وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام


الناشر: جمعية المعارف الإسلامية الثقافية

تاريخ الإصدار: 2015-10

النسخة: 0


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد للهِ ربِّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبيّنا أبي القاسم محمّد بن عبد الله وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

من المعلوم أنّ أحكام الإسلام غير مختصّة بزمان دون زمان، وإنّما هي عامّة وتتسم بالشموليّة والخلود، فحلال محمّد صلى الله عليه وآله وسلم حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة.

ومن الواضح أنّه في زمن غيبة الإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يجوز تجميد الإسلام ولا تعطيل تشريعاته وأحكامه تحت عنوان الانتظار لليوم الموعود، وإنّما يجب كما في أيّ زمان آخر تطبيق أحكام الإسلام في جميع مجالات الحياة، والقيام بكافّة التكاليف والمسؤوليّات الفرديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والجهاديّة وغيرها..

يقول الشيخ المظفّر: "وممّا يجدر أن نعرفه في هذا الصدد: ليس معنى انتظار هذا المصلح المنقذ (المهديّ) أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي فيما يعود إلى الحقّ من دينهم، وما يجب عليهم من نصرته، والجهاد في سبيله، والأخذ بأحكامه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر... بل المسلم أبداً مكلّف بالعمل بما أُنزل من
 
 
9
 

1

المقدمة

الأحكام الشرعيّة، وواجبٌ عليه السعي لمعرفتها على وجهها الصحيح بالطرق الموصلة إليها حقيقة، وواجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ما تمكّن من ذلك وبلغت إليه قدرته "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته"1.

ويقول الشيخ الصافي الكلبايكاني: "وليعلم أنّ معنى الانتظار ليس تخلية سبيل الكفّار والأشرار، وتسليم الأمور إليهم، والمراهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإقدامات الإصلاحيّة، فإنّه كيف يجوز إيكال الأمور إلى الأشرار مع التمكّن من دفعهم عن ذلك، والمراهنة معهم، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من المعاصي الّتي دلَّ عليها العقل والنقل وإجماع المسلمين؟

ولم يقل أحدٌ من العلماء وغيرهم بإسقاط التكاليف قبل ظهوره، كما لا يُرى منه عينٌ ولا أثر في الأخبار..

نعم.. تدلّ الآيات والأحاديث الكثيرة على خلاف ذلك، بل تدلّ على تأكّد الواجبات والتكاليف والترغيب إلى مزيد من الاهتمام في العمل بالوظائف الدينيّة كلّها في عصر الغيبة"2.

بل إنّ نفس غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف وطبيعة مرحلة الانتظار تقتضي نوعاً من الواجبات والمسؤوليّات الأخرى الّتي تُضاف إلى قائمة الواجبات والتكاليف الإسلاميّة العامّة.

وهذا الكتاب "وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف" يبيّن هذا
 
 

 
1- عقائد الإماميّة، الشيخ المظفّر، ص 85.
2- منتخب الأثر,الشيخ الصافي الكلبايكاني, ص 499-500.
 
 
 
 
10
 
 

2

المقدمة

النوع من التكاليف والمسؤوليّات والوظائف.. وما يجب على المسلمين القيام به على المستوى الايمانيّ والفرديّ والاجتماعيّ والسياسيّ والجهاديّ في عصر الغيبة، وكيف ينبغي أن تكون علاقتنا نحن المنتظرين بالإمام الحجّة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.

والكتاب من تأليف عالم جليل من علمائنا الأبرار هو آية الله الميرزا محمّد تقي الموسويّ الأصفهانيّ مؤلّف كتاب "مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف"، وكان قد وضعه باللغة الفارسيّة فقام بنقله إلى العربيّة السيّد أبو أحمد الكاظمي، وعملتْ على تحقيقه ونشره قبل أكثر من أربع عشرة سنة مؤسّسة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف في قمّ المشرفة بإشراف السيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي. ونحن إذ نعيد طباعته ونشره بحلّة جديدة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي من سبقنا إلى ذلك أوفى الجزاء. وأن ينفع بهذا الكتاب المؤمنين المجاهدين الموطّئين لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وآخر دعوانا أن الحمد للهِ ربّ العالمين.


مركز نون للتأليف والترجمة
 
 
11
 

3

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

رؤيا الإمام بالمنام وكلامه عجل الله تعالى فرجه الشريف 
في ليلة مباركة مضيئة، أزهرتْ بلا نجم، وأضاءت بلا قمر، وفيما يرى النائم تشرّفت بلقاء مولاي صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وقلت له ما معناه: ما أصنع كي أتقرّب؟

فأجابني عجل الله تعالى فرجه الشريف ما معناه: "اجعل عملك عمل إمام زمانك".

فأدركت آنذاك أنّه إذا أردت أن تعمل عملاً، فانظر: هل كان إمامك عليه السلام يعمله؟ فاعمله، وإلّا فدعه.

ثمّ قلت له ما لفظه: هذا هو الأمل، فبماذا أوفّق لذلك؟
 
فقال عجل الله تعالى فرجه الشريف ما نصّه: "الإخلاص في العمل".

فانتبهت بعد ذلك من النوم محاوراً هذا الكلام الموجز لفظاً الواسع معنى، فأشبعته درساً وتحليلاً، لأجد على ضوء الاستدلال العقليّ والاستنتاج الفكريّ، أنّه يجب على الموالي لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام أن يكون في عمله تابعاً لإمامه عجل الله تعالى فرجه الشريف عارفاً مستيقناً أنّ عمله هو امتداد لعمل آبائه عليهم السلام الّذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيراً.

كيف لا، وهم آخذون من مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووحيه الّذي ما ينطق عن الهوى وهم زقّوا من نمير علمه، وهم ورّاثه وأوصياؤه في 
 
 
 
 
13
 

4

المقدمة

الأرض من بعده واحداً بعد واحد، وأمناؤه على عباده؟.

ولا مِراء في أنّ هذه هي حقيقة التشيّع ظاهراً وباطناً. وعلى ضوء هذا فإنّ الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هو الّذي أسّس أساس هذا التشيّع بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوّا بعدي أبداً"1.

وفي الجواب الثاني إشارة إلى قوله تعالى: ﴿قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي2. ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾3.

فهل الوظيفة إلّا التوسّل بأفضل ما يتوسّل به المتوسّلون والتمسّك بحبل الله المتين، وعترة الرسول عليهم السلام ثاني الثقلين!؟ مؤطّرين ذلك بأفضل الأعمال انتظار الفرج كما قال تعالى: ﴿فَانْتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ﴾4. متعوّذين من "الفتنة" في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً﴾5.

وآخر دعوانا أن الحمد للهِ ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.

السيّد محمّد باقر بن المرتضى الموحّد الأبطحي



1- وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج 27، ص 34.
2- سورة الزمر، الآية: 14.
3- سورة الكهف، الآية: 110.
4- سورة الأعراف، الآية: 71.
5- سورة الأنفال، الآية: 25.
 
 
14
 

5

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للهِ ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وآله المعصومين لا سيّما إمام زماننا خاتم الوصيّين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين أبد الآبدين.

أمّا بعد، فيقول غريق الآمال والأماني "محمّد تقي بن عبد الرزّاق الموسويّ الأصفهانيّ" عفا الله تعالى عنهما لإخوانه في الإيمان:

لقد جمعت في هذا الكتاب المختصر جملة من الأعمال بعنوانها وظيفة المؤمنين في زمان غيبة صاحب الزمان صلوات الله عليه أي حضرة الحجّة ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

وهي أربعة وخمسون أمراً يليق بالمؤمنين المواظبة عليها والعمل بها.

وسمّيته بـ "وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف" ومن الله التوفيق.

الأوّل: الاغتمام لفراقه عجل الله تعالى فرجه الشريف ولمظلوميّته.

فقد ورد في "الكافي" عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "نَفَس المهموم لنا، المغتمِّ لظلمنا تسبيح"1.


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 226، ح 16.
 
 
 
17
 

 


6

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

الثاني: انتظار فرجه وظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف.
فقد ورد في "كمال الدين" عن الإمام محمّد التقيّ عليه السلام أنّه قال: "إِنّ القائم منّا هو المهديّ الّذي يجب أن يُنتظر في غيبته، ويُطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي..."1.

وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "أفضل العبادة الصبر وانتظار الفرج"2.

وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه"3.

ولقد ذكرت هذا الموضوع مفصّلاً إِضافة إلى بقيّة الوظائف في كتاب "مكيال المكارم"4.

الثالث: البكاء على فراقه ومصيبته عليه السلام.
فقد ورد في "كمال الدين" عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "والله ليغيبنّ إِمامكم سنينَ من دهركم، ولتمحصنّ حتّى يقال: مات أو هلك بأيّ وادٍ سلك، ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين"5.
 
وروي عن الرضا عليه السلام أنّه قال: "من تذكّر مصابنا وبكى لما ارتُكب منّا كان معنا في درجتنا يوم القيامة"6.
 
 

 
1- كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ج2، ص 377، ح1. وعنه في بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 51، ص 156، ح1.
2- تحف العقول، ابن شعبة الحرّاني، ص 201.
3- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 52، ص 126، ح 18.
4- عن الفيض بن المختار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه"، قال: ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال: "لا بل كمن قارع معه بسيفه" ثمّ قال عليه السلام : "لا والله إلّا كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". مكيال المكارم، الميرزا محمّد تقي الأصفهاني، ج 2 ص141.
5- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 347، ح 35.
6- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 68، المجلس 17، ح 4. وعنه في البحار، ج44، ص 278، ح1.
 
 
18
 

7

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

الرابع: التسليم والانقياد وترك الاستعجال في ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف.
يعني ترك قول "لم، ولأيّ شيِّء" في أمر ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف، بل يسلّم بصحّة ما يصل إليه من ناحيته عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنّه عين الحكمة، فقد ورد في "كمال الدين" عن الإمام محمّد التقي عليه السلام أنه قال: "إنّ الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه" ثمّ سكت، فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن عليه السلام؟ فبكى عليه السلام بكاءاً شديداً ثمّ قال: "إِنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر".

فقلت له: يا ابن رسول الله، لم سمّي القائم؟ قال: "لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته". فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟ قال: "لأنّ له غيبةً يكثر أيّامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلِصُون، ويُنكره المرتابون، ويستهزىء بذكره الجاحدون، ويُكذِّب بها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلّمون"1.

الخامس: أن نصله عجل الله تعالى فرجه الشريف بأموالنا. يعني: يُهدى إِليه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
 
فقد ورد في "الكافي" عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "ما من شيء أحبّ إلى الله من إِخراج الدراهم إلى الإمام، وإنّ الله ليجعل له الدرهم في الجنّة مثل جبل أحد"، ثمّ قال: "إنّ الله تعالى يقول في كتابه: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا 


1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 378، ح3. كفاية الأثر، الشيخ علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي القمي، ص 279. وعنه في البحار، ج51، ص 157، ح5.
 
 
19
 
 

8

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

كَثِيرَةً﴾1، قال عليه السلام: هو والله في صلة الإمام خاصّة"2.

أمّا في هذا الزمان حيث إنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف غائب؛ يصرف المؤمن ذلك المال الّذي جعله صلة وهديّة له عجل الله تعالى فرجه الشريف في موارد فيها رضاه؛ كأن يُنفقها على الصالحين الموالين له عجل الله تعالى فرجه الشريف، فقد ورد في "البحار" نقلاً عن "كامل الزيارات" أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قال: "من لم يقدر أن يزورنا فليزر صالحي موالينا، يُكتب له ثواب زيارتنا. ومن لم يقدر على صِلَتنا فليصل صالحي موالينا يُكتب له ثواب صلتنا"3.

السادس: التصدّق عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف بقصد سلامته، كما ورد ذلك في كتاب "النجم الثاقب" مفصّلاً4

السابع: معرفة صفاته، والعزم على نصرته في أيّ حال كان والبكاء والتألُّم لفراقه عجل الله تعالى فرجه الشريف.

كما ورد ذلك أيضاً في كتاب "النجم الثاقب" مفصّلاً5.

الثامن: طلب معرفته عجل الله تعالى فرجه الشريف من الله عزّ وجلّ.
فيقرأ هذا الدعاء المروي عن الصادق عليه السلام في "الكافي" و"كمال الدين" وغيره:
 
 

1- سورة البقرة، الآية: 245.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 451، ح2.
3- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 102، ص 295، ح1، عن كتاب كامل الزيارات، ابن قولويه، ص 319.
4- في كتاب أمان الأخطار- في ضمن دعاء للتصدّق حين السفر ذكره هكذا: "اللّهمّ إنّ هذه لك ومنك وهي صدقة عن مولانا محمّد عجّل الله فرجه وصلّى عليه بين أسفاره وحركاته وسكناته في ساعات ليله ونهاره، وصدقة عمّا يعنيه أمره وما لا يعنيه وما يضمنه وما يخلفه". النجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب،، الميرزا حسين النوري، ج2، ص 472، الباب العاشر.
5- روي في عيون أخبار الإمام الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق في خبر متعلّق به عجل الله تعالى فرجه الشريف أنّه قال عليه السلام: "كم من حرى مؤمنة وكم من مؤمن متأسّف حيران حزين عند فقدان الماء المعين".
 
 
 
20

9

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

"اللَّهمَّ عرّفني نَفْسَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تَعرّفْني نَفْسَكَ لَمْ أَعرِفْ نَبِيّك.
اللَّهُمَّ عَرّفُني رَسَولَكَ فَإنَّكَ إِن لَمْ تُعرّفْني رَسولَكَ لَمْ أَعرفْ حُجّتَك.
اللَّهُمَّ عَرّفْني حَجّتَكَ فَإِنَّكَ إِن لَمْ تُعرّفْني حُجّتَكَ ضَلَلْتُ عَن ديْني"1.

التاسع: المداومة على قراءة هذا الدعاء المروي عن الصادق عليه السلام كما ورد في "كمال الدين" وهو: "يا اللهُ يَا رَحْمنُ يا رَحيم يا مُقِلّبَ القُلوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي على دِيْنِك"2.

العاشر: إَعطاء القرابين نيابة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف بقدر الاستطاعة. كما ورد ذلك في "النجم الثاقب"3.

الحادي عشر: عدم ذكر اسمه، وهو نفس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتسميته بألقاب، مثل: "القائم، المنتظر، الحجّة، المهدي، الإمام الغائب"، وغيرها.
 
فقد ورد في أخبار كثيرة أنّ تسمية اسمه في عصر الغيبة حرام4.

الثاني عشر: القيام احتراماً عند ذكر اسمه وخصوصاً لقب 


1- الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 272، ح5. وفي كمال الدين، ج2، ص 342، ح 24. وفي البحار، ج52، ص 146، ح 7.
2- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 352، ح 49.
3- النجم الثاقب، الميرزا النوري، ص 444.
4- عن أبي الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال: "الخلف من بعدي... إنّكم لا ترون شخصه ولا يجلّ لكم ذكره باسمه..."، إلى أن قال "قولوا الحجّة من آل محمّد صلوات الله عليه وسلامه". الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 332.
 
 
21
 

10

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

"القائم"، كما ورد ذلك في "النجم الثاقب"1.

الثالث عشر: إعداد السلاح للجهاد بين يديه.
فقد ورد في "البحار" عن "غيبة النعماني" أنّ الصادق عليه السلام قال: "ليعدَّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهماً، فإنّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن ينسىء في عمره حتّى يدركه"2.

الرابع عشر: التوسّل به عجل الله تعالى فرجه الشريف في المهمّات وإرسال رسائل الاستغاثة له عليه السلام كما ورد نصّها في "البحار"3.

الخامس عشر: القسم على الله تعالى به عجل الله تعالى فرجه الشريف في الدعاء، وجعله شفيعاً في قضاء الحوائج. كما ورد في "كمال الدين"4.

السادس عشر: الثبات على الدين القويم، وعدم اتباع الدعوات الباطلة المزخرفة.
 
وذلك لأنّ الظهور لا يكون قبل خروج السفياني والصيحة في السماء، فقد ورد في أخبار كثيرة: "اسكن ما سكنت السماء من النداء، والأرض من الخسف بالجيش"5.

وورد في "البحار" عن "غيبة الطوسي" أنّ الإمام الرضا عليه السلام قال:
 
 

 
1- ورد في النجم الثاقب القيام تعظيماً عند سماع اسمه المباركعجل الله تعالى فرجه الشريف وبالأخص إذا كان اسمه المبارك "القائم" كما استقرّت عليه سيرة الإماميّة ونقل بعض العلماء أنّه سأل عن هذا الموضوع العالم السيّد عبد الله سبط المحدّث الجزائري فأجاب بأنّه رأى خبراً مضمونه أنه ذكر يوماً اسمه المباركعجل الله تعالى فرجه الشريف في مجلس الإمام الصادق عليه السلام فقام عليه السلام تعظيماً واحتراماً له. النجم الثاقب، الميرزا النوري، ج2، ص474، الباب العاشر.
2- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 52، ص 366، ح 146. وفي الغيبة، للشيخ محمد بن ابراهيم النعماني، ص 320، ح 10.
3- البحار، م. ن، ج 94، ص 29.
4- راجع فصل ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في النص على القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف.
5- الأمالي، الشيخ الطوسي، ص 412.
 
 
 
22
 


 
 

11

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

"ينادون في رجب ثلاثة أصوات من السماء، صوتٌ منها: ألا لعنة الله على القوم الظالمين، والصوت الثاني: أزفت الأزفة يا معشر المؤمنين، والصوت الثالث: يرون بدناً بارزاً نحو عين الشمس، هذا أمير المؤمنين قد كرّ في هلاك الظالمين"1.

وورد في حديث آخر: أنّ جبرئيل ينادي في ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان نداء يسمعه جميع الخلائق: "إنّ الحقّ مع عليّ وشيعته" وفي آخر النهار يُنادي إِبليس: "إنّ الحقّ مع عثمان وشيعته".

فينادي جبرائيل عليه السلام بنداء آخر يسمعه جميع الخلائق: "إنّ المهديّ قد ظهر فاتّبعوه"2.

وورد في "كمال الدين" عن الصادق عليه السلام: "أوّل من يُبايع القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف جبرائيل ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه، ثمّ يضع رجلاً على بيت الله الحرام ورجلاً على بيت المقدس ثمّ يُنادي بصوتٍ طَلِقٍ تسمعه الخلائق: ﴿أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ 3"4.

وفي حديث آخر: "... فيبعث الله تبارك وتعالى ريحاً فتُنادي بكلّ وادٍ: هذا المهديّ، يَقضي بقضاء داود وسليمان عليهم السلام لا يريد عليه بيّنة"5.

السابع عشر: العزلة عن عموم الناس
 
فقد ورد في "كمال الدين" عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال:
 
 
 

1- الغيبة، الشيخ الطوسي، ص 268. وفي البحار، ج 52، ص 289، ح 28.
2- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 52، ص 230.
3- سورة النحل، الآية: 1.
4- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 671، ح 18.
5- م. ن، ح 19.
 
