المقدّمة
المقدمة
1
المقدّمة
وفي ما يخصّ الأحكام الفقهية قمنا بوضع رأي سماحة وليّ أمر المسلمين السيّد الخامنئي دام ظله في الهامش إذا خالف رأي الإمام الخميني رضي الله عنه.
2
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
3
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
مقدّمة في العلم والتعلُّم
4
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
لماذا نقلّد؟
5
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
وهذا معنى حديث النبيّ رسول الله صلى الله عليه وآله: "رُفع القلم عن الصبيّ حتّى يحتلم وعن المجنون حتّى يفيق"6.
6
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
فعلى المجاهدين أن يتفقّهوا في الدِّين، التزاماً منهم بوصية الرسول الأكرم رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول: "لكلّ شيء عماد، وعماد هذا الدِّين الفقه"8.
7
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
وفي الآية بعدها يقول: ﴿وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾12.
8
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
يجاهد إنّما الجهاد اجتناب المحارم ومجاهدة العدو، وقد يقاتل أقوام فيحبّون القتال لا يريدون إلّا الذكر"15.
9
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
لأجل التديُّن بدين الله ومعرفة أحكامه.والتعرُّب بعد الهجرة: هو أن يعود إلى وضعه السابق من الجهل، واللامبالاة بالدِّين.
10
الدرس الأوّل: التفقّه في الدِّين
على الحقّ سبحانه وعلى دار كرامته. ويجعله مستمتعاً في مناجاته مع الحقّ المتعالي فيُحيي لياليه ويقوم بوظائف العبودية. كما قال عليه السلام: "قَدْ تَحَنَّكَ في بُرْنُسِهِ، وَقامَ اللَّيْلَ في حِنْدِسِهِ" فإنّ الجملة الأولى كناية عن ملازمة العبادة.
11
الدرس الثاني:التقليد
الدرس الثاني:التقليد
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى معنى التقليد وبعض مسائله
• أن يُعدِّد شرائط مرجع التقليد
• أن يتعرّف إلى معنى العدالة وطرق ثبوتها
12
الدرس الثاني:التقليد
تعريف التقليد
13
الدرس الثاني:التقليد
العمل من دون تقليد
14
الدرس الثاني:التقليد
أ - يجوز البقاء على تقليد الميّت، في جميع المسائل إذا كان قد تحقق العمل منه ولو في بعضها ولكنّ الأحوط استحباباً العدول إلى الحي إذا كان هو الأعلم.
15
الدرس الثاني:التقليد
1 - المعاشرة المفيدة للعلم أو الاطمئنان.
16
الدرس الثاني:التقليد
ب- إذا قلّد من ليس أهلاً للتقليد، يجب العدول إلى من هو أهل للتقليد.
17
الدرس الثاني:التقليد
بينهما ابتداءً، فإذا تمّ اختيار أحدهما لا يجوز العدول إلى الآخر على الأحوط وجوباً فيما قلّد فيه، إلّا إذا صار الثاني أعلم منه. ويجوز تقليد الآخر فيما لم يتحقّق تقليده فيه.
18
الدرس الثاني:التقليد
1 -السماع من المجتهد مباشرة.
19
الدرس الثاني:التقليد
للمطالعة
من الكبائر
الكبائر أمور، منها:
1 - الشرك بالله. 2- اليأس من روح الله. 3 - الأمن من مكر الله. 4 - عقوق الوالدين. 5- قتل النفس المحترمة. 6 - قذف المحصنة (اتهام العفيفة بالزنا). 7- أكل مال اليتيم ظلماً. 8 - الفرار من الزحف. 9 - أكل الربا. 10- الزنا. 11- اللواط. 12 - السحر. 13- الحلف باللَّه تعالى كذباً. 14 - منع الزكاة المفروضة. 15- شهادة الزور. 16 - كتمان الشهادة، إذا طلبها الحاكم الشرعيّ. 17- شرب الخمر. 18- تعمُّد ترك الصلاة. 19- نقض عهد الله. 20- قطيعة الرحم (بمعنى ترك التواصل معه من كلّ وجه، في مقام يُتعارف فيه ذلك). 21 - التعرُّب بعد الهجرة (أي الهجرة إلى البلاد الّتي يقلّ فيها الدِّين بمعنى أنّ من يهاجر يقلّ دينه). 22 - السرقة. 23- إنكار ما أنزل الله. 24 - الكذب على الله تعالى، أو على رسوله رسول الله صلى الله عليه وآله ، أو على الأوصياء عليهم السلام (بمعنى أن ننسب إليهم ما لم يقولوه مع علمنا بأنّهم لم يقولوه). 25- أكل الميتة. 26- أكل الدم. 27- أكل لحم الخنزير. 28- أكل ما أهلّ به لغير الله. 29- القمار. 30- أكل ثمن الميتة. 31- أكل ثمن الخمر. 32 - أكل ثمن المسكر. 33 - أكل أجر الزانية. 34 - أكل الرشوة للقاضي على الحكم ولو بالحقّ. 35- أكل أجر الكاهن (المخبر عن الغيب بزعم إخبار بعض الجنّ له). 36 - أكل ما أُصيب من أعمال الولاة الظلمة. 37 - البخس في المكيال والميزان. 38 - معونة الظالمين، والركون إليهم، والولاية لهم. 39 - حبس الحقوق (كالخمس) من غير عسر. 40- الكبر. 41 - الإسراف والتبذير. 42- الاستخفاف بالحجّ. 43 - المحاربة لأولياء الله. 44 - الاشتغال بالغناء. 45- الإصرار على الذنوب الصغيرة. 46- الغيبة. 47 البهتان على المؤمن. 48- سبّ المؤمن، وإهانته، وإذلاله. 49- النميمة بين المؤمنين بما يوجب الفرقة بينهم. 50 - السعي بين اثنين لجمعهما على العلاقة المحرّمة. 51- الرياء. 52- الغشّ للمسلمين.
28
20
الدرس الثالث: الوضوء
الدرس الثالث: الوضوء
21
الدرس الثالث: الوضوء
واجبات الوضوء
22
الدرس الثالث: الوضوء
ز -لا يجب غسل شيء من البواطن، كباطن العين والأنف، وما لا يظهر من الشفتين بعد الإطباق.
23
الدرس الثالث: الوضوء
القدم)، والأحوط استحباباً4 أن يكون المسح إلى المفصل. ويكفي مسمّى المسح عرضاً.
24
الدرس الثالث: الوضوء
شرائط الوضوء
شرائط الوضوء أحد عشر، وهي:
1-النيّة.
وهي القصد إلى الفعل، ولا يعتبر فيها التلفّظ، ولا الإخطار في القلب تفصيلاً، بل يكفي فيها الإرادة الإجماليّة المرتكزة في النفس، بحيث لو سئل عن شغله، يقول: أتوضّأ. وهذه هي الّتي يسمّونها بالداعي.
أ -يشترط في النيّة ثلاثة أمور، وهي:
1 -أن تكون بعنوان الامتثال أو القربة.
2-يعتبر فيها الإخلاص للَّه تعالى، فلو ضمّ إليها ما ينافي الإخلاص (كالرياء) بطل الوضوء.
3 -استدامة النيّة إلى آخر العمل. فلو تردّد في الإكمال، أو نوى عدم الإكمال، وأتمّ الوضوء على هذه الحال بطل الوضوء. ولو عدل إلى النيّة الأولى قبل فوات الموالاة ثمّ تابع الوضوء صحّ.
ب -يكفي في النيّة قصد القربة أو الامتثال، ولا تجب نيّة الوجوب أو الندب.
2 -طهارة الماء.
3-إطلاق الماء.
والطهارة والإطلاق شرطان واقعيّان، وهذا يعني أنّ الوضوء يبطل بالماء المتنجّس والماء المضاف في جميع الحالات، من علم وجهل ونسيان، بلا فرقٍ بينها.
أ -الماء المشتبه بالنجس بالشبهة المحصورة لا يجوز الوضوء به.
ب -لو لم يكن عنده إلّا ماء مشكوك الإضافة والإطلاق، ففي المسألة ثلاث صور:
25
الدرس الثالث: الوضوء
-أن تكون حالة الماء السابقة هي الإطلاق، فيجوز الوضوء به.
26
الدرس الثالث: الوضوء
6 -رفع الحاجب عن المحلّ المغسول والممسوح.
27
الدرس الثالث: الوضوء
البلل حسّاً، أو المتابعة عرفاً.
28
الدرس الثالث: الوضوء
المغسول (أي: الوجه واليدين) والممسوح (أي الرأس والقدمين). 6 - رفع الحاجب عن المحلّ المغسول والممسوح. 7- أن لا يكون الوضوء من آنية الذهب والفضّة. 8- أن لا يكون الإناء مغصوباً. 9 - المباشرة في أفعال الوضوء في حال الاختيار. 10 - الترتيب في الأعضاء. 11 - الموالاة بين الأعضاء.
29
الدرس الثالث: الوضوء
30
الدرس الثالث: الوضوء
وقال عليّ عليه السلام: "يا دنيا غرّي غيري فإنّي قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة فيها"12.
31
الدرس الرابع:الغسل
الدرس الرابع:الغسل
32
الدرس الرابع:الغسل
الأغسال الواجبة
33
الدرس الرابع:الغسل
من إنزال المنيّ، مع عدم الاستبراء بالبول.
34
الدرس الرابع:الغسل
الثاني: الطواف الواجب والمستحبّ.
35
الدرس الرابع:الغسل
جزء من سورة (ألم السجدة).
36
الدرس الرابع:الغسل
3- إن كان ذلك الجزء من الرأس، يغسل خصوص ذلك الجزء، ويعيد غسل الطرفين، الأيمن ثمّ الأيسر.
37
الدرس الرابع:الغسل
ويجب غسل الشعر الرقيق. والأحوط وجوباً غسل الشعر مطلقاً، مع وجوب غسل ما تحته.
الثالث: إطلاق الماء.
الرابع: طهارته.
الخامس: إباحته.
السادس: المباشرة اختياراً.
السابع: عدم المانع من استعمال الماء لمرض ونحوه.
الثامن: طهارة موضع الغسل. (وتفصيل هذه الأمور كما مرّ في الوضوء).
أ - إذا اغتسل المجنب بسبب الإنزال، ثمّ خرج منه بلل مشتبه بين المنيّ والبول، ففيه ثلاث صور:
الأولى: إن لم يستبرىء بالبول يحكم بكونه منيّاً، فيجب عليه الغسل خاصّة.
الثانية: إن بال ولم يستبرىء بالخرطات التسع (بالنسبة للذكور)، يحكم بكونه بولاً، فيجب الوضوء فقط.
الثالثة: إن استبرأ بالبول وبالخرطات التسع فإن احتمل غير البول والمني ليس عليه غسل ولا وضوء. وإن لم يحتمل غيرهما فإن أوقع الأمرين قبل الغسل وخرج البلل المشتبه بعده يجب الاحتياط بالجمع بين الغسل والوضوء، وإن أوقعهما بعده ثم خرج البلل المذكور يكفي الوضوء خاصة.
ب - غسل الجنابة يجزي عن الوضوء.
ج - لو صلّى المجنب، ثمّ شكّ في أنّه اغتسل من الجنابة أم لا؟ بنى على صحّة صلاته، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية. ولو كان الشكّ في أثناء الصلاة بطلت.
38
الدرس الرابع:الغسل
د - إذا كان عليه أغسال متعدّدة، واجبة أو مستحبّة، أو مختلفة (بعضها واجب وبعضها مستحبّ)، فهنا ثلاث صور:
39
الدرس الرابع:الغسل
أسئلة
40
الدرس الرابع:الغسل
وكلّ من أطاع هواه لا بدّ وأن يدخل النار لقوله تعالى أيضاً: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾5.
41
الدرس الرابع:الغسل
المأوى الحقيقي والموطن الأصلي من غير التراخي ولا التأخير وإليه أشار عليّ عليه السلام في قوله: "تخففوا تلحقوا فإنّما ينتظر بأوّلكم آخركم"12، يعني تخفّفوا من أثقالكم الحاصلة من متابعة الهوى ومحبّة الدّنيا، فإنّ إلحاقكم بالحقّ وبالجنّة موقوف عليه، أي على تخفيفكم منها، وإليه الإشارة بقوله تعالى:﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ﴾13.
42
الدرس الخامس: التيمُّم
الدرس الخامس: التيمُّم
43
الدرس الخامس: التيمُّم
مسوّغات التيمُّم ثمانية:
44
الدرس الخامس: التيمُّم
باستعمال الماء، نعم لو اعتقد الضرر من استعمال الماء فتيمّم ثم تبيّن عدم الضرر فهنا إذا كان التبيّن قبل الشروع في الصلاة فيتوضّأ أو يغتسل ثم يصلّي وأما إذا كان التبيّن بعد الصلاة فيصحّ التيمّم وصلاته1.
الرابع: الخوف باستعمال الماء على النفس, أو أي إنسان يجب حفظه عن الهلاك, بل على من لا يجوز قتله وإن لا يجب حفظه كالذميّ, وعلى الحيوان المحترم. ولا يتعدّى الحكم إلى مهدور الدم, ولا إلى الحيوان الّذي يجوز قتله بأيّ حال, كالمؤذيات من الحيوانات.
الخامس: الحرج والمشقّة الشديدة الّتي لا تتحمّل عادة في تحصيل الماء أو استعماله, وإن لم يكن ضرر أو خوف.
مثال ذلك: حصول المنّة الّتي لا تتحمّل عادة باستيهابه, والذلّ والهوان بالاكتساب لشرائه.
السادس: توقّف تحصيل الماء على دفع ما يضرّ بحاله. أمّا غير المضرّ فإنّه يجب, وإن كان أضعاف ثمن المثل.
السابع: وجوب استعمال الماء في غسل نجاسة, ممّا لا يقوم غير الماء مقامه, وكان الماء لا يكفي لإزالة النجاسة والوضوء أو الغسل معاً, فالأحوط وجوباً صرف الماء في إزالة النجاسة أوّلاً, ثمّ يتيمّم.
الثامن: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو استعماله.
أ - إذا تردّد بين ضيق الوقت وسعته يجب التيمّم.
ب- إذا أخرّ الطهارة المائيّة بدون عذر حتّى ضاق الوقت, يتيمّم ويصلّي, وتصحّ صلاته, ولكنّه يأثم بالتأخير.
________________________________________
1- إذا اعتقد الضرر من استعمال الماء فتيمّم ثم تبيّن عدمه فإن كان قبل الصلاة فيتوضّأ أو يغتسل ويصلي، وإن كان بعدها فالأحوط وجوباً إعادة الصلاة مع الوضوء أو الغسل.
45
الدرس الخامس: التيمُّم
ج -إذا اعتقد ضيق الوقت فتيمّم ثم تبيّن سعته بطل تيممه فإن كان قبل الصلاة فيتوضّأ أو يغتسل ثم يصلي، وإن كان بعد الصلاة فتجب إعادة الصلاة مع الوضوء أو الغسل.
46
الدرس الخامس: التيمُّم
تجفيف الوحل وجب, ويكون من المرتبة الأولى). وإن لم يتمكّن من المراتب الثلاث يكون فاقد الطهورين. وحكمه أنّه يسقط عنه وجوب أداء الصلاة, والأحوط وجوباً القضاء عند تيسّر الطهارة6.
47
الدرس الخامس: التيمُّم
يضرب بالباطن. نعم إذا كانت النجاسة متعديّة, ولم يمكن إزالتها انتقل إلى الظاهر.
48
الدرس الخامس: التيمُّم
السابع: طهارة الماسح والممسوح مع الإمكان10.
49
الدرس الخامس: التيمُّم
الثامن: ضيق الوقت عن تحصيل الماء أو استعماله.
50
الدرس الخامس: التيمُّم
أسئلة
51
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
52
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
مراتب الطهارة
53
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
بالتدريج مظلماً ومنكوساً وربما يصل بالإنسان إلى الكفر، والكافر لا شفاعة له.
54
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
الآداب القلبية حين التوجّه إلى الماء أو التراب للطهارة
55
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
فليخرج الإنسان من حالة الاعتماد على نفسه وليعلم أنّه مضطّر عاجز، وليلجئ إلى خالقه وليكون حاله: ﴿أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾1.
56
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
الثالث: إذا أخذ غرفة من الماء ليتوضّأ فليتفطّن أنّه كما يغسل بالماء الظاهر الّذي هو سبب الحياة لكلّ حيّ، كذلك ليغسل باطنه بالعلم وهو الموجب لحياة القلوب والأرواح فينوّر به قلبه وروحه.
57
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
السادس: ثمّ يغسل وجهه ويتوجّه إلى أنّ ذلك يرمز إلى بياض الوجه وتحصيل ماء الوجه عند الله سبحانه فيتذكّر قصوره وتقصيره وخجلته وسواد وجهه ويستجير بالله من أن يلقى الله سبحانه بهذه الحالة، كما يحكيها الله سبحانه: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ﴾4.
58
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
نفسه شيئاً، وليقل: "اللهم غشّني برحمتك وبركاتك وعفوك ومغفرتك".
59
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
يوم القيامة، غسل اليدين من الحول والقوّة إلّا بالله، وليتذكّر يوم القيامة ومواقفها وأنه ينبغي أن يكون من أصحاب اليمين، ويمسح رجليه من المشي إلى دار الدنيا وليثبت على الحقّ.
60
الدرس السادس: الآداب المعنوية للطهارة
وذلك لتتفكّر في ذاتك لتعرف من أوجدك وممّا أوجدك ولم أوجدك، فتخضع له وترفع التكبّر من رأسك لأنّ التراب هو الأصيل في الذّلة والمسكنة.
61
الدرس السابع: النجاسات
الدرس السابع: النجاسات
62
الدرس السابع: النجاسات
النجاسات إحدى عشرة, وهي:
63
الدرس السابع: النجاسات
الحيوان غير ذي النفس فمنيّه طاهر.
64
الدرس السابع: النجاسات
الأولى: أن يعلم بتذكية المسلم له, فيحكم بالطهارة.
65
الدرس السابع: النجاسات
الثامنة: المسكر المائع بالأصل5, وهو ما كان مائعاً بالأصل. وأمّا ما كان جامداً بالأصل ثمّ حوّل إلى مائع فهو طاهر وإن كان حراماً.
66
الدرس السابع: النجاسات
فإنّه يتنجّس, وإن لم توجد رطوبة سارية فلا يتنجّس. (جاف على جاف طاهر بلا خلاف).
67
الدرس السابع: النجاسات
خلاصة الدرس
68
الدرس السابع: النجاسات
بكاء أمير المؤمنين عليه السلام من خشية الله
69
الدرس الثامن:المطهّرات
الدرس الثامن:المطهّرات
70
الدرس الثامن:المطهّرات
المطهّرات أحد عشر:
تطهير الثيااب وما يقبل العصر |
بالماء القليل |
بالكثير والجاري |
بالمطر |
شرائط |
نوع النجاسة |
||||
البول |
2 مع العصر |
1 مع العصر ونحوه |
1 بدون |
بعد زوال |
غير البول |
1 مع العصر |
1 مع العصر ونحوه |
1 بدون |
بعد زوال |
71
الدرس الثامن:المطهّرات
ب -تطهير البدن ونحوه مما لا يقبل العصر، وحكمه كالثياب ولكن بدون العصر. وفيما يلي جدول توضيحيّ:
تطهير البدن ونحوه مما لا |
بالماء القليل |
بالكثير والجاري |
بالمطر |
شرائط |
نوع النجاسة |
||||
البول |
2 |
1 |
1 |
بعد زوال عين النجاسة |
غير البول |
1 |
1 |
1 |
بعد زوال عين النجاسة |
ج- تطهير الآنية. والمراد بالآنية ما يستعمل في الأكل والشرب, والطبخ والغسل, والعجن, مثل الكأس, والكوز (إبريق صغير), والقصّاع (وهي إناء كبير يشبع عدداً كالخمسة), والقدور (طناجر) والأكواب, والطست (إناء من نحاس لغسل الأيدي), والسماور, والقوري (الإبريق فوق السماور) والفنجان, والملعقة على الأحوط وجوباً.
فلا يشمل مثل غلاف السيف, والخنجر, والسكّين, والصندوق, والقنديل, وما يصنع بيتاً للمصاحف أو غيرها.
- يشترط في تطهير الآنية زوال عين النجاسة في جميع أنواع المياه.
- ويشترط في التطهير من ولوغ الكلب بعد زوال عين النجاسة التعفير أوّلاً, والأحوط وجوباً في الغسل بالتراب، مسحه بالتراب الخالص أوّلاً, ثمّ وضع القليل من الماء مع التراب, بحيث لا يخرجه عن اسم التراب, ومسح الإناء به.
88
72
الدرس الثامن:المطهّرات
ويتّضح ذلك عبر الجدول التالي:
تطهير الآنية |
بالماء |
بالكثير والجاري |
بالمطر |
شرائط |
نوع النجاسة |
||||
ولوغ الكلب. والأحوط وجوباً |
2 |
2 على الأحوط |
1 |
1 - إزالة عين النجاسة أوّلاً |
شرب الخنزير وموت الجرذ |
7 |
7 على الأحوط |
1 |
بعد إزلة عين النجاسة |
باقي النجاسات |
3 |
1 |
1 |
بعد إزلة عين النجاسة |
أ- الآنية ذات الرأس الضيّق, يتمّ تطهيرها بالكثير والجاري, بأن توضع الآنية في الماء, حتّى يستولي عليها الماء, وتكفي مرّة واحدة.
ويتم تطهيرها بالماء القليل بأن يصبّ الماء فيها, وإدارته حتّى يستوعب جميع أجزائها, ثمّ يراق الماء منها يفعل ذلك ثلاث مرّات.
ب- الآنية المثبتة, والحياض ونحوها, يتمّ تطهيرها بإجراء الماء عليها حتّى يستوعب جميع أجزائها, ثمّ يخرج ماء الغسالة المجتمع في وسطها. والأحوط وجوباً اعتبار تطهير آلة النزح إذا أُريد إعادتها إلى الإناء.
ج- لو أكل شخص طعاماً نجساً, فما يبقى منه بين الأسنان باقٍ على نجاسته, ويطهر بالمضمضة.
الثاني: الأرض
أ- وهي تطهرّ ما يلي:
1- باطن القدم.
2- ما يوقّى ويحمي به القدم كالنعل.
1- يكفي مرة واحدة بالماء الكثير ونحوه.
2- يكفي مرة واحدة بالماء الكثير ونحوه.
89
73
الدرس الثامن:المطهّرات
ب- ويشترط في التطهير بالأرض ما يلي:
1- أن تحصل النجاسة من المشي على الأرض النجسة على الأحوط3.
2- أن يتمّ المشي عليها أو المسح بها, بنحو يزول معه عين النجاسة إن كانت موجودة. وإن لم تكن موجودة تكفي المماسّة.
ج- المراد بالأرض: التراب والرمل والحجر, والمفروشة بالآجر والجصّ, وأما المطلية بالزفت والمفروشة بالخشب فلا تطهر, ولا عبرة بها. ويعتبر جفاف الأرض وطهارتها.
الثالث: الشمس
وهي تطهّر الأرض, وكلّ ما لا ينقل من الأبنية, وما اتّصل بها من الأخشاب, والأبواب, والأعتاب, والأوتاد المحتاج إليها في البناء المستدخلة فيه, والأشجار, والنبات, والثمار والخضروات وإن حان قطفها, والأواني المثبتة, والسفينة, والحصر, والبواري (حصر مصنوعة من القصب ) وغير ذلك.
أ- يشترط في طهارة المذكورات ونحوها بالشمس:
أوّلاً: زوال عين النجاسة, بأيّ وسيلة.
ثانياً: أن تكون رطبة.
ثالثاً: أن تجفّفها الشمس تجفيفاً يستند إلى إشراقها بدون واسطة, بل لا بدّ أن تيبس. وإن لم تكن الرطوبة موجودة, وضع عليها الرطوبة ولو كانت نجسة.
ب- يطهر باطن الشيء, إذا أشرقت الشمس على ظاهره وجفّ باطنه بسبب إشراقها على الظاهر, وكان باطنه المتنجّس متّصلاً بظاهره المتنجّس.
3- يجب أن تكون النجاسة حاصلة من المشي على الأرض النجسة.
90
74
الدرس الثامن:المطهّرات
ج- الحصى والتراب والطين والأحجار, ما دامت واقعة على الأرض, وتعد جزءاً منها عرفاً, تكون بحكم الأرض, وإن أخذت أو أخرجت عن الأرض ألحقت بالمنقولات لا بالثوابت فلا تطهر بالشمس.
الرابع: الاستحالة إلى جسم آخر
فيطهر ما أحالته النار رماداً, أو دخاناً, أو بخاراً, سواء أكان نجساً أو متنجّساً, وكذا يطهر المستحيل بغير النار بخاراً أو دخاناً أو رماداً. أمّا ما أحالته فحماً, أو خزفاً, أو آجراً, أو جصّاً, أو نورة, فهو باق على نجاسته.
أ- ويطهر كلّ حيوان تكوّن من نجس أو متنجّس (كالدود المتكوّن من الميتة والعذرة).
ب- يطهر الخمر إذا انقلب خلّاً, بنفسه أو بعلاج.
الخامس: ذهاب الثلثين في العصير العنبي بالنار أو بالشمس إذا غلى بأحدهما فإنّه مطهّر للثلث الباقي. هذا بناء على النجاسة. وقد مرّ أنّه طاهر, فلا يؤثّر ذهاب الثلثين إلّا في التحليل.
السادس: الانتقال
فإنّه موجب لطهارة المنتقل إذا صار جزءاً من المنتقل إليه, كانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس.
