تضع يدك على المريض إذا دخلت عليه"2.
 
4 – إحضار الهدية إلى المريض 
 
فالمريض يأنس بما يهدى إليه، كما في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام ، فعن مولى لجعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: "مرض بعض مواليه فخرجنا إليه نعوده ونحن عدة من موالي جعفر فاستقبلنا جعفر عليه السلام في بعض الطريق فقال لنا: أين تريدون؟ فقلنا نريد فلانا نعوده،فقال: لنا: قفوا فوقفنا، فقال مع أحدكم تفاحة أو سفرجلة،
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 426
2-م. ن.-ج 2-ص 426
 
 
 
 
 
 
 
26

16

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 أو أترجة أو لعقة من طيب، أو قطعة من عود بخور ؟ فقلنا ما معنا شيء من هذا، فقال أما تعلمون أنَّ المريض يستريح 

 
إلى كل ما ادخل به عليه ؟!" 1 
 
5-قضاء حاجة المريض
 
ففي ذلك أجر خدمته، وهو من أهداف الإسلام العظيمة كما يقول إمامنا الخميني قدس سره ، وقد كثرت الروايات التي تؤكد على هذه المسألة، وكثرت أيضا في تفصيل ما فيها من الأجر الجزيل، منها ما عن الإمام الصادق، عن آبائه عليه السلام ، عن رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم قال: "ومن كفى ضريراً حاجته من حوائج الدنيا، ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجته، أعطاه الله براءةً من النفاق، وبراءةً من النار، وقضى له سبعين حاجةً من حوائج الدنيا،
 
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 427
 
 
 
 
 
 
27

 


17

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

 ولا يزال يخوض في رحمة الله حتى يرجع، ومن سعى لمريضٍ في حاجةٍ قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه، فقال رجلٌ من الأنصار: "بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله فإن كان المريض من أهل بيته، أوليس أعظم أجراً إذا سعى في حاجة أهل بيته ؟ قال نعم"1.

 
6-الصدقة للمريض والصدقة عنه
 
وهي مستحبَّة على كل حال، وفي المرض خاصّة، فهي تدفع البلاء، وتدفع ميتة السوء، فعن أبي جعفر الباقر عن آبائه عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : داووا مرضاكم بالصدقة"2.
 
بل وصفتها الرواية بالدواء، فعن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام :أنَّ رجلاً شكا إليه، أنني
 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 427-428
2-م.ن-ج 2-ص 433
 
 
 
 
 
 
 
28

18

الفصل الثاني: آداب زيارة المريض

  في عشرة نفرٍ من العيال كلهم مريض، فقال له الإمام عليه السلام : "داوهم بالصدقة، فليس شيء أسرع إجابة من الصدقة، ولا أجدى منفعة للمريض من الصدقة"1.

 
 
 

1-الحر العاملي-محمد بن الحسن-وسائل الشيعة-مؤسسة أهل البيت-الطبعة الثانية 1414 ه.ق.-ج 2-ص 433
 
 
 
 
 
 
 
 
 
29

19

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

  تمهيد

 
 
جاء في الروايات الشريفة الكثير من الأذكار التي تقال في الأوجاع عامة، وفي بعض الأوجاع خاصةً، وسنشير لبعض ما جاء من هذه الأذكار، سائلين الله الرفق بنا فيما نبتلى به، إنَّه سميع مجيب.
 
1- ما يقال عند الآلام العامة في الجسد
 
 
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من أصابه ألم في جسده فليعوِّذ نفسه وليقل: أعوذ بعزَّة الله وقدرته على الأشياء، أعيذ نفسي بجبَّار السماء،
 
 
 
 
 
 
 
33

20

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

 أعيذ نفسي بمن لا يضرُّ مع اسمه سمُّ ولا داء، أعيذ نفسي بالَّذي اسمه بركة وشفاء، فإنَّه إذا قال: ذلك لم يضره ألم ولا داء"1 .

 
عن الحارث الأعور قال: شكوت إلى أمير المؤمنين عليه السلام ألماً ووجعاً في جسدي ؟، فقال عليه السلام:"إذا اشتكى أحدكم فليقل: باسم الله وبالله وصلى الله على رسول الله وآله، وأعوذ بعزة الله وقدرته على ما يشاء من شر ما أجد فإنه إذا قال ذلك صرف الله عنه الداء إن شاء الله"2 .
 