 
 
23
 
 

 


12

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

"يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إنّ أدنى ما يكون لهم من الثواب أن يُناديهم الباري جلّ جلاله فيقول: عبادي وإِمائي، آمنتم بسرّي وصدّقتم بغيبي، فأبشروا بحُسن الثواب منّي، فأنتم عبادي وإِمائي حقّاً، منكم أتقبّل، وعنكم أعفو، ولكم أغفر، وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيت"1.

أي يبتعد عن معاشرة الناس إلّا في الضرورات، فإنّهم يُنسونه ذكر إِمامه.

الثامن عشر: الصلاة عليه، عجّل الله تعالى فرجه، وسيأتي ذكر بعض الصلوات المرويّة إنّ شاء الله تعالى.

التاسع عشر: ذكر فضائله ومناقبه سلام الله عليه، وذلك لأنّه وليّ النعمة وسبب كلّ النعم الإلهيّة الواصلة إلينا كما أوضحت ذلك في كتاب "مكيال المكارم"2

فأحد أنواع الشكر لوليّ النعمة هو ذكر فضائله وكمالاته وإِحسانه، كما ورد في "مكارم الأخلاق"3 عن سيّد الساجدين عليه السلام في حقّ ذي


1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 330، ح 15.
2- ففي الحديث النبويّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من أتى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتّى تعلموا أنّكم كافأتموه"، مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج1، ص 36.
3- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 459.
 
 
 
24
 
 

13

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

المعروف علينا من رسالة الحقوق1.

العشرون: إظهار الشوق لرؤية جماله المبارك حقيقة، كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام عندما أشار إلى صدره وتأوّه شوقاً إلى لقائه2 (وهو لم يولد بعد).

الحادي والعشرون: دعوة الناس لمعرفته وخدمته وخدمة آبائه الطاهرين، فقد ورد في "الكافي" عن سليمان بن خالد أنّه قال للإمام الصادق عليه السلام: إِنّ لي أهل بيت وهم يسمعون منّي، أفأدعوهم إلى هذا الأمر؟ فقال عليه السلام: "نعم إنّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾3"4.

الثاني والعشرون: الصبر على المصاعب وعلى تكذيب وأذى ولوم أعدائه في زمان غيبته عجل الله تعالى فرجه الشريف.

فقد ورد في "كمال الدين" عن سيّد الشهداء عليه السلام أنّه قال: "أما إنَّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"5.
 
 

 
1- وأمّا حقّ ذي المعروف عليك، فأن تشكره وتذكر معروفه وتكتب المقالة الحسنة وتُخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّ وجلّ...رسالة الحقوق، الإمام زين العابدين عليه السلام .
2- والرواية هي: عليّ بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن موسى بن هارون بن عيسى العبدي، عن عبد الله بن مسلم بن قعنب، عن سليمان بن هلال قال: حدّثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: "جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين نبّئنا بمهديّكم هذا. فقال: "إذا درج الدارجون، وقلّ المؤمنون وذهب المجلبون، فهناك"، فقال: يا أمير المؤمنين ممّن الرجل؟ فقال: "من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مفيضها إذا وردت... إلى أن قال... ثمّ رجع إلى صفة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فقال: "أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً اللّهمّ فاجعل بيعته خروجاً من الغمّة واجمع به شمل الأمّة، فأنّى جاز لك فاعزم ولا تنثن عنه إن وفّقت له ولا تجيزنّ عنه إن هَديت إليه هاه وأومأ بيده إلى صدره شوقاً إلى رؤيته" الغيبة، الشيخ النعماني، ص 214. وفي البحار، ج 51، ص 115، ح 14.
3- سورة التحريم، الآية: 6.
4- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 211، ح 1.
5- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 317، ح 3.
 
 
 
 
25
 
 

14

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

الثالث والعشرون: إِهداء ثواب الأعمال الصالحة كقراءة القرآن وغيرها إليه، سلام الله عليه.

الرابع والعشرون: زيارته عجل الله تعالى فرجه الشريف، وهذان العملان الأخيران غير مختصّين به عجل الله تعالى فرجه الشريف بل وردا بشأن جميع الأئمّة عليهم السلام.

الخامس والعشرون: الدعاء لتعجيل ظهوره وطلب الفتح والنصر له عجل الله تعالى فرجه الشريف من الله تعالى.
 
ولهذا العمل فوائد وثمار كثيرة جدّاً وقد جمعتها نقلاً عن أخبار الأئمّة الأطهار وذكرتها في كتاب "أبواب الجنّات في آداب الجمعات" باللغة الفارسيّة، وفي كتاب "مكيال المكارم1 في فوائد الدعاء للقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف" وهو باللغة العربيّة.

وقد ورد في التوقيع الشريف المرويّ في "الاحتجاج" عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف: "...وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإنّ ذلك فرجكم"2.

وروي عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنّه قال: "والله ليغيبنّ غيبةً لا ينجو فيها من الهلكة إلّا من ثبّته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه"3.



1- مكيال المكارم، الميرزا الاصفهاني، ج2، ص 68.
2- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 284.
3- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 384، ضمن ح 1.
 
 
 
 
26
 
 

 


15

فصل في بعض الأدعية والزيارات

أمّا الأدعية الواردة عن الأئمّة عليهم السلام المختصّة به عجل الله تعالى فرجه الشريف فكثيرة جدّاً وسأذكر في هذا المختصر خمساً منها:
1- روي في "الفقيه" عن الإمام محمّد التقيّ عليه السلام أنّه قال: "إذا انصرفت من صلاة مكتوبة فقل:
رَضيْتُ باللهَ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِيناً وَبِالقُرآنِ كِتَابَاً وَبِمحمّد نَبيًّا وَبِعَليٍّ وَليًّا وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ وَعَليّ بْنِ الحُسين وَمحمّد بْنِ عليّ وَجَعفَرِ بْنِ محمّد وَمُوسَى بْنِ جَعفر وَعَليّ بْنِ موسى وَمحمّد بْنِ عَليّ، وَعَليّ بْنِ محمّد وَالحَسَنِ بْنِ عليّ وَالحجّة ابْنِ الحَسَنِ بنِ عَلِيّ عَلَيهِم السلامُ أئمَّةً.

اللَّهُمّ وَلَيَّكَ الحجّة فاحَفظهُ مِنْ بَينِ يَديْهِ وَمِن خَلفِهِ وَعَنْ يَمينه وَعَنْ شِمالِهِ وَمِن فَوقِهِ وَمِن تَحْتِهِ، وَامدُدُ لَهُ فِي عُمره وَاجْعَلَهُ القائِمَ بِأمرِكَ المُنْتَصِرَ لِدينكَ، وأرِهِ مَا يُحِبُّ وَتُقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ فِي نَفْسِهِ وَذُرّيتِهِ وَفِي أَهلِهِ وَمَالِهِ وَفِي شيعَتِهِ وَفِي عَدوِهِ، وَأرِهِم منهُ مَا يَحذَرونَ وأَره فيهِم مَا يُحِبُّ وَتقرُّ بِهِ صُدورُنَا وَصدُورُ قَومٍ مُؤمنين"1.

2- ورد في "مكارم الأخلاق" وغيره عن الصادق عليه السلام قراءة هذا الدعاء بعد كلّ فريضة: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد


1- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج1، ص 327.
 
 
 
29
 

16

فصل في بعض الأدعية والزيارات

اللَّهُمَّ إِنَّ رَسَولَكَ الصَادِقَ المُصَدَّقَ الأمينَ صَلَواتُكَ عَليهِ وَآلِهِ قَالَ إِنَّكَ قُلتَ تَباركْتَ وَتَعالَيْتَ مَا تَردّدتُ فِي شَيءٍ أنا فاعِلُهُ كتَردُّدي في قَبْضِ روحِ عَبديَ المُؤمِن يكرهُ المَوتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَساءَتَهُ.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَعَجّل لِوَليِّكَ الفَرجَ وَالراحَةَ وَالنصرَ والكَرامةَ والعافِيةَ وَلاَ تَسُؤني فِي نَفْسي وَلاَ فِي أَحَدٍ مِن أَحِبَّتِي"1 .

3- الدعاء المذكور في "جمال الأسبوع" عن الإمام الرضا عليه السلام في دعائه للحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف، وليس لهذا الدعاء وقت معين بل في أيّ وقت تيسّر قراءته وأرجو أن لا تنسوني عندها بالدعاء: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَآل محمّد وادفَع عَنْ وَليِّكَ وَخَليفَتِكَ وَحُجَّتِكَ عَلَى خَلْقِكَ، وَلِسَانِكَ المُعَبِّرِ عَنْكَ بإذْنِكَ الناطِقِ بِحكمَتِكَ، وَعَينِكَ الناظِرَةِ فِي بَريّتِكَ وَشاهِدكَ عَلَى عِبَادِكَ الجَحجاح المجاهد المُجتَهد عَبْدِكَ العائِذِ بِكَ.

اللَّهُمَّ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقْتَ وَذَرأت وَبَرأتَ وَأنشأتَ وَصَوَّرتَ، وَاحفظهُ مِنْ بَينِ يَديهِ وَمِن خَلفِهِ وَعَن يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحتِهِ بِحِفْظِكَ الَّذِي لاَ يضيع مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ، وَاحفَظْ فِيهِ رَسولَكَ وَوَصيّ رَسولِكَ وَأبَاءَهُ أئِمّتَكَ وَدَعائِمَ دِينِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ، وَاجْعَلْهُ فِي وَديعَتكَ الَّتي لا تَضِيعُ وَفي جِوارِكَ الَّذِي لا يُخْفَرُ وفي مَنْعِكَ وَعِزِّكَ الَّذِي لاَ يُقْهَرُ.

اللَّهُمَّ وَآمِنْهُ بِأمانِكَ الوَثيقِ الَّذِي لاَ يُخْذَلُ مَن أمِنْتَهُ بِهِ، وَاجْعَلْهُ 


1- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 284.
 
 
 
 
30
 
 
 

17

فصل في بعض الأدعية والزيارات

فِي كَنَفِكَ الَّذِي لاَ يُضَامُ مَن كَانَ فِيهِ وَانْصُرْهُ بِنَصْرِكَ العَزيزِ وَأَيِّدْهُ بِجُنْدِكَ الغالِبِ، وَقَوِّهِ بِقُوَّتِكَ وَأَرْدِفْهُ بِمَلائِكَتِكَ.

اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ وألْبِسْهُ دِرعَكَ الحَصِينَةَ وَحُفَّهُ بِالمَلائِكَةِ حَفًّا.

اللَّهُمَّ وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ مَا بَلَّغْتَ القائِمينَ بِقِسْطِكَ مِنْ أتباعِ النَّبِيِّينَ.

اللَّهُمّ اشْعَبْ بِهِ الصَّدْعَ وَارْتُقْ بِهِ الفَتْقَ وَأَمِتْ بِهِ الجَوْرَ وَأَظهِرْ بِهِ العَدْلَ وَزَيِّنْ بِطُولِ بَقائِهِ الأرْضَ، وَأَيِّدْهُ بِالنصْرِ وَانصُرْهُ بِالرُعْبِ وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً يَسيْراً، وَاجْعَلْ لَهُ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِ سُلطاناً نَصِيرْاً.

اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ القَائِمَ المُنتَظَرَ وَالإِمَامَ الَّذِي بِهِ تُنْتَصَرُ، وَأيِّدْهُ بِنَصرٍ عَزيزٍ وَفتحٍ قَريبٍ، وَوَرِّثْهُ مَشارِقَ الأرْضِ وَمغارِبَهَا اللاتي بَارَكْتَ فِيهَا، وَأْحيِ بِهِ سُنَّةَ نَبِيّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ حَتّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أحدٍ مِنَ الخَلْقِ، وَقَوِّ نَاصِرَهُ وَاخْذُلْ خَاذِلَهُ وَدَمْدِمْ عَلَى مَنْ نَصَبَ لَهُ وَدَمِّرْ عَلَى مَنْ غَشَّهُ.

اللَّهُمَّ وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الكُفْرِ وَعُمَدَهُ وَدَعائِمَهُ وَالقُوّامَ بِهِ، وَاقْصِمْ بِهِ رؤُوسَ الضلاَلَةِ وَشارِعَةَ البِدْعَةِ وَمُميتَةَ السُّنَّةِ وَمُقوِّيَةَ البَاطِلِ، وَأذْلِلْ بِهِ الجَبّارِينَ، وَأَبِرْ بِهِ الكافِرِينَ وَالمُنافِقِينَ وَجَمِيعَ المُلحِدِينَ حَيْثُ كَانُوا وَأَينَ كانوا مِنْ مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغارِبِهَا وَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَسَهْلِهَا وَجَبلِهَا حَتَّى لاَ تَدعَ مِنْهُمْ دَيّاراً وَلاَ تُبِقيَ لَهُمْ آثاراً.

اللَّهُمَّ وَطَهِّرْ مِنْهُمْ بِلاَدَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ عِبادَكَ وَأعِزَّ بِهِ المُؤمِنينَ، 
 
 
 
 
 
31
 

18

فصل في بعض الأدعية والزيارات

وَأحْيِ بِهِ سُنَنَ المُرسَلِينَ وَدارِسَ حِكَمِ النَّبِيِّن، وَجَدِّدْ بِهِ مَا مُحِيَ مِن دِينِكَ وَبُدِّلَ مِن حُكْمِكَ حَتّى تُعِيدَ دِينَكَ بِهِ وَعَلَى يَدَيهِ غَضًّا جَدِيداً صَحِيحاً مَحْضاً لا عِوَجَ فِيهِ وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ حَتّى تُنِيرَ بِعَدْلِهِ ظُلَمَ الجَورِ، وَتُطفِىءَ بِهِ نِيرانَ الكُفرِ وَتُظهِرَ بِهِ مَعاقِدَ الحَقِّ وَمجَهُولَ العَدْلِ وَتُوضِحَ بِهِ مُشكِلاَتِ الحُكْمِ.

اللَّهُمَّ وَإِنَّهُ عَبدُكَ الَّذِي اسْتَخلَصْتَهُ لِنَفِسِكَ وَاصْطَفَيتَهُ مِنْ خَلْقِكَ واصْطَفَيْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ وَأتمَنْتَهُ عَلَى غَيبِكَ وَعَصَمْتِهُ مِنَ الذّنُوبِ وَبَرَّأْتَهُ مِنَ العُيُوبِ وَطَهَّرتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَصَرَفتهُ عَنِ الدّنَس وَسَلَّمْتَهُ مِنَ الرّيْبِ.

اللَّهُمَّ فَإِنّا نَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَوَمَ حُلُولِ الطَّامّةِ إِنَّهُ لَمْ يُذْنِبْ ذَنْباً وَلَمْ يَأتِ حُوباً وَلَمْ يَرتَكِبْ لَكَ مَعصِيَةً وَلَمْ يُضَيِّعْ لَكَ طاعَةً وَلَمْ يَهْتِكْ لَكَ حُرْمَةً وَلَمْ يُبدِّلْ لَكَ فَرِيضَةً وَلَمْ يُغيّرْ لَكَ شَرِيعةً وَأَنَّهُ الإِمامُ التَقِيُّ الهادِيُ المَهْدِيُّ الطاهِرُ النَّقِيِّ الوَفِيّ الرَضِيّ الزكِيّ.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ وَأعطِهِ فِي نَفسِهِ وَوَلدِهِ وَأهْلِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأمَّتِهِ وَجَمِيع رَعِيَّتِهِ مَا تُقِرُّ بِهِ عَيْنَهُ وَتُسَرُّ بِهِ نَفسَهُ وَتُجْمَعُ لَهُ مُلْكَ المَمْلَكَاتِ كُلِّهَا قَرِيبها وَبَعِيدِهَا وَعَزِيزِهَا وَذَلِيلِهَا حَتّى يَجْرِيَ حُكْمُهُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ وَتَغْلِبَ بِحَقِّهِ عَلَى كُلِّ باطِلِ.

اللَّهُمّ وَاسْلُكْ بِنَا عَلَى يَدَيْهِ مِنْهاجَ الْهُدَى وَالْمَحَجَّةَ العُظْمَى وَالطَريقَةَ الوُسْطى الَّتِي يَرجِعُ إِلَيْهَا الغالِي وَيَلحَقُ بِهَا التَّالِي.

اللَّهُمَّ وَقَوِّنَا عَلَى طَاعَتِهِ وَثَبِّتْنَا عَلَى مُشايَعَتِهِ وَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمُتَابَعَتِهِ 
 
 
 
32
 

19

فصل في بعض الأدعية والزيارات

وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ القَوَّامِينَ بأَمْرِهِ الصَّابِرِينَ مَعَهُ الطَّالِبِينَ رِضَاكَ بِمُناصَحَتِهِ حَتّى تَحْشُرَنَا يَوْمَ القِيَامَةِ فِي أنْصَارِهِ وَأعْوَانِهِ وَمُقَوِّيَةِ سُلْطَانِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَاجْعَلْ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنَّا لَكَ خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعَةٍ حَتّى لاَ نَعْتَمِدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ وَحَتّى تُحِلَّنَا مَحِلَّهُ وَتَجْعَلَنَا فِي الجَنَّةِ مَعَهُ وَلاَ تَبْتَلِنا فِي أَمْرِهِ بِالسَّآمَةِ وَالكَسَلِ وَالفَتَرةِ وَالفَشَلِ، وَاجْعَلْنَا ممِّنْ تَنْتَصِرُ بِهِ لِدِينِكَ وَتُعِزُّ بِهِ نَصرَ وَلِيّكَ وَلاَ تَسْتَبْدِلْ بِنَا غَيْرَنَا فَإِنَّ اسْتِبْدَالَكَ بِنَا غَيْرَنَا عَلَيْكَ يَسيرٌ وَهُوَ عَلَيْنَا كَبِيرٌ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيِّءٍ قَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى وُلاَةِ عُهُودهِ وَبَلِّغْهُمْ آمَالَهُمْ وَزِدْ فِي آجَالِهمْ وَانْصُرْهُمْ وَتَمِّمْ لَهُم مَا أسْنَدْتَ إِلَيْهِمْ مِنْ أمْرِ دِينِكَ وَاجْعَلْنَا لَهُمْ أعْواناً وَعَلى دِينِكَ انْصاراً وَصلِّ عَلَى آبائِهِ الطاهِرِينَ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِيْنَ.

