علم المنطق (الجزء الثاني)

يُعتبر علم المنطق من العلوم الخادمة للعلوم الأخرى، ولهذا اعتُبر من العلوم الآليّة التي لا غنى عن دراستها لدارس العلوم الإسلامية على اختلافها...


الناشر:

تاريخ الإصدار: 2024-01

النسخة:


الكاتب

مركز المعارف للمناهج والمتون التعليمية


المقدّمة

المقدّمة

 

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى آله الطيبين، وصحبه الأخيار المنتجبين، وبعد...

 

يُعتبر علم المنطق من العلوم الخادمة للعلوم الأخرى، ولهذا اعتُبر من العلوم الآليّة التي لا غنى عن دراستها لدارس العلوم الإسلامية على اختلافها، لا سيّما العلوم العقائدية والفلسفية ونحوها. ونظراً لوجود مضامين ومصطلحات وعبائر قد تكون جديدة أو معقّدة على الطالب، يبرز دور الأستاذ في تقديم هذه المادّة وتوضيحها بطريقة تعليمية – تعلّمية، تلبّي حاجات الطلاب، خاصّةً بعد أن تظهر لهم أهميّتها في حياتهم العلمية والعملية، ومدى الاستفادة منها في كثير من العلوم وقضايا الحياة.

 

من هنا وضع مركز المعارف للمناهج والمتون التعليمية هذه المادة المختصرة في علم المنطق بإسلوبٍ تعليميٍّ وميسّر، بالاعتماد على منهجية ومضمون كتاب المنطق للمرحوم العلّامة الحجة الشيخ محمد رضا المظفّرg، بل وفي بعض عباراته أيضاً، إضافةً إلى الآتي:

- تقسيم المادة إلى دروس مستقلّة ومترابطة.

 

- وضع أهداف خاصّة بكلّ درس.

 

- إعداد صفحة مفاهيم رئيسة تتضمّن خلاصةً لكلّ درس، حتّى يسهل على الطالب المراجعة والحفظ.

 

11

 


1

المقدّمة

- وضع تمارين خاصّةً بكلّ درس، تساهم في فهم المادّة وتحقيق أهدافها.

 

- ذكر عدد من المصادر والكتب المنطقية عند نهاية كل درس، يمكن للأستاذ والطالب الرجوع إليها في حالة الرغبة في التوسّع في مضامين الدرس المذكور.

 

- تسهيل العبارة، والابتعاد قدر الإمكان عن العبارات المعقّدة والمغلقة، مع المحافظة على الاصطلاحات الخاصّة بعلم المنطق، إذ لا يمكن تسهيل وتغيير هذه الاصطلاحات أيضاً، فعلى الطالب أن يجدّ ويسعى لتحصيل هذا العلم، وسيرى ما يفيده في مسيرته العلمية والعملية.

 

والحمد لله رب العالمين

 

12


2

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

الدرس الأوَّل

تعريف القضيَّة

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة أنّ عناصر الاستدلال وموادّها الأوليَّة عند المناطقة هي القضايا.

2. معرفة المراد من القضيَّة وتعريفها الاصطلاحيّ الدقيق في علم المنطق.

3. معرفة أهمِّيَّة إضافة قيد "لذاته" على تعريف القضيَّة.

 

15


3

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

تمهيد

ذكرنا في الجزء الأوَّل أنَّ موضوع علم المنطق هو: "المعرِّف والحجَّة" أو "التصوُّر والتصديق"، وأنَّ علم المنطق ينقسم بناءً عليه إلى قسمين رئيسين: القسم الأوَّل في الموضوع الأوَّل وهو المعرِّف أو التصوُّر، والقسم الثاني في الموضوع الثاني وهو الحجَّة أو التصديق.

 

وقد أنهينا الكلام في الجزء الأوَّل عن القسم الأوَّل، وحان الكلام في القسم الثاني عن التصديق.

 

والحجَّة أو التصديق -كما بات معلومًا- هو المعلوم التصديقيّ من حيث إنَّه يُتوصَّل به إلى العلم بالمجهول التصديقيّ.

 

وقد تقدَّم في الجزء الأوَّل[1] أنَّ للتصديق موردًا واحدًا وحيدًا لا ثاني له، وهو النسبة في الجملة الخبريَّة عند الحكم بمطابقتها للواقع أو عدم مطابقتها للواقع.

 

وعليه، فمادَّة التصديق أو الاستدلال هي المركَّب التامّ الخبريّ، وهو ما تقدَّم تعريفه -في الجزء الأوَّل أيضًا[2]- بأنَّه المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق والكذب.

 

ومادَّة التصديق والاستدلال هذه تُسمَّى في علم المنطق بـ:"القضيَّة".

 

من هنا، كان جديرًا بنا تعريف القضيَّة والوقوف عليها تفصيلًا ليتَّضح العنصر الأساس في عمليَّة الاستدلال.


 


[1] وتحديدًا في الدرس الرابع منه.

[2] وتحديدًا في الدرس الحادي عشر منه.

 

 

17

 


4

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

وكما كان للقسم الأوَّل من علم المنطق (التصوُّرات) مقدِّمات يتوقَّف عليها، فإنَّ للقسم الثاني (التصديقات) مقدِّمات يتوقَّف عليها أيضًا. ويعتبر بحث القضايا وأحكامها مقدِّمات هذا القسم (التصديقات)، ويقع الكلام عن القضايا في بحوثٍ ثلاثة:

- البحث الأوَّل: في تعريف القضيَّة.

- البحث الثاني: في أقسامها.

- البحث الثالث: في بيان أحكام كلّ قسمٍ منها.

 

تعريف القضيَّة

عرَّف المناطقة القضيَّة بأنّها: "المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب".

 

وإذا أردنا تطبيق درسَي الكلِّيَّات الخمسة والتعريف على تعريف القضيَّة هذا، فإنَّ قولنا (المركَّب التامّ) هو جنسٌ قريبٌ يشمل نوعَي التامّ: الخبر والإنشاء، وقولنا (الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب) هو خاصَّته، ويخرج به الإنشاء، لأنَّ الوصف بالصدق أو الكذب -على ما بُيِّن في الجزء الأوَّل[1]- من عوارض الخبر المختصَّة به.

 

وعليه، فهذا التعريف للقضيَّة هو تعريف بالرسم التامّ.

 

إضافة قيد "لذاته" على تعريف القضيَّة

- دفعًا لتوهُّم عدم مانعيَّة التعريف الأوَّل:

قد يتوهَّم متوهِّمٌ أنَّ تعريف القضيَّة بـ "المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب" ليس تعريفًا صحيحًا، لعدم كونه مانعًا عن دخول بعض الإنشاءات، وذلك لتوهُّمه قبول بعض الإنشاءات لوصف الصدق أو الكذب.

 

وقد مُثِّل لهذه الإنشاءات القابلة لوصف الصدق والكذب بسؤال الغني، واستفهام العالِم، وتمنِّي الواجد.


 


[1] وتحديدًا في الدرس الحادي عشر منه.

 

18


5

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

توضيح ذلك:

لو سأل شخصٌ سؤالَ الفقير لَوُصِف بالصدق فيما إذا كان فقيرًا فعلًا، ولَوُصِف بالكذب فيما لو كان غنيًّا واقعًا، وكذا لو استفهم مستفهمٌ عن مسألةٍ لَوُصِف بالصدق فيما إذا كان جاهلًا فيها حقًّا، ولَوُصِف بالكذب فيما إذا كان عالمًا بها في الواقع، وكذا لو تمنَّى شخصٌ شيئًا لَوُصِف بالصدق فيما إذا كان فاقدًا له واقعًا، ولَوُصِف بالكذب فيما لو كان واجدًا له فعلًا.

 

فهذه إنشاءات تحتمل وصف الصدق تارةً وتحتمل وصف الكذب أخرى. وعليه، يكون تعريف القضيَّة -وهي الخبر- بأنَّها المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق والكذب غير مانع عن دخول هذه الإنشاءات.

 

والسؤال الذي يُطرح في المقام هو: هل فعلًا هناك إنشاءات يصحّ وصفها بالصدق أو الكذب، وعلى فرض ذلك فهل الوصف بالصدق أو الكذب هو لذات الإنشاء أم لأمرٍ آخر؟

 

- الجواب:

إنَّ المركَّب التامّ الإنشائيّ لا يمكن أن يكون قابلًا للوصف بالصدق أو الكذب بأيِّ وجهٍ من الوجوه، وذلك لنكتةٍ بسيطةٍ وهي أنَّه لا واقع وراء الإنشاء أصلًا حتَّى يكون المركَّب التامّ الإنشائيّ موافقًا ومطابقًا له فيكون صادقًا أو يكون غير مطابقٍ له فيكون كاذبًا.

 

ووصف الأمثلة الإنشائيَّة المتقدِّمة بالصدق تارةً وبالكذب أخرى، هو في الحقيقة ليس وصفًا لذات الإنشاءات، وإنَّما وصف لمدلولاتها الالتزاميّة، فإنَّ لسؤال الشخص الذي يسأل سؤال الفقير مدلولًا التزاميًّا وهو الإخبار عن كونه فقيرًا، لأنَّ الطلب الحقيقيّ لا يكون إلَّا عن فقر، فإن كان فقيرًا واقعًا كان إخباره هذا مطابقًا لواقعه، وبالتالي يوصف إخباره بالصدق، وإن كان غنيًّا واقعًا كان إخباره مخالفًا لواقعه، وبالتالي يوصف إخباره بالكذب، فالذي يوصف بالصدق والكذب حقيقية ليس ذات الإنشاء، وإنَّما المدلول الالتزاميّ لإنشائه والذي هو خبرٌ من الأخبار. وكذلك الأمر بالنسبة إلى استفهام الشخص عن مسألةٍ وتمنِّيه لشيء، فإنَّ الذي يوصف بالصدق أو الكذب ليس ذات استفهامه وإنَّما مدلوله الالتزاميّ وهو الإخبار عن كونه جاهلًا، لأنَّ الاستفهام الحقيقيّ لا يكون إلَّا عن جهلٍ.

 

 

19

 


6

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

وعليه، فالإنشاءات لاتوصف بالصدق أو الكذب لذاتها، وإنَّما التي توصف بذلك هي مدلولاتها الالتزاميَّة.

 

- دفعًا لتوهُّم عدم جامعيَّة التعريف الأوَّل:

ثمَّ إنَّه قد يتوهَّم متوهِّمٌ أيضًا أنَّ تعريف القضيَّة من دون قيد "لذاته" هو تعريف غير جامع لجميع الأخبار، بتوهُّم أنَّه ثمَّة أخبار لا يصحّ وصفها بالصدق أو بالكذب، فتكون بذلك خارجة عن التعريف ولا يكون التعريف شاملًا لها.

 

ومن أمثلة تلك الأخبار: جميع أخبار الله تعالى وأخبار المعصومين عليهم السلام، وقولنا مثلًا: "السماء فوقنا والأرض تحتنا"، وقولنا مثلًا: "الاثنين نصف الأربعة"، فإنَّ هذه الأخبار جميعها لا يصحّ وصفها بالكذب.

 

ومن أمثلة الأخبار التي لا يصحّ وصفها بالصدق: أخبار مسيلمة الكذَّاب مثلًا، وقولنا مثلًا: "الأرض فوقنا والسماء تحتنا"، وقولنا مثلًا: "الاثنين نصف الثمانية"، فإنَّ هذه المركَّبات الخبريَّة جميعها لا يصحّ وصفها بالصدق.

 

ولكن بالتدقيق في هذه الأمثلة، تجد أنّ هذه الأخبار من حيث هي لذاتها كغيرها من الأخبار قابلة للوصف بالصدق أو الكذب.

 

أمَّا امتناع أمثلة المجموعة الأولى عن قبول الوصف بالكذب فليس لمجرَّد أنَّها أخبار أي ليس لذاتها، بل لأمرٍ خارجٍ عن ذاتها، وهو كون قائلها مقطوعًا بصدقه كالله تعالى أو المعصوم c كما في المثال الأوَّل، أو كونها مطابقةً للواقع وما قامت عليه المشاهدة من أنَّ السماء فوقنا والأرض تحتنا كما في المثال الثاني، أو كونها مطابقةً لضرورة العقل كما في المثال الثالث.

وكذلك امتناع أمثلة المجموعة الثانية عن قبول الوصف بالصدق، فليس لمجرَّد أنَّها أخبار، أي ليس لذاتها، بل لأمرٍ خارجٍ عن ذاتها وهو كون قائلها مقطوعًا بكذبه كمسيلمة الكذَّاب في المثال الأوَّل، أو كونها مخالفةً للواقع وما قامت عليه المشاهدة كما في المثال الثاني، أو كونها مخالفة لضرورة العقل كما في المثال الثالث.

 

 

20


7

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

وعليه، فهذه الأخبار لذاتها قابلةٌ لوصف الصدق أو الكذب، وامتناع قبولها عن أحدهما ليس لذاتها بل لأمرٍ خارجٍ عن ذاتها.

 

النتيجة: إنَّ تعريف القضيَّة بأنَّها: "المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق والكذب" صحيحٌ في حدِّ نفسه وجامعٌ مانعٌ، ولكن دفعًا لتوهُّم المتوهِّمين نضيف على التعريف قيد "لذاته"، فيصبح تعريف القضيَّة هو: "المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب لذاته".

 

تنبيهان

التنبيه الأوَّل: تقدَّم في الجزء الأوَّل أنَّ همّ المنطق وغرضه إنَّما يتعلَّق أوَّلًا وبالذات بالمعاني، وبالألفاظ ثانيًا وبالعرض.

 

وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّه بإزاء كلّ قضيَّة لفظيَّة هناك قضيَّة ذهنيَّة وعقليَّة، أي: كما نُسمِّي لفظ "زيدٌ قائمٌ" قضيَّةً، نُسمِّي معنى هذه الجملة الموجود في ذهننا قضيَّة أيضًا، فألفاظ هذه الجملة قضيَّة لفظيَّة ومعانيها قضيَّة معقولة.

 

ولهذا نرى بعض المناطقة يُعرِّفون القضيَّة بأنَّها "القول الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب"[1]، وذلك لأنَّ "القول" في اصطلاح المناطقة يشمل الكلام الملفوظ والكلام المعقول. يقول الملَّا عبد الله في حاشيته: "القول في عرف هذا الفنّ (يعني المنطق) يقال للمركَّب التامّ سواء كان مركَّبًا معقولًا أو ملفوظًا، فالتعريف يشتمل على القضيَّة المعقولة والملفوظة"[2].

 

التنبيه الثاني: المقصود من الصدق في تعريفهم للقضيَّة هو المطابقة للواقع، والمقصود من الكذب هو اللامطابقة للواقع.


 


[1] انظر مثلًا: العلَّامة الحلِّيّ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهَّر، القواعد الجليَّة في شرح الرسالة الشمسيَّة، ط1، قم المقدَّسة، مؤسَّسة النشر الإسلاميّ، 1412هـ.ق، ص242؛ المطهَّري، مرتضى: المنطق، ترجمة: حسن علي الهاشمي، مراجعة وإعداد: حسين بلوط، ط2، بيروت، دار الولاء، 1432هـ.ق- 2011م، ص53؛ اللوه، العربيّ: المنطق التطبيقيّ، ط3، تطوان (المغرب)، لا.ن، 2008م، ص59؛ اليزديّ، عبد الله: حاشية على التهذيب، تعليق: مصطفى الحسينيّ الدشتي، ط3، قم المقدَّسة، دار التفسير، 1428هـ.ق- 1387هـ.ش، ص94؛ الوائلي، صالح: معالم المنطق، ط1، لا.م، مؤسَّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديَّة، 2018م، ص90.

[2] اليزدي، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص94.

 

21


8

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

المفاهيم الرئيسة

 

1. تُشكِّل القضايا موادّ الاستدلال وعناصره التي يتألَّف منها.

2. عرَّف المناطقة القضيَّة بأنَّها: "المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب".

3. هذا التعريف للقضيَّة تعريفٌ صحيحٌ في حدِّ نفسه جامعٌ مانعٌ، لكن دفعًا لأوهام المتوهِّمين عدم مانعيَّة هذا التعريف أو عدم جامعيَّته نضيف عليه قيد "لذاته".

4. المقصود بالصدق هو مطابقة الواقع، والمقصود بالكذب هو اللامطابقة للواقع.

5. ثمَّة قضيَّة عقليَّة ذهنيَّة بإزاء كلِّ قضيَّةٍ لفظيَّة.

 

 

تمارين

 

1. أجب بصحّ (√)أو خطأ (x):

أ. تُشكِّل القضايا عناصر الاستدلال وموادّه الأوَّليَّة. □

ب. القضيَّة هي المركَّب التامّ الذي يصحّ وصفه بالصدق أو الكذب. □

ج. (المركَّب التامّ) في تعريف القضيَّة هو جنس بعيد. □

د. صحَّة الوصف بالصدق أو الكذب هي من ذاتيَّات القضيَّة. □

ه. صحَّة الوصف بالصدق أو الكذب من العوارض المختصَّة بالخبر. □

و. تجب إضافة قيد "لذاته" على تعريف القضيَّة، وإلَّا يكون تعريفها غير

مانع وغير جامع. □

ز. لا يصحّ وصف الإنشاءات لذاتها بالصدق أو الكذب وإنَّما توصف

بذلك مدلولاتها الالتزاميَّة. □

ح. بعض الأخبار لا تقبل لذاتها وصف الصدق أو الكذب. □

ط. "القول" في اصطلاح المناطقة يشمل القضيَّة الملفوظة والقضيَّة المعقولة. □

ي. النسبة المنطقيَّة بين "القضيَّة" و"الخبر" هي العموم والخصوص المطلق. □

 

22

 


9

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

2. أيٌّ من هذه التراكيب القرآنيَّة هي قضيَّة بحسب الاصطلاح المنطقيّ، وأيّها ليست بقضيَّة.

المثال     قضيَّة     ليست بقضيَّة

﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾                 

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾                 

﴿لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ﴾              

﴿وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾          

﴿ٱللَّهَ حَبَّبَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡإِيمَٰنَ﴾             

﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾           

 

 

أسئلة حول الدرس

1. عرِّف القضيَّة.

2. "توصف بعض الإنشاءات بالصدق أو الكذب". ناقش هذه المقولة.

3. بيِّن ما يدخل بإضافة قيد "لذاته" على تعريف القضيَّة.

 

23


10

الدرس الأوَّل: تعريف القضيَّة

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، أبو علي، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، تحقيق: سليمان دنيا، لا.ط، بيروت، مؤسسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع، 1413هـ.ق، 1992م، قسم المنطق، القسم الأوَّل في المنطق، ج1، ص222-223،

2. بخيت، محمد حسن مهدي، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، ط1، الأردن، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، 2013م، قسم التصديقات، ج2، ص5-10،

3. خَنْدان، علي أصغر، المنطق التطبيقيّ منهج جديد في توظيف أصول علم المنطق، ترجمة: محمد حسن الواسطي وعبد الرزاق سيادت الجابري، مراجعة وتقويم ونشر: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ط1، بيروت، 2017م، ص135-137،

4. العلَّامة الحلِّيّ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهَّر، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، 1363هـ.ش، لا.ط، لا.م، ص36-38،

5. العلى، محمد، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، (تقرير وشرح الأستاذ أيمن عبد الخالق لكتاب الإشارات والتنبيهات)، ط1، بيروت، ومضات للترجمة والنشر، 2018م، ج2، ص7-13،

6. المظفَّر، محمد رضا، المنطق، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لا.ط، 1427هـ.ق، 2006م، ص129-130.

 

 

24

 


11

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

الدرس الثاني

تقسيمات القضيَّة (1)

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة انقسام القضيَّة انقسامًا أوَّليًّا إلى حمليَّة وشرطيَّة والفرق بينهما.

2. معرفة انقسام القضيَّة الشرطيَّة إلى متَّصلة ومنفصلة والفرق بينهما.

3. معرفة انقسام كلٍّ من القضايا الحمليَّة والقضايا الشرطيَّة بقسميها إلى الموجبة والسالبة.

 

 

25


12

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

تمهيد

بعد أن أنهينا الكلام في الدرس الأوَّل في تعريف القضيَّة، نتابع في هذا الدرس في مقدِّمات قسم التصديقات، وتحديدًا في المبحث الثاني من هذه المقدِّمات، أي في تقسيمات القضايا.

 

وتجدر الإشارة إلى أنَّ للقضايا تقسيمات عدَّة:

1. تقسيمها باعتبار النسبة الحكميَّة (الرابطة).

2. تقسيمها باعتبار الموضوع.

3. تقسيمها باعتبار المحمول.

4. تقسيمها باعتبار السور.

5. تقسيمها باعتبار الجهة[1].

 

التقسيم الأوّل للقضيَّة إلى: حمليَّة وشرطيَّة

تنقسم القضيَّة بلحاظ النسبة الحكميَّة إلى قسمين:

- الأوَّل: هو القضيَّة الحمليَّة.

- الثاني: وهو القضيَّة الشرطيَّة.


 


[1] لن يتم التعرّض لهذا التقسيم في هذا الكتاب ويمكن لدارسته الرجوع إلى كتاب المنطق للشيخ المظفر وغيره من الكتب التخصصية في المنطق.

 

27


13

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

وهذا هو التقسيم الأوَّليّ للقضيَّة، لأنَّ كلّ التقسيمات الأخرى هي في الواقع تقسيمات للقضيَّة الحمليَّة والشرطيَّة.

 

 وبعبارة ثانية: التقسيمات الأخرى هي تقسيمات للقضيَّة ولكن بواسطة أقسامها الأوَّليَّة (الحمليَّة والشرطيَّة).

 

القضيَّة الحمليَّة

هي ما حُكم فيها بثبوت شيءٍ لشيء، أو حُكم فيها بنفي شيءٍ عن شيء.

 

مثال: (الحديد هو معدن)، (الربا محرَّم)، (ليس الكذب بممدوحٍ)، (ليس الحيوان جمادًا).

 

وبملاحظة هذه الأمثلة والتدقيق فيها يمكن استنتاج خصائص القضيَّة الحمليَّة، وهي:

1. إنَّ كلّ قضيَّةٍ حمليَّةٍ تتألَّف من طرفين ونسبة بينهما:

•         الطرف الأوَّل: وهو ما يُحكم عليه بالإثبات أو النفي، ويُسمَّى الموضوع، لأنَّ العقل يضعه أوَّلًا ليحكم عليه، وهو في الأمثلة: الحديد، الربا، الكذب، الحيوان.

 

•         الطرف الثاني: وهو ما يُحكم به على الموضوع، ويُسمَّى المحمول، وهو في الأمثلة: معدن، محرَّم، ممدوح، جماد.

 

•         النسبة: وتُسمَّى النسبة الحكميَّة، وهي ما يربط بين الموضوع والمحمول، ولولاها ما انعقدت القضيَّة، وقد يُذكر ما يدلّ عليها باللفظ، ويُسمَّى الرابط، كما في المثال الأوَّل: (الحديد هو معدن)، وقد يُحذف كما في المثال الثاني: (الربا محرَّم).

 

2. إنَّ النسبة الحكميَّة في القضيّة الحمليَّة معناها اتِّحاد الطرفين وثبوت الثاني للأوَّل، أو نفي الاتِّحاد والثبوت. وبالاختصار نقول: معناها أنَّ (هذا ذاك) أو (هذا ليس ذاك).

 

3. إنَّ كلَّ طرفٍ من طرفي القضيَّة الحمليَّة قد يكون مفردًا كما في الأمثلة المتقدِّمة وقد يكون مركَّبًا ناقصًا، كقولنا: (الحيوان الناطق ماشٍ) و(الحيوان الناطق منتقلٌ بنقل قدميه)، ولكن لا يمكن أن يكون أحد طرفي القضيَّة الحمليَّة أو كلاهما مركَّبًا تامًّا.

 

 

28

 


14

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

أمَّا القضيَّة الشرطيَّة

فهي ما حُكم فيها بوجود نسبة بين قضيَّةٍ وأخرى أو عدم وجود نسبة بينهما.

 

مثال: (إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود)، (ليس إذا كان الإنسان نمَّامًا كان أمينًا)، (العدد إمَّا أن يكون زوجًا أو فردًا)، و(ليس الإنسان إمَّا أن يكون شاعرًا أو كاتبًا).

 

وبملاحظة هذه الأمثلة والتدقيق فيها يمكن استنتاج خصائص القضيَّة الشرطيَّة، ويتَّضح بها الفرق بينها وبين القضيَّة الحمليَّة:

1. إنَّ كلَّ قضيَّةٍ شرطيَّةٍ تتألَّف من طرفين ونسبة بينهما أيضًا، ولكن كلّ واحدٍ من طرفي القضيَّة الشرطيَّة هو قضيَّة في حدِّ ذاته، فتتألَّف بالتّالي من قضيتين ونسبة بينهما.

 

ففي المثال الأوَّل مثلًا: الطرف الأوَّل من القضيَّة هو (أشرقت الشمس) وهو قضيَّة في حدّ ذاته، والطرف الثاني (النهار موجود) وهو قضيَّة في حدِّ ذاته أيضًا، وبين هاتين القضيَّتين نسبة، فدمج بين هاتين القضيَّتين ونُسب ورُبط بينهما بأدوات الربط (إذا والفاء) فتشكَّلت قضيَّة كبرى هي القضيَّة الشرطيّة.

 

والطرف الأوَّل من طرفي القضيَّة الشرطيَّة يُسمَّى (المقدَّم)

 

ويُسمَّى الطرف الثاني من طرفي القضيَّة الشرطيَّة بـ (التالي).

 

2. إنَّ النسبة في القضيَّة الشرطيَّة ليست هي نسبة الثبوت والاتِّحاد كما في الحمليَّة، لأنَّه لا اتِّحاد بين القضايا، بل هي إمَّا نسبة الاتِّصال والتصاحب والتعليق، أي تعليق الثاني على الأوَّل أو نفي ذلك كما في المثالين الأوَّلين، وإمَّا نسبة الانفصال والتعاند والتنافر أو نفي ذلك كما في المثالين الأخيرين.

 

3. إنَّ كلّ واحدٍ من طرفي القضيَّة الشرطيَّة هو مركَّب تامّ خبريّ ولا يمكن أن يكون غير ذلك، فلا يصحّ أن يكون مفردًا كما لا يصحّ أن يكون مركَّبًا ناقصًا.

 

29

 


15

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

أقسام القضيَّة الشرطيَّة

بملاحظة الأمثلة المتقدِّمة نجد أنَّ القضيَّة الشرطيَّة، باعتبار النسبة بين القضيَّتين من الاتّصال أو الانفصال، تنقسم بدورها إلى قسمين: متّصلة ومنفصلة.

 

- المتّصلة: وهي التي تكون النسبة فيها هي الاتّصال بين القضيَّتين وتعليق إحداهما على الأخرى أو نفي ذلك، كما في المثالين الأوَّلين.

 

- المنفصلة: وهي التي تكون النسبة فيها هي الانفصال والعناد بينهما أو نفي ذلك، كما في المثالين الأخيرين.

 

تنبيه

في القضايا الشرطيَّة المتَّصلة يبدو بوضوحٍ وجود نوعٍ من الاشتراط والتعليق، كما في قضيَّة (إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود) أي أنَّ وجود النهار مشروط ومعلَّق على شروق الشمس، ومنه تتَّضح تسمية القضايا المتَّصلة بالشرطيَّة.

 

أمَّا القضايا المنفصلة فلا يوجد في ظاهر اللفظ تعليق واشتراط، ولكن في الحقيقة ثمَّة تعليق هنا، إذ المعنى فيها: إنْ كان العدد زوجًا فهو ليس بفرد، وإذا كان العدد فردًا فهو ليس بزوج، وإذا لم يكن العدد زوجًا فهو فرد، وإذا لم يكن العدد فردًا فهو زوج، وعلى هذا الأساس فهي من أقسام الشرطية.

 

تقسيم عامّ للقضايا إلى الموجبة والسالبة

إنّ القضية بجميع أقسامها – سواء كانت حمليّة أو متّصلة أو منفصلة – تنقسم إلى موجبة وسالبة، لأنّ الحكم فيها:

1. إن كان بإثبات الحمل أو الاتصال أو الانفصال فهي موجبة.

 

2. وإن كان بنفي الحمل أو الاتصال أو الانفصال، فهي سالبة.

 

وإليك أمثلة لجميع هذه الأقسام:

- مثال القضيَّة الحمليَّة الموجبة: الحديد معدن.

 

 

30

 


16

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

- مثال القضيَّة الحمليَّة السالبة: ليس الكذب ممدوحًا.

 

- مثال القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة الموجبة: إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود.

 

- مثال القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة السالبة: ليس إذا كان الإنسان نمَّامًا كان أمينًا.

 

- مثال القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة الموجبة: إمَّا أن يكون العدد زوجًا وإمَّا أن يكون فردًا.

 

- مثال القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة السالبة: ليس إمَّا أن يكون الإنسان شاعرًا وإمَّا أن يكون كاتبًا.

 

ويُسمّى الإيجاب والسلب (كيف القضيَّة) لأنّه يسأل بـ (كيف) الاستفهاميَّة عن الثبوت وعدمه.

 

31

 


17

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

المفاهيم الرئيسة

- تنقسم القضايا تقسيمًا أوَّليًّا إلى: حمليَّة وشرطيَّة.

 

- يمكن بيان نقاط الاختلاف بين القضيَّة الحمليَّة والقضيَّة الشرطيَّة في الجدول الآتي:

 

 

 

القضيَّة الحمليَّة

القضيَّة الشرطيَّة

1.

تعريفها

هي ما حُكم فيها بثبوت شيءٍ لشيء أو نفي شيءٍ عن شيء

هي ما حُكم فيها بوجود نسبةٍ بين قضيَّة وأخرى أو عدم وجود نسبة بينهما

2.

أجزاؤها

ثلاثة: الموضوع والمحمول والنسبة

ثلاثة: المقدَّم والتالي والنسبة

3.

معنى النسبة فيها

اتِّحاد الطرفين وثبوت الثاني للأوَّل أو نفي الاتِّحاد

الاتِّصال والتعليق، أي تعليق القضيَّة الثانية على القضيَّة الأولى أو نفيه.

أو الانفصال والتنافر أو نفيهما.

4.

نوع كلِّ طرف من طرفيها من حيث كونه مفردًا أو مركَّبًا.

كلّ طرف من طرفي القضيَّة الحمليَّة إمَّا أن يكون مفردًا وإمَّا أن يكون مركَّبًا ناقصًا، ولا يصحّ أن يكون مركَّبًا تامًّا.

كلُّ طرفٍ من طرفَي القضيَّة الشرطيَّة هو قضيَّة بحدّ ذاته، فلا يصحّ أن يكون مفردًا ولا يصحّ أن يكون مركَّبًا ناقصًا.

 

- تنقسم القضيَّة الشرطيَّة -باعتبار النسبة بين القضيَّتين من الاتّصال أو الانفصال- إلى: متّصلة ومنفصلة.

 

•         المتّصلة: وهي التي تكون النسبة فيها هي الاتّصال بين القضيَّتين وتعليق إحداهما على الأخرى أو نفي ذلك، كما في قضيَّة (إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود)، و(ليس إذا كان الإنسان نمّامًا كان أمينًا).

 

•         المنفصلة: وهي التي تكون النسبة فيها هي الانفصال بينهما أو نفي ذلك، كما في قضيَّة (إما أن يكون العدد زوجًا وإمَّا أن يكون فردًا)، و(ليس إمَّا أن يكون الإنسان

 

32

 


18

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

شاعرًا وإمَّا أن يكون كاتبًا).

 

- إنَّ القضية بجميع أقسامها، سواء أكانت حمليَّةً أم شرطيَّةً، متّصلةً أم منفصلةً، تنقسم إلى: موجبة وسالبة.

