فقه المحاسبة

التفقّه في الدين، وتعلّم الأحكام الشرعيّة الفقهيّة وفهمها، من الأمور التي حثّت الشريعة الإسلاميّة عليها؛ كونها تشكّل البناء المعرفيّ والفكريّ لشخصيّة الإنسان المسلم، وترسم معالم سلوكه على المستويين، الفرديّ والاجتماعيّ.


الناشر:

تاريخ الإصدار: 2023-09

النسخة:


الكاتب

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

من مؤسسات جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، متخصص بالتحقيق العلمي وتأليف المتون التعليمية والثقافية، وفق المنهجية العلمية والرؤية الإسلامية الأصيلة.


المقدّمة

المقدّمة

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

التفقّه في الدين، وتعلّم الأحكام الشرعيّة الفقهيّة وفهمها، من الأمور التي حثّت الشريعة الإسلاميّة عليها؛ كونها تشكّل البناء المعرفيّ والفكريّ لشخصيّة الإنسان المسلم، وترسم معالم سلوكه على المستويين، الفرديّ والاجتماعيّ.

وقد أوجبت الشريعة على المكلَّف تعلّم الأحكام الشرعيّة التي يُبتلى بها، بلا فرق بين الأحكام الخاصّة بالعبادات التي يُبتلى بها كلّ المكلّفين، أو الأحكام الخاصّة بوظيفة كلّ مكلَّف أو مهنته، فمَن يعمل في مجال الهندسة أو القضاء أو المحاسبة أو غيرها من الوظائف والمِهن، يجب عليه أن يتعلّم الأحكام الشرعيّة الابتلائيّة في مجال عمله، وإلاّ عُدَّ مخالفاً فيما لو ابتلي بمورد أو حالة لا يعرف حكمها الشرعيّ.

وقد أَوْلى التشريعُ الإسلاميّ المِهن والحِرف التي تصبّ في مصلحة المجتمع وبنائه اهتماماً كبيراً، فوضع لها الأحكام الشرعيّة لعدم الانزلاق في أفعال محرّمة تؤثّر سلبيّاً في المجتمع بشكل عامّ، وخاصّة الداكتوم

 

7


1

المقدّمة

فيما يكون له علاقة بالأمور المعيشيّة والاجتماعيّة، ومنها عمل المحاسبة.

إنّ المحاسبة من الأعمال الهامّة على الصعيدين الاقتصاديّ والإداريّ، وهي تتأثّر بأخلاقيّات أفراد المجتمع وسلوكيّاتهم، كغيرها من العلوم الاجتماعيّة، وهي قابلة للتغيّرات نتيجة الظروف التي تُحيط بها.

هذا الكتاب هو من ضمن سلسلة الفقه الموضوعيّ التي نصدرها دورياً، وقد أعددنا سلسلة تختصّ بفقه المِهن، وخصّصنا هذا الإصدار بمهنة المحاسبة، ويبيّن هذا الكتيب حكم مزاولة المهنة، وشروطها وآدابها، وجملة من أحكامها، آملين أن يلبّي الحاجة العمليّة لهذه الشريحة الأساسيّة في المجتمع.

 

والحمد للّه ربّ العالمين

مركز المعارف للتأليف والتحقيق

 

8


2

آداب المِهن والمعاملات

آداب المِهن والمعاملات

لا بدّ قبل الخوض في غمار الأدبيّات والأخلاقيّات التي ينبغي لكلّ صاحب مهنة أن يتحلّى بها، من التأكيد على أنّ كلَّ فرد من أفراد المجتمع له دور بارز وأساس في تكوين البنية الاجتماعيّة الراقية والملتزمة بالمبادئ الإسلاميّة والإنسانيّة. وإنّ أصحاب المهن -على أشكالها- مطالبون بالتحلّي بتلك الآداب والأخلاقيّات في تعاملهم مع النّاس؛ بغية ضمان الأمن والسلام في مزاولة مهنتهم، وبغية الوصول إلى الهدف المنشود منها، ألا وهو خدمة النّاس وقضاء حوائجهم والعمل على تطوير العمل فيها. علاوة على الالتزام بما يرضي الله -سبحانه وتعالى- الذي أرشدنا من خلال كتابه الكريم وسنّة نبيّه المصطفى (صلى الله عليه وآله) وآله الأطهار(عليهم السلام) إلى أهمّيّة العمل وطلب الرزق وآداب ذلك. وسوف نورد عدداً من تلك الأخلاقيّات والأدبيّات ضمن العناوين الآتية:

أوّلاً: في طلب الرّزق والمال الحلال

1. طلب الرزق والتعفّف عن الناس

عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): «مَنْ طلب هذا الرزق من حلِّه ليعود به على نفسه وعياله، كان كالمجاهد في سبيل الله...»[1].

 


[1] الكلينيّ، الشيخ محمّد بن يعقوب بن إسحاق، الكافي، تحقيق وتصحيح علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلاميّة، إيران - طهران، 1363ش، ط5، ج5، ص93. الحرّ العامليّ، الشيخ محمّد بن الحسن، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، إيران - قم، 1414هـ، ط2، ج17، ص21.

 

9


3

آداب المِهن والمعاملات

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «مَنْ طلب الدنيا استعفافًا عن الناس وسعيًا على أهله، وتعطّفًا على جاره، لَقيَ الله -عزّ وجلّ- يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر»[1].

2. جمع المال من حلال لأجل النفقة في الطاعات

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا خيرَ في مَنْ لا يحبُّ جمع المال من حلال، يكفّ به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه»[2].

وعن عبد الله بن أبي يعفور: قال رجلٌ لأبي عبد الله [الإمام الصادق] (عليه السلام): واللهِ، إنّا لنطلب الدنيا، ونحبُّ أن نؤتاها، فقال: «تحبُّ أن تصنع بها ماذا؟» قال: أعود بها على نفسي وعيالي، وأصل بها، وأتصدّق بها، وأحجّ وأعتمر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة»[3].

3. الزهد في الحرام دون الحلال

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال، ولا تحريم الحلال، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما عند الله -عزّ وجلّ-»[4].

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الزهد في الدنيا قصر الأمل، وشكر كلّ نعمة، والورع عن كلّ ما حرّم الله -عزّ وجلّ-»[5].

 

 


[1] الطوسيّ، الشيخ محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، تحقيق وتعليق السيد حسن الموسوي الخرسان، دار الكتب الإسلامية، إيران - طهران، 1364ش، ط3، ج6، ص324.

[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص62.