اللَّهُمَّ فإنّهمْ مَعادِنُ كَلِماتِكَ وَخزّانُ عِلْمِكَ وَوُلاَةُ أمْرِكَ وَخَالِصَتُكَ مِنْ عِبَادِكَ وَخِيرَتُكَ مِنْ خَلْقِكَ وَأوْلِيَائُكَ وَسَلاَئِلُ أَوْلِيَائِكَ وَصَفوَتُكَ وَأَوْلاَدُ أصْفِيَائِكَ صَلَواتُكَ وَرَحمتُكَ وَبَرَكَاتُكَ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ وَشُركاؤُهُ فِي أمْرِهِ وَمُعاوِنُوهُ عَلَى طاعتِكَ الَّذِينَ جَعَلتهُمْ حِصْنَهُ وسِلاَحَهُ وَمفزَعَهُ وأُنسَهُ الَّذِينَ سَلَوْا عَنِ الأَهْلِ وَالأَوْلاد وتَجافَوا الوطَنَ وَعَطَّلُوا الوَثيرَ مِنَ الْمِهَادِ قَدْ رَفَضُوا تِجاراتِهِم وَاضَرُّوا بِمعايِشِهِمْ وفُقِدُوا في أندِيَتِهِمْ بغيْرِ غَيبةٍ عَن مِصرِهم. وحَالَفُوا البَعيدَ مِمَّنْ عاضَدَهُم عَلَى أمْرِهِمْ وَخالَفُوا القَريبَ مِمّن صَدّ عَن وِجْهَتِهِمْ، وَائْتَلَفُوا بَعْدَ التَّدابُرُ وَالتقاطُعِ فِي دَهْرِهِمْ، وَقَطعُوا الأَسبابَ المُتَّصِلَةَ بِعاجِلِ حُطامٍ مِنَ الدُّنيا فَاجعَلْهُم اللَّهُمَّ فِي حِرْزِكَ وَفِي ظِلّ كَنَفِكَ وَرُدَّ
 
 
 
 
 
33
 
 

20

فصل في بعض الأدعية والزيارات

عَنْهُمْ بَأَسَ مَن قَصَدَ إِلَيْهِمْ بِالْعَداوَةِ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَجْزِلْ لَهُمْ مِنْ دَعْوَتِكَ مِن كِفايَتِكَ وَمعُونَتِكَ لَهُمْ وَتأيِيدِكَ وَنَصْرِك إيّاهُمْ مَا تُعينُهُمْ بِهِ عَلَى طَاعَتِكَ، وَازْهِقْ بِحَقِّهِمْ باطِلَ مَن أَرادَ إِطْفاءَ نوُرِكَ، وصلِّ عَلَى محمّد وَآلِهِ وَاملأْ بِهِمْ كُلَّ أُفُقٍ مِنَ الآفاقِ وَقُطرٍ مِنَ الأقطْارِ قِسْطاً وَعَدْلاً وَرَحْمَةً وَفَضْلاً، وَاشْكُرْ لَهُمْ عَلَى حَسَبِ كَرَمِكَ وَجُودِكَ وَمَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَى القائِمينَ بالْقِسْطِ مِنْ عِبَادِكَ، وادّخِر لَهُمْ مِنْ ثَوابِكَ مَا تَرفَعُ لَهُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَتَحْكُمْ مَا تُرِيدْ آمِينَ رَبَّ العَالَمِينَ"1.

4- الصلوات الّتي وردت عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف في "جمال الأسبوع" و"البحار" وتشتمل على الدعاء له والصلاة عليه:

بسم الله الرحمن الرحيم
"اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد سَيِّدِ المُرسَلِينَ وَخَاتِمِ النَّبِيِّينَ وَحُجّةِ رَبِّ العَالَمِينَ، المُنتَجَبِ فِي المِيثَاقِ المُصْطَفى فِي الظِّلالِ المُطَهَّرِ مِنْ كُلِّ آفّةٍ البَرِيءِ مِن كُلّ عَيْبٍ المؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ المُرْتَجَى لِلشَّفَاعَةِ المفَوَّضِ إِلَيْهِ دِينُ اللهِ.

اللَّهُمَّ شَرِّف بُنْيَانَهُ وَعَظِّمْ بُرهَانَهُ وَأفْلِحْ حُجَّتَهُ وارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَأضِيء نُورَهُ وَبَيِّضْ وَجْهَهُ وَأعْطِهِ الفَضْلَ وَالفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ وَالوَسِيلَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً يَغْبِطُهُ بِهِ الأَوَّلَونَ وَالآخِرُونَ.

وَصَلِّ عَلَى أَمِيرِ المؤمِنِينَ، وَوَارِثِ المُرْسَلِينَ وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجَّلِينَ وسيِّدِ الوَصِيِّيِنَ وَحُجَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إمَامِ المُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ المُرْسَلِينَ


1- جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس، ص 513.
 
 
 
 
 
34

21

فصل في بعض الأدعية والزيارات

وَحُجَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، إمَامِ المُؤْمِنينَ وَوَارِثِ المُرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ العالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى عَلِيٍّ بْنِ الحُسَيْنِ سَيِّدِ العابِدِينَ، وَإِمَامِ المُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ المُرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى محمّد بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ المُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ المُرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ محمّد، إِمَامِ المؤْمِنينَ وَوَارِثِ المرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، إِمَامِ المؤْمِنينَ وَوَارِثِ الْمُرسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

وَصَلِّ عَلَى عَلِيٍّ بْنِ مُوسى، إِمَامِ المؤُمْنِينَ وَوَارِثِ الْمُرسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبّ الْعَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى محمّد بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ المؤُمْنِينَ وَوَارِثِ الْمُرسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبّ الْعَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى عَلَيٍّ بْنِ محمّد، إِمَامِ المؤُمْنِينَ وَوَارِثِ الْمُرسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبّ الْعَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، إِمَامِ المؤُمْنِينَ وَوَارِثِ الْمُرسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وَصَلِّ عَلَى الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْهَادِي الْمَهْدِيِّ،ِ إمَامِ الْهُدى وَإِمَامِ
 
 
 
 
35
 

22

فصل في بعض الأدعية والزيارات

الْمُؤْمِنينَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِينَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَأَهْلِ بَيْتِهِ الأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِينَ الأبْرَارِ الْمُتَّقِينَ دَعَائِمِ دِينِكَ، وَأَرْكَانِ تَوحِيدِكَ وَتَراجِمَةِ وَحْيِكَ وَحُجَجِكَ عَلَى خَلقِكَ وَخُلَفَائِكَ فِي أَرضِكَ الَّذِينَ اخْتَرْتَهُم لِنَفْسِكَ وَاصْطَفَيْتَهُمْ عَلَى عِبَادِكَ وارتَضَيْتَهُمْ لِدينِكَ وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ، وَجَلَّلْتَهُمْ بِكَرامَتكَ وَغَشَّيْتَهُمْ بِرَحْمَتِكَ وَرَبّيتَهُمْ بِنعْمَتِكَ وَغَذَّيْتَهُمْ بِحِكْمَتِكَ، وَألبَسْتَهُمْ مِنْ نُورِكَ وَرَفَعْتَهُمْ فِي مَلَكُوتِكَ وَحَفَفْتَهُمْ بِمَلائِكَتِكَ وَشَرَّفْتَهُمْ بِنَبيِّكَ صَلواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَعَلَيْهِمْ صَلاةً زاكيةً ناميةً كَثِيرَةً دائِمَةً طَيِّبَةً، لاَ يُحيطُ بِهَا إِلَّا أَنْتَ وَلاَ يَسَعُهَا إِلّا عِلْمُكَ وَلاَ يُحْصِيهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ.

اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ الْمُحيي سُنَّتِكَ الْقَائِمِ بِأمْرِكَ الدَّاعِي إِلَيْكَ الَدَّلِيلِ عَلَيْكَ وَحُجَّتِكَ عَلَى خلقك وخَليفَتِكَ فِي أرْضِكَ وَشَاهِدِكَ عَلَى عِبَادِكَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ وَمُدَّ فِي عُمْرِهِ وَزَيِّنِ الأرْضَ بِطوُلِ بَقائِهِ.

اللَّهُمَّ اكفِهِ بَغْيَ الْحَاسِدِينَ وأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الكَافِرِينَ وَازْجُرْ عَنْهُ إِرادَةَ الظَّالِمينَ وَخَلِّصْهُ مِنْ أَيْدِي الْجبَّارِينَ.

اللَّهُمَّ أعْطِهِ فِي نَفْسِهِ وَذُرِّيتهِ وَشيعَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ وَخَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَعَدُوّهِ وَجَمِيعِ الدُّنْيَا مَا تَقِرُّ بِهِ عَيْنُهُ وَتُسَرُّ بِهِ نَفْسُهُ، وَبَلِّغْهُ أفْضَلَ مَا أمّلَهُ فِي الدّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدير.

اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا امْتُحي مِن دِينِكَ وَأحْي بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ كِتابِكَ 
 
 
 
 
 
36
 

23

فصل في بعض الأدعية والزيارات

وَأَظْهِرْ بِهِ مَا غُيِّرَ مِنْ حُكْمِكَ حَتَّى يَعُودَ ديِنُكَ بِهِ وَعَلى يَدَيْهِ غَضّاً جَديداً خَالِصاً مُخلَصاً، لاَ شَكَّ فِيهِ وَلاَ شُبْهَةَ مَعَهُ وَلاَ بَاطِلَ عِنْدَهُ وَلاَ بِدْعَةَ لَدَيْهِ.

اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ كُلَّ ظُلْمَةٍ وهُدَّ بِرُكْنِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ واهدِم بِعِزّتِهِ كُلَّ ضَلالَةٍ واقْصِمْ بِهِ كُلَّ جَبَّارٍ وَأَخْمِدْ بِسَيْفِهِ كُلَّ نارٍ وَأهْلِكْ بِعَدْلِهِ كُلَّ جَبّارٍ وَأجْرِ حُكْمَهُ عَلَى كُلِّ حُكْمٍ وَأذِلَّ بِسُلْطَانِهِ كُلَّ سُلْطَانٍ.

اللَّهُمَّ أذِلَّ كُلَّ مَنْ ناوَاهُ وأهْلِكْ كُلَّ مَنْ عَادَاهُ وَامْكُرْ بِمَنْ كَادَهُ وَاسْتَأْصِلْ مَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاسْتَهانَ بِأمْرِهِ وَسَعَى فِي إطفاءِ نُورِهِ وَأرَادَ إخْمَادَ ذِكْرِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد الْمُصْطَفى وَعَلِيٍّ المُرْتَضى وَفاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ والحَسَنِ الرِّضَا وَالحُسَيْن المُصَفّى وَجَميعِ الأوْصِياءِ مَصابِيحِ الدُّجَى وَأعْلاَمِ الْهُدى وَمَنارِ التُّقى وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَالْحَبْلِ الْمتينِ وَالصِّراطِ الْمُسْتَقِيمِ.

وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَولاَةِ عَهْدِكَ وَالأَئِمّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَمُدَّ فِي أَعْمَارِهمْ وَزِدْ فِي آجالِهِمْ وَبَلِّغْهُمْ أَفْضَلَ آمالِهِمْ دِيناً ودُنياً وَآخِرةً إنّكَ عَلَى كُلِّ شَيِّءٍ قَدِيرٌ"1 .


1- جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس، ص 500. وفي البحار، ج 94، ص 81.
 
 
 
37

 


24

فصل في بعض الأدعية والزيارات

5- الدعاء الّذي ذُكر في "النجم الثاقب" لكافّة الأوقات وخصوصاً في شهر رمضان المبارك وخاصّة في ليلة الثالث والعشرين منه، فتقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النّبيّ وآله عليهم الصلاة والسلام:
"اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ القائِمِ بِأَمِركَ الحجّة ابْنِ الحَسَنِ المهْدِيّ عَلَيِهِ وَعَلَى آبائِهِ أفْضَلُ الصَّلاَةِ والسَّلاَمِ فِي هذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقَائِداً وَنَاصِراً وَدَلِيلاً وَمُؤَيِّداً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعَاً وَتُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوْلاً وَعَرْضاً وَتَجْعَلَهُ وَذَرِّيَتَهُ مِنَ الأَئِمّةِ الوارِثينَ.

اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ وَاجْعَلِ النَصْرَ مِنْكَ لَهُ وَعَلَى يَدِهِ وَاجْعَلِ النَّصْرَ لَهُ وَالفَتْحَ عَلَى وَجْهِهِ وَلاَ تُوَجِّهِ الأَمرَ إلى غَيْرِهِ.

اللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِينَكَ وَسُنَّةَ نَبيِّكَ حَتَّى لاَ يَسْتَخْفِيَ بِشَيْءٍ مِنَ الحَقِّ مَخافَةَ أَحَدٍ مِنَ الخَلْقِ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمةٍ تُعِزُّ بِهَا الإِسلاَمَ وَأَهلَهُ وَتُذِلّ بِهَا النِّفَاق وَأهْلهُ، وَتَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ الدُعَاةِ إلى طَاعَتِكَ وَالقَادَةِ إلى سَبِيلِكَ، وَآتِنا فِي الدُّنيا حَسَنةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، واجْمَعْ لَنَا خَيرَ الدَّارَيْنِ واقْضِ عَنّا جَمِيعَ مَا تُحِبُّ فيهِمَا، وَاجْعَلْ لَنَا فِي ذَلِكَ الخِيرَةَ بِرَحمَتِكَ وَمَنِّكَ فِي عَافِيةٍ آمين رَبِّ العَالَمِينَ، وَزِدّنَا مِن فَضْلِكَ وَيَدِكَ الملأى فَإنَّ كُلّ مُعْطٍ يَنقُصُ مِنْ مُلْكِهِ وَعَطَاؤُكَ يَزِيدُ فِي مُلْكِكَ"1.

وأمّا زيارته عجل الله تعالى فرجه الشريف، فقد ورد في "الاحتجاج" أنّ حضرة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه قال في توقيعه الشريف إلى محمّد بن عبد الله 
 
 

 
1- النجم الثاقب، الميرزا النوري، ص 434.
 
 
 
 
 
38

25

فصل في بعض الأدعية والزيارات

بن جعفر الحميَريّ: "إذا أردتم التوجّه بنا إلى الله وإلينا فقولوا كما قال الله تعالى:
سَلاَمٌ عَلَى آلِ يس السَّلاَمُ عَلَيكَ يَا دَاعِيَ اللهِ وَربَّانِيَّ آياتِهِ،
السَّلامُ عَلَيكَ يَا بَابَ اللهِ وَديّانَ دينهِ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ اللهِ وَنَاصِرَ حَقِّهِ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللهِ وَدَليلَ إرادَتِهِ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا تَالِيَ كِتَابِ اللهِ وتَرجُمانَهُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ في آناءِ لَيلِكَ وأطْرَافِ نَهارِكَ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيّةَ اللهِ في أَرضِهِ،
السَّلامُ عَلَيْكَ يَا مِيثاقَ اللهِ الَّذِي أخذَهُ وَوَكَّدَهُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا وَعْد اللهِ الَّذِي ضَمِنَهُ،
السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا العَلَمُ المَنْصُوبُ وَالعِلمُ المَصبُوبُ والغَوثُ والرحْمَةُ الواسِعَةُ وَعْداً غَيرَ مَكْذوبٍ،
السَّلاَمُ عَلَيكَ حِينَ تَقُومُ،
السَّلاَمُ عَلَيكَ حِينَ تَقعُدُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَقْرَأَ وَتُبَيِّنُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصَلّي وَتَقْنُت،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَرْكَعُ وَتَسْجُدُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُهَلِّلُ وَتُكَبِّرُ،
 
 
 
39
 

 

26

فصل في بعض الأدعية والزيارات

السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تَحْمَدُ وَتَسْتغفِرُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ حِينَ تُصْبِحُ وَتُمْسِي،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَي اللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الإِمَامُ المأْمُونُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا المُقدّم المَأْمُولُ،
السَّلاَمُ عَلَيْكَ بِجَوامِعِ السَّلامِ،

أُشْهِدُكَ يَا مَوَلايَ أَنّي أَشْهَدُ أن لاَ إِلَهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأنّ محمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لاَ حَبيبَ إِلّا هُوَ وَأهلُهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ أَمِيرَ المؤُمِنينَ حُجَّتُهُ وَالحَسَنَ حُجَّتُهُ وَالحُسَيْنَ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ الحُسَيْنِ حُجّتُهُ وَمحمّد بْنَ عَلِيَّ حُجَّتُهُ وَجَعْفَر بْنَ محمّد حُجَّتُهُ وَمُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَعَلِيَّ بْنَ مُوسى حُجَّتَهُ وَمحمّد بْنَ عَلِيِّ حُجَّتَهُ وَعَلِيِّ بْنَ محمّد حُجَّتُهُ وَالحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ حُجَّتُهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللهِ أَنْتُمُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَأَنّ رَجْعَتَكُمْ حَقٌّ لاَ رَيْبَ فِيهَا يَوْمَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمانُهَا لَمْ تَكُنْ آمنَتْ مِنْ قَبلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِهَا خَيْراً وَأَنَّ المَوْتَ حَقٌّ وَأَنّ ناكِراً وَنَكيراً حَقّ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ النَشْرَ والبَعْثَ حَقٌّ وَأنَّ الصِّراطَ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ وَالمِيزَانَ والْحِسَابَ حَقٌّ وَالْجَنّةَ حَقٌّ وَالنّارَ حقٌّ وَالوَعْدَ وَالوَعِيدَ بِهِمَا حَقّ.

يَا مَوَلاَيَ شَقِيَ مَنْ خَالَفَكُمْ وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَكُمْ فَاشْهَدْ عَلَى مَا أشهَدْتُكَ عَلَيْهِ وَأَنَا وَلِيٌّ لَكَ بَرِيءٌ مِنْ عَدُوِّكَ فَالحَقُّ مَا رَضِيتُمُوهُ وَالبَاطِلُ مَا أسْخَطْتُمُوُه وَالمعْرُوفُ مَا أمَرتُمْ بِهِ وَالمُنكَرُ مَا نَهَيْتُمْ 
 
 
 
40
 
 

27

فصل في بعض الأدعية والزيارات

عَنْهُ فَنَفْسِي مُؤمِنَةٌ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِيرِ المؤْمِنِينَ وَبِكُمْ يَا مَولاَيَ أوَّلِكُمْ وآخركم وَنُصْرَتِي مُعَدَّةٌ لَكُمْ وَمَوَدّتِي خَالِصَةٌ لَكُمْ آمِينَ آمِينَ".

ويقرأ هذا الدعاء بعد الزيارة:
"اللَّهُمَّ إِنِّي أسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى محمّد نَبِيِّ رَحْمَتِكَ وَكَلِمَةِ نُورِكَ، وَأَنْ تَمْلأَ قَلْبِي نُورَ الْيَقِينِ وَصَدْرِي نُورَ الإيمانِ وَفِكْرِي نُورَ النيّاتِ وَعَزْمِي نُورَ الْعِلْمِ وَقُوّتِي نُورَ العَمَلِ وَلِسَانِي نُورَ الصِّدْقِ وَدِيني نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِكَ وَبَصَري نُورَ الضِّياءِ وَسَمْعِي نُورَ الْحِكْمَةِ وَمَوَدَّتي نُورَ الموالاَةِ لِمحمّد وَآلِهِ عَلَيْهُمُ السَّلاَمُ حَتّى ألقَاكَ وَقَدْ وَفَيْتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ فَيَسَعُنِي رَحْمَتُكَ يَا وَلِيُّ يَا حَمِيدُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد حُجَّتِكَ فِي أرْضِكَ وَخَلِيفَتِكَ فِي بِلاَدِكَ وَالدَّاعِي إلى سَبِيلِكَ والْقَائِمِ بِقِسْطِكَ وَالثائِرِ بِأمْرِكَ وَلِيّ المْؤُمِنِينَ وَبَوارِ الكَافِرِينَ وَمُجَلِّي الظُّلْمَةِ وَمُنِيرِ الْحَقِّ وَالنَّاطِقِ بِالْحِكْمَةِ وَالصِّدْقِ وَكَلِمَتِكَ التامَّةِ فِي أَرْضِكَ الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ وَالوَلِيِّ النّاصِحِ سَفينَةِ النَّجَاةِ وَعَلَمِ الهُدى وَنُورِ أبْصَارِ الْوَرى وَخَيْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَى وَمُجِلّي العَمى الَّذِي يَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً، كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنّكَ عَلَى كُلِّ شَيِّءٍ قَدِيرٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى وَلِيّكَ وَابْنِ أولِيَائِكَ الَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُم وَأوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَأذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِيراً.