عن الإمام الصادق عليه السلام:"ما اشتكى أحد من المؤمنين شكايةً قط فقال بإخلاص نية ومسح موضع العلة ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾3 إلا
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 422
2- م.ن- ج 2- ص 422
3- الإسراء: 82
 
 
 
 
 
 
 
34

21

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

 عوفي من تلك العلة أية علة كانت، ومصداق ذلك في الآية حيث يقول: ﴿شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ"1.

 
2- ما يقال عند وجع الرأس الصداع
 
عن الإمام الباقر عليه السلام قال:"من اشتكى رأسه فليمسحه بيده وليقل: أعوذ بالله الذي سكن له ما في البر والبحر، وما في السماوات والأرض، وهو السميع العليم، سبع مرات فإنَّه يرفع عنه الوجع"2.
 
عن الإمام الصادق عليه السلام قال الراوي شكوت إليه وجع رأسي وما أجد منه ليلاً ونهاراً، فقال:"ضع يدك عليه وقل: باسم الله الذي لا يضرُّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، اللهمَّ إنِّي أستجير بك بما استجار به محمد صلى الله عليه وآله لنفسه، سبع مرات فإنه يسكن
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 424
2- م.ن- ج 2- ص 422
 
 
 
 
 
 
35

22

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

 ذلك عنه بإذن الله تعالى وحسن توفيقه"1.

 
"إنَّ جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والنبي مصدع فقال: يا محمد عوِّذ صداعك بهذه العوذة يخفف الله عنك، وقال: يا محمد من عوِّذ بهذه العوذة سبع مرات على أي وجع يصيبه شفاه الله بإذنه، تمسح بيدك على الموضع وتقول: باسم الله ربِّنا الذي في السماء، تقدَّس ذكر ربِّنا الذي في السماء والأرض أمره نافذٌ ماضٍ، كما أنَّ أمره في السماء، اجعل رحمتك في الأرض واغفر لنا ذنوبنا وخطايانا يا ربَّ الطَّيِّبين الطاهرين، أنزل شفاءً من شفائك ورحمةً من رحمتك على فلان ابن فلانة، وتسمي اسمه"2.
 
 
 

1- ما يقال عند وجع السرة
2- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 423
3- م.ن- ج 2- ص 423
 
 
 
 
 
 
 
36

23

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

 " شكى رجل إلى أبي عبد الله الصادق عليه السلام وجع السرة فقال له: اذهب فضع يدك على الموضع الذي تشتكي وقل: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ1 ثلاثا فإنَّك تعافي بإذن الله"2.

 
4- ما يقال عند وجع الظهر
 
عن الإمام الباقر عليه السلام قال:"شكا رجل إلى علي عليه السلام وجع الظهر وأنَّه يسهر الليل فقال: ضع يدك على الموضع الذي تشتكي منه واقرأ ثلاثاً: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَواقرأ 
 
 
 

1- فصلت: 41- 42
2- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 423
3- آل عمران: 145
 
 
 
 
 
 
 
37

24

الفصل الثالث: الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

 سبع مرات: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ1 إلى آخرها فإنَّك تعافي من العلل إن شاء الله"2.

 
5- ما يقال عند ظهور الورم
 
عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "إقرأ على كل ورم آخر سورة الحشر: "لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ"3 إلى آخرها واتفل عليها ثلاثاً فإنَّه يسكن بإذن الله"4.
 
 
 

1- القدر: 1
2- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 424
3- الحشر: 21
4- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 2- ص 424
 
 
 
 
 
 
38

25

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

  تمهيد


الموت هو توقف عمل الجسد الإنساني في الدنيا، وخروج الروح من الجسد، هو حقيقة مرعبة في نظر الكثيرين، وبشارة للانتقال لحياةٍ أهم وأعظم، وأكثر كمالاً بنظر المؤمنين، فهو كما وصفه الإمام الحسين عليه السلام : "صبراً بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضر إلى الجنان الواسعة والنعم الدائمة، فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجنٍ إلى قصرِ، وهؤلاء أعداؤكم كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب أليم، إنَّ أبي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنَّ الدنيا سجنُ المؤمن وجنَّة الكافر. والموت جسر 
 
 
 
 
 
 
 
 
41

26

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

 هؤلاء إلى جنَّاتهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم"1.

