إنّ الانجذاب نحو العرفان والمعنويّات يُعتبر أحد النزعات الفطرية في الإنسان التي لا يُمكن تجاهلها أو التساهل إزاءها. وما أكثر الذين دخلوا قديماً وحديثاً في هذا الوادي! متعطّشين للمعنويّات، ولكنّهم هلكوا فيه، أو احتاروا في النهاية بسبب اتّباع بعض المفاهيم والسلوكيات العرفانيّة الخاطئة. والإمام الخميني، الذي يُعدّ بحقّ مجدّداً للإسلام المحمديّ الأصيل بكلّ تعاليمه السامية في هذا العصر، قد أزال الشبهات النظرية والعملية عن العرفان، بالاستفادة من القرآن الكريم ومن معارف مدرسة أهل البيت عليهم السلام. فأحيا الإمام قدس سره العرفان الإسلامي الأصيل بكلّ أبعاده، وكان رائداً في تنقيح هذه الحقيقة السامية من جميع الانحرافات التي لحقت بها طوال التاريخ، وقام بإظهار وجه العرفان الحقيقي المشرق، معلناً بشكل واضح وصريح أنّ العرفان الإسلامي الأصيل لا ينسجم على الإطلاق مع الانعزال واللامبالاة، بل لا ينفصل أبداً عن العبادة والشريعة، ولا عن القرآن والسنّة الشريفة، ولا عن السياسة والجهاد. ولقد أحيا الإمام العرفان الأصيل بكلّ أبعاده التي تمسّ حقيقة الدِّين، أيضاً بكلّ أبعاده. فجذب إليه قلوب الكثيرين وربّى من خلال هذا العرفان رجالاً ونساءً كانوا مستعدّين للتضحية بكلّ ما يملكون في سبيل الدِّين والمجتمع البشري الفاضل والقيم الإنسانية السامية.