اللَّهُمَّ أنْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِديِنِكَ وَانْصُرْ بِهِ أولِياءَكَ وَأوْلِيَاءَهُ وشيعَتَهُ وَانْصَارَهُ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ.
 
 
 
41
 

28

فصل في بعض الأدعية والزيارات

اللَّهُمَّ أعِذْهُ مِنْ شَرِّ كُلِّ بَاغٍ وَطَاغٍ وَمنْ شَرِّ جَميعِ خَلْقِكَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ واحرسهُ وَامْنَعْهُ مِنْ أَنْ يُوصَلَ إِليْهِ بسُوءٍ، وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولكَ وَآلَ رَسُولِكَ، وَأظهِرِ بِهِ الْعَدْلَ وَأيِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِريِهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِيهِ وَاقْصِمْ قَاصِميهِ وَاقْصِمْ بِهِ جَبابِرَةَ الْكُفْرِ وَاقْتُلْ بِهِ الْكُفَّارَ والمُنَافِقِينَ وَجَميعَ الْمُلْحِدينَ حَيْثُ كَانُوا مِنْ مَشارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا، وَامْلأ بِهِ الأَرْضَ عَدْلاً وَأظْهِرْ بِهِ دينَ نَبِيّكَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

وَاجْعَلْنِي اللَّهُمَّ مِنْ أنْصارِهِ وَأعوانِهِ وأتباعِهِ وَشيعَتِهِ وأرِني في آلِ محمّد عَلَيْهِمُ السَّلامُ مَا يَأمُلُونَ وَفِي عَدُوِّهِمْ مَا يَحْذَرُونَ إِلَهَ الْحَقِّ آمين يَا ذَا الجْلاَلِ وَالإِكْرَامِ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ"1.

دعاء العهد الصغير
ويُقرأ يومياً بعد صلاة الصبح باعتباره زيارة له عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد ورد في "البحار" و"زاد المعاد" وغيرهما وهو:

"اللَّهُمَّ بَلِّغَ مَولايَ صَاحِبَ الزَّمَان صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ عَنْ جَمِيعِ المؤمِنينَ وَالمؤمِناتِ فِي مَشَارِقِ الأرْضِ وَمَغَارِبَها وَبرِّهَا وَبَحرِهَا وسَهْلِها وَجَبلِها حَيِّهِمْ وَمَيِّتِهِم وَعَن وَالِدَيّ وَوُلِدي وَعَنّي مِنَ الصَّلَوَاتِ وَالتَّحِيّاتِ زِنَةَ عَرْشِ اللهِ وَمِدَادَ كَلِماتِهِ وَمُنتَهَى رِضَاهُ وَعَدَدَ ما أحْصَاهُ كِتَابُهُ وَأحَاطَ بِهِ عِلْمُهُ. 

اللَّهُمَّ إِنِّي أجَدِّدُ لَهُ فِي هَذَا اليَوْمَ وَفِي كُلِّ يَومٍ عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً
 
 

1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 316.
 
 
42
 

29

فصل في بعض الأدعية والزيارات

 لَهُ فِي عُنُقِي.

اللَّهُمَّ فَكَمَا شَرَّفْتَنِي بِهَذا التَّشْرِيفِ وَفَضَّلتَنِي بِهَذِهِ الفَضِيلَة وخَصَصْتَنِي بِهَذِهِ النَعمَةِ فَصَلِّ عَلَى مَوْلاَيَ وَسَيّدي صَاحِبِ الزَّمَانِ وَاجْعَلْنِي مِنْ أنْصَارِهِ وَأشْيَاعِهِ الذَّابِّينَ عَنهُ، وَاجْعَلْنِي مِنَ المُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَائِعاً غَيرَ مُكْرَهٍ فِي الصَّفِّ الَّذِي نَعَتَّ أهلَهُ فِي كِتَابِكَ فَقُلْتَ ﴿صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ﴾ عَلَى طَاعَتِكَ وَطَاَعَةِ رَسُولِكَ وَآلِهِ عَلَيهِم السَّلاَم.

اللَّهُمَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ لَهُ فِي عُنُقي إلى يَومِ القِيَامَةِ"1.

صلاة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف
كما ورد في "جمال الأسبوع" وغيره وهي ركعتان في كلّ ركعة تَقرأ الحمد و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وعندما تصل إلى  ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ تكرّرها مائة مرة.

وفي رواية تصلّي بعدها مائة مرّة على النبيّ وآله صلى الله عليه وآله وسلم.

وبرواية السيد ابن طاووس رحمة الله عليه تقرأ هذا الدعاء2 بعدها:

"اللَّهُمَّ عَظُمَ البَلاءُ وَبَرِحَ الخَفاء3 وانْكَشَفَ الغِطاءُ وضَاقَتِ الأرْضُ وَمنعَتِ السَّمَاءُ وَإِلَيْكَ يَا رَبُّ المُشْتَكى وَعَليْكَ المُعَوَّلُ في الشِدِّةِ والرَّخَاءِ.
 
 

 
1- زاد المعاد، العلّامة المجلسي، ص322.
2- وورد في رواية: أنّ حضرة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف علّم هذا الدعاء لأحد الأصحاب وببركته نجا من القتل "المؤلّف".
3- يعني زاد ظلم الأعداء. وفي بعض النسخ: برح الخفاء، يعني اشتدّت صعوبة اختفاء إمامنا أو اشتدّت صعوبة اختفاء طريق نجاة المؤمنين "المؤلّف".
 
 
 
43
 




 



 




 

 

30

فصل في بعض الأدعية والزيارات

 اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد الَّذينَ أمَرْتَنَا بِطاعَتِهِمْ وَعَجّلِ اللَّهُمَّ فَرَجَهُمْ بِقَائِمِهِمْ وَأظْهِرْ إعْزازَه. يَا محمّد يَا عَلِيّ يَا عليّ يا محمّد اِكْفِياني فَإنكُمَا كافِيايَ، يَا محمّد يَا عَلِيّ يَا عَلِيّ يَا محمّد انصُراني فَإِنَّكُما ناصِرايَ، يَا محمّد يَا عَلِيّ يَاعَلِيّ يَا محمّد اِحْفَظاني فَإِنَّكُمَا حافِظَايَ، يَا مَوْلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمانِ الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ أَدْرِكْنِي أَدْرِكْني أَدْرِكْنِي الأَمَانَ الأَمانَ الأَمَانَ"1.
 
 

 
1- جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس، ص 280. وفي البحار، ج 88، ص191.
 
 
44

31

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

 ونورد هنا بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقيّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف بتعجيل ظهوره من الله جلّ شأنه والّتي جمعتها من الآيات والأخبار وهي كثيرة وسأكتفي هنا بذكر "أربعة عشر" منها وِهي:
1- يكون سبباً لطول العمر، كما ورد خاصّة في الدعاء الثاني المذكور في هذا الكتاب عن الصادق عليه السلام بأن يُقرأ بعد كلّ فريضة1.

2- إنّه نوع من أداء حقّه سلام الله عليه، وقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "قضاء حقوق الإخوان أشرف أعمال المتّقين"2.

أقول: ولأنّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف رئيس وأفضل جميع المؤمنين فيكون أداء حقّه من أهمّ أعمال الخير وأفضلها.

3- إنّه سبب للحصول على شفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم3، ويُستفاد من بعض الأحاديث أنّه موجب لشفاعة حضرة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
 
 

1- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص 298.
2- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 74، ص 229، ضمن ح 25.
3- فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أربعة أنا الشفيع لهم يوم القيامة ولو أتوني بذنوب أهل الأرض: مُعين أهل بيتي والقاضي لهم حوائجهم... والمحبّ لهم بقلبه ولسانه، والدافع عنهم بيده"، الخصال، الشيخ الصدوق، ص 196، ح1.
 
 
47
 

32

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

4- إنّ الله يُساعد الداعي له عجل الله تعالى فرجه الشريفلأنّ الدعاء له نوع من أنواع المساعدة والنصرة، ونصرته نصرة الله تعالى، يقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾1 .

5- إدخال السرور عليه بذلك، وقد ورد في "الكافي" عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام قال: "ما عُبدَ الله بشيِّء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن"2.

6- إنّه موجب لدعاء صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف للداعي، وهذا يُستفاد من جملة من الروايات3.

7- إنّه تحصيل ثواب الدعاء لجميع المؤمنين والمؤمنات، وذلك لأنّ نفع ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف يعود لهم جميعاً، بل لجميع الخلائق من أهل السماوات والأرضين كما أوضحت ذلك في كتاب "مكيال المكارم"4 بذكر روايات كثيرة حوله، فإن دعوت له عجل الله تعالى فرجه الشريف بهذه النيّة فسيكون دعاءاً لهم جميعاً.

8- إنّه إظهار للمحبّة والولاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهو أقرب ذريّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه فإظهار المحبّة له أداءٌ لأجر الرسالة، يقول تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾5.

9- إنّه موجب لدفع البلاء عن الداعي في زمان غيبته عجل الله تعالى فرجه الشريف6.

10- إنّ الدعاء بتعجيل ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف تعظيم لله، وتعظيم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
 
 

 
1- سورة الحجّ، الآية: 40.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 188، ح2.
3- كما في تحف العقول، ابن شعبة الحرّاني، ص 44، وغيره.
4- كما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : "إذا قام القائم أذهب الله عن كلّ مؤمن العاهة وردّ إليه قوّته..». مكيال المكارم، الميرزا الاصفهاني، ج1، ص 247.
5- سورة الشورى، الآية: 23.
6- كما في الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 284.
 
 
48
 

33

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

وتعظيم لكتاب الله حيث إنَّه سيعمل به في ظهوره، وتعظيم لدين الله جلَّ شأنه حيث إنَّهُ سيظهر ويغلب على الدين كلّه، وتعظيم لجماعة المسلمين بنجاتهم من الكفّار، وهذا موجب لدخول الجنّة كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في "الخصال"1.

11- إنّ الدعاء بتعجيل الفرج له عجل الله تعالى فرجه الشريف موجب لتحصيل ثواب إِعانة المظلوم، وهذا موجب لعبور الصراط المستقيم يوم القيامة بسلام كما ورد ذلك عن الإمام زين العابدين عليه السلام2.

12- فيه ثواب الجهاد بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام.

13- الحصول على أجر لا يعلمه إِلّا الله جلّ شأنه، وهو الفوز بثواب طلب ثأر سيّد الشهداء عليه السلام وذلك لأنّ صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف سيأخذ بثأره، فكلّما تدعو بتعجيل فرجه عجل الله تعالى فرجه الشريف ستُشرك في أجر عمله عجل الله تعالى فرجه الشريف.

14- ما ورد في "كمال الدين" عن أحمد بن إسحاق أنّه قال: دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف بعده، فقال لي مبتدئاً: "يا أحمد بن إسحاق، إِنّ الله تبارك وتعالى لم يُخلِ الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يُخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزل الغيث، وبه يُخرج بركات الأرض.

قال: فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء الثلاث سنين، فقال: يا أحمد بن
 
 

 
1- الخصال، الشيخ الصدوق، ص 141.
2- تفصيل ذلك في مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج1، ص 439.
 
 
49
 

34

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

 إسحاق، لولا كرامتك على الله عزّ وجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إِنّه سميُّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيُّه الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأُمّة مثل الخضر عليه السلام، ومثله مثل ذي القرنين والله ليغيبنّ غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إِلّا من ثبّته الله عزّ وجلّ على القول بإمامته ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه.

فقال أحمد بن إسحاق: فقلت له: يا مولاي، فهل من علامة يطمئنّ إليها قلبي؟ فنطق الغلام عجل الله تعالى فرجه الشريف بلسان عربيّ فصيح فقال:

أنا بقيّة الله في أرضه والمنتقم من أعدائه، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق"1.
 

1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 384.
 
 
 
50
 
 

 


35

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

أحاديث عن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
يقول العاصي والجاني محمّد تقي بن عبد الرزّاق الموسويّ الأصفهانيّ عفا الله تعالى عنهما: لقد رأيت من المناسب بل اللازم في هذا المقام ذكر اثني عشر حديثاً عن غيبة ذلك الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف عالي المقام عن أبصار الأنام نقلاً عن الأئمّة الكرام عليهم السلام حتّى يكون نفعه للخواص والعوام بالكمال والتمام فيكون لهذا الضعيف ذخيرة يوم القيامة. وقد انتخبتها من كتاب "كمال الدين وتمام النعمة" تأليف الشيخ الصدوق رضوان الله عليه1، آملاً أن يكون هذا العمل تحت النظر المبارك لذلك الوليّ إِن شاء الله تعالى.

الحديث الأوّل: عن رسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "المهديّ من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون له غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، ثمّ يُقبل كالشهاب الثاقب، يملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئت جوراً وظلماً"2.

الحديث الثاني: عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال الأصبغ بن نباتة: أتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فوجدته متفكّراً 
 
 

 
1- اسمه المبارك: محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. بشارة ولادته جاءت من صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف. توفيّ سنة 381هـ. قبره في أطراف طهران، جلالة قدره غنيّة عن البيان. صنّف نحو ثلاثمائة كتاب. رحمة الله عليه "المؤلّف".
2- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 286، ح1.
 
 
 
51
 
 

36

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

ينكت في الأرض، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما لي أراك متفكّراً تنكت في الأرض، أرغبت فيها؟!

فقال عليه السلام: "لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوماً قط، ولكن فكّرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي هو المهديّ، يملأها عدلاً كما مُلئت جوراً وظلماً، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون.

فقلت: يا أمير المؤمنين، وإنّ هذا لكائن؟!

فقال عليه السلام: نعم، كما أنّه مخلوق"1.

الحديث الثالث: عن الإمام الحسن المجتبي عليه السلام أنّه قال: "ما منّا أحد إِلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إِلّا القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى ابن مريم عليهم السلام خلفه فإنّ الله عزّ وجلّ يخفي ولادته، ويغيب شخصه لئلّا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج. ذلك التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيّدة الإماء يُطيل الله عمره في غيبته ثمّ يظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة، وذلك ليُعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير"2.

الحديث الرابع: عن سيّد الشهداء عليه السلام أنّه قال: "قائم هذه الأمّة هو التاسع من ولدي وهو صاحب الغيبة، وهو الّذي يقسّم ميراثه وهو حيّ"3.

الحديث الخامس: عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّه قال لأبي خالد الكابليّ: "... ثمّ تمتدّ الغيبة بوليّ الله عزّ وجلّ الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة بعده، يا أبا خالد 


1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 289، ح1.
2- م. ن، ج1، ص 316، ح2.
3- م. ن، ج1، ص 317، ح2.
 
 
52
 

37

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

إنّ أهل زمان غيبته القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره، أفضل من أهل كلّ زمان لأنّ الله تبارك وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسيف، أولئك المخلصون حقّاً وشيعتنا صدقاً، والدعاة إلى دين الله عزّ وجلّ سرّاً وجهراً"1.

الحديث السادس: عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال: "هو المهديّ من هذه العترة تكون له حيرة وغيبة يُضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها أقوام"2.

الحديث السابع: عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، برواية عبد الله بن أبي يعفور أنّه قال: "من أقرّ بالأئمّة من آبائي وولدي وجحد المهديّ من ولدي كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم نبوّته، فقلت: يا سيّدي، ومن المهديّ من ولدك؟ قال: الخامس من ولد السابع، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته"3.

الحديث الثامن: عن الإمام موسى الكاظم عليه السلام أنّه قال: "إذا فُقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لا يزيلنّكم أحدٌ عنها، يا بنيّ إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنّما هي محنة من الله عزّ وجلّ 
 
 

 
1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 320، ح2.
2- م. ن، ج1، ص 330، ح 14.
3- م. ن، ج1، ص 338، ح 12.
 
 
53
 
 

38

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

امتحن بها خلقه"1.

الحديث التاسع: عن الإمام الرضا عليه السلام حيث سُئل: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟ قال عليه السلام: "الرابع من ولدي، ابن سيّدة الإماء، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ويقدّسها من كلّ ظلم؛ الّذي يشكّ النّاس في ولادته، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحدٌ أحداً، وهو الّذي تُطوى له الأرض ولا يكون له ظلّ، وهو الّذي يُنادي منادٍ من السماء يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه، فإنّ الحقّ معه وفيه"2.

الحديث العاشر: عن الإمام محمّد التقيّ عليه السلام حيث قال له عبد العظيم الحسنيّ: إِنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الّذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، فقال عليه السلام: "يا أبا القاسم، ما منّا إِلّا وهو قائم بأمر الله عزّ وجلّ وهادٍ إلى دين الله، ولكنّ القائم الّذي يُطهّر اللهُ عزّ وجلّ به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها عدلاً وقسطاً هو الّذي تخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته وهو سميّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيّه، وهو الّذي تُطوى له الأرض، ويُذلّ له كلّ صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عزّ وجلّ: ﴿أَيْنَ 
 
 

 
1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 359، ح1.
2- م. ن، ج2، ص 371، ح5.
 
 
 
54
 
 

39

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾1 فإذَا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عزّ وجلّ، فلا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله عزّ وجلّ. 

قال عبد العظيم: فقلت له: يا سيّدي، وكيف يعلم أنّ الله عزّ وجلّ قد رضي؟

قال: يُلْقي في قلبه الرحمة، فإذا دخل المدينة أخرج اللّات والعزّى فأحرقهما"2.

الحديث الحادي عشر: عن الإمام عليّ النقيّ عليه السلام أنّه قال: "الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟! فقال: لأنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه. قلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا: الحجّة من آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم"3.

الحديث الثاني عشر: عن الإمام الحسن العسكريِّ عليه السلام حيث سأله أحمد بن إسحاق قائلاً: فما السنّة الجارية فيه من الخضر وذي القرنين؟ فقال: "طول الغيبة يا أحمد.

قلت: يا ابن رسول الله، وإنّ غيبته لتطول؟! 

قال عليه السلام: إِي وربّي حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به، ولا يبقى إلّا من أخذ الله عزّ وجلّ عهده لولايتنا، وكتب في قلبه


1- سورة البقرة، الآية: 148.
2- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 377، ح2.
3- م. ن، ج2، ص 381، ح5.
 
 
55
 

40

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

الإيمان وأيّده بروح منه"1.

أقول: صدر الحديث السابق في ذكر الفائدة الرابعة عشرة من فوائد الدعاء لحضرة بقيّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف.