السابع: الإسلام
فإنّه مطهّر للكافر بجميع أقسامه4.
الثامن: التبعية
فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة, أباً كان من أسلم, أو جدّاً, أو أمّاً.
4- تقدّم أن الكافر الكتابي طاهر ذاتاً
91
75
الدرس الثامن:المطهّرات
ويتبع الميت بعد طهارته آلات تغسيله, والخرقة الموضوع عليه, ويد المغسّل.
التاسع: زوال عين النجاسة بالنسبة إلى الصامت (غير الناطق) من الحيوان, وبواطن الإنسان.
فيطهر منقار الدجاجة الملوّث بالعذرة بمجرّد زوال عينها وجفاف رطوبتها. وفم الهرّة الملوّث بالدم, يطهر بمجرّد زوال العين مع جفاف رطوبتها. ويطهر فم الإنسان إذا أكل أو شرب نجساً أو متنجّساً بمجرّد زواله.
العاشر: الغيبة
وهي أن يعلم شخص بحدوث نجاسة في ثياب مسلم, أو فرشه, أو آنيته, وغيرها من توابع المسلم, ثمّ غاب هذا الشخص مدّة من الوقت, ثمّ عاد إلى منزل المسلم, فإنّه يبني على طهارة ما تنجّس, بشرط واحد- فقط- وهو عدم العلم ببقاء النجاسة, فلو علم ببقاء النجاسة يحكم بها5.
الحادي عشر: استبراء الحيوان الجلّال
فإنه مطهر لبوله وخرئه وذلك بأن يمنع من أكل العذرة, وتتمّ تغذيته بالعلف الطاهر, ومدّة الاستبراء على الأحوط وجوباً كما يلي:
الإبل: أربعون يوماً. والبقر: عشرون يوماً. والغنم: عشرة أيّام. والدجاجة: ثلاثة أيّام. والبطة: خمسة أيّام.وفي غيرها يكفي زوال اسم الجلل.
بعض أحكام الآنية
أ- يحرم استعمال آنية الذهب والفضّة في الأكل والشرب وسائر الاستعمالات, كالتطهير من الحدث والخبث, وغيرها.
ب- يجوز اقتناء هذه الآنية من غير استعمال.
5- ويشترط أيضاً أن يكون الشخص عارفاً بأحكام الطهارة والنجاسة ومراع لها وأن يتعامل الشخص مع الشيء المراد تطهيره بالغيبة معاملة الطاهر.
92
76
الدرس الثامن:المطهّرات
ج- الأحوط وجوباً حرمة استعمال الملبّس بالذهب أو الفضّة, إن كان على وجه لو انفصل كان إناءً مستقلّاً, وأمّا إذا لم يكن كذلك فلا يحرم.
د- لا يحرم استعمال المموّه بأحدهما, أو الملوّن فقط.
نوع النجاسة |
المتنجّس |
عدّد المرّات بالماء |
بالكثير والجاري |
بالمطر |
شرائط |
البول |
الثياب ونحوها |
2 – مع العصر ونحوه (كالدلك والغمز...) |
1 – |
1 – بدون عصر |
بعد إزالة |
البدن وما |
2 - |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
|
الآنية |
3 - |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
|
ولوغ الكلب. |
الثياب وما |
1 – مع العصر ونحوه |
1 – |
1 – بدون |
بعد إزالة |
البدن ونحوه |
1 - |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
|
الآنية |
2 – بعد المسح بالتراب |
2 – على الأحوط |
1 – بعد |
بعد إزالة |
|
شرب الخنزير |
الثياب ونحوها |
1 – مع العصر ونحوه |
1 – مع العصر ونحوه |
1 – بدون عصر |
بعد إزالة |
البدن ونحوه |
1 - |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
|
الآنية |
7 - |
7 - على الأحوط وجوباً |
1 - |
بعد إزالة |
6- يكفي مرّة واحدة بالماء الكثير ونحوه.
7- يكفي مرّة واحدة بالماء الكثير ونحوه.
93
77
الدرس الثامن:المطهّرات
نوع النجاسة |
المتنجّس |
عدّد المرّات بالماء |
بالكثير والجاري |
بالمطر |
شرائط |
باقي النجاسات |
الثياب ونحوها |
1 – مع العصر ونحوه |
1–مع العصر ونحوه |
1 – بدون عصر |
بعد إزالة |
البدن ونحوه |
1 - |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
|
الآنية |
3 |
1 - |
1 - |
بعد إزالة |
خلاصة الدرس
المطهِّرات أحد عشر: الأول: الماء. الثاني: الأرض. الثالث: الشمس. الرابع: الاستحالة إلى جسم آخر. الخامس: ذهاب الثلثين في العصير العنبي. السادس: الانتقال. السابع: الإسلام. الثامن: التبعية. التاسع: زوال عين النجاسة بالنسبة إلى الحيوان, وبواطن الإنسان. العاشر: الغيبة. الحادي عشر: استبراء الحيوان الجلّال.
أسئلة
1. عدِّد المطهّرات.
2. ما المراد بالمطهِّرات التالية: الانتقال،التبعية،الغيبة.
3. ماذا تُطهّر الأرض والشمس وبأيّ شروط؟
94
78
الدرس الثامن:المطهّرات
للمطالعة
بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام من خشية الله تعالى
يروي السيد ابن طاووس عن الزهري قال: "دخلت مع عليّ بن الحسين عليه السلام على عبد الملك من مروان قال: فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني عليّ بن الحسين عليه السلام فقال: يا أبا محمّد لقد بان عليك الاجتهاد ولقد سبق لك من الله الحسنى فأنت بضعة من رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله قريب النسب وكبير السبب وإنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك ولقد أتيت من الفضل والعلم والدِّين والورع ما لم يؤت أحد مثلك ولا قبلك إلّا من مضى من سلفك، وأقبل يُثني عليه ويُطريه. فقال عليّ بن الحسين عليه السلام: كلّ ما ذكرته ووصفته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه، فأين شكره على ما أنعم... كان رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله يقف في الصلاة حتّى تتورّم قدماه ويظمأ في الصيام حتّى يعصب فوه فقيل له يا رسول الله ألم يغفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: أفلا أكون عبداً شكوراً، الحمد لله على ما أولى وله الحمد في الآخرة والأولى، والله لا يشغلني شيء عن شكره وذكره في ليل ولا نهار ولا سرّ ولا علانية.... ولولا أنّ لأهلي عليّ حقّاً ولسائر الناس من خاصّهم وعامّهم عليّ حقوقاً لا يسعني إلّا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتّى أؤدّيها إليهم، لرميت بطرفي إلى السماء وبقلبي إلى الله ثمّ لم أرددها حتّى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين... وبكى عليه السلام وبكى عبد الملك"8.
8- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج 46، ص 57.
95
79
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى الآداب المعنوية للتطهير من الخبث والحدث
• أن يتعرّف إلى آداب مطلق اللباس
• أن يُدرك سرّ طهارة اللباس
97
80
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
أسرار التطهير من الخبث والحدث
من المعلوم في العلوم الفقهية أنّ النجاسة على نحوين: خبث وحدث، والثاني على نحوين: حدث أصغر وحدث أكبر، ولكلٍّ منها معنى ظاهري وباطني نأتي على ذكرها.
1- الخبث: بالمعنى الفقهي هوالنجاسة الظاهرية الطارئة على الجسم أو اللباس، مثل النجاسة بالدّم أو البول ونحوهما، وهذه النجاسة تُرفع بغسل موضعها بالماء.
أما نظيرهذه النجاسة في عالم الباطن فهو التلوّث بقذارة المعاصي الصغيرة الّتي تصدر من المؤمن، وحيث إنّ مرتبة النجاسة فيها ضعيفة فتطهّر بالآلام الدنيوية وتوجب رفعها الابتلاءات في هذه الدنيا الفانية.
قال تعالى: ﴿إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُم﴾1.
2- الحدث الأصغر: هذه النجاسة هي تعني في المعنى الفقهي نواقض الوضوء، من النوم والدخول إلى قضاء الحاجة وغير ذلك، وهذا الحدث يُرفع بالوضوء أو التيمُّم حال الضرورة.
1- سورة النساء، الآية: 31.
99
81
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
وأمّا المعنى الباطني لهذا الحدث:
فأمّا النوم: فليفكّر الإنسان أنّ النوم في الليل أو النهار حدث يوجب الوضوء كذلك الغفلة عن الله والآخرة حدث لا بدّ لك من رفعه.
وأمّا الدخول لقضاء الحاجة: فيروى عن الإمام الصادق عليه السلام: "سُمّي المستراح مُستراحاً لاستراحة النفوس من أثقال النجاسات واستفراغ الكثافات والقذر فيها، والمؤمن يعتبر عندها أنّ الخالص من حطام الدنيا كذلك يصير عاقبته فيستريح بالعدول عنها وتركها، ويفرّغ نفسه وقلبه عن شغلها ويستنكف عن جمعها وأخذها استنكافه عن النجاسة والغائط والقذر ويتفكّر في نفسه المكرّمة في حال، كيف تصير في حال، ويعلم أنّ التمسُّك بالقناعة والتقوى يورث له راحة الدّارين، وأنّ الراحة في هوان الدّنيا والفراغ من التمتُّع بها وفي إزالة النجاسة من الحرام والشبهة فيغلق عن نفسه باب الكبر بعد معرفته إيّاها، ويفرّ من الذنوب ويفتح باب التواضع والندم والحياء ويجتهد في أداء أوامره واجتناب نواهيه طلباً لحسن المآب وطيب الزلفى ويسجن نفسه في سجن الخوف والصبر والكفّ عن الشهوات إلى أن يتّصل بأمان الله في دار القرار ويذوق طعم رضاه، فإنّ المعوّل ذلك وما عداه لا شيء"2.
هذا ونموذج هذه النجاسة في المعنى الباطني بعض المعاصي الكبيرة الّتي ليس لها جذر نفساني وكبعض المعاصي الّذي قد يتّفق للإنسان وخصوصاً في عهد الشباب.
3- الحدث الأكبر: وهو الجنابة وترتفع بالغسل، وهي في المعنى الباطني: الفناء في الطبيعة (الدنيا)، بمعنى الاستغراق فيها، والغفلة عن الروحانية، ونموذج هذه النجاسة في الروح هي المعاصي الّتي رسخت جذورها في القلب وصارت منشأً للملكات الخبيثة والرذائل النفسانية من الكبر والحسد والشرك ونحوها،
2- بحار الأنوار، العلّامة المجلسي، ج77، ص165.
100
82
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
وتُسمّى بالموبقات وقد أوعد الله سبحانه صاحبها النار.
والآداب القلبية للغسل هي ألّا يتوقّف الإنسان السالك إلى الله تعالى في حين غسله بتطهير الظاهر وغسل البدن، بل عليه أن يغسل جنابة باطن روحه وهي غلبة قوّة الشهوة عليه، وليعلم أنّ أصل الجنابة الروحية هو حبُّ الدنيا والشرك بالله تعالى الظاهر منه والخفي.
آداب مطلق اللباس
إنّ الإنسان روح وجسد، باطن وظاهر، ولكلّ منهما تأثيره في الآخر، لذلك إنّ جميع الآداب الصورية الظاهرية الشرعية لها في الباطن أثر بل آثار، ولكلٍّ من الأخلاق الحسنة آثار في الظاهر والباطن، ولكلٍّ من المعتقدات الحقّة أيضاً آثار.
فمثلاً على تأثير الباطن والظاهر: الإيمان بالله تعالى وأنّه هو المتصرّف في الوجود وأنّه هو أعلم بكلّ شيء، يوجب كثيراً من الكمالات النفسية والأخلاقية، مثل التوكُّل والاعتماد على الحقّ وقطع الطمع من المخلوق ويوجب كثيراً من الأعمال الصالحة وترك الكثير من الأعمال القبيحة، وهكذا سائر العقائد والمعارف.
ومثال تأثير الظاهر في الباطن: اللباس، فكما أنّ للألبسة الفاخرة جدّاً في النفوس تأثيراً، كذلك للألبسة الدّنيّة جدّاً في النفوس تأثير، فقد يوقع اللباس الفاخر بالكبر واحتقار الآخرين والغرور والعجب، كذلك اللباس الرديء قد يلبسه الإنسان ليشتهر بالزهد والقداسة، فيقع أيضاً بالتكبُّر والغرور والعجب فضلاً عن الرياء وغير ذلك من المفاسد الباطنية. وبعض الناس يُقلّد الأجانب في لباسه فينعكس ذلك على باطنه بحيث يُمكن أن يُصبح قلبه محبّاً لهم ومبغضاً لأعدائهم.
وبكلمة أخرى: إنّ لباس الشهرة سواء في جانب الإفراط (اللباس الفاخر) أو التفريط (اللباس الرديء) من الأمور الّتي تؤثّر على القلوب الضعيفة وعلى سلوكها وأخلاقها، وقد وردت روايات عديدة في هذا المجال نورد بعضها:
101
83
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى أوصى إلى بعض أوليائه: قل للمؤمنين لا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تأكلوا كأعدائي ولا تمشوا كأعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي".
وعنه عليه السلام: "إنّ الله يُبغض شهرة اللباس".
وعنه أيضاً عليه السلام: "الشهرة خيرها وشرّها في النار".
وعنه عليه السلام: "إنّ الله يُبغض الشهرتين، شهرة اللباس وشهرة الصلاة".
سرّ طهارة اللباس
من شرائط صحّة الصلاة الظاهرية طهارة اللباس الظاهري, وكذلك من شرائط صحّة الصلاة الباطنية طهارة اللباس الباطني.
وطهارة اللباس الباطني يعني:
1- الطهارة من المعاصي.
2- الطهارة من الأخلاق الذميمة، وأمّهات ذمائم الأخلاق وأصولها، العجب وحبّ النفس والتكبّر والتظاهر والتعصّب، فكلٌّ منها مبدأ كثير من الذمائم الأخلاقية ورأس كثير من الخطيئات.
3- طهارة القلب الّذي هو اللباس الحقيقي للإنسان، وما لم يتطهّر هذا اللباس فمن الصعوبة تحصيل الطهارتين السّابقتين.
ولتطهير لباس القلب مراتب:
أ- التطهير من حبّ الدنيا الّذي هو رأس كلّ الخطيئات ومنشأ جميع المفاسد، وما دام الإنسان محبّاً للدنيا لا يتيسّر له محبّة الله تعالى الّتي هي أمّ الطهارات، كما أنّه لا يستشعر حلاوة العبادة.
ولأهمّية هذه المرتبة من طهارة القلب كان لكتاب الله ووصايا الأنبياء
102
84
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
والأولياء عليهم السلام وخصوصاً أمير المؤمنين عليه السلام الاهتمام الكبير في التزهيد في الدنيا، وهذه المرتبة من الطهّارة تُحصّل من خلال الاستزادة من العلم الإلهي والمجاهدة والرياضة الروحية والتفكّر في المبدأ والمعاد والاعتبار في فناء الدنيا وبقاء الآخرة، "رحم الله امرءاً علم من أين وفي أين وإلى أين".
ب- التطهير من الاعتماد على الخلق الّذي هو شرك خفي، ويحصل هذا التطهير بالتوحيد الفعلي للحقّ جلّ وعلا، ولا يكفي الاعتقاد العقلي بأنّه لا مؤثّر في الوجود إلّا الله، بل ينبغي أن يُصبح اعتقاداً قلبيّاً من خلال تنبيه القلب وتلقينه بهذه الحقيقة، حتّى تصل حالنا إلى قطع الطمع من الخلق، وهناك مراتب أخرى للتطهير.
خلاصة الدرس
- نظير النجاسة الخبثية في عالم الباطن، التلوّث بقذارة المعاصي الصغيرة، ونظير الحدث الأصغر، في عالم الباطن, بعض المعاصي الكبيرة الّتي ليس لها جذر نفساني، نظير الحدث الأكبر المعاصي المترسّخة في القلب كالكبر والحسد والشرك.
- لباس الشهرة مرفوض إسلامياً، وذلك لتأثير الظاهر في الباطن، كما أنّ الباطن يؤثّر في الظاهر.
- من أسرار طهارة اللباس النظر إلى طهارة الباطن، من المعاصي والأخلاق الذميمة والمفاسد القلبية.
- طهارة القلب تعني طهارته من حبّ الدنيا، والاعتماد على الخلق.
103
85
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
أسئلة
1. ما هو نظير الأقسام الثلاثة للنجاسات الظاهرية في عالم الباطن؟
2. لماذا اهتمّ الإسلام باللباس، ومنع عن لباس الشهرة؟ واذكر حديثاً في لباس الشهرة؟
3. ما هي أسرار طهارة اللباس؟
4. ماذا تعني طهارة القلب؟
للمطالعة
لا تفشِ عيب أخيك المؤمن ( الستّاريّة)
إنّ الستّارية من أوصاف الله تعالى وطوبى لعبد تخلّق بأخلاق الله... وقد شدّد النكير في الروايات على من كان بصدد إفشاء عيب من أخيه المؤمن.
كما قال الصادق عليه السلام: "من اطّلع من مؤمن على ذنب أو سيّئة فأفشى ذلك عليه ولم يكتمها ولم يستغفر الله له كان عند الله كعاملها وعليك وزر ذلك الّذي أفشاه عليه وكان مغفوراً لعاملها وكان عقابه ما أفشى عليه في الدنيا مستور عليه في الآخرة ثمّ يجد الله أكرم من أن يثنّي عليه عقاباً في الآخرة".
وقال عليه السلام: "من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروّته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان".
وذكر المحدّث القمي عن سفيان بن عيينة، قال في قوله تعالى: إلّا أمم أمثالكم... ما في الأرض آدمي إلّا وفيه شبه من بعض البهائم، فمنهم من يقدم إقدام الأسد، ومنهم من يعدو عدو الذئب، ومنهم من ينبح نباح الكلب، ومنهم من يتطوّس كفعل الطاووس، ومنهم من يُشبه الخنزير، فإنّه لو أُلقي إليه الطعام الطيّب تركه، وإذا
104
86
الدرس التاسع:الآداب المعنوية للتطهير
قام الرجل عن رجيعه (الغائط) ولغ فيه، وكذلك نجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمة لم يحفظ واحدة منها فإن أخطأت مرّة واحدة حفظها ولم يجلس إلّا رواه عنه...
ثم قال: فاعلم يا أخي أنّك إنّما تعاشر البهائم والسباع فبالغ في الاحتراز.
قال المحدّث القمي بعد نقل هذا الكلام، أقول وأحسن من هذا ما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إنّ الأشرار يتتبّعون مساوىء الناس ويتركون محاسنهم كما يتتبّع الذباب المواضع الفاسدة من الجسد ويترك الصحيح"3.
3- انظر: الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني، ج 1، ص 127.
105
87
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى بعض واجبات الصلاة:
(النيّة- تكبيرة الإحرام - القيام- القراءة)
107
88
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
واجبات الصلاة.
وهي أحد عشر: الأوّل: النيّة. الثاني: تكبيرة الإحرام. الثالث: القيام. الرابع: القراءة. الخامس: الركوع. السادس: السجود. السابع: الذكر. الثامن: التشهّد. التاسع: التسليم. العاشر: الترتيب. الحادي عشر: الموالاة.
النيّة
أ - النيّة هي قصد الفعل، وهي أمر قلبيّ، ولذا لا يجب التلفُّظ بها، ولا يجب الإخطار (أي: الإحضار بالبال)، بل يكفي الداعي، وهو الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في صدور الفعل، على وجه يخرج به عن الساهي والغافل، ويدخل فعله في فعل الفاعل المختار،بحيث لو سأله شخص ماذا تفعل؟أجاب:أصلي.
ب - يعتبر في النيّة التقرّب إلى الله تعالى، وامتثال أمره. ويعتبر أيضاً الإخلاص في النيّة، فإذا ضمّ إليها ما ينافي الإخلاص بطل العمل، خصوصاً الرياء.
ج- لا يجب قصد الأداء والقضاء، بل يكفي تعيين نوع الصلاة الّتي يأتي بها في القصد إجمالاً، بأن ينوي مثلاً ما اشتغلت به ذمّته إذا كان واحداً، أو ما اشتغلت به ذمّته أوّلاً إذا كان متعدّداً.
109
89
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
د - لا يجب قصد الوجوب والندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة. والأحوط استحباباً قصدهما.
هـ- لو نوى في الأثناء قطع الصلاة، أو الإتيان بالقاطع، مع الالتفات إلى منافاته للصلاة، فإن أتمّ صلاته في تلك الحال بطلت، ولو عاد إلى نيّة الإكمال قبل أن يأتي بشيء لم تبطل.
وإذا لم يكن ملتفتاً إلى منافاة ما نوى للصلاة، لا تبطل صلاته حتّى ولو أتى بجزء بعد نيّة القطع أو القاطع.
تكبيرة الإحرام
أ - وتسمّى تكبيرة الافتتاح أيضاً وصورتها "اللَّهُ أَكْبَرُ"، ولا يجزي غيرها، ويشترط أن تكون باللغة العربيّة.
ب - هي ركن، تبطل الصلاة بزيادتها ونقيصتها عمداً، وجهلاً، ونسياناً.
ج - يجب فيها القيام منتصباً مع الإمكان، فلو تركه عمداً أو سهواً بطلت. فالقيام أثناء تكبيرة الإحرام واجب ركني.
د - يشترط الاستقرار حال التكبيرة بتمامها، فلو ترك ذلك بطلت الصلاة، بلا فرق بين العمد والجهل على الأحوط وجوباً.
هـ - الأحوط وجوباً عدم وصلها بما قبلها. والأحوط استحباباً ترك وصلها بما بعدها.
القيام
موارد القيام الواجب
يجب القيام في موارد أربعة:
الأوّل: أثناء تكبيرة الإحرام، وهو ركن.
الثاني: قبل الركوع، وهو المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع، وهو ركن.
110
90
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
الثالث: بعد الركوع.
الرابع: أثناء القراءة والذكر. والقسمان الثالث والرابع واجبان، إلّا أنّهما ليسا ركناً.
أ - من أخلّ بالقيام الركنيّ عمداً أو سهواً بطلت صلاته.
ب - من أخلّ بالقيام غير الركنيّ فلا تبطل صلاته إلّا عن عمد.
شرائط القيام
يشترط في القيام أربعة أمور، وهي:
الأوّل: الاعتدال في القيام والانتصاب والاستقرار، بحسب حال المصلّي.
أ - لو انحنى إلى أحد الجانبين، بحيث خرج عن صدق القيام والانتصاب بطل.
ب- يجوز الإطراق بالرأس، والأحوط استحباباً نصب العنق.
الثاني: لا يجوز الاستناد إلى شيء حال القيام مع الاختيار، ولا بأس به حال الاضطرار، فلا يجوز القعود مستقلاً مع التمكّن من القيام مستنداً.
الثالث: عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث يخرج عن صدق القيام، ويعتبر عدم التفريج غير المتعارف وإن صدق عليه القيام.
الرابع: يجب الوقوف على القدمين معاً مع الإمكان، فلا يجوز على قدم واحدة، ولا على الأصابع، لكن لا يجب الاعتماد على الرجلين بشكلٍ متساوٍ.
أ - إن لم يتمكّن من القيام الاختياريّ والاضطراريّ، انتقل إلى المرتبة الثانية،وهي الصلاة من جلوس على نحو الاستقلال والانتصاب مع الإمكان، فإن لم يمكن الاستقلال والانتصاب جاز الاعتماد أو التمايل. وإن عجز عن الجلوس الاختياريّ والاضطراريّ انتقل إلى المرتبة الثالثة،
111
91
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
وهي الصلاة مضطجعاً على الجانب الأيمن كحال الدفن. فإن تعذّر انتقل إلى المرتبة الرابعة، وهي الصلاة على الجانب الأيسر عكس الأوّل. فإن تعذّر انتقل إلى المرتبة الخامسة، وهي الصلاة مستلقياً كحال المحتضر.
باقي أحكام القيام
أ- لو تمكّن من القيام ولم يتمكّن من الركوع قائماً، صلّى قائماً، ثمّ جلس وركع جالساً.
ب - إن لم يتمكّن من الركوع والسجود مطلقاً ولو عن جلوس، وكان متمكناً من القراءة وهو قائم، صلّى قائماً، وأومأ للركوع والسجود. وإن أمكن الجلوس دون السجود فالأحوط وجوباً الجلوس على الأرض والإيماء للسجود جالساً، والأحوط وجوباً وضع ما يصحّ السجود عليه على جبهته إن أمكن1.
ج - لو قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع، وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس، ثمّ إذا قدر على القيام قام، وهكذا.
د - من عجز عن الاستقرار في القيام (وكذا في غير القيام) قام ولو مضطّرباً.
القراءة والذكر
مورد وجوب القراءة
أ - تجب2 في الركعة الأولى والثانية من كلّ فريضة قراءة الفاتحة، وسورة كاملة عقبها.
ب- يجوز ترك السورة في بعض الأحوال، ويجب تركها مع ضيق الوقت، والخوف، ونحوهما من أفراد الضرورة.
1- إذا تمكن من الجلوس على الأرض ولم يتمكن من السجود يجب عليه الجلوس ويرفع السجدة على شيء مستقر ويسجد عليها ولو لم يمكنه ذلك رفع السجدة ووضعها على جبهته ولو لم يمكنه ذلك أومأ إلى السجدة وهو جالس.
2- الأحوط وجوباً قراءة سورة كاملة بعد الفاتحة.