[3] المصدر نفسه، ص72.

[4] المصدر نفسه، ص70.

[5] المصدر نفسه، ص71.

 

10


4

آداب المِهن والمعاملات

4. العمل باليد

عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه: رأيت أبا الحسن [الإمام الكاظم] (عليه السلام) يعمل في أرضٍ له، قد استنقعت قدماه في العرق، فقلت: جُعلت فداك! أين الرجال؟ فقال: «يا عليّ، قد عمل باليد مَنْ هو خيرٌ منّي في أرضه ومن أبي»، فقلت: ومن هو؟ فقال: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وآبائي كلّهم، كانوا قد عملوا بأيديهم، وهو من عمل النبيّين والمرسلين والأوصياء والصالحين»[1].

5. الإجمال في طلب الرزق

عن الإمام الباقر (عليه السلام): «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حجّة الوداع: ألا إنّ الروح الأمين نفث في رَوعي أنّه لا تموت نفسٌ حتّى تستكمل رزقها؛ فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنَّكم استبطاء شيءٍ من الرزق أن تطلبوه بمعصية الله؛ فإنّ الله -تبارك وتعالى- قسّم الأرزاق بين خلقه حلالًا، ولم يقسّمها حرامًا، فمن اتّقى الله وصبر أتاه الله برزقه من حلِّه، ومن هتك حجاب الستر وعجّل فأخذه من غير حلهّ قصّ به من رزقه الحلال، وحوسب عليه يوم القيامة»[2].

6. الاقتصاد في طلب الرزق

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيِّع، ودون طلب الحريص الراضي بدنياه، المطمئنّ إليها، ولكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصِف المتعفِّف، ترع نفسك عن منزلة

 

 


[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص76-75.

[2] المصدر نفسه، ص80.

 

11


5

آداب المِهن والمعاملات

الواهن الضعيف، وتَكتسبْ ما لابدَّ منه، إنّ الذين أعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم»[1].

7. الدعاء في طلب الرزق

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله -جلّ وعزّ- جعل أرزاق المؤمنين من حيث لم يحتسبوا؛ وذلك أنّ العبد إذا لم يعرف وجهَ رزقه كَثُر دعاؤه»[2].

8. الاقتصاد وتقدير المعيشة

عن الإمام الصادق(عليه السلام): «يا عبيد، إنّ السرف يورث الفقر، وإنّ القصد يورث الغنى»[3].

عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر»[4].

9. الكدّ على العيال من الرزق الحلال وفضله

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله»[5].

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): «الذي يطلب من فضل الله ما يكفّ به عياله أعظم أجرًا من المجاهد في سبيل الله -عزّ وجلّ-»[6].

وعن الإمام الصادق(عليه السلام): «إذا كان الرجل معسرًا، يعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله، لا يطلب حرامًا، فهو كالمجاهد في سبيل الله»[7].

 

 


[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص81.

[2] الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام، مصدر سابق، ج6، ص328.

[3] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج4، ص53.

[4] المصدر نفسه، ص53.

[5] المصدر نفسه، ج5، ص88.

[6] المصدر نفسه، ص88.

[7] المصدر نفسه، ص88.

 

12


6

آداب المِهن والمعاملات

10. الاقتصار على معاملة من نشأ في الخير

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لا تخالطوا ولا تعاملوا إلّا من نشأ في الخير»[1].

11. التبكير في طلب الرزق

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّي لأحبّ أن أرى الرجل متحرِّفًا في طلب الرزق، إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: اللّهم بارك لأمّتي في بكورها»[2].

12. الذهاب في الحاجة على طهارة

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «من ذهب في حاجةٍ على غير وضوءٍ فلم تُقضَ حاجته، فلا يلومنَّ إلّا نفسه»[3].

13. التكسّب بأنواع المحرّمات

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي من بعدي هذه المكاسب الحرام، والشهوة الخفيّة، والربا»[4].

وعنه (عليه السلام): «كسب الحرام يَبِين في الذريّة»[5].

 


[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص158.

[2] الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، من لا يحضره الفقيه، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، إيران - قم، 1414هـ، ط2، ج3، ص157.

[3] المصدر نفسه، ج3، ص157.

[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص124.

[5] المصدر نفسه، ص125.

 

13


7

آداب المِهن والمعاملات

14. معونة الظالمين وطلب ما في أيديهم من الظلم

عن الإمام علي زين العابدين (عليه السلام): «إيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين!»[1].

وعنه (عليه السلام): «العامل بالظلم والمعين له والراضي به، شركاء ثلاثتهم»[2].

15. الغشّ في المعاملة

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ألا ومن غشّ مسلمًا فليس منّا». قالها ثلاث مرّاتٍ، إلى أن قال: «ومن غشّ أخاه المسلم نزع الله منه بركة رزقه، وأفسد عليه معيشته ووكّله إلى نفسه»[3].

16. الخيانة

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «... وليس منّا من خان مسلماً في أهله وماله»[4].

ثانياً: في الصفات الأخلاقيّة

1. الإخلاص

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «إنّ لكلّ حقّ حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يُحمَد على شيء من عملٍ لله»[5].

 


[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص16.

[2] المصدر نفسه، ج2، ص333.

[3] الصدوق، الشيخ محمد بن علي بن بابويه، ثواب الأعمال، تقديم السيد محمد مهدي السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، إيران - قم، 1368 ش، ط2، ص286. البروجردي، السيّد حسين الطباطبائي، جامع أحاديث الشيعة، لا.ن، إيران - قم، 1399ه، لا.ط، ج17، ص359.

[4] المفيد، الشيخ محمد بن محمد بن النعمان، الاختصاص، تحقيق علي أكبر الغفاري والسيد محمود الزرندي، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1414هـ - 1993م، ط2، ص248. السيّد البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، مصدر سابق، ج18، ص540.

[5] المجلسيّ، العلّامة محمّد باقر بن محمّد تقي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، مؤسّسة الوفاء، لبنان - بيروت، 1403هـ - 1983م، ط2، ج69، ص304.

 

14


8

آداب المِهن والمعاملات

2. الصدق

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أوصيكم بستّ خصال: اصدقوا، فإنّ الصادق على شفا منجاة، وإلّا قولوا خيراً تُعرفوا به، واعملوا الخير، تكونوا من أهله، وأدّوا الأمانة إلى من ائتمنكم، وصِلوا من قطعكم، وعودوا بالفضل على من جهِل عليكم»[1].

3. الوفاء بالوعد

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليفِ إذا وعد»[2].