 
وبما أنَّ هذا الموت قنطرة، كان علينا التجهز له في الحياة من خلال الأعمال التي تخلف لنا العاقبة الحسنة، وحين الموت من استعمال ما ورد في الشريعة من آداب له، حالنا في هذا كحال المستعد للسفر في تجهيز ما يحتاج إليه، وكذلك بعد خروج هذه الروح تنتقل المهمة إلى عاتق الآخرين من أخوة الإيمان في إتمام تجهيز الميت للانتقال لعالم الآخرة، فما هي السنن والآداب لحالات الاحتضار وما يليه من الموت ؟ هذا ما سنشير إليه في هذا الكتيب إن شاء الله تعالى، سائلين الله تعالى أن يختم لنا بخيرها عاقبة إنَّه سميع مجيب.
 
والاحتضار هو حالة النزع وهي آخر مراحل حياة الإنسان ويليها الموت مباشرة، وللإحتضار
 
 
 

1-الصدوق- الاعتقادات في دين الإمامية- دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع- بيروت – لبنان- ص 52
 
 
 
 
 
 
 
42

27

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

 الكثير من الآداب منها ما هو على المحتضر، ومنها ما ينبغي على من يحضره من إخوانه وأهل بيته:

 
من آداب المحتضر نفسه 
 
1- حسن الظن بالله 
 
يقول الله تعالى: ﴿ويعذّب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانّين بالله ظنّ السّوء عليهم دائِرَة السّوءِ وغضِبَ الله عليهم ولعَنَهُم وأعدّ لهم جَهنّم وساءت مصِيراً1.
 
لحسن الظنِّ بالله تعالى أثرٌ كبيرٌ في الآخرة، ولهذا على المحتضر أن يحسن ظنَّه بالله تعالى وبما أعدَّ له من وافر الرحمات والثواب على ما قدَّمه من العمل الصالح، فعن الإمام علي عليه السلام : 
 
 
 

1-الفتح الآية 6
 
 
 
 
 
 
 
43

28

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

 "من حسن ظنُّه بالله فاز بالجنّة، ومن حسن ظنُّه بالدنيا تمكنت منه المحنة"1 

 
وقد أوصانا أهل البيت عليه السلام بحسن الظنِّ بالله تعالى في خصوص حالة الاحتضار، فعن الإمام العسكري عليه السلام ، عن آبائه عليه السلام قال: "سأل الصادق عليه السلام عن بعض أهل مجلسه ؟ فقيل: عليل، فقصده عائداً وجلس عند رأسه فوجده دنفاً 2 ، فقال له: أحسن ظنَّك بالله، فقال: أما ظنِّي بالله فحسن"3.
 
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لا يموتنَّ أحدكم حتى يحسن ظنَّه بالله عز وجل فإنَّ حسن الظنَّ بالله ثمن الجنة"4.
 
 
 

1-غرر الحكم ح/8840-8841
2-دنفاً تعني مريضاً 
3-الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 448
4-م.ن- ج 2- ص 448
 
 
 
 
 
 
 
44

 


29

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

 2- التوبة 

ليقدم بين يدي الله طاهراً من الآثام والذنوب، ولو كانت التوبة في آخر ساعة من الحياة، فإنَّ هذه التوبة إن كانت بصدق واستوفت شروط التوبة التي ذكرها العلماء قبلت من الله تعالى، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: "من تاب وقد بلغت نفسه هذه- وأهوى بيده إلى حلقه- تاب الله عليه"1 .
 
3 – عدم تمني الموت
 
فقد نهى عن ذلك الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه أنَّه دخل على رجلٍ يعوده وهو شاكٍ فتمنى الموت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لا تتمنَّ الموت فإنَّك إن تكُ محسناً تزداد إحساناً، وإن تكُ مسيئاً فتؤخر تستعتب فلا تتمنوا الموت"2.
 
 
 

1-الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 456
2-م.ن- ج 2- ص 449
 
 
 
 
 
 
 
 
45

30

الفصل الرابع: سنن الإحتضار

 بل الأفضل أن يدعوَ بصلاح حاله، سواء كان صلاحه بالحياة أم بالممات، ففي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يتمنى أحدكم الموت لضرٍّ نزل به، وليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي"1.

 
 
 

1-الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 449 
 
 
 
 
 
 
 
46

31

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

  1- تلقينه الشهادتين

 
وهما شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله، ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "إذا حضرت الميت قبل أن يموت فلقّنه شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله"1.
 