 

 

33


19

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

تمارين

 

1. أجب بصحّ (√)أو خطأ (x):

أ. القضيَّة الحمليَّة هي ما حكم فيها بوجود نسبةٍ بين قضيَّة وأخرى أو لا وجودها. □

ب. القضيَّة الشرطيَّة هي ما حكم فيها بثبوت شيءٍ لشيء أو نفيه عنه. □

ج. معنى النسبة في القضيَّة الحمليَّة اتّحاد الطرفين وثبوت الثاني للأوّل، أو نفي الاتّحاد والثبوت. □

4. لكلٍّ من القضيَّة الحمليَّة والشرطيَّة ثلاثة أجزاء: الموضوع، المحمول، والنسبة الحكميَّة. □

ه. كلّ طرف من أطراف القضيَّة الشرطيَّة لو أُخذ لوحده فهو قضيَّة بحدّ ذاته. □

و. أطراف القضيَّة الحمليَّة هي مركَّبات تامَّة، أمَّا أطراف القضيَّة الشرطيَّة فهي مفردات أو مركَّبات ناقصة. □

ز. تنقسم القضيَّة الشرطيَّة باعتبار طبيعة النسبة الحكميَّة بين المقدَّم والتالي

إلى متَّصلة ومنفصلة. □

ح. إذا كانت النسبة بين المقدَّم والتالي هي نسبة التعليق والتصاحب فالقضيَّة منفصلة، وإذا كانت النسبة هي التنافر فالقضيَّة متَّصلة. □

ط. تنقسم كلٌّ من القضيَّة الحمليَّة والشرطيَّة بقسميها إلى موجبة وسالبة. □

ي. القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة السالبة هي ما حُكم فيها بالانفصال بين المقدَّم والتالي. □

ك. القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة السالبة هي ما حُكم فيها بالاتِّصال بين المقدَّم والتالي. □

 

35

 


20

الدرس الثاني: تقسيمات القضيَّة (1)

2. صل نقاط العمود الأوَّل بما يناسبها من نقاط العمود الثاني.

القضيَّة الحمليَّة الموجبة         •         •         ليس الظالم بمؤمن.

القضيَّة الحمليَّة السالبة         •         •         ليس إذا كان المدرِّس حاضرًا فإنَّه مشغول بالدرس.

القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة الموجبة •         •         ليس إمَّا أن يكون الطالب وهو في المدرسة واقفًا أو في الدرس.

القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة السالبة •         •         العدد إمَّا زوج أو فرد.

القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة الموجبة          •         •         ﴿إِنَّكَ مَيِّتٞ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾.

القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة السالبة         •         •         إذا سخن الحديد فإنَّه يتمدَّد.

 

 

أسئلة حول الدرس

1. اذكر ثلاثة فوارق بين القضيَّة الحمليَّة والقضيَّة الشرطيَّة.

2. تكلَّم عن أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار طبيعة النسبة بين طرفيها.

3. اذكر ثلاثة أمثلة لكلٍّ من القضيَّة الحمليَّة الموجبة والسالبة، وكذلك الشرطيَّة المتَّصلة. الموجبة والسالبة، والشرطيَّة المنفصلة الموجبة والسالبة.

 

36


21

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، القسم الأوَّل في المنطق، ج1، ص224-228،

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص11-13، 30-34،

3. الرازي، قطب الدين: لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار مع تعليقات السيِّد الشريف الجرجاني وبعض التعاليق الأخرى، مراجعة النص وضبطه: أسامة الساعدي، نشر ذوي القربى، قم المقدّسة، ط1، 1433هـ.ق - 1391هـ.ش، ج2، ص5-26،

4. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص38-43،

5. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص13-26،

6. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص131-133،

7. اليزديّ، عبد الله، حاشية على التهذيب، تعليق: مصطفى الحسيني الدشتي، دار التفسير، قم المقدسة، ط3، 1428هـ.ق - 1387هـ.ش، ص94-98.

 

37


22

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

الدرس الثالث

تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة انقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها إلى شخصيَّة وطبيعيَّة ومهملة ومحصورة.

2. معرفة المراد من كلّ قسم من هذه الأقسام والفرق بينها.

3. معرفة أنَّه لا اعتبار عند المنطقيّ إلَّا بالمحصورات وإدراك السبب في ذلك.

4. معرفة المحصورات الأربع وسور كلِّ منها.

 

38

 


23

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

تمهيد

تقدَّم في الدرس السابق تعريف القضيَّة، وتقسيمها إلى حمليَّة وشرطيَّة، وتقسيم الشرطيَّة باعتبار الاتّصال والانفصال بين طرفيها إلى متَّصلة ومنفصلة، وتقسيم الحمليَّة والشرطيَّة بقسميها باعتبار كيفها إلى موجبة وسالبة. وفي هذا الدرس نشير إلى التقسيمات الأخرى للقضية باعتبارات متعدّدة، ونبدأ أوَّلًا بتقسيمات القضيَّة الحمليَّة ثم نتبعها بتقسيمات الشرطيَّة.

 

 

أقسام القضية الحمليَّة باعتبار الموضوع

للقضيَّة الحمليَّة باعتبار موضوعها تقسيمان:

- تقسيمها باعتبار طبيعة الموضوع.

- تقسيمها باعتبار نحو وجود الموضوع.

 

ونبدأ أوَّلًا بتقسيم القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها، ثم نعرض إلى تقسيمها باعتبار نحو وجود موضوعها.

 

أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

تنقسم القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها إلى أربعة أقسام: شخصيَّة، طبيعيَّة، مهملة، ومحصورة، وذلك لأنَّ:

موضوع القضيَّة الحمليَّة إمَّا أن يكون:

 

40

 


24

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

1. جزئيًّا حقيقيًّا

وتُسمَّى القضيَّة حينها (شخصيَّة) و(مخصوصة)، مثل: محمَّدٌ صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله، الشيخ المفيد مجدِّد القرن الرابع، بغداد عاصمة العراق، أنت عالم، هو ليس بشاعر، هذا العصر لا يُبشِّر بخير.

 

2. كلِّيًّا

وما كان موضوعها كلِّيًا تنقسم بلحاظ النظرة إلى الموضوع أوَّلًا إلى قسمين، لأنَّه:

أ- إمَّا أن يُنظر إلى الموضوع الكلِّيّ بما هو مفهوم كلِّيّ بغضّ النظر عن أفراده، فيكون الحكم ثابتًا على نفس طبيعة الموضوع من حيث هي كلِّيَّة لا على ما تصدق عليه من أفراد، وتُسمَّى القضيَّة حينئذٍ (طبيعيَّة)، مثل: الإنسان نوع، والناطق فصل.فإنَّ أفراد الإنسان ومصاديقه ليست نوعًا، وكذلك أفراد الناطق ليست فصلًا.

 

ب- وإمَّا أن يُنظر إلى الموضوع بنظرةٍ آليَّةٍ مرآتيَّةٍ، فلا يُلحظ المفهوم الكلِّيّ بنفسه بل بما هو حاكٍ عن أفراده، فيكون الحكم في الحقيقية راجعًا إلى الأفراد، والكلِّيّ إنَّما جُعِل عنوانًا ومرآةً لها.

 

والقضيَّة التي يكون الحكم فيها راجعًا إلى الأفراد على قسمين أيضًا، لأنَّه:

•         إمَّا أن يُهمل فيها بيان كمِّيَّة الأفراد التي يرجع إليها الحكم، جميعها أو بعضها، وحينئذٍ تُسمَّى القضيَّة الحمليَّة (مهملة)، مثل: الإنسان في خسر، رئيس القوم خادمهم، المؤمن لا يكذب.

 

فإنَّه ليس في هذه الأمثلة دلالة على أنَّ الحكم عامٌّ لجميع مصاديق الموضوع وأفراده أو غير عامّ.

 

•         وإمَّا أن تُبيَّن فيها كمِّيَّة أفراد الموضوع وتُحصر، وتُسمَّى القضيَّة الحمليَّة حينئذٍ (محصورة)، وهي التي يقترن موضوعها بأداةٍ تحصر كمِّيَّة أفراده، وقد اصطلح على الأداة التي تحصر كمِّيَّة الأفراد بـ(سور القضيَّة)، ولذلك تُسمَّى القضيَّة المحصورة بـ(المسوَّرة) أيضًا.

 

41


25

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

وتنقسم القضيَّة المحصورة بدورها إلى قسمين، وذلك لأنَّ حصر كمِّيَّة أفراد الموضوع الكلِّيّ في القضيَّة على نحوين:

•         حصر كلّ أفراد الموضوع، بمعنى أن يُبيَّن في القضيَّة أنَّ الحكم فيها راجع ومنطبقٌ على جميع أفراد موضوعها، وتُسمَّى القضيَّة المحصورة حينها بـ (الكلِّيَّة)، مثل: كلّ إمامٍ معصوم، كلّ ربا محرَّم، لا شيء من الجهل بنافع، ما في الدار ديَّار.

 

•         حصر بعض أفراد الموضوع، بمعنى أن يُبيَّن في القضيَّة أنَّ الحكم فيها راجعٌ ومنطبقٌ على بعض أفراد موضوعها، وتُسمَّى القضيَّة المحصورة عندها بـ (الجزئيَّة)، مثل: بعض الناس يكذبون، ﴿وَقَلِيلٞ مِّنۡ عِبَادِيَ ٱلشَّكُورُ﴾، ليس كلّ إنسان عالمًا.

 

لا اعتبار إلّا بالمحصورات

بعد بيان أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها، فهل جميع هذه الأقسام هي محلّ اعتبار المنطقيّ واهتمامه؟

 

الجواب:

جميع هذه الأقسام لا اعتبار بها عند المنطقيّ ولا تقع ضمن دائرة اهتمامه باستثناء القضيَّة المحصورة.

 

أمّا القضيَّة الشخصيَّة: فلا اعتبار بها، لأنَّ شأن المنطق إعطاء القواعد والقوانين الكلِّيَّة، وقد تقدَّم أنَّ موضوع القضيَّة الشخصيَّة جزئيّ وشخصيّ مخصوص فلا عموم فيها.

 

وأمَّا الطبيعيّة: فلأنَّها بحكم الشخصيَّة، إذ إنَّ الحكم فيها ليس فيه تقنين قاعدة عامَّة، وإنَّما الحكم -كما قلنا- على نفس المفهوم بما هو من غير أن يكون له مساسٌ بأفراده. وهو بهذا الاعتبار كالمعنى الشخصيّ لا عموم فيه، فإنَّ الإنسان في مثال (الإنسان نوع) لا عموم فيه، لأنَّ كلًّا من أفراده ليس بنوع.

 

وأمَّا المهملة: فلأنَّها في قوة الجزئية، وذلك لأنّ الحكم فيها يجوز أن يرجع إلى جميع الأفراد ويجوز أن يرجع إلى بعضها دون بعضها الآخر، ففي قضيَّة (رئيس القوم خادمهم)

 

42

 


26

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

مثلًا، فإنَّه يُحتمل أنَّ كلَّ رئيس قوم يجب أن يكون كخادمٍ لقومه، وربّما كان هذا الحكم من القائل غير عامّ لكلّ من يصدق عليه رئيس قوم، فقد يكون ثمَّة رئيس مستغنياً عن قومه عندما لا تكون قوّته مستمدّة منهم. وعلى كلا التقديرين يصدق (بعض الرؤساء لقومهم كخدم لهم)، لأنَّ الحكم إذا كان في الواقع للكلّ، فإنّ البعض له هذا الحكم قطعًا، أمّا البعض الآخر فهو مسكوت عنه. وإذا كان في الواقع للبعض، فقد حُكم على البعض.

 

إذاً: الجزئيَّة صادقة على كلا التقديرين قطعًا. ولا نعني بالجزئية إلّا ما حكم فيها على بعض الأفراد من دون نظر إلى البعض الباقي بنفيٍ ولا إثبات. فإنّك إذا قلتَ: (بعض الإنسان حيوان) فهي صادقة، لأنَّها ساكتة عن البعض الآخر، فلا تدلّ على أنّ الحكم لا يعمّه. ولا شكّ أنَّ بعض الإنسان حيوان وإن كان البعض الباقي في الواقع أيضًا حيوانًا، ولكنَّه مسكوتٌ عنه في القضيَّة.

 

وإذا كانت القضايا المعتبرة هي المحصورات خاصَّة، سواء أكانت كلِّيَّةً أم جزئيَّةً، فإذا روعي مع (كم) القضيَّة (كيفها)، ارتقت القضايا المعتبرة إلى أربعة أنواع:

1. الموجبة الكلِّيَّة. 3. الموجبة الجزئيَّة.

2. السالبة الكلِّيَّة. 4. السالبة الجزئيَّة.

 

السور وألفاظه

تقدَّم أنَّ اللفظ الدالّ على كمِّيَّة أفراد الموضوع يُسمّى بـ(سور القضيَّة)، وذلك تشبيهًا له بسور البلد الذي يحدّه ويحصره. ولذا سُمّيت هذه القضايا (محصورة) و (مسوّرة).

 

وتجدر الإشارة إلى أنَّ لكلِّ واحدةٍ من المحصورات الأربع سورًا خاصًّا بها:

- سور الموجبة الكلِّيَّة: كلّ، جميع، عامّة، كافّة، لام الاستغراق... إلى غيرها من الألفاظ التي تدلّ على ثبوت المحمول لجميع أفراد الموضوع.

 

- سور السالبة الكلِّيَّة: لا شيء، لا أحد، النكرة في سياق النفي... إلى غيرها من الألفاظ الدالّة على سلب المحمول عن جميع أفراد الموضوع.

 

43

 


27

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

- سور الموجبة الجزئيَّة: بعض، واحد، كثير، قليل، ربّما، قلّما... إلى غيرها ممّا يدلّ على ثبوت المحمول لبعض أفراد الموضوع.

 

- سور السالبة الجزئيَّة: ليس بعض، بعض... ليس، ليس كلّ، ما كلّ... أو غيرها ممّا يدلّ على سلب المحمول عن بعض أفراد الموضوع.

 

وطلباً للاختصار نرمز لسور كلّ قضيَّة برمزٍ خاصّ، كما يأتي:

(كلّ): للموجبة الكلِّيَّة (ع): للموجبة الجزئيَّة.

(لا): للسالبة الكلِّيَّة (س): للسالبة الجزئيَّة.

 

وإذا رمزنا دائمًا للموضوع بحرف (ب) وللمحمول بحرف (حـ)، فتكون رموز المحصورات الأربع كما يأتي:

كلّ ب حـ الموجبة الكلِّيَّة.

لا ب حـ السالبة الكلِّيَّة.

ع ب حـ الموجبة الجزئيَّة.

س ب حـ السالبة الجزئيَّة.

 

 

44

 


28

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

المفاهيم الرئيسة

 

- تنقسم القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها إلى أربعة أقسام:

•         الشخصيَّة: وهي ما كان موضوعها جزئيَّا حقيقيًّا، مثل: بغداد عاصمة العراق، زيد ليس بشاعر.

 

•         الطبيعيَّة: ما كان موضوعها كلِّيَّا وقد انصبّ الحكم عليه بما هو موضوع كلِّيّ بغضّ النظر عن أفراده، مثل: الإنسان نوع، الضاحك ليس بفصل.

 

•         المهملة: ما كان موضوعها كلِّيَّا، وقد انصبَّ الحكم على أفراده، مع إهمال كمِّيَّة الأفراد التي انصبّ عليها الحكم، كلًّا أو بعضًا، مثل: الإنسان في خسر، المؤمن لا يكذب.

 

•         المحصورة: ما كان موضوعها كلِّيًّا، وقد انصبّ الحكم فيها على أفراده، مع بيان كمِّيَّة الأفراد التي انصبّ عليها الحكم، وحصره بكلّ الأفراد أو بعضها.

 

فإن انصبّ الحكم على جميع أفراد موضوعها كانت (كلِّيَّة)، مثل: كلّ إمامٍ معصوم، لا شيء من الجهل بنافع .

 

وإن انصبّ على بعض أفراد الموضوع كانت (جزئيَّة)، مثل: بعض الحيوان إنسان، بعض الحيوان ليس بناطق.

 

- من بين أقسام القضيَّة الحمليَّة الأربعة لا اعتبار عند المنطقيّ إلَّا بالمحصورات، وذلك لأنَّ الشخصيَّة لا عموم فيها، والطبيعيَّة كالشخصيَّة أيضًا لا عموم فيها، والمهملة بقوَّة الجزئيَّة.

 

- المحصورات أربع:

•         الموجبّة الكلِّيَّة، ويُرمز لها اختصارًا بـ (كلّ ب ح).

•         السالبة الكلِّيّة، ويُرمز لها اختصارًا بـ (لا ب ح).

•         الموجبة الجزئيَّة، ويُرمز لها اختصارًا بـ (ع ب ح).

•         السالبة الجزئيَّة، ويُرمز لها اختصارًا بـ (س ب ح).

 

45

 


29

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

تمارين

1. اكتب بجانب كلّ قضيَّة حمليَّة من القضايا الآتية نوعها، ما إذا كانت شخصيَّة أم طبيعيَّة أم مهملة أم محصورة.

أ. كل لاعبي كرَّة السلّة طوال القامة

ب. الشيخ الطوسي زعيم الطائفة في زمانه

ج. قمَّة إيفرست مغطَّاة بالثلوج

د. الحسَّاس المتحرِّك بالإرادة فصل للحيوان

ه. المؤمن لا يغتاب

و. بعض الإنسان ليس بكاتب

ز. الماشي عرض عام للإنسان

ح. هذا الكتاب مفيد

ظ. بعض الفلاسفة شعراء

ي. كلُّ مسلمٍ موحِّد

ك. القرآن الكريم نور لا تُطفأ مصابيحه

 

2. صِلْ بين نقاط العمود الأوَّل وما يُناسبها من نقاط العمود الثاني:

قضيَّة حمليَّة شخصيَّة •         •         العلماء ورثة الأنبياء.

قضيَّة حمليَّة مهملة   •         •         كلّ إمام معصوم.

قضيَّة حمليَّة محصورة كلِّيَّة موجبة          •         •         ليس كلّ نبيٍّ رسول.

قضيَّة حمليَّة محصورة جزئيَّة موجبة         •         •         أكثرهم لا يعقلون.

قضيَّة حمليَّة محصورة كلِّيَّة سالبة •         •         لبنان أجمل الأوطان.

قضيَّة حمليَّة محصورة جزئيَّة سالبة         •         •         أكثر المؤمنين مشركون.

 

 

48

 


30

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

أسئلة حول الدرس

1. تكلَّم عن أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها.

2. اذكر ثلاثة أمثلة لكلِّ قسم من أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها.

3. بيّن القضيَّة محلّ الاعتبار عند المنطقيّ من بين أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها، محلِّلًا الأمر.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، القسم الأوَّل في المنطق، ج1، ص229-234.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص13-17.

3. الرازي، لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار مع تعليقات السيِّد الشريف الجرجاني وبعض التعاليق الأخرى، مصدر سابق، ج2، ص27-36،

4. العابدي، فلاح. لُباب المنطق، ومضات للترجمة والنشر، بيروت، ط1، 2018م، ص123-126.

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص54-56،

6. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص27-40،

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص134-138،

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص98-100.

 

 

50

 

 


31

الدرس الثالث: تقسيمات القضيَّة (2) أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار طبيعة موضوعها

الدرس الرابع

تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة

باعتبار الأحوال والأزمان

 

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة انقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان إلى شخصيَّة، مهملة، ومحصورة.

2. معرفة المراد من القضيَّة الشرطيَّة الشخصيَّة، والمهملة، والمحصورة، وإدراك الفرق بينها.

3. معرفة سور كلّ واحدة من المحصورات الشرطيَّة الأربع.

 

51

 


32

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

تمهيد

تقدَّم في الدرس السابق أنَّ للقضيَّة الحمليَّة باعتبار موضوعها تقسيمين: تقسيم باعتبار طبيعة موضوعها، وتقسيم باعتبار نحو وجود موضوعها.

 

وقبل أن نشرع في الحديث عن تقسيم الحمليَّة باعتبار نحو وجود موضوعها، نقف هنا عند تقسيم للقضيَّة الشرطيَّة يُشبه تقسيم الحمليَّة المتقدِّم، ولكن لا باعتبار طبيعة موضوعها، إذ لا موضوع لها، وإنَّما باعتبار الأزمان والأحوال التي يقع فيها التلازم أو العناد بين طرفيها، وليس إلى الأقسام الأربعة جميعها، وإنَّما إلى ثلاثة أقسام منها، وهي: الشخصيَّة والمهملة والمحصورة، فليس من أقسامها الطبيعيَّة التي لا تكون إلَّا باعتبار الموضوع بما هو مفهوم موجود في الذهن، في حين أنَّ الاتِّصال أو الانفصال في القضيَّة الشرطيَّة الملحوظ فيه هو الاتِّصال أو الانفصال الخارجيّ وعدمه، وهذا ما يتنافى مع الطبيعة من حيث هي هي بقطع النظر عن الخارج.

 

أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

•         تقدَّم أنَّ القضيَّة الشرطيَّة تنقسم إلى متَّصلة ومنفصلة.

•         لأنَّ كلًّا من المتَّصلة والمنفصلة ينقسمان إلى موجبة وسالبة.

والكلام هنا عن نسبة الاتِّصال أو الانفصال مثبتة كانت أم منفيَّة، هل هي حاصلة ومتحقِّقة في زمنٍ أو حالٍ شخصيٍّ معيَّن ومحدَّدٍ؟ أم هي قائمة في جميع الأحوال والأزمان؟ أم في بعضها؟ أم أنَّه لم يُبيَّن في القضيَّة كمِّيَّة الأحوال والأزمان التي يقع فيها هذا التلازم أو التعاند؟

 

53

 


33

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

وعلى هذا الأساس انقسمت القضيَّة الشرطيَّة إلى ثلاثة أقسام: شخصيَّة، مهملة، ومحصورة.

 

1. الشخصيَّة

وهي ما حكم فيها بالاتِّصال أو الانفصال، أو نفيهما، في زمنٍ معيَّنٍ شخصيٍّ، أو حالٍ معيَّنٍ كذلك.

 

أ. أمثلة المتَّصلة الشخصيَّة:

إن جاء عليٌّ غاضبًا فلا أسلّم عليه         •                 • (متَّصلة موجبة، الاتِّصال فيها واقعٌ في حالٍ معيَّن)

إذا أمطرت السماء اليوم فلا أخرج من الدار•                  • (متَّصلة موجبة، الاتِّصال فيها واقعٌ في زمنٍ معيَّن)

ليس إن جاء المذنب مستجديًا فسأطرده  •                  • (متَّصلة سالبة، نفي الاتِّصال فيها واقعٌ في حالٍ معيَّن)

ليس إذا كان المدرِّس حاضرًا الآن فإنّه مشغول بالدرس•      • (متَّصلة سالبة، نفي الاتِّصال فيها واقعٌ في زمنٍ معيَّن)

 

ب. أمثلة المنفصلة الشخصيَّة:

إمّا أن يكون زيد وهو في البيت نائمًا أو مستيقظًا  •         •         (منفصلة موجبة، الانفصال فيها واقعٌ في حالٍ معيَّن)

إمّا أن تكون الساعة الآن الواحدة أو الثانية        •         •         (منفصلة موجبة، الانفصال فيها واقعٌ في زمنٍ معيَّن)

ليس إمّا أن يكون الطالب وهو في المدرسة واقفًا أو في الدرس •         •         (منفصلة سالبة، نفي الانفصال فيها واقعٌ في حالٍ معيَّن)

ليس إمَّا أن يكون الطالب اليوم في المدرسة أو في البيت       •         •         (منفصلة سالبة، نفي الانفصال فيها واقعٌ في زمنٍ معيَّن)

 

 

54

 


34

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

2. المهملة

وهي ما لم يُبيَّن فيها كمِّيَّة الأحوال أو الأزمان التي يقع فيها الاتِّصال أو الانفصال أو نفيهما بين طرفيها (المقدَّم والتالي). وبعبارة ثانية: هي ما حكم فيها بالاتِّصال أو الانفصال أو نفيهما في حالٍ أو زمانٍ ما، من دون نظر إلى عموم الأحوال والأزمان أو خصوصها.

 

أ. أمثلة المتَّصلة المهملة:

إذا بلغ الماء كرًّا فلا ينفعل بملاقاة النجاسة          •         •         (متَّصلة موجبة، لم تُبيَّن فيها كميَّة الأحوال أو الأزمان التي يقع فيها الاتِّصال)

ليس إذا كان الإنسان كاذبًا كان محمودًا  •         •         (متَّصلة سالبة، لم تُبيَّن فيها كمِّيَّة الأحوال أو الأزمان التي يُسلب فيها الاتِّصال)

ب. أمثلة المنفصلة المهملة:

إمَّا أن تكون القضيَّة موجبة أو سالبة     •         •         (منفصلة موجبة، لم تُبيَّن فيها كميَّة الأحوال أو الأزمان التي يقع فيها الانفصال)

ليس إمّا أن يكون الشيء معدنًا أو ذهبًا •         •         (منفصلة سالبة، لم تُبيَّن فيها كمِّيَّة الأحوال أو الأزمان التي يُسلب فيها الانفصال)

 

3. المحصورة

وهي ما بُيِّن فيها أحوال الحكم وأوقاته كلًّا أو بعضًا، وهي -كالحمليَّة- على قسمين:

أ. كلّية: وهي إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يشمل جميع الأحوال أو الأوقات.

- أمثلة المتَّصلة المحصورة الكلِّيَّة:

كلّما كانت الأمّة حريصةً على الفضيلة كانت سالكةً سبيل السعادة    •         •         (متَّصلة موجبة، حُكم فيها بالاتِّصال في جميع الأحوال والأوقات)

ليس أبداً، أو ليس البتّة إذا كان الإنسان صبورًا على الشدائد كان غير موفَّق في أعماله       •         •          (متَّصلة سالبة، حُكم فيها بنفي الاتِّصال في جميع الأحوال والأوقات)

- أمثلة المنفصلة المحصورة الكلِّيَّة:

دائمًا إمّا أن يكون العدد الصحيح زوجًا أو فردًا    •         •         (منفصلة موجبة، حُكم فيها بالانفصال في جميع الأحوال والأوقات)

ليس أبداً، أو ليس البتَّة إمّا أن يكون العدد الصحيح زوجًا أو قابلًا للقسمة على اثنين       •         •          (منفصلة سالبة، حُكم فيها بنفي الانفصال في جميع الأحوال والأوقات)

 

 

55


35

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

ب. جزئيَّة: إذا كان إثبات الحكم أو رفعه فيها يختصّ في بعض غير معيّن من الأحوال والأوقات.

 

- أمثلة المتَّصلة المحصورة الجزئيَّة:

قد يكون إذا كان الإنسان عالمًا كان سعيدًا         •         •         (متَّصلة موجبة، حُكم فيها بالاتِّصال في بعضٍ غير معيَّن من الأحوال والأوقات)

ليس كلَّما كان الإنسان حازمًا كان ناجحًا في أعماله         •         •         (متَّصلة سالبة، حُكم فيها بنفي الاتِّصال في بعضٍ غير معيَّن من الأحوال والأوقات)

 

- أمثلة المنفصلة المحصورة الجزئيَّة:

قد يكون إمَّا أن يكون الإنسان مستلقيًا أو جالسًا (وذلك عندما يكون في السيارة مثلًا، إذ لا يمكنه الوقوف)     •          •         (منفصلة موجبة، حُكم فيها بالانفصال في بعضٍ غير معيَّن من الأحوال والأوقات)

 

قد لا يكون إمَّا أن يكون الإنسان مستلقيًا أو جالسًا (وذلك عندما يمكنه الوقوف منتصباً)  •         •          (منفصلة سالبة، حُكم فيها بنفي الانفصال في بعضٍ غير معيَّن من الأحوال والأوقات)

 

 

56

 


36

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

السور في الشرطيَّة

السور في الحملية يدلّ على كمِّيَّة أفراد الموضوع. أمَّا في الشرطيَّة فدلالته على عموم الأحوال والأزمان أو خصوصها. ولكلٍّ من المحصورات الأربع سور يختصّ بها كالحمليَّة:

- سور الموجبة الكلِّيَّة المتّصلة: كلّما، مهما، متى ونحوها.

- سور الموجبة الكلِّيَّة المنفصلة: دائمًا.

- سور السالبة الكلِّيَّة المتّصلة والمنفصلة: ليس أبدًا، ليس البتة.

- سور الموجبة الجزئيَّة المتَّصلة والمنفصلة: قد يكون.

- سور السالبة الجزئيَّة المتَّصلة والمنفصلة: قد لا يكون، وتختصّ المتّصلة بـ: ليس كلّما.

 

57


37

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

المفاهيم الرئيسة

- تنقسم القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان إلى ثلاثة أقسام، وكلّ قسمٍ منها ينقسم إلى موجبة وسالبة:

•         الشخصيَّة: وهي ما حكم فيها بالاتّصال، أو الانفصال، أو نفيهما، في زمن معيّن شخصيّ، أو حالٍ معيّن كذلك.

 

•         المهملة: وهي ما حكم فيها بالاتِّصال أو الانفصال أو نفيهما في حالٍ أو زمانٍ ما، من دون نظرٍ إلى عموم الأحوال والأزمان أو خصوصهما.

 

•         المحصورة: وهي ما بُيِّن فيها أحوال الحكم (الاتِّصال أو الانفصال) وأوقاته كلًّا أو بعضًا، وهي على قسمين:

•         كلّية: وهي إذا كان إثبات الحكم فيها (الاتِّصال أو الانفصال) أو رفعه يشمل جميع الأحوال أو الأوقات.

 

•         جزئيَّة: إذا كان إثبات الحكم فيها (الاتِّصال أو الانفصال) أو رفعه يختصّ في بعضٍ غير معيّن من الأحوال والأوقات.

 

- السور في الشرطيَّة يدلّ على عموم الأحوال والأزمان أو خصوصها، ولكلٍّ من المحصورات الأربع سور يختصّ بها:

         

 

الشرطيَّة المتَّصلة

الشرطيَّة المنفصلة

سور الموجبة الكلِّيَّة

كلَّما، مهما، متى

دائمًا

سور السالبة الكلِّيَّة

ليس أبدًا، ليس البتَّة

سور الموجبة الجزئيَّة

قد يكون

سور السالبة الجزئيَّة

قد لا يكون، ليس كلّما

قد لا يكون

 

 

58

 


38

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

تمارين

1. اكتب نوع كلّ قضيَّة من القضايا الشرطيَّة الآتية من حيث الاتِّصال والانفصال، السلب والإيجاب، الشخصيَّة والإهمال والحصر الكلّيّ أو الجزئيَّ.

أ. ليس البتَّة إمَّا أن تكون الشمس طالعةً وإمَّا أن يكون النهار موجودًا: ....................

ب. إذا كانت الشمس طالعةً فالنهار موجود: ...........................................................

ج. قد يكون إذا كانت الشمس طالعةً كان النهار موجودًا: ........................................

د. قد لا يكون إمَّا أن تكون الشمس طالعةً وإمَّا أن يكون النهار موجودًا: .................

ه. ليس إن كانت الشمس طالعةً فالليل موجود: .....................................................

و. ليس إمَّا أن تكون الشمس طالعةً وإمَّا أن يكون النهار موجودًا: ..........................

ز. قد لا يكون إذا كانت الشمس طالعةً كان الليل موجودًا: .....................................

ح. ليس البتَّة إذا كانت الشمس طالعةً فالليل موجود: ............................................

ط. دائمًا إمَّا أن تكون الشمس طالعةً أو لا يكون النهار موجودًا: ...............................

ي. قد يكون إمَّا أن تكون الشمس طالعةً وإمَّا أن يكون الليل موجودًا: .....................

 

 

60

 


39

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

3. صِلْ بين نقاط العمود الأوَّل وما يُناسبها من نقاط العمود الثاني (ليس بالضرورة إيصال كلّ النقاط، فقد تبقى بعض نقاط العمود الأوَّل لا قضيَّة لها في العمود الثاني)

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة موجبة شخصيَّة      •                  

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة سالبة شخصيَّة      •                  

قضيَّة شرطيَّة منفصلة موجبة شخصيَّة    •                  

قضيَّة شرطيَّة منفصلة سالبة شخصيَّة     •         •         كلَّما كان الإنسان مراعيًا لقواعد المنطق كان تفكيره صحيحًا

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة موجبة مهملة        •         •         إذا كانت الطرق زلقة صباحًا فستزداد احتمالات وقوع حوادث السير

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة سالبة مهملة        •         •         إمَّا الأحكام الإسلاميَّة مبتنية على دليلٍ عقليّ أو دليل نقليّ

قضيَّة شرطيَّة منفصلة موجبة مهملة      •         •         كلَّما اقتربت من الله ازددت كمالًا

قضيَّة شرطيَّة منفصلة سالبة مهملة       •         •         ليس البتَّة إمَّا أن يكون الإنسان متعلِّمًا للمنطق أو يكون مخطئًا في تفكيره

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة موجبة محصورة كلِّيَّة  •         •         إذا كان الطقس مشمسًا يوم غدٍ وكانت صحَّتي جيِّدة فسأذهب في رحلة

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة سالبة محصورة كلِّيَّة  •         •         إمَّا أن يكون زيد فرحًا أو لا أُسلِّم عليه

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة موجبة محصورة جزئيَّة •         •         القضيَّة حالة كونها شرطيَّة هي إمَّا شخصيَّة وإمَّا مهملة وإمَّا محصورة

قضيَّة شرطيَّة متَّصلة سالبة محصورة جزئيَّة •         •         قد لا يكون إذا كان الشيء حيوانًا فهو إنسان

قضيَّة شرطيَّة منفصلة موجبة محصورة كلِّيَّة •         •         كلَّما كان الطالب مجدًّا نجح في الامتحان

قضيَّة شرطيَّة منفصلة سالبة محصورة كلِّيَّة •                  

قضيَّة شرطيَّة منفصلة موجبة محصورة جزئيَّة          •                  

قضيَّة شرطيَّة منفصلة سالبة محصورة جزئيَّة          •           

 

 

62       


40

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

أسئلة حول الدرس

 

1. بيِّن السبب في عدم صحَّة تقسيم القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الموضوع.