112
92
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
ج - يجب قراءة الحمد في النوافل، والوجوب بمعنى كونها شرطاً في صحّة النافلة، وأمّا السورة فلا تجب في شيء منها، نعم، هناك نوافل وردت في كيفيّتها سور خاصّة، يُعتبر في تحقّقها تلك السور.
بعض أحكام القراءة
أ- يجب تأخير السورة عن الحمد، فلو قدّمها على الحمد عمداً بطلت الصلاة، وأعادها وجوباً. ولو قدّم السورة سهواً، فإن تذكّر قبل الركوع أعاد السورة بعد الفاتحة، وإن تذكّرها بعد الركوع يمضي في صلاته ولا شيء عليه.
ب - الفاتحة والسورة واجبان غير ركنييّن، فمن تركهما سهواً لا تبطل الصلاة.
ج - لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال. فإن فعله عامداً بطلت صلاته، وإن كان سهواً عدل إلى غيرها مع سعة الوقت، ومع ضيقه يتركها ويمضي في صلاته وإن ذكر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت أتمّ صلاته.
د- لا يجوز قراءة إحدى سور العزائم في الفريضة، فلو قرأها نسياناً إلى أن قرأ آية السجدة، أو استمع آية السجدة وهو في الصلاة أومأ للسجدة في الصلاة، واكتفى بالسورة. والأحوط استحباباً السجود بعد الانتهاء من الصلاة3.
هـ- البسملة جزء من كلّ سورة، فيجب قراءتها، عدا سورة (براءة).
و - الفيل والإيلاف سورة واحدة، وكذلك الضحى والشرح سورة واحدة، فلا تجزي واحدة منها، بل لا بدّ من الجمع مرتّباً مع البسملة الواقعة بينهما.
3- إذا قرأ إحدى سور العزائم ووصل إلى آية السجدة فإن قرأ آية السجدة فالأحوط وجوباً أن يسجد سجود التلاوة ثم يقوم ويكمل السورة ثم يتابع صلاته ويعيدها وأما إن لم يقرأ آية السجدة فالأحوط وجوباً ترك السورة وقراءة سورة أخرى غيرها ويكمل صلاته ثم يعيدها.
113
93
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
ز- يجب تعيين السورة عند الشروع في البسملة4، ولو عيّن سورة ثمّ عدل إلى غيرها يجب إعادة البسملة5 بنيّة المعدول إليها. ولو كان ناوياً من أوّل الصلاة أن يقرأ سورة معيّنة، فنسي وقرأ غيرها، كفى، ولا يجب إعادة السورة.
ط - يجوز العدول اختياراً من سورة إلى غيرها، إلّا في موردين، لا يجوز فيهما العدول، وهما:
الأوّل: إذا بلغ النصف لا يجوز العدول.
الثاني: لا يجوز العدول من سورة التوحيد والكافرون ولو لم يصل إلى النصف، نعم، يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين في ظهر يوم الجمعة، وفي الجمعة إذا شرع فيهما نسياناً ما لم يبلغ النصف، فإذا بلغ النصف فلا يجوز العدول.
ي - يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر والعصر على النساء والرجال. ويجب على الرجال دون النساء الجهر بالقراءة في الصبح وأوليي المغرب والعشاء. فمن جهر في موضع الإخفات وبالعكس عمداً بطلت صلاته، والناسي معذور. ولا جهر على النساء، بل يتخيّرن بينه وبين الإخفات مع عدم وجود الأجنبيّ وأمّا معه فالأحوط وجوباً لهنّ ترك الجهر6.
ومناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه، ولا يعتبر سماع من بجانبه. ولا يجوز الإفراط في الجهر كالصياح، كما أنّه لا يجوز الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.
ك - يجب أن تكون القراءة صحيحة، فلو أخلّ عامداً بحرف، أو حركة، أو
4- لا يجب تعيين السورة قبل البسملة بل يمكنه تعينيها بعدها أيضاً.
5- لا يجب إعادة البسملة في هذه الحالة.
6- الأفضل للنساء ترك الجهر مع وجود الأجنبي.
114
94
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
تشديد، أو نحو ذلك بطلت صلاته. ومن لا يحسن الفاتحة أو السورة يجب عليه تعلّمهما.
ل - لا يجب مراعاة تدقيقات علماء التجويد.
م - من لا يقدر على التعلّم، ولا يقدر إلّا على الملحون أجزأه ذلك. وإن كان قادراً على التعلّم ولم يتعلّم فالأحوط وجوباً له الائتمام مع الإمكان7.
وجوب القراءة أو الذكر
أ - يتخيّر المصلّي فيما عدا الركعتين الأوليين من الفريضة بين الذكر والفاتحة، والأفضل للإمام القراءة، وللمأموم الذكر. والمنفرد مخيّر بدون ترجيح. وصورة الذكر: "سبحانَ اللهِ، والحمدُ لِلهِ، ولا إلهَ إلّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ"، وتجب المحافظة على العربيّة. ويجزي مرّة واحدة، والأحوط استحباباً التكرار ثلاث مرّات. ويجب الإخفات في الذكر والقراءة، حتّى البسملة على الأحوط وجوباً8. ويستحبّ إضافة الاستغفار إلى الذكر.
ب - لو قصد التسبيح مثلاً، فسبق لسانه إلى القراءة من غير قصد إليها، فلا يجتزىء بها، بل يعيد، نعم إذا كان القصد إلى القراءة قد تحقّق فيحكم بالصحّة. ولو قرأ غافلاً، أو سبّح غافلاً، فإنّه مع عدم القصد ولو ارتكازاً تبطل القراءة أو الذكر، ومع القصد تصحّ.
ج - لو تخيّل نفسه في الأوليين فقرأ الفاتحة، ثمّ انكشف كونه في الأخيرتين يجتزىء بها.
7- هذا في صورة ضيق الوقت عن التعلم.
8- بل يجوز للمصلي فرادى أن يجهر بالبسملة وإن كان الأحوط استحباباً الإخفات بها، وأما المصليّ جماعة سواء كان إماماً أم مأموماً فالأحوط وجوباً له الإخفات بها.
115
95
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
د - لو شك في صحّة قراءة كلمة أو آية، فإن تجاوز المحل يبني على الصحّة، وإن لم يتجاوز أعاد.
هـ - إذا أراد أن يتقدّم أو يتأخّر حال الذكر يجب تركه، وكذا القراءة، وعندما يستقرّ يتابع،فإن تحرّك حال القراءة قهراً فالأحوط وجوباً9 إعادة ما قرأه حال التحرّك.
خلاصة الدرس
- واجبات الصلاة أحد عشر: النيّة- تكبيرة الإحرام- القيام- القراءة- الركوع-السجود- الذكر- التشهّد-التسليم- الترتيب- الموالاة.تحدثنا في هذا الدرس عن الواجبات الاربع الاوائل.
• النيّة هي قصد الفعل، وهي أمر قلبيّ، ولذا لا يجب التلُّفظ بها، ولا يجب الإخطار ويعتبر فيها التقرّب إلى الله تعالى والإخلاص، فإذا ضمّ إليها ما ينافي الإخلاص بطل العمل، خصوصاً الرياء.ولا يجب قصد الأداء والقضاء والوجوب والندب.
• تكبيرة الإحرام صورتها "اللهُ أَكْبَر"، ولا يجزي غيرها، ويشترط أن تكون باللغة العربيّة.وهي ركن، تبطل الصلاة بزيادتها ونقيصتها عمداً، وجهلاً، ونسياناً.يجب فيها القيام منتصباً مع الإمكان، فلو تركه عمداً أو سهواً بطلت. فالقيام أثناء تكبيرة الإحرام واجب ركني.و يشترط تحصيل الاستقرار حال التكبيرة بتمامها.
• يجب القيام في موارد أربعة: الأوّل: أثناء تكبيرة الإحرام، وهو ركن.
9- بل يجب عليه إعادة القراءة بعد تحصيل الإستقرار والطمأنينة.
116
96
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
الثاني: قبل الركوع، وهو المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع، وهو ركن. الثالث: بعد الركوع. الرابع. أثناء القراءة والذكر. والقسمان الثالث والرابع واجبان، إلا أنّه ليس ركناً.
• يشترط في القيام أربعة أمور، وهي: الأوّل: الاعتدال في القيام والانتصاب والاستقرار، بحسب حال المصلّي. الثاني: لا يجوز الاستناد إلى شيء حال القيام مع الاختيار. الثالث: عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث يخرج عن صدق القيام. الرابع: يجب الوقوف على القدمين معاً مع الإمكان.
• مورد وجوب القراءة: تجب في الركعة الأولى والثانية من كلّ فريضة قراءة الفاتحة، وسورة كاملة10 عقبها ويجب تأخير السورة عن الحمد.
• يتخيّر المصلّي فيما عدا الركعتين الأوليين من الفريضة بين الذكر والفاتحة، والأفضل للإمام القراءة، وللمأموم الذكر.
أسئلة
1. عدِّد واجبات الصلاة.
2. ماذا يجب في النيّة وماذا لا يجب؟
3. ما هي صيغة تكبيرة الإحرام؟ وماذا يجب في التكبيرة؟
4. متى يجب القيام؟
5. ماذا يشترط في القيام؟
10- تقدّم أنّه أحوط.
117
97
الدرس العاشر: أفعال الصلاة (1)
للمطالعة
الآداب المعنوية للاعتدال قائماً في الصلاة
قال بعض علماء الآخرة: وأما الاعتدال قائماً فهو مثول بالشخص والقلب بين يدي الله عزّ وجلّ فليكن رأسك الّذي هو أرفع أعضائك مطرقاً مطأطأً منكساً، وليكن وضع الرأس عن ارتفاعه تنبيهاً على إلزام القلب التواضع والتذلّل والتبرّي عن الترؤس والتكبّر، وليكن على ذكرك ها هنا خطر القيام بين يدي الله عزّ وجل في هول المطلع (في يوم القيامة) عند العرض للسؤال واعلم في الحال أنّك قائم بين يدي الله عزّ وجلّ وهو مطّلع عليك فقم بين يديه قيامك بين يدي بعض ملوك الزمان إن كنت تعجز عن معرفة كنه جلاله بل قدّر في دوام قيامك في صلواتك أنّك محظوظ ومرقوب بعين كالئة من رجل صالح من أهلك أو ممّن ترغب في أن يعرفك بالصلاح فإنّه تهدأ عند ذلك أطرافك وتخشع جوارحك وتسكن جميع أجزائك خيفة أن ينسبك ذلك العاجز المسكين إلى قلّة الخشوع، وإذا أحسست من نفسك بالتماسك عند ملاحظة عبد مسكين، فعاتب نفسك وقل لها إنّك تدّعين معرفة الله وحبّه أفلا تستحيين من استجرائك عليه مع توقيرك عبداً من عباده؟ أو تخشين الناس ولا تخشينه وهو أحقّ أن يُخشى؟ ألا تستحيين من خالقك ومولاك إذ قدّرت اطّلاع عبد ذليل من عباده عليك وليس بيده خيرك ولا نفعك ولا ضرّك خشعت لأجله جوارحك وحسنت صلواتك ثمّ إنّك تعلمين أنّه مطّلع عليك فلا تخشعين لعظمته أهو أهون عندك من عبد من عباده؟11.
11- الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني، ج 1، ص 198.
118
98
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى بعض واجبات الصلاة
(الركوع -السجود -الذكر)
119
99
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
الركوع
الركوع واجب ركنيّ ،يجب في كلّ ركعة من الفرائض اليوميّة ركوع واحد، وهو ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمداً وسهواً، إلّا في الجماعة للمتابعة، وتفصيله في صلاة الجماعة.
حدّ الركوع
أ - لا بدّ في الركوع من الانحناء المتعارف، بحيث تصل يده إلى ركبته1. والأحوط استحباباً2 وصول الراحة إليها.
ب - من لم يتمكّن من الانحناء مستقلّاً اعتمد، فإن لم يتمكّن مع الاعتماد أتى بالممكن منه، ولو لم يتمكّن من الانحناء أصلاً ركع وهو جالس. وإن لم يتمكّن من الركوع جالساً أومأ للركوع، فيومي برأسه وهو قائم، فإن لم يتمكّن من الإيماء برأسه أغمض عينيه للركوع، وفتحهما للرفع منه.
ويتحقّق ركوع الجالس بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه.
1- بل بحيث تصل رؤوس أصابع يده إلى ركبتيه.
2- بل الأحوط وجوباً وضع اليدين على الركبتين.
121
100
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
بعض أحكام الركوع
أ - لو نسي الركوع فهوى إلى السجود، فيه ثلاث صور:
الأولى: أن يتذكّر قبل وضع جبهته على الأرض، فيرجع إلى القيام ثمّ يركع، ولا بدّ من القيام قبله.
الثانية: أن يتذكّر بعد الدخول في السجدة الأولى، أو بعد رفع الرأس منها، فالأحوط وجوباً القيام3، ثمّ الركوع، ويتابع الصلاة، ثمّ يعيدها.
الثالثة: أن يتذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية فهنا تبطل صلاته.
ب - لو انحنى بقصد الركوع، ولمّا وصل إلى حدّ الركوع نسي، وهوى إلى السجود، فيه صورتان:
الأولى: إن تذكّر قبل أن يخرج من حدّ الركوع بقي على تلك الحال مطمئناً وأتى بالذكر.
الثانية: إن تذكّر بعد خروجه من حدّ الركوع، فإن عرض النسيان بعد وقوفه في حدّ الركوع آناً ما، فيتابع صلاته ولا شيء عليه، فلا يجب إعادة الانتصاب. وإن عرض النسيان دون وقوفه في حدّ الركوع آناً ما فالأحوط وجوباً الانتصاب ثمّ الهويّ إلى السجود، وإتمام الصلاة، ثمّ إعادتها.
ج - يجب الذكر في الركوع، ويجزي مطلق الذكر، والأحوط وجوباً كونه بمقدار الثلاث من الصغرى، أو الواحدة من الكبرى. والأحوط استحباباً اختيار "سبحانَ ربّيَ العظيمِ وبحمده"4.
3- بل يجب عليه أن يقوم ثم يركع عن قيام ثم يسجد ويتم صلاته وتصحّ، وبعد الصلاة يأتي بسجود السهو على الأحوط وجوباً من أجل زيادة السجدة.
4- يجب أن يكون مقدار الذكر مساوياً لواحدة من الكبرى أو ثلاث من الصغرى.
122
101
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
د - يجب الطمأنينة حال الذكر الواجب5، فإن تركها عمداً بطلت صلاته. وإن تركها سهواً لا تبطل صلاته. والأحوط وجوباً6 الطمأنينة حال الذكر المستحبّ إذا أتى به بقصد خصوصيّة الركوع، وإلا فلا إشكال. ولو لم يتمكّن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، ولكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمّى الركوع7.
السجود
1- وجوب السجود
أ - يجب في كلّ ركعة سجدتان، وهما معاً ركن، تبطل الصلاة بزيادتهما معاً في الركعة الواحدة، ونقصانهما كذلك عمداً أو سهواً.
ب- لو أخلّ بسجدة واحدة زيادة أو نقصاناً سهواً فلا بطلان.
2 - كيفيّة السجود مع بعض أحكامه
أ- لا بدّ في السجود من الانحناء، ووضع المساجد السبعة على الأرض، وهي
الأوّل: الجبهة، ووضعها على الأرض هو الأساس في الركن. والمراد بالجبهة ما يقع بين منبت الشعر والحاجبين والجبينين. ولا يجب السجود على تمام الجبهة، بل يجزي السجود على بعضها، بالمقدار الّذي يصدق به مسمّى السجود، ويكفي مقدار الأنملة (رأس الإصبع).
الثاني: باطن الكفّين، والأحوط وجوباً الاستيعاب العرفيّ للباطن مع الاختيار. وأمّا مع الاضطرار فيجزي مسمّى الباطن. ومع التعذّر يكفي
5- وتجب أيضاً حال الذكر المستحب.
6- تجب الطمأنينة حال الذكر المستحب مع قصد الخصوصية، وأما إذا قصد مطلق الذكر الذي يجوز على كل حال فيجوز من دون طمأنينة.
7- الأحوط وجوباً في هذه الحالة أن يشرع بقراءة الذكر حين الوصول إلى حد الركوع والانتهاء منه حال رفع الرأس منه.
123
102
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
فيهما تقويسهما ووضع الأصابع فقط على الأرض. ومع التعذّر يجزي الظاهر. ومع التعذّر ينتقل إلى الأقرب من الكفّ، يضع باطن الذراع، فإن تعذّر يضع الظاهر.
الثالث: الركبتان، ويكفي صدق مسمّى السجود على ظاهرهما وإن لم يستوعبه.
الرابع: إبهاما القدمين، والأحوط وجوباً مراعاة طرفيهما.
الأحوط وجوباً الاعتماد على الأعضاء السبعة، ولا يكفي مجرّد الممّاسة، ولا يجب التساوي في الاعتماد.
3 - باقي أحكام السجود
الأوّل: يجب الذكر. وتفصيله كما مرّ في الركوع. وتسبيحته الكبرى هي هنا: "سبحان ربّي الأعلى وبحمده".
الثاني: تجب الطمأنينة حال الذكر الواجب8 (كما مرّ في الركوع).
الثالث: ثبات واستقرار المساجد السبعة حال الذكر، وأن تكون في محلّها، ويجوز تغيير المحلّ لما عدا الجبهة حال عدم الاشتغال بالذكر.
الرابع: وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه.
الخامس: يجب رفع الرأس من السجدة الأولى، والجلوس مطمئناً معتدلاً،والأحوط وجوباً الجلوس مطمئناً بعد رفع الرأس من السجدة الثانية.
السادس: تساوي موضع جبهته وموقفه، فلا يصحّ أن يكون أحدهما أعلى من الآخر أزيد من أربع أصابع مضمومة. ولا يعتبر التساوي في سائر
8- وحال الذكر المستحب أيضاً.
124
103
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
المساجد، لا بعضها مع بعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة.
أ - المراد بالموقف الركبتان والإبهامان على الأحوط وجوباً.
ب - من عجز عن السجود يعتمد، فإن تعذّر انحنى بمقدار استطاعته، ورفع ما يسجد عليه إلى جبهته فإن تعذّر الانحناء أصلاً أومأ للسجود برأسه، فإن تعذّر أومأ بالعينين.
4- ما يصحّ السجود عليه
أ- لا يصح السجود إلّا على شيء من الأرض، أو نباتها بشرط أن يكون من غير الملبوس والمأكول أو على القرطاس.
ب- الملبوس يشمل الثياب والفرش والسجّاد، وغيرها من النسيج. والمأكول هو المعتاد أكله.
ج - أفضل ما يسجد عليه التراب، وأفضله التربة الحسينيّة الّتي تخرق الحجب السبعة.
د - لا يصحّ السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن9، ولا على ما خرج عن اسم النبات كالرماد.
هـ- يجوز ويصحّ السجود على الخزف، والآجرّ، والنورة، والجصّ، ولو بعد الطبخ (للجميع)، وعلى الفحم، والطين الأرمنيّ، وحجر الرحى، وجميع أصناف المرمر، إلّا ما هو مصنوع ولم يعلم أن مادّته ممّا يصحّ السجود عليها10.
9- لا يصح السجود على الذهب والفضة والحديد والزجاج وأمثالها من المعادن، ولكن يصح السجود على الأحجار الكريمة مثل العقيق والفيروز والدر.
10- هذه المذكورات يصحّ السجود عليها لصدق اسم الارض عليها، ولهذا يصحّ السجود أيضاً على الإسمنت والرخام والباطون والحجر والرمل والموزاييك والغرانيت لصدق اسم الأرض عليها كذلك.
125
104
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
و - لا يصحّ السجود على المأكول، كالمخبوز، والمطبوخ، والحنطة، والشعير، والفواكه، والبقول المأكولة، والثمرة المأكولة، ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل. ولا بأس بالسجود على قشورها بعد انفصالها عنها، ولا يصحّ على المتّصل بها، نعم، القشر المأكول لا يصحّ السجود عليه، كقشر التّفاح والخيار11.
ويصحّ السجود على التتن، والحنظل، والتبن، والقصيل، وقشر الأرز بعد الانفصال.
ز- لا يصحّ السجود على القطن والكتّان12. ويصحّ على الحصر والبواري ونحوهما.
ح - يعتبر فيما يسجد عليه مع الاختيار كونه قابلاً لاستقرار الجبهة عليه، فلا يصحّ على الوحل غير المتماسك، الّذي لا تستقّر الجبهة عليه.
ط - إن لم يستطع السجود على ما يصحّ السجود عليه سجد على ثوب القطن والكتّان13. وإن تعذّر سجد على ثوب من جنس آخر، ومع تعذّره سجد على ظهر كفّه14. ومع التعذّر فعلى المعادن.
ي- لو فقد ما يصحّ السجود عليه في أثناء الصلاة، يجب قطع الصلاة مع سعة الوقت، ثمّ أعادها بعد إيجاد ما يصحّ السجود عليه. ومع ضيق الوقت سجد على غيره بالترتيب السابق.
11- ولا يصحّ السجود أيضاً على البلاستيك والنايليون، والأحوط وجوباً ترك السجود على ورق الشاي الأخضر.
12- القرطاس يصح السجود عليه حتى وإن كان مصنوعاً من القطن أو الكتان. نعم الورق والمحارم إذا كانت مصنوعة من الخشب والنباتات تصح السجود عليها وأما إذا كانت من القطن أو الكتان فلا يصحّ السجود عليها إلا إذا صدق عليها عنوان القرطاس.
13- على الأحوط وجوباً.
14- على الأحوط وجوباً.
126
105
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
خلاصة الدرس
-الركوع واجب ركني تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمداً وسهواً، ولا بدّ في الركوع من الانحناء المتعارف، بحيث تصل يده إلى ركبته.
- يجب الذكر في الركوع، ويجزي مطلق الذكر، والأحوط وجوباً كونه بمقدار الثلاث من الصغرى، أو الواحدة من الكبرى. والأحوط استحباباً اختيار "سبحانَ ربّيَ العظيمِ وبحمده".
- يجب الطمأنينة حال الذكر الواجب، فإن تركها عمداً بطلت صلاته. وإن تركها سهواً لا تبطل صلاته.
- يجب السجود في كلّ ركعة سجدتان، وهما معاً ركن، تبطل الصلاة بزيادتهما أو نقصانهما معاً في الركعة الواحدة، عمداً أو سهواً.
- لا بدّ في السجود من الانحناء، ووضع المساجد السبعة على الأرض.
- يجب الذكر في السجود وتفصيله كما مرّ في الركوع. وتسبيحته الكبرى هي: "سبحان ربّي الأعلى وبحمده".
- تجب الطمأنينة في السجود حال الذكر الواجب (كما مرّ في الركوع).
- يجب ثبات واستقرار المساجد السبعة حال الذكر، وأن تكون في محلّها.
- لا يصح سجود الجبهة إلّا على شيء من القرطاس، أو الأرض، أو نباتها بشرط أن يكون من غير الملبوس والمأكول.
127
106
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
أسئلة
1. إذا زاد أو نقّص ركوعاً أو سجوداً هل تبطل الصلاة؟
2. لو نسي الركوع فهوى إلى السجود فماذا يفعل؟
3. ما هو الذكر الواجب في الركوع والسجود وما هي التسبيحة الكبرى فيهما؟
4. ما هي المساجد السبعة وهل يجب الاستقرار فيها؟
5. على ماذا يصحّ السجود؟
للمطالعة
الإمام زين العابدين عليه السلام والأصعمي
عن الأصمعي: بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابّاً متعلّقاً بأستار الكعبة وهو يقول:
يا من يجيب دعا المضطّر في الظلم يا كاشف الضرّ والبلوى مع السقم
قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا وأنت يا حيّ يا قيّوم لم تنم
أدعوك ربّي حزيناً هائماً قلقاً فارحم بكائي بحقّ البيت والحرم
إن كان جودك لا يرجوه ذو سفه فمن يجود على العاصين بالكرم
ثم بكى بكاءاً شديداً وأنشد يقول:
ألا أيّها المقصود في كلّ حاجة شكوت إليك الضرّ فارحم شكايتي
ألا يا رجائي أنت تكشف كربتي فهب لي ذنوبي كلّها واقضِ حاجتي
أتيت بأعمال قباح رديئة وما في الورى عبد جنى كجنايتي
أتحرقني بالنار يا غاية المنى فأين رجائي ثمّ أين مخافتي
128
107
الدرس الحادي عشر: أفعال الصلاة (2)
ثمّ سقط على الأرض مغشيّاً عليه، فدنوت منه فإذا هو زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين فرفعت رأسه في حجري وبكيت فقطرت دمعة من دموعي على خدّه ففتح عينيه وقال: من هذا الّذي يهجم علينا قلت: عبيدك الأصمعي، سيّدي ما هذا البكاء والجزع وأنت من أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، أليس الله تعالى يقول: إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً فقال: هيهات يا أصمعي، إنّ الله خلق الجنّة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرّاً قرشيّاً، أليس الله تعالى يقول: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنّم خالدون"15.
15- إحقاق الحق، التستري، ج 12، ص 39.
129
108
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى بعض واجبات الصلاة
(التشهّد - التسليم - الترتيب - الموالاة )
• أن يتعرّف إلى مبطلات الصلاة.
131
109
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
التشهّد
1 - وجوب التشهّد
أ - يجب التشهّد في الثنائيّة مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة.
وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين: الأولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية. والثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة.
ب - التشهّد واجب غير ركن، تبطل الصلاة بتركه عمداً لا سهواً. فإن تركه سهواً، فإن تذكّر قبل الركوع تداركه، وإن تذكّره بعد الركوع تابع صلاته، ويجب على الأحوط قضاؤه بعدها.