وعنه أيضاً(صلى الله عليه وآله): «لا إيمانَ لمن لا أمانة له، ولا دينَ لمن لا عهد له، ولا صلاةَ لمن لا يتمّ ركوعها وسجودها»[3].

4. حسن الخُلُق

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «طوبى لمن حَسُن مع الناس خُلُقه، وبذل لهم معونته، وعدل عنهم شرّه...»[4].

عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً»[5].


[1] الكراجكي، العلّامة أبو الفتح محمّد بن علي بن عثمان، معدن الجواهر، تحقيق السيّد أحمد الحسيني، لا.ن، لا.م، 1394، ط2، ص53.

[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص364.

[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج69، ص198.

[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص168.

[5] المصدر نفسه، ج2، ص99.

 

15


9

آداب المِهن والمعاملات

ثالثاً: في التعامل مع الناس

1. مدارة الناس

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله): «رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس في غير ترك حقّ... »[1].

2. نفع المؤمنين

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): الخلق عيال الله، فأحبُّ الخلق إلى الله من نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيتٍ سرورًا»[2].

وعنه أيضاً (عليه السلام): «سُئل رسول الله(صلى الله عليه وآله): مَنْ أَحبُّ الناس إلى الله؟ قال: أنفع الناس للناس»[3].

3. قضاء حاجة المؤمن والاهتمام بها

عن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ المؤمن لَترِدُ عليه الحاجة لأخيه فلا تكون عنده، فيهتمُّ بها قلبُه، فيدخله الله -تبارك وتعالى- بهمّه الجنّة»[4].

رابعاً: في الإقراض والدين

1. إقراض المؤمن

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لأن أقرض قرضًا، أحبُّ إليَّ من أن أتصدّق بمثله». وكان يقول: «من أقرض قرضًا وضرب له أجلًا فلم

 


[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر نفسه، ج77، ص147.

[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص164.

[3] المصدر نفسه، ص164.

[4] المصدر نفسه، ص196.

 

16


10

آداب المِهن والمعاملات

يؤتَ به عند ذلك الأجل، كان له من الثواب في كلِّ يومٍ يتأخّر عن ذلك الأجل بمثل صدقة دينارٍ واحدٍ في كلّ يوم»[1].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: «ما من مسلمٍ أقرض مسلمًا قرضًا حسنًا يريد به وجه الله، إلّا حسب له أجرها كحساب الصدقة حتّى يرجع إليه»[2].

2. حبس الحقوق عن أهلها

عن الإمام الباقر (عليه السلام): «من حبس حقّ امرئٍ مسلمٍ، وهو يقدر على أن يعطيه إيّاه، مخافة أنّه إن خرج ذلك الحقّ من يده أن يفتقر، كان الله -عزّ وجلّ- أقدر أن يفقره منه على أن يغني نفسه بحبس ذلك الحقّ»[3].

 


[1] الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج18، ص230.

[2] المصدر نفسه، ص230.

[3] المصدر نفسه، ص332.

 

17


11

فقه المحاسبة

أهمّيّة مهنة المحاسبة من منظور إسلاميّ

مقدّمة

أَولى التشريعُ الإسلاميّ المهن والحرف التي تصبّ في مصلحة المجتمع وبنائه اهتماماً كبيراً؛ ولذلك نجد العديد من الأحكام التي تتعلّق بالمهن والحرف المختلفة هذه، إلّا أنّ ذلك كلّه قد وُضع له بعض الأحكام الشرعيّة لحفظ أصحاب هذه الأعمال من الانزلاق إلى فعل الحرام الذي يكون بنتيجته مؤثّراً سلبيّاً في المجتمع بشكل عامّ، وخاصّة فيما له علاقة بالأمور المعيشيّة والاجتماعيّة، ومنها عمل المحاسبة.

تعريف المحاسبة

المحاسبة لغةً: كلمة محاسبة هي مصدر للفعل حاسب، وتُصرف محاسبةً وحسابًا، وتعني: أحصى عليه للجزاء عليها، كما تعني العدّ والإحصاء. فَحَسَبَ الشيء: أحصاه وبوّبه وعدّه.

شأن المحاسبة شأن أيّ علم آخر له تعريفات عدّة، ولكن لهذه التعريفات جميعًا دلالة واحدة وإن اختلفت صيغها، فقيل عنها إنّها: «مجموعة من المبادئ التي يعتمد عليها في التحقّق من صحّة العمليات الماليّة أو الأحداث الاقتصاديّة، وصدقها، وإثباتها، وقياسها بغرض تقديم المعلومات عنها لتحديد الحقوق والالتزامات، وبيان

 

21


12

فقه المحاسبة

نتيجة النشاط، ولاتّخاذ القرارات بواسطة مستخدمي القوائم والتقارير المحاسبيّة».

وبالتّالي، وفق هذا التعريف، تكون عناصر المحاسبة متشكّلة من:

1. المبادئ والقواعد التي تُعتبر من الأسس الفكريّة للمحاسبة.

2. مجال عمل المحاسبة، وهو المعاملات الماليّة.

3. إعداد البيانات والمعلومات للعمل على تحقيق صحّتها وصدقها.

4. تحديد الحقوق والالتزامات بين الأطراف.

5. المساهمة في تقديم المعلومات اللّازمة لمستخدمي القوائم الماليّة لاتّخاذ القرارات.

وإنّنا في هذا الكتاب، سنشمل في حديثنا كلّ أنواع المحاسبة؛ فهناك ما يُعرف بالمحاسبة الماليّة، والمحاسبة الإداريّة، ومحاسبة الشركات، ومحاسبة الزكاة، كما في بعض الدول الإسلاميّة والمؤسّسات الإسلاميّة. وبما أنّ الأمور التي يُبتلى بها يشترك فيها كلّ العاملين في هذا الشأن؛ لذلك لن نُفرّق في حديثنا بين نوع وآخر.

إنّ المحاسبة من الأعمال المهمّة على الصعيدين الاقتصاديّ والإداريّ، وهي تتأثّر بأخلاقيّات أفراد المجتمع وسلوكياتهم، كغيرها من العلوم الاجتماعيّة، وهي قابلة للتغيّرات؛ نتيجة الظروف التي تُحيط بها.

وإذا أردنا إيراد الرؤية الإسلاميّة لمهنة المحاسبة، نجد أنّ مفهومها -إسلاميّاً- له علاقة بالقيم العقدية والأخلاقيّة والسلوكيّة للمجتمع المسلم.