2. تحدَّث عن أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان.

3. بيِّن السبب في عدم كون القضيَّة الطبيعيَّة من أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص38-42،

2. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص81.

3. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص56-58،

4. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص41-46،

5. عليّ، محمَّد صنقور، أساسيَّات المنطق، دار جواد الأئمة عليهم السلام، بيروت، ط1، 1435هـ.ق - 2013م، ص259-263،

6. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص138-140.

 

63


41

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

الدرس الخامس

تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة

بالقضيَّة الحمليَّة

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة انقسام القضيَّة الحمليَّة الموجبة باعتبار وجود موضوعها إلى ذهنيَّة وخارجيَّة وحقيقيَّة.

2. معرفة المراد من كلٍّ من القضيَّة الحمليَّة الذهنيَّة، والخارجيَّة والحقيقيَّة وإدراك الفرق بينها.

3. معرفة انقسام القضيَّة الحمليَّة إلى محصَّلة ومعدولة والمراد منهما.

 

 

64


42

الدرس الرابع: تقسيمات القضيَّة (3) أقسام القضيَّة الشرطيَّة باعتبار الأحوال والأزمان

تمهيد

نتحدّث في هذا الدرس عن التقسيمات الخاصّة بالحملية وهي:

- أوّلًا: تقسيمها باعتبار وجود موضوعها.

- ثانيًا: تقسميها باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما.

 

أقسام القضيَّة الحمليَّة الموجبة باعتبار وجود موضوعها

إنّ الحملية الموجبة هي ما أفادت ثبوت شيء لشيء. ولا شك أنّ ثبوت شيء لشيء فرع لثبوت المثبت له، أي: أنّ الموضوع في الحملية الموجبة يجب أن يفرض موجودًا قبل فرض ثبوت المحمول له، إذ لولا أن يكون موجودًا لما أمكن أن يثبت له شيء، كما يقولون في المثل: "العرش ثمّ النقش". فلا يمكن أن يكون "سعيد" في مثل "سعيد قائم" غير موجود، ومع ذلك يثبت له القيام. وعلى العكس من ذلك السالبة، فإنّها لا تستدعي وجود موضوعها، لأنّ المعدوم يقبل أن يسلب عنه كل شيء، ولذا قالوا "تصدق السالبة بانتفاء الموضوع". فيصدق نحو "أب عيسى بن مريم لم يأكل ولم يشرب ولم ينم ولم يتكلّم"... وهكذا، لأنّه لم يوجد فلم تثبت له كلّ هذه الأشياء قطعًا، فيُقال لمثل هذه السالبة: "سالبة بانتفاء الموضوع". والمقصود من هذا البيان: أنّ الموجبة لا بدَّ من فرض وجود موضوعها في صدقها، وإلّا كانت كاذبة.

 

وعلى هذا الأساس نقول: إنّ الحملية الموجبة تنقسم باعتبار وجود موضوعها إلى أقسام ثلاثة:

 

 

66

 


43

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

أ. الذهنيَّة:

وهي القضيَّة التي يكون موضوعها موجودًا في الذهن فقط، سواء أكان ممتنع الوجود في الخارج، نحو: (شريك الباري ممتنع)، أم كان ممكن الوجود في الخارج ولكنَّه غير موجود فيه، نحو: (كلّ جبل ياقوت ممكن الوجود). ومعنى هاتين القضيَّتين هو أنَّه كلّ ما يفرضه العقل شريكًا للباري فهو محكوم عليه بأنَّه (ممتنعٌ أن يكون له مصداق في الخارج)، وكلّ ما يفرضه العقل جبل ياقوت فهو محكوم عليه بأنَّه (ممكن الوجود في الخارج).

 

ب. الخارجيَّة:

وهي القضيَّة التي يكون موضوعها موجودًا في الخارج على وجهٍ يُلاحظ فيها خصوص الأفراد الموجودة المحقَّقة منه في أحد الأزمنة الثلاثة: الماضي، نحو: (جيش المسلمين بقيادة النبيّ f فَتَحَ مكَّة)، والحاضر، نحو: (كلّ جندي في المعسكر مدرَّب على حمل السلاح)، والمستقبل، نحو: (كلّ يومٍ من أيَّام السنة القادمة ظرفٌ لوقوع الحوادث).

 

ج. الحقيقيَّة:

وهي القضيَّة التي يكون موضوعها موجودًا في نفس الأمر والواقع، بمعنى أنَّ الحكم على الأفراد المحقَّقة الوجود والمقدَّرة الوجود معًا، فكلُّ ما يفرض وجوده وإن لم يوجد أصلًا فهو داخلٌ في الموضوع ويشمله الحكم.

 

ومن أمثلة القضيَّة الحقيقيَّة: (كلّ مثلَّث مجموع زواياه يساوي قائمتين)، (كلّ طالب في مرحلة الدكتوراه حاصل على شهادة الماجستير).

 

أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار تحصيل الموضوع والمحمول وعدولهما

تقدَّم أنَّ القضيَّة الحمليَّة لها ثلاثة أجزاء: الموضوع والمحمول والنسبة.

 

وقد تدخل أداة السلب على كلِّ واحدٍ من هذه الأجزاء.

 

فإنْ دخلت أداة السلب على النسبة سُمِّيت القضيَّة سالبة، وإن كانت النسبة خاليةً

 

 

67


44

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

من السلب كانت القضيَّة موجبة.

 

أمَّا إذا دخلت أداة السلب على الموضوع أو المحمول أو عليهما معًا سُمِّيت معدولة، وإنْ كانا خاليين من السلب كانت القضيَّة محصَّلة.

 

وعليه، تنقسم القضيَّة الحمليَّة باعتبار تحصَّل الطرفين أو عدولهما إلى:

أ. المحصَّلة:

وهي ما كان موضوعها ومحمولها خاليين من أداة السلب سواء أكانت النسبة فيها موجبة أم سالبة، نحو: [(الهواء) (نقي)]، و[(الهواء) ليس (نقيًّا)]. وتُسمَّى محصَّلة الطرفين.

 

ب. والمعدولة:

وهي ما كانت أداة السلب جزءًا من موضوعها أو محمولها أو من كليهما معًا. وعليه، تنقسم المعدولة بدورها إلى أقسام ثلاثة:

- معدولة الموضوع: وهي ما كانت أداة السلب فيها جزءًا من الموضوع فقط، سواء أكانت النسبة فيها موجبةً أم سالبة، وتُسمَّى أيضًا محصَّلة المحمول، نحو: [(غير العالم) (مستهان)]، [(غير العالم) ليس (بسعيد)].

 

- معدولة المحمول: وهي ما كانت أداة السلب فيها جزءًا من المحمول فقط، سواء أكانت النسبة فيها موجبةً أم سالبة، وتُسمَّى أيضًا محصَّلة الموضوع، نحو: )]الهواء) هو (غير فاسد)]، [(الهواء) ليس هو (غير فاسد)].

 

- معدولة الطرفين: وهي ما كانت أداة السلب فيها جزءًا من كلٍّ من الموضوع والمحمول معًا، سواء أكانت النسبة فيها موجبةً أم سالبة، نحو: [كلّ (لا عالم) هو (غير صائب الرأي)]، [كلّ (غير مجدّ) ليس هو (بغير مخفق في الحياة)].

 

تنبيه

قد تلتبس القضيَّة الموجبة معدولة المحمول بالسالبة محصَّلة المحمول، وهذا ما يقتضي بيان الفرق بينهما:

 

 

68

 


45

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

تمتاز الموجبة معدولة المحمول عن السالبة محصَّلة المحمول في أمرين:

- في المعنى: فإنَّ المقصود بالسالبة سلب الحمل، وبمعدولة المحمول حمل السلب، أي يكون السلب في المعدولة جزءًا من المحمول، فيحمل المسلوب بما هو مسلوب على الموضوع.

 

- في اللفظ: فإنَّ السالبة المحصَّلة المحمول تُجعل الرابطة فيها بعد حرف السلب لتدلّ على سلب الحمل، نحو: [(الإنسان) ليس هو (حجرًا)]. أمَّا الموجبة المعدولة المحمول فتُجعل الرابطة فيها قبل حرف السلب لتدلّ على حمل السلب، نحو: [(الإنسان) هو (ليس حجرًا)].

 

وغالبًا تُستعمل (ليس) في السالبة، و(لا) أو (غير) في المعدولة.

 

تبصرة:

تقدَّم في أوَّل مبحث تقسيمات القضايا أنَّ للقضايا تقسيمات متعدِّدة باعتبارات مختلفة، منها تقسيمها باعتبار الجهة، وهو ما لم نتعرَّض له في هذه الدروس. فمن أراد الوقوف على أقسام القضيَّة الحمليَّة باعتبار الجهة فليراجع كتب علم المنطق الأكثر تفصيلًا.

 

69

 


46

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

المفاهيم الرئيسة

- تنقسم القضيَّة الحمليَّة الموجبة باعتبار وجود موضوعها إلى:

•         الذهنيَّة: ما كان موضوعها موجودًا في الذهن فقط، نحو: (شريك الباري ممتنع).

 

•         الخارجيَّة: ما كان موضوعها موجودًا في الخارج، وانصبّ الحكم على أفراده المحقَّقة الوجود منه في أحد الأزمنة الثلاثة، نحو: (كلّ جندي في المعسكر مدرَّب على حمل السلاح).

 

•         الحقيقيَّة: ما كان موضوعها موجودًا في نفس الأمر والواقع، وانصبّ الحكم.

 

على أفراده الأعمّ من المحقّقة الوجود والمقدَّرة معًا، نحو: (كلّ مثلَّث مجموع زواياه يساوي قائمتين).

 

- تنقسم القضيَّة الحمليَّة باعتبار جعل أداة السلب جزءًا من طرفيها وعدم جعلها كذلك إلى:

•         محصّلة: وهي كلّ قضيَّة لم يُجعل حرف السلب فيها جزءًا من أيٍّ من طرفيها (الموضوع والمحمول)، نحو: [(الهواء) (نقي)]، و[(الهواء) ليس (نقيًّا)].

 

•         معدولة: هي كلّ قضيَّة جُعل حرف السلب فيها جزءًا من موضوعها أو جزءًا من محمولها أو منهما معًا. وعليه، تنقسم المعدولة إلى ثلاثة أقسام:

 

70

 


47

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

3. حوَّل القضايا الحمليَّة الآتية إلى المطلوب بين قوسين:

أ. بعض الإنسان جماد (موجبة معدولة الموضوع): .................................................................................................................................................................................

ب. كل إنسان جماد (سالبة محصَّلة الطرفين): ..........................................................................................................................................................................................

ج. كل لا إنسان ناطق (موجبة معدولة المحمول): ...................................................................................................................................................................................

د. المعدن هو ذهب (موجبة معدولة الطرفين): ......................................................................................................................................................................................

ه. اللئيم محبٌّ للخير (موجبة معدولة الموضوع): ...................................................................................................................................................................................

و. كلّ عالم عادل (سالبة معدولة الطرفين): .............................................................................................................................................................................................

 

74


48

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

أسئلة حول الدرس

1. بيِّن سبب اختصاص تقسيم القضيَّة الحمليَّة باعتبار نحو وجود موضوعها بالموجبة منها دون السالبة.

2. اذكر فرقًا بين القضيَّة الحقيقيَّة والقضيَّة الخارجيَّة.

3. اذكر الفرق من حيث المعنى واللفظ بين القضيَّة الحمليَّة السالبة محصَّلة المحمول والقضيَّة الحمليَّة الموجبة معدولة المحمول.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص18-21،

2. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص49-63،

3. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص229-234،

4. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص142-145،

5. النوينيّ، نجاح، شرح كتاب المنطق للعلَّامة الشيخ محمَّد رضا المظفَّر (قده) (تقرير دروس السيِّد كمال الحيدريّ)، مؤسسة الإمام الجواد للفكر والثقافة، الكاظمية المقدسة، لا.ط، 1436هـ.ق - 2015م، قسم التصديقات، ج2، ص58-79.

6. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص101-103.

 

75

 

 

 


49

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

الدرس السادس

تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة

بالقضيَّة الشرطيَّة

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة انقسام القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة إلى لزوميَّة واتِّفاقيَّة وإدراك الفرق بينهما.

2. معرفة انقسام القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة إلى عناديَّة واتِّفاقيَّة وإدراك الفرق بينهما.

3. معرفة انقسام القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة إلى حقيقيَّة ومانعة جمع ومانعة خلوّ.

4. معرفة مورد استعمال كلٍّ من القضيّة المنفصلة الحقيقيَّة ومانعة الجمع ومانعة الخلوّ.

 

 

76

 

 

 


50

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

تمهيد

تقدّم أنّ الشرطية تنقسم باعتبار نسبتها إلى متّصلة ومنفصلة، وباعتبار الكيف إلى موجبة وسالبة، وباعتبار الأحوال والأزمان إلى شخصية ومهملة ومحصورة، والمحصورة إلى كلّية وجزئية. وقد بقي تقسيم كلّ من المتّصلة والمنفصلة إلى أقسامها.

 

أقسام الشرطية المتّصلة

تنقسم القضيَّة الشرطيَّة المتّصلة باعتبار طبيعة الاتّصال بين المقدّم والتالي إلى لزوميَّة واتِّفاقيَّة، فإنَّ القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة هي ما كان بين مقدّمها وتاليها اتِّصال، وهذا الاتِّصال بين طرفيها لا يخلو: إمَّا أن يكون حقيقيًّا لسبب يوجبه، بحيث يمتنع انفكاكهما، وإمَّا أن يكون غير حقيقيّ، بحيث لا يمتنع انفكاكهما، وتُسمَّى الأولى باللزوميَّة، والثانية بالاتِّفاقيَّة.

 

1. المتَّصلة اللزوميَّة

والعلاقة الموجبة لاستلزام أحد الطرفين للآخر على أربعة أنواع:

أ. علاقة العلِّيَّة: وهي التي يكون فيها المقدَّم علَّة للتالي، مثل: (إذا كان الإنسان مريضًا بالحمّى ارتفعت حرارة جسمه)، و(إن توسَّطت الأرض بين الشمس والقمر حصل الخسوف)، و(إذا أشرقت الشمس فالنهار موجود).

 

ب. علاقة المعلوليَّة: وهي التي يكون المقدَّم فيها معلولًا للتالي، مثل: (إذا ارتفعت حرارة الجسم كان الإنسان مريضًا بالحمّى)، و(إذا حصل الخسوف فالأرض توسَّطت الشمس والقمر)، و(إذا وجد النهار فالشمس مشرقة). فعلاقة المعلوليَّة عكس علاقة العليَّة كما هو واضح في الأمثلة.

 

78

 


51

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

ج. كون كلٍّ من المقدَّم والتالي معلولين لعلَّة واحدة، مثل: (كلَّما كان العالَم مضيئًا كان النهار موجودًا)، فإنَّ كلًّا من المقدَّم والتالي في هذا المثال معلولان لعلَّة واحدة هي طلوع الشمس، و(إذا غلا الماء فإنَّه يتمدَّد)، فغليان الماء وتمدُّده معلولان لعلَّة واحدة وهي ارتفاع حرارة الماء إلى درجة معيَّنة.

 

فالتلازم بين المقدَّم والتالي بحسب هذه العلاقات الثلاث هو تلازم حقيقيّ، بحيث لا ينفكَّان، ومعنى ذلك أنَّه إذا وجد المقدَّم وجد التالي.

 

2. المتَّصلة الاتّفاقيَّة

وهي التي حكم فيها بمجرَّد الاتِّصال بين طرفيها، من دون أن يكون هذا الاتِّصال مستندًا إلى علاقةٍ توجبه، بل إنَّما هو ناشئٌ من مجرَّد الصدفة واتِّفاق حصول التالي عند حصول المقدَّم. وعليه، لا يلزم فيها وجود التالي عند وجود المقدَّم، فقد ينفكَّان، ومثال الاتِّفاقيَّة ما لو اتّفق أنّ محمّدًا الطالب لا يحضر الدرس إلّا بعد شروع المدرِّس، فتؤلّف هذه القضيَّة الشرطيَّة: (كلَّما جاء محمَّد فإنَّ المدرِّس قد سبق شروعه في الدرس)، فليست هنا أيّة علاقة بين مجيء محمَّد وسبق شروع الدرس، وإنّما ذلك بمحض الصدفة المتكرِّرة.

 

ومن لم يتنوّر بنور العلم والمعرفة كثيرًا ما يقع في الغلط، فيظنّ في كثير من الاتّفاقيَّات أنّها قضايا لزوميَّة لمجرّد تكرُّر المصادفة.

 

أقسام الشرطيَّة المنفصلة

للشرطيَّة المنفصلة تقسيمان: تقسيم باعتبار طبيعة الانفصال والتنافي بين طرفيها، وتقسيم باعتبار إمكان اجتماع طرفيها ورفعهما وعدم إمكان ذلك.

 

1. أقسام الشرطيَّة المنفصلة باعتبار طبيعة التنافي بين طرفيها

تنقسم القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة باعتبار طبيعة الانفصال والتنافي بين طرفيها إلى عناديَّة واتِّفاقيَّة، فإنَّ طرفي المنفصلة إمَّا أن يكون تنافيهما من نوع التنافي والتغاير الحقيقيّ أو لا، والأولى هي المنفصلة العناديَّة والثانية هي المنفصلة الاتِّفاقيَّة.

 

79


52

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

أ. المنفصلة العناديَّة: مثل: (العدد الصحيح إمّا أن يكون زوجًا أو فردًا)، فالفرد يعاند الزوج حقيقةً، وكذلك الزوج بالنسبة إلى الفرد، ويستحيل أن يكون العدد الصحيح فردًا وزوجًا في آنٍ واحد.

 

ب. المنفصلة الاتِّفاقيَّة: مثل: (إمّا أن يكون الجالس في الدار محمَّدًا أو باقرًا) إذا اتّفق أن علم أنَّ غيرهما لم يكن، و(هذا الكتاب إمَّا أن يكون في علم المنطق وإمَّا أن يكون مملوكًا لخالد) إذا اتَّفق أنَّ خالدًا لا يملك كتابًا في علم المنطق واحتمل أن يكون هذا الكتاب المعيَّن في هذا العلم.

 

2. إنقسام الشرطية المنفصلة إلى: حقيقية ومانعة جمع ومانعة خلوّ

تنقسم القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة باعتبار إمكان اجتماع الطرفين ورفعهما وعدم إمكان ذلك إلى: حقيقيَّة، مانعة جمع، ومانعة خلوّ.

 

أ. المنفصلة الحقيقيَّة: وتنقسم إلى قسمين:

- الحقيقيَّة الموجبة: وهي ما حكم فيها باستحالة اجتماع طرفيها واستحالة ارتفاعهما مثل: (العدد الصحيح إمَّا أن يكون زوجًا أو فردًا)، فالزوج والفرد لا يجتمعان ولا يرتفعان عن العدد.

 

- المنفصلة الحقيقيَّة السالبة: وهي ما حُكم فيها بإمكان اجتماع طرفيها وإمكان ارتفاعهما مثل: (ليس الحيوان إمَّا أن يكون ناطقًا وإمَّا أن يكون قابلًا للتعليم)، فالناطق والقابل للتعليم يجتمعان في الإنسان ويرتفعان في غيره كالفرس مثلًا.

 

وتُستعمل القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة الحقيقيَّة في القسمة الحاصرة حصرًا عقليًّا، واستعمالها أكثر من أن يُحصى.

 

ب. المنفصلة مانعة الجمع: وتنقسم إلى قسمين:

- مانعة الجمع الموجبة: وهي ما حُكم فيها باستحالة اجتماع طرفيها وإمكان ارتفاعهما مثال: (إمّا أن يكون الجسم أبيضَ أو أسودَ)، فالأبيض والأسود لا يمكن

 

80

 


53

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

اجتماعهما في جسمٍ واحد ولكن يمكن ارتفاعهما في الجسم الأحمر مثلًا.

 

وتُستعمل مانعة الجمع الموجبة في جواب من يتوهَّم إمكان الاجتماع بين شيئين. فيُقال لمن يتوهّم مثلًا أنّ الإمام يجوز أن يكون عاصياً لله: (إنّ الشخص إمّا أن يكون إماماً أو عاصياً لله)، ومعناه أنّ الإمامة والعصيان لا يجتمعان وإن جاز أن يرتفعا بأن يكون شخص واحد ليس إمامًا وعاصيًا.

 

- مانعة الجمع السالبة: وهي ما حكم فيها باستحالة ارتفاع طرفيها وإمكان اجتماعهما، مثال: (ليس إمَّا أن يكون الجسم غير أبيض أو غير أسود)، فإنَّ غير الأبيض وغير الأسود، يجتمعان في الأحمر، ولا يرتفعان في الجسم الواحد بأن لا يكون غير أبيض ولا غير أسود بل يكون أبيض وأسود، وهذا محال.

 

وتستعمل مانعة الجمع السالبة في جواب من يتوهّم استحالة اجتماع شيئين. فيُقال لمن يتوهَّم مثلًا امتناع اجتماع النبوَّة والإمامة في بيتٍ واحد: (ليس إمَّا أن يكون البيت الواحد فيه نبوَّة أو إمامة)، ومعناه أنَّ النبوَّة والإمامة لا مانع من اجتماعهما في بيت واحد.

 

ج. المنفصلة مانعة الخلوّ: وتنقسم إلى قسمين أيضًا:

- مانعة الخلوّ الموجبة: وهي ما حُكم فيها بتنافي طرفيها في الارتفاع فقط، فلا يرتفعان معًا، مع عدم التنافي في الاجتماع، فيمكن أن يجتمعا، مثال: (الجسم إمَّا أن يكون غير أبيض أو غير أسود)، أي أنَّه لا يخلو من أحدهما وإن اجتمعا.

 

وتستعمل مانعة الخلوّ الموجبة في جواب من يتوهَّم إمكان أن يخلو الواقع من الطرفين. فيقال لمن يتوهّم مثلًا أنّه يمكن أن يخلو الشيء من أن يكون علَّة ومعلولًا: (كلّ شيء لا يخلو إمَّا أن يكون علَّةً أو معلولًا)، وإن جاز أن يكون شيءٌ واحدٌ علَّةً ومعلولًا معًا: علَّة لشيء ومعلولًا لشيءٍ آخر.

 

 

81

 


54

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

- مانعة الخلوّ السالبة: وهي ما حُكم فيها باستحالة اجتماع طرفيها وإمكان ارتفاعهما، مثال: (ليس إمَّا أن يكون الجسم أبيضَ وإمَّا أن يكون أسود)، ومعناه أنَّ الواقع قد يخلو من أحدهما وإن كانا لا يجتمعان.

 

وتُستعمل مانعة الخلوّ السالبة في جواب من يتوهَّم أنَّ الواقع لا يخلو من الطرفين. فيُقال لمن يتوهَّم مثلًا انحصار أقسام الناس في عاقلٍ لا دين له، وديِّنٍ لا عقل له: (ليس الإنسان إمَّا أن يكون عاقلًا لا دين له أو ديِّنًا لا عقل له)، بل يجوز أن يكون شخصٌ واحدٌ عاقلًا وديِّنًا معًا.

 

82

 

 


55

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

تمارين

 

1. ضع علامة (√) في المكان المناسب:

 

 

القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة

لزوميَّة

اتِّفاقيَّة

أ.

كلَّما كتب زيدٌ تحرَّكت يده.

 

 

ب.

إن كان عليٌّ ذكيًّا فإنَّ محمَّدًا حسن الحظ.

 

 

ج.

كلَّما كان الإنسان ناطقًا كان الحمار ناهقًا.

 

 

د.

كلَّما كانت الشمس طالعةً لم يكن الليل موجودًا.

 

 

ه.

كلَّما كان الموجود ممكنًا كان محتاجًا.

 

 

و.

كلَّما مطرت السماء ابتلَّت الأرض.

 

 

ز.

إذا كان الحيوان ذا أذن كان ولودًا.

 

 

ح.

كلَّما جاء جعفر كان معمَّمًا.

 

 

ط.

كلَّما غرق زيدٌ فهو في الماء.

 

 

ي.

إذا حفرت الأرض وجدت كنزًا.

 

84

                   

 


56

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

2. ضع علامة (√) في المكان المناسب:

 

 

القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة

عناديَّة

اتِّفاقيَّة

أ.

إمَّا أن يكون هذا الجسم حيوانًا أو غير إنسان.

 

 

ب.

إمَّا أن يكون هذا الكتاب في الجغرافيا أو مؤلَّفًا باللغة الإنكليزيَّة.

 

 

ج.

إمَّا أن يكون زيدٌّ عالمًا أو عاملًا.

 

 

د.

إمَّا أن يكون هذا الإنسان أبيض غير كاتب أو كاتبًا غير أبيض.

 

 

ه.

إمَّا أن يكون الشيء موجودًا أو معدومًا.

 

 

و.

إمَّا أن يكون هذا الجسم إنسانًا أو غير حيوان.

 

 

ز.

إمَّا أن يكون المدرِّس الذي في الصف الأوَّل عليًّا أو أحمد.

 

 

         86


57

الدرس السادس: تقسيمات القضيَّة (5) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الشرطيَّة

3. ضع علامة (√) في المكان المناسب:

 

 

القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة

حقيقيَّة موجبة

حقيقيَّة سالبة

مانعة جمع موجبة

مانعة جمع سالبة

مانعة خلوّ موجبة

مانعة خلوّ سالبة

أ.

ليس البتَّة إمَّا أن يكون هذا العدد زوجًا أو منقسمًا بمتساويين.

 

 

 

 

 

 

ب.

إمَّا أن تكون القضيَّة المنفصلة حقيقيَّة أو مانعة جمع أو مانعة خلوّ.

 

 

 

 

 

 

ج.

إمَّا أن يكون الشكل مربَّعًا أو مثلَّثًا.

 

 

 

 

 

 

د.

إمَّا أن يكون العدد الصحيح زوجًا أو غير منقسمٍ بمتساويين.

 

 

 

 

 

 

ه.

إمَّا أن يكون الحيوان ناطقًا أو صاهلًا.

 

 

 

 

 

 

و.

ليس إمَّا أن يكون الشيء لا حجرًا أو لا شجرًا.

 

 

 

 

 

 

ز.

إمَّا أن يكون زيدٌ في الماء أو لا يغرق.

 

 

 

 

 

 

ح.

ليس إمَّا أن يكون زيدٌ في البرّ أو يغرق.

 

 

 

 

 

 

ط.

ليس البتَّة إمَّا أن يكون الاسم معربًا أو مرفوعًا.

 

 

 

 

 

 

ي.

إمَّا أن يكون الشيء موجودًا أو ليس بموجود.

 

 

 

 

 

 

ك.

ليس البتَّة إمَّا أن يكون الشيء أبيض أو طويلًا.

 

 

 

 

 

 

ل.

إمَّا أن يكون الإنسان تقيًّا أو منافقًا.

 

 

87

 

 

 


58

المقدّمة

أسئلة حول الدرس

 

1. تحدَّث عن أقسام القضيَّة الشرطيَّة المتَّصلة باعتبار طبيعة الاتِّصال بين طرفيها، واذكر مثالًا لكلّ قسم.

2. تحدَّث عن أقسام القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة باعتبار طبيعة الانفصال بين طرفيها، واذكر مثالًا لكلّ قسم.

3. تحدَّث عن أقسام القضيَّة الشرطيَّة المنفصلة باعتبار إمكان اجتماع طرفيها ورفعهما وعدم إمكان ذلك، واذكر مثالًا لكلّ قسمٍ من هذه الأقسام.

4. تحدَّث عن موارد استعمال كلٍّ من الشرطيَّة المنفصلة الحقيقيَّة، ومانعة الجمع، ومانعة الخلوّ.

 

88


59

الدرس الخامس: تقسيمات القضيَّة (4) التقسيمات الخاصَّة بالقضيَّة الحمليَّة

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص34-38،

2. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص84-87-93،

3. الرحيمي، محمد علي محراب علي، محاضرات في المنطق شرحًا لحاشية ملَّا عبد الله، لا.ط، لا.م، لا.ن، لا.ت، ج2، ص130-155،

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص128-131،

5. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص68-76،

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص253-259،

7. اللوه، العربي، المنطق التطبيقيّ، تطوان (المغرب)، لا.ن، ط3، 2008م، ص69-74،

8. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص157-160.

 

89

 


60

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

الدرس السابع

أحكام القضايا

أو النسب بينها (1)

التناقض

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة تنوُّع طرق الاستدلال إلى مباشر وغير مباشر.

2. إدراك الحاجة إلى مباحث النسب بين القضايا.

3. معرفة علاقة التناقض بين القضايا وشروطها.

 

90

 

 


61

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

تمهيد

تقدَّم أنَّ القسم الثاني من علم المنطق يتمحور حول الموضوع الثاني لهذا العلم، ألا وهو الحجَّة أو الاستدلال، والمقصود بالحجَّة المعلوم التصديقيّ من حيث إنَّه يتوصَّل به إلى العلم بالمجهول التصديقيّ. وعليه، يبحث القسم الثاني لعلم المنطق في إقامة الدليل وكيفيَّة الاستدلال استدلالًا صحيحًا يُتمكَّن من خلاله من تحويل المجهول التصديقيّ إلى معلومٍ تصديقيّ.

 

وهنا تجدر الإشارة إلى أنَّ طرق الاستدلال على نوعين:

- طرق الاستدلال المباشر: وهي طرق الاستدلال التي ينتقل الذهن فيها من قضيَّةٍ واحدةٍ معلومةٍ فقط إلى القضيَّة المطلوبة، من دون حاجةٍ إلى توسُّط قضيَّةٍ أخرى.

 

- طرق الاستدلال غير المباشر: وهي طرق الاستدلال التي لا يمكن الانتقال بها من قضيَّةٍ واحدةٍ معلومةٍ فقط إلى القضيَّة المطلوبة، بل يُحتاج فيها إلى توسُّط قضيَّةٍ أخرى.

 

وفي ما يأتي نستعرض طرق الاستدلال المباشر ثم ننتقل إلى طرق الاستدلال غير المباشر.

 

طرق الاستدلال المباشر

قلنا إنَّ طرق الاستدلال المباشر هي تلك الطرق التي ينتقل فيها الذهن من قضيَّةٍ واحدةٍ معلومةٍ فقط إلى القضيَّة المطلوب إثباتها من دون حاجة إلى توسُّط قضيَّة أخرى.

 

والسبب في كفاية قضيَّة واحدة في الاستدلال المباشر للوصول إلى القضيَّة المطلوب إثباتها هو وجود علاقة ونسبة وملازمة بين هذه القضيَّة الواحدة والقضيَّة المطلوب إثباتها، ولولا هذه العلاقة والنسبة لما أمكن الاكتفاء بهذه القضيَّة الواحدة للاستدلال على القضيَّة المطلوبة.

 

92

 


62

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

وهذه العلاقة والنسبة والملازمة هي الملازمة في الصدق أو الكذب، كأن يصدقان معًا أو يكذبان معًا، أو تصدق إحداهما عند كذب الأخرى أو العكس.