2- كيفيّة التشهّد
الواجب في التشهّد أن يقول: "أشهدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُحَمّداً عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ".
3 - أحكام التشهّد
أ - يجب فيه اللفظ الصحيح الموافق للّغة العربيّة. ومن عجز عنه وجب عليه تعلّمه.
133
110
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
ب - يجب الجلوس مطمئناً حال التشهّد، ولا كيفيّة خاصّة للجلوس، فيجوز بأيّ كيفيّة كان. ويستحبّ فيه التورّك.
التسليم
1 - وجوب التسليم
أ - يجب التسليم في نهاية الصلاة. وبه يتحقّق الخروج من الصلاة.
ب - التسليم واجب غير ركن، تبطل الصلاة بتركه عمداً لا سهواً.
2 - كيفيّة التسليم
أ - للتسليم صيغتان، يكفي الإتيان بأيٍٍّ منهما، وهما: الأولى: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". والثانية: "السلام عليكم". ويستحبّ الجمع، مع إضافة "ورحمة الله وبركاته" إلى الثانية استحباباً.
ب - وأمّا جملة: "السلام عليك أيّها النبيُّ ورحمة اللهِ وبركاته"، فهو من توابع التشهّد، وليس جزءاً من التسليم.
3- أحكام التسليم
أ - يجب في التسليم اللفظ الصحيح الموافق للّغة العربيّة، ومع الجهل به يجب تعلّمه.
ب - يجب الجلوس فيه مطمئنّاً. ويستحبّ فيه التورّك.
الترتيب
يجب الترتيب في أفعال الصلاة، على الشكل التالي:
أوّلاً: تكبيرة الإحرام.
134
111
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
ثانياً: القراءة، والفاتحة قبل السورة.
ثالثاً: الركوع.
رابعاً: السجود.
خامساً: القيام. وهكذا.
أ - من أخلّ بالترتيب عمداً بطلت صلاته.
ب - من قدّم ركناً على ركن بطلت صلاته ولو سهواً.
ج - لو قدّم ركناً على ما ليس بركنٍ سهواً لا تبطل صلاته، بل يمضي.
د - لو قدّم غير الركن على غير الركن سهواً لا تبطل صلاته، لكن لو تذكّر أو التفت إلى ذلك في الأثناء فيجب عليه الإعادة بما يحصل به الترتيب مع الإمكان.
الموالاة
1- تحديد الموالاة1
الموالاة نوعان:
الأوّل: عدم الفصل بين أفعال الصلاة على وجه تنمحي صورة الصلاة، بحيث يصحّ سلب اسم الصلاة عنها.
الثاني: الموالاة بمعنى المتابعة العرفيّة.
2- حكم الموالاة
أ - تجب الموالاة بالمعنى الأوّل، وتبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً.
ب - الأحوط وجوب الموالاة بالمعنى الثاني، والأحوط وجوباً بطلان الصلاة
1- المولاة معناها الإتيان بأجزاء الصلاة تباعاً واحداً بعد الآخر من دون أن يفصل بينها بفاصل طويل وغير متعارف وعليه فلو فصل بحيث يعدّ عرفاً أنه خرج عن الصلاة أو إنمحت معه صورة الصلاة فتبطل صلاته حينئذٍ.
135
112
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
بتركها عمداً، ولا تبطل بتركها سهواً.
ج- كما تجب الموالاة في أفعال الصلاة بعضها مع بعض، كذلك تجب في القراءة، والتكبير، والذكر، والتسبيح، بالنسبة إلى الآيات والكلمات والحروف.
مبطلات الصلاة
ويراد بها الأمور الّتي تفسد الصلاة حال حدوثها، وهي ليست من الأجزاء والشرائط، بل هي سبب مستقلّ لبطلان الصلاة، وهي أحد عشر:
الأوّل: الحدث الأصغر والأكبر، عمداً أو سهواً أو قهراً. عدا المسلوس والمبطون والمستحاضة على تفصيل في محله.
الثاني: التكفير، وهو وضع إحدى اليدين على الأخرى. وهو مبطل حال العمد، ولا يبطل حال السهو. ولا بأس به حال التقيّة.
الثالث: الالتفات عن القبلة، وتفصيل ذلك:
أ- إذا التفت عن القبلة عمداً بطلت صلاته سواء كان إلى اليمين أم اليسار أم إلى ما بينهما بحيث يخرج معه عن الاستقبال عرفاً.
ب- إذا التفت عن القبلة إلى اليمين أو اليسار أو الخلف بكلّ البدن سهواً بطلت صلاته أيضاً2.
الرابع: تعمّد الكلام، وفيه تفصيل:
أ - إذا تكلّم بحرفٍ واحد، فإن كان مفهماً (كذكر أوّل حرف من بعض الأسماء، بقصد إفهام الاسم مثلاً) يبطل الصلاة مع التعمّد، وإن تلفّظ به لا بقصد الحكاية والإفهام فهو لا يُبطل الصلاة3.
2- على الأحوط وجوباً.
3- بل الأحوط وجوباً بطلان الصلاة فيما إذا قصد التفهيم بالحرف الواحد حتى وإن لم يكن موضوعاً لمعنى.
136
113
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
ب- إذا تكلّم بحرفين موضوعين لمعنى، فإن كان عمداً بطلت صلاته. وإن كان الحرفان مهملين لم يوضعا لمعنى، وقد استعملهما في معنىً ولو رمزي، فإن كان عمداً بطلت صلاته4. وإن لم يستعمل الحرفين المهملين في معنىً ما، فالأحوط وجوباً بطلان الصلاة مع التعمّد. وإن استعمل الحرفين المهملين فصاعداً بما أدّى إلى محو صورة الصلاة، بطلت الصلاة حتّى مع السهو.
ج- لو تكلّم سهواً (نسي أنّه في الصلاة) فإذا محيت صورة الصلاة بطلت، وإن لم تمح صورة الصلاة فلا تبطل، ولكن يجب سجدتا السهو.
د - الكلام المبطل للصلاة مع تعمّده هو الكلام الآدمي فلا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن.
هـ- لو سلّم شخص على المصلّي بتحيّة الإسلام يجب الردّ في أثناء الصلاة، لكن مع تقديم كلمة "السلام" على كلمة "عليكم"، ولا يجب المماثلة في الردّ أثناء الصلاة، والأحوط استحباباً المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع.
الخامس: القهقهة عمداً أو قهراً، ولا تبطل الصلاة بها سهواً، ولا بأس بالتبسّم ولو عمداً. والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع، والأحوط وجوباً إلحاق الضحك المشتمل على الصوت دون الترجيع بالقهقهة.
السادس: تعمّد البكاء المشتمل على الصوت، لفوات أمر دنيوي، وأمّا مع السهو فلا تبطل الصلاة. ولا بأس بالبكاء على أمر أخرويّ، أو طلب أمر دنيويّ من الله تعالى. ولا يُبطل البكاء إذا كان بدون صوت. والبكاء قهراً بحكم العمد. والأحوط وجوباً عدم البكاء على سيّد الشهداء عليه السلام (أرواحنا فداه) في الصلاة.
4- الأحوط وجوباً البطلان في هذه الصورة.
137
114
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
السابع: كلّ فعل ماحٍ للصلاة، مذهب لصورتها، على وجه يصحّ سلب الاسم عنها. وهذا مبطل عمداً وسهواً.
الثامن: الأكل والشرب، مبطلان على الأحوط وجوباً حتّى ولو لم تُمح صورة الصلاة، في حالتي العمد والسهو. نعم يجوز ابتلاع ذرّات بقيت في الفم، أو بين الأسنان.
التاسع: تعمّد قول "آمين" بعد إتمام الفاتحة، ولا بأس به مع التقيّة، ومع السهو.
العاشر: الشكّ في عدد ركعات الثنائيّة والثلاثيّة من الفرائض، وفي الأوليين من الفرائض، وبعض الصور الأخر، وتفصيله في باب الشكّ.
الحادي عشر: زيادة ركن أو نقصانه عمداً أو سهواً، وزيادة جزء غير ركنيّ ونقصانه عمداً.
أ - لا يجوز قطع الفريضة اختياراً، ومن ذلك حرمة قطعها بحجّة عدم الخشوع.
ب - يجوز قطع الفريضة عند الخوف على نفسه، أو نفس محترمة، أو على عرضه، أو ماله المعتدّ به. ونحو ذلك. بل قد يجب القطع في بعض تلك الأحوال.وأما النافلة فيجوز قطعها مطلقاً ولكن الأحوط استحباباً ترك قطع صلاة النافلة مع الاختيار.
138
115
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
خلاصة الدّرس
- يجب التشهّد في الثنائيّة مرّة بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة. وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين: الأولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية. والثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة.
- التشهّد واجب غير ركن، تبطل الصلاة بتركه عمداً لا سهواً. فإن تركه سهواً، فإن تذكّر قبل الركوع تداركه، وإن تذكّره بعد الركوع تابع صلاته، ويجب على الأحوط قضاؤه بعدها.
-الواجب في التشهّد أن يقول: "أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُحَمّداً عبدُهُ ورسولُهُ، اللهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّدٍ".
- يجب التسليم في نهاية الصلاة. وبه يتحقّق الخروج من الصلاة. التسليم واجب غير ركن، تبطل الصلاة بتركه عمداً لا سهواً.للتسليم صيغتان، يكفي الإتيان بأيٍٍٍّ منهما، وهما: الأولى: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". والثانية: "السلام عليكم".
- يجب الترتيب في أفعال الصلاة.
- الموالاة نوعان: الأوّل: عدم الفصل بين أفعال الصلاة على وجه تنمحي صورة الصلاة، بحيث يصحّ سلب اسم الصلاة عنها. الثاني: الموالاة بمعنى المتابعة العرفيّة.وتجب الموالاة بالمعنى الأوّل، وتبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً.الأحوط وجوب الموالاة بالمعنى الثاني، والأحوط وجوباً بطلان الصلاة بتركها عمداً، ولا تبطل بتركها سهواً.
- مبطلات الصلاة، وهي أحد عشر: الحدث الأصغر والأكبر، عمداً أو سهواً أو قهراً-التكفير- تعمّد الالتفات عن القبلة- تعمّد الكلام- القهقهة عمداً أو قهراً-
139
116
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
تعمّد البكاء المشتمل على الصوت، لفوات أمر دنيوي- كلّ فعل ماحٍ للصلاة، مذهب لصورتها، على وجه يصحّ سلب الاسم عنها. وهذا مبطل عمداً وسهواً- الأكل والشرب، مبطلان على الأحوط وجوباً حتّى ولو لم تُمح صورة الصلاة، في حالتي العمد والسهو- تعمّد قول "آمين" بعد إتمام الفاتحة- الشكّ في عدد ركعات الثنائيّة والثلاثيّة من الفرائض، وفي الأوليين من الفرائض، وبعض الصور الأخر، وتفصيله في باب الشكّ- زيادة ركن أو نقصانه عمداً أو سهواً، وزيادة جزء غير ركنيّ ونقصانه عمداً.
أسئلة
1. أين يجب التشهّد وما هي صيغته وهل تبطل الصلاة بتركه؟
2. أين يجب التسليم وما هي صيغته وهل تبطل الصلاة بتركه؟
3. ما هي صورة الترتيب في الصلاة وما حكم من أخلّ به؟
4. ما هما نوعا الموالاة،وما حكم من أخلّ بهما؟
5. ما هي مبطلات الصلاة؟
للمطالعة
المعاني الباطنة للصلاة
يقول العالم الفيض الكاشاني رحمه الله: اعلم أن المعاني الباطنة الّتي بها يتمّ حياة الصلاة ستّ جمل وهي: حضور القلب والتفهُّم والتعظيم والهيبة والرجاء والحياء.
140
117
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
فالأوّل: حضور القلب، ونعني به أن يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس به ومتكلّم به، فيكون العلم بالفعل مقروناً بهما ولا يكون الفكر جارياً في غيرهما، ومهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه وكان في قلبه ذكر لما هو فيه ولم يكن فيه غفلة عنه فقد حصل حضور القلب.
ثمّ التفهُّم لمعنى الكلام: وهو أمر وراء حضور القلب، فربما يكون القلب حاضراً مع اللفظ ولا يكون حاضراً مع معنى اللفظ، فاشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ هو الّذي أردنا بالتفهُّم، وهذا مقام يتفاوت فيه الناس إذ ليس يشترك الناس في تفهُّم المعاني للقرآن والتسبيجات، وكم من معان لطيفة يفهمها المصلّي في أثناء الصلاة ولم يكن قد خطر بقلبه قبل ذلك، ومن هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء والمنكر فإنّها تُفهم أموراً، تلك الأمور تمنع من الفحشاء والمنكر لا محالة.
ثمّ التعظيم: وهو أمر وراء حضور القلب والفهم، إذ الرجل ربما يخاطب غيره بكلام هو حاضر القلب فيه متفهّم لمعناه ولا يكون معظّماً له.
ثمّ الهيبة: وهي زائدة على التعظيم، إذ هي عبارة عن خوف منشؤه التعظيم لأنّ من لا يخاف لا يُسمّى مهابة، بل الهيبة خوف مصدره الإجلال.
ثمّ الرجاء: فالعبد ينبغي أن يكون راجياً بصلاته ثواب الله كما أنّه خائف بتقصيره عقاب الله.
ثمّ الحياء: ومبدؤه استشعار تقصير وتوهّم ذنب.
ولنذكر أسباب هذه المعاني الستّة:
فاعلم أنّ حضور القلب سببه الهمّة، فإنّ قلبك تابع لهمّك فلا يحضر إلّا فيما يهمّك،
... فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلّا بصرف الهمّة
141
118
الدرس الثاني عشر: أفعال الصلاة (3)
إلى الصلاة، والهمّة لا ينصرف إليها ما لم يتبيّن أنّ الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأنّ الآخرة خير وأبقى وأنّ الصلاة وسيلة إليه، فإذا أُضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهانتها حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة.
وأمّا التفهُّم فسببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وحرف الذهن إلى إدراك المعنى, وعلاجه... التشمّر لرفع الخواطر الشاغلة، وعلاج دفع الخواطر الشاغلة قطع موادّها أعني النزوع عن تلك الأسباب... فمن أحبّ شيئاً أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بالضرورة، ولذلك ترى من أحبّ غير الله لا تصفو صلاته عن الخواطر.
وأمّا التعظيم فهي حالة للقلب تتولّد بين معرفتين، إحداهما: معرفة جلالة الله وعظمته...
الثانية: معرفة حقارة النفس وخسّتها وكونها عبداً ومسخّراً...
وأمّا الهيبة والخوف فحالة للنفس يتولّد من المعرفة بقدرة الله وسطوته ونفوذ مشيئته فيه مع قلّة المبالاة به وأنّه لو أهلك الأوّلين والآخرين، لم تنقص من ملكه ذرّة، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأولياء من المصائب وأنواع البلاء مع قدرة الله على الدفع.
وبالجملة كلّما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة.
وأمّا الرجاء فسببه معرفة لطف الله وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنّة بالصلاة...
وأمّا الحياء، فباستشعار التقصير في العبادة. وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حقّ الله، ويقوى ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفّاتها وقلّة إخلاصها...والعلم بأنّه مطّلع على السريرة وخطرات القلب، وإن دقّت وخفيت...
142
119
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى الآداب المعنوية (للقراءة والركوع والقنوت)
143
120
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
مراتب القراءة
للقراءة مراتب نذكر اثنتين منها:
المرتبة الأولى: أن لا يشتغل القارئ إلّا بتجويد القراءة وتحسين العبارة، ويكون همّه التلفّظ بهذه الكلمات فقط وتصحيح مخارج الحروف، دون التفكّر بمعنى الكلمات وروحها، فهمّه أن يسقط الأمر بالصلاة، فالصلاة عليه كلفة ومشقّة، وقلبه ضجر.
فلسانه مشغول بذكر الله وقلبه غافل، فلا حظّ له من حقيقة العبادة وإفاضاتها وفوائدها، فما صلاته إلّا لقلقة لسان وليس هناك حركة للجنان.
المرتبة الثانية: هم الذين لا يقتنعون بهذا الحدّ بل يرون الصلاة وسيلة لتذكّر الله تعالى ويعدّون القراءة تحميداً وثناءً على الحقّ جلّا وعلا، ولهذه المرتبة مراتب أُخر.
ولعلّه أشير إلى هذه الطائفة (المرتبة) في الحديث القدسي "قسّمت الفاتحة بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي فإذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله: ذكرني عبدي وإذا قال: الحمد لله يقول: حمدني عبدي وأثنى عليّ وهو معنى سمع الله لمن حمده، وإذا قال: الرحمن الرحيم يقول الله: عظّمني عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدِّين يقول الله: مجّدني عبدي، وفي رواية فوّض
145
121
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
إليّ عبدي، وإذا قال: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين يقول الله: هذا بيني وبين عبدي، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم يقول الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"1.
آداب العبودية في القراءة
الحقّ تعالى أقام آداب العبودية في القراءة على أربعة أركان:
الركن الأول: التذكُّر: ولا بدّ أن يحصل في بسم الله الرحمن الرحيم، ويساعد على التذكُّر نظر الإنسان إلى الدنيا بأنّها فانية، وتعويد القلب أن يكون طالباً للحقّ ومحبّاً له، بالخلوة مع الحقّ والتفكُّر في الشؤون الإلهية.
وللتذكُّر اهتمام كبير في الإسلام، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾2.
وقال الله تعالى لموسى: "يا موسى أنا جليس من ذكرني".
وعن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله: "من أكثر ذكر الله أحبّه الله".
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال الله عزّ وجلّ: "يا بن آدم اذكرني في نفسك أذكرك في نفسي، يا بن آدم اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء، يا بن آدم اذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملئك".
وقال عليه السلام: "ما من عبد ذكر الله في ملأ من الناس إلّا ذكره الله في ملأ من الملائكة".
الركن الثاني: التحميد وهو في قول المصلّي الحمد الله ربّ العالمين، وهو أن يعترف قلبه أنّ جميع المحامد من مختصّات الباري تعالى وليست لسائر الموجودات فيها شركة لأنّه ليس كمالها من عند أنفسها حتّى يقع الحمد والثناء لها.
الركن الثالث: التعظيم، وهو يحصل في الرحمن الرحيم: فإنّ العبد عندما
1- انظر: مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج4، ص228.
2- سورة البقرة، الآية: 152.
146
122
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
حصر المحمدة بالله تعالى وسلب الكمال عن غيره - في الركن الثاني -، يأتي في هذا الركن ليعترف لله بأنّه هو الرحمن الّذي بسط الوجود، وهو الرحيم الّذي بسط كمال الوجود.
الركن الرابع: الّذي هو مقام التقديس الّذي هو حقيقة التمجيد، وبعبارة أخرى تفويض الأمر لله، وهو يحصل في إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، وهي تعني حصر العبادة ثمّ حصر الاستعانة بالله تعالى فقط لا غيره.
آداب التكبير قبل الركوع
عندما يُكبّر العابد قبل الركوع، فليستحضر عظمة الله تعالى وجلاله وعزّته وسلطانه، ويجعل ضعف العبودية وعجزها وفقرها وذلّها نصب عينيه.
وليكبّر الله عن التوصيف، وليكن توصيف العبد لله وتسبيحه وتقديسه إطاعة لأمره تعالى، ولإذنه بذلك، وإلّا فأنّى للعبد الضعيف أن يعرف حقيقة عظمة الخالق وجبروته.
وليكن حاله كما قال الإمام زين العابدين عليه السلام: "أفبلساني هذا الكال أشكرك" فماذا يتأتّى للبعوضة أن تفعل في مكان يعجز العقاب عن الطيران!
فإذا أراد العابد الدخول في الركوع فليلقِ بيده توصيفه وتعظيمه وعبادته وراء ظهره، فهو عاجز عن تعظيم الله وعبادته وتوصيفه كما ينبغي، فليرفع يديه إلى حذاء الأذن ويقلّب كفّيه الخاليتين حذاء القبلة ويرد الركوع صفر اليدين وخالي الكفّين وبقلب مملوء بالخوف والرجاء.
خوف التقصير والقصور عن القيام بمقام العبودية، والرجاء بالله تعالى حيث أذن له وشرّفه بالعبادة والركوع له.
أنّى لنا أن نستشعر عظمة الله ولو استشعرناها معشار ما عليها لصعقنا،
147
123
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
يروى في صلاة المعراج لرسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه خاطبه العظيم جلّ وعلا: "فانظر إلى عرشي" قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله: "فنظرت إلى عظمة ذهبت لها نفسي وغشي عليّ فأُلهمت أن قلت سبحان ربّي العظيم وبحمده لعظم ما رأيت، فلمّا قلت ذلك تجلّى الغشي عنّي حتّى قلتها سبعاً فرجعت إليّ نفسي كما كانت".
آداب الركوع
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا يركع عبد لله ركوعاً على الحقيقة إلّا زيّنه بنور بهائه وأظلّه في ظلال كبريائه وكساه كسوة أصفيائه، والركوع أوّل والسجود ثان فمن أتى بمعنى الأوّل صلح الثاني، وفي الركوع أدب وفي السجود قرب ومن لا يُحسن الأدب لا يصلح للقرب، فاركع ركوع خاضع لله بقلبه متذلّل وجل تحت سلطانه خافض له جوارحه خفض خائف حزن على ما يفوته من فائدة الراكعين...واستوف ركوعك باستواء ظهرك وانحط عن همّتك في القيام بخدمته إلّا بعونه... فإنّ الله تعالى يرفع عباده بقدر تواضعهم له ويهديهم إلى أصول التواضع والخضوع بقدر اطلاع عظمته على سرائرهم"3.
واعلم أنّ الركوع مشتمل على تسبيح الربّ جلّ وعلا (سبحان ربّي) وتعظيمه (العظيم) وتحميده (وبحمده)، فالتسبيح تنزيه عن التوصيف وتقديس عن التعريف والمعرفة، والتعظيم يعني أنّه لا شبيه له تعالى، والتحميد يعني حمده على آلائه ومواهبه ونعمه الّتي أفاضها وهو مطّلع وعالم بها حيث أنعم بها.
الآداب القلبية للقنوت
رغم أنّ الصلاة جميعها إظهار للعبودية وثناء على الله فإنّ الذّات المقدّسة للحقّ جلّ وعلا فتح باب المناجاة والدعاء للعبد بالخصوص في حال القنوت،
3- مصباح الشريعة، باب 40، في الركوع، ص89.
148
124
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
وشرّفه بهذا التشريف.
فالأفضل في أدب العبودية أن يُراعي الأدب مع الباري تعالى، فيراقب أدعيته لتكون مشتملة على تسبيح الحقّ تعالى وتنزيهه، وتتضمّن ذكر الحقّ وتذكّره، ويكون ما يسأله من الحقّ تعالى أموراً ومعارف إلهية، ويحترز عن سؤال الدنيا والأمور الخسيسة الحيوانية والشهوات النفسانية.
إنّ القنوت هو قطع اليد عن غير الحقّ والإقبال التام على عزّ الربوبية ومدّ يد السؤال خالية الكفّ إلى الغني المطلق، فالطلب من الله في هذه الحال لا ينبغي أن يكون طلباً دنيوياً، بل الأحرى طلب معالي الأمور.
ومن الأدعية الشريفة الّتي لها فضل عظيم، وهو مشتمل على أدب مناجاة العبد للحقّ تعالى، ومشتمل على تعداد العطايا الكاملة الإلهية، الّذي يناسب حال القنوت، دعاء: "يا من أظهر الجميل،وستر القبيح...".
ومن الأدعية المناسبة في حال القنوت اقتباسات من المناجاة الشعبانية لإمام المتقين عليّ عليه السلام وخصوصاً قوله: "إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك...".
149
125
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
خلاصة الدرس
- للقراءة مراتب منها:1- الاهتمام بنطق الألفاظ بشكل صحيح.2- الاعتقاد بأنّ القراءة ليست فقط ألفاظاً إنّما هي فوق ذلك تذكُّراً لله وتحميداً وثناء عليه.
- آداب العبودية في القراءة على أركان:1- التذكُّر. 2- التحميد. 3- التعظيم. 4- التقديس.
- من آداب التكبير قبل الركوع:استحضار عظمة الله بحسبه، لأنّ عظمة الله لا تُدرك بعقولنا وحواسنا القاصرة.
- من آداب الركوع: ما ذكره الإمام الصادق عليه السلام ، وممّا ذكره: "فاركع ركوع خاضع لله بقلبه متذلّل وجل تحت سلطانه... فإنّ الله تعالى يرفع عباده بقدر تواضعهم له...".
- القنوت يعني قطع اليد عن غير الله والإقبال التام عليه.
أسئلة
1. ما هي مراتب القراءة؟
2. ما الّذي يساعد على التذكُّر؟
3. ما معنى رفع اليدين قبل الركوع؟
4. ما معنى التسبيح في الركوع؟
5. اذكر آداب القنوت باختصار.
150
126
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
للمطالعة
حقيقة الخشوع
إن حقيقة الخشوع عبارة عن حالة قلبية تحصل للقلب من إدراك الجلال والجمال، وبمقدار ما يدرك القلب منهما تزول عنه الإنّيّة والأنانية فيخضع ويسلّم لصاحب الجلال والجمال.. وبهذه العناية نسب الخشوع إلى الأرض والجبال، فإنّ الأرض مسلّمة للعوامل الطبيعية وليس لها إرادة في إنبات النبات، بل هي تسليم محض، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ﴾4. وهكذا الجبل بالنسبة إلى نزول القرآن فإنّ أنيّة الجبل تندكّ ولا يمكنه المقاومة، قال تعالى: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾5.