ولهذا أثر كبير في دفع العديلة التي أشارت لها روايات أهل البيت عليهم السلام ، وهي محاولة الشيطان أن 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 454
 
 
 
 
 
 
 
 
 
49

32

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 يخرج الإنسان المؤمن من الدنيا كافراً، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ما من أحدٍ يحضره الموت إلا وكّل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر، ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه، فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يموتوا"1.

 
وفي الرواية أنَّ تلقين الميت هاتين الشهادتين تهدمان ذنوبه في هذه اللحظات العصيبة التي هي أحوج ما يكون فيه للغفران والرحمة، فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنَّها تهدم الذنوب، فقالوا: يا رسول الله فمن قال في صحته؟ فقال: ذلك أهدم وأهدم، إنَّ لا إله إلا الله آنس للمؤمن في 
 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 455
 
 
 
 
 
 
 
50

33

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 حياته وعند موته وحين يبعث، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قال جبرائيل: يا محمَّد لو تراهم حين يبعثون، هذا مبيضَّ وجهه ينادي: لا إله إلا الله والله أكبر، وهذا مسودٌّ وجهه ينادي: يا ويلاه، يا ثبوراه"1.

 
ولتلقين الشهادة للميت أثر في آخرة الميت، كما تَبَيَّن في الرواية السابقة، ولما ورد عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنّ من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"2.
 
2- تلقينه الإقرار بالأئمة عليهم السلام 
 
وهذا من المستحبات الأكيدة أيضاً لما له من الأثر العظيم على الميت في الآخرة، فعن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: "كنا عنده فقيل له: هذا عكرمة في الموت، وكان يرى رأى الخوارج، 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 456- 457
2- م.ن- ج 2- ص 455- 456
 
 
 
 
 
 
 
 
51

34

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

  فقال لنا أبو جعفر عليه السلام ، انظروني حتى أرجع إليكم، فقلنا: نعم، فما لبث أن رجع، فقال: أما إنِّي لو أدركت عكرمة قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها، ولكني أدركته وقد وقعت موقعها، فقلت: جعلت فداك وما ذاك الكلام ؟ قال: هو والله ما أنتم عليه، فلِّقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية"1.

 
فالمرء يحشر مع من أحب في الدنيا كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "يحشر المرء مع من أحب"2.
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام : "والله لو أنَّ عابد وثن وصف ما تصفون عند خروج نفسه ما طعمت
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 458
2- المجلسي-محمد باقر- بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة- ج 66 ص 81
 
 
 
 
 
 
 
 
52

35

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 النار من جسده شيئاً أبداً"1.

 
وعن أبي بكر الحضرمي قال: مرض رجل من أهل بيتي، فأتيته عائدا له فقلت له: يا ابن أخ إنَّ لك عندي نصيحة أتقبلها ؟ قال: نعم. فقلت: قل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فشهد بذلك. فقلت: قل: وأشهد أنَّ محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله، فشهد بذلك. فقلت له: إنَّ هذا لا ينتفع به إلا أن يكون منه على يقين فذكر أنَّه منه على يقين، فقلت: قل: وأشهد أنَّ علياً وصيَّه، وهو الخليفة من بعده والإمام المفترض الطاعة من بعده، فشهد بذلك. فقلت له: 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 459
 
 
 
 
 
 
 
53

36

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 شديداً. قال: فغبت عنهم ثم أتيتهم بعد ذلك فرأيت عزاءً حسناً فقلتُ: كيف يجدونكم ؟ كيف عزاؤك أيتها المرأة ؟ فقالت: والله لقد أصبنا بمصيبة عظيمة بوفاة فلان، وكان مما سجى بنفسي لرؤيا رأيتها الليلة. فقلت: فلان ؟ قال: نعم. فقلت له: أكنت ميتاً ؟ قال: بلى، ولكن نجوتُ بكلمات لقنِّيهنَّ أبو بكر الحضرمي ولولا ذلك كدت أهلك1.

 
3 – تلقينه كلمات الفرَج
 
وهو من المستحبات المشهورة الأكيدة، وقد كثرت الروايات في التأكيد على أهميته، فعن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "إذا أدركت الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العليُّ العَظِيم، سُبْحانَ اللهِ 
 
 
 

1- الراوندي- قطب الدين- الدعوات- مدرسة الإمام المهدي *- قم- ص 246

 
 
 
 
 
 
 
54

37

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 ربّ السَّماواتِ السَّبْعِ، وَرَبّ الاَرَضينَ السَّبْعِ وَما فيهِنَّ وَما بَيْنَهُنَّ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظيمِ، والحمد لله ربَّ العالمين"1.