واعلم أنّ ظهور حضرة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف لم يوقّت بوقت معيّن في الأخبار، وقد ورد في "غيبة النعماني" عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال لأبي بصير: "إنّا أهل بيت لا نوقّت، وقد قال محمّد صلى الله عليه وآله وسلم: كذب الوقّاتون، يا أبا محمّد، إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات، أوّلهنّ النداء في شهر رمضان، وخروج السفيانيّ، وخروج الخراسانيّ وقتل النفس الزكيّة، وخسف بالبيداء"2.


1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 385.
2- الغيبة، الشيخ النعماني، ص 289، ح 6.
 
 
 
56
 
 

41

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

عريضة تـُرسل إلى حضرة حجة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف 
ونذكر هنا عريضة تُرسل إلى حضرة حجّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف نقلاً عن البحار، تكتب هذه العريضة وتحصى وتوضع في طينة طاهرة ثمّ تُرمى في نهر أو عين ماء، ويقول راميها عند ذلك: "يَا سَيِّدِي يَا أَبَا القَاسِم يَا حُسين بْن رُوْح سَلاَم عَلَيكَ أشهَدُ أَنَّ وَفَاتَكَ فِي سَبيلِ اللهِ وَأنَكَ حيٌّ عِندَ اللهِ مرزوقٌ وَقَد خاطَبتُكَ فِي حَياتِكَ الّتِي لَكَ عِندَ اللهِ عزّ وجلّ وَهَذِهِ رُقْعَتي وحاجَتي إلى مَولاَنا عَلَيِه السّلام فَسَلّمها إِلَيِه فَأَنْتَ الثِقَة الأمِين"1.
 
 
 

 
1- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 91، ص 30.
 
 
 
57
 

 


42

فصل في بعض الفوائد الحاصلة عند الدعاء لحضرة بقية الله عجل الله تعالى فرجه الشريف

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
كَتَبْتُ إِلَيْكَ يَا مَوَلاَيَ صَلَواتُ الله عَلَيكَ مُسْتَغِيثاً وَشَكَوتُ مَا نَزلَ بِي مُستَجِيراً بِاللهِ عزّ وجلّ ثمَّ بِكَ من أَمرٍ قَد دَهَمَني وأشغَلَ قَلِبي وأطالَ فِكْرِي وَسَلَبَنِي بعَضَ لُبّي وَغَيّرَ خَطِيرَ نِعمَةِ اللهِ عِنْدِي أسلَمَنِي عِندَ تَخيّلِ وُرُودِهِ الخَليلُ وَتَبرَّأَ مِنّي عِنَدَ تَرائي إِقْبالِهِ إِلَيَّ الحَمِيمُ وَعَجزَتْ عَنْ دِفَاعِهِ حِيلَتِي وَخَانَنِي فِي تَحَمُّلِهِ صَبْرِي وَقُوَّتي، فَلَجَأتُ فِيهِ إِلَيكَ وَتَوَكَّلْتُ فِي المسْألةِ للهِ جَلَّ ثَنَاؤهُ عَلَيهِ وَعَلَيكَ وَفِي دِفَاعِهِ عَنّي عِلماً بِمَكانِكَ مِنَ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَلِيّ التَّدْبِيرِ وَمَالِكِ الأُمُورِ، وَاثِقاً بِكَ فِي المسَارَعَةِ فِي الشّفَاعَةِ إِلَيهِ جَلَّ ثناؤهُ فِي أمْري مُتَيقِّناً لإِجَابَتِهِ تَبَاركَ وَتعالى إِيَّاكَ بِإِعْطَاءِ سُؤْلِي وَأَنْتَ يَا مَوَلايَ جَدِيرٌ بِتَحْقِيقِ ظَنّي وَتَصْدِيقِ أمَلِي فِيكَ فِي أَمْرِ كذا وكذا (تَكتب حاجَتَكَ) مِمّا لاَ طَاقَةَ لِي بِحَمْلِهِ وَلاَ صَبْرَ لِي عَلَيِهِ وَإِن كُنتُ مُستَحِقّاً لَهُ وَلأضعَافِهِ بِقَبيحِ أفعَالِي وَتَفريطي فِي الواجِباتِ الّتي للهِ عزّ وجلّ عَلَيّ، فَأغِثْنِي يَا مَوَلاَيَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيكَ عِندَ اللَهفِ وَقَدِّمِ المسْأَلَةَ للهِ عزّ وجلّ فِي أمْرِي قَبْلَ حُلولِ التَلَفِ وشِماتَةِ الأعَداءِ فَبِكَ بُسِطَتِ النِعْمَةُ عَلَيَّ، وَاسْأَلِ اللهَ جَلَّ جَلاَلَهُ لِي نَصْراً عَزيزاً وفَتْحاً قَرِيباً فِيهِ بلُوغُ الآمالِ وَخَيرُ المبَادِي وَخَوَاتِيمُ الأَعمَالِ وَالأمنُ مِنَ المخَاوِفِ كُلِّهَا فِي كُلِّ حَالٍ إنّهُ جَلَّ ثناؤهُ لما يَشَاءُ فعَّالٌ وهُوَ حَسبي وَنِعمَ الوكِيلُ في المبدءِ وَالمآلِ.
 
 
 
58
 

43

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
الحمد للهِ ربّ العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وخير الخلق أجمعين محمّد وآله المعصومين، لا سيّما إمام زماننا خاتم الوصيّين ولعنة الله على أعدائهم وظالميهم إلى يوم الدين.

أمّا بعد، فيقول غريق بحار السيّئات والأماني "محمّد تقي بن عبد الرزّاق الموسويّ الأصفهانيّ" عفا الله تعالى عنهما لإخوانه في الإيمان:

هذا هو الجزء الثاني من كتاب "وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف" الّذي جمعت فيه جملة من الأعمال الّتي يجب على أهل الإيمان في زمن غيبة إمام العصر الحجّة ابن الحسن العسكريّ عجل الله تعالى فرجه الشريف المواظبة عليها، وأن يجعلوها دستوراً لأعمالهم. وكلّ ما جمَعت فيه إلى الآن من كتب الإماميّة المعتبرة يزيد على خمسين أمراً، وذكرت في الجزء الأوّل من الكتاب خمساً وعشرين وظيفةً وأذكر الباقي في هذا الجزء بعون الله جلّ جلاله، فأقول:

السادس والعشرون: أن يُظهر العلماء علمهم ويُرشدوا الجاهلين إلى جواب شبهات المخالفين كي لا يضلّوا، وينقذوهم من الحيرة إِن وقعوا فيها. وهذا الأمر مهمّ جداً في هذا الزمان، وهو واجب على العلماء،
 
 
61
 

44

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

فقد ورد في تفسير الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام أنّ الإمام محمّد التقيّ عليه السلام قال: "إنّ من تكفّل بأيتام آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم المنقطعين عن إِمامهم المتحيّرين في جهلهم، الأُسراء في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا، فاستنقذهم منهم وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم، وقهر الناصبين بحُجج ربّهم ودليل أئمّتهم، ليُفضلون عند الله على العباد بأفضل المواقع، بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحُجُب، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكبٍ في السماء"1.

وروي عن الإمام عليّ النقيّ عليه السلام أنّه قال: "لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابّين عن دينه بحُجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فِخاخ النواصب، لما بقي أحدٌ إِلّا ارتدّ عن دين الله، ولكنّهم الّذين يُمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يُمسك صاحب السفينة سكّانها، أولئك هم الأفضلون عند الله عزّ وجلّ"2.

وفي "أصول الكافي" عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية3 لحديثكم يبثّ ذلك في الناس ويشدّده في قلوبهم وقلوب شيعتكم، ولعلّ عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية، أيّهما أفضل؟

قال عليه السلام: "الرواية لحديثنا يشدّد به قلوب شيعتنا أفضل من
 
 

 
1- تفسير الإمام العسكري عليه السلام ، ص 116.
2- م. ن.
3- صيغة مبالغة تعني كثير الرواية.
 
 
62
 

45

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

ألف عابد"1.

إِذن على ضوء هذه الأحاديث وغيرها يجب على كلّ عالم أن يُظهر علمه بقدر ما يستطيع، خصوصاً في هذا الزمان الّذي ظهرت فيه البدع. وقد ورد في "أصول الكافي" عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا ظهرت البدع في أمّتي فليُظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله"2.

وروي في كتاب "الفتن" من "البحار" عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لأمير المؤمنين عليه السلام: "لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك ممّا طلعت عليه الشمس"3.

السابع والعشرون: الاهتمام بأداء حقوق صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف كلٌّ بقدر استطاعته وعدم التقصير في خدمته.

فقد ورد في "البحار" عن الصادق عليه السلام أنّه سُئل: هل وُلِدَ القائم؟ قال: "لا، ولو أدركته لخدمته أيّام حياتي"4.

أقول: تأمّل أيُّهَا المؤمن كيف يُجلّ الإمام الصادق عليه السلام قدره، فإن لم تكن خادماً له فلا أقلّ أن لا تُحزن قلبه ليلاً ونهاراً بسيّئاتك، "فإن لم تَجُد بالعسل فلا تعطِ السمّ".

الثامن والعشرون: أن يبدأ الداعي بالدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف طالباً من الله تعالى تعجيل ظهوره ثمّ يدعو لنفسه.

وهذا الأمر واضح في دعاء يوم عرفة من الصحيفة السجاديّة 



1- الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 33.
2- م. ن، ج1، ص 54.
3- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 32، ص 448.
4- م. ن، ج 51، ص 148، ح 22, عن كتاب الغيبة، الشيخ النعماني، ص 245، ح 46.
 
 
 
63
 

46

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

المباركة إضافة إلى اقتضاء حبّه وأداء حقوقه ذلك، ويُستفاد هذا الأمر أيضاً من بعض الأحاديث، كلّ هذا مع تحصيل أكثر من ثمانين فائدة من الفوائد الدنيويّة والأخرويّة المترتّبة على الدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف بتعجيل فرجه وظهوره. وقد ذَكرت هذه الفوائد مع مصادرها وأدلّتها في كتاب "أبواب الجنات" وكتاب "مكيال المكارم"1 وبعضها تقدّم في هذا الكتاب.

ومن الطبيعيّ أنّ الشخص العاقل يُؤثر تحصيل تلك الفوائد على دعاءٍ لا يعلمُ يُستجاب أم لا، بل تقديم الدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف يكون وسيلةً لاستجابة دعائه إن شاء الله تعالى، كما هو شأن تقديم الصلاة على محمّد وآل محمّد في الدعاء حيث يكون موجباً لاستجابة ما بعده من دعاء كما ورد في الحديث2.

التاسع والعشرون: إظهار المحبّة والولاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف.
فقد ورد في "غاية المرام" عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في حديث المعراج أنّ الله تعالى قال له: "يا محمّد، أتحبّ أن تراهم؟ فقال: تقدّم أمامك، فتقدّمت أمامي فإذا عليّ بن أبي طالب، والحسن والحسين وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عليّ، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن عليّ، وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ، والحجّة القائم كأنّه الكوكب الدّريّ في وسطهم. فقلت: يا ربّ من هؤلاء؟ 

قال: هؤلاء أئمّة الحقّ، وهذا القائم، محلّل حلالي ومحرّم 
 
 

 
1- مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج2، ص 55.
2- ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه: "من كانت له إلى الله عزّ وجلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله، ثمّ يسأل حاجته الخ...". الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 494، ح 16.
 
 
 
 
64

47

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

حرامي1، وينتقم من أعدائي، يا محمّد أحببه فإنّي أحبّه، وأحبّ من يحبّه"2.

أقول: يتّضح من الأمر بمحبتّه مع أنّ محبّة جميع الأئمّة واجبة، أنّ في محبّته خصوصيّة معيّنة كانت وراء أمر الله تعالى هذا، وأنّ في وجوده المبارك صفاتٍ وشؤوناً تقتضي هذا التخصيص.

الثلاثون: الدعاء لأنصاره وخدّامه.

الواحد والثلاثون: لعن أعدائه عجل الله تعالى فرجه الشريف. كما هو ظاهر من أخبار كثيرة ومن الدعاء الوارد عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف3.

الثاني والثلاثون: التوسّل بالله تعالى أن يجعلنا من أنصاره. كما ورد ذلك في دعاء العهد وغيره.

الثالث والثلاثون: رفع الصوت في الدعاء له عجل الله تعالى فرجه الشريف وخصوصاً في المجالس والمحافل العامّة.

فهو إضافة إلى أنّه تعظيم لشعائر الله تعالى فقد ظهر استحباب ذلك في بعض فقرات دعاء الندبة المرويّ عن الصادق عليه السلام4.

الرابع والثلاثون: الصلاة على أنصاره وأعوانه عجل الله تعالى فرجه الشريف. وهو نوع من الدعاء لهم. وقد ورد ذلك في دعاء عرفة من الصحيفة السجاديّة المباركة وبعض الأدعية الأخرى.

الخامس والثلاثون: الطواف حول الكعبة المشرفة نيابة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف.
 
 

 
1- أي يظهر جميع أحكام الدين حتّى يعمل بها بلا تقيّة "المؤلّف".
2- غاية المرام، السيد هاشم البحراني، ج2، ص 241، ح 105.
3- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 316.
4- والعبارة هي: إلى متى أجأرُ فيك يا مولاي وإلى متى. وفي القاموس: جأر يعني رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة "المؤلّف".
 
 
65
 


 

48

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وقد أوردت الدليل على ذلك في كتاب "مكيال المكارم"1 وأعرضت عن ذكره هنا طلباً للاختصار.

السادس والثلاثون: الحجّ نيابة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف.

السابع والثلاثون: إرسال النائب عنه للحجّ. ودليله ودليل الّذي قبله الحديث المرويّ في "الخرائج"2 وقد ذكرته في "مكيال المكارم"3 ومذكور أيضاً في "النجم الثاقب".

الثامن والثلاثون: تجديد العهد والبيعة له عجل الله تعالى فرجه الشريف في كلّ يوم أو في كلّ وقت ممكن.

واعلم أنّ معنى البيعة على قول أهل اللغة: العهد والاتّفاق على أمر، والمراد من البيعة والعهد معه عجل الله تعالى فرجه الشريف هو أن يقرّ المؤمن بلسانه ويعزم بقلبه أن يُطيعه كلّ الطاعة، وينصره في أيّ وقت ظهر فيه. وهذا الأمر يحصل بقراءة دعاء العهد الصغير الّذي تقدّم ص 42 أو الكبير الّذي يأتي ص96.
 
 

 
1- وأمّا ما يدلّ على استحباب الطواف عن الإمام الحيّ خصوصاً، ما رواه الشيخ الكلينيّ في الكافي بإسناده عن موسى بن القاسم قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : قد أردت أن أطوف عنك، وعن أبيك، فقيل لي: إنّ الأوصياء لا يُطاف عنهم، فقال عليه السلام لي: "بل طُف ما أمكنك فإنّه جائز». مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج2، ص 216. والكافي، الشيخ الكليني، ج 4، باب الطواف والحجّ عن الأئمّة، ص314، ح2.
2- الخرائج والجرائح، القطب الراوندي، ج1، ص 481.
3- ومنها: ما ذكره القطب الراونديّ رحمه الله في الخرائج والجرائح قال: "إنّ أبا محمّد الدعلجيّ كان له ولدان، وكان من خيار أصحابنا وكان قد سمع الأحاديث، وكان أحد ولديه على الطّريقة المستقيمة، وهو أبو الحسن وكان يغسّل الأموات، وولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام، وكان قد دُفع إلى أبي محمّد حجّة يحجُّ بها عن صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وكان ذلك عادة الشيعة يومئذٍ، فدفع إلى ولده المذكور بالفساد شيئاً منها وخرج إلى الحجّ فلمّا عاد حكى أنّه كان واقفاً بالموقف فرأى إلى جانبه شابّاً حسن الوجه أسمر اللون بذؤابتين مقبلاً على شأنه في الابتهال، والدعاء، والتضرّع، وحسن العمل. فلمّا قرب نفر الناس التفتَ إليّ، وقال: يا شيخ أما تستحيي؟! فقلت: من أيّ شيِّء يا سيّدي؟ قال: يُدفع إليك حجّةٌ عمّن تعلم، فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك، وأومى إلى عيني، وأنا من ذلك اليوم إلى الآن على وجل ومخافة، وسمع منه أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ذلك، قال: فما مضى عليه أربعون يوماً بعد مورده حتّى خرج في عينه الّتي أومى إليها قرحة»، فذهبتْ. أقول: ينبغي التدبّر في هذا الحديث من أولّه إلى آخره ففيه فوائد جمّة ومطالب مهمّة. مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج2، ص 215. الخرائج والجرائح، الراوندي، ج1، ص 481. والنجم الثاقب، الميرزا النوري، ج2، ص 473, الباب العاشر.
 
 
66

49

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وأمّا وضع اليد في يد شخص ما بعنوان أنّ هذه البيعة هي بيعة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف فهو من البدع المضلّة فلم ترد في القرآن أو الرّوايات، نعم لقد كان متعارفاً عند العرب أن يضع الرجل يده بيد رجل آخر لإظهار البيعة والعهد بصورة جليّة، وقد ورد في بعض الأحاديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد صافح المسلمين في مقام البيعة ثمّ وضع يده المباركة في إناء ماء ثمّ أخرجها وأمر نساء المسلمين أن يضعن أيديهنّ في ذلك الماء في مقام البيعة له صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا لا يصلح أن يكون دليلاً على أنّ هذا الشكل من البيعة جائزٌ في كلّ زمان حتّى زمان غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، بل يظهر من بعض الأحاديث وجوب الاكتفاء بالإقرار اللسانيّ والعزم القلبيّ في عدم إمكان بيعة شخص الإمام أو النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا الحديث مفصّل في ذكر هذا الأمر وقد أورده جمعٌ من العلماء في كتبهم.

ومن جملتها ما ورد في تفسير "البرهان" عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن نَصَّب الأمير عليه السلام خليفةً له، أوضح جملةً من فضائله، ثمّ قال:
"معاشر الناس إنّكم أكثر من أن تصافقوني بكفّ واحدة، وأمرني الله عزّ وجلّ أن آخذ من ألسنتكم الإقرار بما عقدت لعليّ بإمرة المؤمنين، ومن جاء بعده من الأئمّة منّي ومنه على ما أعلمتكم أنّ ذرّيّتي من صُلبه فقولوا بأجمعكم: إِنّا سامعون مطيعون راضون منقادون لما بلّغت من أمر ربّنا وربّك في أمر عليّ أمير المؤمنين وأمر ولده من صُلبه من الأئمّة.. إلى آخر الحديث"1.

فإن كان جائزاً وضع اليد في يد غير الإمام بعنوان البيعة مع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف
 
 

 
1- البرهان في علوم القرآن، الشيخ بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، ج1، ص 442.
 
 
 
 
67
 
 

50

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

لكان قد أمر الناس أن تضع كلّ طائفة منهم يدها في يد أحد كبار الصحابة مثل سلمان وأبي ذر وغيرهما، فإذن لا يصحّ هذا العمل إلّا مع شخص النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وشخص الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في زمان ظهوره، كالجهاد المختصّ بزمان حضور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف. وعلاوة على ذلك لم يرد أيّ حديث في أيّ كتاب روائيّ يقول إنّ في زمان الأئمّة عليهم السلام بايع أحدُ المسلمين أحدَ صحابة الأئمّة عليهم السلام الكبار بعنوان أنّ نفس الأئمّة عليهم السلام جعلوهم مراجعَ نستعينهم في هذا الأمر.