وبما أنّ صلواتنا ليست مشفوعة بالخشوع فإنّ ذلك ناجم إمّا عن نقص الإيمان، أو فقدانه. وإنّ الاعتقاد والعلم مغايران للإيمان، فالعلم بالله وأسمائه وصفاته وسائر المعارف الإلهية الّذي يوجد فينا، مغاير للإيمان وليس بإيمان.
والدليل على ذلك أنّ الشيطان كما يشهد له الذّات المقدّسة الحقّ عالم بالمبدأ والمعاد ومع ذلك فهو كافر، لأنّه يقول:"خلقتني من نار وخلقته من طين" فهو إذاّ يعترف بالحقّ تعالى وخالقيّته، ويقول أيضاً:﴿أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ فيعتقد بالمعاد وهو كذلك عالم بالكتب والرسل والملائكة، ومع ذلك كلّه خاطبه الله سبحانه بلفظ الكافر، وأخرجه من زمرة المؤمنين.
فإذاً يمتاز أهل العلم من أهل الإيمان، وليس كلّ من هو من أهل العلم أهلاً
4- سورة فصلت،الآية: 39.
5- سورةالحشر،الآية: 21.
151
127
الدرس الثالث عشر: آداب القراءة في الصلاة
للإيمان، فيلزم للسالك أن يدخل نفسه في سلك المؤمنين بعد سلوكه العلمي، ويوصل إلى قلبه عظمة الحقّ وجلاله وبهاءه، وجماله جلّت عظمته كي يخشع قلبه، وإلّا فمجرّد العلم لا يوجب خشوعاً كما ترونه في أنفسكم فإنّكم مع كونكم معتقدين بالمبدأ والمعاد، ومع اعتقادكم بعظمة الله وجلاله ليست قلوبكم خاشعة.6
6- الآداب المعنوية للصلاة،الإمام الخميني،ص8-9.
152
128
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى الآداب المعنوية للسجود والتشهُّد والسلام
153
129
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
حقيقة السجود
يُروى عن الإمام الصادق عليه السلام: "ما خسر والله من أتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرّة واحدة وما أفلح من خلا بربّه في مثل ذلك الحال تشبيهاً بمخادع نفسه غافلاً لاهياً عمّا أعدّه الله للساجدين من أُنس العاجل وراحة الآجل. ولا بَعُد عن الله أبداً من أحسن تقرّبه في السجود ولا قَرُب إليه أبداً من أساء أدبه وضيّع حرمته بتعلّق قلبه بسواه في حال سجوده. فاسجد سجود متواضع لله تعالى ذليل عَلِم أنّه خُلق من تراب يطؤه الخلق وأنّه اتخذك من نطفة يستقذرها كلّ أحد... وقد جعل الله معنى السجود سبب التقرّب إليه بالقلب والسرّ والروح فمن قرب منه بعد من غيره، ألا ترى في الظاهر أنّه لا يستوي حال السجدة إلّا بالتواري عن جميع الأشياء والاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون، كذلك أمر الباطن فمن كان قلبه متعلّقاً في صلاته بشيء دون الله تعالى فهو قريب من ذلك الشيء بعيد عن حقيقة ما أراد الله منه في صلاته، قال عزّ وجلّ: ﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾1. وعن رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله: "قال الله تعالى: لا اطّلع على قلب عبد فاعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي وابتغاء مرضاتي إلّا تولّيت تقويمه وسياسته ومن اشتغل بغيري فهو من المستهزئين بنفسه ومكتوب اسمه في ديوان الخاسرين"2.
1- سورة الأحزاب، الآية: 4.
2- مصباح الشريعة، باب 41، في السجود، ص 91.
155
130
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
سرّ السجود
ترك النفس وغمض العين عمّا سوى الحقّ تعالى، وفي وضع الرأس على التراب إشارة إلى أنّ عظمة الله لا تُرى وجماله لا يُرى إلّا إذا عرف الإنسان قدر فقره وذلّته فتواضع لله، فبذلك يرى عزّ الربوبية وجمالها وجلالها... وأدب وضع الرأس على التراب إسقاط أعلى مقامات نفسه عن عينه ورؤيتها أقلّ من التراب.
فالسجود تذكير للإنسان بأصله وهو التراب، وبتذكُّره لأصله يأمل منه أن يترك الاستكبار والعجب.
ووضع رؤساء الأعضاء الظاهرة (الرأس بما يحويه -اليدان- الرجلان) - على أرض الذلّة والمسكنة - وتلك الأعضاء هي محال الإدراك، وظهور التحريك والقدرة - علامة التسليم التام وتقديم جميع القوى، فإذا قوي تذكُّر هذه المعاني في القلب فينفعل القلب بها تدريجيّاً فتحصل حالة هي حالة الفرار من النفس وترك رؤية النفس، ونتيجة هذه الحال حصول حالة الأنس بالله تعالى وعبادته.
آداب التشهّد
الصلاة تبتدأ بالشهادة وتنتهي بالشهادة، فهي تعني أوّليّة الحقّ جلّ وعلا وآخريّته ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ﴾، وفيها سرّ عظيم وهو أنّ سفر السالك من الله وإلى الله كما بدأكم تعودون.
والتشهّد في آخر الصلاة يعني تذكُّر العبد السالك أنّ حقيقة الصلاة حصول التوحيد الحقيقي.
وفي الشهادة بالرسالة لعلّها إشارة إلى أنّ مساعدة النبيّ الخاتم في السلوك إلى الله تعالى لا بدّ منها ليتوفّق الإنسان للوصول إلى الله تعالى.
وهنا نذكر ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام في آداب التشهّد: "التشهّد
156
131
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
ثناء على الله فكن عبداً له في السرّ خاضعاً له في الفعل كما أنّك عبد له بالقول والدعوى وصل صدق لسانك بصفاء سرّك فإنّه خلقك عبداً وأمرك أن تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك وأن تحقّق عبوديّتك له بربوبيّته لك وتعلم أن نواصي الخلق بيده فليس لهم نفس ولا لحظ إلّا بقدرته ومشيئته وهم عاجزون عن إتيان أقلّ شيء في مملكته إلّا بإذنه وإرادته، قال عزّ وجلّ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾3. فكن عبداً شاكراً بالفعل كما إنّك عبد ذاكر بالقول والدعوى وصل صدق لسانك بصفاء سرّك فإنّه خلقك فعزّ وجلّ أن تكون إرادة ومشيئة لأحد إلّا بسابق إرادته ومشيئته فاستعمل العبودية في الرضا بحكمه وبالعبادة في أداء أوامره، وقد أمرك بالصلاة على نبيّه رسول الله صلى الله عليه وآله فأوصل صلاته بصلاته وطاعته بطاعته وشهادته بشهادته، وانظر لا يفوتك بركات معرفة حرمته فتحرم فائدة صلاته وأمره بالاستغفار لك والشفاعة فيك إن أتيت بالواجب في الأمر والنهي والسنن والآداب وتعلم جليل مرتبته عند الله عزّ وجلّ"4.
آداب السلام
وهنا نذكر ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام في آداب السلام: "معنى السلام في دبر كلّ صلاة الأمان أي من أدّى أمر الله وسنّة نبيه رسول الله صلى الله عليه وآله خاشعاً منه قلبه فله الأمان من بلاء الدنيا وبراءة من عذاب الآخرة. والسلام اسم من أسماء الله تعالى أودعه خلقه ليستعملوا معناه في المعاملات والأمانات... وتصديق مصاحبتهم فيما بينهم وصحة معاشرتهم، وإذا أردت أن تضع السلام موضعه وتؤدّي معناه فلتتق الله وليسلم منك دينك وقلبك وعقلك ولا تدنّسها بظلمة المعاصي ولتسلم
3- سورة القصص، الآية: 68.
4- مصباح الشريعة، باب 41، في التشهد، ص93.
157
132
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
حفظتك من ألّا تبرمهم ولا تملّهم وتوحشهم منك بسوء معاملتك معهم ثمّ صديقك ثمّ عدوك فإن من لم يسلم منه من هو الأقرب إليه فالأبعد أولى، ومن لا يضع السلام مواضعه هذه فلا سلام ولا تسليم وكان كاذباً في سلامه وإن أفشاه في الخلق"5.
واعلم أنّ الأدب القلبي للسلام مرتبط بالأدب في جميع الصلاة وإذا لم يحصل له في هذه الصلاة قرب من الله وعروج ولم يخرج من هوى نفسه فلا سلام له، وأيضاً إذا لم يخلص من تصرّفات الشيطان وتصرّفات النفس الأمارة فلا سلام له.
التعقيب
وهو من المستحبات المؤكّدة، والتعقيبات الواردة كثيرة، منها التكبيرات الثلاث الاختتامية.
ورفع اليد في التكبيرات هذه لعلّه إشارة إلى طرد صلاته وعباداته لئلّا يتطرّق العجب ورؤية النفس إلى قلبه.
ومن التعقيبات الشريفة، التسبيحات للصديقة الطاهرة سلام الله عليها الّتي علّمها رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله لتلك المعظّمة وهي أفضل التعقيبات.
وفي الحديث: "إنّه لو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله فاطمة عليها السلام ".
والمعروف في ترتيبها التكبير أربعاً وثلاثين مرّة والتحميد ثلاثاً وثلاثين مرّة والتسبيح ثلاثاً وثلاثين مرّة.
والتعقيبات المروية كثيرة مذكورة في كتب الأدعية فلينتخب كلّ إنسان ما يناسب حاله.
5- مصباح الشريعة، باب 43، في السلام، ص95.
158
133
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
خلاصة الدرس
- سرّ السجود عند أصحاب العرفان: ترك النفس وغمض العين عمّا سوى الله. وفي وضع الرأس على التراب معرفة مبدأ الإنسان الترابي وبذلك ينبغي أن يستشعر الإنسان فقره وذلّته أمام الله العظيم.
- من آداب التشهُّد: في الابتداء بالشهادة في بداية الصلاة والانتهاء بها في آخرها سرّ عظيم وهو: سفر الإنسان السالك من الله وإلى الله: "كما بدأكم تعودون".
- والشهادة بالرسالة إشارة إلى أنّه لا بدّ من مساعدة الرسول رسول الله صلى الله عليه وآله للسلوك إلى الله تعالى.
- السلام مرتبط بالأدب في جميع الصلاة، فمن لم يحقّق غاية الصلاة فلا سلام له.
- التعقيب مستحبّ ولا ينبغي إهماله، ومن التعقيبات تسبيح الزهراء عليها السلام ، ورفع اليد في التكبيرات الاختتامية - الّتي هي من التعقيبات إشارة إلى أنّ الإنسان عليه أن لا يعجب بما أتى من صلاة.
أسئلة
1. ما هو سرّ السجود؟ وما هو سرّ وضع الرأس على التراب؟
2. اذكر آداب التشهُّد؟
3. بماذا يرتبط السلام؟
4. هل التعقيب منحصر في عمل واحد؟ وهل هو واجب؟
159
134
الدرس الرابع عشر: سرّ السجود وآدابه
للمطالعة
أيُها الشباب لا إفراط ولا تفريط
...فإنه إذا لم يعامل الشباب أنفسهم بالرفق والمداراة ولم يؤدّوا الحظوظ الطبيعية إلى أنفسهم بمقدار حاجتها من الطرق المحلّلة يوشك أن يوقعوا في خطر عظيم لا يتيسّر لهم جبره، وهو أنّ النفس ربما تصير بسبب الضغط عليها وكفّها عن مشتهياتها بأكثر من العادة مطلقة للعنان في شهواتها ويخرج زمام الاختيار من يد صاحبها، واقتضاءات الطبيعة إذا تراكمت ونار الشهوة الحارّة إذا وقعت تحت ضغط الرياضة خارجة عن الحدّ لاشتعلت لا محالة وأحرقت جميع المملكة، وإذا صار سالك مطلق العنان أو زاهد بلا اختيار فإنّه يقع في مهلكة لا يرى وجه النجاة أبداً ولا يعود إلى طريق السعادة والفلاح وقتاً ما، فعلى السالك أن يتملّك نفسه في أيّام سلوكه كطبيب حاذق ويعاملها على حسب اقتضاءات الأحوال وأيّام السلوك ولا يمنع نفسه الطبيعة في أيّام اشتعال نار الشهوة وغرور الشباب من حظوظها بالكلّية. وعليه أن يخمد نار الشهوة بالطرق المشروعة فإنّ في إطفاء الشهوة بطريق الأمر الإلهي إعانة كاملة على سلوك طريق الحقّ فلينكح وليتزوّج فإنّه من السنن الكبيرة الإلهية ومضافاً إلى أنّه مبدأ البقاء للنوع الإنساني فإنّ له دوراً واسعاً أيضاً في سلوك طريق الآخرة. ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله " من تزوّج فقد أحرز نصف دينه " وفي حديث آخر: " من أحبّ أن يلقى الله مطهَّراً فليلقه بزوجة "...6
6- الآداب المعنوية للصلاة،الإمام الخميني،ص23.
160
135
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى الموانع المعنوية للصلاة
161
136
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
كما أنّ هناك آداباً للصلاة، يوجد أيضاً موانع معنوية للصلاة من قبيل الرياء والعجب وأمثالها، وسنذكر في هذا الدرس الرياء والعجب فيما يخصّ العبادة، حيث إنّهما قد يشملان غير العبادة، ونبدأ بالرياء.
الرياء
الرياء في العبادات: أن يأتي بالأعمال والعبادات الشرعية بهدف مراءاة الناس وجلب القلوب، سواء أن يأتي بالعمل نفسه بقصد الرياء أو بكيفيته، أو شرطه أو جزئه بقصد الرياء على الشكل المذكور في الكتب الفقهية.
دقّة أمر الرياء
كثيراً ما يتّفق أن يكون الشخص المرائي نفسه غافلاً عن كون الرياء قد تسرّب إلى أعماله، وهو يحسب نفسه مخلصاً، وهنا أمثلة على دقّة الرياء:
1- في صلاة الجماعة، وهي إحدى العبادات العظيمة في الإسلام، وفضل إمامتها أعظم، فمن الممكن أن يدخل الرياء إلى إمام الجماعة للحصول على المنزلة في قلوب الناس، مثلاً: يرى إمام الجماعة أنّ أحد المشهورين بالتقوى قد حضر إلى صلاة جماعته، ولأجل جذب قلبه، يُكثر من خضوعه وخشوعه، ويحاول إفهام الناس أنّ هذا التقي يأتمّ به ليحترموه أكثر، ثم هو
163
137
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
أيضاً يقابله بالودّ والحبّ في قلبه لأجل حضوره في صلاة جماعته.
2- أيضاً في صلاة الجماعة، حيث إنّ الشيطان لا يكتفي بإمام الجماعة بل يدخل إلى صفوف المصلّين المؤمنين، فحيث إنّ فضيلة الصفّ الأوّل أعظم من سائر الصفوف، وأنّ جانب يمين الإمام أكثر فضلاً من جانب يساره، يأتي المصلّي إلى الصفّ الأوّل ويمين الإمام ليتباهى على الناس بهذه الفضيلة.
وأحياناً قد يُرى رجل محترم خصوصاً إن كان من أهل الفضل والعلم في الصفّ الأخير، وكأنّه يريد أن يقول للحاضرين: إنّي بمقامي هذا قد أعرضت عن الدنيا وليس لدي هوى في النفس، فقد جئت وجلست في الصفّ الأخير.
3- ولا يكتفي الشيطان بالإمام والمأموم، بل يأخذ بزمام بعض المصلّين المنفردين عن الجماعة، في زاوية المسجد، حيث يفرش سجّادته منفرداً، ويصلّي في حضور الناس ويطيل السجود والركوع والأذكار الطويلة، هذا الإنسان وكأنّه يريد أن يقول للناس: "إنّني متديّن ومحتاط إلى الدرجة الّتي أترك معها صلاة الجماعة لئلّا أُبتلى بإمام غير عادل".
4- مثال آخر: بعض الناس يتحدّثون عن صلاة الليل أو يكثرون السؤال عن مسائل صلاة الليل، فهنا هل هذا يريد أن يتفهّم أحكام صلاة الليل أو تعلّمها قربة إلى الله، أو يريد أن يوحي إلى الناس بأنّه من أهل صلاة الليل؟
5- أو مثلاً البعض يعطي الصدقة في الخفاء، ولكن يحاول جهده أن يُظهر للناس أنّه تصدّق خفاء, ليرى الناس فضيلته مضاعفة، أي الصدقة وفي الخفاء.
علامات الرياء
عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: "ثلاث علامات للمرائي ينشط إذا رأى الناس ويكسل إذا كان وحده، ويحبّ أن يُحمد في جميع أموره"1.
1- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء، ح8.
164
138
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
الإنسان المرائي من علاماته أنّه يشاهد في نفسه عزوفاً عن الطاعات عندما يكون وحده، وإذا تعبّد فمع كلفة أو من منطلق العادة من دون إقبال وتوجّه وخشوع، ولكن عندما يحضر في المساجد وفي المحافل العامّة يؤدّي تلك العبادة في الظاهر بنشاط وسرور وخشوع ويميل إلى إطالة السجود والركوع، ويؤدّي المستحبّات أداءً حسناً مع توفير كافّة أجزائها وشروطها.
إنّ الإتيان بالمستحبّات في الخلوات مستحبّ، فلماذا ترغب النفس دائماً في أن تؤدّيها في العلن؟ إنّه يبكي من خوف الله في المحافل العامّة ولكنّه في الخلوات لا تندى له عين، تسمع له في ليالي القدر وفي جموع الناس الحسرات والنحيب والبكاء، يصلّي مائة ركعة ويقرأ دعاء الجوشن الكبير والصغير وعدّة أجزاء من القرآن العظيم دون أن يتعب.
ثمّ تراه يرغب في أن يمدحه الناس على كلّ عمل عمله، فتجد أذنه متوجّهة إلى ألسن الناس وقلبه عندهم، لكي يسمع من يمدحه، بقوله: ما أشدّ تديّن والتزام هذا الإنسان، إلى آخر لائحة المديح.
علاج الرياء
إنّ للرياء علاجاً علميّاً وهو بأن تعلم بأنّ الله تعالى هو مالك القلوب والمتصرّف فيها، فرياؤك إذا كان لأجل جذب قلوب العباد، ولفت نظرهم فإنّ ذلك خارج عن تصرّفك، وهو تحت تصرّف الله، وقد رأينا وسمعنا أنّ أشخاصاً متملّقين قد افتضحوا في نهاية الأمر.
في الحديث عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: في قول الله عزّ وجلّ: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾2.
2- سورة الكهف، الآية: 110.
165
139
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
قال عليه السلام: "الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله، إنّما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الّذي أشرك بعبادة ربّه". ثمّ قال: "ما من عبد أسرّ خيراً فذهبت الأيّام أبداً حتّى يُظهر الله له خيراً، وما من عبد أسرّ شرّاً فذهبت الأيّام أبداً حتّى يُظهر الله له شرّاً"3.
ثمّ تعلم أنّه لا فائدة تجنيها من حبّ الناس الضعاف لك، وهم لا يملكون شيئاً من دون الله تعالى، وحتّى لو كانت له فائدة، فإنّما هي فائدة تافهة ولأيّام معدودات، ومن الممكن أن يجعل هذا الحبّ عاقبة عمل الإنسان إلى الرياء، وأن يجعل الإنسان مشركاً ومنافقاً وكافراً، وأنّه إذا لم يفتضح في هذا العالم، فسيفتضح هناك في العالم الآخر يوم يقول الكافر:﴿يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا﴾4.
وهنا ننهي كلامنا عن الرياء في العبادة بهذا الحديث الشريف عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "كلّ رياء شرك، إنّه من عمل للنّاس ؛ كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله؛ كان ثوابه على الله"5.
العجب
وهو عبارة عن "تعظيم العمل الصالح واستكثاره والسرور والابتهاج به والتغنّج والدلال بواسطته، واعتبار الإنسان نفسه غير مقصّر".
وأمّا السرور بالعمل مع التواضع والخضوع لله تعالى وشكره على هذا التوفيق وطلب المزيد منه، فإنّه ليس بعجب وهو أمر ممدوح.
3- أصول الكافي، المجلد الثاني، باب الرياء، ح4.
4- سورة النبأ، الآية: 40.
5- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب الرياء، ح3.
166
140
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
مراتب العجب ومفاسده
وللعجب مراتب:
المرتبة الأولى: المنّة على الله وعلى الناس بسبب أعماله الصالحة وعباداته.
المرتبة الثانية: التدلّل على الله، بحيث يرى نفسه محبوباً لله وأنّه في سلك المقرّبين.
المرتبة الثالثة: يرى نفسه دائناً لله، وأنّه بأفعاله الحسنة وعباداته مستحقّاً للثواب.
المرتبة الرابعة: يرى أنه هو أفضل من سائر الناس إيماناً وعملاً وإخلاصاً.
أمّا مفاسد العجب فكثيرة منها: استصغار المعاصي، واعتماد المعجب على نفسه في أعماله، ولا يلاحظ فضل الله تعالى عليه، وينظر إلى الناس باحتقار، فيتكبّر عليهم.
أساس العجب
إنّ رذيلة العجب تنشأ من حبّ النفس، لأنّ الإنسان مفطور على حبّ الذّات، فيكون أساس جميع الأخطاء والمعاصي والرذائل الأخلاقية، حبّ النفس. ولهذا فإنّ الإنسان يرى أعماله الصغيرة كبيرة، وبذلك يرى نفسه من الصالحين بل من خاصّة الله ويرى نفسه مستحقّاً للمدح والثناء.
وهنا ننهي كلامنا عن العجب بأحاديث من هداة الدرب عليهم السلام.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "من دخله العجب هلك"6.
وعنه عليه السلام: "لا وحدة أوحش من العجب"7.
6- وسائل الشيعة، المجلد الأول، الباب 3 من أبواب مقدمة العبادات، ح18.
7- أصول الكافي، المجلد الثاني، كتاب الإيمان والكفر، باب العجب، ح8.
167
141
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّ الشيطان يقول: إذا ظفرت بابن آدم في ثلاث فلا يهمّني عمله بعد ذلك، لأنّه لن يُقبل منه, إذا استكثر عمله، ونسي ذنبه، وتسرّب إليه العجب"8.
خلاصة الدرس
- من الموانع المعنوية للصلاة الرياء والعجب، والرياء: أن يأتي بالأعمال والعبادات الشرعية بهدف مراءاة الناس وجلب قلوبهم...
وأمر الرياء دقيق خفيّ ينبغي الانتباه لعدم الوقوع فيه، وأعطينا أمثلة على ذلك.
- من علامات الرياء، أنّ المرائي يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويحبّ أن يُمدح.
- العلاج العلمي للرياء أن تعرف قيمة الناس الحقيقية وأنّه لا يضرّك بغضهم ولا يفيدك حبّهم، ثمّ اعلم أنّ الله هو مقلّب القلوب وهو مالكها، فربّ إنسان تريد أن يُحبّك ولكنّك عبثاً تفعل فهو يظلّ على بغضه لك.
- العجب: تعظيم العمل الصالح واستكثاره، وله مراتب...
- أساس العجب حبّ النفس.
8- خصال الصدوق، باب الثلاثة، ح86.
168
142
الدرس الخامس عشر: الموانع المعنوية للصلاة
أسئلة
1. ما هي الموانع المعنوية للصلاة؟ وعرّفها؟
2. ما هي علامات المرائي؟
3. كيف تُعالج الرياء علميّاً؟
4. ما هو أساس العجب؟
للمطالعة
إلهنا نحن العبيد الضعفاء
ينهي الإمام الخميني قدس سره كتابه الآداب المعنوية بهذا الدعاء:
إلهنا أنت الّذي ألبستنا نحن العبيد الضعفاء لباس الوجود بالتفضّل والعناية ومحض الرحمة والكرامة من دون أن تسبقنا خدمة وطاعة أو تحتاج إلى عبودية وعبادة.
وشرّفتنا بأنواع النعم الروحانية والجسمانية وأصناف الرحمات الباطنية والظاهرية من دون أن يتطّرق من عدمنا خلل في قدرتك وقوّتك أو أن يزيد وجودنا شيئاً على عظمتك... وأغرقتنا في بحار رحمتك ونوّرتنا بأنوار الجمال، فاجبر أيضاً نقائصنا وخطيئاتنا وذنوبنا وتقصيراتنا بنور التوفيق الباطني، والمساعدة والهداية السّرية، واخلص قلوبنا الّتي هي كلّها تعلّق من التعلّقات الدنيوية وزيّنها بالتعلّق بعزّ القدس.
... إلهي إن كنت غير مستأهل لرحمتك فأنت أهل أن تجود عليّ بفضل سعتك.
إلهي قد سترت عليّ ذنوباً في الدنيا وأنا أحوج إلى سترها عليّ منك في الآخرة...
إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتّى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة9.
9- الآداب المعنوية للصلاة، الإمام الخميني، ص 441.
169
143
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى شرائط صلاة الجماعة
• أن يُدرك أحكامها
171
144
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
صلاة الجماعة من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض، خصوصاً اليوميّة، وتتأكّد في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم. ولا تشرع في شيء من النوافل عدا صلاة الاستسقاء. والأحوط وجوباً1 عند الإتيان بالعيدين جماعة أن تكون النيّة رجاءً.