 

22


13

فقه المحاسبة

الاهتمام الإسلاميّ بالمحاسبة

يبرز الاهتمام الإسلاميّ بهذه المهنة من خلال بعض الأدلّة؛ منها أنّ هناك ما يُعرف بالمعاملات في الفقه الإسلاميّ، مضافاً إلى العبادات؛ فكما أنّ ثمّة أحكاماً تتعلّق بالعبادات، كذلك هناك أحكام تتعلّق بالمعاملات، ولا تقلّ أهمّيّة عن تلك من حيث الاستدلال والكمّيّة، وفيها تفاصيل كثيرة جدّاً.

وكذلك ممّا يدلّ على اهتمام الإسلام بالمحاسبة، قوله -تعالى- في أطول آية في القرآن الكريم: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَل مُّسَمّى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡيَكۡتُب بَّيۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ﴾[1]. وهي من الآيات التي تُستنبط منها أسسُ العمل المحاسبيّ، مضافاً إلى العديد من الروايات التي وردت عن لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة المعصومين (عليهم السلام)، الذين شدّدوا على كتابة الدَّين وغيره من المعاملات الماليّة؛ وهذا إنْ دلّ على شيء، فإنّما يدلّ على حرصهم على تنظيم العمل الماليّ من خلال ذلك.

وقد تمثّلت المحاسبة في صدر الإسلام في تحديد أرباح الأنشطة التجاريّة وقياسها، وتنظيم الديون، وكان هناك ما يُعرف بالدفاتر والسجلّات.

العوامل المؤثّرة في العمل المحاسبيّ

ثمّة عوامل عدّة لها تأثير مباشر في تكوين بيئة المحاسبة، أبرزها: العوامل الاقتصاديّة، العوامل السياسيّة، والعوامل الاجتماعيّة. وما

 

 


[1] سورة البقرة، الآية 282.

 

23


14

فقه المحاسبة

يهمّنا هنا في الواقع، هو تسليط الضوء على العوامل الاجتماعيّة؛ لأنّ لها ارتباطًا مباشرًا بالفرد الذي يعمل في هذه المهنة.

1. الثقافة: وذلك من خلال نظرة الفرد إلى العمل الذي يقوم به، فقد تكون نظرة أنانيّة فرديّة، أو نظرة جماعيّة، يرى فيها مصلحة المجتمع جميعاً؛ وطبعًا، لهذا الأمر تأثير كبير في سير المحاسب وسلوكه.

2. الدِّين: بما أنّ النظام والتشريع الإسلاميَّين يُحتّمان على المحاسب التقيّد ببعض الأمور الشرعيّة؛ كأن ينظر إلى عمله على أنّه يصب في مصلحة المجتمع كلّه، لا بهدف الوحدة الاقتصاديّة، كما يراها الغربيّون، فإنّ هناك مسائل شرعيّة، كالربا وغيرها؛ ممّا يجعل تأثير ذلك واضحًا في العمل المحاسبيّ.

3. التعليم: المقصود به هو مستوى التعليم في المجتمع؛ إذ كما ارتقت نسبة التعليم بين أفراده، صار للعمل المحاسبيّ أهمّية أكبر، والعكس صحيح أيضاً.

الإشارات المحاسبيّة في القرآن الكريم

يُمكن لنا من خلال تتبّع الآيات القرآنيّة أن نستنبطَ بعض الملامح والعلامات التي تُشير فيها إلى عمل المحاسبة، وأن هناك أمورًا تنطبق وتنسجم مع مهنة المحاسبة المعروفة حاليّاً، والتي نحن بصدد الحديث عنها.

1. اصطلاح المحاسبة

وردت كلمة المحاسبة ومشتقّاتها في القرآن الكريم كثيراً معانٍ

 

24


15

فقه المحاسبة

عدّة، وهناك كلمات أخرى لها ارتباط واضح بالمحاسبة، كالميزان والموازين والحفيظ وهكذا، وقد أفادت هذه الكلمات أكثر من معنى، منها:

أ. المساءلة: قال -تعالى-: ﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ عَتَتۡ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِۦ فَحَاسَبۡنَٰهَا حِسَابا شَدِيدا وَعَذَّبۡنَٰهَا عَذَابا نُّكۡرا﴾[1]، فالمحاسبة هنا تُعتبر وسيلة من وسائل المساءلة في نتائج التصرّفات التي عمل بها الإنسان، وهي تشير إلى أنّ عقاباً يلحق المتخلّف عن الأم الحقّ.

ب. العدّ والإحصاء: قال -تعالى-: ﴿لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّا﴾[2]، وهذه الآية تُشير إلى أنّ هناك عقابًا يلحق المتخلّف عن الأمر الحقّ.

ج. الخازن: قال -تعالى-: ﴿ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيم﴾[3]. ومن المعروف أنّ التخزين يحتاج إلى التدوين والصرف وهما من صلب العمل المحاسبيّ الحاليّ.

د. التوثيق والإشهاد: قال -عزّ وجلّ:- ﴿... فَإِذَا دَفَعۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡ أَمۡوَٰلَهُمۡ فَأَشۡهِدُواْ عَلَيۡهِمۡۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيبا﴾[4].

هـ. المحاسب: قال -سبحانه وتعالى-: ﴿وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡس شَيۡ‍ٔاۖ وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّة مِّنۡ خَرۡدَلٍ

 

 


[1] سورة الطلاق، الآية 8.

[2] سورة مريم، الآية 94.

[3] سورة يوسف، الآية 55.

[4] سورة النساء، الآية 6.

 

25


16

فقه المحاسبة

أَتَيۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَٰسِبِينَ﴾[1]. ووضع الموازين إنّما يكون عبر المعلومات المسجّلة التي تكون بمثابة الحجّة على العباد يوم القيامة، وهذا يُشير إلى أحد أهداف المحاسبة.

2. من أنواع المحاسبة

يُمكن أن نستخلص أنواعًا عدّة من أنواع المحاسبة، من خلال تتبّع آيات القرآن الكريم، ومن هذه الأنواع:

أ. محاسبة الشركات: وقد أُشير إلى ذلك في آية: ﴿وَإِنَّ كَثِيرا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾[2]. وقد تطوّرت الشركات في هذه الأيّام، وأصبح من الضروريّ وجود عمل محاسبيّ فيها.

ب. محاسبة الميراث: وهذا ما نراه في كيفيّة تنظيم الإرث بين الورثة، وهو نظام دقيق جدّاً أُخذ فيه العديد من المعايير والمقاييس؛

 

 


[1] سورة الأنبياء، الآية 47.