 
كما أنَّ تلقين هذه الكلمات كان يقوم به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لمن يحضره في حالة النزع والاحتضار، ففي الرواية أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي فقال له صلى الله عليه وآله وسلم : "قل: لا إله إلا اللهُ العليُّ العَظِيم، لا إله إلا الله الحَلِيمُ الكَرِيم،سُبْحَانَ اللهِ ربّ السَّماواتِ السَّبْعِ، وَرَبّ الأرَضينَ السَّبْعِ، وَمَا بَيْنَهُنّ ومَا تَحْتَهُنَّ وربّ العَرْشِ العَظِيم، والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْن. فقالها: فقال رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم : الحمد لله الذي استنقذه من النار"2.
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 459
2- م.ن- ج 2- ص 459- 460
 
 
 
 
 
 
55

38

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 4 – تلقينه التوبة والدعاء المأثور

 
أمَّا التوبة فلما تقدم ولتوكيدها، فهي الفرصة الأخيرة قبيل إقفال باب العمل، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في آخر خطبةٍ خطبها: "من تاب قبل موته بسنةٍ تاب الله عليه، ثم قال: وإنَّ السنة لكثيرة، من تاب قبل موته بشهرٍ تاب الله عليه، ثم قال: وإنَّ الشهر لكثير، من تاب قبل موته بيومٍ تاب الله عليه، ثم قال: وإنَّ يوماً لكثير، من تاب قبل موته بساعةٍ تاب الله عليه، ثم قال: وإنَّ الساعة لكثيرة، من تاب وقد بلغت نفسه هذه- وأهوى بيده إلى حلقه- تابَ الله عليه"1.
 
فكيف لا يطمع بالتوبة في هذه الفرصة الأخيرة، وأمَّا الدعاء بالمأثور فإنَّ من آثاره تخفيف النزع 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 461- 462
 
 
 
 
 
 
 
 
56

39

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 على المحتضر، وقد ذكرته الرواية عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "إذا دخلت على مريض وهو في النزع الشديد فقل له: ادعُ بهذا الدعاء يخفف الله عنك: أعُوذُ باللهِ العَظِيمِ، رَبِّ العَرْشِ الكَرِيْمِ، مِنْ كُلِّ عرقٍ نفَّار ومِنْ شَرِّ حَرِّ النَارِ. 

 
سبع مرات، ثم لقنه كلمات الفرج، ثم حوِّل وجهه إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فإنَّه يخفف عنه ويسهل أمره بإذن الله"1.
 
ومن الأدعية ايضا ما روي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لمحتضر حضر عنده: "قل لا إله إلا الله فقال لا إله إلا الله. فقال صلى الله عليه وآله وسلم قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير، إنَّك أنت العفّو الغفور فقالها فقال له: ماذا
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 465
 
 
 
 
 
 
 
 
57

40

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 ترى؟ فقال: أرى أسودين قد دخلا علي فقال: أعدها فأعادها فقال: ما ترى ؟ قال: قد تباعدا عني ودخل أبيضان وخرج الأسودان فما أراهما ودنا الأبيضان مني الآن يأخذان بنفسي فمات من ساعته"1.

 
5- نقل من اشتد عليه النزع إلى مصلَّاه 
 
سيما حين اشتداد النزع على المحتضر، ففي ذلك تخفيف لحاله ورحمة به، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "إذا عسر على الميت موته ونزعه قُرّب إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه"2.
 
وفي روايةٍ أخرى: كنَّا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: "إنَّ أخي منذ ثلاثة أيام في النزع وقد اشتد عليه الأمر فادع له، فقال: اللهم سهِّل عليه سكرات الموت. 
 
ثم أمره وقال عليه السلام : حولوا فراشه
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2 ص 462
2- م.ن- ج 2- ص 463
 
 
 
 
 
 
 
58

 


41

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فإنَّه يخففُ عليه إنْ كان في أجله تأخير، وإن كانت منيَّته قد حضرت فإنَّه يسهل عليه إن شاء الله"1.