1 - شرائط الجماعة
الأوّل: اتّحاد صلاة الإمام والمأموم في عنوان اليوميّة، ولا يشترط الاتّحاد في نفس اليوميّة، فيصحّ ائتمام مصلّي اليوميّة بمصلّيها وإن اختلفتا في القصر والتمام، والأداء والقضاء، والجهر والإخفات. ولا يجوز اقتداء مصلّي اليوميّة بمصلّي العيدين، والآيات، والأموات، والاحتياط، والطواف وبالعكس, بل مشروعية الجماعة في صلاة الاحتياط وصلاة الطواف محلّ إشكال.
الثاني: أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان، أحدهما الإمام، سواء أكان المأموم رجلاً أو امرأة.
الثالث: نيّة المأموم للاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد، ولا يعتبر نيّة الإمام الإمامة، نعم، يتوقّف حصول الثواب في حقّ الإمام على نيّة الجماعة.
1- الأحوط وجوباً لغير أئمة الجمعة والجماعة المنصوبين الإتيان بصلاة العيد فرادى، نعم لا بأس بالإتيان بها جماعة بنية الرجاء.
173
145
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
الرابع: وحدة الإمام. فلو نوى الاقتداء باثنين لم تنعقد الجماعة.
الخامس: تعيين الإمام، سواء أكان بالاسم، أو الوصف، أو الإشارة الخارجيّة، أو الإشارة الذهنيّة (كأن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر).
السادس: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين إلّا يسيراً، والأحوط وجوباً الاقتصار على المقدار الّذي لا يرى العرف أنّه أعلى منهم ولو مسامحة. ويجوز علوّ المأموم على الإمام ولو بكثير كثرة متعارفة، كسطح الدكّان والبيت.
السابع: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام، أو عن الصفّ المتقدّم عليه بما يكون كثيراً في العادة.
الثامن: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف (وهو مكان وقوف القدمين) والأحوط وجوباً تأخّره عنه ولو يسيراً.
التاسع: أن لا يكون بين المأموم والإمام حائل يمنع المشاهدة. وكذا بين بعض المأمومين مع المأمومين الذين يشكّلون واسطة في الاتّصال بالإمام. ويجوز ذلك إذا اقتدت المرأة بالرجل، فلا بأس بالحائل بينها وبينه، وبينها وبين الرجال المأمومين.
أ - ليس من الحائل الظلمة والغبار المانعان من المشاهدة، وليس منه أيضاً الشبّاك إلّا إذا كانت فتحته ضيّقة بحيث يصدق عليه الجدار، والأحوط استحباباً الاجتناب عن الزجاج الشفّاف، وإن لم يكن حائلاً واقعاً. فالعبرة في المنع أن يكون مانعاً عن المشاهدة، وهذه الأمثلة لا تمنع عن ذلك.
ب- يكفي أن يرى المأموم الإمام، أو المأموم الّذي هو واسطة الاتّصال ولو في بعض حالات الصلاة، فلا بأس بالحائل القصير الّذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة، وإن كان مانعاً منها حال السجود، كمقدار
174
146
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
شبر أو أزيد، إن لم يكن مانعاً حال الجلوس، وإلّا فالأحوط وجوباً اجتنابه. والواجب رؤية بعض الصفّ الّذي أمامه.
ج - لا يضرّ حيلولة المأمومين المتقدّمين، وإن لم يدخلوا في الصلاة، إذا كانوا متهيّئين مشرفين على العمل.
د - لو تجدّد الحائل أو البعد في أثناء الصلاة تبطل الجماعة، ويصير منفرداً.
هـ- لو وصلت الصفوف إلى باب المسجد مثلاً، ووقف صفّ أو صفوف في خارج المسجد، بحيث وقف واحد منهم مثلاً بحيال الباب والباقون في جانبيه بحيث تحقّق الاتّصال، فتبطل صلاة من على جانبيه من الصفّ الأوّل ممّن كان بينهم وبين الإمام أو الصفّ المتقدّم حائل، نعم تصحّ صلاة الصفوف المتأخّرة أجمع لعدم الحائل. وكذا الحال في المحراب الداخل، فإذا وقف الإمام داخل المحراب، ووقف إنسان في الصفّ الأوّل في الجماعة، فإنّ الذين هم في طرفي الصفّ الأوّل والذين لا يرون الإمام بسبب حائط المحراب تبطل جماعتهم. والصفوف المتأخّرة تصحّ لعدم الحائل.
و - لا بأس بالحائل غير المستقر كمرور إنسان أو حيوان.
ز - لو تمّت صلاة واسطة الاتّصال، فالأحوط وجوباً العدول إلى الانفراد2.
ح - يجوز لأهل الصفّ المتأخّر التكبير لافتتاح الصلاة قبل المتقدّم، إذا كانوا قائمين متهيّئين للإحرام مشرفين على العمل.
2- نعم إذا كان هناك مأموم واحد وتمّت صلاته ثم قام والتحق بالجماعة من دون فاصل طويل فلا تبطل جماعة من يتصل به.
175
147
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
2 - شرائط إمام الجماعة أمور منها:
الأوّل:الإيمان3. الثاني: طهارة المولد. الثالث: العقل. الرابع: البلوغ. الخامس: الذكورة. والأحوط وجوباً عدم إمامة الأنثى للأنثى4. السادس: العدالة. فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق، ولا مجهول الحال5.
أ - يجوز تصدّي الإمامة لمن يعرف من نفسه عدم العدالة، مع اعتقاد المأمومين عدالته، وتكون الجماعة صحيحة.
ب - لا يجوز إمامة القاعد للقائم، ولا المضطجع للقاعد، ولا إمامة من لا يحسن القراءة لمن يحسنها، وكذا الأخرس للناطق. ولا بأس بإمامة القاعد لمثله، والمتيمّم وذي الجبيرة لغيرهما.
ج - لو علم المأموم بطلان صلاة الإمام من جهة كونه محدثاً، أو تاركاً لركن ونحوه، لا يجوز له الاقتداء به، وإن اعتقد الإمام صحّتها جهلاً أو سهواً.
د - لو رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسة غير معفوّ عنها، فيها ثلاث صور:
الأولى: إن علم المأموم أنّ الإمام قد نسي النجاسة لا يجوز الاقتداء به.
الثانية: إن علم أنّه جاهل بها يجوز الاقتداء به.
الثالثة: إن لم يدر أنّه جاهل أو ناسٍ، فالأحوط وجوباً عدم الاقتداء به.
هـ- لو انكشف بعد الصلاة كون الإمام فاسقاً، أو محدثاً، صحّ ما صلّى معه جماعة، ويغتفر فيه ما يغتفر في الجماعة.
و - لو اختلف الإمام مع المأموم في المسائل المتعلّقة بالصلاة (اجتهاداً أو تقليداً)، فيها صورتان:
3- تجوز الصلاة خلف أتباع المذاهب الإسلامية إذا كانت لأجل حفظ الوحدة الإسلامية.
4- تصحّ إمامة المرأة لمثلها.
5- ويشترط أيضاً مضافاً إلى العدالة المروءة فلا تصحّ الصلاة خلف من يقوم بما ينافي المروءة عرفاً.
176
148
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
الأولى: إذا رأى المأموم صحّة صلاة الإمام، كما إذا اعتقد المأموم وجوب التسبيحات الأربع ثلاثاً، ورأى الإمام أنّ الواجب واحدة منها، وعمل به، صحّ الاقتداء به.
الثانية: إذا رأى المأموم بطلان صلاة الإمام، لا يصحّ الاقتداء به.
ز - لو رأى المأموم وجوب السورة، ولم ير الإمام وجوبها ولم يقرأها، فالأحوط وجوباً ترك الاقتداء به.
ح - إذا لم يعلم اختلافهما يجوز الائتمام، ولا يجب الفحص والسؤال.
أحكام الجماعة
أ - يجب ترك المأموم للقراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتيّة.
ب - يجب ترك المأموم للقراءة في الركعتين الأوليين من الجهريّة لو سمع صوت الإمام ولو همهمة، وإن لم يسمع حتّى الهمهمة يستحبّ له القراءة. ولا فرق في عدم السماع بين البعد، أو كثرة الأصوات، أو للصمم، أو لغير ذلك. نعم، لو سمع بعض قراءة الإمام دون بعض فالأحوط وجوباً ترك القراءة مطلقاً.
ج - لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام.
د - لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئاً غير القراءة في الأوليين إذا ائتمّ به فيها. ولو لم يدرك الإمام في الأوليين وجب على المأموم القراءة، فإذا لم يمهله الإمام لإتمام القراءة اقتصر على الحمد وترك السورة، وإن لم يمهله لاتمام الحمد أيضاً فالمأموم بالخيار، بين أن ينفرد، أو يتمّ الفاتحة ويلحق الإمام في السجود (بعد ركوع المأموم).
177
149
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
هـ - لو كان الإمام في الركوع، جاز للمأموم التكبير للإحرام مستقرّاً مطمئناً، ثمّ يركع مع الإمام دون قراءة.
و - لو دخل المأموم إلى الجماعة، وكان الإمام في الركعة الثانية، تحمّل الإمام عن المأموم القراءة، ويتابع المأموم الإمام في القنوت والتشهّد، والأحوط وجوباً التجافي في التشهّد (أن يكون بهيئة من يهمّ بالقيام). ثمّ بعد قيام المأموم إلى الثانية تجب عليه القراءة، لأنّ الإمام في الثالثة. والقراءة تكون إخفاتيّة حتّى في الجهريّة.
ز - تجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدّم فيها على الإمام، ولا يتأخّر عنه تأخّراً فاحشاً.
ولا يجب عليه متابعة الإمام في الأقوال ما عدا تكبيرة الإحرام، فلا يجوز فيها التقدّم ولا التقارن. فلو كبّر قبل الإمام سهواً كان منفرداً.
ح- لو رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهواً، أو لاعتقاد رفع الإمام لرأسه، يجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الركن في هذه المسألة. وإن لم يعد أثم وصحّت صلاته إن كان آتياً بذكرهما وسائر واجباتها، وإلّا فالأحوط وجوباً البطلان.
ولو كان رفع الرأس عمداً أثم، وصحّت صلاته إن كان آتياً بذكرها وسائر واجباتها، وإلّا بطلت صلاته. ومع الرفع عمداً لا يجوز العود والمتابعة للإمام، فلو عاد تبطل صلاته للزيادة العمدية وإن تابع سهواً فكذلك يبطل لو زاد ركناً.
ط - لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهواً، ثمّ عاد إليه للمتابعة، فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حدّ الركوع تبطل صلاته.
ي- لو رفع المأموم رأسه من السجود، فرأى الإمام في السجدة، فتخيّل أنّها
178
150
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
الأولى، فعاد إليها بقصد المتابعة، فبان كونها الثانية، فالأحوط وجوباً الإتمام ثمّ إعادة الصلاة.
ولو تخيّل أنّها الثانية فسجد بقصد الثانية، فبان أنّها الأولى، حسبت ثانية، فله قصد الانفراد والإتمام، وله أن يتابع الإمام في السجدة الثانية، والأوّل أحوط استحباباً.
ك - لو ركع أو سجد قبل الإمام عمداً لا يجوز له المتابعة، وإن كان سهواً يجب العود إلى القيام أو الجلوس، ثمّ الركوع والسجود.
ل - لو كان مشتغلاً بالنافلة فأقيمت الجماعة، وخاف عدم إدراكها، يستحبّ قطعها. ولو كان مشتغلاً بالفريضة منفرداً يستحبّ العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين إن لم يتجاوز محلّ العدول كما لو دخل في ركوع الركعة الثالثة.
م - لو نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد فبان أنّه عمرو، فإن كان عمرو عادلاً صحّت الجماعة، وإن لم يكن عادلاً بطلت جماعته. وإن كان قد زاد ركناً للمتابعة بطلت صلاته أيضاً.
ن - يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد ولو اختياراً في جميع أحوال الصلاة، حتّى وإن كان من نيّته ذلك في أوّل الصلاة.
والأحوط استحباباً عدم العدول إلّا لضرورة ولو دنيوية خصوصاً في الصورة الثانية.
وإذا نوى الانفراد في الأثناء فالأحوط وجوباً أن لا يعود إلى الائتمام. والأحوط وجوباً عدم جواز العدول للمنفرد إلى الائتمام.
أخيراً: لو نوى الائتمام وكبّر، فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع، فعلى المأموم إمّا أن ينفرد، أو ينتظر الإمام إلى الركعة الأخرى، بأن يبقى
179
151
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
المأموم قائماً منتظراً الإمام ليقوم من جديد، فيلتحق به بشرط أن لا يكون الإمام بطيئاً في صلاته بحيث يخرج به عن صدق القدوة وإلّا فلا يجوز الانتظار.
خلاصة الدرس
- شرائط الجماعة: الأوّل: اتّحاد صلاة الإمام والمأموم في عنوان اليوميّة.الثاني: أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان، أحدهما الإمام.الثالث: نيّة المأموم للاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد، ولا يعتبر نيّة الإمام الإمامة.الرابع: وحدة الإمام.الخامس: تعيين الإمام.السادس: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين ويجوز علوّ المأموم على الإمام ولو بكثير.السابع: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام، أو عن الصفّ المتقدّم عليه بما يكون كثيراً في العادة.الثامن: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف (وهو مكان وقوف القدمين).التاسع: أن لا يكون بين المأموم والإمام حائل يمنع المشاهدة.
- شرائط إمام الجماعة:
الأوّل: الإيمان. الثاني: طهارة المولد. الثالث: العقل. الرابع: البلوغ.الخامس: الذكورة.السادس: العدالة.
- يجب ترك المأموم للقراءة في الركعتين الأوليين من الإخفاتيّة والجهريّة لو سمع صوت الإمام ولو همهمة، وإن لم يسمع حتّى الهمهمة يستحبّ له القراءة.
180
152
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
أسئلة
1. ما هي شرائط الجماعة؟
2. لو انتهى المأموم الّذي هو أمام غيره من المأمومين من الصلاة، ولم يكن للثاني وسيلة اتّصال أخرى، فهل تبطل جماعته؟
3. هل يصحّ اقتداء من يصلّي المغرب قضاء بمن يصلّي الصبح أداءً؟
4. ما هي شرائط إمام الجماعة؟
5. هل تصحّ إمامة الأنثى للأنثى؟
6. ما هو الحائل المانع من صلاة الجماعة ؟
7. لو رفع المأموم رأسه من السجود، فرأى الإمام في السجدة، فتخيّل أنّها الثانية، فسجد بقصد الثانية، فبان أنّها الأولى، فماذا تحسب هذه السجدة ؟ وما الحكم ؟.
للمطالعة
لا تكذبوا في عباداتكم
...إن جميع أعمالنا هي من أجل اللذّات النفسانية ومن أجل الاهتمام بالبطن والفرج. إنّنا عُبّاد للبطن وعُبّاد للشهوة،... وإنّ وجهة أنظارنا وقبلة آمالنا هي فتح بساط الشهوة. إنّ الصلاة الّتي هي معراج القرب إلى الله نؤدّيها قربة لنساء الجنّة ولا علاقة لها بالقرب إلى الله، ولا علاقة لها بطاعة الأمر، وهي بعيدة آلاف الفراسخ عن رضا الله.
أيُّها المسكين الغافل عن المعارف الإلهية، يا من لا تهمّك سوى إرادة شهوتك
181
153
الدرس السادس عشر: صلاة الجماعة
وغضبك، أنت المتوسّل بالأذكار والأوراد والمستحبّات والواجبات، والتارك للمكروهات والمحرّمات والمتخلّق بالأخلاق الحسنة، والمتجنّب لسيّئات الأخلاق، ضع أعمالك أمام عين الإنصاف، أتقوم بها لأجل الوصول إلى الشهوات النفسانية والجلوس على سرر مطعّمة بالزبرجد، ومعانقة الضحوكات والدعوبات في الجنّة، وارتداء الحرير والإستبرق، والسكنى في القصور الفارهة الجميلة، والوصول إلى الأماني النفسية؟ أفينبغي أن تمنّ بهذه الأعمال على الله وهي جميعاً لأجل النفس ومن أجل عبادتها، وتعدّها عبادة لله؟ هل يختلف حالكم عن ذلك الأجير الّذي ينجز عملاً من أجل الأجر، ثمّ يقول: إنّني أنجزت ذلك العمل لأجل صاحب العمل فحسب؟ أفلا تكذّبوه؟
ألستم كاذبين حينما تقولون: إنّنا نصلّي تقرُّباً إلى الله تعالى؟ ألأجل التقرُّب إلى الله هذه الصلاة أو لأجل التقرُّب لنساء الجنّة وإشباع الشهوة؟ أقولها صراحة، إنّ جميع عباداتنا هذه لهي من كبائر الذنوب عند العرفاء بالله وأولياء الله.
أيُّها المسكين! أنت في حضرة الله جلّ جلاله، وفي محضر الملائكة المقرّبين، تعمل خلاف رضا الله تعالى، والعبادة الّتي هي معراج القرب من الله، تؤدّيها لأجل النفس الأمّارة بالسوء ولأجل الشيطان، وعندها لا تستحي أن تكذب في العبادة عدّة أكاذيب في حضرة الربّ والملائكة المقرّبين وتفتري عدّة افتراءات، وتمنّ وتعجب وتتدلّل أيضا، ولا تخجل بعد كلّ ذلك! بماذا تختلف عبادتي هذه وعبادتك عن معصية أهل العصيان، وأشدّها الرياء؟ فالرياء شرك وقبحه ناشئ من أنّك لم تؤد العبادة لأجل الله. جميع عباداتنا شرك محض ولا أثر فيها للخلوص والإخلاص، بل حتّى أنّ رضا الله لا يشترك في الدافع إلى إنجاز هذه العبادة فهي لأجل الشهوات وإعمار البطن والفرج فحسب6.
6- الأربعون حديثاً، الإمام الخميني، ج1، ص 81 -82.
182
154
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى معنى القصر والتمام.
• أن يتعرّف إلى بعض شرائط السفر الشرعي.
183
155
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
المراد من القصر والتمام
أ - يتحقّق القصر للمسافر الّذي تتوفّر له ثمانية شرائط، فتصير كلّ صلاة رباعيّة (الظهر والعصر والعشاء) ركعتين، وتبقى صلاتا الصبح والمغرب على حالهما. فيكون مجموع الفرائض اليوميّة إحدى عشرة ركعة.
وتسقط نافلتا الظهر والعصر، ويُؤتى بالوُتَيْرَة (نافلة العشاء) برجاء المطلوبيّة على الأحوط1، وتبقى النوافل الباقية على حالها.
ب - يتحقّق التمام للحاضر المتواجد في وطنه وما في حكم الوطن، وللمسافر الّذي يلحقه حكم الحاضر(كناوي الإقامة عشرة أيّام فصاعداً في مكان واحد، وغيره)، وتكون صلاته تماماً، فيكون مجموع الفرائض اليوميّة سبع عشرة ركعة. ولا يسقط شيء من النوافل.
شرائط السفر الشرعيّ
يتحقّق السفر الشرعيّ إذا توفّرت ثمانية شرائط، وهي:
الشرط الأوّل: قطع المسافة المعتبرة، وهي ثمانية فراسخ، وتساوي خمسة وأربعين كيلومتراً.
1- تسقط نافلة العشاء، في السفر أيضاً ولكن لا مانع من الإتيان بها رجاءً.
185
156
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
أ - تتحقّق المسافة المعتبرة في أربع صور، واحدة منها لا تعتبر سفراً شرعيّاً، وهي:
الأولى: المسافة الامتداديّة، بأن يكون الذهاب وحده، أو الإياب وحده، مسافة شرعيّة (45 كلم). وفي هذه الصورة يتحقّق السفر الشرعيّ، فيجب قصر الصلاة مع عدم القاطع.
الثانية: أن يقطع نصف المسافة المعتبرة أو أكثر ذهاباً، ونصفها أو أكثر إياباً، ويسمّى في اصطلاح الفقهاء بالتلفيق. وفي هذه الصورة يتحقّق السفر الشرعيّ، ويجب القصر مع عدم القاطع.
الثالثة: أن يقطع أكثر من نصف المسافة ذهاباً، وأقلّ من نصفها إياباً، بحيث يشكّل المجموع (45 كلم) أو أكثر. وفي هذه الصورة يتحقّق السفر الشرعيّ، ويجب التقصير مع عدم القاطع.
الرابعة: أن يقطع أقلّ من نصف المسافة ذهاباً، وأكثر من نصفها إياباً، بحيث يبلغ المجموع المسافة الشرعيّة أو أكثر. وفي هذه الصورة لا يتحقّق السفر الشرعيّ، فيجب الإتمام في الصلاة.
والقاعدة لوجوب القصر في التلفيق: أن لا يقلّ الذهاب عن نصف المسافة المعتبرة (5،22)، مع بلوغ مجموع الذهاب والإياب المسافة الكاملة أو أكثر، وإن كان الإياب أقلّ من نصف المسافة.
ب- حساب المسافة
البلد إمّا كبير جدّاً وإمّا غير ذلك. فهنا صورتان:
الأولى: البلدان الكبار الخارقة (مثل طهران)، فيها صورتان2:
2- لا فرق في البلدان الكبيرة الخارقة وغيرها في مبدأ حساب المسافة ومنتهاها فيبدأ من آخر البيوت أو السور إذا كان لها سور وينتهي إلى أول بيوتها أو سورها إذا كان لها سور.
186
157
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
1- إذا كانت الأحياء منفصلة، يكون مبدأ الحساب للمسافة من آخر المحلّة (الحيّ).
2- إذا كانت الأحياء متّصلة، فيكون المبدأ من المنزل.
الثانية: البلدان الأخرى، فيها صورتان أيضاً، وهي:
1- إذا كان لها سور، فالمبدأ من سورها.
2 - إذا لم يكن لها سور، فمبدأ حساب المسافة من آخر البيوت3.
ج- لو كان قاصداً للذهاب إلى بلد، وكان شاكّاً في قطع المسافة الشرعيّة، أو كان معتقداً عدم كونه مسافة، ثمّ انكشف في أثناء السير كونه مسافة، فإنّه يقصّر وإن لم يكن الباقي مسافة.
د - تثبت المسافة بإحدى الوسيلتين التاليتين:
1 - العلم الوجدانيّ الحاصل من التجربة ونحوها.
2 - البيّنة، وهي شهادة العدلين. ولو شهد العدل الواحد فالأحوط وجوباً الجمع بين القصر والتمام.
ومع الشكّ أو الظنّ في بلوغ المسافة يبقى على التمام. والأحوط وجوباً السؤال ونحوه إن لم يستلزم الحرج.
هـ - لو اعتقد كون السفر مسافة شرعيّة فقصّر، ثمّ ظهر عدمها وجبت الإعادة في الوقت وخارجه.
3- المناط في حساب المسافة هو المقدار الفاصل بين بلد السفر وبلد المقصد، فحساب المسافة من حدود بلد السفر إلى حدود بلد المقصد، وليس إلى المنزل وشبهه.
ولا فرق في هذا الحكم بين البلدان الصغيرة والخارقة، فمن سافر في طهران مثلاً وقطع فيها المسافة الشرعيّة، فإنّه لا يقصّر، بل يتمّ، لأنّها منطقة واحدة.
187
158
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
و لو اعتقد أنّ السفر ليس مسافة شرعيّة فأتمّ، ثمّ ظهر كونه مسافة، فإن كان الانكشاف في الوقت وجبت الإعادة، وإن كان خارجه فالأحوط وجوباً القضاء.
الشرط الثاني: قصد قطع المسافة
أ - يعتبر في القصر قصد قطع المسافة المعتبرة من أوّل السير. فلو قصد قطع ما دون المسافة، وبعد الوصول إلى المقصد أو قبله، قصد مقداراً آخر، فيه صورتان:
الأولى: إن كان الباقي نصف المسافة المعتبرة أو أكثر، ويشكّل مع الإياب مسافة كاملة، فيقصّر.
الثانية: إن لم يكن الباقي وحده بمقدار النصف، بل كان أقلّ، فيتمّ، ولا يضمّ ما مضى مع ما بقي.
وفي الإياب إن كان مسافة امتداديّة يقصّر. وإن لم يكن مسافة يتمّ.
ب - لو قطع المسافة بدون قصد (كمن طلب صيداً)، ولم يدرِ أين مسيره؟ يجب عليه الإتمام في ذهابه. وفي الإياب يقصّر إن كان مسافة وحده، وإن لم يكن مسافة يتمّ.
ج - لا يعتبر الاستقلال في قصد المسافة، بل يكفي القصد من جهة التبعيّة، بشرط أن يعلم التابع أنّ متبوعه قاصد لقطع المسافة. فإن علم التابع بذلك قصّر في صلاته. وإن لم يعلم التابع ذلك، أو كان التابع غافلاً عن ذلك أو ما شابه، يتمّ في صلاته. ولا يجب الاستخبار. كما لا يجب على المتبوع الإخبار.
د - لو اعتقد التابع أنّ متبوعه لم يقصد المسافة، أو شكّ في ذلك، ثمّ علم في الأثناء أنّ المتبوع قاصد لقطع المسافة من أوّل السير، فإن كان الباقي مسافة وحده يقصّر، وإن لم يكن مسافة يتمّ.
188
159
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الشرط الثالث: استمرار القصد
أ - يشترط تحقّق استمرار العزم والقصد على مواصلة السفر حتّى الوصول إلى المقصد. فلو عدل عن القصد قبل بلوغ (22،5كلم)، أو تردّد في الاستمرار، يتمّ، وأمّا ما صلاّه قصراً قبل تغيير النيّة فهو صحيح، ولا يجب إعادته وإن كان داخل الوقت. وإن كان العدول بعد بلوغ (22،5) بقي على التقصير ما لم يحصل قاطع.