[2] سورة ص، الآية 24.

 

26


17

فقه المحاسبة

وذلك كلّه بهدف الحفاظ على العدالة بين الأفراد، قال -تعالى- في محكم كتابه: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيب مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيب مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبا مَّفۡرُوضا﴾[1].

ج. محاسبة الفيء والغنائم: إنّ توزيع الغنائم وتقسيمها على جهات محدّدة واضحة الدلالة على المحاسبيّة؛ قال -تعالى-: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ﴾[2]، وقال -سبحانه-: ﴿مَّآ أَفَآءَ رَسُولِهِۦ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ كَيۡ لَا يَكُونَ دُولَةَۢ بَيۡنَ ٱلۡأَغۡنِيَآءِ﴾[3].

3. وظائف المحاسبة في القرآن

أ. الإثبات: وقد يتبيّن ذلك من خلال آية الدَّين؛ قال -عزّ وجلّ- في محكم كتابه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيۡنٍ إِلَىٰٓ أَجَل مُّسَمّى فَٱكۡتُبُوهُۚ وَلۡيَكۡتُب بَّيۡنَكُمۡ كَاتِبُۢ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَلَا يَأۡبَ كَاتِبٌ أَن يَكۡتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُۚ فَلۡيَكۡتُبۡ وَلۡيُمۡلِلِ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥ وَلَا يَبۡخَسۡ مِنۡهُ شَيۡ‍ٔاۚ فَإِن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ سَفِيهًا أَوۡ ضَعِيفًا أَوۡ لَا يَسۡتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلۡيُمۡلِلۡ وَلِيُّهُۥ بِٱلۡعَدۡلِۚ وَٱسۡتَشۡهِدُواْ شَهِيدَيۡنِ مِن رِّجَالِكُمۡۖ فَإِن

 


[1] سورة النساء، الآية7.

[2] سورة الأنفال، الآية41.

[3] سورة الحشر، الآية 7.

 

27


18

فقه المحاسبة

لَّمۡ يَكُونَا رَجُلَيۡنِ فَرَجُل وَٱمۡرَأَتَانِ مِمَّن تَرۡضَوۡنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰۚ وَلَا يَأۡبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْۚ وَلَا تَسۡ‍َٔمُوٓاْ أَن تَكۡتُبُوهُ صَغِيرًا أَوۡ كَبِيرًا إِلَىٰٓ أَجَلِهِۦۚ ذَٰلِكُمۡ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقۡوَمُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدۡنَىٰٓ أَلَّا تَرۡتَابُوٓاْ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَة تُدِيرُونَهَا بَيۡنَكُمۡ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَلَّا تَكۡتُبُوهَاۗ وَأَشۡهِدُوٓاْ إِذَا تَبَايَعۡتُمۡۚ وَلَا يُضَآرَّ كَاتِب وَلَا شَهِيدۚ وَإِن تَفۡعَلُواْ فَإِنَّهُۥ فُسُوقُۢ بِكُمۡۗ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيم﴾[1]. فهذه الآية الكريمة تؤكّد تسجيل الدَّين بين المتداينين؛ وهذا من أبرز وظائف العمل المحاسبيّ الذي يحفظ الحقوق ويحدّد الواجبات، مضافاً إلى الإشارة إلى أجل الدَّين، وكاتب الدَّين، والعدالة من قِبَل الكاتب، وأن لا يكون ذلك بإكراه، وأن لا يبخس مبلغ الدَّين، وكذلك الإشارة إلى الشهود الذين ينبغي أن يتّصفوا بالنزاهة والعدالة.


 


[1] سورة البقرة، الآية 282.

 

28


19

فقه المحاسبة

ب. من المهامّ التي تُلقى على عاتق المحاسب، عرضُ ما عنده من معلومات عن هذه الشركة أو تلك، في ما يخصّ المعاملات التي تحصل بينها وفيها، فلا بدّ له من إظهار ما عنده على أكمل وجه؛ قال -تعالى-: ﴿وَلَا تَبۡخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشۡيَآءَهُمۡ﴾[1].

4. التدقيق في المحاسبة

العديد من الأعمال تحتاج إلى رقابة حثيثة من قِبَل فاعلها نفسه، ومن قِبَل الآخرين في الوقت نفسه؛ وذلك للحصول على نتائج إيجابيّة وحسنة؛ والعمل المحاسبيّ يحتاج فيه المحاسب إلى رقابة دائمة ومستمرّة؛ من قبيل:

أ. الرقابة الذاتيّة والداخليّة: وهي أشدّ أنواع الرقابات تأثيرًا في قلب الإنسان، فيما لو أوجد مقدّماتها، وإلّا فإنّ المشكلة ستبقى؛ وذلك

 


[1] سورة الشعراء، الآية 183.

 

29


20

فقه المحاسبة

فيما لو لم يمتلك الإنسان رادعاً عن اقتراف الذنوب والأخطاء؛ قال -تعالى-: ﴿وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا ١٣ ٱقۡرَأۡ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفۡسِكَ ٱلۡيَوۡمَ عَلَيۡكَ حَسِيبا﴾[1].

ب. الرقابة الخارجيّة: وتتمثّل بمراجعة أصحاب الشأن للمحاسب، وكذلك جعل الله -سبحانه- رقباءَ وشهوداً عليه، كما ورد في آية الدَين التي ذُكرت سابقاً.

ج. الرقابة الشرعيّة: وهي تختلف عن الرقابة الذاتيّة؛ إذ إنّ الأحكام الشرعيّة من أمرٍ ونهي تشكِّل فيها نوع ردع، وهذا ما يدفع الإنسان أكثر إلى التنبّه لكلّ خطوة يخطوها في عمله، خاصّة فيما إذا كان العمل دقيقًا كعمل المحاسبة الماليّة؛ قال -عزّ وجلّ-: ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولا﴾[2].

 

 


[1] سورة الإسراء، الآيتان 13 ـ 14.

[2] سورة الإسراء، الآية 36.

 

30


21

صفات المحاسب

صفات المحاسب

 

مقدّمة

إنّ المسلم الملتزم يرى من واجبه أن يكون عمله منسجمًا مع دينه وثقافته، ويحاول دائمًا أن يُكيّف عمله على هذا الأساس، لكي لا ينحرف عن الطريق القويم الذي أرشده إليه الدِّين الإسلاميّ من خلال الآيات القرآنيّة وأحاديث النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) وأفعالهم؛ ولذلك فإنّ أيّ تقصير في معرفة ما يُرضي الله أو يُبغضه ربّما يوقع الإنسان في معصيته -عزّ وجل-، وشيئاً فشيئاً يعتاد ما لا ينبغي اعتياده.