 
6- قراءة الصافات ويس عند المحتضر
 
ففي الرواية أنَّ في قراءة الصافات تعجيلاً لراحته، وقراءة سورة يس من المستحبات المشهورة والمعروفة، وفي الرواية:
أنَّ أبا الحسن الكاظم عليه السلام قال لابنه القاسم: "قم يا بني فاقرأ عند رأس أخيك ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا حتى تستَتِمَّها، فقرأ فلما بلغ ﴿أهم أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا2  قضى الفتى فلما سجّي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له: كنَّا نعهد الميت إذا نزل 
 
 
 

1- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 465
2- الصافات: 11
 
 
 
 
 
 
 
59

42

الفصل الخامس: آداب الحاضرين تجاه المحتضر

 به الموت يقرأ عنده ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ1 فصرت تأمرنا بالصافات، فقال: يا بني لم تقرأ عند مكروبٍ من موتٍ قط إلا عجَّل اللهُ راحته"2.

 
 

1- يس: 1- 2 
2- الحر العاملي- محمد بن الحسن- وسائل الشيعة- مؤسسة أهل البيت- الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 2- ص 465 
 
 
 
 
 
 
 
 
60

43

الفصل السادس : الوصية

  تمهيد 

 
(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)1.
 
بعد أن تحدثنا عن آداب المحتضر وما على من يحضره من السنن ، بقي علينا أن نلقي نظرة على الوصيَّة ، وهي ما يوصي الإنسان به من أعمال يقام بها من بعد وفاته.
 
والوصيَّة واجبة فيما لو كان على الميت حقوق، يقول الإمام الخميني قدس سره : "إذا ظهرت للإنسان 
 
 
 
 

1-سورة البقرة : 180
 
 
 
 
 
 
 
 
 
63

44

الفصل السادس : الوصية

  أمارات الموت يجب عليه إيصال ما عنده من أموال الناس من الودائع والبضائع ونحوها إلى أربابها، وكذا أداء ما عليه خالقيَّاً، كقضاء الصلوات والصيام والكفارات وغيرها، أو خلقياً إلا الديون المؤجلة، ولو لم يتمكن من الإيصال والإتيان بنفسه يجب عليه أن يوصي بإيصال ما عنده من أموال الناس إليهم، والإشهاد عليها خصوصاً إذا خفيت على الورثة، وكذا بأداء ما عليه من الحقوق الماليَّة خلقيَّاً كالديون، والضمانات، والديَّات، وأروش الجنايات، أو خالقيَّاً كالخمس والزكاة والكفارات ونحوها، بل يجب عليه أن يوصي بأن يستأجر عنه ما عليه من الواجبات البدنية مما يصح فيها الإستيناب والاستئجار، كقضاء الصلاة والصوم إن لم يكن له وليٌّ يقضيها عنه"1 .

 
 

1-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 2 ص 93
 
 
 
 
 
 
 
 
64

45

الفصل السادس : الوصية

 ولو لم يكن عى الميت حقوق يستحب له الوصية. وسنلقي الضوء فيما يلي على آداب الوصية سائلين الله تعالى حسن الخاتمة.

 
فضل الوصية 
 
إذا طالعنا الأحاديث الواردة عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والآل الأطهار عليه السلام ، نجد أنَّها أكدت على أهميَّة الوصيَّة بشكل لافت، حتى أنَّ بعض هذه الروايات شددت على أن لا ينام المؤمن إلا والوصيَّة تحت رأسه، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله : "ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلا ووصيَّته تحت رأسه"1.
 
ومن الروايات التي تحدثت عن فضل الوصيَّة وأهميتَّها ما روي عنه صلى الله عليه وآله : "من مات على وصيَّة مات على سبيل وسنَّة، ومات على تقى وشهادة،
 
 
 

1-الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث ، الطبعة الأولى- ج 4 ص 3550
 
 
 
 
 
 
65

46

الفصل السادس : الوصية

 ومات مغفوراً له"1.