ب - لو قصد السفر إلى مكان خاص، وكان مسافة شرعيّة، فعدل في أثناء الطريق إلى مكان آخر، يبلغ ما مضى مع ما بقي مسافة شرعيّة، يقصّر؛ لأنّ المراد من استمرار القصد هو قصد نوع السفر.
ج - لو قصد قطع المسافة، وقبل بلوغها تردّد في الاستمرار وعدمه، ثمّ عاد إلى نيّته الأولى، فيها صور:
الأولى: إن لم يقطع شيئاً من الطريق حال التردّد بقي على القصر، حتّى وإن لم يكن الباقي مسافة.
الثانية: إن قطع شيئاً من الطريق حال التردّد، وكان ما بقي مسافة ولو ملفّقة، بقي على القصر.
الثالثة: إن قطع شيئاً من الطريق حال التردّد، ولم يكن ما بقي مسافة وحده، بل كان مسافة مع ما قطع قبل التردّد، بشرط إلغاء احتساب ما قطعه حال التردّد، يقصّر.
الرابعة: إن قطع شيئاً من الطريق حال التردّد، ولم يكن ما بقي مسافة وحده، ولم يكن مع ما مضى مسافة (مع إلغاء المسافة المقطوعة حال التردّد) يجب التمام.
189
160
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الشرط الرابع: أن لا يقطع سفره بقاطع
إذا طرأ على المسافر بعض الأمور، فإنّها تلغي القصر وغيره من أحكام السفر، وهذه الأمور تسمّى بقواطع السفر. وهذه القواطع ثلاثة:
الأوّل: المرور بالوطن.
الثاني: نيّة الإقامة عشرة أيّام في مكان واحد.
الثالث: البقاء في مكانه متردّداً مدّة ثلاثين يوماً.
قواطع السفر
الأوّل: المرور بالوطن، ولا يشترط الدخول فيه، أو الوصول إلى أوّل البيوت، بل يكفي الدخول في حدّ الترخّص4. فإذا مرّ المسافر أثناء طيّ المسافة بوطنه، فإنّه يلحقه حكم الحاضر. ولا فرق في انقطاع السفر بين النزول في الوطن والمكث فيه، وبين مجرّد العبور فيه. فإن كان المسافر عالماً منذ بدء سيره أنّه سيمّر في وطنه قبل قطع المسافة فإنّه يتمّ. وبعد الخروج من وطنه يبدأ باحتساب المسافة من جديد. ولا فرق في الوطن بين الأصليّ والمستجدّ.
أ - تحديد الوطن
المراد بالوطن هو الموضع الّذي يسكنه الإنسان، ويستقرّ فيه بأحد المعنيين التاليين:
الأوّل: المسمّى بالوطن الأصليّ ومسقط الرأس5 بشرط عدم الإعراض عنه.
4- يكفي الدخول إلى حدّ الترخص بالنسبة للصلاة وأما بالنسبة للصوم فلا يكفي بل لا بدّ من الدخول إلى البلد.
5- المراد بمسقط الرأس والوطن الأصلي هو البلد الذي ولد ونشأ وترعرع فيه مدة من الزمن في بداية حياته.
190
161
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الثاني: الوطن المستجدّ، وهو المكان الّذي اتّخذه مسكناً ومقرّاً دائماً له. ولا يعتبر فيه حصول ملك، ولا إقامة ستّة أشهر. بل يشترط فيه: الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفاً أنّه وطنه ومسكنه. وفي فترة عدم صدق الوطنيّة يصلّي قصراً، ما لم يحصل قاطع.
بل قد يصدق الوطن بسبب طول الإقامة، فيما إذا أقام في بلد بدون نيّة للإقامة دائماً، ولا نيّة تركها6.
ب - لو أعرض عن وطنه، يرتفع وصف القاطعيّة عنه.
ج - زواج المرأة لا يرفع عنوان الوطن، إلّا إذا أعرضت عنه.
د - يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليّان في زمان واحد. وأمّا الزائد عليهما فالأحوط وجوباً7 الجمع فيه بين القصر والتمام، ما لم يحصل قاطع، فإن حصل قاطع يتمّ.
هـ- مجرد الزواج لا يجعل وطن الزوج وطناً للزوجة نعم إذا كانت الزوجة تابعة لزوجها في الإرادة والعيش ولم تكن مستقلّة عنه في ذلك فيكون الوطن المستجد الّذي يتخذه الزوج للسكن فيه مع زوجته وطناً لها أيضاً. هذا بشرط أن لا يكون هو الوطن الاتخاذي الثالث وإلّا فمحل إشكال8.
و- الأولاد إذا لم يكونوا مستقلّين عن أبيهم في الإرادة والعيش فيكون اتخاذ الأب للوطن المستجد وطناً لهم أيضاً بالشرط المتقدّم9.
6- ويصدق عنوان الوطن المستجد أيضاً على المكان الذي قصد السكن فيه مدة سبع سنوات من دون أن يكون ذلك لأجل العمل فيه أو التعلّم. ويصدق أيضاً على المكان الذي قصد السكن فيه مدة ثلاثة أشهر في كل السنة دائماً.
7- بل يمكن ان يكون له أزيد من وطنين فعليّين فيما إذا صدق عرفاً أنه وطنه بأحد الأسباب التي تقدم ذكرها.
8- تقدّم أنه لا إشكال في اتخاذ أزيد من وطنين مع الصدق العرفي لذلك.
9- تقدّم أنّ الشرط المتقدم غير معتبر.
191
162
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
الثاني: العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات، أو العلم ببقائه كذلك، وإن لم يكن عن اختياره.
الثالث: البقاء ثلاثين يوماً في مكان واحد متردّداً. فحكمه وجوب القصر مدّة الأيّام الثلاثين، وفي اليوم الواحد والثلاثين يرجع إلى التمام وإن بقي متردّداً.
ومن شرائط السفر الشرعي:
الشرط الخامس: أن يكون السفر سائغاً (جائزاً)
أ- إذا كان السفر حراماً لا يقصّر، بل يجب عليه التمام.
ب - المسافر في معصية هو من كانت غايته من السفر المعصية، كالسفر لقطع الطريق، ونيل المظالم من السلطان. أو كان نفس السفر معصية، كالفرار من الجهاد.
ج- السفر للصيد لأجل القوت يجب فيه التقصير.
د - السفر للصيد للتجارة الأحوط وجوباً فيه الجمع بين القصر والتمام.
هـ- السفر للتنزُّه يجب فيه القصر.
و- السفر للصيد لهواً يلحق بسفر المعصية فيجب فيه التمام.
الشرط السادس: أن لا يكون من الذين بيوتهم معهم
كبعض أهل البوادي الذين يدورون في البراري، وينزلون في محلّ الماء والعشب والكلأ، ولم يتّخذوا مقرّاً معيّناً، ومن هذا القبيل الملَّاحون، وأصحاب السفن، الذين كانت منازلهم فيها معهم. فيجب عليهم وعلى أمثالهم التمام في سيرهم المخصوص. نعم، لو سافروا إلى مقصد آخر، من حجّ، أو زيارة، ونحوهما، قصّروا في صلاتهم. ولو سافر أحدهم للبحث عن منزل مخصوص، أو عن محلّ الماء والعشب مثلاً، وكان يبلغ المسافة، فالأحوط وجوباً الجمع بين القصر والتمام.
192
163
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
خلاصة الدرس
يتحقّق السفر الشرعيّ إذا توفّرت ثمانية شرائط،ذكرنا ستة في هذا الدرس، وهي:
الأوْل: قطع المسافة المعتبرة، وهي ثمانية فراسخ، وتساوي خمسة وأربعين كيلومتراً.
الثاني: قصد قطع المسافة.
الثالث: استمرار القصد.
الرابع: أن لا يقطع سفره بقاطع (وقواطع السفرهي: المرور بالوطن- العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات- البقاء ثلاثين يوماً في مكان واحد متردّداً. فحكمه وجوب القصر مدّة الأيّام الثلاثين، وفي اليوم الواحد والثلاثين يرجع إلى التمام وإن بقي متردّداً)
الخامس: أن يكون السفر سائغاً (جائزاً).
السادس: أن لا يكون من الذين بيوتهم معهم.
أسئلة
1. اذكر ما مرّ في هذا الدرس من شرائط السفر الشرعي.
2. ما معنى قواطع السفر ؟
3. عدّد قواطع السفر.
4. ما المراد بالإعراض عن الوطن ؟
5. ما المراد بالوطن المستجد ؟
6. من أين يبدأ المسافر بحساب المسافة ؟
7. بماذا تثبت المسافة؟
193
164
الدرس السابع عشر: صلاة المسافر (1)
للمطالعة
هل صلاتنا معصية؟
أيُّها العزيز، إنّ الصلاة الّتي تكون لأجل المرأة، سواء أكانت في الدنيا أم في الجنّة، لا تكون لله، الصلاة الّتي تكون من أجل الحصول على آمال الدنيا أو آمال الآخرة، لا علاقة لها بالله فلماذا إذاً تتدلّل إلى هذا الحدّ، وتنظر إلى عباد الله بعين الاحتقار، وتحسب نفسك من خواصّ الله تعالى؟ أيُّها المسكين! أنت بهذه الصلاة مستحقّ للعذاب ومستوجب لسلسلة طولها سبعون ذراعاً. فلماذا إذاً تحسب نفسك دائناً لله، وتهيّأ لنفسك بهذا التدلّل والعُجْب عذاباً آخر؟ اعمل الأعمال الّتي أُمرت بها، واعلم أنّها ليست لأجل الله، واعلم أنّ الله يُدخلك الجنّة بتفضّله وترحّمه، وأنّ الله تعالى خفّف عن عباده لضعفهم بالتجاوز عن نوع من الشرك وأسدل عليه بغفرانه ورحمته حجاب ستره، فحاذر أن يتمزّق هذا الحجاب وليبق حجاب غفران الله على هذه السيّئات الّتي أسميناها عبادة. فإذا حدث لا سمح الله أن انطوت صفحتك هذه ورحلت من هذه الدنيا وجاءت صفحة العدل فإنّ عفونة عبادتنا عندئذ لن تقلّ عن عفونة المعاصي والموبقات الّتي يرتكبها أهل المعصية... عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله قال الله عزّ وجلّ لداود عليه السلام: "يا داودُ بَشِّر المُذْنِبينَ وَأَنْذِرِ الصِّدِّيقينَ. قال: كَيْفَ أُبَشِّرُ المُذْنِبينَ وَأُنْذِرُ الصِّدِّيقينَ؟ قال يا داوُدُ بَشِّرِ المُذْنِبينَ أنّي أَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَأَعْفُو عَنِ الذَّنْب وَأَنْذِرِ الصِّدّيقينَ أَنْ لا يُعْجَبُوا بِأَعْمالِهِم فَإِنّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَنْصِبُهُ لِلْحِسابِ إلّا هَلَكَ"10. لأنه مستحقّ للعذاب وفق العدالة فإنّ ثواب عبادات العبد لا تعادل شكر واحد من نعمائه11.
10- الكافي، المجلد الثاني، باب العجب، ح1 ص 314.
11- الأربعون حديثاً، ج1، ص83.
194
165
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى بعض آخر من شرائط السفر الشرعي
• أن يتعرّف إلى أحكام المسافر
195
166
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
ومن شرائط السفر الشرعي:
الشرط السابع: أن لا يتّخذ السفر عملاً له
1 - للسفر ثلاث غايات، وهي:
الأولى: أن يكون السفر نفسه عملاً للمسافر، كسائق السيّارة، والطائرة، والمعاون لهما، ومنهم أصحاب السفن والملّاحون إذا لم يكن منزلهم داخل السفينة. والتاجر الّذي يدور في تجارته، ومن شغله السياحة.
فيجب على هؤلاء وأمثالهم أن يتمّوا الصلاة في سفرهم الّذي هو عمل لهم، ولا مانع من القيام بالعمل الخاص في سفر العمل بعد قضاء العمل، ويبقون على التمام، نعم يقصّرون في السفر الّذي ليس عملاً لهم.
الثانية: أن يكون السفر مقدّمة لعمله، كمن يسافر إلى منطقة محدّدة ليعمل فيها، كالأستاذ والموظّف وغيرهما. فيجب عليهم أن يقصّروا في صلاتهم1.
الثالثة: أن يكون السفر مقدّمة للعلم2 أو التدريب3، أو ما شابه ذلك. فيجب عليهم التقصير في صلاتهم. فمن أقام في منطقة لسنوات طويلة
1- من يكون السفر مقدمة لعمله فإنه يتمّ في صلاته.
2- السفر لأجل طلب العلم يوجب القصر ولكن يمكن للمكلف الرجوع في هذه المسألة لمن يفتي بالتمام.
3- السفر لأجل التدريب إذا كان قبل الشروع في العمل فهو موجب للقصر وأما إذا كان بعد العمل فهو كالسفر الشغلي.
197
167
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
لطلب العلم فإنّه يقصّر ما لم ينوِ الإقامة.
أ - المرور بمكان العمل لا للعمل لا يُعدّ قاطعاً، فيجب فيه التقصير.
ب - المجنّد في التجنيد الإجبارّي يجب عليه القصر4.
ج - المجاهدون العاملون في محاورهم وثغورهم ومراكزهم، ويسافرون بشكل كثير يقصّرون في صلاتهم5.
2- تحديد مدّة السفر
المدار صدق اتّخاذ السفر عملاً وشغلاً له عرفاً، ويتحقّق ذلك بالعزم عليه مع الاشتغال بالسفر مقداراً6 معتدّاً به، ولا يحتاج في الصدق إلى تكرّر السفر مرّتين7 أو مرّات، نعم يجب القصر في السفر الأوّل مع صدق العناوين أيضاً. وكذا يجب القصر في السفر الشغلي الأول بعد البقاء عشرة أيّام في أيّ مكان ولو بدون نيّة، وفي الثاني يتم.
3 - ما تبقّى من أحكام هذا الشرط
أ - من كان شغله المكاراة أو السواقة أو ما شابه ذلك، في الصيف دون الشتاء، أو بالعكس، فيجب عليه التمام في حال شغله8. وأمّا الذين يشتغلون في خصوص أشهر الحج وما شابه فيجب عليهم القصر9.
4- بل يتمّ فيما بعد أيام التدريب إذا كان يسافر إلى الخدمة مكرّراً.
5- بل يتمّون في أسفارهم لأجل الخدمة إذا كانوا يسافرون مكرّراً.
6- يشترط في تحقق عنوان العمل أن يعمل شهرين على الأقل في السنة سواء كانت متتالية أم متفرّقة.
7- يشترط تكرار السفر ولو بأن يسافر في الشهر مرة واحدة ويشترط أن لا يفصل بين أسفاره الشغلية بالبقاء عشرة أيام في مكان واحد. نعم من بدأ العمل حديثاً يصلي قصراً في السفر الأول والثاني ويتمّ في الثالث ولكن يشترط أن لا يفصل بين هذه الأسفار الشغلية الثلاثة بالبقاء عشرة أيام فيما بينها في مكان واحد. وأما غير المبتدئ بالعمل فإنه يتمّ في أسفاره الشغلية ما لم يبق عشرة أيام في مكان واحد فإذا بقي كذلك ففي السفر الشغلي الأول بعدها يقصر وفي السفر التالي يتمّ.
8- بل يتمّ في جميع أسفاره الشغلية فيما إذا كان يعمل لشهرين على الأقل في السنة.
9- بل يتمّون في سفرهم للحج ونحوه مع تحقق الشروط المتقدّمة.
198
168
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
ب- لو لم يكن السفر عملاً له، لكن عرض له عارض فسافر أسفاراً عديدة يقصّر.
ج - إذا كان وطنه في مكان، وعمله في مكان آخر وكان بينهما مسافة شرعيّة (45كلم)، فإنّه يقصّر في مكان عمله وفي الطريق10.
ومن شرائط السفر الشرعي:
الشرط الثامن: الوصول إلى محلّ الترخّص.
فلا يجوز التقصير قبل الوصول إليه
أ - المراد بحدّ الترخّص: هو المكان الّذي لا يسمع فيه أذان البلد، أو يتوارى عن المسافر فيه الجدران وأشكالها (لا أشباحها)، فإن حصلت العلامتان يبدأ بالقصر، ولو تحقّقت علامة واحدة مع العلم بعدم تحقّق الأخرى11، فالأحوط وجوباً التأخير حتّى تتحقّق الثانية، أو يجمع بين القصر والتمام. ويعتبر أن يكون الخفاء والتواري لأجل البعد لا لعارض آخر.
ب - إذا سافر من محلّ الإقامة أو من محلّ تردّد فيه أكثر من ثلاثين يوماً، فالأحوط وجوباً12 مراعاة العلامتين معاً.
ج - إذا عاد المسافر إلى وطنه، أو بلد له حكم الوطن، فالأحوط وجوباً13 مراعاة رفع العلامتين لانقطاع حكم السفر.
د - الميزان في خفاء الأذان هو خفاؤه بحيث لا يتميّز كونه أذاناً أو غيره.
10- تقدم أنه يتمّ في مكان عمله وفي محل سكنه وفي الطريق بينهما أيضاً.
11- يكفي عدم سماع الأذان في تعيين حدّ الترخّص.
12- الأحوط استحباباً مراعاة العلامتين ولكن يكفي خفاء الأذان وحده كما تقدّم.
13- الأحوط استحباباً ذلك كما تقدّم.
199
169
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
هـ - لو شكّ في الوصول إلى حدّ الترخّص بنى على العدم، في الذهاب أو الإياب.
أحكام المسافر
أ - لو صلّى المسافر تماماً مكان القصر، ففيه خمس صور، وهي:
الأولى: أن يكون عالماً بالحكم (بوجوب القصر) والموضوع (السفر الشرعيّ) بطلت صلاته، فإن كان في الوقت أعادها أداءً، وإن كان في خارجه أعادها قضاءً.
الثانية: أن يكون عالماً بالحكم جاهلاً بالموضوع (كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة، مع كونه مسافة) بطلت صلاته، ووجبت عليه الإعادة في الوقت، والقضاء في خارجه.
الثالثة: أن يكون ناسياً لسفره فأتمّ، فإن تذكّر في الوقت وجبت الإعادة، وإن تذكّر في خارجه لا يجب عليه القضاء.
الرابعة: أن يكون جاهلاً بأصل الحكم بأنّ حكم المسافر التقصير فأتمّ، فصلاته صحيحة ولا تجب الإعادة أو القضاء.
الخامسة: أن يكون عالماً بأصل الحكم، وجاهلاً ببعض الخصوصيّات (مثل جهله بالمسافة المعتبرة) فصلاته باطلة، يجب الإعادة في الوقت، وإن علم في خارجه وجب القضاء.
ب - إذا قصّر في موضع التمام بطلت صلاته مطلقاً، فإن التفت في الوقت أعادها أداءً، وإن التفت في خارجه وجب القضاء.
ج - لو نسي السفر، وبدأ بالصلاة تماماً، وتذكّر في أثنائها، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصراً، ولا شيء عليه. وإن
200
170
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
تذكّر بعد ذلك بطلت صلاته، ووجبت الإعادة مع سعة الوقت لإدراك ولو ركعة واحدة.
د - لو دخل الوقت وهو حاضر، ثمّ سافر قبل أن يصلّي حتّى تجاوز محلّ الترخّص، فإن كان الوقت باقياً فإنّه يقصّر. فالميزان في القصر والتمام هو وقت الأداء.
هـ- لو فاتت الصلاة في الحضر يجب قضاؤها تماماً ولو في السفر. ولو فاتت في السفر يجب قضاؤها قصراً ولو في الحضر.
و - لو فاتت الصلاة، وكان في أوّل الوقت حاضراً، وفي آخره مسافراً، أو بالعكس، فيجب مراعاة آخر الوقت، ففي الأوّل يقضي قصراً، وفي عكسه يصلي تماماً لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع.
ز - يتخيّر المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والتمام في أماكن أربعة:
الأوّل: المسجد الحرام.
الثاني: المسجد النبويّ.
الثالث: مسجد الكوفة.
الرابع: الحائر الحسينيّ. والإتمام أفضل.
وفي إلحاق باقي مكّة والمدينة بالمسجدين إشكال، فالأحوط وجوباً14 اختيار القصر.
14- بل تلحق مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة بالمسجدين، وعليه فيتخيّر فيهما أيضاً.
201
171
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
خلاصة الدّرس
- من شرائط السفر الشرعي- غير الشروط الستّة السالفة في الدرس السابق- السابع: أن لا يتّخذ السفر عملاً له.الثامن: الوصول إلى محلّ الترخّص. فلا يجوز التقصير قبل الوصول إليه.
-لو صلّى المسافر تماماً مكان القصر، ففيه خمس صور.
- لو نسي السفر، وبدأ بالصلاة تماماً، وتذكّر في أثنائها، فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصراً، ولا شيء عليه. وإن تذكّر بعد ذلك بطلت صلاته، ووجبت الإعادة مع سعة الوقت لإدراك ولو ركعة واحدة.
-الميزان في القصر والتمام هو وقت الأداء.
- لو فاتت الصلاة في الحضر يجب قضاؤها تماماً ولو في السفر. ولو فاتت في السفر يجب قضاؤها قصراً ولو في الحضر.
- لو فاتت الصلاة، وكان في أوّل الوقت حاضراً، وفي آخره مسافراً، أو بالعكس، فيجب مراعاة آخر الوقت.
- يتخيّر المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والتمام في أماكن أربعة:الأوّل: المسجد الحرام. الثاني: المسجد النبويّ. الثالث: مسجد الكوفة. الرابع: الحائر الحسينيّ. والإتمام أفضل.
202
172
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
أسئلة
1. اذكر ما مرّ في هذا الدرس من بقية شرائط السفر الشرعي.
2. لو صلّى المسافر تماماً مكان القصر فما هو حكمه؟
3. ما هو الميزان في القصر والتمام؟
4. لو فاتت الصلاة في الحضر أو في السفر فكيف يجب قضاؤها ؟
5. لو فاتت الصلاة، وكان في أوّل الوقت حاضراً، وفي آخره مسافراً، أو بالعكس، فأيّ وقت يراعي؟
للمطالعة
كن حذراً تجاه مكائد النفس والشيطان
فيجب عليك بعد كلّ عبادة أن تتوب من تلك الأكاذيب الّتي قلتها في حضرة الله تعالى، وممّا نسبته إلى نفسك دون دليل. ألا ترى أنّ عليك أن تتوب من قولك وأنت تقف أمام الله قبل الدخول في الصلاة: ﴿إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين﴾15،﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾16. فهل وجوهكم متوجّهة إلى فاطر السماوات والأرض؟ هل أنتم مسلمون وخالصون من الشرك؟ هل صلاتكم وعبادتكم وحياتكم ومماتكم لله؟ ألا يبعث على الخجل -بعد هذا -أن تقولوا في الصلاة (الحمدُ لله رَبِّ العالمين)؟ فهل حقّاً تقرّون بأنّ المحامد كلّها لله؟، في حين أنّكم تُقرّون بالحمد
15- سورة الأنعام، الآية: 79
16- سورة الأنعام، الآية: 162.
203
173
الدرس الثامن عشر: صلاة المسافر (2)
لعباده، بل ولأعدائه؟، أليس قولكم (ربّ العالمين) يكون كذباً لأنّكم تقرّون في الوقت نفسه بالربوبية لغيره تعالى في هذا العالم، أفلا يحتاج ذلك إلى التوبة والخجل؟. وحينما تقول ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فهل تراك تعبد الله أم تعبد بطنك وفرجك؟ هل أنت تطلب الله أو الحور العين؟ هل تطلب العون من الله فقط؟ إنّ الشيء الّذي لا يؤخذ بعين الاعتبار في الأعمال هو الله، وأنت إذا ذهبت إلى زيارة بيت الله، فهل أنّ مقصدك ومقصودك هو الله، وأنّ مطلبك ومطلوبك هو صاحب البيت؟ وهل قلبك مترنّم بقول الشاعر:
وما حُبُّ الديار شغفنَ قَلبي ولكن حُبُّ من سكنَ الديارا
أباحثٌ أنت عن الله؟ أتطلب آثار جمال الله وجلاله؟ ألأجل سيّد المظلومين تُقيم العزاء؟ ألأجله عليه السلام تلطم على رأسك وصدرك أم لأجل الوصول إلى آمالك وأمانيك؟ أهي بطنك الّتي تدفعك لإقامة مجالس العزاء، وشهوة الظهور هي الّتي تدفعك للذهاب إلى صلاة الجماعة، وهوى النفس هو الّذي يجرّك للمناسك والعبادة؟.
فيا أيُّها الأخ، كن حذراً تجاه مكائد النفس والشيطان، وأعلم أنّه لن يدعك أيُّها المسكين بأن تؤدّي عملاً واحداً بإخلاص، وحتّى هذه الأعمال غير الخالصة الّتي تقبّلها الله تعالى منك بفضله، لا يدعك -الشيطان -أن تصل بها إلى الهدف فتعمل عملاً تحبط به أعمالك كلّها، وتخسر حتى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلّل في غير موقعه. وبغضّ النظر عن بُعد الوصول إلى الله ورضاه، فإنّك لن تصل إلى الجنّة ولا إلى الحور العين، بل تخلد في العذاب وتعذّب بنار الغضب كذلك17.
17- الأربعون حديثاً، ج1، ص84-85.
204
174
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى أسباب وجوب صلاة الآيات ووقت أدائها وكيفيتها.
• أن يتعرّف إلى كيفية صلاة الميت وشرائطها.
205
175
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
1- أسباب الوجوب
تجب هذه الصلاة على المكلّف، عند الأسباب التالية:
الأوّل والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر، ولو جزئيّاً، وإن لم يحصل منهما خوف.