وإنّ أهمّ المحطّات التي ينبغي الوقوف عندها، في الحديث عن مهنة المحاسبة، هو الجانب الأخلاقيّ الذي لا بدّ لمن يمتهن هذا العمل أن يتحرّى تفاصيله؛ ليكون التطبيق منسجمًا مع ما تعلّمه نظريّاً، ولا سيّما أنّ الجانب الأخلاقيّ هو ركن أساس في نجاح عمل المحاسبة، وبالتّالي نجاح المؤسّسات والشركات..، وتذكر الإحصاءات التي تهتم بالاقتصاد العالميّ، أنّ هناك مؤسّسات كبرى قد أصابها الفشل والخسارة وبمبالغ باهظة جدّاً، وخصوصاً البنوك، بسبب الضعف الأخلاقيّ لدى المحاسبين فيها، الذين أوقعهم في الأنانيّة وأخذ الرشوة والخيانة.

 

31


22

صفات المحاسب

ولهذا، فإنّ طلّاب المحاسبة عليهم أن يقرنوا علمهم بالأخلاق، وعلى الجامعات والمعاهد التي تُدرّس هذا الاختصاص أن تُعطي له أهمّيّة كبرى، وإلّا فإنّ التدريس المجرّد من التوعيّة الأخلاقيّة والمعنويّة سيكون سلبيّاً وربّما مؤذياً.

ولهذا، فقد يجد المتتبّع لأنظمة الجامعات وموادّها التدريسيّة كيف بدأوا الاهتمام بهذا الجانب، فخصّصوا ساعات دراسيّة للأخلاق وتنمية المسؤوليّة الاجتماعيّة تجاه المجتمع والمهنة.

كما يحتاج المحاسب، مضافاً إلى الاهتمام بالجانب الأخلاقيّ، إلى معرفة المقدار الكافي من الناحية الفقهيّة، في ما يتعلّق بمهنته وما يرتبط بها؛ لتفادي الوقوع في الشبهات والمحرّمات التي ربّما يواجهها في ميدان عمله، وقد أوجب الشرع الإسلاميّ تعلّم أحكام ما يُمكن أن يُبتلى به المكلّف في حياته؛ فالتاجر يجب عليه شرعًا أن يتعلّم أحكام التجارة، وكذلك الطبيب عليه أن يتعلّم أحكام التعامل مع المريض وآداب ذلك، وكذا الأمر بالنسبة إلى المحاسب.

فعليه أن يتعرّف بشكل عام إلى الموضوعات الآتية:

1. فقه المعاملات الخاصّ بالجوانب الماليّة التي تُصادفه.

2. المعاملات المحرّمة، كالاحتكار والربا والغشّ والتدليس.

3. ما يتعلّق ببعض الأنشطة المحرّمة، كبيع الغرر والخمر والمسكرات وغيرها....

4. أن يتعرّف إلى أحكام أنواع أخرى من المعاملات كالإجارة والوقف والحسبة وغيرها.

 

32

 

 


23

صفات المحاسب

إنّ الله -تعالى- قد أمر في محكم كتابه العزيز بالوزن بالقسط، حيث قال: ﴿وَزِنُواْ بِٱلۡقِسۡطَاسِ ٱلۡمُسۡتَقِيمِۚ﴾[1]، وقال -عزّ وجلّ- في آية أخرى: ﴿أَوۡفُواْ ٱلۡكَيۡلَ وَلَا تَكُونُواْ مِنَ ٱلۡمُخۡسِرِينَ﴾[2].

وبما أنّ المحاسب في مهنته بمثابة الوزّان، فعليه مراعاة الضوابط الشرعيّة، والامتثال لما أراده الله -تعالى-؛ لئلّا يكون له الويل الذي وعد الله به المطفّفين.

ولكي لا يقع المحاسب أثناء عمله في المحاذير الشرعيّة المنهيّ عنها، ينبغي أن يتحلّى ببعض الصفات التي تُعينه على ذلك، منها:

1. الصفات المهنيّة

أ. الكفاءة والقدرة: أن تكون للمحاسب كفاءة في العمل الذي يتسلّمه، وأن يكون مسؤولاً عن أيّ تقصير يُمكن أن يحصل.

ب. الخبرة بالمهن: أن يكون لدى المحاسب معرفة بالمهن التي يعمل محاسباً لها؛ لأنّ ذلك يُعطي قدرةً أكبر في تنفيذ عمله ويُعطيه ويمنحه فرصة المشاركة في الآراء المتعلّقة بسير عمل هذه المهن ومؤسّساتها.

2. الصفات الأخلاقيّة

أ. الورع: وهو رادع ذاتيّ عن مخالفة الأصول الشرعيّة والأخلاقيّة، وقد عرّفه علماء الأخلاق بأنّه «اجتناب الشبهات؛ خوفًا من الوقوع في المحرّمات».

 

 


[1] سورة الإسراء، الآية 35، وسورة الشعراء، الآية 182.

[2] سورة الشعراء، الآية 181.

 

33


24

صفات المحاسب

ب. الأمانة: وهي من صفات الأقوياء في الدين. ولا يصل المرء إلى تلك الصفة إلّا من خلال تقوية إيمانه، ذكر في القرآن الكريم: ﴿إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَ‍ٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡأَمِينُ﴾[1]، وفي الحديث: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك»[2]، وفي حديث آخر: «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي»[3]. ورعاية الأمانة عند المحاسب تقتضي أن لا يتحرّز من الرشوة، فلا يرتشي ولا يرشي، ولا يكذب ولا يخون ولا يغشّ.

ج. الإتقان والدقّة والعدالة في العمل: وهذا من أبرز ما ينبغي للمحاسب التنبّه له، لكي لا يقع في ظلم أحد، ولا تختلط الموازين عنده، فيعطي من لا يستحقّ، ويحرم من يستحقّ، وقد أشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أهمّية ذلك بقوله: «إنّ الله يُحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه»[4].

وبقوله (صلى الله عليه وآله): «من عمل على غير علم كان ما يُفسد أكثر ممّا يُصلح»[5].
والمحاسب بمثابة كاتب بالعدل، عليه أن يتحرّى كلّ ما يؤدّي إلى إعطاء كلّ ذي حقٍّ حقّه؛ لكي لا يقع في ظلم أحد؛ قال -تعالى-: ﴿وَنَضَعُ ٱلۡمَوَٰزِينَ ٱلۡقِسۡطَ لِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡس شَيۡ‍ٔاۖ﴾[6].