 
وقد سمَّتها بعض الروايات براحة الموت ، لأنَّ المؤمن يبرئ ذمته فيموت مرتاحاً ، فعن الإمام الصادق عليه السلام : "ما من ميت تحضره الوفاة إلا رد الله عليه من سمعه وبصره وعقله للوصيَّة، أخذ الوصيَّة أوترك، وهي الراحة التي يقال لها راحة الموت، فهي حقٌّ على كلِّ مسلم"2
 
 
 

1-الريشهري- محمد- ميزان الحكمة- دار الحديث ، الطبعة الأولى- ج 4 ص 3550
2-الصدوق381هـ.- – علي ابن الحسين- من لا يحضره الفقيه - جامعة المدرسين – الطبعة الثانية 1404 هـ .- ج 4 - ص 180

 
 
 
 
 
66

47

الفصل السادس : الوصية

 من آداب الوصيَّة 

 
1 – الإيصاء بالثلث في أعمال الخير 
 
فإنَّه يجوز للميت أن يوصي بثلث ماله لمن أحب وفيما أراد، يقول الإمام الخميني قدس سره :"للموصي تعيين ثلثه في عين مخصوصة من التركة، وله تفويض التعيين إلى الوصي، فيتعين فيما عيَّنه...، إنَّما يحسب الثلث بعد إخراج ما يُخرج من الأصل كالدَيْن والواجبات المالية، فإن بقي بعد ذلك شيء يخرج ثلثه"1 .
 
فهذا الثلث هو فرصة لكلِّ مؤمن يحب أن يبذر شيئاً لآخرته ، فيمكنه أن يقدِّمه في سبيل الله، أو صدقةً جاريةً يجري عليه أجرها بعد انتقاله إلى
 
 
 

1-الخميني - روح الله الموسوي - تحرير الوسيلة - دار الكتب العلمية - اسماعيليان - قم - ج 2 ص 99
 
 
 
 
 
 
 
67

48

الفصل السادس : الوصية

 عالمٍ تنقطع عنه فيه الموارد ، فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: " إنَّ الله تبارك وتعالى يقول: يا ابن آدم تطوَّلت عليك بثلاث، سترت عليك ما لو يعلم به أهلك ما واروك، وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدم خيراً، وجعلت لك نظرة عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيراً"1

 
وعن الإمام الصادق عليه السلام : "ستة تلحق المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه، وغرس يغرسه، وبئر يحفرها، وصدقة يجريها، وسنَّة يؤخذ بها من بعده"2.
 
2- نص الوصيَّة 
 
فمع أنَّ الوصيَّة مستحبة بشكل عام، ويصحُّ
 
 
 

1-الصدوق381هـ.- – علي ابن الحسين- من لا يحضره الفقيه - جامعة المدرسين – الطبعة الثانية 1404 هـ . - ج 4 - ص 181
2-الصدوق381هـ.- – علي ابن الحسين- من لا يحضره الفقيه - جامعة المدرسين – الطبعة الثانية 1404 هـ . - ج 4 - ص 246
 
 
 
 
 
 
 
 
68

49

الفصل السادس : الوصية

 أن تقع بأي عبارة مفهومة وصريحة ودالة على ما يريد الموصي ، إلا أنَّ بعض الروايات أرشدتنا لهيئةٍ معينةٍ من الوصيَّة ، وهي الوصيَّة التي علمها جبرائيل عليه السلام للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ، وعلمها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام ، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من لم يحسن وصيَّته عند الموت كان نقصاً في مروءته وعقله، قيل: يا رسول الله وكيف يوصي الميت ؟ قال: إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال: " اللهُمَّ فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم، اللهمَّ إنِّي أعهد إليك في دار الدنيا أنِّي أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأنَّ محمَّداً عبدك ورسولك، وأنَّ الجنة حق، والنار وأنَّ البعث حق، والحساب حق، والصراط حقٌ، والقدر والميزان حق، وأنَّ الدين كما وصفت، وأنَّ 

 

 

 

 

 

69


50

الفصل السادس : الوصية

 الإسلام كما شرعت، وأنَّ القول كما حدثت، وأنَّ القرآن كما أنزلت، وأنَّك أنت الله الحقُّ المبين، جزى الله محمَّداً عنَّا خير الجزاء وحيَّا الله محمداً وآلَ محمَّدٍ بالسَلام، اللهمَّ يا عدَّتي عند كربتي، ويا صاحبي عند شدَّتي، ويا وليَّ نعمتي، إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ، فإنَّك إن تكلني إلى نفسي أقرب من الشرِّ ، وأبعد من الخير، فآنس في القبر وحشتي، واجعل لي عهداً يوم ألقاك منشوراً ثم يوصي بحاجته. 