التاسع والثلاثون: ذكر بعض الفقهاء، مثل المحدّث الحرّ العامليِّ رضوان الله عليه في الوسائل، حيث قال: "يُستحب زيارة قبور الأئمّة الأطهار عليهم السلام نيابة عن الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف"1.

الأربعون: روي في "أصول الكافي" عن المفضّل أنّه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: "لصاحب هذا الأمر غيبتان، إحداهما يرجع منها إلى أهله، والأخرى يُقال: هلك، في أيّ وادٍ سلك؟! قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟! قال: إذا ادّعاها مدّعٍ فاسألوه عن أشياء يُجيب فيها مثله"2

أقول: يعني اسألوه عن أمورٍ لا يصل إليها علم الناس، مثل الإخبار عن الجنين في رحم أمّه، أذكر هو أم أنثى؟ وفي أيّ وقت يولد؟ ومثل الإخبار عمّا أضمرتموه في قلوبكم ممّا لا يعلم به إِلّا الله تعالى، والتكلّم مع الحيوانات، والجمادات، وشهادتها على صدقه وحقّه في هذا الأمر 
 
 

 
1- عن داود الصرمي قال: "قلت له يعني أبا الحسن العسكريِّ عليه السلام إنّي زرتُ أباك وجعلتُ ذلك لك، فقال: لك بذلك من الله ثواب وأجر عظيم ومنّا المحمدة ...». وسائل الشيعة، الحرّ العاملي، ج10، ص 464، ح1.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 340.
 
 
68
 
 

51

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

كما حصل أمثالها مع الأئمّة الطاهرين عليهم السلام مكرّراً، وقد ذُكرت مفصّلة في الكتب.
 
الحادي والأربعون: تكذيب من يدّعي النيابة الخاصّة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف في الغيبة الكبرى كما ورد ذلك في التوقيع الشريف المذكور في "كمال الدين"1 و"الاحتجاج"2.
 
الثاني والأربعون: عدم تعيين وقتٍ لظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف، وتكذيب من يعيّن ذلك وتسميته كذّاباً.

وقد ورد في الحديث الصحيح عن الصادق عليه السلام أنّه قال لمحمّد بن مسلم: "مَن وقّت لك من الناس شيئاً فلا تهابنّ أن تكذّبه فلسنا نوقّت لأحدٍ وقتاً"3.

وفي حديث آخر عن الفضيل أنّه قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام: هل لهذا الأمر وقت؟ فقال: كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون، كذب الوقّاتون"4

وفي "كمال الدين" عن الرضا عليه السلام أنّه قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: يا رسول الله، متى يخرج القائم من ذرّيتّك؟

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "مثله مثل الساعة الّتي ﴿لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً﴾5"6.

 

 
1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 516، ح 44.
2- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 478.
3- الغيبة، الشيخ الطوسي، ص 262. و في بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج52، ص 104، ح 8.
4- م. ن.
5- سورة الأعراف، الآية: 187.
6- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 373.
 
 
69

 


52

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

 والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدّاً.

الثالث والأربعون:
التقيّة من الأعداء. وأمّا معنى التقيّة الواجبة فهو أن يتوقَّف المؤمن عن إِظهار الحقّ إذا وجد خوفاً عقلائيّاً من الضرر في نفسه أو ماله أو كرامته فلا يُظهر الحقّ. بل إذا اضطرّ لحفظ نفسه أو ماله أو كرامته أن يوافق المخالفين بلسانه فليفعل، إِلّا أنّ قلبه يجب أن يكون مخالفاً للسانه، فقد ورد في "كمال الدين" عن الإِمام الرضا عليه السلام أنّه قال: "لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقيّة له، إِنَّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة.
 
فقيل له: يا ابن رسول الله، إلى متى؟ قال عليه السلام: إلى يوم الوقت المعلوم وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت، فمن ترك التقيّة قبل خروج قائمنا فليس منّا"1.
 
والأخبار في وجوب التقيّة كثيرة جدّاً. وما عرضته من معنى التقيّة الواجبة هو نفس معنى الحديث المذكور في هذا الباب في كتاب "الاحتجاج" عن أمير المؤمنين عليه السلام. وقد أكَّد الإمام عليه السلام في ذلك الحديث بقوله ثلاث مرات أنْ إِيَّاكم وترك التقيّة فإن في ذلك إذلالكم وسفك دمائكم ودماء المؤمنين... إلى آخر الحديث.
 
وفي "خصال" الشيخ الصدوق رضوان الله عليه بسند صحيح عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال: "قِوامُ الدين بأربعة2: بعالمٍ ناطقٍ مستعمل له، وبغنيّ لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقيرٍ لا يبيع آخرته  بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم. فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغنيّ بماله وباع الفقير آخرته
 
 

1- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج2، ص 371.
2- أي إقامة أحكام الدين الإسلاميّ متوقفة على وجود هؤلاء الأربعة.
 
 
70
 

53

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى، فلا تغرَّنكم كثرة المساجد وأجساد القوم مختلفة. قيل: يا أمير المؤمنين، كيف العيش في ذلك الزمان؟ فقال: خالطوهم بالبرّانية (يعني في الظاهر) وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب وهو مع من أحبّ، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عزّ وجلّ"1.

والأخبار في هذا الباب كثيرة جدّاً وقد ذكرت جملة منها في "مكيال المكارم"2.

الرابع والأربعون: التوبة الحقيقيّة من الذنوب. وإن كانت التوبة من الأعمال المحرّمة واجبة في كلّ زمان، إِلّا أنّ أهميّتها في هذا الزمان آتية من جهة أنّ أحد أسباب غيبة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف وطولها هو ذنوبنا العظيمة والكثيرة، فأصبحت سبباً لامتناعه عن الظهور، كما ورد ذلك في "البحار" عن أمير المؤمنين عليه السلام، وكذلك في التوقيع الشريف المرويّ في "الاحتجاج" حيث يقول: "فما يحبسنا عنهم إِلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا نؤثره منهم"3.

ومعنى التوبة هو الندم على الذنوب السابقة والعزم على تركها في المستقبل، وعلامة ذلك إبراء الذمّة من الواجبات الّتي تُركت، وأداء حقوق النّاس الباقية في ذمّتك، وإذابة اللحم الّذي نشأ في بدنك من المعاصي، وتحمّل مشاقّ العبادة بما ينسيك ما اكتسبته من لذّة المعصية.

وبهذه الأمور الستّة تتحقّق التوبة تحقّقاًَ كاملاً، وتكون كما ورد عن
 
 
 

 
1- الخصال، الشيخ الصدوق، ص 197، ح5.
2- مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج2، ص 284.
3- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 325. وفي بحار الأنوار،العلّامة المجلسي، ج 53، ص 177.
 
 
 
 
71
 
 
 
 
 

54

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

أمير المؤمنين عليه السلام في كتب متعدّدة.

فانتبه إلى نفسك، ولا تقل: وعلى فرض أنّي أتوب ولكنّ الناس لا يتوبون، فيستمرّ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في غيبته فذنوب الجميع تؤدّي إلى غيبته وتأخّر ظهوره!

فأقول: إن كان جميع الخلق سبباً لتأخير ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف فالتفت إلى نفسك فلا تكن شريكاً معهم في ذلك، فأخشى أن يُصبح حالك تدريجاً كحال هارون الرشيد في حبسه للإمام موسى الكاظم عليه السلام، وحبس المأمون للرضا عليه السلام في "سرخس"، أو حبس المتوكّل للإمام علي النقيّ عليه السلام في "سامراء"!
 
الخامس والأربعون: ما روي في "روضة الكافي" عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "إذا تمنّى أحدكم القائم فليتمنّه في عافية، فإنّ الله بعث محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ويبعث القائم نقمة"1.

أقول: يعني اسألوا الله تعالى أن تُلاقوه عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنتم مؤمنون ومعافون من ضلالات آخر الزمان كي لا تكونوا محلّاً لانتقامه.

السادس والأربعون: أن يدعو المؤمن الناس إلى محبّته عجل الله تعالى فرجه الشريف ببيان إحسانه عجل الله تعالى فرجه الشريف إليهم وبركات ومنافع وجوده المقدّس لهم وحبّه عجل الله تعالى فرجه الشريف لهم، وأمثالها، ويتحبّب إليه بما يكسب به حبّه عجل الله تعالى فرجه الشريف له.
 
السابع والأربعون: أن لا يقسو قلبك بسبب طول زمان الغيبة، بل يبقى طريًّا بذكر مولاه عجل الله تعالى فرجه الشريف. وقد قال ربّ العالمين جلّ شأنه في القرآن المجيد في سورة الحديد: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ 
 
 

1- الكافي، الشيخ الكليني، ج 8، ص 233، ح 306.
 
 
 
 
72
 
 
 






 

 
 

55

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾1

وقد روي في "البرهان" عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "نزلت هذه الآية: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ... وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ في أهل زمان الغيبة، ثمّ قال: اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها"2.

وعن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال في معنى موت الأرض: "كُفر أهلها والكافر ميت، يُحييها الله بالقائم عجل الله تعالى فرجه الشريف فيعدل فيها فيُحيي الأرض ويُحيي أهلها بعد موتهم"3.

وفي "كمال الدين" بسند صحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "للقائم منّا غيبة أمدها طويل، كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه، ألا فمن ثبت منهم على دينه ولم يقسُ قلبه لطول أمد غيبة إِمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة"4.

أقول: أيّها المؤمنون المنتظرون إِمام زمانكم، لتسرّ قلوبكم وتقرّ عيونكم بهذه البشارة العظمى الّتي هي أعظم البشارات، واسعوا أن تكون قلوبكم رقيقة غير قاسية في زمان غيبة إِمام زمانكم.

 فإن قلتم: إنّ رقّة القلب وقساوته خارجان عن اختيارنا، أقول: صحيح ما تقولون ولكنّ مقدّمات ومسبّبات ذلك باختياركم، أي تستطيعون القيام بأعمال تجعلون بها قلوبكم نقيّة، وتستطيعون القيام بأعمال تُقسي قلوبكم، فإن كنتم تخشون قساوة القلب فاتركوا ما
 
 

 
1- سورة الحديد، الآية: 16.
2- البرهان، في علوم القرآن، الشيخ الزركشي، ج4، ص 291، ح 1.
3- م. ن، ج4، ص 291، ح 4.
4- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 303، ح 14.
 
 
73
 
 

 


56

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

يسبّب ذلك، وواظبوا على الأعمال الّتي تنقّي وترقّق القلب، كما ورد في "مجمع البيان" في تفسير الآية المذكورة حيث قال: "فغلظت قلوبهم وزال خشوعها ومرنوا على المعاصي"1.
 
وروي عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام إِنّ الله تعالى لا يُعاقب على ذنب كما يُعاقب على قساوة القلب.

وسأشير هنا إلى بعضٍ منها كما قد رأيتها في كتب الحديث مذكّراً بذلك نفسي وإخواني في الدين ومن الله التوفيق.

أمّا ما يُرقّق ويُنقّي القلب فأُمور:
1- الحضور في مجالس ذكر بقيّة الله عجل الله تعالى فرجه الشريف وشرح صفاته وخصائصه وشؤونه، ومجالس الوعظ على ضوء نصائح أهل البيتعليهم السلام، ومجالس قراءة القرآن بشرط التأمّل والتفكّر في معاني الآيات القرآنيّة.
 
2- مجالسة العلماء العاملين وأهل الطاعات والأشخاص الّذين هم دائماً في ذكر الآخرة، حيث يتذكّر الإنسان بسماع كلماتهم ويزداد بصيرة وعلماً، والّذين تُذكّر بالله رؤيتهم، ويتأسّى بأعمالهم الصالحة وتزداد الرغبة بالطاعات والعبادات، ويصرف النظر عن الدنيا وأهلها بمجالستهم.
 
3- زيارة القبور.
 
4- كثرة ذكر الموت.
 
5- مسح رؤوس اليتامى، والحبّ والإحسان إليهم.

و أمّا ما يسبّب قساوة القلب فمنها:
 
 

 
1- مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج9، ص 238.
 
 
74
 

57

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

1- ترك ذكر الله جلّ شأنه.
2- أكل الطعام المحرّم.
3- مجالسة أهل الدنيا، وكثرة زيارتهم.
4- الأكل على الشبع.
5- كثرة الضحك.
6- كثرة التفكير بالأكل والشرب.
7- كثرة الحديث فيما لا ينفع في الآخرة.
8- طول الأمل.
9- عدم أداء الصلاة في أوّل الوقت.
10- مجالسة ومصاحبة أهل المعاصي والفسق.
11- الاستماع للكلام غير النافع في الآخرة.
12- الذهاب إلى الصيد للّهو واللعب.
13- تولّي الرئاسة في أمور الدنيا.
14- الذهاب إلى المواطن الدنيئة المخجلة.
15- كثرة مجالسة النساء.
16- كثرة أموال الدنيا.
17- ترك التوبة.
18- الاستماع إلى الموسيقى.
19- شرب المسكر وكلّ شرابٍ حرام.
20- ترك مجالس أهل العلم:

أي ترك الحضور في المجالس الّتي ترقّق وتنقّي القلب، والحاوية ذكر أحكام الدين وأحاديث ومواعظ الأئمّة الطاهرين عليهم السلام وشؤون صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، وآيات القرآن الكريم وخصوصاً إذا كان المتحدّث
 
 
 
 
75
 
 

58

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

مطابقاً عمله قوله بما يجعل لقوله تأثيراً خاصّاً في قلب المستمع، فقد ورد عن الرضا عليه السلام أنّه قال: "من جلس مجلساً يُحيي فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب"1.

والخلاصة: رقّقوا قلوبكم وكونوا على حذر من قساوة القلب، فأخشى أن يصل الأمر بحيث لا تؤثّر الموعظة بعده في القلوب، وتحرم من رحمة الله جلّ شأنه.

الثامن والأربعون: الاتّفاق والاجتماع على نُصرة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، أي تتّفق قلوب المؤمنين مع بعضها بعضاً وتتعاهد على نصرته عجل الله تعالى فرجه الشريف والوفاء بعهده. وقد ورد في التوقيع الشريف من الناحية المقدّسة إلى الشيخ المفيد رضوان الله عليه وهو آخر توقيعٍ أورده الشيخ الجليل أحمد بن أبي طالب الطبرسيّ رضوان الله عليه في كتاب "الاحتجاج" ما نصّه: "ولو أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا"2.

التاسع والأربعون: الاهتمام في أداء الحقوق الماليّة المتعلّقة بذمّتهم من قبيل الزكاة والخمس وسهم الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.

وهذا الأمر واجب في كلّ زمان إِلّا أنّ له أثراً خاصّاً في زمان غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، فاهتُمّ به وجاءت التوصية والأمر به، فيقول الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في نفس ذلك التوقيع: "ونحن نعهد إليك... إِنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدين، وأخرج ممّا عليه إلى مستحقّيه كان آمناً من الفتنة
 
 


1- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 68، المجلس 17، ح 4. وفي بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج44، ص 278، ح 1.
2- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 325.
 
 
76
 
 

59

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

المبطلة، ومحنها المظلمة المضلّة، ومن بخل منهم بما أعاره الله من نعمته على من أمره بصلته فإنّه يكون خاسراً بذلك لأولاه وآخرته"1.
 
تنبيه: واعلم أنّ من جملة الحقوق الماليّة المترتّبة على الشخص أن يُوصل في كلّ سنة مبلغاً من المال إلى إِمام زمانه عجل الله تعالى فرجه الشريف. وهذا غير سهم الإمام الواجب، لأنّ سهم الإمام مفروض في أشياء خاصّة في ظروف خاصّة ورد ذكرها في الكتب الفقهيّة، وهذا الأمر ــ أي إهداء مبلغ من المال سنويّاً للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف ــ ليس له شرط خاصّ بل هو تكليف على الجميع سواء كان الشخص فقيراً أو غنيّا، ففي كلّ الأحوال يجب أن يُخرج مقداراً من ماله سنويّاً ويقدّمه هديّة لإمام زمانه عجل الله تعالى فرجه الشريف.


وقد روي في "البحار" وفي "البرهان" عن المفضّل أنّه قال: "دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوماً ومعي شيء، فوضعته بين يديه فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك. قال: فقال عليه السلام لي: يا مفضّل، إِنّي لا أقبل ذلك وما أقبل من حاجة بي إِليه، وما أقبله إِلّا ليزكوا به، ثمّ قال: سمعت أبي يقول: من مضت له سنة لم يصلنا من ماله، قلّ أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إِلّا أن يعفو الله عنه. ثمّ قال: يا مفضّل إِنّها فريضة فرضها الله تعالى على شيعتنا في كتابه إذ يقول: ﴿لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ﴾2"3.
 
وفي حديث آخر عنه عليه السلام في تفسير الآية الشريفة: ﴿وَالَّذِينَ يَصِلُونَ


1- الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج2، ص 325.
2- سورة آل عمران، الآية: 92.
3- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 96، ص 216. وفي البرهان في علوم القرآن، الشيخ الزركشي، ج1، ص 297.
 
 
 
77

 

60

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ1 إلى أن قال: "هو صلة الإمام في كلّ سنة ممّا قلّ أو كثر"2، ثمّ قال عليه السلام: "وما أريد بذلك إِلّا تزكيتكم".

وفي حديث آخر عنه عليه السلام أنّه قال: "لا تَدَعوا صلة آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين من أموالكم، من كان غنيّاً فعلى قدر غناه ومن كان فقيراً فعلى قدر فقره، ومن أراد أن يقضي الله الحوائج إليه فليصل آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين وشيعتهم بأحوج ما يكون إليه من ماله"3.

وفي "الفقيه" عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً أنّه قال: "درهمٌ يوصل به الإمام أفضل من ألف ألف درهم في غيره في سبيل الله"4.

أقول: ومن الرؤيا الصادقة أنّي رأيت في ليلة في عالم الرؤيا شخصاً جليلاً قال: المؤمن الّذي يُخرج شيئاً من ماله صلةً لإمامه في زمان غيبته، ثوابه ألف مرّة ومرّة مقابل الّذي يُقدِّم ذلك إلى إِمامه في زمان ظهوره وحضوره.

وسيأتي في الوظيفة الحادية والخمسين حديثٌ يؤيّد ذلك.

ولا يخفى أنّ في هذا الزمان الّذي إمامنا عجل الله تعالى فرجه الشريف فيه غائب يجب أن يصرف ذلك المال الّذي يقدّمه المؤمن هديّة له عليه السلام فيما يرضاه، كأن يُصرف في طبع الكتب المتعلّقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف، أو في المجالس الّتي تُذكر فيها فضائله وأخلاقه، أو يُعطى إلى أحبائه بعنوان هديّة عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف، 
 
 

 
1- سورة الرعد، الآية: 21.
2- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 96، ص 216، ح5. وفي البرهان في علوم القرآن، الشيخ الزركشي، ج2، ص 289.
3- م. ن، ج 96، ص 216، ح 6.
4- من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص 73.
 