 

 


[1] سورة القصص، الآية 26.

[2] الشيخ الطوسي، محمّد بن الحسن، الاستبصار، دار الكتاب الإسلامي، إيران ـ طهران، 1363هـ، ط4، ج3، ص53.

[3] الميرزا النوري، مستدرك الوسائل، مصدر سابق، ج14، ص8.

[4] الهنديّ، المتقيّ، كنز العمال، ضبط وتصحيح: بكري حياني، مؤسّسة الرسالة، بيروت - لبنان، 1409هـ - 1989م، ج3، ص907.

[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص44.

[6] سورة الأنبياء، الآية 47.

 

34


25

صفات المحاسب

د. الصدق: وهو صفة ينبغي أن يتحلّى بها المؤمن في أمور حياته كلّها، ومع جميع من يتعامل معهم، وهي تُعتبر من علامات الإيمان، فعن الإمام عليّ (عليه السلام): «علامة الإيمان أن تُؤثِر الصدق حيث يضرّك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن علمك، وأن تتّقي الله في حديث غيرك»[1].

هـ. النظام: وهو، وإن كان في مظهره أمرًا مهنيّاً، إلّا أنّه في الواقع مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق، حيث إنّه ينبع من شعور الإنسان بالمسؤوليّة، تجاه ما يجب عليه القيام به بأفضل صورة؛ ما يدفعه إلى تنظيم عمله بشكل جيّد، فعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام): «أوصيكما... بتقوى الله ونظم أمركم»[2].

و. حسن الخلق: على المحاسب أن يكون حسن الأخلاق في تعامله مع أصحاب المهن الذين يتعامل معهم، وأن تكون علاقته بهم قائمةً على الاحترام المتبادل والثقة.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «اتّقِ الله حيث ما كنت، وخالق الناس بخلق حسن، وإذا عملت سيّئة، فاعمل حسنة تمحوها»[3].

 

 


[1] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج2، ص111.

[2] نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، ص421.

[3] الحر العامليّ، وسائل الشيعة، مصدر سابق، ج16، ص104.

 

35


26

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة


فيما يحرم من عمل المحاسبة

1. هل العمل في مهنة المحاسبة جائزة في المؤسّسات التي تنتج المنتجات المحرّمة، كالخمر؟

الجواب: إذا كان لهذا العمل مدخليّة في إنجاز المعاملة المحرّمة شرعاً فلا يجوز، وإلّا فلا مانع منه في نفسه، إذا لم يعدّ عرفاً تأييداً أو تشجيعاً على فعل الحرام منهم.

 

 

37


27

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

2. هل العمل في مؤسّسات الدولة الجائرة كمحاسب جائز شرعًا؟

الجواب: لا مانع منه في نفسه.

3. هل يجوز العمل في مؤسّسات الدولة القائمة على نظام غير إسلاميّ؟

الجواب: لا مانع منه في نفسه.

4. إذا اقترض زيد من عمرو قرضاً ربويّاً، فكتب شخص ثالث لهما الاتفاقيّة على معاملة القرض وشروطها، وهناك شخص رابع وهو المحاسب، وعمله تسجيل وثيقة الاتّفاقيّة في دفتر حساباته، فهل هذا المحاسب يُعدّ شريكاً معهم في عمل القرض الربويّ، ويكون عمله محرّماً، ويحرم أخذ الأجرة عليه؟ وبعد ذلك يأتي شخص خامس وهو المحقّق، وعمله مراجعة حسابات المحاسب، وهو لا يكتب ولا ينقل شيئاً، بل يُلاحظ فقط وقوع نقيصة أو زيادة في حسابات المعاملات الربويّة أم لا، ثمّ إنّه يُخبر المحاسب بذلك، فهل يُعدّ عمله محرّماً؟

 

 

38


28

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

الجواب: من يكون له مدخليّة في إنجاز المعاملة الربويّة، فهو عمل محرّم؛ وأمّا من لم يكن لعمله هذا مدخليّة في أصل إنجاز المعاملة الربويّة فلا إشكال فيه.

تعلّم أحكام التجارة

1. هل يجب على المحاسب تعلّم أحكام التجارة؟

الجواب: يجب عليه تعلّم الأحكام المرتبطة بعمله بحيث لا يقع في الحرام.

حكم تدريس مادّة محاسبة البنوك

1. ما حكم تدريس مادّة محاسبة البنوك، حيث تُشرَح خلالها العمليّات الربويّة التي تقوم بها البنوك؟

الجواب: إنّ دراسة الحسابات الماليّة المتعلّقة بالقرض الربويّ أو تدريسها لا مانع منه في نفسه.

2. موظّف عمله في البنك دراسة الشركات التي تتقدّم بطلب قروض من البنك من حيث إمكانيّاتها الماليّة ومواردها الاقتصاديّة، وبعد موافقة البنك يجري الإقراض وتُسجّل عليه فوائد، فهل عمله جائز؟

الجواب: إذا لم يكن لعمله هذا مدخليّة في إنجاز المعاملة الربويّة، فلا مانع منه في نفسه.

فيما له دخالة في الربا بعمل المحاسبة

1. هل يجوز العمل في معاملات ماليّة لها دخالة في الربا؟

 الجواب: ما كان من العمل دخيلاً بوجه في عقد القرض الربويّ،

 

39

 

 


29

صفات المحاسب

أو في إنجاز معاملته وتكميلها، أو في استحصال الربا وأخذه من المقترض، يكون حراماً شرعاً، ولا يستحقّ عامله الأجرة عليه.

 

39


30

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

أو في إنجاز معاملته وتكميلها، أو في استحصال الربا وأخذه من المقترض، يكون حراماً شرعاً، ولا يستحقّ عامله الأجرة عليه.

2. ما الأمور التي تُعتبر إعانة على الربا؟ وهل المعاملات الورقيّة التي يقوم بها المحاسب تُعدّ إعانة على الربا؟

الجواب: كلّ ما له مدخليّة في إنجاز المعاملة الربويّة أو تكميل النقص فيها أو تحصيل الفائدة فهو حرام.

حكم إعطاء الأجرة إلى المصرف عند الاقتراض

1. ما حكم إعطاء الأجرة إلى المصرف عند أخذ القرض منه؟

الجواب: لو كان ما يُدفع إلى المُقرِض عند الاقتراض منه بعنوان أجرة عمل القرض من التسجيل في الدفاتر وتسجيل السند ونحو ذلك، ولم يرجع إلى ربح مال القرض، فلا بأس في إعطائه وأخذه، ولا في الاقتراض معه.