 

فإذا عرف المستدلّ حقيقة هذه القضيَّة الواحدة من كونها صادقة أو كاذبة وعرف الملازمة والنسبة القائمة بينها وبين القضيَّة المطلوبة تمكَّن من الحكم على القضيَّة المطلوبة والتصديق بصدقها أو كذبها، وتحويلها بذلك من مجهول تصديقيّ إلى معلوم تصديقيّ.

 

لذا، كان لا بدّ للمنطقيّ من معرفة النسب بين القضايا حتى يستطيع أن يبرهن على مطلوبه أحيانًا من طريق البرهنة على قضيَّة أخرى لها نسبتها مع القضيَّة المطلوبة، فينتقل ذهنه من القضيَّة المبرهن على صدقها أو كذبها إلى صدق أو كذب القضيَّة التي يحاول تحصيل العلم بها.

 

والمباحث التي تُعرف بها النسب بين القضايا هي: مباحث التناقض، والعكس المستوي، وعكس النقيض وملحقاتها[1]، وتُسمّى (أحكام القضايا).

 

التناقض بين القضايا

علاقة التناقض هي علاقة بين قضيَّتين تقتضي صدق إحداهما وكذب الأخرى، فالقضيَّتان المتناقضتان لا تصدقان معًا ولا تكذبان معًا، فإذا صدقت إحداهما كانت الأخرى كاذبة قطعًا، وإذا كذبت إحداهما كانت الأخرى صادقة قطعًا.

 

وقد يُظنّ أنَّ الاختلاف بين القضيَّتين في الكيف (السلب والإيجاب) هو الذي يقتضي التناقض بين القضيَّتين وصدق إحداهما وكذب الأخرى تمامًا كما في المفردات، فإنَّ الاختلاف بين المفردات في السلب والإيجاب يجعلهما نقيضين كما تقدَّم في مبحث التقابل بين المفردات في الجزء الأوَّل.


 


[1] لن نتعرَّض في هذا الكتاب إلى ملحقات التناقض ومباحث النقض، ونوكل الأمر لمن أراد الاطِّلاع عليها ودراستها بمراجعة الكتب الموسَّعة والمفصَّلة في هذا العلم، والتي سنشير إلى بعضها في آخر هذا الدرس.

 

93


63

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

ولكن تجدر الإشارة إلى أنَّ التناقض بين القضايا يختلف عن التناقض بين المفردات، فليس مجرَّد الاختلاف بين القضيَّتين في السلب والإيجاب يقتضي تناقضهما، فقد تختلفان في الإيجاب والسلب وتصدقان معًا، مثل: (بعض الحيوان إنسان) و(بعض الحيوان ليس بإنسان)، أو تكذبان معًا، مثل: (كلّ حيوان إنسان) و(لا شيء من الحيوان بإنسان).

 

والمقصود من الاختلاف بين القضيَّتين الذي يقتضي تخالفهما في الصدق والكذب هو الاختلاف الذي يقتضي ذلك في أيّة مادَّة كانت القضيّتان.

 

لذا، ذكروا شروطًا أخرى -غير الاختلاف في الإيجاب والسلب- لوقوع التناقض بين القضيَّتين وتخالفهما في الصدق والكذب.

 

شروط التناقض

اشترطوا لوقوع التناقض بين القضايا الاتِّحاد في أمور ثمانية، والاختلاف في أمور ثلاثة:

الوحدات الثماني[1]

تُسمَّى الأمور التي يجب اتِّحاد القضيَّتين المتناقضتين فيها بـ (الوحدات الثماني)، وهي:

1. الموضوع:

فلو اختلفتا في الموضوع لم تتناقضا، مثل: (العلم نافع)، (ليس الجهل بنافع).

 

2. المحمول:

فلو اختلفتا في المحمول لم تتناقضا، مثل: (العلم نافع)، (ليس العلم بضارّ).

 

3. الزمان:

فلا تناقض بين (الشمس مشرقة) أي: في النهار، وبين (ليست الشمس مشرقة) أي: في الليل.


 


[1] تنبيه: هذه الوحدات الثماني هي المشهورة بين المناطقة. وبعضهم يضيف إليها (وحدة الحمل)، من ناحية كونه حملًا أوَّليًّا وحملًا شائعًا، فلو كان الحمل في إحداهما أوَّليًّا وفي الأخرى شائعًا، فإنَّه يجوز أن يصدقا معًا، مثل قولهم (الجزئيّ جزئيّ) أي بالحمل الأوَّليّ، (ليس الجزئيّ بجزئيّ) أي بالحمل الشائع؛ لأنَّ مفهوم الجزئيّ من مصاديق مفهوم الكلِّيّ، فإنَّه يصدق على كثيرين.

 

94


64

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

4. المكان:

فلا تناقض بين (الأرض مخصبة) أي: في الريف، وبين (الأرض ليست بمخصبة) أي: في البادية.

 

5. القوّة والفعل:

أي لا بدّ من اتّحاد القضيّتين في القوّة (الاستعداد والقابلية والتهيّؤ) والفعل (التحقّق والفعلية)، فلا تناقض بين (محمَّد ميِّت) أي: بالقوَّة[1]، وبين (محمّد ليس بميِّت) أي: بالفعل.

 

6. الكلّ والجزء:

فلا تناقض بين (العراق مخصب) أي بعضه، وبين (العراق ليس بمخصب) أي كلّه.

 

7. الشرط:

فلا تناقض بين (الطالب ناجح آخر السنة) أي: إن اجتهد، وبين (الطالب غير ناجح) أي: إذا لم يجتهد.

 

8. الإضافة:

فلا تناقض بين (الأربعة نصف) أي بالإضافة إلى الثمانية، وبين (الأربعة ليست بنصف) أي بالإضافة إلى العشرة.

 

موارد الاختلاف

لا بدَّ من اختلاف القضيّتين المتناقضتين في أمورٍ ثلاثة، وهي (الكمّ والكيف والجهة).

 

1. الاختلاف بالكمّ:

فإذا كانت إحداهما كلِّيَّة لزم أن تكون الأخرى جزئيَّة.

 


[1] لأنّه سيموت ولو بعد حين.

 

95


65

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

2. الاختلاف بالكيف:

فإذا كانت إحداهما موجبة لزم أن تكون الأخرى سالبة.

 

3. الاختلاف بالجهة:

باعتبار أنَّنا لم نتعرَّض في الدروس السابقة إلى تقسيم القضيَّة باعتبار الجهة، فلن نقف على المراد من اختلاف القضيَّتين المتناقضتين في الجهة، ونحيل الطالب في الاطِّلاع عليها إلى الكتب المفصَّلة والموسَّعة في هذا العلم.

 

وعليه:

الموجبة الكلِّيَّة.... نقيض.... السالبة الجزئيَّة (كل # س)

الموجبة الجزئيَّة.... نقيض.... السالبة الكلِّيَّة (ع # لا).

 

97


66

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

2. صِلْ بين القضيَّة ونقيضها:

بعض الحيوان إنسان •         •         بعض اللاإنسان ليس حيوان

بعض الحيوان ليس إنسان      •         •         بعض الإنسان ليس حيوان

كلّ إنسان حيوان   •         •         بعض الإنسان حيوان

لا شيء من الإنسان بحيوان    •         •         لا شيء من الحيوان بإنسان

كلّ لا إنسان حيوان •         •         كلّ حيوان إنسان

بعض الإنسان ليس بـ لا حيوان          •         •         كلّ إنسان لا حيوان

 

3. بيِّن السبب في عدم تحقُّق التناقض بين القضيَّتين في الأمثلة الآتية، ثمّ أدخِل التعديلات اللازمة على إحداهما أو كليهما لتحقَّق التناقض بينهما:

 

أ. (الإنسان سريع التصديق حال الطفولة) و(الإنسان ليس بسريع التصديق في دور النضج):

 

ب. (بعض الأميِّين ليس بعديم المال) و(لا أحد من الأميِّين بعديم المال):

 

99


67

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

ج. (كلّ نقيضين يستحيل ارتفاعهما معًا) و(كلّ نقيضين يستحيل اجتماعهما معًا):

 

د. (كلّ من لم يسر على درب الهدى ضلّ) و(ليس بعض من سار على درب الهدى ضلّ):

 

ه. (زيد أب لعمرو) و(زيد ليس أبًا لخالد):

 

و. (الخمر في الكأس مسكرٌ بالقوَّة) و(الخمر في الكأس ليس بمسكرٍ بالفعل):

 

100


68

الدرس السابع: أحكام القضايا أو النسب بينها (1) التناقض

أسئلة حول الدرس

 

1. تحدَّث عن أهمِّيَّة مبحث النسب بين القضايا.

2. ابحث في الكتب المنطقيَّة عن تعريف المناطقة للتناقض، واشرحه.

3. عدِّد شروط الاتِّحاد وشروط الاختلاف بين القضيَّتين المتناقضتين.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص299-320،

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص43-58،

3. خير الدين، أحمد عبده، علم المنطق، المطبعة الرحمانية، مصر، ط1، 1348هـ.ق - 1930م، ص97-109، 136-142،

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص149-153،

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص72-82،

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص272-285،

7. المطهَّري، مرتضى، المنطق، ترجمة: حسن علي الهاشمي، مراجعة وإعداد: حسين بلوط، دار الولاء، بيروت، ط2، 1432هـ.ق - 2011م، ص67-77،

8. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص165-172،

 

 

101

 


69

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

الدرس الثامن

أحكام القضايا

أو النسب بينها (2) العكس المستوي

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة موقع مبحث العكس المستوي من طرق الاستدلال المباشر.

2. معرفة حقيقة الملازمة بين القضيَّة الأصل والقضيَّة العكس.

3. معرفة العكس المستوي لكلٍّ من المحصورات الأربع.

4. معرفة شموليَّة العكس المستوي للقضايا الحمليَّة والشرطيَّة معًا.

 

 

102

 


70

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

تمهيد

سبق في الدرس السابق أن قلنا: إنَّ الباحث قد يحتاج للاستدلال على مطلوبه إلى أن يبرهن على قضيَّةٍ أخرى لها علاقة مع مطلوبه. وقد تقدّم الكلام عن التناقض بين القضايا حيث علاقة الصدق والكذب. وفي هذا الدرس والذي يليه نبحث عن الملازمة في الصدق، بحيث يُستنبط من صدق إحدى القضيّتين على صدق الأخرى، وهي الملازمة الواقعة بين كلّ قضيَّة و(عكسها المستوي)، وبين كلّ قضيَّة و(عكس نقيضها) أيضًا.

 

وسنخصِّص هذا الدرس للبحث عن العكس المستوي، على أن نبحث في الدرس اللاحق عكس النقيض.

 

العكس المستوي

العكس المستوي هو: "تبديل طرفي القضيَّة مع بقاء الكيف والصدق".

 

أي أنَّ القضيَّة المحكوم بصدقها تُحوَّل إلى قضيَّةٍ تتبع الأولى في الصدق، وذلك:

أوَّلًا: بتبديل طرفي القضيَّة، بأن يُجعل الموضوع محمولًا والحمول موضوعًا إذا كانت القضيَّة حمليَّة، ويُجعل المقدَّمُ تاليًا والتالي مقدّمًا إذا كانت القضيَّة شرطيَّة.

 

ثانيًا: بقاء الكيف، فتتبع القضيَّةُ الثانيةُ القضيَّةَ الأولى في الإيجاب والسلب، فإن كانت الأولى موجبة جُعلت الثانية موجبة أيضًا، وإن كانت الأولى سالبة جُعلت الثانية سالبةً مثلها.

 

ثالثًا: بقاء الصدق أيضًا.

 

وتُسمّى القضيَّة الأولى (الأصل)، والقضيَّة الثانية المحوّلة (العكس المستوي).

 

 

104


71

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

تبعيَّة العكس للأصل في الصدق دون الكذب

التبعيَّة القائمة بين القضيَّة الأصل وعكسها المستوي هي تبعيَّة في الصدق، بمعنى أنَّه إذا كان الأصل صادقًا وجب صدق العكس.

 

ولكن هذه التبعيَّة هي في جانب الصدق فقط، وليست بين القضيَّة الأصل وعكسها المستوي تبعيَّة في الكذب، فإذا كذب الأصل فليس بالضرورة أن يكذب العكس، ففي بعض الأمثلة قد يكون العكس كاذبًا، وفي بعضها الآخر قد يكون صادقًا. ولهذا لا يمكن تأسيس قاعدة بتبعيَّة العكس للأصل في الكذب أيضًا كتبعيّته له في الصدق، لأنَّ شأن القاعدة المنطقيَّة أن تكون كلِّيَّة بمعنى أنَّها ثابتة ودائمة في جميع الأمثلة والموارد، لا تختلف أو تتغيَّر باختلاف المورد أو المثال وتغيُّرهما.

 

نعم، ثمَّة تبعيَّة في الكذب بين القضيَّة الأصل والقضيَّة العكس ولكنَّها تبعيَّة في الاتِّجاه المعاكس، بمعنى أنَّه إذا كذب العكس كذب الأصل، وليس إذا كذب الأصل كذب العكس.

 

وتبعيَّة الأصل للعكس في الكذب هي متفرِّعة عن تبعيَّة العكس للأصل في الصدق، لأنَّه لو كان الأصل صادقًا لوجب صدق العكس والمفروض كذبه، فكذب العكس يكشف عن كذب الأصل.

 

القواعد المستنتجة

بناءً على ما تقدَّم تتأسَّس عندنا قاعدتان:

1. القاعدة الأولى: إذا صدق الأصل صدق عكسه المستوي.

2. القاعدة الثانية: ومفادها أنَّه: إذا كذب العكس المستوي كذب أصله.

 

القضيَّة العكس من حيث (الكمّ)

علمنا أنَّ العكس إنَّما يحصل بشروط ثلاثة: تبديل الطرفين وبقاء الكيف وبقاء الصدق.

 

أمّا الكمّ فلا يشترط بقاؤه، وإنّما الواجب بقاء الصدق، وهو قد يقتضي بقاء الكمّ في بعض القضايا، وقد يقتضي عدمه في بعضها الآخر.

 

 

105

 


72

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

والمهمّ في ما يأتي معرفة القضيَّة التي يقتضي بقاء الصدق في عكسها بقاء الكمّ أو عدم بقائه.

 

- الموجبة الكلِّيَّة تنعكس موجبة جزئيَّة:

حتَّى يبقى الصدق في القضيَّة العكس، يجب أن يكون العكس للموجبة الكلِّيَّة موجبة جزئيَّة، وليس موجبة كلِّيَّة وإلَّا لما بقي الصدق دائمًا

 

- الموجبة الجزئيَّة تنعكس كنفسها موجبة جزئيَّة:

حتَّى يبقى الصدق في القضيَّة العكس، يجب أن يكون العكس للموجبة الجزئيَّة كنفسها موجبة جزئيَّة أيضًا، وإلَّا لما بقي الصدق دائمًا

 

- السالبة الكلِّيَّة تنعكس سالبة كلِّيَّة:

إنَّ السالبة الكلِّيَّة لا تصدق إلَّا مع تباين الموضوع والمحمول تباينًا كلِّيَّا، والمتباينان لا يجتمعان أبدًا، فيصحّ سلب كلٍّ منهما عن جميع أفراد الآخر، سواء جعلت هذا موضوعًا أم ذاك موضوعًا. وعليه، فالسالبة الكلِّيَّة يبقى عكسها المستوي كلِّيّا.

 

106


73

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

- السالبة الجزئيَّة لا عكس لها:

فهي لا تنعكس بالعكس المستوي أبدًا لا إلى كلِّيَّة ولا إلى جزئيَّة، وذلك لعدم بقائها صادقة دائمًا، إذ قد يكون موضوعها في بعض الأمثلة أعمّ من محمولها، مثال: (بعض الحيوان ليس بإنسان). وفي مثل هذه الحالة لا يصحّ سلب الأعمّ عن الأخصّ بحالٍ من الأحوال، لأنّه كلّما صدق الأخصّ صدق الأعمّ معه، فكيف يصحّ سلب الأعمّ عنه؟ فالأخصّ (الإنسان) -في مثالنا- لا يجوز سلب الأعمّ (الحيوان) عنه لا كلِّيًّا ولا جزئيًّا، فلا يصدق قولنا (لا شيء من الإنسان بحيوان) ولا يصدق قولنا (بعض الإنسان ليس بحيوان).

 

- تنبيه: الشرطيَّة المنفصلة لا عكس لها:

أشرنا في صدر البحث إلى أنّ العكس المستوي يعمّ الحمليَّة والشرطيَّة. ولكن عند التأمُّل نجد أنَّ الشرطيَّة المنفصلة لا ثمرة لعكسها لأنَّها أقصى ما تدلّ عليه هو التنافي بين المقدّم والتالي، ولا ترتيب طبيعيًّا بينهما، ونحن بالخيار في جعل أيِّهما مقدّمًا وأيّهما تاليًا، من دون أن يحصل فرق في البين، فسواء قلنا: "إمّا أن يكون العدد زوجًا أو فردًا"، أو قلنا: "إمّا أن يكون العدد فردًا أو زوجًا"، فإنَّ مؤدّاهما واحد.

 

فلذا قالوا: المنفصلة لا عكس لها، والمقصود أنَّه لا ثمرة في عكسها.

 

 

107

 

 


74

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

المفاهيم الرئيسة

 

- العكس المستوي هو: "تبديل طرفي القضيَّة مع بقاء الكيف والصدق".

- العكس المستوي يعمّ القضيَّة الحمليَّة والشرطيَّة.

- بين القضيَّة الأصل وعكسها المستوي ملازمتان:

•         الملازمة الأولى: إذا صدق الأصل صدق العكس.

•         الملازمة الثانية: إذا كذب العكس كذب الأصل.

 

- العكس المستوي للمحصورات الأربع:

          القضيَّة الأصل      عكسها المستوي

1.       الموجبة الكلِّيَّة       موجبة جزئيَّة

2.       الموجبة الجزئيَّة       

3.       السالبة الكلِّيَّة       سالبة كلِّيَّة

4.       السالبة الجزئيَّة       لا عكس لها

 

- الشرطيَّة المنفصلة لا ثمرة من عكسها.

 

 

108

 


75

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

تمارين

 

1. اكتب بجانب كلّ قضيَّة من القضايا الآتية عكسها المستوي:

 

 

القضيَّة الأصل

العكس المستوي

أ.

كلّ مجاهد عزيز

 

ب.

بعض المجاهدين علماء

 

ج.

لا شيء من النجس بطاهر

 

د.

بعض الطاهر ليس مأكولًا

 

ه.

لا شيء من الذهب بفضَّة

 

و.

بعض سائقي المركبات لا يحمل رخصة قيادة

 

ز.

كلّ من أكل من كدّ يمينه لم يحتج لمنَّة الناس

 

 

109

 


76

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

2. صِلْ بين القضيَّة وعكسها المستوي:

بعض الحيوان إنسان •         •         بعض اللا حيوان هو إنسان

بعض الحيوان ليس إنسان      •         •         بعض الحيوان هو لا إنسان

كلّ إنسان حيوان   •         •         بعض الإنسان حيوان

لا شيء من الإنسان بحيوان    •        • لا شيء من الحيوان بإنسان

كلّ لا إنسان حيوان           •        •   بعض الحيوان إنسان

بعض الإنسان هو لا حيوان   •        • لا عكس لها

 

 

3.ضع علامة (Ö) في المربَّع المناسب:

 

110

 


77

الدرس الثامن: أحكام القضايا أو النسب بينها (2) العكس المستوي

أسئلة حول الدرس

1. عرِّف العكس المستوي وبيِّن أوجه الفرق بينه وبين التناقض.

2. بيِّن الوجه في عدم تبعيَّة العكس للأصل في الكذب، وتبعيَّة الأصل للعكس في الكذب.

3. بيِّن المقصود من قولهم: إنَّ الشرطيَّة المنفصلة لا عكس لها.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص321-340،

2. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص110-115، 143-144،

3. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص153-155،

4. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص83-94،

5. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص288-300،

6. المطهَّري، المنطق، مصدر سابق، ص77-79،

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص173-177،

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص135-148.

 

 

111

 


78

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

الدرس التاسع

أحكام القضايا

أو النسب بينها (3)

عكس النقيض

 

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة موقع مبحث عكس النقيض من طرق الاستدلال المباشر.

2. معرفة الملازمة القائمة بين القضيَّة الأصل وعكس نقيضها.

3. معرفة العكس النقيض لكلٍّ من المحصورات الأربع.

 

113

 

 

 


79

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

تمهيد

تقدَّم في الدرس السابق أنَّ الملازمة في الصدق بين القضايا كما تقع بين القضيَّة الأصل وعكسها المستوي، تقع أيضًا بين القضيَّة الأصل وعكس نقيضها. فعكس النقيض هو العكس الثاني للقضيَّة الذي يستدلّ بصدقها على صدقه، وبكذبه على كذبها.

 

ولعكس النقيض طريقتان:

- الطريقة الأولى: طريقة القدماء، ويُسمَّى بـ (عكس النقيض الموافق) لموافقته للأصل في الكيف.

 

- الطريقة الثانية: طريقة المتأخِّرين، ويُسمَّى بـ (عكس النقيض المخالف). لمخالفته للأصل في الكيف.

 

وفي ما يأتي بيان للطريقة الأولى فحسب ولمن أراد الاطلاع على الطريقة الثانية مراجعة الكتب المفصَّلة في هذا المجال.

 

عكس النقيض الموافق

عكس النقيض الموافق عبارة عن: "تحويل القضيَّة إلى أخرى موضوعها نقيض محمول الأصل، ومحمولها نقيض موضوع الأصل مع بقاء الصدق والكيف".

 

أي أنَّ القضيَّة المحكوم بصدقها تُحوَّل إلى قضيَّةٍ تتبع الأولى في الصدق، وذلك:

أوَّلًا: بتبديل كلٍّ من الطرفين بنقيض الآخر، بأن يُجعل نقيض المحمول موضوعًا ونقيض الموضوع محمولًا إذا كانت القضيَّة حمليَّة، ويُجعل نقيض التالي مقدَّمًا ونقيض

 

115

 


80

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

المفاهيم الرئيسة

- عكس النقيض هو العكس الثاني للقضيَّة الذي يستدلّ بصدقها على صدقه، وبكذبه على كذبها.

 

- عكس النقيض كالعكس المستوي يعمّ القضايا الحمليَّة والشرطيَّة معًا.

 

- لعكس النقيض طريقتان:

•         الطريقة الأولى: طريقة القدماء، ويُسمَّى بـ (عكس النقيض الموافق).

•         الطريقة الثانية: طريقة المتأخِّرين، ويُسمَّى بـ (عكس النقيض المخالف).

 

- عكس النقيض الموافق عبارة عن: "تحويل القضيَّة إلى أخرى موضوعها نقيض محمول الأصل، ومحمولها نقيض موضوع الأصل مع بقاء الصدق والكيف".

 

- بين القضيَّة الأصل وعكس نقيضها الملازمتان ذاتهما اللتان بين القضيَّة الأصل وعكسها المستوي.

 

- حكم عكس النقيض من حيث الكمّ يخالف تمامًا حكم العكس المستوي من حيث الحكم، فحكم الموجبات في العكس المستوي هو حكم السوالب في عكس النقيض (الموافق أو المخالف)، وحكم السوالب في العكس المستوي هو حكم الموجبات في عكس النقيض (الموافق أو المخالف).

 

 

118

 


81

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

تمارين

1. اكتب بجانب كلّ قضيَّة من القضايا الآتية عكس نقيضها الموافق وعكس نقيضها المخالف:

         

 

القضيَّة الأصل

عكس نقيضها الموافق

أ.

كلّ لا عالم هو غير صائب الرأي

 

ب.

كلّ غير مجدّ هو مخفق في الحياة

 

ج.

ليس كلّ شاعر لا كاتب

 

د.

كلّ لا عالم جاهل

 

ه.

كلّ ذهب معدن

 

 

2. صِلْ بين القضيَّة وعكس نقيضها الموافق:

بعض الحيوان إنسان •         •         لا عكس نقيض موافق لها

بعض الحيوان ليس بإنسان     •         •         بعض اللا إنسان هو ليس بلا حيوان

كلّ إنسان حيوان   •         •         كلّ لا حيوان هو إنسان

لا شيء من الإنسان بحيوان    •         •         كلّ لا حيوان لا إنسان

كلّ لا إنسان حيوان •         •         بعض اللاحيوان ليس بلا إنسان

بعض الإنسان ليس لا حيوان  •         •         بعض الحيوان ليس لا إنسان

 

 

119

 


82

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

أسئلة حول الدرس

1. بيِّن الملازمات القائمة بين القضيَّة الأصل وعكس نقيضها.

2. بيِّن الوجه في كون الموجبة الجزئيَّة لا عكس نقيض موافق لها، وذلك بتقديم أمثلة تُبيِّن عدم الصدق الدائم للجزئيَّة ولا للكليِّة فيها.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص70-74،

2. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص122-127،

3. الرازي، لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار مع تعليقات السيِّد الشريف الجرجاني وبعض التعاليق الأخرى، مصدر سابق، ج2، ص170-191،

4. العابدي، لُباب المنطق، ص156-160،

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص94-97،

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص304-322،

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص178-198،

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص148-156.

 

 

121

 


83

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

الدرس العاشر

القياس

(موقعه، تعريفه،

المصطلحات العامة)

 

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة الطرق الثلاث للاستدلال غير المباشر.

2. معرفة موقع القياس في المنطق الأرسطيّ.

3. معرفة المراد من القياس والوقوف على تعريفه.

4. معرفة المصطلحات العامَّة في القياس.

 

 

123


84

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

تمهيد

تقدَّم أنَّ أسمى هدفٍ للمنطقيّ وأقصى مقصدٍ له هو مباحث الحجَّة والاستدلال، وتقدَّم أنَّ طرق الاستدلال على نوعين: طرق الاستدلال المباشر، وطرق الاستدلال غير المباشر.

 

وقد أنهينا الكلام في طرق الاستدلال المباشر، وبقي الكلام في طرق الاستدلال غير المباشر.

 

وقد تقدَّم أيضًا أنَّ طرق الاستدلال غير المباشر هي التي يكون انتقال الذهن فيها إلى القضيَّة المطلوب إثباتها بتوسُّط أكثر من قضيَّة، وهي ثلاث طرق:

1. القياس: وهو أن يستخدم الذهن القواعد العامّة المسلَّم بصحّتها في الانتقال إلى مطلوبه. وحركة الذهن في القياس حركة من الكلِّيّ إلى الكلِّي الأخص منه أو إلى الجزئيّ، وبعبارة أدقّ: من العامّ إلى الخاصّ.

 

2. الاستقراء: وهو أن يدرس الذهن عدَّة جزئيات، فيستنبط منها حكمًا عامًّا. فحركة الذهن في الاستقراء حركةٌ صعوديَّةٌ من الجزئيّ إلى الكلِّيّ، وبعبارة أدق: من الخاصّ إلى العامّ.

 

3. التمثيل: وهو أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهةٍ مشتركةٍ بينهما، فتكون حركة الذهن فيه أفقيَّةً من الجزئيّ إلى الجزئيّ، وبعبارة أدقّ: من المشابه إلى المشابه.

 

وإذا كان المنطق الأرسطيّ - على أهمِّيَّة طرق الاستدلال المباشر عنده - يصبّ اهتمامه على طرق الاستدلال غير المباشر إلى درجةٍ يكاد يختصر الاستدلال بها، فإنَّه من بين طرق الاستدلال غير المباشر يولي القياس الأهمِّيَّة الكبرى، وكأنَّه يختصر الاستدلال به.

 

 

126

 


85

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

القياس

تعريف القياس

عرَّفوا القياس بأنَّه: "قولٌ مؤلّف من قضايا متى سُلّمت لزم عنه لذاته قول آخر".

شرح التعريف

في تعريف القياس بعض المفاهيم التي لا بدّ من شرحها وبيانها لمعرفة المقصود من القياس الأرسطيّ على وجه الدقَّة:

- القول: جنس القياس. ومعناه المركَّب التامّ الخبريّ، فيعمّ القضيَّة الواحدة والأكثر.

 

- (مؤلّف من قضايا.. إلى آخره): فصل القياس.

 

- قضايا: جمع (قضيَّة)، وهو جمع منطقيّ فيشمل الاثنين. وبقيد (القضايا) يخرج من التعريف الاستدلالُ المباشر، لأنّه قضيَّة واحدة على تقدير التسليم بها تستلزم قضيَّةً أخرى.

 

- متى سلّمت: من التسليم. وفيه إشارة إلى أنَّ القياس لا يشترط فيه أن تكون قضاياه مسلّمة فعلًا، بل شرط كونه قياسًا أن يلزم منه على تقدير التسليم بقضاياه قولٌ آخر، كشأن الملازمة بين القضيَّة وبين عكسها، فإنّه على تقدير صدقها يصدق عكسها. واللازم يتبع الملزوم في الصدق فقط دون الكذب، كما تقدّم في العكس المستوي، لجواز كونه لازمًا أعمّ. ومنه يُعرف أنَّ كذب القضايا المؤلّفة للقياس لا يلزم منه كذب القول اللازم لها. نعم، كذب القول يستلزم كذب تلك القضايا.

 

- لزم عنه: بهذا القيد يخرج الاستقراء والتمثيل، لأنَّهما وإن تألَّفا من قضايا، فإنَّ القول الآخر لا يتبعهما على نحو اللزوم بل قد يتخلَّف عنهما، وذلك لأنَّهما أكثر ما يُفيدانه هو الظنّ، إلّا بعض الاستقراء على ما سيأتي توضيحه.

 

- لذاته: بهذا القيد يخرج قياس المساواة، كما سيأتي في محلّه، فإنَّ قياس المساواة إنَّما يلزم منه القول الآخر لمقدِّمةٍ خارجةٍ عن القياس، لا لذاته.

 

 

127

 


86

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

فإنّ القضيَّتين: (ب يساوي حـ، وحـ يساوي د) مثلًا،

ينتج عنهما: ب يساوي د، ولكن لا لذات القياس، بل لضمّ مقدّمة خارجيَّة إلى هاتين المقدّمتين، وهي: مساوي المساوي مساوٍ.

 

والدليل على ضرورة المقدِّمة الخارجيَّة وتوقُّف القول الآخر عليها، هو أنَّه لو أمكن الاستغناء عنها لكان قولنا (ب نصف ج و ج نصف د) منتجًا لـ (ب نصف ج)، ولكنّ هذه النتيجة خاطئة وغير صحيحة، وما ذلك إلَّا لأنَّ نصف النصف ليس نصفًا، بل ربعًا.

 

الاصطلاحات العامّة في القياس

لا بدَّ -أوَّلًا- من بيان المصطلحات العامَّة، عدا المصطلحات الخاصَّة بكلِّ نوع التي سيرد ذكرها في مناسباتها، وهي:

- صورة القياس: ويقصد بها هيئة التأليف الواقع بين القضايا.

 

- المقدِّمة: وهي كلّ قضيَّة تتألَّف منها صورة القياس. والمقدِّمات تُسمَّى أيضًا (موادّ القياس).

 

- المطلوب: وهو القول اللازم من القياس. ويُسمَّى (مطلوبًا) عند أخذ الذهن في تأليف المقدِّمات.

 

- النتيجة: وهي المطلوب عينه، ولكن يُسمَّى بها بعد تحصيله من القياس.

 

- الحدود: وهي الأجزاء الذاتيَّة للمقدِّمة. ونعني بالأجزاء الذاتية: الأجزاء التي تبقى بعد تحليل القضيَّة، فإذا فككنا وحلَّلنا القضيَّة الحمليَّة -مثلًا- إلى أجزائها لا يبقى منها إلَّا الموضوع والمحمول، دون النسبة، لأنَّ النسبة إنَّما تقوم بالطرفين للربط بينهما، فإذا أُفرد كلٌّ منهما عن الآخر فمعناه ذهاب النسبة بينهما. وأمّا السور والجهة فهما من شؤون النسبة، فلا بقاء لهما بعد ذهابها. وكذلك إذا حلَّلنا القضيَّة الشرطيَّة إلى أجزائها لا يبقى منها إلَّا المقدَّم والتالي.

 

 

128

 


87

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

فالموضوع والمحمول أو المقدّم والتالي هي الأجزاء الذاتية للمقدّمات، وهي (الحدود) فيها.

 

ولنوضح هذه المصطلحات بالمثال، فنقول:

1. شارب الخمر فاسق.

2. وكلّ فاسق تُردّ شهادته.

(النتيجة) شارب الخمر تُردّ شهادته.