 
 
 
78
 

61

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وهكذا مع تقديم الأهمّ فالأهمّ، والله العالم.

ومن جملة الحقوق الماليّة صلة الرحم، ومساعدة الجيران حتّى في إعارتهم لوازم المنزل مثلاً كالأواني والمصابيح وغيرها، وإن احتاجوا إلى أمور زهيدة الثمن كالملح والتوابل ونحوها فتُهدى إليهم.

الخمسون: المرابطة.

واعلم أنّ المرابطة على قسمين:
الأوّل: ما ذكره الفقهاء في كتاب الجهاد، وهو أن يُقيم المؤمن في ثغر من الثغور، ويربط دابّته قريباً من بلاد الكفار لأجل أن يُخبر المسلمين إن أراد الكفار الهجوم عليهم، أو يُدافع عن المسلمين في حال تعرّضهم لاعتداءات الكفرة إِن لزم الأمر. وهذا العمل سواء كان في زمان حضور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف أو في غيبته مستحبّ مؤكّد، كما ذكر ذلك العلّامة رضوان الله عليه في "الإرشاد" والشهيد رضوان الله عليه في "الروضة". وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "كلّ ميت يُختم على عمله إِلّا المرابط في سبيل الله فإنّه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتّان القبر"1.

وفي حديث آخر ورد في "الجواهر" عن "المنتهى" أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "رباط الخيل ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه"2.

ولهذا القسم من المرابطة شرطان:
1- أن يكون الوقوف في منطقة حدوديّة لحفظ بلاد الإسلام وشرع خير الأنام صلى الله عليه وآله وسلم من اعتداءات الأجانب، ولذلك قالوا: إن لم
 
 
 

 
1- منتهى المطلب، العلّامة الحلي، ج 20، ص 902. 
2- جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج 21، ص 40. وفي منتهى المطلب، العلّامة الحلي، ج2، ص 902.
 
 
 
 
79
 
 

62

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

يستطع الرجل البقاء في ذلك المكان فعليه أن يجعل فيه شخصاً آخر نيابةً عنه.

2- أن يكون أقلّ زمان المرابطة هناك ثلاثة أيّام كما ذُكر ذلك في "الإرشاد" وغيره، وأكثره أربعون يوماً، فإن بقي أكثر من أربعين يوماً فإنّه يُحسب من المجاهدين وله ثواب المجاهد في سبيل الله.

الثاني: المرابطة بأن يُعِدّ المؤمن فرسه وسيفه تهيّؤاً واستعداداً لظهور الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف لنصرته. وهذا القسم من المرابطة ليس له زمان أو مكان معيّن. وقد ورد في "روضة الكافي" عن أبي عبد الله الجعفيّ أنّه قال: "قال لي أبو جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام: كم الرباط عندكم؟ قلت: أربعون. قال عليه السلام: لكنّ رباطنا رباط الدهر، ومن ارتبط فينا دابّة كان له وزنها ووزن وزنها ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحاً كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرّة ولا من مرّتين ولا من ثلاث ولا من أربع، فإنّما مثلُنا ومثلُكم مَثلُ نبيّ كان في بني إسرائيل، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن ادع قومك للقتال فإنّي سأنصرك، فجمعهم من رؤوس الجبال، ومن غير ذلك، ثمّ توجّه بهم فما ضربوا بسيفٍ ولا طعنوا برمح حتّى انهزموا، ثمّ أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فإنّي سأنصرك، فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نُصرنا. فأوحى الله تعالى إليه: إِمّا أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا ربّ، القتال أحبّ إِليّ من النار. فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عِدَّة أهل بدر، فتوجّه بهم، فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتّى فتح الله عزّ وجلّ لهم"1.
 
 

 
1- روضة الكافي، الشيخ الكليني، ص 381. وفي مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج2، ص 423 -424.
 
 
 
80
 
 

63

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وقال المجلسيّ رضوان الله عليه في شرح قوله: رباطنا رباط الدهر: "أي يجب على الشيعة أن يربطوا أنفسهم على طاعة إِمام الحقّ وانتظار فرجه ويتهيّؤوا لنصرته".

وقال رضوان الله عليه في شرح قوله عليه السلام: كان له وزنها... الخ أي: "كان له ثواب التصدّق بضعفي وزنها ذهباً وفضّة كلّ يوم... أو من الثواب مثلَي وزن الدابّة، (والله تعالى هو العالم)"1.

وقد وردت أخبار أخرى في هذا الخصوص وقد ذكرتها في كتاب "مكيال المكارم" في آخر الجزء الثاني منه2.

الحادي والخمسون: الاهتمام في اكتساب الصفات الحميدة والأخلاق الكريمة، وأداء الطاعات والعبادات الشرعيّة واجتناب المعاصي والذنوب الّتي نُهي عنها في الشرع المقدّس، لأنّ مراعاة هذه الأُمور في زمان غيبة الإمام أعسر من مراعاتها في زمان ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف بلحاظ ازدياد الفتن وكثرة الملحدين والمشكّكين المتصدّين لاضلال المؤمنين.

ولهذا ورد في الحديث النبويّ الشريف أنّه قال لأمير المؤمنين عليه السلام: "يا عليّ، واعلم أنّ أعجب الناس إِيماناً وأعظمهم يقيناً قومٌ يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبيّ وحُجب عنهم، فآمنوا بسواد على بياض"3.

وروي في "البحار" عن الصادق عليه السلام أنّه قال صلى الله عليه وآله وسلم: "من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر، وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق 


1- مكيال المكارم، الميرزا الأصفهاني، ج 2، ص 397.
2- م. ن، ج2، ص 423 -424. وفي روضة الكافي، الشيخ الكليني، ص 381.
3- كمال الدين، الشيخ الصدوق، ج1، ص 288، ح 8. 
 
 
 
 
81
 

64

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه"1.

وروي في "الكافي" عنه عليه السلام أنّه قال: "ومن صلّى منكم صلاة فريضةٍ وحده مستتراً بها من عدوّه في وقتها فأتمّها كتب الله عزّ وجلّ له بها خمساً وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمّها كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة كتب الله عزّ وجلّ له بها عشرين حسنة، ويضاعف الله عزّ وجلّ حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقيّة على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه أضعافاً مضاعفة، إِنّ الله عزّ وجلّ كريم"2.

وإِن قلت: حيث إنّ إمامنا غائب في زماننا هذا ، كيف يجب أن نحفظه بالتقيّة؟!
 
أقول: كثيراً ما يحصل في المواقع الّتي تجب فيها التقيّة فلا تُراعى أن يُظهر الأعداء سوء الأدب نحوه عجل الله تعالى فرجه الشريف فيذكرونه بكلام بذيء فيقولون ما يجب أن لا يقولوه، فيكون المخالف للتقيّة هذا سبباً في عدم حفظ الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف، كما قال الله جلّ شأنه في القرآن المجيد: ﴿وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْم﴾3.

والأخبار في هذا الباب كثيرة جدّاً.

الثاني والخمسون: قراءة دعاء الندبة المتعلّق به عجل الله تعالى فرجه الشريف في يوم الجمعة، وعيد الغدير، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، بتوجّه وخشوع.
 
 
 

 
1- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 52، ص 140.
2- الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص 333.
3- سورة الأنعام، الآية: 108.
 
 
82
 
 


65

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

كما ورد في "زاد المعاد".

الثالث والخمسون: اعتبار أنفسنا ضيوفاً عنده عجل الله تعالى فرجه الشريف في أيّام الجمعة المخصّصة له عجل الله تعالى فرجه الشريف فنزوره بهذه الزيارة الّتي ذكرها السيّد ابن طاووس رضوان الله عليه في كتاب "جمال الأسبوع":

"السَّلاَمُ عَلَيكَ يَا حُجّةَ اللهِ فِي أرْضِهِ، السَّلاَمُ عَلَيكَ يَا عَيْنَ اللهِ في خَلْقِهِ، السَّلاَمُ عَلَيكَ يَا نُورَ اللهِ الَّذِي يَهَتدِي بِهِ المَهْتَدُونَ وَيُفرَّجُ بِهِ عَنِ المُؤْمِنِينَ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ أيُّهَا المُهَذَّبُ الخائفُ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ أيُّهَا الوَلِيُّ النَّاصِحُ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ يَا سَفِينَةَ النَّجَاةِ، السَّلاَمُ عَلَيكَ يَا عَيْنَ الحَيَاةِ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ، صَلَّى اللهُ عَلَيكَ وَعَلَى آلِ بَيْتِكِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ، عَجَّلَ اللهُ لَكَ مَا وَعَدَكَ مِنَ النَّصْرِ وَظُهُورِ الأمْرِ، السَّلاَمُ عَلَيَكَ يَا مَوْلاَيَ، أنا مَوْلاَكَ عَارِفٌ بِأولاَكَ وَأُخْرَاكَ، أَتَقَرَّبُ إلى اللهِ تعالى بِكَ وَبَآلِ بَيْتِكَ وَأنْتَظِرُ ظُهُورَكَ وَظُهُورَ الحَقِّ عَلَى يَدِكَ، وَأَسْألُ اللهَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَأَنْ يَجْعَلَني مِنَ المُنْتَظِرينَ لَكَ وَالتابِعِينَ، وَالناصِرِينَ لَكَ عَلَى أعْدَائِكَ وَالمُسْتَشْهَدِينَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي جُملَةِ أوْلِيائِكَ.

يَا مَوَلاَيَ يَا صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ، هذَا يَوْمُ الجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُكَ المُتَوَقّعُ فِيهِ ظُهُورُكَ، وَالفَرَجُ فِيهِ لِلْمُؤْمِنينَ عَلَى يَدِكَ وَقتْلُ الكَافِرِينَ بِسَيْفِكَ، وَأَنَا يَا مَوْلاَيَ فِيهِ ضَيْفُكَ وَجَارُكَ وَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ كَرِيمٌ مِنْ أَوْلاَدِ الكِرَامِ، وَمَأمُورٌ بالضِّيَافَةِ وَالإِجَارَةِ فَأضِفْنِي وأَجِرْني صلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ الطَّاهِرِينَ"1.

الرابع والخمسون: روي في "كمال الدين" و"جمال الأسبوع"
 
 

 
1- جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس، ص 37.
 
 
83
 
 

 


66

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

بأسانيد صحيحة ومعتبرة عن الشيخ الثقة الجليل القدر عثمان بن سعيد العمريّ أنّه أمر بقراءة هذا الدعاء وقال: "يجب على الشيعة أن يقرأوا هذا الدعاء في زمان غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف".

أقول: إِنّ هذا الشيخ الجليل كان النائب الأوّل من النوّاب الأربعة في عصر الغيبة الصغرى، فإنَّ كلَّ ما يأمر به صادر عن صاحب الأمر روحي له الفداء وعلى هذا فكلّما ملكت حسن التوجّه فاقرأ هذا الدعاء الشريف ولا تقصّر في ذلك وخصوصاً بعد صلاة العصر من يوم الجمعة، فقد قال السيّد الجليل عليّ بن طاووس في كتاب "جمال الأسبوع": "إِذا كان لك عذر عن جميع ما ذكرناه من تعقيب العصر يوم الجمعة، فإيّاك أن تهمل الدعاء به فإنّنا عرفنا ذلك من فضل الله جلّ جلاله الّذي خصّنا به، فاعتمد عليه"1.

ويُفهم من هذه العبارة أنّ أمراً بهذا الشأن صدر عن حضرة صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف إلى السيّد رضوان الله عليه وهذا غير بعيد عن مقام السيد. وهذا الدعاء هو:

"اللَّهُمَّ عَرِّفني نَفْسَكَ فإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعرِّفُني نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفَكَ وَلَم أَعْرِف رَسُولَكَ.

اللَّهُمَّ عَرِّفني رَسُولَكَ فإنَّكَ إِنْ لَم تُعرِّفْني رَسُولَكَ صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ اعْرِفْ حُجَّتَكَ.

اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنِ دِيني.

اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْنِي مِيتَةً جَاهِلِيةً وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي.
 
 
 

 
1- م. ن، ص 315.
 
 
 
84

67

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

اللَّهُمَّ فَكَمَا هَدَيْتَنِي بِوَلاَيَةِ مَنْ فَرَضْتَ طَاعَتَهُ عَلِيَّ مِن وُلاَةِ أمْرِكَ بَعْدَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ حَتَّى وَالَيْتُ وُلاَة أَمْرِكَ، أمير المؤْمِنينَ وَالحَسَنَ والحُسَيْنَ وَعَلِيّاً وَمحمّداً وَجَعْفَراً وَمُوسَى وَعَلِياً وَمحمّداً وَعَلِياً وَالحَسَنَ وَالحجّة القَائِمَ المَهْدِيّ صَلَواتُكَ عَلَيهِمْ أجْمَعِينَ.

اللَّهُمَّ فَثَبِتَنْي عَلَى دِينِكَ وَاسْتَعْمِلِني بِطَاعَتِكَ وَلَيِّنْ قَلِبي لِوَلِيّ أمْرِكَ، وَعَافِني مِمَّا امْتَحَنْتَ بِهِ خَلقَكَ وَثبّتْنِي عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أمْرِكَ الَّذِي سَتَرَتَهُ عَنْ خَلْقِكَ، فَبِإِذْنِكَ غَابَ عَنْ بَريّتِكَ، وَأمْرَكَ يَنْتَظِرُ وأَنْتَ الْعالم غَيْرُ مُعلمٍ بِالوَقْتِ الَّذِي فيهِ صَلاحُ أمْرِ وَلِيِّكَ فِي الإذنِ لَهُ بِإِظْهَار أمْرهَ وكشفِ سِتْرِهِ. فَصَبِّرْنِي عَلَى ذَلِكَ حَتّى لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أخَّرْتَ وَلاَ تَأخيرَ مَا عَجَّلْتَ، وَلاَ أكْشِفَ عَمَّا سَتَرْتَ وَلاَ أبْحثَ عَمّا كَتَمْتَ، وَلاَ أُنازِعَكَ فِي تَدْبِيرِكَ، وَلاَ أقُولَ لِمَ وَكَيْفَ وَمَا بالُ وَليّ الأمرِ لاَ يَظْهَرُ وَقَدِ امْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنَ الجَوْرِ وَأُفَوِّضُ أُموُري كُلَّهَا إِلَيْكَ.

اللَّهُمَّ إِنِّي أسْأَلُكَ أَنْ تُرِيني وَليِّ أَمْرِكَ ظاهِراً نَافِذَ الأمْرِ مَعَ عِلْمِي بِأنَّ لَكَ السُّلْطَانَ وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ وَالحجّة وَالمَشِيَّةَ والْحَوْلَ وَالقُوَّةَ، فَافْعَلْ ذلِكَ بِي وَبِجَميِعِ الْمُؤمِنينَ حَتّى نَنْظُرَ إلى وَلِيّكَ صَلواتُكَ عَلَيْهِ وَآله ظاهِرَ المقَالَةِ واضِحَ الدِّلالَة هادِياً مِنَ الضَّلاَلَةِ شافِياً مِنَ الجَهَالَةِ، وأَبِرِزْ يَا رَبِّ مُشاهَدَتَهُ وَثَبّتْ قَواعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تُقرُّ عَيْنَهُ بِرُؤْيَتِهِ، وَأقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ وَتَوَفَّنا عَلَى مِلَّتِهِ وَاحْشَرْنَا فِي زُمْرَتِهِ.

اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَميعِ مَا خَلَقْتَ وَبَرَأتَ وَذَرَأتَ وَأنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ، وَاحْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمينِهِ وَعَنْ شِمالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحفْظِكَ الَّذِي لا يَضيعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِيهِ رَسُولَكَ وَوَصِيِّ رَسُولِكَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ.
 
 
 
 
85
 
 

68

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

اللَّهُمَّ وَمُدَّ فِي عُمُرِهِ وَزِدْ فِي أجَلِهِ وَأعِنْهُ عَلَى مَا وَلّيتَهُ وَاسْتَرعَيْتَهُ، وَزِدْ فِي كِرَامَتِكَ لَهُ فإنّه الهادِي المَهْتدي وَالْقَائِمُ المَهْدِيُّ الطاهِرُ التَّقيُّ الزَكيُّ النَّقِيُّ الرَّضِيُّ المَرْضِيُّ الصَّابِرُ الشكُورُ المُجْتَهِدُ.

اللَّهُمَّ وَلاَ تَسْلُبْنَا اليَقِينَ لِطُولِ الأمَدِ فِي غَيْبَتِهِ وَانْقِطاعِ خَبَرهِ عَنَّا وَلاَ تُنْسِنَا ذِكْرَه وَانْتِظارَهُ وَالإِيمانَ بِهِ وَقُوّةَ اليَقِينِ فِي ظُهُورِهِ وَالدُّعاءَ لَهُ وَالصَّلاَةَ عَلَيْهِ، حَتّى لاَ تُقْنِّطنا طُولُ غَيبَتِهِ مِنْ ظُهُورِهِ وَقِيامِهِ وَيَكُونَ يَقِينُنَا فِي ذَلِكَ كَيقِينِنا فِي قِيامِ رَسُولِكَ صلَّى اللهَ عَلَيِهِ وآلِهِ، وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحيكَ وَتَنزِيلِكَ، وَقَوِّ قُلُوبَنَا عَلَى الإِيمانِ بِهِ، حَتّى تَسْلُكَ بِنَا عَلَى يَدَيِهِ مِنْهَاجَ الهُدَى وَالمحَجَّةَ العُظْمى وَالطَّرِيقَةَ الوُسْطَى، وَقَوِّنا عَلَى طَاعَتِهِ وَثَبِّتْنا عَلَى مُتابَعَتِهِ وَاجْعَلْنَا فِي حِزْبِهِ وَاعْوانِهِ وَأنْصَارِهِ وَالرَّاضِينَ بِفِعْلِهِ، وَلاَ تَسْلُبْنَا ذلِكَ فِي حَيَاتِنَا وَلاَ عِندَ وَفَاتِنَا حَتّى تَتَوفّانا وَنَحْنُ عَلَى ذلِكَ لاَ شَاكّيَنَ وَلاَ ناكِثِينَ وَلاَ مُرْتَابِينَ وَلاَ مُكَذِّبِينَ.