الثالث: الزلزلة، وإن لم يحصل منها خوف.
الرابع: كلّ مخوّف سماويّ، كالريح السوداء، أو الحمراء، أو الصفراء أو الظلمة الشديدة، والنار الّتي تظهر في السماء والصيحة والهدّة، وغير ذلك.
الخامس: كلّ مخوّف أرضيّ على الأحوط وجوباً1، كالخسف: ويعتبر في حصول الخوف أن يكون عند غالب الناس، فلو لم يحصل عند الغالب، بل حصل عند القليل لا تجب صلاة الآيات.
2 - وقت أداء الكسوفين وغيرهما
أ- وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الكسوف إلى الشروع في الانجلاء، والأحوط وجوباً الإتيان بها قبل الأخذ في الانجلاء، ولو أخّر
1- الأقوى ذلك.
207
176
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
عنه أتى بالصلاة بدون نيّة الأداء والقضاء، بل بنيّة القربة المطلقة.
ب- في الزلزلة ونحوها، ممّا لا يسع وقتها للصلاة غالباً، فهي من ذوات الأسباب لا الأوقات، فتجب الصلاة عند حصول الآية، فإن أخّرها عصياناً فبعدها ما بقي العمر، والكلّ أداء.
3 - ثبوت الآية
تثبت الآية، ووقتها، ومقدار مكثها، بما يلي:
الأوّل: العلم الوجدانيّ.
الثاني: شهادة عدلين: بل بشهادة عدل واحد على الأحوط وجوباً2.
الثالث: الإخبار الرصديّ الّذي يطمأنّ بصدقه.
4 - المكلّف بصلاة الآيات
أ - تجب هذه الصلاة على كلّ مكلّف، إلّا الحائض والنفساء، فلا يجب عليهما الأداء أو القضاء للآية الّتي حصلت أثناء الحيض أو النفاس3.
ب - يختصّ الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم، إلّا أهل المكان المتّصل بمكان الآية، بحيث يعدّ معه كالمكان الواحد فتجب.
ج- إن لم يعلم بالكسوف أو الخسوف إلّا بعد تمام الانجلاء، ففيها صورتان:
الأولى: إن كان الكسوف لجميع القرص وجب القضاء.
الثاني: إن كان الكسوف لبعضه لا يجب القضاء.
أمّا إذا علم بالكسوف وترك الصلاة ولو نسياناً، يجب القضاء على كّل حال.
2- يشكل الاكتفاء بشهادة العدل الواحد.
3- هذا في الآيات المؤقتة كالخسوف والكسوف وأما في الآيات غير المؤقتة كالزلزلة ونحوها فيجب عليها الأداء بعد النقاء من الحيض أو النفاس.
208
177
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
د- إن لم يعلم بسائر الآيات حتّى مضى الزمان المتّصل بالآية، فلا يجب أداؤها. وإن علم بها وأخّر الصلاة عمداً أو نسياناً يجب الإتيان بها ما دام العمر باقياً.
5 - كيفيّة الصلاة
صلاة الآيات ركعتان، في كلّ واحدة منهما خمسة ركوعات، والمجموع عشرة ركوعات: وتفصيل الصلاة:
يكبّر مع النيّة، ثمّ يقرأ الفاتحة مع سورة كاملة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه، ويقرأ الحمد وسورة، ثمّ يركع. وهكذا حتّى يتمّ له خمسة ركوعات، قبل كلّ ركوع الحمد وسورة. وبعد الركوع الخامس، يرفع رأسه بدون قراءة، ثمّ يسجد سجدتين، ثمّ يقف، ويركع خمس مرّات، قبل كلّ ركوع يقرأ الحمد وسورة، ثمّ يسجد سجدتين، ويتشهّد ويسلّم.
ويجوز تفريق سورة كاملة على الركوعات الخمسة، فيقرأ بعد الحمد جزء سورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ جزءاً ثانياً من السورة بدون الحمد، ثمّ يركع، وهكذا حتّى تتمّ خمسة ركوعات. على أن ينهي السورة قبل الركوع الخامس. وإذا انتهى من السورة قبل أن يصل إلى الركوع الخامس يجب إعادة الحمد وسورة.
6 - شرائط صلاة الآيات
يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الفرائض اليوميّة. ويجوز لمصلّي نوع من الآيات الائتمام بمصلّي نوع آخر منها.
209
178
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
الصلاة على الميت
كيفية صلاة الميت
وهي خمس تكبيرات. يأتي بعد الأولى بالشهادتين. وبعد الثانية بالصلاة على النبيّ محمّد وآله عليهم السلام. وبعد الثالثة بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات. وبعد الرابعة بالدعاء للميّت. ثم يكبّر الخامسة وتنتهي الصلاة. ويكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها.
الأولى في الصلاة على الميّت
الأولى أن يقول المصلّي بعد التكبيرة الأولى: "أشهد أن لا إله إلّا الله, وحده لا شريك له, إلهاً واحداً, أحداً, فرداً, صمداً, حيّاً, قيّوماً دائماً أبداً, لم يتّخذ صاحبة ولا ولداً. وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله, أرسله بالهدى, ودين الحقّ؛ ليظهره على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون".
ويمكن إضافة:"وأشهد أنّ الساعة آتية لا ريب فيها, وانّ الله يبعث من في القبور, وإليه النشور".
وبعد الثانية يقول:"اللّهمَّ صلّ على محمد وآل محمّد, وبارك على محمّد وآل محمّد, وارحم محمّداً وال محمّد, أفضل ما صلّيت وباركت وترحّمت على إبراهيم وآل إبراهيم, إنّك حميد مجيد, وصل على جميع الأنبياء والمرسلين".
وبعد الثالثة يقول:"اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات, والمسلمين والمسلمات, الأحياء منهم والأموات, تابع اللّهمّ بيننا وبينهم بالخيرات, إنّك على كلّ شيء قدير".
وبعد الرابعة يقول:"اللّهمّ إنّ هذا المسجّى قدّامنا عبدك وابن عبدك, وابن أمتك, نزل بك, وأنت خير منزول به, اللّهمّ إنّك قبضت روحه إليك, وقد احتاج إلى رحمتك, وأنت غنيّ عن عذابه, اللّهمّ إنّا لا نعلم منه إلّا خيراً, وأنت أعلم به منّا, اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيّئاته, واغفر لنا
210
179
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
وله, اللّهمّ احشره مع من يتولّاه ويحبّه, وأبعده ممّن يتبرّأ منه ويبغضه, اللّهمّ ألحقه بنبيّك, وعرّف بينه وبينه, وارحمنا إذا توفّيتنا يا إله العالمين, اللّهمّ اكتبه عندك في أعلى علّيين, اخلف على عقبه في الغابرين, واجعله من رفقاء محمّد وآله الطاهرين, ارحمه وإيّانا برحمتك يا ارحم الراحمين, اللّهمّ عفوك عفوك عفوك".
وان كان الميّت امرأة يقول: "إنّ هذه المسجّاة قدّامنا أمتك...".
وإن كان طفلاً دعا في الرابعة لأبويه, بأن يقول: "اللّهمّ اجعله لأبويه ولنا سلفاً وفرطاً وأجراً".
شرائط صلاة الميّت
وهي أمور:
الأوّل: نيّة القربة.
الثاني: تعيين الميت على وجه يرفع الإبهام.
الثالث: استقبال المصلّي للقبلة مع الإمكان قائماً. وأن يوضع الميّت أمام المصلّي, مستلقياً على قفاه, محاذياً للمصلّي,وأن يكون رأس الميت إلى يمين المصلّي, ورجلا الميت إلى يسار المصلّي.
الرابع: عدم الحائل بين المصلي وبين الميت, ولا بأس بالنعش.
الخامس: أن لا يكون بينهما بعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه, إلّا في المأموم مع اتصال الصفوف.
السادس: أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّاً مفرطاً.
السابع: أن تكون الصلاة بعد التغسيل والحنوط والتكفين, إلّا من تعذّر عليه التجهيز فيُصلّى عليه بدون ذلك.
الثامن: أن يكون الميت مستور العورة مع عدم إمكان التكفين.
211
180
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
شرائط المصلّي وهي أمران
الأول: الإيمان.
الثاني: لا تجزي صلاة الصبي المميّز (مع صحتها ) عن المكلّفين على الأحوط وجوباً4.
أ- لا يشترط الذكورة, فتصحّ صلاة المرأة ولو على الرجل.
ب- لا يشترط فيه الطهارة من الحدث والخبث, ولا سائر شروط الصلاة ذات الركوع والسجود. ولا ترك موانعها, إلّا مثل القهقهة والتكلّم فالأحوط وجوباً تركها.
وجوب الصلاة
تجب الصلاة على كلّ ميت مسلم. ولا تجوز على الكافر بأقسامه, ولا تجوز على من حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام. وتجب على أطفال المسلمين حتّى ولد الزنا. والصلاة واجبة على من أكمل ستّ سنين قمريّة.
محلّ الصلاة
محلّها بعد الغسل والتكفين, وقبل الدفن.
بعض أحكام الصلاة على الميت
أ- لا تسقط صلاة الميت عن المكلّفين ما لم يأت بها بعضهم على وجه صحيح, ومع الشكّ في أصل الإتيان بها بُني على عدم الإتيان. ومع الشكّ في الصحّة حملت على الصحّة.
ب- من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه, وتابعه في
4- لا يشترط في الشخص المصلّي على الميّت البلوغ تصحّ الصلاة من الصبيّ إذا كان مميّزاً وتجزي عن الآخرين أيضاً.
212
181
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
التكبير, لكن يأتي بوظيفته من الدعاء, لا بوظيفة الإمام, وعندما ينتهي الإمام ينفرد المأموم ويكمل الصلاة.
ج- لا يسقط عن المأمومين شيء من الأذكار والأدعية الواجبة.
خلاصة الدرس
- تجب صلاة الآيات على المكلّفين، عند الأسباب التالية: الأوّل والثاني: كسوف الشمس وخسوف القمر، ولو جزئيّاً، وإن لم يحصل منهما خوف. الثالث: الزلزلة، وإن لم يحصل منها خوف. الرابع: كلّ مخوّف سماويّ.الخامس:كل مخوّف أرضي على الأحوط وجوباً.
- وقت صلاة الكسوفين من حين الشروع في الكسوف إلى الشروع في الانجلاء.
- في الزلزلة ونحوها، ممّا لا يسع وقتها للصلاة غالباً، فهي من ذوات الأسباب لا الأوقات، فتجب الصلاة عند حصول الآية، فإن أخّرها عصياناً فبعدها ما بقي العمر، والكلّ أداء.
- تثبت الآية، ووقتها، ومقدارمكثها، بما يلي:الأوّل: العلم الوجدانيّ.الثاني: شهادة عدلين. الثالث: الإخبار الرصديّ الّذي يطمأنّ بصدقه.
- يختصّ الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم، إلا أهل المكان المتّصل بمكان الآية، بحيث يعدّ معه كالمكان الواحد فتجب.
- كيفيّة الصلاة: صلاة الآيات ركعتان، في كلّ واحدة منهما خمسة ركوعات، والمجموع عشرة ركوعات.
كيفية صلاة الميت وهي خمس تكبيرات. يأتي بعد الأولى بالشهادتين. وبعد
213
182
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
الثانية بالصلاة على النبيّ محمّد وآله عليهم السلام. وبعد الثالثة بالدعاء للمؤمنين والمؤمنات. وبعد الرابعة بالدعاء للميّت. ثم يكبّر الخامسة وتنتهي الصلاة. ويكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها. هذه الصلاة المختصرة، والأولى فيها ذكرناه في الدرس.
شرائط صلاة الميّت وهي أمور:الأول: نية القربة. الثاني: تعيين الميت. الثالث: استقبال المصلي للقبلة وأن يوضع الميّت أمام المصلّي, مستلقياً على قفاه, محاذياً للمصلّي, وأن يكون رأس الميت إلى يمين المصلّي, ورجلا الميت إلى يسار المصلّي. الرابع: عدم الحائل بين المصلّي وبين الميت. الخامس: أن لا يكون بينهما بعد مفرط. السادس: أن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّاً مفرطاً. السابع: أن تكون الصلاة بعد التغسيل والحنوط والتكفين. الثامن: أن يكون الميت مستور العورة.
- تجب الصلاة على كلّ ميت مسلم. ولا تجوز على الكافر بأقسامه, ولا تجوز على من حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام. وتجب على أطفال المسلمين حتّى ولد الزنا. والصلاة واجبة على من أكمل ستّ سنين قمريّة.
- لا يسقط عن المأمومين شيء من الأذكار والأدعية الواجبة.
أسئلة
1- لأيّ الأسباب تجب صلاة الآيات؟
2- ما هو وقت صلاة الآيات؟
3- كيف تثبت الآية؟
4- ما هي كيفية صلاة الآيات؟
214
183
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
5- ما هي كيفية صلاة الميت؟
6- ما هي شرائط صلاة الميت؟
7- ما هي شرائط المصلّي؟
للمطالعة
أسرار صلاة الآيات
...أمّا الآيات فاستحضر عندها أحوال الآخرة وزلزالها، وتكوير الشمس والقمر وظلمة القيامة، ووجل الخلائق والتجائهم واجتماعهم في مواقف القيامة، وخوفهم من الأخذ والنكال والعقوبة، وأكثر من الدعاء والابتهال بمزيد الخشوع والخضوع والخوف والوجل في النجاة من تلك الشدائد، وردّ النور بعد الظلمة، والمسامحة، على الهفوة والزلة، وتب إلى الله من جميع ذنوبك وأحسن التوبة عسى أن ينظر إليك وأنت منكسر النفس، مطرق الرأس، مستحي من التقصير، فيقبل توبتك، فإنّه يقبل القلوب المنكسرة، ويحبّ النفوس الخاشعة...5.
أسرار صلاة الجنازة
أمّا الجنازة فأحضر عند مشاهدتها ووضعها بين يديك ما قد خلفته من الأهل والأولاد، وتركته من الأموال، وقدمت على الله تعالى صفر اليدين من الجميع، لم يصحبها إلا الأعمال الصالحة، وما تاجرته من أعمال الآخرة الرابحة، وتأمّل بهجته كيف قد ذهبت، وجلدته كيف تحوّلت، وعن قريب يمحو التراب صورته، وتأكل الأرض بهجته، وما قد حصل له من يتم أولاده، وترمّل نسائه، وتضييع أمواله، وخلوّ مسجده ومجلسه، وانقطاع آثاره بعد طول أمله وكثرة حيله وانخداعه... وغفلته عن الدخول
5- أسرار الصلاة، الشهيد الثاني، ص208.
215
184
الدرس التاسع عشر: صلاة الآيات والميت
في هذا التراب، والقدوم على ما سطر عليه في الكتاب، وركونه إلى القوّة والشباب، واشتغاله عمّا بين يديه من الموت الذريع، والهلاك السريع، وكيف كان يتردّد ويشيّع غيره من الأموات،والآن قد تهدّمت رجلاه ومفاصله، وكيف كان ينطق وقد فسد لسانه، وكيف كان يضحك وقد تغيّرت أسنانه، وكيف كان يدبّر لنفسه ما لا يحتاج إليه إلى عشر سنين في وقت لم يكن بينه وبين الموت إلّا شهراً أو أقل، وهو غافل عمّا يُراد به، حتّى جاءه الموت فجأة في وقت لم يحتسبه فيه، فقرع سمعه نداء الجبّار إمّا الجنّة أو النار، ولينظر في نفسه أنّه الآن مثله في غفلته، وستكون عاقبته كعاقبته، فلينهض حينئذ إلى الاستعداد، وليشتغل باكثارالزاد، فإنّ المسافة بعيدة، والعقبة كؤود (شاقة)، والخطر شديد، والندامة بعد الموت غير نافعة، فهذا الفكر وأمثاله يُحصّل قصر الأمل, والاستعداد بصالح العمل...6.
6- أسرار الصلاة، الشهيد الثاني، ص211.
216
185
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
الأهداف:
• أن يتعرّف الطالب إلى شرائط صلاة الجمعة ومن تجب عليه ووقتها.
• أن يتعرّف إلى كيفية صلاة العيدين.
217
186
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
1- وجوبها
تجب صلاة الجمعة في عصر الغيبة تخييراً بينها وبين صلاة الظهر. والجمعة أفضل، والظهر أحوط استحباباً.
2- شرائطها
الأوّل: العدد، وأقلّه خمسة أحدهم الإمام، فلا تنعقد بأقل منه. ولو اجتمع خمسة ثمّ تفرّقوا في أثناء الخطبة أو بعدها قبل الصلاة، ولم يعودوا لم تنعقد الجمعة. ولو تفرّقوا أثناء الخطبة ثمّ عادوا، فإن كان تفرّقهم بعد تحقّق مسمّى الواجب فتصحّ. وإن كان التفرّق قبل تحقّق الواجب، فإن طالت المدّة بحيث أضرّت بالوحدة العرفيّة فيجب إعادة الخطبة، وإن لم تطل المدّة تابعوا وصحّت.
الثاني: الخطبتان، وهما واجبتان كأصل الصلاة، ولا تنعقد الجمعة بدونهما.
أ - يجب في كلّ من الخطبتين:
1 - التحميد.
2- الأحوط وجوباً أن يعقّبه بالثناء عليه تعالى.
3 - الأحوط وجوباً الصلاة على النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم في
219
187
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
الخطبة الأولى، ويجب ذلك في الثانية.
4 - يجب الإيصاء بتقوى الله تعالى في الأولى، وفي الثانية على الأحوط وجوباً.
5 - يجب قراءة سورة صغيرة في الأولى، وفي الثانية أيضاً على الأحوط.
ب - الأحوط وجوباً إتيان الحمد والصلاة في الأولى باللغة العربيّة، وإن كان الخطيب والمستمع غير عربي.
ج - يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس، بحيث إذا فرغ منهما زالت الشمس. والأحوط استحباباً إيقاعهما عند الزوال.
د - يجب أن يكون الخطيب قائماً وقت إيراد الخطبة. ويشترط وحدة الخطيب والإمام. ويجب رفع الصوت في الخطبة بحيث يسمع العدد المعتبر.
هـ- يجب الإصغاء إلى الخطبة. ويكره الكلام أثناءها نعم لو كان التكلّم موجباً لترك الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه.
الثالث: الجماعة، فلا تصحّ فرادى.
الرابع: أن لا يكون هناك جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال(5،625كلم).
3 - من تجب عليه
يشترط في وجوبها أمور:
الأوّل: البلوغ.
الثاني: العقل.
الثالث: الذكورة.
الرابع: الحريّة.
الخامس: الحضر،فلا تصحّ إمامة الجمعة من المسافر، وأمّا المأموم
220
188
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
المسافر فيمكنه حضور الجمعة ويجزيه عن الظهر.
السادس: السلامة من العمى والمرض.
السابع: أن لا يكون شيخاً كبيراً.
الثامن: أن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجمعة أزيد من فرسخين: والفرسخ يساوي 5،625كلم.
4 - وقتها
يدخل وقتها بزوال الشمس، والأحوط وجوباً عدم التأخير عن الأوائل العرفيّة من الزوال، ويمتدّ إلى قدمين من فيء المتعارف من الناس.
صلاة العيدين: "الفطر" و"الأضحى"
أ- تجب مع حضور صاحب الأمر عليه السلام وبسط يده, واجتماع سائر الشرائط. وتستحب في زمان الغيبة.
ب- يجوز إتيانها جماعة برجاء المطلوبيّة, لا بقصد الورود. والعدد المطلوب للانعقاد خمسة.
ج- وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال. ولا تُقضى لو فاتت.
د- صلاة العيد ركعتان: يقرأ في كلّ منهما الحمد وسورة. والأفضل أن يقرأ في الأولى سورة الشمس, وفي الثانية سورة الغاشية. أو يقرأ في الأولى سورة الأعلى, وفي الثانية سورة الشمس.
وبعد القراءة في الركعة الأولى خمس تكبيرات, بعد كلّ تكبيرة قنوت, فتكون خمسة قنوتات. وبعد القراءة في الركعة الثانية أربع تكبيرات, بعد كلّ تكبيرة قنوت, فتكون أربعة قنوتات.
221
189
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
هـ- يجزي في كلّ قنوت كلّ ذكر ودعاء, ولو أتى بما هو معروف رجاء الثواب لا بأس به, وكان حسناً، وهو: "اللهم أهل الكبرياء والعظمة, وأهل الجود والجبروت, وأهل العفو والرّحمة, وأهل التقوى والمغفرة, أسألك بحقّ هذا اليوم, الّذي جعلته للمسلمين عيداً ولمحمّد رسول الله صلى الله عليه وآله ذخراً وشرفاً وكرامة ومزيداً, أن تصلّي على محمّد وآل محمّد, وأن تُدخلني في كلّ خير أدخلت فيه محمّداً وآل محمّد (صلواتك عليه وعليهم), اللهم إنّي أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون وأعوذ بك ممّا استعاذ منه عبادك المخلصون".
و- يأتي الإمام بخطبتين بعد الصلاة برجاء المطلوبيّة, ويجوز تركهما في زمان الغيبة, ويستحبّ فيهما الجهر للإمام وللمنفرد, والإصحار بها إلّا في مكّة, ويكره أن يصلّيها تحت السقف.
ز- لا يتحمّل الإمام فيها ما عدا القراءة.
ح- لو شكّ في التكبيرات وهو في المحلّ بنى على الأقلّ.
ط- لا يجب سجود السهو, ولا قضاء التشهّد والسجدة المنسيين.
ي- ليس فيها أذان ولا إقامة, ويستحبّ أن يقول:" الصلاة" ثلاث مرّات.
خلاصة الدرس
- تجب صلاة الجمعة في عصر الغيبة تخييراً بينها وبين صلاة الظهر. والجمعة أفضل، والظهر أحوط استحباباً.
- شرائطها الأوّل: العدد، وأقلّه خمسة أحدهم الإمام.الثاني: الخطبتان، وهما واجبتان كأصل الصلاة، ولا تنعقد الجمعة بدونهما. ويجب الإصغاء إلى الخطبة.الثالث: الجماعة، فلا تصحّ فرادى.الرابع: أن لا يكون هناك
222
190
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
جمعة أخرى وبينهما دون ثلاثة أميال(5،625كلم).
- يشترط في من تجب عليه صلاة الجمعة الأوّل: البلوغ. الثاني: العقل. الثالث: الذكورة. الرابع: الحريّة. الخامس: الحضر،فلا تصحّ إمامة الجمعة من المسافر،وأما المأموم المسافر فيمكنه حضور الجمعة ويجزيه عن الظهر. السادس: السلامة من العمى والمرض: السابع: أن لا يكون شيخاً كبيراً. الثامن: أن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجمعة أزيد من فرسخين: والفرسخ يساوي 5،625كلم.
- تجب صلاة العيدين: "الفطر" و"الأضحى" مع حضور صاحب الأمر عليه السلام وبسط يده, واجتماع سائر الشرائط وتستحبّ في زمان الغيبة. يجوز إتيانها جماعة برجاء المطلوبيّة, لا بقصد الورود. والعدد المطلوب للانعقاد خمسة.ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال. ولا تقضى لو فاتت.
- صلاة العيد ركعتان: يقرأ في كلّ منهما الحمد وسورة. والأفضل أن يقرأ في الأولى سورة الشمس, وفي الثانية سورة الغاشية. أو يقرأ في الأولى سورة الأعلى, وفي الثانية سورة الشمس.
وبعد القراءة في الركعة الأولى خمس تكبيرات, بعد كلّ تكبيرة قنوت, فتكون خمس قنوتات. وبعد القراءة في الركعة الثانية أربع تكبيرات, بعد كلّ تكبيرة قنوت, فتكون أربع قنوتات.
- لا يتحمّل الإمام فيها ما عدا القراءة.
223
191
الدرس العشرون: صلاة الجمعة والعيدين
أسئلة
1. هل تجب صلاة الجمعة والعيدين؟
2. ما هي شرائط صلاة الجمعة؟
3. على من تجب صلاة الجمعة؟
4. ما هي كيفية صلاة العيدين؟
للمطالعة
أسرار صلاة العيد
أمّا العيد فأحضر في قلبك أنّها في يوم قسمة الجوائز وتفرقة الرحمة، وإفاضة المواهب على من قُبِل صومه وقام بوظائفه، وأكثِر من الخشوع في صلاتك والابتهال إلى الله تعالى فيها وقبلها وبعدها في قبول أعمالك، والعفو عن تقصيرك، واستشعر الحياء والخجلة من حيرة الردّ والخذلان، فليس ذلك اليوم بعيد لمن لبس الجديد، وإنّما هو عيد لمن أمن من يوم الوعيد، وسلم من النقاش والتهديد، واستحقّ بصالح أعماله المزيد، واستقبله بما استقبلت به يوم الجمعة من الوظائف والتنظيف والتطيّب وغيره من أسباب التهيّؤ والإقبال بالقلب على ربّك والوقوف بين يديه عسى أن تصلح للمناجاة والحضرة لديه فإنّه مع ذلك يوم شريف، وزمان منيف، يقبل الله فيه الأعمال ويستجاب فيه الدعوات، فلا تجعل فرحك فيه بما لا تُخلق لأجله، ولم يجعل عيداً بسببه من المأكل والمشرب واللباس وغير ذلك من متاع الدنيا البائرة، فإنّما هو عيد لكثرة عوائد الله تعالى فيه على من عامله بمتاجر الآخرة1.
1- أسرار الصلاة، الشهيد الثاني، ص207.
224