 

فبواسطة نسبة كلمة (فاسق) إلى شارب الخمر في القضيَّة رقم (1)، ونسبة ردّ الشهادة إلى (كلّ فاسق) في القضيَّة رقم (2) استنبطنا النسبة بين ردِّ الشهادة وشارب الخمر في القضيَّة رقم (3).

 

- فكلُّ واحدةٍ من القضيَّتين (1) و(2):          مقدِّمة

- و(شارب الخمر)، و(فاسق)، و(تردّ شهادته):  حدود

- والقضيَّة رقم (3):                              مطلوب ونتيجة

- والتأليف بين المقدّمتين:                        صورة القياس.

 

 

129

 


88

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

المفاهيم الرئيسة

- طرق الاستدلال غير المباشر هي طرق الاستدلال التي يكون فيها انتقال الذهن إلى القضيَّة المطلوب إثباتها بتوسُّط أكثر من قضيَّة.

 

- طرق الاستدلال غير المباشر ثلاث:

•         القياس: وهو استخدام الذهن القواعد العامَّة المسلَّم بصحَّتها في الانتقال إلى مطلوبه.

•         الاستقراء: وهو دراسة الذهن لجزئيَّات عدَّة، واستنباط حكمٍ عامٍّ منها.

•         التمثيل: وهو انتقال الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهةٍ مشتركةٍ بينهما.

 

- يولي المنطق الأرسطيّ أهمِّيَّة خاصَّة لطرق الاستدلال غير المباشر وبينها يولي أهمِّيَّة خاصَّة للقياس على الاستقراء والتمثيل.

 

- القياس: قولٌ مؤلَّف من قضايا متَّى سُلّمت لزم عنه لذاته قولٌ آخر.

 

- للقياس مصطلحاتٌ عامَّة، هي:

•         صورة القياس: وهي هيئة التأليف الواقع بين القضايا.

•         المقدِّمة: وهي كلّ قضيَّة تتألَّف منها صورة القياس.

•         المطلوب: وهو القول اللازم من القياس.

•         النتيجة: وهي المطلوب عينه، ولكن يُسمَّى بها بعد تحصيله من القياس.

•         الحدود: وهي الأجزاء الذاتيَّة للمقدِّمة. وهي خصوص الموضوع والمحمول في القضيَّة الحمليَّة، وخصوص المقدَّم والتالي في القضيَّة الشرطيَّة.

 

 

130

 


89

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

تمارين

 

 

1. أجب بصحّ (√) أو خطأ (x)

أ. يعتبر مبحث الاستقراء المبحث العمدة في المنطق الأرسطيّ. □

ب. القياس والاستقراء والتمثيل هي طرق الاستدلال غير المباشر. □

ج. يكفي في القياس قضيَّة واحدة عامَّة للانتقال إلى المطلوب. □

د. يُشترط أن تكون مقدِّمات القياس وموادّه قضايا صادقة فعلًا حتَّى يكون القول

اللازم عنها صادقًا. □

ه. يتوقَّف قياس المساواة على مقدِّمة خارجيَّة، لذا فإنّ في إطلاق القياس عليه مسامحة. □

 

 

2. صِلْ المصطلحات العامَّة للقياس في العمود الأوَّل بمعانيها في العمود الثاني:

صورة القياس        •         •         كلّ قضية تتألّف منها صورة القياس

المقدّمة    •         •         القول اللازم من القياس

المطلوب  •         •         المقدّمات

مواد القياس         •         •         النتيجة عند الشروع في الاستدلال عليها

النتيجة    •         •         الأجزاء الذاتية للمقدّمة

الحدود    •         •         هيئة التأليف الواقع بين القضايا

 

131

 


90

الدرس العاشر: القياس (موقعه، تعريفه، المصطلحات العامة)

أسئلة حول الدرس

 

1. بيِّن موقع القياس في المنطق الأرسطيّ.

2. عرِّف القياس واشرح التعريف شرحًا وافيًا.

3. أعطِ مثالًا لقياس وطبِّق المصطلحات العامَّة عليه.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص365-373.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص75-81.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص148-153.

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص183-188.

5. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص328-343.

6. المطهَّري، المنطق، مصدر سابق، ص83-86.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص201-205.

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص157-159.

 

 

132

 

 


91

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

الدرس الحادي عشر

أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة أنَّ للقياس تقسيمين: بحسب مادّته، وبحسب هيئته.

2. معرفة انقسام القياس بحسب هيئته إلى اقترانيّ واستثنائيّ والمراد منهما.

3. معرفة انقسام القياس الاقترانيّ إلى حمليّ وشرطيّ والمراد منهما.

 

134

 


92

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

تمهيد

تقدَّم في الدرس السابق أنَّ المقدّمات تُسمَّى (موادّ القياس)، وهيئة التأليف بينها تُسمَّى (صورة القياس)، فالبحث عن القياس من نحوين:

1. من جهة مادّته: بسبب اختلافها مع قطع النظر عن الصورة، بأن تكون المقدِّمات يقينيَّة أو ظنِّيَّة أو من المسلَّمات أو المشهورات أو الوهميَّات أو المخيّلات أو غيرها، ويُسمّى البحث فيها (الصناعات الخمس)، فإنَّ القياس ينقسم بهذا الاعتبار إلى: البرهان والجدل والخطابة والشعر والمغالطة (وهذا ما سنتعرّض له بشكلٍ مفصَّل في الجزء الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى).

 

2. من جهة صورته: بسبب اختلافها، مع قطع النظر عن طبيعة المادّة، وهذا الدرس معقودٌ للبحث عن القياس من هذه الجهة.

 

أقسام القياس بحسب هيئته

ينقسم القياس بحسب هيئته وصورته تقسيمًا أوَّليًّا باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في مقدّماته وعدمه إلى قسمين: اقترانيّ واستثنائيّ:

1. القياس الاستثنائيّ

وهو القياس المصرَّح في مقدِّماته بالنتيجة أو بنقيضها، ويُسمَّى استثنائيًا لاشتماله على كلمة الاستثناء، نحو:

 

 

136

 


93

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

مثال أوَّل:

 

- المقدِّمة الأولى: إن كان محمَّدٌ عالمًا فواجبٌ احترامه

- المقدِّمة الثانية: لكنَّه عالم

النتيجة: محمّد واجب احترامه

 

نلاحظ أنَّ النتيجة مذكورةٌ بعينها في المقدِّمة الأولى.

 

مثال ثانٍ:

 

- المقدِّمة الأولى: لو كان يزيد عادلًا فهو لا يعصي الله

- المقدِّمة الثانية: ولكنَّه قد عصى الله

النتيجة: ما كان يزيد عادلًا.

 

نلاحظ أنَّ النتيجة مصرَّحٌ بنقيضها في المقدِّمة الأولى.

 

2. القياس الاقترانيّ

وهو القياس غير المصرَّح في مقدِّماته بالنتيجة ولا بنقيضها.

 

مثال:

 

- المقدِّمة الأولى: شاربُ الخمر فاسقٌ

- المقدِّمة الثانية: كلُّ فاسقٍ تُردُّ شهادته

النتيجة: شاربُ الخمر تُردُّ شهادتُه.

 

فإنَّ النتيجة وهي (شارب الخمر تردّ شهادته) غير مذكورة بهيئتها صريحًا في المقدِّمتين، ولا نقيضها مذكور أيضًا، وإنَّما هي مذكورة بالقوّة باعتبار وجود أجزائها الذاتيَّة في المقدِّمتين، أي الحدَّين وهما (شارب الخمر، وتردّ شهادته)، فإنَّ كلَّ واحدٍ منهما مذكورٌ في مقدِّمةٍ مستقلَّةٍ غير الأخرى.

 

137

 


94

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

أقسام القياس الاقترانيّ

ينقسم القياس الاقترانيّ بدوره أيضًا إلى قسمين: اقترانيّ حمليّ، واقترانيّ شرطيّ.

 

أ. الاقترانيّ الحمليّ:

وهو القياس الاقترانيّ المؤلَّف من حمليَّات فقط، كالمثال المتقدّم في شارب الخمر.

 

ب. الاقترانيّ الشرطيّ:

وهو القياس الاقترانيّ المؤلَّف من شرطيَّةٍ على الأقلّ، فقد يتألَّف من شرطيّتين، وقد يتألَّف من شرطيّة وحمليّة.

 

- مثال القياس الاقتراني المؤلّف من حمليّة وشرطيّة متّصلة:

•         المقدمة الأولى: كلّما كان المعدن ذهباً كان نادرًا

•         المقدمة الثانية: كل نادر ثمين

النتيجة : كلّما كان المعدن ذهبًا كان ثمينًا.

 

- مثال القياس المؤلَّف من حمليَّة وشرطيَّة منفصلة:

•         المقدِّمة الأولى (حمليَّة): الاسم كلمة

•         المقدِّمة الثانية (شرطيَّة منفصلة): إمَّا أن تكون الكلمة مبنيَّةً أو معربة

النتيجة: الاسم إمَّا مبنيٌّ وإمَّا معرب.

 

- مثال القياس المؤلَّف من متَّصلتين:

المقدِّمة الأولى (شرطيَّة متَّصلة): إذا كان الشخص نبيًّا كان منزَّهًا عن المعصية

المقدِّمة الثانية (شرطيَّة متَّصلة): كلَّما كان الشخص منزَّهًا عن المعصية كان لزامًا علينا اتِّباعه

النتيجة: إذا كان الشخص نبيًّا كان لزامًا علينا اتِّباعه.

 

138

 


95

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

تمارين

ضع علامة صحّ (Ö) في المربَّع المناسب:

                             

                   

 

قياس استثنائيّ

قياس اقتراني

القياس

مصرِّح بالنتيجة بعينها في إحدى مقدّمتيه

مصرَّح بنقيض النتيجة في إحدى مقدّمتيه

حمليّ

شرطيّ

أ.          المقدَّمة الأولى: كلَّما كان الماء جاريًا كان معتصمًا

المقدِّمة الثانية: كلَّما كان معتصمًا كان لا ينجس بملاقاة النجاسة

النتيجة: كلَّما كان الماء جاريًّا كان لا ينجس بملاقاة النجاسة        

 

 

 

 

ب.        المقدَّمة الأولى: الحديد معدن

المقدِّمة الثانية: كلّ معدن يتمدَّد بالحرارة

النتيجة: الحديد يتمدَّد بالحرارة

 

 

 

 

ج.         المقدِّمة الأولى: إذا كان الحديد معدنًا فهو يتمدَّد بالحرارة

المقدِّمة الثانية: ولكنَّه معدن

النتيجة: هو يتمدَّد بالحرارة

 

 

 

 

د.          المقدَّمة الأولى: إن كانت الشمس طالعةً فالنهار موجود

المقدِّمة الثانية: لكنّ الشمس طالعة

النتيجة: فالنهار موجود

 

 

 

 

ه.         المقدَّمة الأولى: إذا كان المريض مصابًا بالتيفوئيد فهو يعاني من الحمّى

المقدِّمة الثانية: لكنّ المريض لا يعاني من الحمّى

النتيجة: المريض ليس مصابًا بالتيفوئيد

 

 

139

 


96

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

و.        المقدَّمة الأولى: العالم متغيِّر

المقدِّمة الثانية: كلّ متغيِّر حادث

النتيجة: العالم حادث         

 

 

ز.        المقدَّمة الأولى: إمَّا أن يكون أبوه معلِّمًا في الثانويَّة أو أستاذًا جامعيًّا

المقدِّمة الثانية: لكنّ أباه ليس معلِّمًا في الثانويَّة

النتيجة: أبوه أستاذٌ جامعيّ

 

 

ح.       المقدَّمة الأولى: الكون منظَّم

المقدِّمة الثانية: كلّ منظَّم يحتاج إلى منظِّم

النتيجة: الكون يحتاج إلى منظِّم

 

 

ط.       المقدَّمة الأولى: إذا كان الجوّ ممطرًا فستصبح الطرقات زلقة

المقدِّمة الثانية: إذا أصبحت الطرقات زلقة فستزداد احتمالات وقوع حوادث السير

النتيجة: إذا كان الجوّ ممطرًا فستزداد احتمالات وقوع حوادث السير

 

 

ي.       المقدَّمة الأولى: إمَّا أن يكون هذا القياس اقترانيًّا أو استثنائيًّا

المقدِّمة الثانية: ولكنَّه اقترانيّ

النتيجة: هذا القياس ليس استثنائيَّا

 

141


97

الدرس الحادي عشر: أقسام القياس بحسب مادَّته وهيئته

أسئلة حول الدرس

 

1. اذكر الفرق بين القياس الاقترانيّ والقياس الاستثنائيّ.

2. اذكر الفرق بين القياس الاقترانيّ الحمليّ والقياس الاقترانيّ الشرطيّ.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص374-376.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص81-84.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص154-156.

4. العلى، أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات، مصدر سابق، ج2، ص303-305.

5. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص344-345.

6. المطهَّري، المنطق، مصدر سابق، ص89-91.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص206-208.

 

 

142


98

الدرس الثاني عشر: القياس الاقترانيّ الحمليّ -حدوده وشروطه-

الدرس الثاني عشر

القياس الاقترانيّ الحمليّ - حدوده وشروطه -

 

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة حدود القياس الاقترانيّ.

2. معرفة الشروط العامَّة للقياس الاقترانيّ.

 

 

 

144

 

 


99

الدرس الثاني عشر: القياس الاقترانيّ الحمليّ -حدوده وشروطه-

تمهيد

تقدَّم أنَّ القياس الاقترانيّ هو الذي لم يُصرَّح بالنتيجة ولا بنقيضها في إحدى مقدِّمتيه، بل تكون موجودةً فيهما بالقوَّة.

 

وتقدَّم أنَّ القياس الحمليّ هو ما تألَّف من حمليَّات صرفة. وعليه فإنَّ القياس الاقترانيّ الحمليّ يجب أن يشتمل على مقدِّمتين حمليَّتين لتُنتجا المطلوب.

 

وتجدر الإشارة إلى أنَّ القياس الاقترانيّ الحمليّ يتألَّف من مقدِّمتين فقط لا أكثر، وكلّ قياس يتألَّف من أكثر من مقدِّمتين فهو أكثر من قياس.

 

حدود القياس الاقتراني الحمليّ

أن تشتمل مقدّمتا القياس الاقتراني الحملي على حدودٍ ثلاثة: حدٌّ مشتركٌ متكرِّرٌ في المقدِّمتين، وحدٌّ خاصٌّ بالمقدِّمة الأولى، وحدٌّ خاصٌّ بالمقدِّمة الثانية. وقد سمّوا كلَّ واحدٍ من الحدود الثلاثة باسم خاصّ:

1. الحدّ الأصغر

وهو الحدّ الذي يكون موضوعًا في النتيجة. وتُسمّى المقدّمة المشتملة عليه (صغرى)، سواءٌ أكان هو موضوعًا فيها أم محمولًا. ونرمز له بحرف (ب).

 

2. الحدّ الأكبر

وهو الذي يكون محمولًا في النتيجة. وتُسمّى المقدِّمة المشتملة عليه (كبرى)، سواءٌ أكان هو محمولًا فيها أم موضوعًا. ونرمز له بحرف (حـ).

 

146

 


100

الدرس الثاني عشر: القياس الاقترانيّ الحمليّ -حدوده وشروطه-

3. الحدّ الأوسط أو الوسط

وهو الحدّ المتكرِّر المشترك الذي يربط بين الحدّين الآخرين، (الأصغر والأكبر). ويُسمَّى أيضًا (الحجّة)، لأنَّه يُحتجّ به على النسبة بينهما، ويُسمَّى أيضًا (الواسطة في الإثبات)، لأنّ به يُتوسَّط في إثبات الحكم بين الحدّين. ونرمز له بحرف (م).

 

ولنعد إلى المثال المتقدّم في الدرس السابق وفي المصطلحات العامّة لتطبيق الحدود عليه، فنقول:

 

المقدِّمة الأولى: شارب الخمر فاسق

المقدِّمة الثانية: كلّ فاسق تردّ شهادته

النتيجة: شارب الخمر تردّ شهادته

 

- الموضوع في النتيجة هو (شارب الخمر)، فيكون (شارب الخمر) هو الحدّ الأصغر، وباعتبار وجوده في المقدِّمة الأولى، فتكون المقدِّمة الأولى هي الصغرى.

 

- المحمول في النتيجة هو (تردّ شهادته) فيكون (تردّ شهادته) هو الحدّ الأكبر، وباعتبار وجوده في المقدِّمة الثانية، فتكون المقدِّمة الثانية هي الكبرى.

 

- (فاسق) هو الحدّ المشترك والمتكرِّر في المقدِّمتين، فهو الحدّ الأوسط. وهو الذي ربط بين الأصغر والأكبر في النتيجة بعد أن كان كلّ واحدٍ منهما في مقدِّمة مستقلَّة، فربط بينهما ولم يظهر في النتيجة.

 

ولنضع كلا المقدّمتين مع النتيجة على النحو الآتي:

 

147


101

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

الشروط العامّة للقياس الاقترانيّ[1]

للقياس الاقترانيّ -سواء أكان حمليًّا أم شرطيًّا- شروطٌ عامَّةٌ يجب توافرها فيه ليكون منتجًا، وهي:

الشرط الأوَّل: تكرُّر الحدّ الأوسط:

أيْ يجب أن يكون مذكورًا بنفسه في الصغرى والكبرى من غير اختلاف، وإلَّا لما كان حدًّا أوسطًا متكرِّرًا، ولما وجد الارتباط بين الطرفين، وبالتالي لما كان منتجًا، وهذا أمرٌ بديهيّ.

 

فالقياس المؤلَّف مثلًا من:

 

صغرى: الحائط فيه فأرة

وكبرى: كلّ فأرة لها أذنان

 

 

هو قياسٌ عقيم ينتج: الحائط له أذنان، لأنَّ الحدّ

 

ولأجل أن يكون منتجًا، فإنَّنا أمام خيارين:

- إمّا أن نقول في الكبرى (وكلّ ما فيه فأرة له أُذنان)، ولكنَّها قضيَّة كاذبة

- وإمَّا أن نعتبر المتكرِّر كلمة (فأرة) فقط، فتكون النتيجة هكذا: (الحائط فيه ما له أُذنان)، وهي قضيَّة صادقة.

 

وكذلك القياس المؤلَّف مثلًا من:

صغرى: الذهب عين

وكبرى: كلّ عين تدمع

 

فإنَّه قياسٌ عقيم، ولا ينتج: الذهب يدمع، وذلك لأنَّ لفظ (عين) مشترك لفظيّ، والمراد منه في الصغرى غير المراد منه في الكبرى، فلم يتكرَّر الحدّ الأوسط، ولم يتكرّر إلّا اللفظ فقط.


 


[1] ذكرت كتب المنطق الدليل على كلِّ شرطٍ من هذه الشروط الخمسة للقياس الاقترانيّ، فمن أراد الوقوف عليها تفصيلًا فليراجع الكتب المفصَّلة والموسَّعة في هذا العلم، ولا سيَّما الكتب التي سنورد عناوينها في آخر الدرس لمن أراد مزيدًا من الاطِّلاع. وسنكتفي هنا بالبيان الموجز لهذه الأدلة.

 

148


102

الدرس التاسع: أحكام القضايا أو النسب بينها (3)عكس النقيض

ولا بدّ من التنبّه جيَّدًا لهذا الأمر، فإنّ أكثر المغالطات تعتمد على الاشتراك اللفظي، كما أنَّ كثيرًا من الأخطاء في الاستدلالات ناتج من عدم الانتباه للمشتركات اللفظيَّة في المقدّمات.

 

الشرط الثاني: إيجاب إحدى المقدّمتين:

فلا يصحّ أن يتألَّف من سالبتين. فلو قيل مثلًا: لا شيء من الإنسان بفرس (الصغرى)، ولا شيء من الفرس بناطق (الكبرى) فإنه لا ينتج: لا شيء من الإنسان بناطق فإنّها كاذبة.

 

الشرط الثالث: كلِّيَّة إحدى المقدّمتين:

فلا يصحّ أن يتألَّف من جزئيَّتين. فلو قيل مثلًا: بعض الإنسان حيوان (الصغرى)، وبعض الحيوان فرس (الكبرى) فإنّه لا ينتج: بعض الإنسان فرس فإنّها كاذبة.

 

الشرط الرابع: أن لا تكون الصغرى سالبة كلِّيَّة والكبرى موجبة جزئيَّة:

فلو قيل مثلًا: لا شيء من الغراب بإنسان (الصغرى)، وبعض الإنسان أسود (الكبرى)، فإنّه لا ينتج: بعض الغراب ليس بأسود فإنّها كاذبة.

 

الشرط الخامس: النتيجة تتبع أخسّ المقدِّمتين:

فإذا كانت إحدى المقدِّمتين سالبة والأخرى موجبة كانت النتيجة سالبة، إذ إنَّ السالبة أخسّ من الموجبة.

وإذا كانت إحدى المقدِّمتين جزئيَّة والأخرى كلِّيَّة كانت النتيجة جزئيَّة، إذ إنَّ الجزئيَّة أخسّ من الكلِّيَّة.

وهذا الشرط واضحٌ، فإنَّ النتيجة متفرِّعةٌ عن المقدِّمتين معًا، فلا يمكن أن تزيد عليهما فتكون أقوى منهما.

 

 

149


103

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

المفاهيم الرئيسة

- يتألَّف القياس الاقترانيّ من مقدِّمتين مشتملتين على حدودٍ ثلاثة:

•         الحدّ الأصغر: وهو الحدّ الذي يكون موضوعًا في النتيجة. وتُسمّى المقدّمة المشتملة عليه (صغرى)، ويُرمز له اختصارًا بحرف (ب).

 

•         الحدّ الأكبر: وهو الذي يكون محمولًا في النتيجة. وتُسمّى المقدِّمة المشتملة عليه (كبرى)، ويُرمز له بحرف (حـ).

 

•         الحدّ الأوسط: وهو الحدّ المتكرِّر المشترك الذي يربط بين الحدّين الآخرين، ويحذف في النتيجة التي تتألّف من هذين الحدّين. ويُرمز له اختصارًا بحرف (م).

 

- للقياس الاقترانيّ (الأعمّ من الحمليّ والشرطيّ) شروط خمسة عامَّةٌ يجب أن تتوافر فيه حتَّى يكون منتجًا:

•         الشرط الأوَّل: تكرُّر الحدّ الأوسط

•         الشرط الثاني: إيجاب إحدى المقدِّمتين

•         الشرط الثالث: كلِّيَّة إحدى المقدِّمتين

•         الشرط الرابع: أن لا تكون الصغرى سالبة كلِّيَّة والكبرى موجبة جزئيَّة

•         الشرط الخامس: النتيجة تتبع أخسّ المقدّمتين. والسالبة أخسّ من الموجبة، والجزئيَّة أخسّ من الكلِّيَّة.

 

 

150

 


104

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

تمارين

 

1. لاحظ القياسات الآتية، فإن كان القياس متوفِّرًا على جميع الشروط العامَّة ضع علامة (Ö) في مربَّع العمود الأوَّل، ثمّ اكتب النتيجة المناسبة في مربَّع العمود الثاني، أمَّا إذا كان في القياس خللٌ في شرطٍ من الشروط العامَّة، فضع علامة (Ö) في مربَّع العمود الثالث، وبيِّن الشرط الذي وقع الخلل فيه في مربَّع العمود الأخير.

 

151


105

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

أسئلة حول الدرس

 

1. فكّر أو ابحث في كتب علم المنطق عن الدليل على عدم كون القياس منتجًا فيما إذا تألَّف من سالبتين.

2. اذكر ثلاثة أمثلة لقياسات منتجة توافرت فيها جميع الشروط العامّة، واستخرج نتيجة كلّ قياس.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص377-383،

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص84-87،

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص157-164،

4. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص345-349،

5. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص209-213.

 

 

153


106

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

الدرس الثالث عشر

أشكال القياس (1)

الشكل الأوَّل

 

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة المراد من الشكل القياسيّ، وعدد الأشكال.

2. معرفة خصائص الشكل الأوَّل والشروط الخاصّة به.

3. معرفة الضروب المنتجة في الشكل الأوَّل.

 

154

 

 


107

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

تمهيد

بعد أن أنهينا الكلام في معنى القياس وأقسامه وشروطه العامّة، ننتقل إلى الكلام في معنى الشكل القياسيّ، وفي عدد هذه الأشكال، وبيان كلِّ شكلٍ من هذه الأشكال، وما يتعلَّق بكلّ واحدٍ منها من مزايا وخصائص وشروطٍ خاصَّة، والضروب المنتجة في كلِّ واحدٍ منها.

 

الشكل القياسيّ

1. تعريف الشكل القياسيّ

الشكل القياسيّ هو القياس الاقترانيّ باعتبار كيفيَّة وضع الحدّ الأوسط من الطرفين (الأصغر والأكبر).

 

2. عدد الأشكال القياسيَّة

بناءً على تعريف الشكل القياسيّ، فإنَّ للقياس -بالقسمة العقليَّة الحاصرة- أشكالًا أربعة، لأنَّ الأوسط إمَّا أن يكون محمولًا في الصغرى وموضوعًا في الكبرى، أو العكس، أو موضوعًا فيهما أو محمولًا فيهما.

 

3. ترتيب الأشكال القياسيَّة

تُرتَّب هذه الأشكال بحسب قربها إلى الطبع. وقربها إلى الطبع مرتبط بمحافظة كلٍّ من الأصغر والأكبر على مكانهما في المقدِّمتين، فالأصغر الذي هو الموضوع في النتيجة كلَّما حافظ على موضعه في الصغرى وكان موضوعًا فيها كان الشكل أقرب إلى الطبع، وكذلك الأكبر الذي هو المحمول في النتيجة كلَّما حافظ على موضعه فكان محمولًا في الكبرى كان الشكل أقرب إلى الطبع.

 

 

156


108

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

وعليه، فالشكل الذي يكون الأوسط فيه محمولًا في الصغرى موضوعًا في الكبرى يكون هو الأقرب إلى الطبع من جميع الأشكال، لأنَّ هذا الشكل حافظ فيه الأصغر والأكبر على موضعهما فكان الأصغر موضوعًا في الصغرى كما هو في النتيجة، وكان الأكبر محمولًا في الكبرى كما هو في النتيجة، ولهذا كان هو الشكل الأوَّل.

 

ولأنَّ القائس أوَّل ما يضع الموضوع ثمّ يحمل عليه المحمول، كان الشكل الذي يحافظ فيه الموضوع على موضعه هو الأقرب إلى الطبع من الشكل الذي يُحافظ فيه المحمول على موضعه، ولهذا كان الشكل الذي يكون فيه الحدّ الأوسط محمولًا في المقدِّمتين هو الثاني، وكان الشكل الذي يكون فيه الحدّ الأوسط موضوعًا في المقدِّمتين كان هو الثالث.

 

أمَّا الشكل الذي يكون الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولًا في الكبرى فهو الشكل الرابع، لكونه الأبعد عن الطبع من كلّ الأشكال الأخرى، باعتبار أنَّ كلًّا من الأصغر والأكبر فيه لم يُحافظا على موضعهما في المقدِّمتين، فالأصغر الذي هو الموضوع في النتيجة كان في هذا الشكل محمولًا في الصغرى، والأكبر الذي هو المحمول في النتيجة كان موضوعًا في الكبرى في هذا الشكل.

 

157

 

 


109

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

الشكل الأوَّل

للشكل الأوَّل كما لكلّ الأشكال الأخرى خصائص وشروط خاصَّة[1] تستتبع ضروبًا منتجةً محدَّدة. وفي ما يأتي بيان خصائصه:

 

1. خصائصه

أ. الخصيصة أو الميزة الأولى: إنَّ الشكل الأوَّل -كما تقدَّم- هو الأقرب إلى الطبع من الأشكال الأخرى، باعتبار محافظة كلٍّ من الأصغر والأكبر على موضعهما في المقدِّمتين.

 

ب. الخصيصة الثانية: لـمَّا كان هذا الشكل الأقرب إلى الطبع، كان إنتاجه واضحًا بديهيًّا لا يحتاج إلى ما يُبيِّنه ويُثبته، وكانت سائر الأشكال الأخرى لبعدها عن الطبع محتاجةً إلى الاستدلال على إنتاجها إليه، وذلك بردِّها إلى الشكل الأوَّل.

 

ج. الخصيصة الثالثة: إنَّ الشكل الأوَّل ينتج -على ما سيأتي- المحصورات الأربع، بخلاف سائر الأشكال، فإنَّ الشكل الثاني لا ينتج الموجبة، والشكل الثالث لا ينتج الكلِّيَّة، والشكل الرابع لا ينتج الموجبة الكلِّيَّة، ولذلك سُمِّي الشكل الأوَّل (كاملًا) و(فاضلًا).

 

د. الخصيصة الرابعة: نظرًا إلى الميزات الثلاث المتقدِّمة التي يتميَّز بها الشكل الأوَّل، كان هذا الشكل هو الأكثر استعمالًا في البراهين في سائر العلوم.

 

2. شروطه

الشروط الخاصَّة التي لا بدّ من توافرها في الشكل الأوَّل شرطان:

أ. الشرط الأوَّل: إيجاب الصغرى.

ب. الشرط الثاني: كلِّيَّة الكبرى[2].


 


[1] مضافًا للشروط العامة التي تقدّم ذكرها.

[2] نكتفي على مستوى هذا الكتاب بذكر الشروط فقط دون الاستدلال عليها، ونحيل من أراد التوسع إلى الكتب التفصيلية في علم المنطق.

 

 

159


110

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

فبالشرط الأوَّل (إيجاب الصغرى) تسقط الضروب رقم: (9)، (10)، (11)، (12)، (13)، (14)، (15)، و(16).

 

وبالشرط الثاني (كلِّيَّة الكبرى) تسقط الضروب رقم: (2)، (4)، (6)، و(8).

 

وتبقى الضروب المنتجة هي: (1)، (3)، (5)، و(7).

 

وهذه الضروب المنتجة -كما تقدَّم وكما هو مبيَّن في الجدول- تنتج المحصورات الأربع، وتُرتَّب تبعًا للأشرف. وعليه، فالضرب رقم (1) في الجدول المنتج للموجبة الكلِّيَّة هو الضرب الأوَّل من ضروب الشكل الأوَّل، والضرب رقم (3) في الجدول المنتج للسالبة الكلِّيَّة هو الضرب الثاني من ضروب الشكل الأوَّل، والضرب رقم (5) في الجدول المنتج للموجبة الجزئيَّة هو الضرب الثالث من ضروب هذا الشكل، والضرب رقم (7) في الجدول المنتج للسالبة الجزئيَّة هو الضرب الرابع من ضروب هذا الشكل.

 

161


111

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

المفاهيم الرئيسة

- الشكل القياسيّ هو القياس الاقترانيّ باعتبار كيفيَّة وضع الحدّ الأوسط من الطرفين (الأصغر والأكبر).

 

- للقياس الاقترانيّ أشكال أربعة بحسب وضع الحدّ الأوسط من الطرفين، وهي:

•         الشكل الأوَّل: ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في الصغرى وموضوعًا في الكبرى.

•         الشكل الثاني: ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في المقدِّمتين.

•         الشكل الثالث: ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في المقدّمتين.

•         الشكل الرابع: ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في الصغرى ومحمولًا في الكبرى.

 

- في كلّ شكل من الأشكال الأربعة ستّة عشر ضربًا أو اقترانًا، والضروب المتوفِّرة منها على الشروط الخاصَّة لكلِّ شكل هي الضروب المنتجة وتُسمَّى قياسًا، فيما تُسمى الضروب غير المنتجة (العقيمة).

 

خصائص الشكل الأوّل:

- كونه الأقرب إلى الطبع، كونه بديهيّ الإنتاج، كونه منتجًا للمحصورات الأربع، وكونه الأكثر استعمالًا في البراهين في سائر العلوم.

 

- للشكل الأوَّل شرطان، هما: إيجاب الصغرى، وكلِّيَّة الكبرى.

 

- الضروب المنتجة من ضروب الشكل الأوَّل أربعة فقط، وهي:

•         الضرب 1: من موجبتين كلِّيَّتين، ينتج موجبة كلِّيَّة.