 

40

 

 


31

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

المشاركة أو الإعانة على الكذب والتزوير

1. يُطلب من خبير المحاسبة إخفاء أرباح الشركة التي يعمل فيها للتهرّب من الضرائب الماليّة، فهل يجوز له فعل ذلك؟

الجواب: إذا استلزم ذلك الكذب أو التزوير، فلا يجوز.

2. هل يجوز أن أعمل محاسبًا في مؤسّسة أعلم أنّهم يقومون فيها بتزوير البيانات المقدّمة للدولة؟

الجواب: إذا كان لعملك هذا مشاركة أو إعانة لهم على الكذب والتزوير، فلا يجوز.

3. ما حكم المال الذي أتقاضاه فيما لو قمت بتزوير بعض الفواتير المقدّمة للدولة، كفواتير المرضى، حيث تطلب منّي إدارة المستشفى رفع قيمة فاتورة المريض التي تُقدَّم إلى وزارة الصحّة؛ ما يجلب ربحًا أكبر للمستشفى؟

الجواب: إذا استلزم ذلك الكذب أو التزوير، فلا يجوز.

 

 

41


32

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

4.هل يجوز لي الاقتصاص من المؤسّسة التي أعمل فيها محاسبًا

فيما لو كان لي حقّ عليها ولم تؤدّه إليّ، بأن أقوم بتزوير بعض البيانات لأستطيع الحصول على مالي؟

الجواب: لا يجوز التوسّل بالكذب أو التزوير في مفروض السؤال، ويمكنك المطالبة بالطرق المحلّلة شرعاً.

5. يقوم بعض المحاسبين في بعض المدارس بتسجيل أسماء أشخاص وهميّين على أنّهم أولاد رجل يخدم في الجيش؛ ما يعود بالنفع الماليّ لهذا الجنديّ من قِبَل الدولة، فما حكم هذا العمل من قِبَل المحاسب؟

الجواب: لا يجوز ذلك.

6. في بعض الأحيان، يُطلب من خبير المحاسبة تضخيم أرباح الشركة؛ ليستفيد صاحبها من القروض البنكيّة، فهل يجوز للمحاسب تنفيذ ذلك؛ علمًا بأنّ البنوك تعرف عادة أنّ المؤسّسات تفعل ذلك؟

الجواب: لا يجوز ذلك.

توقيع بيانات لم يُدقّقها المحاسب بنفسه

1. يقوم بعض المحاسبين بتوقيع بيانات لم يُدقّقها هو بنفسه؛ علمًا بأنّ توقيعه هذا يترتّب عليه أن يكسب بعض أصحاب هذه البيانات مبالغ ماليّة لا تحقّ لهم، فهل يجوز له توقيعها دون أن يُدقّق بها؟

الجواب: إذا استلزم ذلك الكذب أو التزوير، فلا يجوز.

 

 

42


33

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

2. هل يجوز التوقيع عن شخص آخر فيما لو كان راضيًا؟

الجواب: إذا عدّ ذلك تزويراً فلا يجوز، وأمّا التوكيل في ذلك فهو جائز ضمن المقرّرات القانونيّة والشرعيّة.

3. هل يجوز التوقيع على أوراق معاملات لم يقرأها المحاسب أصلاً، إنّما اعتمد فيها على الثقة المتبادلة بينه وبين الطرف الآخر؟

الجواب: إذا كان مطمئنّاً بصحّتها وصدقها، فلا مانع منه. نعم، إذا كان هناك قانون أو مقرّرات خاصّة بعمله تلزمه بالمراجعة بنفسه، فيجب عليه ذلك.

منع صاحب المؤسّسة من تزوير الفواتير

1. هل يجب على خبير المحاسبة منع صاحب المؤسّسة من تزوير بعض الفواتير المرسلة إلى الضمان الاجتماعيّ مثلاً؟

الجواب: تكليفه في هذا المورد هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع تحقّق شروطهما.

2. هل يجوز للمحاسب تغيير تاريخ معاملة ما، فيما لو لم يكن فيها أذى على أحد؟

الجواب: إذا استلزم ذلك الكذب أو التزوير، فلا يجوز.

حكم ما يؤديّ إلى التهرّب من الضرائب

1. يقوم بعض المؤسّسات بعدم التصريح بعدد موظفيها لدى الضمان الاجتماعيّ؛ للتهرّب من الضرائب، ويطلب من خبير المحاسبة تنفيذ هذا الأمر، فهل يجوز له ذلك؛ علمًا بأنّه إن لم يفعل ذلك فربّما يطلبون منه ترك العمل نهائيّاً.

 

 

43


34

الأحكام الابتلائيّة للمحاسبة

الجواب: إذا لم يستلزم الكذب أو التزوير فلا مانع منه، وإلّا فلا يجوز.

2. تُرسل وزارة الماليّة مراقباً ماليّاً إلى شركة ما، فيتّفق هذا المراقب مع خبير المحاسبة الذي لدى الشركة على إخفاء ما يوجب بعض الضرائب، أكان ذلك بالاتّفاق مع صاحب المؤسّسة أم لا، في مقابل حيازته بعض الأموال هو ومراقب الماليّة، فما حكم عمل المحاسب في مثل هذه المسألة، خصوصاً أنّ له دوراً فيها؟

الجواب: يجب عليه القيام بالعمل الذي كلّف به بحسب المقررات التابعة للوزارة في هذه الحالة.

3. يطلب صاحب المؤسّسة من خبير المحاسبة العمل بأيّ طريقة للتهرّب من الضرائب الباهظة التي تتوجّب على المؤسّسة من قِبَل الدولة، فيقوم خبير المحاسبة بالاتّفاق الضمنيّ بينه وبين مراقب الماليّة على رشوة محدّدة، وفي الوقت نفسه يستفيد الخبير من مبلغ ماليّ معيّن، فيأتي إلى صاحب المؤسّسة، ويطلب منه دفع مبلغ معيّن وتتيسّر الأمور، وهو في ذلك على اتّفاق مسبّق مع مراقب الماليّة، فما حكم هذا الفعل أولًا؟ وما حكم إخفاء المال الذي أخذه هو من صاحب المؤسّسة؟

الجواب: لا يجوز أخذ الرشوة أو إعطاؤها، كما لا يجوز الكذب والتزوير في كتابة البيانات والتقارير.

 

 

44


35
فقه المحاسبة