اللَّهُمَّ عَجِّل فَرّجَهُ وَأيّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ ناصِرِيِهِ وَاخْذُلْ خاذِلِيهِ وَدَمْدِمْ عَلَى مَن نَصَبَ لَهُ وَكَذَّبَ بِهِ، وَأظْهِرْ بِهِ الحَقَّ وَأَمِت بِهِ الجَورَ وَاسَتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَكَ المؤْمِنينَ مِنَ الذُّلِ وَانعَشْ بِهِ البِلادَ، وَاقْتُلْ بِهِ جَبابِرَةَ الكُفْرِ وَاقْصِمْ بِهِ رُؤُوسَ الضَّلاَلَةِ وَذَلِّلْ بِهِ الجَبَّارِينَ وَالكَافِرِينَ وأبِر بِهِ المُنَافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَجَمِيعَ المُخالِفِينَ وَالمُلْحِدِينَ فِي مَشَارِقِ الأرْضِ وَمَغَارِبِها وَبَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهُا؛ حَتّى لاَ تَدَعَ مِنْهُمْ دَيّاراً وَلاَ تُبْقِيَ لَهُمْ آثاراً، وَطهِّر مِنْهُمْ بِلادَكَ وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبادِكَ وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحى مِنْ دِينِكَ وَأصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُكمِكَ وَغُيِّرَ مِنْ سُنّتِكَ، حَتّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَعَلَى يَدَيْهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لاَ عِوَجَ فِيهِ وَلاَ بِدْعَةَ مَعَهُ، حَتّى،
 
 
 
86
 
 

69

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

تُطْفِىءَ بِعَدْلِهِ نِيرَانَ الكَافِرِينَ، فإنّه عَبْدُكَ الّذِي اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَارتَضَيْتَهُ لِنُصْرَةِ دِينِكَ واصْطَفَيْتَهُ بِعِلْمِكَ وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذّنُوبِ، وَبَرّأَتَهُ مِنَ العُيُوبِ وَأطْلَعْتَهُ عَلَى الغُيُوبَ وَأنْعَمْتَ عَلَيْهِ وَطَهَّرتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَنَقَّيْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آبَائِهِ الأئِمَّةِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى شِيعَتِهِ المُنْتَجَبينَ وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمالِهِمْ مَا يَأمُلُونَ، وَاجْعَلْ ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ كُلِّ شَكٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِياءٍ وَسُمْعةٍ حَتّى لاَ نُرِيدُ بِهِ غَيرَكَ وَلاَ نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ.

اللَّهُمَّ إِنّا نَشْكُو إِلَيْكَ فَقْدَ نَبِيِّنَا، وَغَيْبَةَ وَلِيِّنَا، وَشِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَينا، وَوُقُوعَ الفِتَنِ بِنَا، وَتَظَاهُرَ الأعْدَاءِ عَلَيْنَا وَكَثرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا.

اللَّهُمَّ فَفَرِّجْ (فافرِجْ) ذَلِكَ بِفَتحٍ مِنكَ تُعَجِّلُهُ وَنَصْرٍ مِنكَ تُعِزّهُ، وَإِمَامَ عَدْلٍ تُظهِرُهُ إِله الحقِّ رَبَّ العَالَمِينَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ أَنْ تَأذَنَ لِوَلِيِّكَ فِي إِظهارِ عَدْلِكَ فِي عِبادِكَ وقَتلِ أَعدَائِكَ فِي بِلاَدِكَ، حَتّى لاَ تَدَعَ لِلجَوْرِ يَا رَبِّ دِعَامَةً إِلّا قَصَمْتَهَا وَلاَ بَقِيّةً إِلَّا أَفنَيتَهَا وَلاَ قُوّةً إِلّا أوْهَنتَهَا وَلاَ رُكْنَاً إِلّا هَدَمْتَهُ وَلاَ حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ وَلاَ سِلاَحَاً إِلَّا أكْلَلْتَهُ وَلاَ رَايةً إِلَّا نَكَّسْتَهَا وَلاَ شُجَاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ، وَلاَ جَيْشاً إِلَّا خَذَلْتَهُ وَارْمِهِمْ يَا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِغِ وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ القَاطِعِ وَبَأسِكَ الّذِي لاَ تَرُدُّهُ عَنِ القَومِ المُجْرِمِينَ، وَعَذِّبْ أَعْدَاءَكَ وأَعْدَاءَ دِينِكَ وَأَعْدَاءَ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ بيد وَلِيِّكَ وَأَيْدِي عِبَادِكَ المؤْمِنينَ.

اللَّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أرْضِكَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَكَيْدَ مَنْ كَادَهُ،
 
 
87
 

70

وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف

وَامْكُرْ بِمَن مَكَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَة السَّوْءِ عَلَى مَنْ أَرَادَ بِهِ سَوءاً؛ وَاقْطَعَ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ وَأرْعِبْ لَهُ قُلُوبَهُمْ وزَلْزِلْ أقْدَامَهُمْ وَخُذْهُمْ جَهْرَةً، وَشَدِّدْ عَلَيْهِمْ عَذَابَكَ وَاخْزِهِمْ فِي عِبَادِكَ وَالْعَنْهُمْ فِي بِلاَدِكَ، وأسكنهم أسْفَلَ نَارِكَ وَأحِطْ بِهِمْ أشدَّ عذابِكَ وَأصْلِهِمْ نَاراً وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً، وأصْلِهِمْ حَرَّ نَارِكَ فإنّهمْ ضلّوا وَأضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَأَضَلّوُا عِبَادَكَ.

اللَّهُمَّ وَأحْيِ بِوَلِيِّكَ الْقُرْآنَ وَأرِنا نُورَهُ سَرْمَداً لاَ ظُلْمَةَ فِيهِ وَأَحْيِ بِهِ الْقُلُوبَ المَيتَةَ. وَاشْفِ بِهِ الصُدُورَ الوَغِرَةَ1 وَاجْمَعْ بِهِ الأهْوَاءَ المُخْتَلِفَةَ عَلَى الحَقِّ وَأَقِمْ بِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ، وَالأَحْكَامَ المُهْمَلَةَ حَتّى لاَ يَبْقى حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ وَلاَ عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ وَمُقوِّيَةِ سُلْطَانِهِ وَالْمُؤْتَمِرِينَ لأمرِهِ وَالرّاضِينَ بِفَعْلِهِ وَالمُسَلِّميِنَ لأحْكَامِهِ وَمِمَّنْ لاَ حَاجَةَ بِهِ إلى التَّقِيَّةِ مِنْ خَلْقِكَ.

أَنْتَ يَا رَبِّ الّذِي تَكشِفُ الضُّرَّ وَتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذَا دَعَاكَ، وَتُنجي مِنَ الكَرْبِ الْعَظِيمِ فَاكْشِفِ الضُرَّ عَنْ وَليِّكَ وَاجْعَلْهُ خَلِيفَتَكَ فِي أرْضِكَ كَمَا ضَمِنْتَ لَهُ.

اللَّهُمَّ وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ خُصَماءِ آلِ محمّد عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أَعْدَاءِ آلِ محمّد عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، وَلاَ تَجْعَلْنِي مِنْ أهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَيْظِ عَلَى آلِ محمّد عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ، فَإِنِّي أعُوذ بِكَ مِنْ ذَلِكَ فَأعِذْنِي وَأسْتَجِيرُ بِكَ فَأجِرْنِي.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وآلِ محمّد وَاجْعَلْنِي بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَكَ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، وَمِنَ المُقَرَّبِينَ آمينَ رَبَّ العالَمِينَ"2
 
 

 
1- أي يا إلهي اشفِ بظهور حضرة صاحب الأمرعجل الله تعالى فرجه الشريف صدور المؤمنين الّتي تقطّعت على فراقه.
2- جمال الأسبوع، السيد ابن طاووس، ص522
 
 
88
 

71

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

 واعلم أنّ معرفة صفات وخصوصيّات حضرة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه من الأُمور المهمّة الّتي يجب بحسب الأدلّة العقليّة والنقليّة تحصيلها في هذا الزمان. ولا يسع المجال ذكرها بالتفصيل في هذا المختصر فسأقتصر هنا على ذكر عشرين منها باختصار مستنبطاً ذلك من الكتب المعتبرة مثل "الكافي" و"كمال الدين" و"المحجّة" و"البحار" و"النجم الثاقب" ليكون واضحاً لكلّ واحد أمر صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف وهي:
الأوّل: إنّ خروج صاحب الأمر وقيامه عجّل الله تعالى فرجه للجهاد سيكون من "مكّة المعظّمة"، وذلك الظهور علنيّ حتّى يطّلع عليه كلّ أحد.

الثاني: يقترن ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف بمنادٍ يُنادي من السماء باسمه الشريف واسم أبيه وأجداده إلى اسم سيّد الشهداء عليه السلام بشكل يسمعه كلّ الخلائق كلّ بلسانه، ويستيقظ لقوّته وهيبته كلّ نائم، ويقعد كلّ قائم، ويقوم كلّ قاعد، وذلك نداء جبرئيل عليه السلام.

الثالث: تُظلّله غمامة بيضاء أينما اتّجه سلام الله عليه ويخرج صوت منها يقول: "هذا هو المهديّ خليفة الله فاتّبعوه". وهذه الرواية أوردها علماء السنّة أيضاً.

الرابع: إنّ النّاس يستغنون ببركة نور جماله الّذي يملأ العالم عن نور الشمس والقمر.
 
 
91
 
 
 

72

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

الخامس: يُخرج معه عجل الله تعالى فرجه الشريفالحجر الّذي كان مع موسى عليه السلام وضربه بعصاه فانبعث منه اثنتا عشرة عيناً، فينادي مناديه عجل الله تعالى فرجه الشريف عندما يُريد التحرّك بأصحابه من مكّة: ألا لا يحملنّ رجل منكم طعاماً ولا شراباً ولا علفاً، فيحمل الحجر على البعير فلا ينزل منزلاً إِلّا نصبه فتنبع منه عيون، فمن كان جائعاً شبع، ومن كان ظمآنَ رُوي، ويسقون ويطعمون دوابّهم منه.

السادس: يُخرج معه عجل الله تعالى فرجه الشريف عصا موسى عليه السلام فيُخيف بها الأعداء وتبتلعُ خيولهم، وكلّ عمل كان يقوم به موسى عليه السلام بعصاه يقوم به صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف.

السابع: في صباح الليلة الّتي يظهر فيها عجل الله تعالى فرجه الشريف في مكّة يستيقظ المؤمن أينما كان من الأرض فيجد تحت رأسه ورقة مكتوب فيها "طاعة معروفة".

الثامن: يراه المؤمنون وهم بعيدون عنه في بقاع الأرض وهو في مكانه كأنّه عندهم.

التاسع: ترتفع في ظهوره كلّ علّة ومرض في المؤمنين والمؤمنات فلا يبقى منهم أحد مريضاً في كلّ العالم.

العاشر: يُغنى فقراء المؤمنين في زمانه فلا يبقى فقيرٌ في جميع أنحاء الأرض، وتؤدّى ديون كلّ الشيعة.

الحادي عشر: يُصبح جميع المؤمنين والمؤمنات عالمين بأحكام دينهم فلا يحتاج أحدٌ لآخر في هذا الأمر.

الثاني عشر: تطول الأعمار حتّى يرى الرجل منهم ألف ولد من ذريّته، وفي رواية: أنّهم كلّما كبروا، كبرت معهم ملابسهم وتنصبغ باللون الّذي يُريدون.
 
 
 
92

73

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

الثالث عشر: ينتشر الأمن في كلّ الطرق وجميع البلاد.

الرابع عشر: اتّفقت روايات الشيعة والسنّة على انتشار العدل في الأرض في زمانه عجل الله تعالى فرجه الشريف فلا يظلم أحد أحداً.

الخامس عشر: إنّه يحكم بعلم الباطن ويقتل كلّ الكفّار والمنافقين حتّى لو تظاهروا أنّهم من أصحابه، وينشر دين الإسلام في كلّ الأرض فلا تقبل بعد ذلك الجزية، ويُقتل مانع الزكاة.

السادس عشر: ينتصر عجل الله تعالى فرجه الشريف على كلّ الملوك وتتّسع دولته فتشمل كلّ الأرض.

السابع عشر: تتآلف الحيوانات فيما بينها حتّى المتوحّشة منها.

الثامن عشر: لو كان الكافر أو المشرك في بطن صخرة لقالت الصخرة: يا مؤمن، في بطني كافر أو مشرك فاقتله، فيقتله.

التاسع عشر: قد ورد في بعض الروايات أنّ جيش السفيانيّ يبلغ ثلاث مائة ألف رجل يُرسلهم من المدينة إلى مكّة لقتل الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في ابتداء الظهور المبارك فعندما يكونون في الصحراء الفاصلة بين مكّة والمدينة يُنادي جبرئيل عليه السلام أن يا أيّتها الأرض اخسفي بهم، فتُخسف بهم بأجمعهم فلا يبقى منهم سوى رجلين أو ثلاثة.

العشرون: إحياء جماعة كثيرة من المخالفين بإعجازه عجل الله تعالى فرجه الشريف لينتقم منهم. ولقد ذكرت الروايات المتعلّقة بهذه الأُمور في كتاب "مكيال المكارم".
 
 
 
 
93
 

 

 

 


74

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

دعاء العهد المعروف 
وورد في كتاب "زاد المعاد" وغيرها عن الصادق عليه السلام أنّ من يقرأ دعاء العهد أربعين صباحاً سيكون من أنصار القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف وإن مات قبل الظهور أخرجه الله جلّ شأنه من قبره لنصرته، وأنّ الله تعالى يكتب له بقراءة كلّ كلمة ألف حسنة ويغفر له ألف سيئة وهذا هو الدعاء:

"اللَّهُمَّ رَبَّ النُورِ العَظِيمِ وَرَبَّ الكُرْسِيِّ الرَفِيعِ وَرَبَّ البَحْرِ المَسْجُورِ وَمُنْزِلَ التَوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَرَبَّ الظِّلِّ وَالحَرُورِ وَمُنْزِلَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَرَبَّ المَلاَئِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَالأنْبِياءِ وَالمُرْسَلِينَ.

اللَّهُمَّ إِنّي أسأَلُكَ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وَبِنُورِ وَجْهِكَ المُنيرِ وَمُلْكِكَ القَدِيم يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أسألُكَ بِاسْمِكَ الّذِي أشرَقَتْ بِهِ السَّمَواتُ وَالأَرَضُونَ وَبِاسْمِكَ الَّذِي يَصْلَحُ بِهِ الأوَّلُونَ وَالآخِرُونَ، يَا حَيّاً قَبْلَ كُلِّ حَي وَيَا حَيّاً بَعدَ كُلِّ حَيِّ (وَيَا حَيّاً حِينَ لا حَيِّ يَا مُحْيِيَ المَوتَى وَمُمِيتَ الأَحْيَاء) يَا حيُّ لا إِلَهَ إِلّا أَنتَ.

اللَّهُمَّ بَلِّغْ مَوَلاَنَا الإِمَامَ الهَادِيَ المهْدِيَّ القَائِمَ بِأمْرِكَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وعلَى آبَائِهِ الطَّاهِرِينَ عَنْ جَمِيعِ المؤْمِنينَ وَالمُؤْمِنَاتِ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا سَهْلِهَا وَجَبَلِهَا وَبَرِّها وَبَحْرِهَا، وَعَنِّي وَعَنْ وَالديَّ وَوُلْدِي وَإخْوَانِي مِنَ الصَّلَواتِ زِنَةَ عَرْشِ اللهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ وَمَا أحْصَاهُ كِتَابُكَ وَأحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ.

اللَّهُمَّ إِنّي أُجَدِّدُ لَهُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِي هَذَا وَمَا عِشْتُ مِنْ أيَّامِي عَهْداً وَعَقْداً وَبَيْعَةً لَهُ فِي عُنُقِي لاَ أحول عَنْهَا وَلاَ أَزُولُ أبداً.

اللَّهُمَّ اجعلْنِي مِن أنْصَارِهِ وَأعوانِهِ وَالَّذابِّينَ عَنْهُ وَالْمُسارِعينَ فِي
 
 
 
 
94
 
 

75

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

قَضَاءِ حَوائِجِهِ (والمُمْتَثلِينَ لأَوامِرِهِ وَنوَاهِيهِ) وَالتابِعينَ إلى إِرَادَتِهِ وَالمُسْتَشْهَدينَ بَيْنَ يَدَيْهِ.

اللَّهُمَّ إنْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ المَوْتُ الَّذِي جَعَلْتَهُ عَلَى عِبَادِكَ حَتْماً مَقْضِيّاً فَأخْرِجْني منْ قَبْري مُؤْتَزِراً كَفَني شاهِراً سَيْفِي مُجَرِّداً قَناتِي مُلَبّياً دَعْوَةَ الدَاعي فِي الحاضِرِ وَالبادي.

اللَّهُمَّ أَرِنِي الطَّلْعَةَ الرَشيدَةَ وَالغُرَّةَ الحَميدَةَ، وَاكْحُلْ ناظِرِي بِنَظْرَةٍ مِنّي إِلَيْهِ وَعَجِّلْ فَرَجَهُ وَسَهْل مَخْرَجَهُ وَأوْسِعْ مَنْهجَهُ، وَاسْلُكْ بِي مَحَجَّتَهُ وَأنْفِذْ اَمْرَهُ وَاشْدُدْ أزْرَهُ وَقَوِّ ظَهْرَهُ وَعَمِّر اللَّهُمَّ بِهِ بِلادِكَ وَأَحْي بِهِ عِبَادِكَ، فَإنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلَكَ الحَقُّ ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ.

فَأظْهِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِيَّكَ وَابْنَ وَلِيِّكَ وَابْنَ بِنْتِ نَبِيِّكَ المُسَمّى بِاسْمِ رَسُولِكَ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الدَّنْيا وَالآخِرَةِ، حَتّى لاَ يَظْفَرَ بِشَيِّءٍ مِنَ الباطِلِ إِلَّا مَزَّقَهُ وَيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُحَقِّقَهُ.

وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مَفْزعاً لِمَظْلُومِ عِبادِكَ وَناصِراً لِمَنْ لاَ يَجِدُ لَهُ نَاصِراً غَيْرَكَ ومُجَدِّداً لِمَا عُطِّلَ مِنْ أحْكَامِ كِتَابِكَ، وَمُشَيّدَاً لِمَا وَرَدَ مِنْ أعْلاَمِ دِينِكَ وَسُنَنٍ نَبِيَّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاجْعَلْهُ اللَّهُمَّ مِمَّنْ حَصَّنْتَهُ مِنْ بَأَسِ المُعْتَدِينَ.

اللَّهُمَّ وَسُرَّ نَبيَّكَ محمّداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِرُؤْيَتِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى دَعْوَتِهِ وَارْحَمِ اسْتِكانَتَنا بَعْدَهُ.

اللَّهُمَّ اكْشِفْ هذ الغُمَّةَ عَنْ هذِهِ الأُمِّةِ بِحُضُورِهِ وَعَجِّلْ لَنَا ظُهُورَهُ إِنَّهُمْ يَروْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً بِرَحْمَتِكَ يَا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

فَتَضْرِبُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ يَدكَ عَلَى فَخِذِكَ اليُمْنَى وَفِي كُلّ مَرَّةٍ تَقُول:
 
 
 
95

76

فصل في معرفة صفات وخصوصيات صاحب الأمر المتعلقة به عجل الله تعالى فرجه الشريف

العَجَلَ العَجَلَ يَا مَوَلاَي يَا صَاحِبَ الزَّمانِ"1.

وأخيراً ألتمس من القرّاء الكرام الدعاء راجياً المولى جلّ شأنه أن يجعلني وإخواني في الدين من أنصار صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف.
 
 
 

 
1- زاد المعاد، العلّامة المجلسي، ص 223.
 
 
 
96

 

77
وظيفة الأنام في زمن غيبة الإمام