•         الضرب 2: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة كلِّيَّة

•         الضرب 3: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى موجبة كلِّيَّة، ينتج موجبة جزئيَّة

•         الضرب 4: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

 

 

162

 


112

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

تمارين

1. أجب بصحّ (Ö) أو خطأ (x):

أ. تبعًا لوضع الحدّ الأوسط في المقدِّمات تتشكّل عندنا أربع صور تُسمّى (شكلًا). □

ب. الشكل هو القياس الاقترانيّ باعتبار كيفيَّة وضع الأكبر من الطرفين. □

ج. مجموع الضروب في كلّ شكل هو ثمانية عشر ضربًا. □

د. في الشكل الأوّل يكون وضع الحدّين في المقدِّمتين عكس وضعهما في النتيجة. □

ه. الشكل الأوّل على مقتضى الطبع وبيّن الإنتاج بنفسه، لا يحتاج إلى دليل وحجّة، بخلاف سائر الأشكال، ولذا جعلوه أوّل الأشكال، وبه يُستدلّ على باقيها. □

و. شروط الشكل الأوّل: إيجاب الكبرى وكلِّيَّة الصغرى. □

ز. الشكلان الأوَّل والرابع ينتج كلّ واحد منهما جميع المحصورات الأربع. □

ح. سُمِّي الشكل الأوَّل (فاضلًا) من الفضلة، لكونه الأقل استعمالًا في البراهين من بين الأشكال الأربعة. □

 

2. صِلْ نقاط العمود الأوَّل بما يُناسبها من نقاط العمود الثاني:

الشكل الأوَّل       •         •         ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولًا في الكبرى

الشكل الثاني        •         •         ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في المقدِّمتين

الشكل الثالث      •         •         ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في المقدِّمتين

الشكل الرابع        •         •         ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في الصغرى موضوعًا في الكبرى

 

163

 


113

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

أسئلة حول الدرس

1. بيِّن كيفيَّة تنوُّع القياس الاقترانيّ إلى أشكالٍ أربعة.

2. بيِّن بالتفصيل الوجه في ترتيب هذه الأشكال الأربعة.

3. بيِّن كيف صار مجموع الضروب في كلِّ شكلٍ ستَّة عشر ضربًا.

4. اذكر مثالًا لكلِّ ضربٍ من الضروب المنتجة من ضروب الشكل الأوَّل.

 

165


114

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

الدرس الرابع عشر

أشكال القياس (2)

الشكل الثاني، الشكل الثالث، والشكل الرابع

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة الأشكال الثلاثة (الثاني والثالث والرابع) وخصائص كلٍّ منها.

2. معرفة الشروط الخاصَّة لكلِّ شكلٍ من هذه الأشكال.

3. معرفة الضروب المنتجة من كلِّ شكلٍ من هذه الأشكال.

 

 

166

 


115

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

تمهيد

تقدَّم أنَّ للقياس الاقترانيّ أشكالًا أربعة، وقد أنهينا الكلام في الدرس السابق في الشكل الأوَّل، وبقي أن نتكلَّم في هذا الدرس عن الأشكال الثلاثة الباقية، وهي: الشكل الثاني، فالشكل الثالث، فالشكل الرابع.

 

الشكل الثاني

1. تعريفه وخصائصه

وهو - على ما تقدَّم - ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في المقدِّمتين.

 

ولهذا كان هذا الشكل أبعد من الشكل الأوَّل عن الطبع لمخالفة الحدّ الأكبر فيه في الكبرى موضعه في النتيجة، فبعد أن كان محمولًا في النتيجة فهو موضوع في الكبرى. وهو - لبعده هذا عن الطبع - وإن كان بيِّن الإنتاج في نفسه، بحيث لا يحتاج إلى ضرورة الإرجاع للشكل الأوَّل، بل يمكن الاستدلال عليه مباشرة، ولكنَّه أقلّ بداهةً ووضوحًا في الإنتاج من الشكل الأوَّل، فإنَّ الشكل الأوَّل لا مجال لعدم الالتفات إليه إلَّا لمن كان فاقدًا لسببٍ من أسباب توجُّه النفس بحيث تخفى عليه أوضح الواضحات وأبده البديهيَّات، أمَّا الشكل الثاني فالالتفات إلى إنتاجه يحتاج إلى نوعٍ من الفطنة والدراية الخاصَّتين.

 

2. شروطه الخاصَّة

للشكل الثاني شرطان خاصَّان هما:

أ. الشرط الأوَّل: اختلاف المقدِّمتين في الكيف.

 

 

168


116

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

ونظرًا إلى أنَّ النتيجة تتبع أخسّ المقدِّمتين، كانت جميع نتائج الشكل الثاني سالبة، وكان هذا الشكل غير منتج للموجبة.

 

ب. الشرط الثاني: كلِّيَّة الكبرى.

 

3. ضروبه المنتجة

بحسب الشرطين الخاصَّين لهذا الشكل، تكون الضروب المنتجة منه أربعة فقط، إذ:

- تسقط بالشرط الأوَّل ثمانية ضروب هي حاصل ضرب السالبتين من الصغرى في السالبتين من الكبرى، والموجبتين من الصغرى في الموجبتين من الكبرى.

 

- وتسقط بالشرط الثاني ضروب أربعة هي السالبتان في الصغرى مع الموجبة الجزئيَّة في الكبرى، والموجبتان في الصغرى مع السالبة الجزئيَّة في الكبرى.

 

وعليه، فالباقي أربعة ضروب.

 

 

169

 


117

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

ويمكن توضيح ذلك في الجدول الآتي:

 

 

 

فبالشرط الأوَّل (اختلاف المقدِّمتين في الكيف) تسقط الضروب رقم: (1)، (2)، (5)، (6)، (11)، (12)، (15)، و(16).

 

وبالشرط الثاني (كلِّيَّة الكبرى) تسقط الضروب رقم: (4)، (8)، (10)، و(14).

 

وتبقى الضروب المنتجة هي: (3)، (7)، (9)، و(13).

 

الشكل الثالث

1. تعريفه وخصائصه

وهو - على ما تقدَّم - ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في المقدِّمتين.

 

 

170

 


118

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

وهو أبعد من الشكلين الأوَّل والثاني عن الطبع، لمخالفة الحدّ الأصغر فيه في الصغرى موضعه في النتيجة، فبعد أن كان الأصغر موضوعًا في النتيجة إذ به محمول في الصغرى. وهذا الشكل يحتاج الالتفات إلى إنتاجه إلى نوعٍ من الفطنة والدراية الخاصَّتين. ثمَّ إنَّه يمكن الاستدلال على ضروبه المنتجة بردِّ كلِّ ضربٍ منها إلى أحد ضروب الشكل الأوَّل[1].

 

2. شروطه الخاصَّة

للشكل الثالث شرطان خاصَّان أيضًا هما:

أ. الشرط الأوَّل: إيجاب الصغرى.

ب. الشرط الثاني: كلِّيَّة إحدى المقدِّمتين.

 

3. ضروبه المنتجة

بحسب الشرطين الخاصَّين لهذا الشكل، تكون الضروب المنتجة منه ستَّة فقط، إذ:

- تسقط بالشرط الأوَّل ثمانية ضروب هي حاصل ضرب السالبتين من الصغرى في الأربع من الكبرى.

 

- ويسقط بالشرط الثاني ضربان: الجزئيَّتان الموجبتان، والجزئيَّة الموجبة مع الجزئيَّة السالبة.

 


[1] لمن أراد الاطلاع على نحو تفصيلي على هذا الاستدلال بإمكانه مراجعة الكتب التفصيلية في علم المنطق لا سيّما كتاب المنطق للشيخ المظفر.

 

 

171


119

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

فبالشرط الأوَّل (اختلاف المقدِّمتين في الكيف) تسقط الضروب رقم: (9)، (10)، (11)، (12)، (13)، (14)، (15)، و(16).

 

وبالشرط الثاني (كلِّيَّة الكبرى) يسقط الضربان رقم: (6)، و(8).

 

وتبقى ستَّة ضروب منتجة هي: (1)، (2)، (3)، (4)، (5)، و(7).

 

الشكل الرابع

1. تعريفه وخصائصه

وهو - على ما تقدَّم - ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولًا في الكبرى.

 

وهو أبعد الأشكال عن الطبع، لمخالفة كلٍّ من الأصغر والأكبر في المقدِّمتين موضعهما في النتيجة، فبعد أن كان الأصغر موضوعًا في النتيجة إذ به محمولًا في الصغرى، وبعد أن كان الأكبر محمولًا في النتيجة إذ به في هذا الشكل موضوعًا في الكبرى.

 

ولبعده هذا عن الطبع كان غير بديهيّ الإنتاج، بل كان محتاجًا للاستدلال على إنتاجه، وذلك بردّ ضروبه المنتجة فيه إلى أحد ضروب الشكل الأوَّل[1].

 

ولذلك كلّه كان هذا الشكل هو الأقلّ استعمالًا في البراهين في سائر العلوم.

 

2. شروطه الخاصَّة

للشكل الرابع شروط خمسة هي:

أ. الشرط الأوَّل والثاني والثالث: وهي الشروط الثلاثة العامَّة المرتبطة بسور القضيَّة، وهي أن لا يتألَّف من سالبتين، وأن لا يتألَّف من جزئيَّتين، وأن لا يتألَّف من صغرى سالبة كلِّيَّة وكبرى موجبة جزئيَّة. فتجب ملاحظة هذه الشروط الثلاثة عند استخراج الضروب المنتجة[2].


 


[1] لمن أراد الاطلاع على نحو تفصيلي على هذا الاستدلال بإمكانه مراجعة الكتب التفصيلية في علم المنطق لا سيّما كتاب المنطق للشيخ المظفر.

[2] تجدر الإشارة إلى أنَّ الضربين الخاصَّين بالشكل الرابع لا يغنيان عن الشروط الثلاثة العامَّة، ولذلك كان لا بدّ من ذكرها وملاحظتها عند استخراج الضروب المنتجة، بخلاف الشرطين الخاصَّين لكلِّ شكل من الأشكال الثلاثة الأولى (الشكل الأوَّل، والشكل الثاني، والشكل الثالث) فإنَّها تغني عن الشروط العامَّة؛ ولذلك لم نذكرها في كلِّ شكل ولم نقل بوجوب ملاحظتها عند استخراج الضروب المنتجة، بل اكتفينا بالشرطين الخاصَّين لكلِّ شكل.

 

 

173


120

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

ب. الشرط الرابع: أن لا تكون إحدى مقدِّماته سالبة جزئيَّة.

 

ج. الشرط الخامس: كلِّيَّة الصغرى إذا كانت المقدِّمتان موجبتين، فلو أنَّ الصغرى كانت موجبة جزئيَّة، لما جاز أن تكون الكبرى موجبة، بل يجب أن تكون سالبة.

 

3. ضروبه المنتجة

بحسب الشروط الخمسة لهذا الشكل تكون الضروب المنتجة منه خمسة فقط، إذ:

- بالشرط الأوَّل (أن لا يتألَّف من سالبتين) تسقط أربعة ضروب حاصل ضرب السالبتين في السالبتين.

 

- وبالشرط الثاني (أن لا يتألَّف من جزئيَّتين) تسقط ثلاثة ضروب: الجزئيَّتان سواء أكانتا موجبتين أم مختلفتين بالإيجاب والسلب.

 

- وبالشرط الثالث (أن لا يتألَّف من صغرى سالبة كلِّيَّة وكبرى موجبة جزئيَّة) يسقط هذا الضرب نفسه.

 

- وبالشرط الرابع (أن لا تكون إحدى مقدِّماته سالبة جزئيَّة) يسقط ضربان: السالبة الجزئيَّة صغرى أو كبرى مع الموجبة الكلِّيَّة.

 

- وبالشرط الخامس (كلِّيَّة الصغرى إذا كانت المقدِّمتان موجبتين) يسقط ضرب واحد، وهو الموجبة الجزئيَّة الصغرى مع الموجبة الكلِّيَّة الكبرى.

 

 

174

 


121

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

المفاهيم الرئيسة

 

الشكل الثاني

- هو ما كان الحدّ الأوسط فيه محمولًا في المقدِّمتين، ولذلك كان أبعد من الشكل الأوَّل عن الطبع، ويحتاج الالتفات إلى إنتاجه إلى نوعٍ من الفطنة والدراية الخاصَّتين.

 

- له شرطان خاصَّان هما: اختلاف المقدِّمتين في الكيف، وكلِّيَّة الكبرى.

 

- لا ينتج إلَّا سوالب.

 

- ضروبه المنتجة أربعة، هي:

•         الضرب الأوَّل: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة كلِّيَّة.

•         الضرب الثاني: من صغرى سالبة كلِّيَّة وكبرى موجبة كلِّيَّة، ينتج سالبة كلِّيَّة.

•         الضرب الثالث: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

•         الضرب الرابع: من صغرى سالبة جزئيَّة وكبرى موجبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

 

الشكل الثالث

- هو ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في المقدِّمتين، ولذلك كان أبعد من الشكلين: الأوَّل والثاني، مع الحاجة إلى الفطنة والدراية للالتفات إلى إنتاجيته.

 

- له شرطان خاصَّان: إيجاب الصغرى، وكلِّيَّة إحدى المقدِّمتين.

 

- لا ينتج إلَّا جزئيَّات.

 

- ضروبه المنتجة ستَّة، هي:

•         الضرب الأوَّل: من موجبتين كلِّيَّتين، ينتج موجبة جزئيَّة.

•         الضرب الثاني: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

•         الضرب الثالث: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى موجبة كلِّيَّة، ينتج موجبة جزئيَّة.الضرب الرابع: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى موجبة جزئيَّة، ينتج موجبة جزئيَّة.

•         الضرب الخامس: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى سالبة جزئيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

 

 

177

 


122

الدرس الثالث عشر: أشكال القياس (1)

•         الضرب السادس: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

 

الشكل الرابع

- هو ما كان الحدّ الأوسط فيه موضوعًا في الصغرى محمولًا في الكبرى، ولذلك كان أبعد الأشكال عن الطبع، وكان غير بديهيّ الإنتاج، ولأجل ذلك كلّه كان الأقلّ استعمالًا في البراهين في سائر العلوم.

 

- شروطه خمسة: أن لا يتألَّف من سالبتين، أن لا يتألَّف من جزئيَّتين، أن لا يتألَّف من صغرى سالبة كلِّيَّة وكبرى موجبة جزئيَّة، أن لا تكون إحدى مقدِّماته سالبة جزئيَّة، وكلِّيَّة الصغرى إذا كانت المقدِّمتان موجبتين.

 

- ينتج جميع المحصورات ما عدا الموجبة الكلِّيَّة.

 

- ضروبه المنتجة خمسة:

•         الضرب الأوَّل: من موجبتين كلِّيَّتين، ينتج موجبة جزئيَّة.

•         الضرب الثاني: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى موجبة جزئيَّة، ينتج موجبة جزئيَّة.

•         الضرب الثالث: من صغرى سالبة كلِّيَّة وكبرى موجبة كلِّيَّة، ينتج سالبة كلِّيَّة.

•         الضرب الرابع: من صغرى موجبة كلِّيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

•         الضرب الخامس: من صغرى موجبة جزئيَّة وكبرى سالبة كلِّيَّة، ينتج سالبة جزئيَّة.

 

178

 


123

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

تمارين

 

املأ الجدول الآتي بملاحظة الأقيسة الآتية وتحديد شكل كلّ قياسٍ منها، وما إذا كان منتجًا أو عقيمًا، وفي حال كانت عقيمًا بيِّن السبب في ذلك في خانة السبب، وفي حال كان منتجًا اكتب النتيجة المناسبة في خانة النتيجة.

 

         

 

القياس

الشكل

منتج/ عقيم

السبب

النتيجة

أ.

- الصغرى: كلّ إنسان حيوان
- الكبرى: كلّ حمار حيوان

 

 

 

 

ب.

- الصغرى: كلّ معدن موصل للحرارة

- الكبرى: كلّ معدن عنصر بسيط

 

 

 

 

ج.

- الصغرى: لا شيء من الزبيب بثمر

- الكبرى: كلّ زبيب نبات

 

 

 

 

د.

- الصغرى: كلّ برتقال فاكهة

- الكبرى: لا شيء من الفاكهة بمعدن

 

 

 

 

ه.

- الصغرى: كلّ شاعر إنسان

- الكبرى: ليس بعض الناطق شاعر

 

 

 

 

و.

- الصغرى: كلّ ماء سائل

- الكبرى: بعض السائل يلتهب بالنار

 

 

179

 


124

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

ز.

- الصغرى: ليس بعض الموجود بممكن
- الكبرى: كلّ حادثٍ ممكن

 

 

 

 

ح.

- الصغرى: كلّ كائنٍ فانٍ هو جائز الخطأ

- الكبرى: كلّ إنسانٍ هو كائنٌ فانٍ

 

 

 

 

ط.

- الصغرى: بعض المرّ ليس بدواء

- الكبرى: لا دواء يخلو من فائدة

 

 

 

 

ي.

- الصغرى: بعض الأسماء معربة

- الكبرى: لا شيء من المبني بمعرب

 

 

 

 

ك.

- الصغرى: كلّ خمرٍ مسكر

- الكبرى: لا شيء من المسكر بحلال

 

 

 

 

ل.

- الصغرى: بعض الإخوان مخلص

- الكبرى: لا شيء من المخلص بخائن  

 

 

 

180


125

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

أسئلة حول الدرس

 

1. بيِّن الفرق بين الشكلين الثاني والثالث والشكل الأوَّل من حيث بداهة الإنتاج ووضوحه.

 

2. بيِّن السبب في كون الشكل الثاني لا يُنتج إلَّا السوالب، وحاول أن تستكشف الوجه في كون الشكل الثالث لا يُنتج إلَّا الجزئيَّات.

 

3. اذكر مثالًا لكلِّ ضربٍ من الضروب المنتجة من الشكل الثالث.

 

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

 

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان وسابقه، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص384-431.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص84-85-87-114.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص165-203.

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص190-207.

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص102-142.

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص349-386.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص214-233.

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص161-188.

 

 

 

181

 

 


126

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

الدرس الخامس عشر

الاقترانيّ الشرطيّ

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة ماهيَّة القياس الاقترانيّ الشرطيّ وحدوده.

2. معرفة أقسام القياس الشرطيّ باعتبار المقدِّمات التي يتألَّف منها.

3. معرفة كيفيَّة استخراج النتيجة من كلِّ قسمٍ من هذه الأقسام.

 

 

 

182

 


127

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

تمهيد

تقدَّم أنَّ القياس الاقترانيّ ينقسم إلى حمليّ وشرطيّ. وقد أنهينا الكلام في القياس الاقترانيّ الحمليّ وحدوده وأشكاله الأربعة، وحان الكلام في القياس الاقترانيّ الشرطيّ.

 

القياس الاقترانيّ الشرطيّ

1 - تعريفه

تقدَّم أنَّ الاقترانيّ الشرطيّ هو الذي يتألَّف من قضيَّتين شرطيَّتين أو قضيَّتين إحداهما شرطيَّة والأخرى حمليَّة.

 

2 - حدوده

أمَّا حدوده فهي حدود الاقترانيّ الحمليّ ذاتها: (الأصغر، الأوسط، والأكبر)، وبالتعريف المتقدِّم لها هناك.

 

3 - تقسيمه باعتبار مقدِّماته التي يتألَّف منها

 

ينقسم القياس الاقترانيّ الشرطيّ باعتبار المقدِّمات التي يتألَّف منها إلى أقسامٍ خمسة:

فقد يتألَّف من متَّصلتين، أو منفصلتين، أو مختلفتين بالاتِّصال والانفصال، أو من حمليَّة ومتَّصلة، أو من حمليَّة ومنفصلة. فهذه أقسام خمسة.

 

والمهمّ هو معرفة كيفيَّة استخراج النتيجة في كلِّ قسمٍ من هذه الأقسام. وإليك بيانه:

 

184

 


128

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

القسم الأوَّل: المؤلَّف من متَّصلتين

ويُشترط في المتَّصلتين اللتين يتألَّف منهما أن تكونا لزوميَّتين، لأنَّ الاتِّفاقيَّات لا حكم لها في الإنتاج، نظرًا إلى أنَّ العلاقة بين حدودها ليست ذاتيَّة.

 

مثال:

 

 الصغرى: كلَّما كان الإنسان عاقلًا قنع بما يكفيه

 الكبرى: كلَّما قنع بما يكفيه استغنى

 النتيجة: كلّما كان الإنسان عاقلًا استغنى

 

وكما نرى - في هذا المثال - لا يختلف هذا القياس في صورته عن قسيمه الاقترانيّ الحمليّ من اشتراك مقدّمتيه بالجزء المتكرِّر فيهما.

 

ومن هنا يمكن أن تأتي منهما الأشكال الأربعة للاقترانيّ الحمليّ بشروطها في الكمّ والكيف. وعليه، لا وجه للإعادة والتكرار.

 

القسم الثاني: المؤلَّف من منفصلتين

لتيسير جعل هذا القسم منتجًا وتسهيل الوصول إلى المطلوب يُحوَّل إلى القسم الأوَّل أي إلى مؤلَّف من متَّصلتين متوفِّرتين على حدٍّ أوسط مشتركٍ بينهما ليتسنَّى للمستدلّ تأليف الأشكال الأربعة منه وبالتقرير المتقدِّم.

 

ويجري هذا التأليف باتِّباع الخطوات الآتية:

أ. الخطوة الأولى

تحويل مقدِّمتيه المنفصلتين إلى المتَّصلات التي يمكن أن تتحوَّل إليها، وتختلف طبيعة المتَّصلات التي تُحوَّل إليها باختلاف طبيعة المنفصلة:

- فإذا كانت المنفصلة حقيقيَّةً: فإنَّها تُحوَّل إلى متَّصلاتٍ أربع:

•         متَّصلتان مقدَّم كلّ واحدة منهما عين أحد الطرفين، والتالي نقيض الآخر

 

 

185

 


129

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

•         ومتَّصلتان مقدَّم كلّ واحدةٍ منهما نقيض أحد الطرفين، والتالي عين الآخر.

 

مثاله: المنفصلة الحقيقيَّة (العدد إمَّا زوج أو فرد) فإنَّها تُحوَّل إلى المتَّصلات الأربع الآتية:

•         إذا كان العدد زوجًا فهو ليس بفرد.

•         إذا كان العدد فردًا فهو ليس بزوج.

•         إذا لم يكن العدد زوجًا فهو فرد.

•         إذا لم يكن العدد فردًا فهو زوج.

 

- وإذا كانت المنفصلة مانعة جمع: فإنَّها تتحوَّل إلى متَّصلتين مقدَّم كلّ واحدةٍ منهما عين أحد الطرفين والتالي نقيض الطرف الآخر.

 

مثاله: مانعة الجمع (الشيء إمَّا شجر أو حجر) تُحوَّل إلى:

•         إذا كان الشيء شجرًا فهو ليس بحجر.

•         إذا كان الشيء حجرًا فهو ليس بشجر.

 

- وإذا كانت المنفصلة مانعة خلوّ: فإنَّها تتحوَّل إلى متَّصلتين مقدَّم كلّ واحدة منهما نقيض أحد الطرفين والتالي عين الطرف الآخر.

 

مثاله: مانعة الخلوّ (زيدٌ إمَّا في الماء أو لا يغرق) تُحوَّل إلى:

•         إذا لم يكن زيد في الماء فهو لا يغرق.

•         إذا غرق زيدٌ فهو في الماء.

 

ب. الخطوة الثانية

ملاحظة المتَّصلات التي تمّ تحويل المنفصلتين إليها، واختيار المتَّصلتين اللتين يمكن أن تؤلِّفا واحدًا من الأشكال الأربعة، وذلك بتوافرهما على الحدّ الأوسط المشترك بينهما بوروده في كلٍّ منهما.

 

وهنا نأخذ للتطبيق المثال الآتي، وهو:

 

 

186

 


130

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

لو أنَّ حاكمًا جيء له بمتَّهمٍ في قتل وعلى ثوبه بقعةٌ حمراء، ادَّعى المتَّهم أنَّها حبر، فأوَّل شيءٍ يصنعه الحاكم لأجل التوصُّل إلى إبطال دعوى المتَّهم أو تأييده أن يقول:

- هذه البقعة إمَّا دم أو حبر (مانعة جمع)

- وهي إمَّا دم أو لا تزول بالغسل (مانعة خلوّ)

 

فتُحوَّل مانعة الجمع إلى المتَّصلتين:

1 - كلَّما كانت البقعة دمًا فهي ليست بحبر

2 - كلَّما كانت البقعة حبرًا فهي ليست بدم

 

وتُحوَّل مانعة الخلوّ إلى المتَّصلتين:

3 - كلَّما لم تكن البقعة دمًا فلا تزول بالغسل

4 - كلَّما زالت البقعة بالغسل فهي دم

 

وبملاحظة المتَّصلتين رقم (1)، و(2) بالمتَّصلتين رقم (3) و(4) تحدث أربع صور:

اثنتان منها لا يتكرَّر فيهما حدٌّ أوسط، وهما المؤلَّفتان من رقم (1) و(3) ومن رقم (2) و(4).

 

أمَّا المؤلَّفة من رقم (1) و(4) فهي من الشكل الأوَّل إذا جعلنا رقم (4) صغرى، وفق الآتي:

- الصغرى: كلَّما زالت البقعة بالغسل فهي دم

- الكبرى: كلَّما كانت البقعة دمًا فهي ليست بحبر

 

فينتجان:

كلَّما كانت البقعة تزول بالغسل فهي ليست بحبر.

 

وأمَّا المؤلَّفة من رقم (2) و(3) فهي من الشكل الأوَّل أيضًا، وفق الآتي:

- الصغرى: كلَّما كانت البقعة حبرًا فهي ليست بدم

- الكبرى: كلَّما لم تكن البقعة دمًا فلا تزول بالغسل

 

فينتجان:

كلَّما كانت البقعة حبرًا فلا تزول بالغسل.

 

 

187

 


131

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

القسم الثالث: المؤلَّف من متَّصلة ومنفصلة

لأجل أن يكون القياس منه منتجًا تُحوَّل المنفصلة فيه إلى متَّصلة فيرجع إلى القسم الأوَّل، وينتج حينئذٍ أحد الأشكال الأربعة كما تقرَّر في القسم الأوَّل المؤلَّف من المتَّصلتين.

 

القسم الرابع: المؤلَّف من حمليَّة ومتَّصلة

ويكون أخذ النتيجة في هذا القسم باتِّباع الخطوات الآتية:

أ. الخطوة الأولى

مقارنة الحمليَّة مع طرف المتَّصلة الذي وقعت فيه الشركة، وتأليف قياسٍ حمليٍّ منهما من أحد الأشكال الأربعة حاويًا على شروط الشكل، لينتج قضيَّة حمليَّة.

 

ب. الخطوة الثانية

أَخْذُ نتيجةِ التأليف السابق، وهي الحمليَّة الناتجة، وجعلها مع طرف المتَّصلة الآخر الخالي من الاشتراك لتؤلَّف منهما النتيجة متَّصلة، أحد طرفيها طرف المتَّصلة الخالي من الاشتراك سواء أكان مقدَّمًا أم تاليًا، فيُجعل أيضًا مقدَّمًا أو تاليًا، والطرف الثاني الحمليَّة الناتجة من التأليف السابق.

 

مثال:

 

- الصغرى (شرطيَّة متَّصلة): كلَّما كان المعدن ذهبًا كان نادرًا

- الكبرى (حمليَّة): كلّ نادرٍ ثمين

النتيجة: كلَّما كان المعدن ذهبًا كان ثمينًا

 

فقد ألَّفنا في هذا المثال قياسًا حمليًّا من تالي المتَّصلة ونفس الحمليَّة أنتج من الشكل الأوَّل (كان المعدن ثمينًا)، ثمَّ جعلنا هذه النتيجة تاليًا للنتيجة المتَّصلة مقدَّمها مقدَّم المتَّصلة الأولى، وهو طرفها الذي لم تقع فيه الشركة.

 

 

188

 

 


132

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

القسم الخامس: المؤلَّف من حمليَّة ومنفصلة

ويكون أخذ النتيجة في هذا القسم بإسقاط الحدّ المشترك، وأَخْذِ جزء الحمليَّة الباقي مكانه في النتيجة التي هي منفصلة أيضًا. وهو على منهاج الشكل الأوَّل في الحمليّ.

 

 

189


133

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

مثال:

 

- الصغرى (حمليَّة): الثلاثة عدد

- الكبرى (شرطيَّة منفصلة): العدد إمَّا زوج أو فرد

النتيجة: الثلاثة إمَّا زوج أو فرد.

 

فقد أسقطنا في هذا المثال الحدّ المشترك، وهو كلمة (عدد)، وأخذنا جزء الحمليَّة الباقي -وهو كلمة (الثلاثة)- مكانه في النتيجة التي هي منفصلة.

 

المفاهيم الرئيسة

- القياس الاقترانيّ الشرطيّ هو الذي يتألَّف من قضيَّتين شرطيَّتين أو قضيَّتين إحداهما شرطيَّة والأخرى حمليَّة.

- حدود الاقترانيّ الشرطيّ هي حدود الاقترانيّ الحمليّ ذاتها: (الأصغر، الأوسط، والأكبر).

 

- ينقسم الاقترانيّ الشرطيّ باعتبار المقدِّمات التي يتألَّف منها إلى أقسامٍ خمسة:

•         القسم الأوَّل: المؤلَّف من متَّصلتين:

ويتبع هذا القسم القياس الاقترانيّ الحمليّ حذو القُذَّة بالقُذَّة، من جهة تأليفه للأشكال الأربعة، ومن جهة شروطها في الكمّ والكيف، ومن جهة النتائج.

 

•         القسم الثاني: المؤلَّف من منفصلتين:

وفي هذا القسم لا يمكن استخراج النتيجة من المنفصلتين بما هما من منفصلتين، بل لا بدَّ من تحويل كلٍّ منهما إلى المتَّصلات التي تحوَّل إليها، ثمَّ التأليف بين هذه المتَّصلات المحوَّلة عن المنفصلة الأولى وبين المتَّصلات المحوَّلة عن المنفصلة الثانية المشتركة في حدٍّ أوسط بينها. وعليه يرجع الأمر إلى القسم الأوَّل وهو المؤلَّف من متَّصلتين.

 

أمَّا تحويل المنفصلة إلى متَّصلة، فيختلف باختلاف طبيعة المنفصلة:

- فإنَّ المنفصلة الحقيقيَّة تُحوَّل إلى متَّصلات أربع:

•         متَّصلتان مقدَّم كلّ واحدة منهما عين أحد الطرفين، والتالي نقيض الآخر.

•         ومتَّصلتان مقدَّم كلّ واحدةٍ منهما نقيض أحد الطرفين، والتالي عين الآخر.

 

- والمنفصلة مانعة الجمع تُحوَّل إلى متَّصلتين مقدَّم كلّ واحدةٍ منهما عين أحد الطرفين والتالي نقيض الطرف الآخر.

 

- أمَّا المنفصلة مانعة الخلوّ: فإنَّها تُحوَّل إلى متَّصلتين مقدَّم كلّ واحدة منهما نقيض أحد الطرفين والتالي عين الطرف الآخر.

 

 

190

 


134

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

•         القسم الثالث: المؤلَّف من متَّصلة ومنفصلة:

ويكون استخراج النتيجة في هذا القسم بتحويل المنفصلة -بحسب طريقة التحويل المتقدِّمة- إلى المتَّصلات التي تحوَّل إليها، ثمّ التأليف بين المتَّصلة الأصليَّة والمتَّصلة المحوَّلة عن المنفصلة التي تشترك معها في الحدّ الأوسط، وبهذا يعود بنا التأليف إلى القسم الأوَّل المؤلَّف من متَّصلتين.

 

•         القسم الرابع: المؤلَّف من حمليَّة ومتَّصلة:

ويكون استخراج النتيجة في هذا القسم بمقارنة الحمليَّة مع طرف المتَّصلة الذي وقعت فيه الشركة، وتأليف قياسٍ حمليٍّ منهما من أحد الأشكال الأربعة حاويًا على شروط الشكل، لينتج قضيَّة حمليَّة، ثمّ جعل هذه الحمليَّة الناتجة مع طرف المتَّصلة الآخر الخالي من الاشتراك لتؤلَّف منهما النتيجة متَّصلة، أحد طرفيها طرف المتَّصلة الخالي من الاشتراك سواء أكان مقدَّمًا أم تاليًا، فيُجعل أيضًا مقدَّمًا أو تاليًا، والطرف الثاني الحمليَّة الناتجة من التأليف السابق.

 

•         القسم الخامس: المؤلَّف من حمليَّة ومنفصلة:

ويكون استخراج النتيجة في هذا القسم بإسقاط الحدّ المشترك، وأَخْذِ جزء الحمليَّة الباقي مكانه في النتيجة التي هي منفصلة أيضًا.