 
وتصديق هذه الوصيَّة في القرآن في السورة التي تذكر فيها مريم في قوله عز وجل: ﴿لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا1، فهذا عهد الميت، والوصيَّة حقٌّ على كل مسلم، وحقٌّ عليه أن يحفظ هذه الوصيَّة ويعلمها،
 
 


1-سورة مريم : 87 
 
 
 
 
 
70

51

الفصل السادس : الوصية

 قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه: علمنيها رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: علمنيها جبرئيل عليه السلام " 1.

 
3 – عدم الجور في الوصيَّة
 
والمراد به الإجحاف بحق من يوصي لهم ، فيميِّز بعضاً ويوصي لهم بما فوق الثلث ، أو يوصي بأن يفعل في ماله الحرام والعياذ بالله ، فعن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ، عن أبيه الإمام الباقر عليه السلام قال: "من عدل في وصيِّته كان بمنزلة من تصدَّق بها في حياته، ومن جار في وصيته لقي الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة وهو عنه معرض"2.
 
 
 

1-الصدوق381ه.- – علي ابن الحسين- من لا يحضره الفقيه - جامعة المدرسين – الطبعة الثانية 1404 هـ . - - ج 4 - ص 187 - 188
2-م.ن - ج 4 - ص 184
 
 
 
 
 
 
 
71

52

الفصل السادس : الوصية

 وفي الرواية عن الإمام الباقر عليه السلام : "قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجلٍ توفي وأوصى بماله كلِّه أو أكثره، فقال له: الوصيَّة تردُّ إلى المعروف ... فمن ظلم نفسه وأتى في وصيته المنكر والحيف ،فإنها تردُّ إلى المعروف، ويترك لأهل الميراث ميراثهم..." 1.

 
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله : "إنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة، فيحيف في وصيَّته فيختم له بعمل أهل النار، وإنَّ الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة، فيعدل في وصيَّته فيختم له بعمل أهل الجنة، ثم قرأ: "ومن يتعدَّ حدود الله" وقال: تلك حدود الله"2.
 
 
 

1-الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت عليه السلام - الطبعة الثانية 1414 ه.ق- ج 19 ص 267
2-الميرزا النوري - مستدرك الوسائل - مؤسسة آل البيت عليه السلام لإحياء التراث - بيروت - لبنان - ج 14 ص 93 
 
 
 
 
 
 
 
72

53

الفهرس

 الفهرس

مقدمة

5

تمهيد

9

آداب المريض نفسه

11

1 - احتساب المرض والصبر عليه

13

2 - كتم المرض وترك الشكوى منه

15

3 - إيذان المريض إخوانه بمرضه

18

4 - أن يأذن المريض في الدخول عليه

19

آداب زيارة المريض

21

فضل عيادة المريض

23

1 - التماس العائد دعاء المريض

24

2 - الجلوس عند المريض من غير إطالة

25

3 - وضع العائد يده على المريض

25

4 – إحضار الهدية إلى المريض

26

 

 

 

 

 

 

73


54

الفهرس

 

5 - قضاء حاجة المريض

27

6 - الصدقة للمريض والصدقة عنه

28

الأذكار والأدعية للأمراض والأوجاع

31

تمهيد

33

1 - ما يقال عند الآلام العامة في الجسد

33

2 - ما يقال عند وجع الرأس (الصداع)

35

3 - ما يقال عند وجع السرة

37

4 - ما يقال عند وجع الظهر

37

5 - ما يقال عند ظهور الورم

38

 سنن الإحتضار

39

تمهيد

41

من آداب المحتضر نفسه

43

1 - حسن الظنِّ بالله

43

2 - التوبة

45

3 – عدم تمني الموت

45


 

 

 

 

 

 

 

74


55

الفهرس

 

آداب من يحضر من المؤمنين

47

1 – تلقينه الشهادتين

49

2 – تلقينه الإقرار بالأئمة (ع)

51

3 – تلقينه كلمات الفرَج

54

4 – تلقينه التوبة والدعاء المأثور

56

5 - نقل من اشتد عليه النزع إلى مصلاه

58

6 - قراءة الصافات ويس عند المحتضر

59

الوصية

61

تمهيد

63

فضل الوصيَّة

65

من آداب الوصيَّة

67

1 – الإيصاء بالثلث في أعمال الخير

67

2- نص الوصيَّة

68

3 – عدم الجور في الوصيَّة

70

 

 

 

 

 

75


56
آداب المريض