 

191

 


135

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

تمرين

لاحِظ الاقترانات الشرطيَّة الآتية، وحدِّد إلى أيِ قسمٍ من أقسام الاقترانيّ الشرطيّ يرجع كلّ واحدٍ منها، ثمَّ سِرْ بالخطوات التفصيليَّة لاستخراج النتيجة منها، واكتب أخيرًا النتيجة المناسبة التي تلزم عن مقدمتَي كلٍّ منها:

 

أ.        

الصغرى: لا أحد من الأحرار بذليل

الكبرى: كلَّما كانت الحكومة ظالمة، فكلّ موجود في البلد ذليل

ب.        

الصغرى: كلَّما كان الشيء ذهبًا كان معدنًا

الكبرى: ليس البتَّة إذا كان الشيء حيوانًا كان معدنًا

ج.        

الصغرى: كلّ متحرِّك جسم

الكبرى: كلّ جسم إمَّا نبات أو حيوان أو جماد

د.        

الصغرى: كلَّما كان العالم عاملًا كان محبوبًا

الكبرى: دائمًا إمَّا أن يكون العالم محبوبًا أو مكروهًا

ه.        

الصغرى: إذا كان الجسم حديدًا كان معدنًا

الكبرى: كلّ معدن يتمدَّد بالحرارة

و.        

الصغرى: هذا الحيوان إمَّا إنسان أو فرس

الكبرى: هذا الحيوان إمَّا إنسان أو غير ناطق

ز.        

الصغرى: كلَّما كان الشكل مثلَّثًا كان شكلًا مستويًا

الكبرى: كلَّما كان الشكل مثلَّثًا كان ذا زوايا ثلاث

ح.        

الصغرى: كلّ حيوان إمَّا ناطق وإمَّا صاهل

الكبرى: كلّ صاهلٍ فرس

ط.        

الصغرى: كلَّما كان هذا الجسم مفرِّقًا للبصر فهو أبيض

الكبرى: دائمًا إمَّا أن يكون هذا الجسم أبيض أو أسود

 

 

192

 


136

الدرس الرابع عشر: أشكال القياس (2)

أسئلة حول الدرس

1. اشرح كيفيَّة استخراج النتيجة من قياس اقترانيّ شرطيّ مؤلَّف من حمليَّة ومتَّصلة، ثمَّ طبِّق ذلك على قياسٍ من تأليفك.

 

2. تحدَّث عن طريقة تحويل القضايا المنفصلة إلى متَّصلة، ثمَّ بيِّن خطوات استخراج النتيجة من قياس اقترانيّ شرطيّ مؤلَّف من منفصلتين.

 

 

193


137

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص432-443.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص114-119.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص204-206.

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص207-211.

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص143-174.

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص387-390.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص235-249.

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص189-191.

 

194

 


138

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

الدرس السادس عشر

القياس الاستثنائيّ

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة حقيقة القياس الاستثنائيّ وكيفيَّة تأليفه.

2. معرفة انقسام القياس الاستثنائيّ إلى اتِّصاليّ وانفصاليّ.

3. معرفة طريقة أخذ النتيجة من القياس الاستثنائيّ الاتِّصاليّ.

4. معرفة طريقة أخذ النتيجة من القياس الاستثنائيّ الانفصاليّ.

 

195

 

 

 


139

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

تمهيد

تقدَّم في أوَّل مبحث القياس أنَّ القياس ينقسم تقسيمًا أوَّليًّا إلى اقترانيّ واستثنائيّ باعتبار التصريح بالنتيجة أو بنقيضها في إحدى مقدِّمتيه وعدمه، وأنَّ الاقترانيّ منهما ينقسم بدوره إلى حمليّ وشرطيّ باعتبار طبيعة المقدِّمات التي يتألَّف منها. وقد أنهينا الكلام فيما سبق في القياس الاقترانيّ بقسميه، وحان الوقت للكلام في القياس الاستثنائيّ وأقسامه وطريقة أخذ النتيجة منها.

 

القياس الاستثنائيّ

1 - تعريفه

القياس الاستثنائيّ -على ما تقدَّم- هو ما صُرِّح في إحدى مقدِّمتيه بالنتيجة أو بنقيضها.

 

2 - تنبيه

لـمَّا كان القياس الاستثنائيّ يُذكر فيه بالفعل إمَّا عين النتيجة أو نقيضها، تجدر الإشارة إلى أنَّه يستحيل أن تكون النتيجة مذكورة بعينها أو بنقيضها على أنّها مقدِّمة مستقلَّة مسلَّم بصدقها، لأنَّه حينئذ يكون الإنتاج مصادرةً على المطلوب. وعليه، فمعنى أنَّها مذكورة بعينها أو بنقيضها أنّها مذكورة على أنّها جزءٌ من مقدِّمة.

 

ولـمَّا كانت هي بنفسها قضيَّة، ومع ذلك تكون جزء قضيَّة، فلا بدَّ أن يُفرض أنَّ المقدِّمة المذكورة فيها قضيَّة شرطيَّة، لأنَّها تتألَّف من قضيَّتين بالأصل.

 

وعليه، يجب أن تكون إحدى مقدِّمتَي هذا القياس شرطيَّة. أمَّا المقدِّمة الأخرى فهي

 

 

197

 


140

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

الاستثنائيَّة، أي المشتملة على أداة الاستثناء التي من أجلها سُمِّيَ القياس استثنائيًّا.

 

مثال:

 

- المقدِّمة الشرطيَّة: كلَّما كان الماء جاريًا كان معتصمًا

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: لكنّ هذا الماء جارٍ

النتيجة: فهو معتصم

 

3 - أقسامه

لـمَّا كانت إحدى مقدِّمتَي القياس الاستثنائيّ شرطيَّة، فإنَّ هذه المقدِّمة الشرطيَّة قد تكون متَّصلة وقد تكون منفصلة، وبحسبها ينقسم القياس الاستثنائيّ إلى: اتِّصاليّ وانفصاليّ.

 

4 - شروطه

ويشترط في هذا القياس ثلاثة أمور:

أ. كلِّيَّة إحدى المقدِّمتين: فلا ينتج من جزئيَّتين.

ب. أن لا تكون الشرطيَّة اتِّفاقيَّة: بل يجب أن تكون لزوميَّة إن كانت متَّصلة، وعناديَّة إن كانت منفصلة.

ج. إيجاب الشرطيَّة: ومعنى هذا الشرط في المتَّصلة خاصَّة أنَّ السالبة تحوَّل إلى موجبة لازمة لها فتوضع مكانها.

 

ولكلٍّ من القسمين المتقدِّمين حكمٌ في الإنتاج، ونحن نذكرهما في ما يأتي بالتفصيل:

حكم الاستثنائيّ الاتِّصاليّ

لأخذ النتيجة من الاستثنائيّ الاتِّصاليّ طريقتان:

الطريقة الأولى: استثناء عين المقدَّم لينتج عين التالي.

 

 

198

 


141

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

مثال:

 

- المقدِّمة الشرطيَّة: كلَّما كان الماء جاريًا كان معتصمًا

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: لكنّ هذا الماء جارٍ

النتيجة : فهو معتصم

 

وتجدر الإشارة إلى أنَّ استثناء عين التالي لا يجب أن ينتج عين المقدَّم، فلو قلنا في المثال: "لكنَّه معتصم" فإنّه لا ينتج "فهو جارٍ" لجواز أن يكون معتصمًا وهو راكدٌ كثير.

 

الطريقة الثانية: استثناء نقيض التالي لينتج نقيض المقدَّم.

 

مثال:

 

- المقدِّمة الشرطيَّة: كلَّما كان الماء جاريًا كان معتصمًا

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: لكنّ هذا الماء ليس بمعتصم

   النتيجة : فهو ليس بجارٍ

 

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنَّ استثناء نقيض المقدَّم لا يجب أن ينتج نقيض التالي، فلو قلنا في المثال: "لكنّه ليس بجارٍ" فإنّه لا ينتج "ليس بمعتصم" لجواز أن لا يكون جاريًا وهو معتصم، لأنَّه كثير.

 

حكم الاستثنائيّ الانفصاليّ

لأخذ النتيجة من الاستثنائيّ الانفصاليّ ثلاث طرق، تختلف باختلاف طبيعة المنفصلة:

1. إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة حقيقيَّة

فإنَّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر، واستثناء نقيض أحدهما يُنتج عين الآخر.

 

 

199

 


142

الدرس الخامس عشر: الاقترانيّ الشرطيّ

مثال:

إذا قلت: العدد إمَّا زوجٌ أو فرد.

 

فإنَّ الاستثناء يقع على أربع صور، هكذا:

أ.

لكنّ هذا العدد زوج

 

ينتج

 

فهو ليس بفرد

ب.

لكنّ هذا العدد فرد

 

ينتج

 

فهو ليس بزوج

ج.

لكنّ هذا العدد ليس بزوج

 

ينتج

 

فهو فرد

د.

لكنّ هذا العدد ليس بفرد

 

ينتج

 

فهو زوج

 

وهو واضحٌ لا عسر فيه. هذا إذا كانت المنفصلة ذات جزأين.

 

وقد تكون ذات ثلاثة أجزاء فأكثر، مثل: (الكلمة إمّا اسم أو فعل أو حرف)

 

فإذا استثنيت عين أحدها فقلت مثلًا: "لكنَّها اسم"

 

فإنّه يُنتج حمليّات بعدد الأجزاء الباقية فتقول: "فهي ليست فعلًا وليست حرفًا".

 

وإذا استثنيت نقيض أحدهما فقلت مثلًا: "لكنَّها ليست اسماً"

 

فإنَّه يُنتج منفصلة من أعيان الأجزاء الباقية فتقول: "فهذه الكلمة إمَّا فعل أو حرف".

 

وقد يجوز بعد هذا أن تعتبر هذه النتيجة مقدِّمةً لقياسٍ استثنائيٍّ آخر، فتستثني عين أحد أجزائها أو نقيضه لينحصر في جزءٍ معيّن.

 

وهكذا يمكن أن تستعمل هذه الطريقة لو كانت أجزاء المنفصلة أكثر من ثلاثة، فتستوفي الاستثناءات حتَّى يبقى قسمٌ واحدٌ ينحصر فيه الأمر. وقد تُسمَّى هذه الطريقة طريقة الدوران والترديد، أو برهان السبر والتقسيم، أو برهان الاستقصاء. وهذه الطريقة نافعة كثيرًا في المناظرة والجدل.

 

2. إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة مانعة جمع

فإنَّ استثناء عين أحد الطرفين يُنتج نقيض الآخر. ولا يُنتج استثناء نقيض أحدهما عين

 

200

 


143

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

الآخر، لأنَّ المفروض أنَّه يجوز أن يخلو الواقع منهما، فلا يلزم من كذب أحدهما صدق الآخر.

 

مثال:

إذا قلت: هذا الشيء إمَّا حجر أو شجر

 

فيقال في الاستثناء:

أ.

لكنّه حجر

ينتج

فهو ليس بشجر

 

 

أو

 

ب.

لكنَّه شجر

ينتج

فهو ليس بحجر

 

3. إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة مانعة خلوّ

فإنَّ استثناء نقيض أحد الطرفين يُنتج عين الآخر. ولا يُنتج استثناء عين أحدهما نقيض الآخر، لأنَّ المفروض أنَّه لا مانع من الجمع بين العينين، فلا يلزم من صدق أحدهما كذب الآخر.

 

مثال:

إذا قلت: دائمًا إمَّا زيدٌ في الماء أو لا يغرق

 

فيُقال في الاستثناء:

أ.        لكنّه ليس في الماء   ينتج      فهو لا يغرق

                    أو       

ب.      لكنَّه يغرق ينتج      فهو في الماء.

 

 

201

 


144

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

المفاهيم الرئيسة

- القياس الاستثنائيّ هو ما صُرِّح بالنتيجة أو بنقيضها في إحدى مقدِّمتيه.

 

- معنى أنَّ النتيجة مذكورة بعينها أو بنقيضها أنّها مذكورة على أنّها جزءٌ من مقدِّمة.

 

- يتألَّف القياس الاستثنائيّ من مقدِّمة شرطيَّة، وأخرى استثنائيَّة، أي مشتملة على أداة الاستثناء التي من أجلها سُمِّيَ القياس استثنائيًّا.

 

- ينقسم القياس الاستثنائيّ -بحسب المقدِّمة الشرطيَّة فيه- إلى: اتِّصاليّ وانفصاليّ.

 

- يشترط في القياس الاستثنائيّ ثلاثة أمور:

•         الأوَّل: كلِّيَّة إحدى المقدِّمتين.

•         الثاني: أن لا تكون الشرطيَّة اتِّفاقيَّة.

•         الثالث: إيجاب الشرطيَّة.

 

- لأخذ النتيجة من الاستثنائيّ الاتِّصاليّ طريقتان:

•         الطريقة الأولى: استثناء عين المقدَّم ليُنتج عين التالي.

•         الطريقة الثانية: استثناء نقيض التالي ليُنتج نقيض المقدَّم.

 

- لأخذ النتيجة من الاستثنائيّ الانفصاليّ ثلاث طرق، تختلف باختلاف طبيعة المنفصلة:

•         إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة حقيقيَّة: فإنَّ استثناء عين أحد الطرفين يُنتج نقيض الآخر، واستثناء نقيض أحدهما يُنتج عين الآخر.

 

•         إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة مانعة جمع: فإنَّ استثناء عين أحد الطرفين ينتج نقيض الآخر. ولا يُنتج استثناء نقيض أحدهما عين الآخر.

 

•         إذا كانت الشرطيَّة المنفصلة مانعة خلوّ: فإنَّ استثناء نقيض أحد الطرفين يُنتج عين الآخر. ولا يُنتج استثناء عين أحدهما نقيض الآخر.

 

 

202

 


145

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

تمارين

1. لاحِظ الأقيسة الاستثنائيَّة، وحدِّد نوع كلٍّ منها ما إذا كان اتِّصاليًّا أم انفصاليًّا، وما إذا كان منتجًا لنتيجة لازمة أم غير منتج، وفي حال لم يكن منتجًا لنتيجة لازمة بيِّن السبب في خانة السبب، وإن كان منتجًا لنتيجة لازمة اكتب النتيجة في الخانة الأخيرة خانة النتيجة.

 

القياس

اتِّصاليّ/ انفصاليّ

منتج/ غير منتج

سبب عدم إنتاج نتيجة لازمة

النتيجة التي تلزم عنه

أ.        - المقدِّمة الشرطيَّة: إن كانت الشمس طالعة فالكواكب خفيَّة

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: ولكنّ الشمس طالعة

 

 

 

                             

ب.      - المقدِّمة الشرطيَّة: هذه المنفصلة إمَّا حقيقيَّة أو مانعة جمع أو مانعة خلوّ

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: ولكنَّها حقيقيَّة   

 

 

 

 

ج.       - المقدِّمة الشرطيَّة: هذه المنفصلة إمَّا حقيقيّة أو مانعة جمع أو مانعة خلوّ

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: ولكنَّها ليست مانعة جمع

 

 

 

                                       

د.        - المقدِّمة الشرطيَّة: إن كان الإنسان حيوانًا فالإنسان جسم

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: لكنَّ الإنسان ليس حيوانًا

 

 

 

 

ه.       - المقدِّمة الشرطيَّة: إمَّا أن لا يكون زيدٌ نباتًا وإمَّا أن لا يكون زيدٌ حيوانًا

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: ولكنَّه ليس نباتًا  

 

 

 

 

و.        - المقدِّمة الشرطيَّة: كلَّما كان الشكل مثلَّثًا كان شكلًا مستويًا

- المقدِّمة الاستثنائيَّة: ولكنَّه شكلٌ مستوٍ

 

 

203

 

 


146

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

2. ركِّب جميع المقدِّمات الاستثنائيَّة الممكنة إلى جانب المقدِّمات المتَّصلة الآتية، واستخرج النتيجة التي تلزم عنها.

أ.        كلَّما كتب زيدٌ تحرَّكت يده.

ب.      كلَّما كانت الشمس طالعةً لم يكن الليل موجودًا.

ح.       كلَّما كان الموجود ممكنًا كان محتاجًا.

د.        كلَّما وجدت النار وجدت الحرارة.

ه.       إن كان زيدٌ إنسانًا فهو مدركٌ للكلِّيَّات.

 

3. ركِّب جميع المقدِّمات الاستثنائيَّة الممكنة إلى جانب المقدِّمات المنفصلة الآتية، واستخرج النتيجة التي تلزم عنها.

 

أ.        إمَّا أن يكون هذا الجسم حيوانًا أو غير إنسان.

ب.      إمَّا أن يكون زيدٌّ عالمًا أو عاملًا.

ج.       إمَّا أن يكون هذا الإنسان أبيض أو كاتبًا.

د.        إمَّا أن يكون الشيء موجودًا أو معدومًا.

ه.       إمَّا أن يكون هذا الجسم إنسانًا أو غير حيوان.

 

204


147

الدرس السادس عشر: القياس الاستثنائيّ

أسئلة حول الدرس

1. اذكر طرق أخذ النتيجة من القياس الاستثنائيّ الاتِّصاليّ، ومثِّل لكلِّ طريقةٍ بمثال.

2. فكِّر أو ابحث في كتب المنطق عن السبب في كون استثناء عين تالي المتَّصلة لا ينتج بالضرورة عين مقدَّمها، والسبب في كون استثناء نقيض مقدَّم المتَّصلة لا يُنتج بالضرورة نقيض تاليها، واذكر مثالًا توضح فيه المسألة.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص448-452.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص119-124.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص207-209.

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص211-214.

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص175-178.

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص391-398.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص250-253.

8. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص192-195.

 

205


148

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

الدرس السابع عشر

القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

 

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة أهمِّيَّة القياس ومكانته في المنطق الأرسطيّ.

2. معرفة بعض الإشكالات التي طالت المنطق الأرسطيّ من جهة عدم صحّة القياس وأجوبتها.

3. معرفة بعض الإشكالات التي طالت المنطق الأرسطيّ من جهة عدم فائدة القياس وأجوبتها.

 

207


149

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

تمهيد

القياس هو الجزء الجوهريّ الأهمّ من منطق أرسطو، بل هو قلب المنطق الأرسطيّ، وقد وصفه ابن سينا بأنَّه العمدة في الاستدلال. أمَّا موطن الأصالة ومناط الابتكار في القياس الأرسطيّ، ففي قواعده التي كانت بسيطةً محدَّدةً مانعةً للخلط وجامعةً لكلِّ ما يمكن أن يُفكِّر فيه بشرٌ من صور الاستدلال، فإنَّ أيّ لونٍ من ألوان التفكير يمكن وضعه في صورة قياس، وتضمن صدق نتائجه ويقينيّتها بصدق المقدِّمات وانطباقها على واقع الأشياء.

 

ولكن على الرغم من أهمِّيَّة القياس ومكانته هذه بوصفه نموذج تفكير بشريٍّ موصلٍ إلى اليقين، فقد تعرَّض لعددٍ من الإشكالات التي أوردت عليه لإضعافه وهدمه، وقد جاءت هذه الإشكالات من قبل المناهضين للمنطق الأرسطيّ ومنكريه، وأرادوا بها هدم المنطق الأرسطيّ[1].

 

وقد تنوعَّت هذه الإشكالات بين من اعتبر أنَّ قواعد المنطق خاطئة من الأساس، ومن اعترف بها ولم يتمكَّن من إنكار صحَّتها، لكنَّه اعتبرها -على صحَّتها- غير مفيدة، وأنَّ العلم بها وعدمه سواء، فلا تترتَّب عليه الفائدة التي ذُكرت للمنطق من كونه "آلة لسائر العلوم"، فهو لا يصون الذهن عن الخطأ، فلا يستحقّ إضاعة الوقت. وقد أنكر صحَّة المنطق أو فائدته جمٌّ كثيرٌ من العلماء في العالمين: الإسلاميّ والغربيّ.


 


[1] وقد صبُّوا إشكالاتهم على المبحث الأساس فيه وهو القياس، فإذا استطاعوا هدمه، استطاعوا بذلك هدم المنطق الأرسطيّ بكامله، وقد ركَّزوا إشكالاتهم على الشكل الأوَّل منه باعتباره الشكل البديهيّ الإنتاج والذي ترجع إليه الأشكال الأخرى، فإذا انهدم بنيان الشكل الأوَّل، انهدم بنيان القياس بكامله، وانهدم بالتالي المنطق الأرسطيّ بأكمله.

 

209


150

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

ففي العالم الإسلاميّ تجد ممَّن أنكره من بين العرفاء والمتكلِّمين والمحدِّثين جماعة كأبي سعيد أبي الخير والسيرافي وابن تيميّة وجلال الدين السيوطي والأمين الأسترآبادي.

 

وعُرِفَ من العلماء الغربيِّين الذين حاربوا المنطق الأرسطيّ: فرانسيس بيكون، بوانكاريه، ستيوارت ميل، وبرتراند راسل وغيرهم.

 

وفي ما يأتي نعرض بعض هذه الإشكالات، وسنُقسِّمها على قسمين: الإشكالات الواردة على المنطق وتحديدًا مبحث القياس منه من جهة فائدته، والإشكالات الواردة على المنطق وتحديدًا مبحث القياس منه من جهة صحَّته. وسنورد في كلّ قسم بعض هذه الإشكالات والأجوبة التي أُجيب بها عنها.

 

الإشكالات الواردة على المنطق من جهة فائدته وأجوبتها

الإشكال الأوَّل

لو كان القياس عاصمًا عن الخطأ في النتيجة وموجبًا لليقين بصوابيَّتها لَـمَا وقع العلماء المشتغلون به في الأخطاء الكثيرة والآراء المتضادَّة والمتناقضة! فما الفائدة فيه ما دامت نتائجه غير مضمونة الصحَّة؟

 

جوابه:

1. إنَّ المنطق يتكفَّل بصحَّة شكل القياس وصورته لا بمادَّته، فهو وإن كان يدرس موادّ القضايا في مبحث الصناعات الخمس، ولكنّه يدرس هذه الموادّ من ناحية نوعها من كونها يقينيَّة أو ظنِّيَّة أو من المسلمات أو المشهورات أو المخيَّلات وما إلى ذلك، ولكن لا يدرس صدق كلّ قضيَّة بقضيَّتها أو كذبها، ولا علاقة له بذلك أصلًا، بل ترك ذلك إلى كلِّ علمٍ من العلوم بحسبه. وإذا كان كذلك، فإنَّ نتيجة القياس قد تظهر خاطئة وغير صادقة بسبب خطأ المادَّة وعدم صدقها، وإن كانت الصورة صحيحة.

 

2. إنَّ تعلُّم قواعد القياس وكيفيَّة التأليف بين القضايا تأليفًا صحيحًا، ومعرفة أقسام

 

 

210

 


151

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

القياس وأشكاله وأحكامه وشروطه لا يكفي لوحده لعدم الوقوع في الخطأ، بل لا بدَّ من مراعاة هذه القواعد والشروط بدقَّة عند التطبيق.

 

الإشكال الثاني

إنَّ صحَّة نتيجة القياس أو خطأها يتبع صحَّة المقدّمتين أو خطأهما، ولهذا ليس لهذا المنطق تأثيرٌ في تصحيح الأخطاء!

جوابه:

لا تكفي صحَّة المقدِّمات لصحَّة النتيجة، فإنَّ المقدِّمتين قد تكونان صحيحتين 100 % وتكون النتيجة مع ذلك خطأ لخطأٍ في شكل الاقتران، كما في الضروب العقيمة من القياس.

 

مثال:

 

 كل ُّ إنسانٍ حيوان

 كلُّ حصان حيوان

 

فإنَّهما لا ينتجان (كلّ إنسان حصان)، لاختلال أحد شرطي الشكل الثاني، وهو اختلاف المقدّمتين في الكيف، فإنَّهما - هنا- موجبتان.

 

الإشكالات الواردة على المنطق من جهة صحَّته وأجوبتها

الإشكال الأوَّل

هذا الإشكال مؤلَّف من مقدِّمات ثلاث:

- المقدِّمة الأولى: الشكل الأوَّل من أشكال القياس الاقترانيّ باطل للزوم الدور منه، ففي القياس المؤلَّف مثلًا من:

 

- صغرى: كلّ إنسان حيوان

- كبرى: كلّ حيوان جسم

النتيجة: كلّ إنسان جسم

 

 

211


152

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

يتوقَّف العلم بالنتيجة على العلم بالكبرى، والعلم بالكبرى يتوقَّف على العلم بالنتيجة ذلك أنّ حكمنا بأنّ كلّ حيوان جسم إنّما تمّ من خلال استقراء أفراد الحيوان ومنها الإنسان، وهذا دور، والدور باطل.

 

- المقدِّمة الثانية: إذا كان الشكل الأوَّل باطلًا فالقياس باطل، لأنَّ الشكل الأوَّل هو العمدة فيه.

 

- المقدِّمة الثالثة: إذا كان القياس باطلًا فالمنطق باطل، لأنَّ القياس هو المبحث الأساس فيه.

 

جوابه:

1. إنَّ الاستدلال على بطلان الشكل الأوَّل بلزوم الدور منه هو قياسٌ من الشكل الأوَّل، وفق الآتي:

 

- الصغرى: الشكل الأوَّل دور

- الكبرى: الدور باطل

النتيجة: الشكل الأوَّل باطل

 

وإذا كان هذا الإشكال مبنيًّا على الشكل الأوَّل الذي هو باطل، فإنَّ هذا الإشكال يكون باطلًا، لأنَّ ما بُني على باطلٍ فهو باطل.

 

2. إنكار الدور، لاختلاف العلمين في الإجمال والتفصيل، فإنَّ العلم بالنتيجة في الكبرى إجماليٌّ، وفي النتيجة بعد استخراجها من المقدِّمات تفصيليٌّ، ولا دور ولا ضير في توقُّف حصول العلم التفصيليّ على العلم الإجماليّ.

 

الإشكال الثاني

إنَّ المنطق الأرسطيّ منطق قياسيّ، وحركة القياس نزوليَّة، في حين أثبتت الدراسات الأخيرة لعلم النفس الحديث أنَّ حركة الذهن صعوديَّة دائمًا. وعليه، يكون الأسلوب والتفكير القياسيّ باطلًا، فينحصر الطريق في التفكير الاستقرائيّ.

 

212

 


153

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

جوابه:

1. إنَّ حصر حركة الذهن بالحركة الصعوديَّة ليس صحيحًا أبدًا، والتجربة ونفس الاستنتاج العلميّ خير دليل على أنَّ للذهن حركةً صعوديَّةً ونزوليَّة، وذلك لأنَّ الذهن يستنبط قاعدةً كلِّيَّةً بإجراء التجربة على عددٍ من الموارد، فتكون حركةً صعوديَّةً، ثمَّ يؤلِّف من هذه القاعدة الكلِّيَّة قياسًا، فيُعمِّمها على سائر الموارد الأخرى، فتكون حركته نزوليَّة وقياسيَّة.

 

2. ثمَّ إنَّ القواعد الذهنيَّة القطعيَّة ليست تجريبيَّة وحسِّيَّة بأجمعها، فإنَّ أحكام الذهن بالامتناع والضرورة (بطلان الدور، استحالة اجتماع النقيضين، واستحالة تواجد الجسم في مكانين في آنٍ واحد، وغيرها) لا يمكن بوجهٍ أن تكون حسِّيَّة استقرائيَّة أو تجريبيَّة.

 

3. إنَّ هذا الدليل على بطلان القياس هو بنفسه قياس من الشكل الأوَّل، يمكن تأليفه وفق الآتي:

 

- الصغرى: القياس انتقال من الكلِّيّ إلى الجزئيّ

- الكبرى: الانتقال من الكلِّيّ إلى الجزئيّ خاطئ ومحال

النتيجة: القياس خطأ ومحال

 

فإذا كان القياس باطلًا كان هذا الدليل باطلًا، لأنَّ ما يُبنى على باطلٍ فهو باطلٌ.

 

 

213


154

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

المفاهيم الرئيسة

- يعتبر القياس لبّ المنطق الأرسطيّ وجوهره.

- معارضو المنطق الأرسطيّ ومنكروه إنَّما صبُّوا إشكالاتهم على القياس باعتباره المبحث الأساس فيه، وتحديدًا على الشكل الأوَّل منه، باعتباره الشكل البديهيّ الإنتاج بينها والذي ترجع إليه الأشكال الأخرى، فإذا انهدم انهدم المنطق الأرسطيّ بأكمله.

- تنوَّعت إشكالات هؤلاء بين من اعتبر أنَّ قواعد المنطق خاطئة من الأساس، ومن اعترف بها ولم يتمكَّن من إنكار صحَّتها، لكنَّه اعتبرها -على صحَّتها- غير مفيدة، وأنَّ العلم بها وعدمه سواء، فلا تترتَّب عليه الفائدة التي ذُكرت للمنطق فلا يستحقّ إضاعة الوقت.

- تصدَّى علماء المسلمين المتبنّين للمنطق الأرسطيّ لهذه الإشكالات وأجابوا عنها وردُّوها جميعها.

 

214


155

المقدّمة

تمارين

 

أجب بصحّ (√)أو خطأ (x):

أ. إذا كانت المقدِّمتان في القياس صحيحتين فالنتيجة صحيحة. □

ب. إنَّ العلم بالكبرى متوقِّف على العلم التفصيليّ بجزئيَّاتها. □

ج. إنَّ العلم بالكبرى علم بالنتيجة عبر العلم الإجماليّ بالجزئيَّات. □

د. إنَّ النتيجة في القضيَّة معلومة إجمالًا ومجهولة تفصيلًا. □

ه. إنَّ حركة الذهن صعوديَّة تنطلق من الجزئيّ إلى الكليّ. □

و. من حاول إبطال الشكل الأوَّل وقع في استعماله. □

 

 

215


156

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

أسئلة حول الدرس

 

1. ناقش مقولة: (إنَّ الشكل الأوَّل غير منتج للزوم الدور منه).

2. قيل إنَّ القياس إمَّا تكرار للمعلوم وإمَّا مصادرة للمطلوب، اشرح هذا القول وفنِّده.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن تيميَّة الحرَّاني، تقي الدين أبو العبّاس أحمد بن عبد الحليم: الردّ على المنطقيِّين، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين الكتبي، مراجعة: محمد طلحة بلال منيار، تقديم سليمان الندوي، مؤسسة الريّان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1426هـ.ق - 2005م.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص141-149.

3. الحيدري، رائد، المقرَّر في شرح منطق المظفَّر مع متنه المصحَّح، دار المحجّة البيضاء، بيروت، ط7، 1434هـ.ق - 2013م، هامش ص366-367.

4. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص416-420.

5. المطهَّري، المنطق، مصدر سابق، ص99-128.

 

216


157

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

الدرس الثامن عشر

الاستقراء

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة المراد من الاستقراء والوقوف على حقيقته.

2. معرفة انقسام الاستقراء إلى تامّ وناقص.

3. معرفة أنحاء الاستقراء الناقص.

4. معرفة حكم كلّ نحوٍ من أنحاء الاستقراء الناقص من حيث إفادته لليقين أو الظنّ.

 

 

217


158

الدرس السابع عشر: القيمة المعرفية للقياس إشكالات وردود

تمهيد

تقدَّم في أوائل مباحث الحجَّة أو طرق الاستدلال غير المباشر أنَّها على أصنافٍ ثلاثة، لأنَّ الاستدلال إمَّا من حال الكلِّيّ على حال جزئيَّاته، وإمَّا من حال الجزئيَّات على حال كلِّيّها، وإمَّا من حال أحد الجزئين المندرجين تحت كلِّيّ على حال جزئيٍّ آخر. فالأوَّل هو القياس وقد تقدَّم الكلام فيه مفصَّلًا من حيث الأقسام والأحكام، والثالث هو التمثيل وسيأتي الحديث فيه في الدرس اللاحق إن شاء الله تعالى، والثاني هو الاستقراء وهو محلّ كلامنا في هذا الدرس.

 

تعريف الاستقراء

الاستقراء في اللغة بمعنى التصفُّح والتتبُّع، يقال: استقريت الكتاب إذا تتبَّعته مسألة مسألة.

 

أمَّا في اصطلاح المنطقيِّين فهو -على ما تقدَّم- أحد أقسام الحجَّة الثلاثة، وقد عُرِّف بأنَّه عبارة عن: "أن يدرس الذهن عدَّة جزئيَّات فيستنبط منها حكمًا عامًّا".

 

كما لو درسنا عدَّة أنواع من الحيوان مثلًا، فوجدنا أنَّ كلَّ نوعٍ منها يُحرِّك فكَّه الأسفل عند المضغ، فنستنبط منها قاعدة عامَّة، وهي: إنَّ كلَّ حيوان يُحرِّك فكَّه الأسفل عند المضغ.

 

والاستقراء هو الأساس لجميع أحكامنا الكلِّيَّة وقواعدنا العامّة، لأنَّ تحصيل القاعدة العامّة والحكم الكلِّيّ لا يكون إلَّا بعد فحص الجزئيَّات واستقرائها، فإذا وجدناها متَّحدةً في الحكم نستنتج منها القاعدة العامَّة أو الحكم الكلِّيّ.

 

 

219

 


159

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

فحقيقة الاستقراء هي: "الاستدلال بالخاصّ على العامّ"، وعكسه القياس وهو: "الاستدلال بالعامّ على الخاصّ"[1]، لأنَّ القياس لا بدَّ أن يشتمل على مقدِّمة كلِّيَّة، الغرض منها تطبيق حكمها العامّ على موضوع النتيجة.

 

أقسام الاستقراء

ينقسم الاستقراء إلى قسمين: تامّ وناقص، لأنّه إمّا أن يتصفّح فيه حال الجزئيَّات بأسرها أو بعضها.

1. الاستقراء التامّ

وهو تتبّع حال الجزئيات بأسرها، ولذلك هو يفيد اليقين. ولكنَّه قليل جدًّا، لأنَّ حصر الجزئيَّات كلّها وتتبّعها بأسرها أمرٌ نادر الحصول.

 

2. الاستقراء الناقص

وهو أن يفحص المستقري بعض الجزئيَّات، كمثال الحيوان من أنَّه يُحرِّك فكَّه الأسفل عند المضغ بحكم الاستقراء لأكثر أنواعه. وهذا النحو من القياس هو الأكثر استعمالًا، لكن ذكروا أنّه لا يفيد إلّا الظنّ[2]، لجواز أن تكون إحدى جزئيَّاته ليس لها هذا الحكم، كما قيل إنَّ التمساح يُحرِّك فكَّه الأعلى عند المضغ وليس الأسفل.

 

أنحاء الاستقراء الناقص

إنَّ الاستقراء الناقص على أنحاء أربعة:

1. أن يُبنى على صرف المشاهدة فقط: فإذا شاهد بعض الجزئيَّات أو أكثرها أنَّ لها وصفًا واحدًا استنبط أنَّ هذا الوصف يثبت لجميع الجزئيَّات، كمثال استقراء بعض الحيوانات أنَّها تُحرِّك فكَّها الأسفل عند المضغ. وعلى هذا النحو من الاستقراء اقتصر نظر المنطقيِّين القدماء في بحثهم.


 


[1] تقدم في الدرس العاشر.

[2] سيأتي تحليل هذه المقولة في العنوان الآتي.

 

 

220


160

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

ولكن هذا الاستنباط قابل للنقض ولا يكون الحكم فيه قطعيًّا، حيث يكفي إثبات جزئيَّة واحدة ليس فيها هذا الوصف حتّى تنتقض النتيجة-كما لو أثبتنا في المثال المتقدِّم أنَّ التمساح يُحرِّك فكَّه الأعلى لا الأسفل عند المضغ وكذلك فتكذب النتيجة المستنبطة أنَّ كلَّ حيوانٍ يُحرِّك فكَّه الأسفل عند المضغ- يكفي احتمال النقض لعدم تتبّع جميع الجزئيّات، فلا يحصل القطع بالكلّية.

 

2. أن يُبنى مع المشاهدة على التعليل أيضًا: بأن يبحث المشاهد لبعض الجزئيَّات عن العلَّة في ثبوت الوصف، فيعرف أنَّ الوصف إنَّما ثبت لتلك الجزئيَّات المشاهَدة لعلَّةٍ أو خاصِّيَّةٍ موجودةٍ في نوعها، ولا شبهة عند العقل في أنَّ العلَّة إذا وجدت لا بدَّ أن يوجد معلولها، فيجزم المشاهد المستقري حينئذ جزمًا قاطعًا بثبوت الوصف لجميع جزئيَّات ذلك النوع، وإن لم يُشاهدها جميعها.

 

كما إذا شاهد الباحث المستقري أنَّ بعض الأدوية يؤثِّر في رفع صداع الرأس، فبحث عن علَّة هذا التأثير، وحلَّل ذلك الشيء إلى عناصره، فعرف أنَّ تأثيرها في الجسم هو رفع صداع الرأس في الأحوال الاعتيادية، فعندها يحكم على وجه القطع أنّ هذا الدواء يحدث هذا الأثر دائمًا.

 

وجميع الاكتشافات العلميَّة، وكثيرٌ من أحكامنا على الأمور التي نُشاهدها في حياتنا الاعتياديَّة من هذا النوع، وليست هذه الأحكام قابلة للنقض، فلذلك تكون قطعيَّة، كحكمنا بأنّ الماء ينحدر من المكان العالي، فإنَّا لا نشكّ فيه أبدًا، مع أنَّنا لم نُشاهد من جزئيَّاته إلَّا أقلّ القليل، وما ذلك إلَّا لأنَّا عرفنا السرّ في هذا الانحدار. نعم، إذا انكشف للباحث خطأ ما حسبه أنَّه علَّة وأنَّ للوصف علَّةً أخرى فلا بدًّ أن يتغيَّر حكمه وعلمه.

 

3. أن يُبنى على بديهة العقل: كحكمنا بأنَّ الكلَّ أعظم من جزئه، فإنَّ تصوُّر مفهوم "الكلّ"، وتصوُّر مفهوم "جزء الكلّ"، وتصوُّر معنى "أعظم"، كافٍ للقطع بهذا الحكم.

 

وفي الحقيقة هذا ليس استقراءً، لأنَّه لا يتوقَّف على المشاهدة، فإنَّ تصوُّرَ الموضوع والمحمول والنسبة بينهما كافٍ للحكم وإن لم نُشاهد جزئيًّا واحدًا منها.

 

 

221

 


161

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

4. أن يُبنى على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات: كما إذا اختبرنا بعض جزئيَّات نوعٍ من الثمر فعلمنا بأنَّه لذيذ الطعم مثلًا، فإنَّا نحكم حكمًا قطعيًّا بأنَّ كلَّ جزئيَّات هذا النوع لها هذا الوصف. وكما إذا برهنَّا مثلًا على أنَّ مثلَّثًا معيَّنًا تساوي زواياه قائمتين، فإنَّا نجزم جزمًا قاطعًا بأنَّ كلَّ مثلَّثٍ تساوي زواياه قائمتين، فيكفي فيه فحص جزئيٍّ واحد، وما ذلك إلَّا لأنَّ الجزئيَّات متماثلة متشابهة في التكوين، فوصفُ واحدٍ منها يكون وصفًا للجميع بغير فرق.

 

وبعد بيان هذه الأنحاء الأربعة، يتَّضح أن ليس كلّ استقراءٍ ناقصٍ لا يفيد اليقين، وأنَّ الاستقراء الذي يُفيد الظنّ هو خصوص ما كان مبنيًّا على المشاهدة المجرَّدة، وأمَّا الأنحاء الثلاثة الأخرى فهي تُفيد اليقين[1].

 

ويُسمّى النحو الثاني - وهو الاستقراء المبنيّ على التعليل - في المنطق الحديث بـ"طريق الاستنباط"، أو "طريق البحث العلميّ" وله أبحاث لن نتعرّض لها في هذا الكتاب.

 

[1] سيأتي في الدرس الآتي الإشارة إلى أن إفادة الاستقراء في هذه الأنحاء لليقين إنما هو لابتنائه على قياس خفيّ، فرجع الأمر في إفادة اليقين إلى القياس.

 

 

222


162

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

المفاهيم الرئيسة

 

- الاستقراء هو: "أن يدرس الذهن عدّة جزئيّات فيستنبط منها حكماً عامّاً".

 

- حقيقة الاستقراء هي: "الاستدلال بالخاصّ على العامّ"، وعكسه القياس الذي هو: "الاستدلال بالعامّ على الخاصّ".

 

- ينقسم الاستقراء إلى قسمين:

•         الاستقراء التامّ: وهو تتبُّع حال الجزئيَّات بأسرها، ولذلك يفيد اليقين.

 

•         الاستقراء الناقص: وهو أن يفحص المستقري بعض الجزئيَّات، وهذا النحو من القياس هو الأكثر استعمالًا، لكن ذكروا أنّه لا يفيد إلَّا الظنّ.

 

- للاستقراء الناقص أنحاءٌ أربعة:

•         ما يُبنى على صرف المشاهدة: وعليه اقتصر نظر المنطقيِّين القدماء في بحثهم. وهو قابل للنقض ولا يكون الحكم فيه قطعيًّا.

 

•         ما يُبنى -مضافًا إلى الوصف- على التعليل أيضًا: وجميع الاكتشافات العلميَّة من هذا النوع، وأحكامه غير قابلة للنقض، فلذلك تكون قطعيَّة.

 

•         ما يُبنى على بديهة العقل: وهذا -في الحقيقة- ليس استقراء.

 

•         ما يُبنى على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات: وأحكام هذا القسم قطعيَّةٌ أيضًا، لأنَّ الجزئيَّات متماثلة متشابهة في التكوين، فوصفُ واحدٍ منها يكون وصفًا للجميع بغير فرق.

 

- بناءً على هذه الأنحاء الأربعة المتقدِّمة للاستقراء الناقص، فما ذكروه من أنَّ الاستقراء الناقص لا يُفيد إلَّا الظنّ غير تامّ، إذ قد تبيَّن أنَّ الذي لا يُفيد إلَّا الظنّ منه هو خصوص ما كان مبنيًا على المشاهدة المجرّدة، أمَّا الأنحاء الثلاثة الأخرى فهي مفيدةٌ لليقين وأحكامها قطعيَّة.

 

 

223

 


163

المقدّمة

تمارين

1. أجب بصحّ (√) أو خطأ (x):

أ. الاستقراء هو أن يدرس الذهن عدَّة كلِّيَّات فيستنبط منها حكمًا كلِّيًّا آخر. □

ب. الأساس لجميع أحكامنا الكلِّيَّة وقواعدنا العامَّة هو الاستقراء. □

ج. تحصيل القاعدة العامَّة والحكم الكلِّيّ لا يكون إلَّا بعد فحص الجزئيَّات وتتبّعها واستقرائها، فإذا وجدناها متَّحدةً في الحكم نستنتج منها القاعدة العامَّة أو الحكم الكلِّيّ. □

د. حقيقة الاستقراء عكس القياس، لأنَّ القياس لا بدَّ أن يشتمل على مقدِّمة كلِّيَّة، الغرض منها تطبيق حكمها العامّ على موضوع النتيجة. □

ه. سُمّي الاستقراء الناقص بذلك لكونه قليلًا جدًّا، فإنَّ حصر الجزئيّات كلّها وتتبّعها بأسرها أمر نادر الحصول. □

و. الاستقراء التامّ هو الأكثر استعمالًا، مع أنَّه لا يُفيد إلَّا الظنَّ. □

ز. كلّ استقراء ناقص لا يُفيد اليقين. □

ح. إنَّ الاستقراء الذي يُفيد الظنّ هو خصوص ما كان مبنيًّا على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات. □

ط. يُسمّى الاستقراء المبني على المشاهدة الصرفة في المنطق الحديث بـ "طريق الاستنباط"، أو طريق "البحث العلميّ". □

 

 

224

 


164

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

2. صل بين نقاط العمود الأوَّل بما يُناسبها من نقاط العمود الثاني (يمكن إيصال نقطة واحدة بأكثر من نقطة من نقاط العمود الآخر).

                    •         في الحقيقة هو ليس استقراءً

                             

الاستقراء المبني على المشاهدة الصرفة     •         •         أحكامه قطعيَّةٌ، لأنَّ الجزئيَّات متماثلة متشابهة في التكوين، فوصفُ واحدٍ منها يكون وصفًا للجميع بغير فرق

                             

الاستقراء المبني على التعليل مع المشاهدة •         •         لا يفيد إلَّا الظنّ

                             

الاستقراء المبني على بديهة العقل         •         •         جميع الاكتشافات العلميَّة، وكثيرٌ من أحكامنا على الأمور التي نشاهدها في حياتنا الاعتياديَّة من هذا النوع

                             

الاستقراء المبني على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات   •         •         وعليه اقتصر نظر المنطقيِّين القدماء في بحثهم الاستقراء الناقص

                             

                    •         يفيد اليقين في جميع الحالات والموارد باستثناء ما إذا تبيَّن أنَّ ما حسبه علَّة ليس بعلَّة وأنَّ للوصف علَّة أخرى

 

 

225


165

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

3. لاحِظ الاستقراءات الآتية، وحدِّد ما إذا كانت تامَّة أو ناقصة، وإذا كانت ناقصة حدِّد ما إذا كانت مبنيَّة على صرف المشاهدة، أو على التعليل بعد المشاهدة، أو على بديهة العقل، أو على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات، وحدِّد كذلك ما إذا كانت مفيدةً لليقين أو للظنّ، وذلك كلّه بوضع علامة صحّ (√) في المربَّع المناسب.

         

 

الاستقراء

تامّ

ناقص

مفيد لليقين

مفيد للظنّ

 

مبني على المشاهدة الصرفة

مبني على التعليل بعد المشاهدة

مبني على بديهة العقل

مبني على المماثلة الكاملة بين الجزئيَّات

أ.

الحكم بأنَّ كلّ معلول يحتاج إلى علَّة

 

 

 

 

 

 

 

ب.

الحكم بأنَّ أشهر السنة الميلاديَّة يحتوي كلّ منها على أقلّ من اثنين وثلاثين يومًا، وذلك بعد ملاحظة جميع أيَّام السنة

 

 

 

 

 

 

 

ج.

الحكم بأنَّ كلّ فنجان قهوة هو منبِّه للجهاز العصبيّ لاشتماله على الكافيين

 

 

 

 

 

 

 

د.

الحكم بأنَّ كلّ إنسان يموت، لأنَّه جسم مركَّب مآله إلى الانحلال، وذلك بعد مشاهدة عدد من الناس الذين ماتوا

 

 

 

 

 

 

226


166

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

ه.

الحكم على طلبة مدرسة معيَّنة بأنَّ كلّ واحد منهم لا يزيد عمره عن الثمانية عشر سنة بعد العلم بعمر كلّ طالبٍ منهم

 

 

 

 

 

 

 

و.

الحكم بأنَّ الكواكب السيَّارة تسير في جهةٍ واحدة من الغرب إلى الشرق حول الشمس، بناءً على تتبُّع الكواكب السيَّارة المعروفة إلى الآن

 

 

 

 

 

 

 

ز.

الحكم بأنَّ كلّ إنسان حادث، لأنَّه يموت، وذلك بعد مشاهدة عدد من الناس الذين ماتوا

 

 

 

 

 

 

 

ح.

الحكم بأنَّ كلّ بجعة بيضاء بعد ملاحظة أنَّ كلّ بجعة شاهدناها هي بيضاء اللون

 

 

227

 

 

 

 


167

الدرس الثامن عشر: الاستقراء

أسئلة حول الدرس

1. اذكر خمسة فوارق بين القياس والاستقراء.

2. ناقش مقولة: (إنَّ الاستقراء الناقص لا يفيد إلَّا الظنّ).

3. ابحث في كتب المنطق عن الفرق بين الاستقراء والتجربة وبيِّنه.

 

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص367-368.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، مصدر سابق، ج2، ص127-132.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص243-303.

4. العابدي، لُباب المنطق، مصدر سابق، ص219-222.

5. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص188.

6. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص423-428.

7. الفضلي، عبد الهادي: مذكرة المنطق، مؤسسة دار الكتاب الإسلامي، قم المقدسة، لا.ط، لا.ت، ص150-159.

8. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص264-267.

9. الوائلي، صالح، معالم المنطق، مؤسسة الدليل للدراسات والبحوث العقديّة، لا.م، ط1، 2018م، ص122-154.

 

 

228


168

الدرس التاسع عشر: التمثيل

الدرس التاسع عشر

التمثيل

 

أهداف الدرس

على المتعلم مع نهاية الدرس أن:

1. معرفة المراد من التمثيل في اصطلاح المناطقة.

2. معرفة المراد من التمثيل في عرف الفقهاء.

3. معرفة أركان التمثيل.

4. معرفة القيمة العلميَّة للتمثيل.

 

 

229


169

الدرس التاسع عشر: التمثيل

تمهيد

أنهينا في ما تقدَّم الكلام في طرق الاستدلال المباشر، وكذلك طريقي الاستدلال غير المباشر (القياس والاستقراء)، وبقي الكلام في الطريق الثالث من طرقه، ألا وهو طريق التمثيل، وهو ما سنبحثه في هذا الدرس، ونختم به الجزء الثاني من كتاب علم المنطق. على أن نُخصِّص الجزء الثالث إن شاء الله تعالى للبحث في مادّة القياس، المعروف بمبحث الصناعات الخمس.

 

تعريف التمثيل

التمثيل -على ما تقدَّم- هو: "أن ينتقل الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهةٍ مشتركةٍ بينهما". وبعبارة أخرى هو: "إثبات الحكم في جزئيٍّ لثبوته في جزئيٍّ آخر مشابهٍ له".

 

و"التمثيل": هو المسمّى في عرف الفقهاء بـ "القياس" الذي يجعله أهل السنَّة من أدلَّة الأحكام الشرعيَّة. والإماميَّة ينفون حجِّيَّته ويعتبرون العمل به محقًا للدين وتضييعًا للشريعة.

 

مثاله

إذا ثبت عندنا أنَّ النبيذ يُشابه الخمر في تأثير السكر على شاربه، وقد ثبت عندنا أن حكم الخمر هو الحرمة، فلنا أن نستنبط أنَّ النبيذ أيضًا حرام، أو على الأقلّ محتمل الحرمة، للاشتراك بينهما في جهة الإسكار.

 

231

 


170

الدرس التاسع عشر: التمثيل

أركان التمثيل

 

للتمثيل أركان أربعة:

1. الأصل: وهو الجزئيّ الأوَّل المعلوم ثبوت الحكم له، كالخمر في المثال.

2. الفرع: وهو الجزئيّ الثاني المطلوب إثبات الحكم له، كالنبيذ في المثال.

3. الجامع: وهو جهة الشبه بين الأصل والفرع، كالإسكار في المثال.

4. الحكم: المعلوم ثبوته في الأصل والمراد إثباته للفرع، كالحرمة في المثال.

 

فإذا توافرت هذه الأركان انعقد التمثيل، فلو كان الأصل غير معلوم الحكم أو فاقدًا للجامع المشترك لا يحصل التمثيل. وهذا واضح.

 

قيمته العلميَّة

إنَّ التمثيل - على بساطته - من الأدلَّة التي لا تفيد إلَّا الاحتمال، لأنَّه لا يلزم من تشابه شيئين في أمرٍ، بل في عدَّة أمور، أن يتشابها من جميع الوجوه، فإذا رأيت شخصًا مشابهًا لشخصٍ آخر في طوله أو في ملامحه أو في بعض عاداته، وكان أحدهما مجرمًا قطعًا، فإنَّه ليس لك أن تحكم على الآخر بأنَّه مجرم أيضًا لمجرَّد المشابهة بينهما في بعض الصفات أو الأفعال.

 

نعم، إذا قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وكثرت، يقوى عندك الاحتمال حتَّى يقرب من اليقين ويكون ظنًّا.

 

غير أنَّه لو علمنا أنَّ الجامع (أي جهة المشابهة) علَّة تامَّة لثبوت الحكم في الأصل، حينئذٍ نستنبط على نحو اليقين أنَّ الحكم ثابت في الفرع لوجود علَّته التامَّة فيه، لأنَّه يستحيل تخلُّف المعلول عن علَّته التامَّة. ولكنَّ الشأن كلَّه إنَّما هو في إثبات أنَّ الجامع علَّة تامَّة للحكم، لأنّه يحتاج إلى بحثٍ وفحصٍ ليس من السهل الحصول عليه حتَّى في الأمور الطبيعيَّة. والتمثيل من هذه الجهة يلحق بقسم الاستقراء المبنيّ على التعليل الذي أشرنا إليه سابقًا، بل هو نفسه.

 

 

232

 


171

الدرس التاسع عشر: التمثيل

أمَّا إثبات أنَّ الجامع هو العلَّة التامَّة لثبوت الحكم في المسائل الشرعيَّة، فليس لنا طريقٌ إليه إلَّا من ناحية الشارع نفسه، ولذا لو كانت العلَّة منصوصًا عليها من الشارع فإنَّه لا خلاف بين الفقهاء جميعًا في الاستدلال بذلك على ثبوت الحكم في الفرع.

 

كقول الإمام الرضا عليه السلام: "ماء البئر واسع لا يُفسده شيء... لأنَّ له مادَّة"[1]، فإنَّه يُستنبط منه أنَّ كلَّ ماءٍ له مادَّة، كماء الحمَّام وماء حنفيّة الإسالة، فهو واسع لا يُفسده شيء.

 

وفي الحقيقة: إنَّ التمثيل المعلوم فيه أنَّ الجامع علَّةٌ تامَّةٌ يكون من باب القياس البرهانيّ المفيد لليقين، إذ يكون فيه الجامع حدًّا أوسط، والفرع حدًّا أصغر، والحكم حدًّا أكبر.

 

فنقول في مثال الماء:

 

- ماءُ الحمَّام له مادَّة

- كلُّ ماءٍ له مادَّة واسعٌ لا يُفسده شيء (بمقتضى التعليل في الحديث)

النتيجة: ماء الحمَّام واسعٌ لا يُفسده شيء.

 

وبهذا يخرج عن اسم التمثيل واسم القياس باصطلاح الفقهاء الذي كان محلَّ الخلاف عندهم.


 


[1] الطوسي، الشيخ محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، تحقيق: السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، إيران - طهران، 1362ش، ط3، ج1، ص234.

 

233


172

المقدّمة

المفاهيم الرئيسة

- التمثيل هو: "انتقال الذهن من حكم أحد الشيئين إلى الحكم على الآخر لجهةٍ مشتركةٍ بينهما". وهو المسمّى في عرف الفقهاء بـ "القياس".

 

- أركان التمثيل أربعة:

•         الأصل: وهو الجزئيّ الأوَّل المعلوم ثبوت الحكم له

•         الفرع: وهو الجزئيّ الثاني المطلوب إثبات الحكم له

•         الجامع: وهو جهة الشبه بين الأصل والفرع

•         الحكم: المعلوم ثبوته في الأصل والمراد إثباته للفرع.

 

- إنَّ التمثيل من الأدلَّة التي لا تُفيد إلَّا الاحتمال، ويقوى هذا الاحتمال ويصل إلى الظنّ كلَّما قويت وجوه الشبه بين الأصل والفرع وكثرت.

 

- إنَّ التمثيل إنَّما يُفيد اليقين في حالةٍ واحدةٍ فقط، وهي ما إذا عُلم أنَّ الجامعَ علَّةٌ تامَّةٌ لثبوت الحكم في الأصل، فيكون إثباته للفرع على نحو اليقين. والتمثيل في هذه الحالة إنَّما يكون من باب القياس البرهاني المفيد لليقين.

 

تمارين

1. أجب بصحّ (√) أو خطأ (x):

أ. التمثيل هو انتقالُ الذهن من جزئيٍّ إلى جزئيٍّ آخر. وعليه، فحركة الفكر فيه نزوليَّة.□

ب. الإماميَّة يتَّخذون من التمثيل دليلًا على الحكم الشرعيّ، لأنَّه في هذا الباب كالقياس عندهم. □

ج. التمثيل في اصطلاح المناطقة هو القياس في اصطلاح الفقهاء. □

د. لقد واجه أهل البيت عليهم السلام التمثيل المنطقيّ وليس القياس المنطقيّ. □

 

 

234

 


173

الدرس التاسع عشر: التمثيل

هـ. الحكم هو وجه الشبه المراد إثباته في الفرع بعد العلم بثبوته في الأصل. □

و. لا يصلح التمثيل دليلًا للقاضي في إدانة متَّهمٍ أو تبرئته. □

ز. إنَّ التمثيل في بعض موارده يُفيد اليقين. □

ح. حتَّى لو كان الجامع أو جهة المشابهة علَّة تامَّة لثبوت الحكم في الأصل، لا يمكن الاستنباط على نحو اليقين ثبوت الحكم في الفرع. □

 

2. لاحِظ التمثيلات الآتية، وحدِّد في كلٍّ منها الأصل والفرع والجامع والحكم، وفي حال لم يكن الجامع مذكورًا، حاوِل أن تجد الجامع الذي على أساسه يُحتمل إثبات حكم الأصل للفرع.

 

 

 

الأصل

الفرع

الجامع

الحكم

أ.

الزئبق موصِلٌ كهربائيّ، لأنَّه من المعادن، كالحديد

 

 

 

 

ب.

الحكومة كالأسرة، لا يمكن لها أن تصرف ما يزيد على إيراداتها

 

 

 

 

ج.

الإنفاق المتزايد على الرعاية الصحِّيَّة للمسنِّين هو كإهدار المال على سيارة مستهلكة، فمن الواجب أن تُترك السيَّارة المستهلكة جانبًا بدلًا من إهدار المال عليها

 

 

 

235


174

الدرس التاسع عشر: التمثيل

د.

الأقمار الصناعيَّة والقنوات الفضائيَّة وعالم الاتِّصالات كالنوافذ، تربطنا من منازلنا بالعالم الخارجيّ. وعلينا الاستفادة من وسائل الاتِّصال هذه، وأن لا نحرم أنفسنا منها بإغلاق النوافذ

 

 

 

 

ه.

قال نائب الرئيس الأمريكيّ ذات مرَّة: "إنَّني لا أجادل الرئيس أبدًا، لأنَّ لاعِب خطّ الهجوم لا يجب أن يُجادَل"

 

 

 

 

و.

إنَّ المريخ كالأرض يحتوي على الضوء والحرارة والماء والهواء، إذاً فهو قد يكون مسكونًا كالأرض

 

 

 

 

ز.

السماء محدَثٌ لتشكُّله كالبيت

 

 

 

 

ح.

اللبن غير النقي كالماء غير النقي، يُسبِّب حمى التفوئيد

 

 

 

 

ط.

زيدٌ يُعاني من التهابات في الرئتين، لأنَّه كخالد ارتفعت درجة حرارته

 

 

236

 


175

الدرس التاسع عشر: التمثيل

أسئلة حول الدرس

1. عرِّف التمثيل وبيِّن أركانه، وطبِّق ذلك على مثال.

2. ما هو القياس الذي ذمَّه أهل البيت عليهم السلام؟ بيِّن السبب في مواجهتهم عليهم السلام له.

3. اشرح كيف يكون التمثيل أحد أصناف الحجَّة في المنطق الأرسطيّ.

 

للتوسع في المصادر والمراجع

لمزيدٍ من الاطِّلاع في هذا العنوان، انظر:

1. ابن سينا، الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، مصدر سابق، قسم المنطق، ج1، ص368-369.

2. بخيت، علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، مصدر سابق، قسم التصديقات، ج2، ص132-133.

3. خير الدين، علم المنطق، مصدر سابق، ص304-305.

4. العلَّامة الحلِّيّ، الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، مصدر سابق، ص189-190.

5. محمَّد صنقور عليّ، أساسيَّات المنطق، مصدر سابق، ص433-438.

6. الفضلي، مذكرة المنطق، مصدر سابق، ص160-162.

7. المظفَّر، المنطق، مصدر سابق، ص268-270.

8. الوائلي، معالم المنطق، مصدر سابق، ص155-156.

9. اليزديّ، حاشية على التهذيب، مصدر سابق، ص198-200.

 

 

237


176

قائمة تفصيليَّة بالمصادر والمراجع

قائمة تفصيليَّة بالمصادر والمراجع التي

يمكن الرجوع إليها لمن أراد مزيدًا من الاطِّلاع

 

1. ابن تيميَّة الحرَّاني، تقيّ الدين أبو العبَّاس أحمد بن عبد الحليم: الردّ على المنطقيِّين (نصيحة أهل الإيمان في الردّ على منطق اليونان)، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين الكتبي، مراجعة: محمَّد طلحة بلال منيار، تقديم: سليمان الندوي، مؤسَّسة الريَّان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1426هـ.ق- 2005م،

2. ابن سينا، أبو عليّ: الإشارات والتنبيهات مع شرح نصير الدين الطوسيّ، تحقيق: سليمان دنيا، مؤسَّسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لا.ط، 1413هـ.ق - 1992م، قسم المنطق،

3. بخيت، محمَّد حسن مهدي: علم المنطق المفاهيم والمصطلحات، قسم التصديقات، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد (الأردن)، ط1، 2013م، ج2،

4. الحيدري، رائد: المقرَّر في شرح منطق المظفَّر مع متنه المصحَّح، دار المحجَّة البيضاء، بيروت، ط7، 1434هـ.ق- 2013م،

5. خَنْدان، عليّ أصغر: المنطق التطبيقيّ منهج جديد في توظيف أصول علم المنطق، ترجمة: محمَّد حسن الواسطي وعبد الرزَّاق سيادت الجابري، مراجعة وتقويم ونشر: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلاميّ، بيروت، ط1، 2017م،

 

 

239


177

قائمة تفصيليَّة بالمصادر والمراجع

6. خير الدين، أحمد عبده: علم المنطق، المطبعة الرحمانيَّة، مصر، ط1، 1348هـ.ق-1930م،

7. الرازي، قطب الدين: لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار مع تعليقات السيِّد الشريف الجرجاني وبعض التعاليق الأخرى، مراجعة النصّ وضبطه: أسامة الساعدي، ذوي القربى، قم المقدَّسة، ط1، 1433هـ.ق - 1391هـ.ش، ج2،

8. الرحيمي، محمَّد عليّ محراب عليّ: محاضرات في المنطق شرحًا لحاشية ملَّا عبد الله، لا.ط، لا.م، لا.ن، لا.ت، ج2،

9. العابدي، فلاح: لُباب المنطق، ومضات للترجمة والنشر، بيروت، ط1، 2018م،

10. العلَّامة الحلِّيّ، أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهَّر: الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، نشر مكتب الإعلام الإسلاميّ، لا.ط، لا.م، 1363هـ.ش،

11. العلى، محمَّد: أنفع التقريرات في شرح الإشارات والتنبيهات (تقرير شرح الأستاذ الدكتور أيمن عبد الخالق لكتاب الإشارات والتنبيهات)، ومضات للترجمة والنشر، بيروت، ط1، 2018م، ج2،

12. عليّ، محمَّد صنقور: أساسيَّات المنطق، دار جواد الأئمَّة h، بيروت، ط1، 1435هـ.ق/2013م،

13. الفضلي، عبد الهادي: مذكرة المنطق،مؤسَّسة دار الكتاب الإسلاميّ، قم المقدَّسة، لا.ط، لا.ت،

14 اللوه، العربيّ: المنطق التطبيقيّ، تطوان (المغرب)، لا.ن، ط3، 2008م،

15. المطهَّري، مرتضى: المنطق، ترجمة: حسن علي الهاشمي، مراجعة وإعداد: حسين بلوط، دار الولاء، بيروت، ط2، 1432هـ.ق- 2011م،

16. المظفَّر، محمَّد رضا: المنطق، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، لا.ط، 1427هـ.ق-2006م،

 

 

240


178

قائمة تفصيليَّة بالمصادر والمراجع

17. النوينيّ، نجاح: شرح كتاب المنطق للعلَّامة الشيخ محمَّد رضا المظفَّر رحمه الله (تقرير دروس السيِّد كمال الحيدريّ)، مؤسَّسة الإمام الجواد للفكر والثقافة، الكاظميَّة المقدَّسة، لا.ط، 1436هـ.ق - 2015م، قسم التصديقات، ج2،

 

18. الوائلي، صالح: معالم المنطق، مؤسَّسة الدليل للدراسات والبحوث العقديَّة، ط1، لا.م، 2018م،

 

19. اليزديّ، عبد الله: حاشية على التهذيب، تعليق: مصطفى الحسينيّ الدشتي، دار التفسير، قم المقدَّسة، ط3، 1428هـ.ق - 1387هـ.ش.

 

 

241


179
علم المنطق (الجزء الثاني)